رِسَالَةُ
يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى

 

الفَصلُ
الحادِي عشر رِسالَةُ يُوحنَّا الأُولى

أنا
أُسمِّي الأعداد الستَّة عشر الأُولى من رسالة يُوحنَّا الأُولى "بُوصلة
اليَقين التأكيد." إن اليَقين هُوَ مَوضُوعُ هذه الرّسالة بكامِلِها. هل
لدَيكَ التأكيد الكامِل بأنَّ خطاياكَ غُفِرَت، وبأنَّكَ إذا مُتَّ اليَوم، فسوفَ
تذهَبُ إلى السماء؟ إن كانَ يُعوِزُكَ هذا التأكيد، عندها عليكَ أن تقرَأَ هذه
الرِّسالة.

 

هذا
المُؤلِّف، الذي كتبَ سفرَ الرُّؤيا، ورسالتَين أُخرَيَين قصيرَتَين سُمِّيَتا على
إسمِهِ، يُخبِرُنا دائماً لماذا يكتُب. فلقد كتبَ إنجيلَ يُوحنَّا لِكَي نُؤمِنَ
وتكُونَ لنا الحياة الأبديَّة. ويكتُبُ هذه الرِّسالة لأُولئكَ الذين يُؤمِنُونَ،
لكَي يعرِفُوا، ومن ثمَّ لِكَي يُؤمِنُوا. بكلماتٍ أُخرى، إنَّهُ يكتُبُ لأُولئكَ
الذين يُفتِّشُونَ عن التأكيد، تأكيد خلاصِهم. فإن كُنتَ لا تشعُرُ بالأمانِ
رُوحِيَّاً، ولَيسَ لَدَيكَ تأكيدٌ كامِلٌ بخلاصِكَ، يقُولُ يُوحنَّا لكَ،
"أكتُبُ إليكَ." (يُوحنَّا 20: 30، 31؛ 1يُوحنَّا 5: 13).

 

"إن
كانَ أحدٌ لا يعرِف، ولا يعرِف أنَّهُ لا يعرِفُ، فهُوَ غَبِيٌّ. تجنَّبْهُ. وإن
كانَ أحدٌ لا يعرِفُ، ويعرِف أنَّهُ لا يعرِف، فهُوَ طِفلٌ. علِّمهُ. وإن كانَ
أحدٌ يعرِف، ولا يعرِف أنَّهُ يعرِف، فهُوَ نائم. أيقِظْهُ. وإن كانَ أحدٌ يعرِفُ،
ويعرِف أنَّهُ يعرِف، فهُوَ قائدٌ. إتبَعْهُ." يكتُبُ يُوحنَّا هذه الرِّسالة
لأشخاصٍ يعرِفُونَ أنَّهُ بإمكانِهم أن يعرِفُوا أنَّهُم مُخلَّصُون.

 

الأعدادُ
الستَّة عشر الأُولى من رِسالَةِ يُوحنَّا، تُقدِّمُ لنا تماماً كما فعلَ إنجيل
يُوحنَّا، نوعاً من اللمحةِ السريعة لما كانَ يُوحنَّا سيُخبِرُنا بهِ. جميعُنا
نحتاجُ إلى بُوصُلة رُوحيَّة. وسوفَ نجِدُ بُوصلة التأكيد هذه، في هذه الرسالة
المُوحاة عن التأكيد. تماماً كما أنّ البُوصُلةَ تحتَوى على ثمانِيَة نُقاط
إتِّجاه، هُنا نجدُ هذه النُّقاط الثمانِي التي أجدُها على بُوصلة التأكيد للرسُول
يُوحنَّا: النُّقطَةُ الأُولى حولَ بُوصلة التأكيد هذه هي إنجيل الحقائِق.

 

يُخبِرُنا
يُوحنَّا أنَّ الإيمان مَبنِيٌّ على الحقائِق. فالإيمانُ ليسَ خُطوَةً في الظلام
ولا قفزَةً في النُّور. وكما تعلَّمنا في إصحاحِ الإيمان في الكتابِ المقدَّس،
الإيمانُ مَبنِيٌّ على البُرهان أو الدليل. فالإيمانُ يُعطينا مادَّةً لرجائِنا.
هذا هُوَ الفرقُ بينَ الرجاء والإيمان. فبدُونِ بُرهانٍ يُعطِي أساساً لرَجائِنا،
كُلُّ ما نستطيعُ فعلُهُ هُوَ مُجرَّد الرَّجاء. ولكنَّ الإيمانَ هُوَ دائِماً
مُؤسَّسٌ على بُرهانٍ أو دَليل.

 

يَكتُبُ
يُوحنَّا عن المسيح المُقام عندما يبدَأُ رسالتَهُ هذه، وذلكَ بالقَولِ
لقُرَّائِهِ ما معناهُ، "إسمَعُوا، نحنُ شُهُودُ عيانٍ ولقد رأيناهُ عن
كَثَب. ولقد وضعنا أصابِعَنا في أثرِ المسامير في يديه؛ ولقد وضعنا يدَنا في
جنبِهِ. إنَّ إيمانَنا بالمسيح المُقام مُؤسَّسٌ على حقائِق."

 

عندما
تُقارِنُونَ أسفاراً مثل إنجيل يُوحنَّا معَ باقي أسفار العهدِ الجديد، تظهَرُ
حقيقتانِ إنجيليَّتان: موتُ يسُوع المسيح وقيامةُ يسُوع المسيح. كتبَ بُولُس
للكُورنثُوسيِّينَ ما فحواهُ: "يسُوعُ المسيحُ ماتَ من أجلِ خطايانا، بحَسَبِ
الكُتُب؛ يسُوع المسيح قامَ من الموت، بِحَسَبِ الكُتُب. هذا هُوَ الإنجيل: هذا ما
كرزتُ لكُم بهِ في كُورنثُوس. وهذا ما آمنتُم بهِ وتُؤمنُونَ بهِ الآن، وهذا ما
يُخلِّصُكُم." (1كُورنثُوس 15: 1- 4).

 

النُّقطَةُ
التالِيَة من "بُوصلة التأكيد أو اليقين" هِي الإيمان. عليكُم أن
تُؤمِنُوا بهاتَين الحقيقَتين من الإنجيل. النُّقطَةُ الثانِيَة هي الإيمانُ
بالحَقَائِق. النُّقطَةُ الثالِثة هِي نتيجَةُ الإيمان بحقيقَةِ موتِ يسُوع، الذي
يصنَعُ كُلَّ الفَرق في العالم! فخطاياكُم غُفِرَت.

 

الذي
يبنيهِ يُوحنَّا من أجلِنا هُنا في بُوصلة اليَقين هذه هو ببساطَةٍ التالي: إن
كانَ لديكَ فعلاً الإيمانُ بحقيقَةِ موتِ يسُوع المسيح على الصليب، ستحصَلُ على
الغُفران. إنَّ نتيجَةَ الإيمان بحقيقَةِ موتِ يسوع المسيح هي الغُفران. وأعني
بذلكَ الغُفران المُطلَق.

 

في
اللُّغةِ اليُونانِيَّة، الزمنُ الحاضِرُ يُشيرُ إلى الفِعل المُستَمِرّ. لهذا، في
كُلِّ مرَّةٍ نجدُ الزمن الحاضِر، بإمكانِنا أن نُضيفَ عبارة
"باستِمرار." "إن كُنَّا نعتَرِفُ بخطايانا بإستِمرار، فهُوَ
يُطهِّرُنا بإستمرار. إنَّ دمَ المسيح يستَمِرُّ بتَطهِيرِنا من كُلِّ إثم."
الغُفرانُ هُوَ نتجَةُ الإيمان بمَوتِ يسُوع المسيح." النُّقطَةُ التالِيَة
في بُوصلة اليَقين هي نتيجَةُ الإيمان بقِيامَةِ يسُوع المسيح – بإمكانِكَ أن
تعرِفَ المسيحَ الحَيَّ وتكُون لكَ شَرِكَة معَهُ.

 

إن
كلمة شَركة تعني شيئاً مثل الشراكَة، أي أن يكُون الأشخاص في نفسِ السفينة معاً.
تماماً كما رَكِبَ يسُوعُ في سفينَةِ بطرُس الصغيرة، ومن ثمَّ ملأَ سفينةَ بُطرُس
بالسمك، فإنَّ يسُوعَ المسيح يستطيعُ أن يركَبَ في سفينتِكَ، أي في حياتِكَ. وهذا
يعني أنَّ كُلَّ ما لَدَيهِ من مصادِر يُصبِحُ بتَصرُّفِكَ. فإن كُنتَ في شَرِكَةٍ
معَهُ، عندها كُلُّ ما لكَ سيُصبِحُ مُلكاً لهُ أيضاً. فالشَّرِكَةُ إذاً هي
النُّقطَةُ الرابِعة من بُوصلة اليَقين.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر المزامير 50

 

النُّقطَةُ
الخامِسة على بُوصُلة اليَقين هي إتِّباع المسيح. عندما أخَبرَ الناسُ يسُوعَ
أنَّهُم آمنُوا بهِ، كانَ دائماً يقُولُ، "إتبَعْني." ويُوحنَّا سوفَ
يقُولُ مِراراً وتكراراً، "بِهذا نعرِف أنَّنا فيهِ. من قالَ إنَّهُ ثابتٌ
فيهِ ينبَغي أنَّهُ كما سلكَ ذاكَ هكذا يسلُكُ هُوَ أيضاً." (1يُوحنَّا 2: 6)
هكذا نعرِفُ أنَّنا نعلَمُ أنَّ لنا إيماناً حقيقيَّاً وحياةً أبديَّةً.

 

النُّقطَةُ
التالِيَة على بُوصلة اليَقين هي الحُرِّيَّة. بكلماتٍ عديدة، قالَ يسُوعُ في
الإصحاح الثامِن من إنجيلِ يُوحنَّا، "إذا آمنتُم بي، عندَها أثبُتُوا في
كَلِمَتِي لِتَصيرُوا تلاميذي بالفِعل." الإتِّباعُ، أو التلمَذَةُ تُعطِي
قيمَةً للإيمان وتُنمِّيهِ. ولكنَّهُ يَصِفُ فيما بعد نتائجَ إتِّباعِهِ. قالَ،
"إن ثَبَتُّم في كَلِمَتي (ولم يقُل لِكَمّ من الوَقت)، ستعرِفونَ الحقَّ
(ولقد إستخدَم كلمةً تعني: معرِفة بواسطةِ العلاقة) وعندها الحقُّ
سيُحرِّرُكُم." (يُوحنا 8: 30- 35).

 

يقُولُ
يُوحنَّا، "أكتُبُ إليكُم هذه الأُمُور لكَي لا تُخطِئوا. وإن أخطأتُم،
فالأخبارُ السارَّةُ هي أنَّهُ لديكُم مُحامٍ أو شَفيع أمامَ الآب، وهُناك غُفران.
ولكنِّي أكتُبُ لكُم هذه الأُمُور لكَي لا تُخطِئوا." (1يُوحنَّا 2: 1) فكما
ترَون من المُمكِن أن تتحرَّرُوا من الخطيَّة.

 

نُقطَةٌ
أُخرى على بُوصلة اليَقين هي ما نُسمِّيَهُ "الكمال أو الملء." في 1: 4،
يقُولُ يُوحنَّا، "ونكتُبُ إليكُم هذا لِكَي يكُونَ فَرَحُكُم كامِلاً."
فالذي لدَينا حقيقيٌّ وصالِحٌ، وهُناكَ المزيد. يُريدُنا يُوحنَّا أن يكُونَ لدينا
المزيد من الإختِبار، ممَّا يُشارُ إليهِ "بالملء."

 

أُسمِّي
النُّقطة الثامِنة على بُوصلة اليَقين بالإثمار. لقد أخبَرَ يسُوعُ الرُّسُلَ كيفَ
يُمكِنُهُم أن يكُونُوا مُثمِرينَ، لأنَّهُ أرادَ أن يكُونَ فرحُهُم كامِلاً.
(يُوحنَّا 15: 11) يعتَقِدُ يُوحنَّا أنَّ بعضَ الثِّمار للهِ في إختِبارِنا
للمسيح، ستُنتِجُ تأكيداً أو يقيناً في رحلةِ إيمانِنا.

 

نحنُ
نصِلُ إلى إختِبارٍ رُوحِيّ بنفسِ الطريقة التي نصِلُ بها إلى أيِّ أمرٍ آخر، معَ
طريقَةِ تفكيرٍ تتمحوَرُ حولَ الذَّات. أي: ماذا سأنتَفِعُ من هذا الأمر؟ ولكن كما
رأينا في تجديدِ شاوُل الطرسُوسيّ، نصِلُ إلى مُستَوى النُّضج عندما نبدَأُ
بالسُّؤال: "يا رَبّ، ماذا تُريدُ منِّي أن أفعَلَ؟" وإذ يُجيبُنا
الرَّبُّ على هذا السُّؤال، يُسمِّينا الكتابُ المُقدَّسُ "مُثمِرين."

 

بالإختِصار،
النُّقاطُ الثماني على بُوصلة اليَقين هي: الحقائِق، الإيمان، الغُفران،
الشَّرِكة، الإتِّباع، الحُرِّيَّة، الملء، والإثمار. إذا وجدتَ أنَّكَ غير
مُثمِر، أو أنَّكَ ليسَ لديكَ الملء، إرجِع إلى بِدايَةِ البُوصُلة وتفحَّص
نُقاطَهَ الثمانِي من جديد.

 

الفَصلُ
الثانِي عشر المسحَةُ المُؤكِّدَة

 في
الإصحاحِ الثانِي، يُتابِعُ يُوحنَّا بإخبارِنا كيفَ بإمكانِنا أن نعرِفَ أنَّنا
نُؤمِنُ وأنَّ لنا حياةً أبديَّةً. ويُخبِرُنا أنَّهُ بإمكانِنا أن نعرِفَ أنَّنا
نُؤمِنُ عندما نُحِبُّ أخانا. "الذي يُحِبُّ أخاهُ،" يقُولُ يُوحنَّا،
"هُوَ الذي يعرِفُ المسيح. هكذا شخصٌ هُوَ المُؤمِنُ الحقيقيُّ. ولكنَّ الذي
لا يُحِبُّ أخاهُ لا يزالُ في الظُّلمة."

 

 ثُمَّ
يُخبِرُنا أنَّنا نستطيعُ أن نعرِفَ أنَّ لدينا إيمانٌ حقيقيٌّ وحياةٌ أبديَّةٌ
عندما نُحِبُّ الآبَ أكثرَ ممَّا نُحِبُّ العالَمَ. نظامُ العالم هُو الذي يعنيهِ
يُوحنَّا هُنا. فالعالَمُ لديهِ نظامُ إيمانٍ يتطلَّبُ مجمُوعَةً من القِيَمِ
العالَميَّة، وأسلُوبَ حياة، وطريقَةَ تفكير. يُخبِرُنا يُوحنَّا هُنا أنَّنا إذا
أحببنا العالَم وعشنا من أجلِه، عندها لا تكُونُ لدينا محبَّةٌ للهِ.

 

 إذ
يُتابِعُ يُوحنَّا، يُعطينا طُرُقاً أُخرى لتأكيدِ يقينِنا. بِهذا نعرِفُ أنَّنا
نعلَمُ،" يقُولُ لنا يُوحنَّا في الإصحاحِ الثاني، "لأنَّ الرُّوحَ
القُدُسَ يحفَظُنا أنقِياءَ عقائِديَّاً." بمعنىً ما، الذي يقُولُهُ يوحنَّا
هُنا هُوَ "أنتُم تعلَمُونَ أنَّكُم تعلَمُونَ، لأنَّكُم تعلَمُون."

 

 يُخبِرُنا
يُوحنَّا في العددِ 20 من 1يُوحنَّا 2: "وأمَّا أنتُم فلَكُم مَسحَةٌ من
القُدُّوس وتَعَلَمُونَ كُلَّ شَيءٍ." ثُمَّ في العدد 27 يقُولُ ما فحواهُ،
"والمسحَةُ التي فيكُم، التي أخذتُمُوها، هي علَّمَتْكُم." لِكَي
نُفَسِّرَ ونُلخِّصَ، يقُولُ يُوحنَّا، "هذه المسحة تستطيعُ أن تُعَلِّمَكُم.
وعندما تُعلِّمُكُم هذه المسحَةُ التي فيكُم أُمُوراً رُوحيَّةً، تحصَلُونَ على
تأكيدٍ آخر لإيمانِكُم وحياتِكُم الأبديَّة. ليسَ بإمكانِكُم أن تعرِفُوا الأُمور
التي تُعلِّمُكُم إيَّاها المسحة، إن لم يكُن لديكم الحياة الأبديَّة فيكُم. إن
كانَ الرُّوحُ القُدُسُ يحيا فيكُم ويُعلِّمُكُم، تكُونُونَ قدِ إكتَشَفتُم
مِفتاحاً آخرَ لتأكيدِ إيمانِكم وحياتِكم الأبديَّة.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر القضاة 18

 

 إحدَى
مُهمَّات هذه المسحة التي تحيا فينا، هي أن تُعلِّمَنا حقائِقَ رُوحيَّة. يبدُو
أنَّ الأساسَ العقائِدي للشَّرِكَة في كَنيسةِ العهدِ الجديد كانَ جَوهَريَّاً
جِدَّاً. كتبَ بُولُس يقُول: "لا أحد يستطيعُ أن يقُولَ يسُوع رَبّ إلا
بالرُّوحِ القُدُس." يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّ هذا هُوَ الإمتِحانُ
العقائِديُّ الذي بهِ نستطيعُ إمتِحانَ الناس: هل تُؤمِنُ أنَّ يسُوعَ هُوَ
المسيح؟ هذا هُوَ السؤالُ الملائِمُ لنطرَحَهُ عندما نحتاجُ أن نكتَشِفَ أينَ
يقِفُ الناسُ عقائِديَّاً.

 

 لَقَدِ
إلتَقَيتُ بأشخاصٍ يُجيبُونَ عندما أسألُهم هذا السُّؤال، بالتالي، "لم يكُنِ
المسيحُ. بل كانَ البَعضُ من المسيحِ فيهِ، وهكذا كانَ بُوذا، وهكذا كانَ غاندي. أشخاصٌ
كثيرونَ كانَ فيهِم جزءٌ من المسيح، ولكنَّ يسُوعَ لم يكُنِ المَسيح." يكتُبُ
يُوحنَّا قائِلاً أنَّنا إذا قُلنا أنَّ يسُوعَ لم يكُنِ المسيحُ، فنحنُ ضدّ
المسيح، ونحنُ كذبَة لأنَّ يسُوعَ هُوَ المسيح. (1يُوحنَّا 2: 22).

 

 في
الإصحاحِ الثالِث، يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّ هُناكَ نوعانِ من الناسِ في العالم.
لدينا أبناءُ اللهِ وأبناءُ الشيطان. يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّنا إذا أردنا أن
نعرِفَ الفرقَ بينَهُما، فهذا سهلٌ وبسيطٌ جداً. يُعبِّرُ يُوحنَّا عن هذا في
الإصحاحِ الثالِث كالتالي: "أبناءُ إبليس يعمَلُونَ الخَطيَّة." فهُم
يُخطِئونَ كأمرٍ إعتِيادِيٍّ ومُستَمِرّ. إنَّهُم مُتَمَرِّسُونَ في الخَطيَّة.
أمَّا أبناءُ اللهِ فعادَةً لا يُخطِئون، وهُم غَيرُ مُتمرِّسينَ في الخطيَّة.
ونمُوذَجُ حياتِهم ليسَ الخطيَّةِ بشكلٍ إعتِيادِيّ.

 

 كما
أشرتُ في الفصلِ الأوَّل، في اللُّغَةِ اليُونانيَّة، الزمنُ الحاضِر المُضارِع
يُشيرُ إلى الزمنِ المُستَمِرّ. لا يقُولُ يُوحنَّا أنَّ أولادَ اللهِ لا
يُمكِنُهُم أن يُخطِئوا، أو أنَّهُم لن يُخطِئوا أبداً. بل يقصُدُ القَولَ أنَّهُم
عندما يُخطِئون، يسقُطُونَ أن تزِلُّ قدَمُهم في الخطيَّة. فالخطيئَةُ ليسَت أمراً
طبيعيَّاً بالنسبَةِ لهُم. أمَّا أولادُ إبليس فيُخطِئونَ بإستمرار وبِشكلٍ
إعتِيادِيّ. أمَّا أولادُ اللهِ فلا. عندما نرى أنَّ نمُوذَجَ حياتِنا تغيَّرَ
دراماتيكيَّاً، وأنَّ هذا النمُوذج ليسَ أن نُخطِئَ، نعرِفُ أنَّنا نُؤمِن وأنَّ
لدينا حياةً أبديَّة.

 

 في
نِهايَةِ الإصحاحِ الثالِث، كتبَ يُوحنَّا مقطَعاً آخر عظيماً حولَ التأكيدِ
واليَقين. عندما تُصابُونَ بالإحباطِ والإكتِئاب، كما يُعبِّرُ يُوحنَّا عن ذلكَ،
"إن لامَتكُم قُلُوبُكُم،" فهل تهلِكُونَ بسببِ شُعُورِكُم؟ وعندما لا
تلُومُكُم قُلُوبُكُم، فهل تتيقَّنُونَ بذلكَ من الحياةِ الأبديَّة؟ لا! عندما
تلومُكُم قُلُوبُكُم، تذكَّرُوا هذا: اللهُ أعظَم من قُلوبِكُم. اللهُ أعظم من
طريقَةِ شُعُورِنا. خلاصُنا غيرُ مُؤسَّسٍ على شيءٍ مُتَغيِّرٍ مثل الشُّعُور. بل
خلاصُنا مُؤسَّسٌ على الحقيقَةِ الراسِخة أنَّنا نُؤمِنُ – وأنَّنا نُطيعُ الرَّبّ
(3: 19- 22).

 

الفصلُ
الثالِثُ عشر الإعتِرافُ المُثَبِّت

 في
الأعداد الإفتِتاحِيَّة من الإصحاح الرَّابِع، يُخبِرُن يُوحنَّا كيفَ نمتَحِنُ
الأرواح. فهُوَ يُحذِّرُنا من الأرواحِ الكاذِبة المَوجُودة في هذا العالم،
ويُرينا كيفَ نعرِفُ الفَرقَ بينَ الأرواحِ الخيِّرَة والشرِّيرة: "كُلُّ
رُوحٍ يعتَرِفُ بِيسُوعَ المسيح أنَّهُ قد جاءَ في الجسد فهُوَ من الله، وكُلُّ
رُوحٍ لا يعتَرِفُ بيسُوع المسيح أنَّهُ قد جاءَ في الجسد فَلَيسَ من الله. وهذا
هُوَ رُوحُ ضدّ المسيح."

 

 ولكن
كيفَ يعتَرِفُ رُوحٌ أنَّ يسُوعَ قد جاءَ في الجسد؟ يُجيبُ رسُولُ المحبَّةِ على
هذا السُّؤال. عندما نُحِبُّ بعضُنا بعضاً، نعتَرِفُ أنَّ يسُوعَ المسيح قد جاءَ
في الجسد. بهذه الطريقة، يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّنا عندما نختَبِرُ رُوحَ المسيح
الذي يُحِبُّ في جسدِنا المائِت ومن خلالِه، نكُونُ قد وَجَدنا طريقَةً أُخرى بها
نعرِفُ أنَّ لدينا إيمانٌ وحياةٌ أبديَّة. يُوافِقُ يُوحنَّا معَ الرسُول بُولُس
أنَّ ثمرَ الرُّوح هُوَ محبَّة (غلاطية 5: 22، 23).

 

 ثُمَّ
يُعطينا عشرة أسباب لِمحبَّتِنا لِبَعضِنا البَعض (4: 7- 21). أوَّلاً، علينا أن
نُحِبَّ بعضُنا بعضاً لأنَّ اللهَ محبَّة. فقط أُولئِكَ الذي تعتَرِفُ أرواحُهم
بمحبَّةِ المسيح يستطيعُونَ أن يُحبُّوا، لأنَّ المحبَّةَ الحقيقيَّةَ هي من الله.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ط طاووس 1

 

 ينبَغي
أن نُحِبَّ، لأنَّنا بهذه الطريقَة نستطيعُ أن نَعرِفَ التلميذ الحقيقيّ للمسيح من
الذين يدَّعُونَ أنَّهُم تلاميذُ المسيح: أُولئكَ الذين يُحِبُّونَ هُم
مَولُودُونَ من الله. وأولئكَ الذين لا يُحِبُّونَ لم يُولَدُوا من الله. هذا
يجعَلُ من إمتِحانِ الأرواحِ أمراً في غايَةِ البَساطة.

 

 السببُ
الثالِثُ الذي يُقدِّمُهُ يُوحنَّا للمحبَّة، يظهَرُ في العدد الثامِن من الإصحاحِ
الرابع. ينبَغي أن نُحِبَّ اللهَ لأنَّ اللهَ محبَّة. فالمحبَّةُ هي جَوهَرُ كيانِ
الله. فإذا قُلتَ أنَّكَ مَولُودٌ من الله، ينبَغي أن تكُونَ المحبَّةُ بُرهانَ
قولِكَ.

 

 في
الأعداد 10 و11، يقُولُ يُوحنَّا أنَّهُ علينا أن نُحِبَّ لأنَّنا أُعطِينا أعظَمَ
مِثالٍ عنِ المحبَّة. يُشيرُ يُوحنَّا إلى موت يسُوع المسيح على الصليب ويقُول،
"في هذا هي المحبَّة… إن كانَ اللهُ قد أحبَّنا هكذا ينبغي لنا أيضاً أن
نُِحِبَّ بعضُنا بعضاً." فأنتَ تُظهِرُ أنَّكَ إستَوعبتَ الإنجيل عندما
تُحِبُّ بمحبَّةِ آغابِّي.

 

 نقرَأُ
في 1يُوحنَّا 4: 16: "اللهُ محبَّة ومن يثبُتْ في المحبَّة يثبُتْ في اللهِ
واللهُ فيه." فكِّرْ باللهِ وكأنَّهُ يُحِيطُ بِكَ، كإلهٍ مُحِبٍّ يُريدُ أن
يُحِبَّ المُتَألِّمينَ من خِلالِكَ. فالمحبَّةُ هي ما هُوَ الله. اللهُ محبَّة.
لهذا، إن ثبتَّ في هذه المحبَّة التي هي الله، تثبُتْ في الله واللهُ يثبُت فيكَ.
عندما يحدُثُ هذا، ستَجِدُ طريقَةً أُخرى بها تستطيعُ أن تعرِفَ أنَّكَ تُؤمِن وأن
لكَ حياةً أبديَّة.

 

 يكتُبُ
يُوحنَّا في العدد 17 من العدد الرابِع أنَّهُ علينا أن نُحِبَّ بعضُنا بعضاً،
لأنَّنا إذا فعلنا، سيكُونُ لنا ثِقَةٌ في يومِ الدِّين في الحالَةِ الأبديَّة.
وبينما تُفكِّرُونَ عنِ الدينُونة، هل تظنُّونَ أنَّكُم ستقتَرِبُونَ من كُرسِيّ
المسيح بِثِقَة؟ يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّنا إذا كُنَّا نُحِبُّ كما ينبَغي، فسوفَ
يكُونُ بإمكانِنا أن نقتَرِبَ من الدينُونَة بِثِقَة.

 

 ويكتُبُ
يُوحنَّا في العددِ السابِع عشر أنَّهُ علينا أن نُحِبَّ لأنَّهُ "كما هُوَ
في هذا العالم، هكذا نحنُ في هذا العالم." فنحنُ، في هذا العالم، جوهَرُ
المسيح. فإن كانَ المسيحُ فينا، وإن كانت هذه المحبَّة آغابِّي تُعلِنُ نفسَها وتُعبِّرُ
عن نفسِها من خِلالِنا، فسوفَ يكُونُ هذا صحيحاً، "كما هُوَ، هكذا نحنُ أيضاً
في هذا العالم."

 

 يُخبِرُنا
يُوحنَّا في العدد 18 من الإصحاحِ الرابِع من رسالتِهِ الأُولى، أنَّنا ينبَغي أن
نُحِبَّ بعضُنا بعضاً، لأنَّ "المحبَّة الكامِلة تطرُدُ الخوفَ إلى خارِج."
فإن أحبَبنا بشكلٍ كامِل، فسوفَ نتخلَّصُ من الخَوف. وعندما نفَهُم محبَّةَ
المسيح، وخاصَّةً ماذا يعنيهِ أن نُحِبَّ اللهَ وأن نُحِبَّ أخانا، فسوفَ نفهَمُ
أنَّ المحبَّةَ تطرُدُ الخوفَ إلى خارِج. نحنُ نخافُ أن نخسَرَ حياتَنا وكُلَّ ما
لدينا. فإن كُنَّا نِحِبُّ اللهَ تماماً، نكُونُ قد سلَّمنا حياتنا أصلاً للهِ،
ونكُونُ قد أعطيناهُ الكُلّ. فمِمَّ علينا أن نَخافَ عندها؟

 

 ثُمَّ
يُخبِرُنا يُوحنا (4: 20)، أنَّنا علينا أن نُحِبَّ بعضُنا بعضاً، لأنَّ المحبَّةَ
العمُوديَّةَ للهِ والمحبَّةَ الأُفُقيَّةَ للأخّ لا ينفَصِلانِ. فالإنسانُ الذي
يدَّعِي أنَّهُ يُحِبُّ اللهَ ولكنَّهُ يكرَهُ أخاهُ هُوَ كاذِبٌ. علينا أن
نُحِبَّ بعضُنا بعضاً لأنَّ من يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أخاهُ أيضاً.

 

 السببُ
العاشِرُ الذي لأجلِهِ علينا أن نُحِبَّ بعضُنا بعضاً هُوَ في شكلِ وصيَّة:
"ولنا هذه الوصيَّة أنَّ من يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أخاهُ أيضاً." بمعنى،
السبب العاشِر الذي يُقدِّمُهُ يُوحنَّا لمحبَّتِنا لِبعضِنا البعض، ينبَغي أن
يكُونَ السبب الوَحيد الذي يحتاجُ يُوحنَّا أن يُعطِيَنا إيَّاهُ: يسُوعُ أمرَ أن
نُحِبَّ بعضُنا بعضاً.

 

 في
الإصحاحِ الخامِس، يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّ الإيمانَ هُوَ مِفتاحُ تأكيدِنا
ويقينِنا، عندما يقُول: "الإيمانُ هُوَ الغلبة التي تغلِبُ العالم."
فنحنُ نغلِبُ العالَمَ بإيمانِنا. وإن كانَ لدينا هذا الإيمانُ الغالِبُ، فهذا
تثبيتٌ ليقينِنا.

 

 في
الإصحاحِ الخامِس، يُخبِرُنا يُوحنَّا أيضاً أنَّ هُناكَ في إختِبارِنا ثلاثَةُ
شهاداتٍ تُعطينا يقيناً. عندما يُشيرُ يُوحنَّا إلى الماء، يعتَقِدُ البعضُ أنَّهُ
يعني بذلكَ ماءَ المعمُوديَّة. فجوهَرُ المعمُوديَّة هو أنَّها تجعَلُ كونَ
الإنسان تلميذاً بالسِّرِّ ليسُوع المسيح أمراً مُستحيلاً.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي