تَفْسِير رِسَالَةُ
يُوحَنَّا الرَّسُولِ الثَّانِيَةُ

 

أولا:
الكاتب :

الرسول
يوحنا الذي كتب بالوحي المقدس 5 أسفار في العهد الجديد هم : إنجيل يوحنا و هذه
الثلاث رسائل ثم سفر الرؤيا و الرسول يوحنا كما في إنجيله كذلك في هذه الرسالة لا
يذكر أسمه و لكنه يشير إليه بالقول الشيخ كما فعل الرسول بطرس في رسالته الأولى
أَطْلُبُ إِلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ، أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ،
وَالشَّاهِدَ لآلاَمِ الْمَسِيحِ، وَشَرِيكَ الْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ
(1بط1:5) و ما أجمل الوحي الكتابي إذ أن هذه رسالة فردية موجهه إلي سيده لا يقدم
الرسول نفسه باعتباره رسول بل باعتباره الشيخ وواضح أسلوب الرسول يوحنا في هذه
الرسالة من كلمات مميزه له ذكرت أيضا في الرسالة الأولى مثل الحق – السلوك فيه –
المحبة – ضد المسيح , هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ (2يو7)

 

ثانيا
: لمن كتبت؟:

اَلشَّيْخُ،
إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا
أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ الَّذِينَ
قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ (2يو1) وكلمة "كيرية" معناها في اليونانية
"سيدة" فهي مؤنت "كيريوس" (Kurios –ومعناها سيد أو رب)، وترجمت هكذا في كثير من الترجمات في اللغات
الأجنبية والعربية (ارجع إلى الترجمة الكاثوليكية والترجمة التفسيرية)(2يو 1و5).
ولكن يحتمل أنها "اسم علم" كما تذكرها الترجمة العربية (فانديك).

 

ثالثا:
متى كتبت؟

في
الغالب كتبت هذه الرسالة سنة 90 ميلاديا أي في أواخر القرن الأول فيوحنا عاش بعد
الرسل و كتب الإنجيل ثم رسالته الأولى و الثانية و الثالثة و أخيرا سفر الرؤيا عام
96ميلاديا

 

رابعا:
الغرض من الرسالة :

الرسالتان
الثانية و الثالثة تعتبران ملحقين لرسالة يوحنا الأولى ففي الرسالة الأولى نجد
الحقائق العظيمة و في الرسالتين الثانية و الثالثة نجد التطبيق العملي لهذه
الحقائق ,و الرسالتان موضوعهما الحق فتأتي كلمة الحق 5 مرات في هذه الرسالة فالغرض
من هذه الرسالة أ-ليذكر الرسول لهذه السيدة فرحه بأولادها , فَرِحْتُ جِدّاً
لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ بَعْضاً سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا
أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ (2يو4) ب-ليحذرها و يعلمها الموقف الذي يجب أن
تتخذه من المعلمين الكذبة , كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ
الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ
فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً.إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ
يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا
لَهُ سَلاَمٌ. لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ
الشِّرِّيرَةِ (2يو9-11)

 

خامسا
:مفتاح الرسالة: كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ
فَلَيْسَ لَهُ اللهُ.وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ االْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ
الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا
التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ،وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَم
ٌ(2يو9و10)

 

سادسا
:كلمات كالمفتاح:

الحق
5 مرات المحبة 4 مرات وصية 4 مرات

 

سابعا:
مظاهر خاصة بالرسالة:

1-هذه
الرسالة هي السفر الوحيد في العهد الجديد الموجه إلي امرأة: ,لأَنَّ كُلَّكُمُ
الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ. لَيْسَ
يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ
وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعاً وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ (غلا27:3و28).

 

2-هي
رسالة أبن الآب : تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ
الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ
(2يو3)ِ.و هذا التعبير لا يرد في كل الكتاب إلا هنا و هذا يتفق مع الغرض من
الرسالة و هو تحذير لكيرية المختارة و أولادها من المعلمين الكذبة الذين ينكرون
ناسوت الرب يسوع و كلمتي الحق و المحبة تعودان للتحية أي أن النعمة و الرحمة و
السلام بالحق و المحبة.

 

3-هي
رسالة الحق :يذكر الحق 5 مرات في هذه الرسالة و ما أهم الحق الخاص بلاهوت و ناسوت
الرب يسوع المسيح

 

4-هي
رسالة التحذير من المضلين : لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ
كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا
هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ.(2يو7) كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ
يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي
تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً. إِنْ كَانَ أَحَدٌ
يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي
الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ
يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ.(2يو9-11) و بالطبع أفضل مثال لهؤلاء
المضلين هم أصحاب بدعة أريوس قديما و شهود يهوه حديثا الذيم يطوفون من بيت لبيت
لينكروا لاهوت المسيح.

 

5-هي
رسالة أجر الخادم الأمين: اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا
عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً.(2يو8) أي أن سلكتم حسب الحق و أخذتم
الحذر من المضلين سيكون لنا نحن الذين بشرناكم بالمسيح و علمناكم وصاياه أجر تام

 

6-رسالة
فما لفم : إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ يَكُونَ
بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَماً
لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً.(2يو12) ما أحلى الفرح الكامل في لقاء
المؤمنين الحقيقين معا فبينما يجب أن لا نقبل في البيت و لا نقل سلام للمضلين نفرح
الفرح الكامل بلقاء بعضنا بعضا.

 

7-رسالة
الأختان المختارتان و أولادهما : اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ،
وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ(2يو1) يُسَلِّمُ
عَلَيْكِ أَوْلاَدُ أُخْتِكِ الْمُخْتَارَة ِ(2يو13) ما أحلى أن يسري الإيمان في
العائلات, إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ،
الَّذِي سَكَنَ أَوَّلاً فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِي،
وَلَكِنِّي مُوقِنٌ أَنَّهُ فِيكَ أَيْضاً (2تي5:1)

 

8-مقرنتان
لين الثلاث رسائل :1-في يوحما الأولي منا خرجوا (ص19:2) في يوحنا الثانية يريدوا
أن يدخلوا (ع10) في يوحنا الثالثة :يريد أن يطرد الذين يجب أن يقبلوا داخلا
2-رسالة يوحنا الأولى تتعامل مع الخلاص الأكيد و الثانية تعلمنا أن لا تكون لنا
شركة مع المعلمين الكذبة الذين ينكرون تعليم المسيح الخاص بلاهوته و ناسوته و
الثالثة تشجعنا أن نقبل و تكون لنا شركة مع الذين يحبون الحق و يسافروا ليعلنوا
الحق.

 

ثامنا
تقسيم الرسالة :

1-الفرح
بالحق: اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا
الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً
جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ. مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ
فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ، تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ
وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ
بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ. فَرِحْتُ جِدّاً لأَنِّي وَجَدْتُ مِنْ أَوْلاَدِكِ
بَعْضاً سَالِكِينَ فِي الْحَقِّ، كَمَا أَخَذْنَا وَصِيَّةً مِنَ الآبِ (1-4)

 

2-ممارسة
الحق: وَالآنَ أَطْلُبُ مِنْكِ يَا كِيرِيَّةُ، لاَ كَأَنِّي أَكْتُبُ إِلَيْكِ
وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَنَا مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ
يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً. وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ، أَنْ نَسْلُكَ بِحَسَبِ
وَصَايَاهُ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا سَمِعْتُمْ مِنَ الْبَدْءِ أَنْ
تَسْلُكُوا فِيهَا (5-6)

 

3-الحفاظ
علي الحق: لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ
يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ،
وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ. اُنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا
عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً. كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ
فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ
الْمَسِيحِ فَهَذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعاً. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ
وَلاَ يَجِيءُ بِهَذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ
تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي
أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ (7-11)

 

4-الفرح
في الشركة: إِذْ كَانَ لِي كَثِيرٌ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، لَمْ أُرِدْ أَنْ
يَكُونَ بِوَرَقٍ وَحِبْرٍ، لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ
فَماً لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلاً. يُسَلِّمُ عَلَيْكِ أَوْلاَدُ
أُخْتِكِ الْمُخْتَارَةِ. آمِينَ. (12-13)

 

تاسعا
شواهد مقتبسة من العهد القديم :2يو9 = مز2:2و7و12وأم4:30

 

عاشرا
اكتشافات أثرية :

بدعة
الدوسوتيه أي إنكار ناسوت المسيح لها أصل في الفكر الأفلاطوني حيث الروح لها كل
الأهمية أما الجسد فليس سوى سجن يتمنى الإنسان التحرر منه و كتابات أفلاطون لا تزل
موجودة حيث حاول المعلمين الكذبة المزج بين الفكر الأفلاطوني و المسيحية ,
لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ
بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ (2يو7)