الإصحَاحُ الْخَامِسُ

 

الغنى والكبرياء

1 ألا
تَعتَمِدْ على أَمْوالِكَ ولا تَقُل: ((إِنَّها تَكْفيني)). 2 لا تتَبعْ هَواكَ
وقوتَكَ لِتَسيرَ في شَهَواتِ قَلبِكَ. 3 ولا تَقلْ: ((مَنِ الَّذي يَتَسَلَّطُ
علَيَّ؟)) فإِنَّ الرَّبَّ يُعاقِبُكَ عِقابًا. 4 لا تَقُلْ: ((قد خَطِئتُ، فماذا
جَرى لي؟)) فإِنِّ الرَّبَّ طَويلُ الأَناة. 5 لا تَكُنْ واثِقًا مِن نَيلِ
الغُفْران حَتَّى تَزيدَ خَطيئَةً على خَطيئَة. 6 ولا تَقُلْ: ((رَحمَتُه عَظيمة فيَغفِرُ
كَثرَةَ خَطايايَ)) فإِنَّ عِندَه الشَّفَقةَ والغَضَب وسُخطُه يَحِلّ على الخاطِئين.
7 لاُ تؤَخِّر التَّوبَةَ إِلى الرَّبّ ولا تؤَجًل مِن يَوّمً إٍلى يَوم. فإِنَّ
غَضَبَ الرَّبَ يَنفجِرُ بَغتَةً فتُستأصَلُ في يَوم العِقاب. 8 لا تَعتَمِدْ على
أَمْوَالِ الظّلم
فإِنَّها لا تَنفَعُكَ شَيئًا في
يَومِ الشِّدَّة.

 

تعالج الأعداد الثلاثة
الأولى قضية الإنسان الذى يثق فى ماله، وهذه الظاهرة التى ينتقدها إبن سيراخ هنا
هى نفس الظاهرة التى تحدث عنها السيد المسيح فى مثل الغنى الغبى (لوقا 12 : 15 – 21) ويقول بعض الشراح أنه ثمة خلفية
تاريخية لهذه المعالجة فى كل من الموضعين بالكتاب المقدس، حيث يفترض أن يكون الغنى
الغبى، شخصاً حقيقياً فى مصر أو بلاد ما بين النهرين، وقد نسبت بالتحديد إلى قارون
المعروف فى الفيوم، والشخصية التى عولجت فى مثل الغنى الغبى هى لإنسان متجبّر
أنانى تصلّف بسبب ماله فاعتمد عليه وتكبر قلبه، مثل الوجوديون الذين قالوا : أننا
نثق بقوتنا البدنية.. فى الدولار.. فى البنك.. فيما تراه أعيننا وما تلمسه أيدينا،
ولكنهم رحلوا مع كل ما وثقوا به.

 

و الحقيقة أن الغنى هو
عطية من الله، والله يُغْنى من يشاء ويُفقْر من يشاء
"الرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ. يُقِيمُ
الْمِسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ. يَرْفَعُ الْفَقِيرَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ
لِلْجُلُوسِ مَعَ الشُّرَفَاءِ وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ الْمَجْدِ. لأَنَّ
لِلرَّبِّ أَعْمِدَةَ الأَرْضِ, وَقَدْ وَضَعَ عَلَيْهَا الْمَسْكُونَةَ.
"
(صموئيل الأول 2 : 7، 8)
.

 

و قد لا ينكر الغنى
وجود الله، ولكنه يعتمد على ماله، وينسى عناية الله، فكأنه بذلك يتعبد للمال، وهذا
شكل من أشكال الإلحاد، فيظن أنه بأمواله يستطيع أن يدفع الخطر عن حياته، ولنلاحظ
أن تعبير مَنِ الَّذي يَتَسَلَّطُ علَيَّ (آية 3) هو
نفس التعبير الوارد فى سفر المزامير
"شِفَاهُنَا
مَعَنَا. مَنْ هُوَ سَيِّدٌ عَلَيْنَا؟
" (مزمور
12 : 4
)
،
والذى يظهر فيه إلحاد الأمم.

 

و هكذا يضع الغنى
المفتخر بغناه ثقته فى المكان غير المناسب… فى قوته وماله ولسانه وكلها زائلة، وبذلك
يجلب الويلات على نفسه ويتخلى عن الإتضاع الذى من شأنه أن يضفى السعادة على حياته.

 

و السفر هنا لا يستنكر
الثروة ولكنه يحذر من سوء استخدامها، ويعالج هذا الأمر بشكل جيد ومستفيض فى
(سيراخ
31 : 1 – 11)
راجع
أيضاً
(14 : 3 – 10، 26 : 29، 27 : 30) ويروى أحد الآباء عن شخص
ثرى أخذته النشوة ذات يوم فقال أن الفقر لن يلحقنى حتى ولو أسرع خلفى بقطار ! وكأن
الكلمة خرجت منه وسجلت عليه ! فإذا به خلال سنوات يفلس من بلدته ويوصى أهله بأن
يشيعوا عنه أنه قد مات ذلك بسبب كثرة الذين يدينونه بالمال، ومن بعد مدة عثر عليه
ميتاً فى حى فقير خارج بلدته، وهو فى حالة يرثى لها حيث كان يعمل كبائع متجول !!.

 

و مع أن الرب طويل
الأناة ويعطى الكثير من الفرص، علّ المتعجرف يتضع بقلبه، إلا أن الغبى المتكبر
يتمادى فى كبريائه ويتحدى قائلاً " قد خَطِئتُ،
فماذا جَرى لي؟ (آية 4)
" أى ماذا أصابنى، والعجيب أنه يعرف أن
الله طويل الأناة، وبذلك فهو يستغّل طول الأناة إستغلالاً سيئاً، من هنا يحذر
معلمنا بولس قائلاً
" فَهُوَذَا لُطْفُ اللهِ
وَصَرَامَتُهُ: أَمَّا الصَّرَامَةُ فَعَلَى الَّذِينَ سَقَطُوا وَأَمَّا
اللُّطْفُ فَلَكَ إِنْ ثَبَتَّ فِي اللُّطْفِ وَإِلاَّ فَأَنْتَ أَيْضاً
سَتُقْطَعُ
. وَهُمْ إِنْ لَمْ يَثْبُتُوا فِي عَدَمِ
الإِيمَانِ سَيُطَعَّمُونَ. لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُطَعِّمَهُمْ أَيْضاً.
" (رومية 11 : 22، 23).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد إنجيل لوقا عبد المسيح 12

 

لا تَكُنْ
واثِقًا مِن نَيلِ الغُفْران:
فكيف ينال الإنسان غفران خطاياه دون توبة، إن
الثقة فى محبة الله لا تتعارض مع الجهاد ضد الخطية والتوبة عما يصدر عنا، إن
اللاهوت القبطى يعلم بأن هناك شقان فى التوبة، شق إلهى وشق بشرى يجب أن يتحدا حتى
يتم خلاص الإنسان، يقول القديس أغسطينوس : "
إن الذى يعتمد على صلاح الله فقط يهينه، إن هذا
إطمئنان وإهمال زائد ولكن الروح القدس يحذرنا من ذلك لئلا
تَزيدَ
خَطيئَةً على خَطيئَة
، لأن ذلك احتقار لله"
"أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى
التَّوْبَةِ؟
" (رومية 2 : 4)
1. نعمة الغفران المقَدم من الله شىء..

 وإستحقاق هذا الغفران
شىء آخر الأولى حاضرة دائماً، والثانية تتوقف على الإنسان وارادته الحرة… !

 

البعض يطمعون فى محبة
الله ولطفه، فيتمادون فى الشر، ويوضّح إبن سيراخ هنا أن العقاب هو أكيد لأن الله
بطىء الغضب، وفى هذا يعثر بعض البسطاء الذين يرون الأشرار يزهرون ويكبرون وقد لا
يمسسهم الأذى، فى حين يعانى أولاد الله؟ هنا ونقول أن الله يطيل أناته على الأشرار
علّهم يتوبون، كما أن نجاح الأشرار قد يكون مؤقتاً، كذلك فإن ما يجب الإهتمام به
هو أن يرث الإنسان الملكوت، لا أن يزهر هنا فقط، يقول سليمان الحكيم "
لأَنَّ
الْقَضَاءَ عَلَى الْعَمَلِ الرَّدِيءِ لاَ يُجْرَى سَرِيعاً فَلِذَلِكَ قَدِ
امْتَلَأَ قَلْبُ بَنِي الْبَشَرِ فِيهِمْ لِفَعْلِ الشَّرِّ
. اَلْخَاطِئُ
وَإِنْ عَمِلَ شَرّاً مِئَةَ مَرَّةٍ وَطَالَتْ أَيَّامُهُ إِلاَّ أَنِّي أَعْلَمُ
أَنَّهُ يَكُونُ خَيْرٌ لِلْمُتَّقِينَ اللَّهَ الَّذِينَ يَخَافُونَ قُدَّامَهُ وَلاَ
يَكُونُ خَيْرٌ لِلشِّرِّيرِ وَكَالظِّلِّ لاَ يُطِيلُ أَيَّامَهُ لأَنَّهُ لاَ
يَخْشَى قُدَّامَ اللَّهِ.
" (جامعة 8 :
11 – 13
) وهكذا يجب على الإنسان ألا يؤجل التوبة فهو لا يعرف متى يطلب الله
نفسه "

يَا غَبِيُّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ" (لوقا 12 : 20).

 

و يقول أحد القديسين
: " إن الزمان لن
ينتظرك حتى تبكى على خطاياك
". ويعلق القديس يوحنا ذهبى الفم
على ذلك بألا ننشغل بالمال ونهمل خلاصنا فإن الله سوف يسدد لنا إحتياجاتنا ومطالبنا
حيث قال لنا الرب "الرَّبَّ يُعْطِي حِكْمَةً. مِنْ
فَمِهِ الْمَعْرِفَةُ وَالْفَهْمُ
."
(متى 6 : 33)
2.

 

و ورد فى قوانين الرسل " إِنْ
كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ
مَلَكُوتَ اللَّهِ.
" (يوحنا 3 : 5) وأيضاً
"

مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ." (مرقس 16 : 16) ولكن من يقول أننى سوف أعتمد عند
مماتى لئلا أخطىء وأدنس معموديتى، فهو جاهل بالرب وبطبيعته لأنه يقول "
لاُ
تؤَخِّر التَّوبَةَ إِلى الرَّبّ ولا تؤَجًل مِن يَوّمً إٍلى يَوم.

"
(سيراخ 5 : 7) فهل تعمد أطفالك أيضاً وتربيهم
فى خوف الله ووصاياه لأنه يقول "
دَعُوا
الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ
." (متى 19 : 14) 3.

هل تبحث عن  م الكتاب المقدس الإعجاز العلمى فى الكتاب المقدس 07

 

و مرة أخرى يعلق القديس
يوحنا ذهبى الفم
فيقول : " على الذين سقطوا أن يتمسكوا بالرجاء إذا فكروا بتعقل، ولكن
من ناحية أخرى ليس من الصواب أن يعيشوا على هذا الرجاء فقط قائلين أننا سنتمتع
بالحياة وفيما بعد سوف نجاهد لفترة قصيرة وسنحصل بذلك على أجرة يوم كامل (مثل
العبيد) لأنه ماذا سيعمل الإنسان إذا إنتهت سريعاً، وكيف سيواجه الذى قال
لاُ
تؤَخِّر التَّوبَةَ إِلى الرَّبّ ولا تؤَجًل مِن يَوّمً إٍلى يَوم

إذن إستعد وقف منتبهاً لأنه سيأتى بغتة مثل لص." 4.

 

لا
تَعتَمِدْ على أَمْوَالِ الظّلم:
قد يكون الحديث هنا خلفية لما ناقشه
السيد المسيح مع سامعيه فى (لوقا 16) حين أورد
مثل وكيل الظلم، والرابط هنا ما بين الفقرتين فى كل من العهد القديم والعهد الجديد،
هو أن مال الظلم قد يلعب دوراً مزدوجاً فإما أن يستثمره الإنسان فى خلاصه من خلال
عمل الخير المدفوع بالحب، وقد يضر بإنسان آخر يعتمد عليه فيشعر بالأمان الكاذب وهو
فى حوزته هذا المال.

 

و لكن ما هو مْالِ
الظّلم؟

يقول
البعض أن مال العالم هو مال ظلم بشكل عام، ذلك لأن العالم قد وضع فى الشرير ! والبعض
يرى أنه المال عموماً، لأن توزيع المال فى العالم يسوده قانون الظلم إذ يولد طفل
فقيراً مريضاً، بينما يولد آخر محاطاً بمختلف وسائل العناية، ينتظره المال الوفير،
وقال البعض أنه المال الذى ظلمنا الله فيه إذ كان مستحقاً علينا كصدقة، ولم نفعل.

 

و أرى أن مال الظلم هو
الإمكانيات المتاحة عموماً، فهو يأتى فى كثير من الترجمات
Worldly Wealth أى غنى
العالم، ومن خلال الإمكانيات المتاحة لنا يمكننا عمل الخير وإكتساب الفضائل التى
تؤهلنا للملكوت.

 

أمّا المال ذاته فلن
يفيدنا فى وقت الدينونة
" لاَ
يَنْفَعُ الْغِنَى فِي يَوْمِ السَّخَطِ أَمَّا الْبِرُّ فَيُنَجِّي مِنَ
الْمَوْتِ.
"
(أمثال 11 : 4)
راجع أيضاً (أمثال 10 : 2).

 

9 لا
تُذَرِّ في كُلِّ ريح ولا تَسِرْ في كلِّ طَريق (فإنَّه كذلكَ يَفعَلُ الخاطئُ ذو
اللِّسانَين) 10 كُنْ ثابِتًا في شُعورِكَ ولْيَكُنْ لَكَ كَلامٌ واحِد. 11 كُنْ
سَريعًا في الاْستماعِ وبَطيئًا في الإِجابَة. 12 إِن كُنتَ تَعرِفُ شيئًا فجاوِبْ
قَريبَكَ وإِلاَّ فاْجعَلْ يَدَكَ على فَمِكَ. 13 في الكَلام كَرامة وهَوان ولسانُ
الإِنَسانِ سَبَبُ زَلَّتِه 14 لا يَدْعُكَ النَّاسُ نَمَّامًا ولا تَكْمُنْ
بِلِسانِكَ فإنَّ لِلسَّارِقِ الخِزْي وعلى ذي اللِّسانَين الحُكمَ الشَّديد. 15
في الأمورِ الكبيرَةِ والصَّغيرَةِ لا تَخطأ
ولا
تَنْقَلِبْ مِن صَديقٍ إِلى عَدُوّ

 

الثبات والتروّى
:

هذه بعض النصائح من أجل
عدم الإزدواجية وقوة الشخصية، وقد امتدح السيد المسيح يوحنا المعمدان لأنه كان
ثابتاً غير متردد
بل رابط الجأش قوى الشخصية "
مَاذَا
خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟
" (متى 11 : 7) وهو ما نجد صداه فى رسالة معلمنا يعقوب
الرسول عند حديثه عن الرجل ذو الرأيين فهو متقلقل فى جميع طرقه (1 : 8).

 

من هنا فإن الأمر
يستلزم التروّى والتفكير قبل الكلام، كذلك علينا أن نحتفظ بإستقلال شخصياتنا، وألا
نسمح لأحد بإستقطابنا داخل دائرته، فإن المسيح بتجسده انفتح على الإنسان دون أن
يلغى تفرد الإنسان
5. الصمت والكلام (مرة أخرى)
حسن الإنصات

هو فضيلة جدير بالمُحاور التحلّى بها، فأن تكون مستمعاً جيداً فأن ذلك سيتيح لك
معرفة ما يود المتكلم توصيله، كما يتيح لك أن تقرر ما يجب عليك قوله، على أن نعبر
بالقليل من الكلمات والتى نكون قد أخترناها بعناية، يؤكد لنا ذلك معلمنا يعقوب
عندما يقول "
لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعاً
فِي الاِسْتِمَاعِ، مُبْطِئاً فِي التَّكَلُّمِ
" (يعقوب 1 : 19) راجع أيضاً (1
: 18
).

هل تبحث عن  م المسيح المسيح حياتة الموعظة على الجبل ل

 

و فىو إن كان الذّم والإغتياب
والإدانة عموماً أمراً غير مقبول، فإنه إذا لزم الأمر وكان علينا أن نوبّخ فعلينا
أولاً قبل توجيه اللوم، يقول إبن سيراخ فى موضع آخر
"لا تَذُمَّ قَبلَ أَن تَفحَص بل فَكِّر أصَوَلاً ثُمَّ
وَبِّخْ. لا تُجاوِبْ قَبلَ أَن تَسمعَ ولا تَعتَرِضْ حَديثًا في أَثنائِه. لا
تُجادِلْ في أَمرٍ لا يَعْنيكَ ولا تَجلِسْ لِمُحاكمةِ الخاطِئين.
(سيراخ 11 : 7 – 9) "
.

 

إن أهمية الصمت والكلام
تكمن فى أنه بكلمة واحدة قد تثار مشكلة، فى حين تحل مشكلة أخرى بكلمة واحدة !!، ومن
هنا فإن الكلام أو دعونا نسميها موهبة النطق التى وهبنا الله إياها (وضعت فىَّ
موهبة النطق / القداس الغريغورى) قد جعلها فينا نستخدمها فى (التسبيح / الشكر /
الإعتذار / التفاهم / التشجيع / الترحيب / المجاملة / المصالحة / التعليم الجيد) وقد
يقود لسان الإنسان صاحبه إلى خطايا كثيرة وويلات عديدة، وقد يتسبب فى هلاكه، وهو
ما يشير إليه معلمنا يعقوب أيضاً فى
(3 : 6)
بإعتباره عضواً صغيراً ولكنه قادر أن يضرم (يشعل) المسكونة، وبالتالى فهذا النوع
من الألسنة يضرم من جهنم.

 

النميمة : المشكلة
الحقيقية للنميمة أنها تعكس انشغال الشخص النمّام عن خطاياه بخطايا الآخرين، كما
أن الإدانة تعنى عدم حبنا للآخرين وتعنى أيضاً إغتصابنا لحق من حقوق الله، ويرى
إبن سيراخ أن النميمة هى السلب والسارق
يلحقه الخزى إن لم يكن هنا ففى يوم الدينونة، ويعنى ب

اللِّسانَين
: الرياء، حيث يظهر الإنسان خلاف ما يُبطن، أو يظهر
بشخصيتين كما أشير فى بداية هذه الفقرة من النصّ. إذ يستوجب ذلك عقاباً شديداً، ويعبر
إبن سيراخ عن ذلك فى الوصف الرائع التالى "عِندَ
هَزِّ الغِربالِ تَبْقى الأَقْذار كذلك عُيوبُ الإِنْسانِ في كَلامِه. آِنيَةُ
الخزَافِ تُختَبَرُ بِالأَتّون والإِنسانُ يختَبَرُ بِحَديثه. الحَقلُ المَزْروعَة
فيه الشَّجَرَةُ يَظهَرُ مِن ثَمَرِها كذلك مَشاعِرُ قَلبِ الإِنسانِ تَظهَرُ مِن
كَلامِه. لا تَمدَحْ رَجُلاً قَبلَ أَن يَتَكلَم فإِنَّه بِهذا يُمتَحَنُ النَّاس.
(سيراخ 27 : 4 – 7)"

 

لا
تَنْقَلِبْ مِن صَديقٍ إِلى عَدُوّ :
هناك شخصيات من الصعب
أن تكسبها وفى المقابل من السهل أن تخسرها، وهناك العكس أيضاً أشخاص ودودون من
السهل كسبهم ومن الصعب أن تفقدهم, فالثبات
فى محبتنا للآخرين وعدم التفريط فيهم هو نبل وإخلاص، وإحتمال الصديق فى وقت زلته
ثم الغفران له هى لياقة مسيحية، وأغلب الظن أن الصداقة القائمة على المنفعة هى
علاقة هشة مهددة دائماً بالفشل، فى حين أن تلك القائمة على البذل والتضحية من
الصعب فسادها. راجع (أمثال 18 : 21، 14 : 1، 22 : 27،
23 : 8، متى 12 : 37
).



1 N & P. Nicene, P. 49 العظة على الجبل

2 Niciene & P. N. تفسير إنجيل متى / ص 420

3 Anti Nicene v.7،
p.457

4 الرسائل
إلى ثيؤدور / ص 114.

5 المسيحى الأرثوذكسى وعالم
اليوم / أوليف كليمنت

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي