الإصحَاحُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ

 

نصائح
عملية

1 الكَسْلانُ أَشبَهُ بِحَجَرٍ مُلوّث كُلّ أَحَدٍ يُصَفر لِعارِه.
2 الكَسلانُ أَشْبَهُ بِالزِّبْل كُُلُّ منَ لَمَّه يَنفُض يَدَه. 3 أَلاْبنُ
الفاقِدُ الأَدبِ عارٌ لأَبيه والبِنتُ تولَدُ لِخُسْرانِها. 4 البِنتُ الفَطينَةُ
تَحصُل على زَوج والبِنتُ المُخزِيَةُ غَمّ لِوالِدِها. 5 الوَقِحَةُ تُخْزي
أَباها وزَوجَها وكِلاهُما يُهينانِها. 6 الكَلامُ في غَيرِ وَقتِه كالموسيقى في
الحُزْن أَمَّا السِّياطُ والتَّأديب فهُما في كُلِّ وَقتٍ حِكمَة.

 

التوانى:

لكل إنسان دور فى الحياة،
وعلى الإنسان أن يعمل لكى يأكل ويعيش، ومن العار أن يحيا الإنسان عالة على الآخرين،
ومن العار أيضاً أن يعتمد على أموال ورثها، فما دامت له قدرة على العمل فليعمل حتى
ولو لم يكن فى احتياج إلى ذلك لجمع المال, هذا وقد ناقش سفر الأمثال هذه القضية
كإحدى القضايا الرئيسية التى تناولها سليمان الحكيم حيث نظر إليها باعتبارها قضية
حياتية هامة
"اِذْهَبْ إِلَى النَّمْلَةِ أَيُّهَا الْكَسْلاَنُ. تَأَمَّلْ
طُرُقَهَا وَكُنْ حَكِيماً. الَّتِي لَيْسَ لَهَا قَائِدٌ أَوْ عَرِيفٌ أَوْ
مُتَسَلِّطٌ وَتُعِدُّ فِي الصَّيْفِ طَعَامَهَا وَتَجْمَعُ فِي الْحَصَادِ
أَكْلَهَا. إِلَى مَتَى تَنَامُ أَيُّهَا الْكَسْلاَنُ؟ مَتَى تَنْهَضُ مِنْ
نَوْمِكَ؟ قَلِيلُ نَوْمٍ بَعْدُ قَلِيلُ نُعَاسٍ وَطَيُّ الْيَدَيْنِ قَلِيلاً
لِلرُّقُودِ فَيَأْتِي فَقْرُكَ كَسَاعٍ وَعَوَزُكَ كَغَازٍ!" (أمثال 6 : 6 –
11)
, كما أن قيمة الإنسان تكمن فى قدرته على الإبداع وتقديم نفسه للآخرين،
إن أحقر الأعمال لهى أشرف من كنوز المال مع الكسلان والتى سيبددها حتماً، ويمكننا
الربط بين العمل والحكمة فالحكيم هو من يعمل والجاهل هو من يتكلّ على المال "
تَكرَهِ العَمَلَ المُتعِبَ ولا الحِراثَةَ الَّتي خَلَقَها
العَلِيّ. (سيراخ 7 : 15)
" راجع أيضاً (38 : 24
– 34)
.

 

ونقرأ عن أحد الرهبان
كان يسكن بجوار النهر، كان يعمل فى ضفر الخوص ثم يلقى ما يعمله فى النهر، لأنه لم
يكن فى احتياج إلى المال ومع ذلك فقد ألزم نفسه بالعمل مادام قادراً عليه.

 

النسل
الصالح

الآية 3 –
6:

تربية الأولاد وإعدادهم
للمجتمع من الأمور الرئيسية التى يعالجها السفر فالإبن البار فخر لأبيه فهو يحمل
إسمه ويمثله ويشرفه وينوب عنه فى حمل الأعباء والمسئوليات وبتولى رعاية أبيه وأمه عند
شيخوختهما، فى حين أن الإبن العاق يجلب لهما العار ويصير عبئاً عليهما. راجع (سيراخ 7 : 23-25)، (سيراخ
16 : 1-3)
، (سيراخ
30 : 1-13)
مثلما تسبب الكثير من الأولاد
فى أذية ذويهم.

 

فى الزمن القديم كانت
البنت تقدّر أقل من الولد لعدم تدربها على القيام بأعباء العمل والمساعدة، وكانت
تسبب متاعباً لذويها متى كانت غير عاقلة، ويصف ذلك يشوع بن سيراخ بطريقة مؤثرة فى (سيراخ 42 : 9 – 11).

 

ضرورة
التأديب

الآية 6 :

يؤيد الحكماء فى الكتاب
المقدس (الأسفار الحكمية) العقوبات الجسدية عند تربية البنين إذا لزم الأمر دون
قسوة، راجع (أمثال 13 : 24 / 19 : 18 / 22 : 15 / 23
: 13، 14 / 29 : 15، 17
) ولاشك أن البنت المتأدبة تكون مثل جوهرة غالية يسعى
الكل فى طلبها فتكون بهجة لزوجها وفخراً لأبيها وأمها وخير مربىّ لأولادها، إنها
كنز لمن يجده؟! راجع التعليق على (42 : 9 – 11).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد قديم سفر إشعياء 13

 

الحمقى والحماقة

9 الذي
يُعَلِّمُ الأَحمَقِ يَجبُرُ الشَّقَف ويُنَبَهُ مستغرِقًا في نومِه. 10 مَن كلَمَ
الأَحمَقَ فإِنَّه يُكَلِّمُ غافِيًا وفي النِّهايَةِ يَقول: ((ما هذا)) 11 إِبكِ
على المَيْتِ لأنّه فَقَدَ النّور واْبْكِ على الأَحمَقِ لأنّه فَقَدَ العَقْل. أَقلِلْ
مِنَ البُكاءِ على المَيْتِ فإِنَّه في راحة أَمَّا الأَحمَقُ فحَياتُه أَشْقى مِن
المَوت. 12 النَّوحُ على المَيتِ سَبعَةَ أيَّام والنَّوحُ على الأَحمَقِ والكافِر
جَميعَ أَيَّام حَياتِه. 13 لا تُكثِرِ الكًلامَ معَ الغَبِيّ ولا تَسِرْ إِلى
قَليلِ الذَّكاء
تَحَفَّظْ مِنه لِئَلاَّ يُتعِبَكَ ولئَلاَّ
تَتَنَجَّسَ إِذا اتَصَلتَ بِه. أَعرِضْ عنه فتَجِدَ راحةً ولا تَضجَرَ مِن
سَخافَتِه. 14 أَيُّ شَيءٍ أَثقَلُ مِنَ الرَّصاص؟ وماذا يُسَمَّى؟، الأَحمَق. 15
رَّملُ والمِلحُ وكُتلَةُ الحَديد أَخَفّ حَمْلاً مِنَ الإِنسانِ القَليلِ
الذَّكاء.

 

مازال ابن سيراخ يرثى
الحمقى ويحذّر منهم وهو لا يرى أن الأحمق مفطور على الحماقة ولكنه يرى على مدار
السفر كله بأن الأحمق شخص يرفض التأديب ويرفض السماع ويضيع كل فرصة تأتيه فيها
الحكمة. وهو يحذّر من أنه عند وقت معيّن تصير محاولة إصلاح الأحمق درب من المستحيل،
وما قال هذا إلاّ ليحذّر من الاستخفاف بالحكمة فى الصغر واستبدالها باللهو فمن
يريد إصلاح أحمق يكون كمن يحاول اصلاح قدر مكسور ليعيده إلى حاله الأول.

 

ثم يقارن ابن سيراخ ما
بين المَيْتِ والأَحمَقَ، فالأحمق والميت كلاهما سيموت وليس من عتاب بسبب الموت
ففى مثل العذارى الحكيمات نمن جميعهن، الحكيمات والجاهلات (أى متن الموت الجسدانى)
ولكن يبقى أن تقوم الحكيمات من الموت الجسدانى إلى حفل العرس فى الملكوت بينما
تطرد الجاهلات خارجاً، فلم يمنعهن الموت من
المكافأة وإنما منعهن الجهل، ويقول الرب
لراعى كنيسة ساردس " أَنَّ لَكَ اسْماً أَنَّكَ
حَيٌّ وَأَنْتَ مَيِّتٌ.
" (رؤيا 3 : 1).

 

قال الشاعر:

 ليس من مات فاستراح
بميت إنما الميت ميت الأحياء وكانت العادة أن يُندب الميت فى شكل حداد يستمر لمدة
سبعة أيام
1، راجع (تكوين 50 : 10
(صموئيل أول 31 : 13) ولكن الجاهل يجلب العار
على أهله ما دام حياً وقد يجدون فى موته محواً للعار !! بل أن مراثى الأحياء
المنكوبون سواء فى عقولهم أو أجسادهم لأشد تأثيراً من مراثى الأموات بسبب الفراق والعاطفة.

 

الآية 13 –
15 :

و هنا تحذير من مخالطته
خشية التأثر به، ولئلا يدفعك إلى الخطأ والمتاعب " بَينَ
قَليلي الذَّكاءِ تَرَقَّبِ الوَقتَ المُناسِب وبَينَ العُقَلاءِ أَطِلِ المُقام. (سيراخ
27 : 12)
" فالأحمق عبء على ذويه وحمل ينوء تحته العقلاء " اَلْحَجَرُ ثَقِيلٌ وَالرَّمْلُ ثَقِيلٌ وَغَضَبُ الْجَاهِلِ
أَثْقَلُ مِنْهُمَا كِلَيْهِمَا.
" (أمثال
5 : 4
).

هل تبحث عن  م الأباء كيرلس الأسكندرى مسيح الله ه

 

أمّا النجاسة المشار
إليها هنا فيقصد بها أن يلحق بالشخص شىء من حماقة الأحمق أو بمعنى آخر أن تنتقل
عدوى الجهل والحماقة إليه، وهى نفس فكرة النجاسة حين يتصل شخص بآخر فيتنجسّ بسببه،
مثل لمس الميت أو الأبرص أو الطامث، فإن المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة.

 

ثبات
القلب والفكر

16 هَيكَلُ
الخَشَبِ المَوصولُ في بِناء لا يَتَفَكَّكُ في الزَّلزَلَة كذلك القَلبُ
الثَّابتُ على عَزمَ متروًّى فيه لا يَخافُ إذا حانَ الوَقْت. 17 أَلقَلبُ
المُستَنِدُ على تَفْكيرٍ عاقِل كزينَةٍ رملِيَّةٍ على حائطٍ مَصْقول. 18 كما
أَنَّ الأَوتادَ المَوضوعةَ في مَكانٍ عالٍ لا تَثبُتُ لِلرِّيح كذلك القَلبُ
الخائِفُ مِنَ الأفكارِ الحَمْقاء لا يَثبُتُ لِمَخافةٍ مِنَ المَخاوِف.

 

فى المنازل المبنية من
الطوب اللبن كانت توضع أحزمة من الخشب فى الحوائط لتحمى المبنى من التفكك وأيضاً
للتعامل مع المدّ والجذب الناتجان عن تغيير الفصول كما أنها تفيد فيما إذا حدثت
أية تصدعات فى المبنى، فإذا ما وصّلت تلك الأحزمة بعضها البعض الأخر فإن الزلازل
متى حدثت فإنها لا تسقط البيت حتى ولو تحركّ قليلاً من موضعه أو اهتزّ. هكذا
الحكيم المتزن العقل يستطيع وقت الشدائد أن يتماسك ويعرف كيف يتعامل مع ما يطرأ،
بل أنه يصير مثل زينَةٍ رملِيَّةٍ على
جدار مصقول والرمل المنصهر يستخدم لصنع الزجاج ويقصد بالزينة الرملية هنا النقوش الزجاجية
على الجدار المصقول تكون ثابتة ولامعةً ومبهجة للنظر.

 

الأَوتادَ :

فى هذه الآية إشارة إلى
استخدام أصحاب حقول الكرم فى منطقة اليهودية أوتاداً على الحوائط بحيث إذا مرت
عليها الثعالب أسقطتها فتُفلت بذلك انتباه الحراس، ويمكن فهم الآية بمعنى آخر وهو
أن البيوت المصنوعة من القش فى أعالى قمم الجبال لا يمكنها أن تثبت أمام الرياح
متى هبّت، والتطبيق هنا رائع، حيث أن الأحمق عند الاختبار والامتحان لا يجد ما
يسنده فيهوى سريعاً. قد يسخر الجاهل من العقلاء غير أنه إذا حان وقت الاختبار
يفتضح.

 

يُحكى عن فيلسوف استقل
مركبا، وكان الفيلسوف ينظر إلى الملاح البسيط ويسأله إن كان قدر درس الكيمياء
فأجاب بالنفى، ثم عاد وسأله إن كان قد درس الفيزياء فأجاب أيضاً بالنفى وفى كل مرة
كان يبكته بأن عمره قد ضاع نصفه، ثم حدث أن هاج البحر، فلما هددت الرياح السفينة وصاروا
فى خطر، سأله الملاح فى بساطة هل تجيد العوم؟ فأجاب بالنفى، وهنا هتف الملاح
البسيط لقد ضاع عمرك كلّه !! راجع (سيراخ 2 : 2، 12،
13)
.

 

التحسّب والتروّى

19 مَن
ضَرَبَ العَينَ أَسالَ الدُّموع ومَن ضَرَبَ القَلْبَ أَبرَزَ المَشاعِر. 20 مَن
رَمى الطيورَ بِحَجَرٍ هرَبَها ومَن شَتَمَ صَديقَه قَطعً الصَّداقة. 21 إِن
جرَدتَ السَّيفَ على صَديقِكَ فلا تَيأَسْ فإِنَّه قد يَعود. 22 إِن فَتَحتَ
فَمَكَ على صَديقِكَ فلا تَخَفْ فقد تَتِمُّ المُصالَحة إِلاَّ في حالاتِ
الشَّتْمِ والتَكبُر وإِفْشاءِ السَر والضَّربَةِ الماكرَة فإِنَّه في هذه
الحالاتِ يَفِر كُلّ صَديق. 23 إربَحْ ثِقَةَ قَريبِكَ في فَقرِه لِكَي تَشبعً
مَعَه في يُسرِه. إِبقَ معَه في وَقتِ ضيقِه لِكَي تُشارِكَه في ميراثِه. 24 قَبلَ
النَّارِ بُخاُر الأتّونِ والدُّخان وكذلِكَ قَبلَ الدِّماءِ الشَّتائم. 25 لا
أَستَحْيي أَن أحامِيَ عن صَديق ولا أَتَوارى عن وَجهِه. 26 وإِن أَصابَني مِنه شر
فكُلُّ مَن يَسمعُ بِذلك يَتَحَفَّظُ مِنه. 27 مَنِ الَّذي يَجعَلُ حارِسًا لِفَمي
وخاتَمَ الحِذْقِ على شَفَتَيَّ لِئَلاَّ أَسقُطَ بِسَبَبِهما ويُهلِكَني لِساني؟

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب بونة 1

 

يشبه هنا ابن سيراخ النحو
الذى تضيع الصداقة عليه، ابلغ تشبيه، ففى الشطرة الأولى إسالة الدموع وفى الثانية
جرح المشاعر وثالثاً نزع الألفة، هكذا من يفقد صداقة الآخرين. ومع ذلك فمتى كان
الصديق مخلصاً من ذلك النوع الممتاز فإنك لن تخسره بسهولة فهو يرثى لك ويكون مثل
الشجرة التى تقذفها بالحجارة فتهبك الثمر إلاّ عندما تغدر به وتفشى أسراره وتتعالى
عليه فإنك تضحى بصداقته لك وقد تخلق منه عدواً لك، راجع ذلك فى (6 : 14 – 17).

 

كن كالنخيل عن الأحقاد
مرتفع رمى بصخر فيلقى خير أثماراً وصيانة الصداقة تتطلب الأمانة الشديدة حتى إذا
كان الصديق يعانى المرض أو الضيق أو الهوان، هذا وقد عالج سليمان الحكيم هذه
الفكرة فى (أمثال 11 : 13، 19 : 13، 20 : 19، 25 : 9)
وحتى متى أصابنا شرّ من الصديق فإن ذلك قد يسىء إليه هو وعلينا أن نتمسّك
بأصدقائنا إلى أبعد حد، نقرأ عن القديس بموا أنه ظل مريضاً لمدة اثنتى عشر
سنة ربما بمرض الربو أو ما يشبهه وكان تلميذه يوحنا يخدمه بفرح وشكر وإحتمال لدرجة
أنه كان يبصق فكان البصاق يقع على يوحنا ومع ذلك لم يسمع منه كلمة شكر واحدة طوال
تلك المدة، ولكنه عند نياحته أمسك بيده وقدمه للشيوخ قائلاً : خذوا. هذا ملاك وليس
إنسان !! راجع (سيراخ 9 :10).

 

الآية 27 :

هنا طلبة أخيرة، وفيها
عمق روحى رائع إذ تتحوّل الطلبة إلى صلاة، والمسيحى هنا يطلب أن يحرس الله فمه ولسانه
ذاك الذى بسبب عدم تحفظه قد يخسر الأصدقاء بل ربما خلاص نفسه أيضاً (مزمور 141 : 3) قارن مع (أمثال
21 : 23
) ويرى هنا ابن سيراخ أن اللسان قد يكون أداة خطية وسبباً للهلاك
" طوبى لِلرَّجُلِ الَّذي لم يَزِلَّ بِفَمِه
ولا يعَذبه الحُزن على خَطاياه! طوبى لِمَن لا تَحكُمُ علَيه نَفْسُه ولم يَخِبْ
رَجاؤًه. (سيراخ 14 : 1، 2)
" راجع أيضاً (23
: 8)
، (أمثال 18 : 21).



1 راجع
صموئيل أول (31 : 13). حين صام سكان يابيش جلعاد سبعة أيام حداداً على شاول وبنيه.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي