الإصحَاحُ الرَّابعُ وَالْعِشرُونَ

 

نصائح
متنوعة

1 الحِكمَةُ تَمدَحُ نَفْسَها وتَفتَخِرُ بَينَ شَعبِها. 2 تَفتَحُ
فَمَها في جَماعةِ العَلِيّ وتَفتَخِرُ أَمامَ قُدرَته. وكالبُخارِ غَطَّيتُ
الأَرْض. 3 ((إِنِّي خَرَجتُ مِن فَمِ العَلِيّ وكالبُخارِ غَطَّيتُ الأَرْض. 4
ونَصبتُ خَيمَتي في العُلى وكانَ عَرْشي في عَمود الغمام. 5 أَنا وَحْدي جُلتُ قي
دائِرَةِ السَّماء وتَمَشَّيتُ في عُمْقِ الغِمار 6 وعلى أَمْواِجِ البَحرِ
والأَرضِ كُلِّها وعلى كُل شَعْبٍ كلِّ أمَّةٍ تَسَلَّطتُ.

 

هذا هو الإصحاح المركزى
فى السفر، حيث يعرض سمات الحكمة فى السفر بل أن الوصف الموجود هنا يلفت الانتباه
أكثر من الموجود فى سفر الأمثال
(أمثال 1 : 20 – 33،
8 : 1 – 36، 9 : 1 – 6
).

 

و هذه الأعداد (1 – 6) هى القصيدة الثانية فى مدح الحكمة
بعد الأولى فى
(1 : 1 – 10) وهى تأتى أيضاً فى بداية القسم الثانى من السفر
1، وفى المقدمة
(آية 1، 2) تظهر الحكمة باعتبارها "
الله يظهر وسط شعبه " فتعبير تَفتَخِرُ بَينَ
شَعبِها،
لا يمكن تفسيره إلاّ ب حديث الله وسط شعبه، إذ يظهر
الله أيضاً فى وسط ملائكته (جَماعةِ العَلِيّ)
والتى لا يمكن تفسيرها أيضاً إلاّ بجيوش الله الملائكة والقديسين (مزمور 82 : 1، 89 : 5 – 7) وأمّا الآية تَفتَخِرُ أَمامَ قُدرَته فتترجم وتفهم على أنها
" أمام جنوده " فكلمة " ديناميس " تترجم جنود أيضاً كما تترجم
قوة، راجع (أيوب 28)، (باروخ 3 : 9 – 4 : 4).

 

آية 3 :

خرجت الكلمة (أى حكمة
الله… نطق الله) لتخلق كل شىء
(سيراخ 1 : 4) وملأت
الكون… فالله هو مالىء الكل وقديماً عطّى روحه وجه المياه (وفى ترجمات أخرى
احتضن المياه) ويمكن أن نرى صدى لهذه الفكرة فى (أمثال
8 : 22 – 31
) وكانت خلقة الكون فى فكر ابن سيراخ وهو يتحدث هنا (تكوين 1 : 1 – 2 : 4) فالله خلق بمجرد كلمته (إرادته)
وهكذا خرج الكلمة (الحكمة) من فم العلى وأصبحت بذلك خالدة !
(سيراخ
1 : 5 – 8)
.

 

الآية 4 :

نصب الخيمة فى العلى هو
إشارة إلى عرش الله فى السماء، والحضرة الإلهية، حيث يشير عمود الغمام فى البرية
إلى الحضور الإلهى ففى (تكوين 2 : 4 – 25) نجد
أن الضباب يغطى الأرض قبل الخليقة، لذلك فالحكمة تتحدث عن نفسها كأنها ضباب. كذلك
فإن الخيمة فى اللغة اليونانية معناها إسكينى ومنها جاءت الكلمة العربية "
سكن " أو " مسكن " وبالتالى فالخيمة لا تعنى مجرد واقى من القماش
مثل خيام الأعراب فى البادية ولكنها تعنى سكنى الله الدائمة، ولعلّ هذا ما قصده
أيضاً معلمنا بطرس الرسول عندما اقترح على السيد المسيح أن يصنع ثلاث مظال على جبل
التجلى (متى 17).

 

آية 5، 6 :

الله مالىء الكل، لا
يخلو منه موضع، سواء فى سماء السموات أو عمق البحار (الغمار) أو فوق سطح الأرض، والتسلط
هنا يعنى أن الرب يملك الأرض وكل ما فيها، سادت حكمته وملأت خلائقه كل مكان….

 

هكذا تتحدث الحكمة عن
نفسها كقرينة لله (أمثال 8 : 3) فهى حاضرة فى
كل مكان هو فيه، فى عمود السحاب الذى كان مع اسرائيل (خروج
14 : 19، 20، 33 : 9، 10
) وفى القبة السماء (خروج
13 : 21، 22
) وفى الهاوية (أيوب 22 : 14)
راجع أيضاً
(1 : 1 – 10) وفى البحر والأرض أيضاً (أمثال 8 : 28، 29) ويلاحظ أن هذه الأربعة الأرض والبحر
والهاوية والسماء، هى أقسام الأرض كما عرّفها العالم اليهودى القديم.

 

7 في هذه
كُلِّها التَمَستُ الرَّاحة وفي أَيَ ميراثً أَحِلُ. 8 حينَئِذٍ أَوصاني خالِقُ
الجَميع والَّذي خَلَقَني أَقرّ خَيمَتي
وقال:
((أُنصبي خَيمَتَكِ في يَعْقوب
ورِثي في إِسْرائيل)). 9
قَبلَ الدُّهورِ ومُنذُ البَدءَ خَلَقَني
وإِلى
الدّهورِ لا أَزول.
10 في المَسكِنِ المُقَدًسِ أَمامَه
خَدَمتُ وهكذا في صِهْيونَ اْستَقرَرتُ 11 وجَعَلَ لي مَقَرًّا في المَدينَةِ
المَحْبوبة
وسَلطَنَتي هي في أورَشليم. 12 فتأَصَّلتُ في
شَعبٍ مَجيد
وفي نَصيبِ الرَّبِّ، نَصيبِ ميراثِه

 

تتحدث الحكمة عن
إسرائيل كمستقر لها، الله يعمل وسط شعبه " قُمْ يَا
رَبُّ إِلَى رَاحَتِكَ أَنْتَ وَتَابُوتُ عِزِّكَ. لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ
صِهْيَوْنَ. اشْتَهَاهَا مَسْكَناً لَهُ: هَذِهِ هِيَ رَاحَتِي إِلَى الأَبَدِ.
هَهُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي اشْتَهَيْتُهَا.
" (مزمور
132 : 8، 13، 14
) ومع ذلك فالحكمة موجودة أيضاً بين أمم وشعوب كثيرة عمل
الله فيها ولكن اسرائيل اختصّ بمحبته وسكناه.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر العدد 32

 

آية 9 :

أسسّ الله العالم
بالحكمة " صَانِعُ الأَرْضِ بِقُوَّتِهِ مُؤَسِّسُ
الْمَسْكُونَةِ بِحِكْمَتِهِ وَبِفَهْمِهِ بَسَطَ السَّمَاوَاتِ.
" (إرميا 10 : 12) وهى كذلك خالدة لا تزول، والحديث هنا
يزداد وضوحاً بأنه خاص بالله "
فمَن
يُسَبِّحُ العَلِيَّ في مَثْوى الأَموات إِن لم يَحمَدْه الأَحْياء؟ (سيراخ 17 :
27)

".

 

الآية 10 –
12 :

المَسكِنِ
المُقَدًسِ
هو الهيكل واستقرار الحكمة فيه يعنى استقرار الكمال الإلهى
لشكل العبادة، ولأن الشريعة هى محور العبادة فى الهيكل وكما أسلفنا فالشريعة والحكمة
هما شىء واحد ففى حفظ الشريعة كمال الحكمة، وفى الشريعة مذخر لنا كنوز الحكمة كلها،
وفى هذا أيضاً اشرة إلى عمود السحاب الذى كانت الحكمة حاضرة فيه (حكمة 10 : 17) والذى جاء فى الخروج من مصر ليشير
لحضور الرب، وكذلك فى الهيكل أيضاً (خروج 33 : 9، 10)
راجع الإحتفال بتدشين الهيكل (ملوك أول 8 : 10 – 13).

 

و الحكمة تطيع الأمر
الإلهى وتسكن فى أورشليم، فتصبح صهيون بذلك نصيب الرب والرب نصيب صهيون أيضاً
" إِنَّ قِسْمَ الرَّبِّ هُوَ شَعْبُهُ. يَعْقُوبُ
حَبْلُ نَصِيبِهِ.
" (تثنية 32 : 9)
وأيضاً " لَيْسَ كَهَذِهِ نَصِيبُ يَعْقُوبَ.
لأَنَّهُ مُصَوِّرُ الْجَمِيعِ وَإِسْرَائِيلُ قَضِيبُ مِيرَاثِهِ. رَبُّ
الْجُنُودِ اسْمُهُ.
" (إرميا 10 : 16).

 

و يمكن أن يشير مَقَرًّ الحكمة المذكور فى (آية 11) إلى المحاكم ومجالس القضاة المنصوبة فى
أبواب أورشليم والتى يُحكم فيها بالحكمة، وهناك تشابه بين هذه القطعة وتلك التى
توجد فى (إرميا 10 : 11 – 16) والتى تقارن بين
خلود الله وفناء آلهة الأمم، فيشير الوحى فى (آية 9) إلى
خلود الحكمة كما كانت الحكمة حاضرة فى عبادة الله منذ المسكن المقدس.

 

الحكمة والمسكن
المقدس

13
كالأَرْزِ في لُبْنانَ اْرتَفَعتُ وكالسَّرْوِ في جِبالِ حَرْمون. 14 كالنَّخْلِ
في عَينَ جَدْيَ اْرتَفَعتُ وكغِراسِ الوَرْدِ في أَريحا كالزَّيْتونِ النَّضيرِ
في السَّهْل وكالدّلْبِ ارتَفَعتْ. 15 كالدَّارَ صينيَ والقُنْدولِ العَطِرِ فاحَ
عِطْري وكالمُرِّ المُنتقى اْنتَشَرَت رائِحَتي كالقِنَّةِ والجَزْعِ والمَيعَةِ ومِثْل
بُخارِ اللّبانِ في الخَيمَة. 16 إِنِّي مَدَدتُ أَغْصاني كالبُطمَة وأَغْصاني
أَغْصانُ مَجدٍ ونعمَة. 17 أَنا كالكَرمَةِ أَنبَتُّ النِّعمَة وأَزْهاري ثِمارُ
مَجدٍ وغِنَى. 19 تَعالوا إِلَيَّ أَيُّها الرَّاغِبونَ فِيَّ واشبَعوا مِن ثِماري.
20 فإِنَّ ذِكْري أَحْلى مِنَ العَسَل وميراثي أَلَذُّ مِن شَهْدِ العَسَل. 21
أَلَّذينَ يأكُلوَننِي لا يَزالونَ يَجوعون والَّذينَ يَشرَبونني لا يَزالونَ
يَعطَشون. 22 مَن سَمعِ لي فلا يُخزى ومَن عَمِلَ بِإِرْشادي فلا يَخطَأ.

 

الأَرْزِ:

كلمة من أصل عبرى هو (ثابت)
وفى اللغة العربية (أرسى) أى ثبت، وارتبط بلبنان لكثرة وجوده فيها، وفى اللاتينية
اسمه (سيدارس ليبانى) أى أرز لبنان، وهو شجر عالى وراسخ ومتين، ويرمز إلى المجد والقوة
" صَوْتُ الرَّبِّ بِالْقُوَّةِ.. الرَّبُّ أَرْزَ
لُبْنَانَ.
" (مزمور 29 : 4، 5) وهو
طويل القامة (عاموس 2 : 9) رائع الجمال (نشيد 5 : 15) بل يطلق على الأرز أشجار الله (مزمور 104 : 16) ومازال السوريون يسمونه أرز الرب،
الصديق ينمو كالأرز فى لبنان (مزمور 92 : 12).

 

الدَّارَصينيَ
2 :

و هى شجرة دائمة
الإخضرار وخشبها صلب.

 

السَّرْوِ :

شجر من الفصيلة
الصنوبرية عظيم يبلغ ارتفاع الشجرة خمسة وعشرون متراً، وينمو بشكل رئيسى فى لبنان (إشعياء 60 : 13) ويستخدم خشبه فى صنع الآلات
الموسيقية (صموئيل الثانى 6 : 5) وهو خشب فخم
استخدم فى الأسرّة الفاخرة وعُملت منه أرضية الهيكل وسقوفه، ويستخدم السرو مجازياً
للدلالة على العظمة والقوة (ملوك الثانى 9 : 23)
وقد شبّه ابن سيراخ سمعان بن أونيا الكاهن الأعظم بالسرو المرتفع إلى السحب
(سيراخ
50 : 11) و
ينمو
فى سفوح جبل حرمون.

 

النَّخْلِ
في عَينَ جَدْيَ:

يرمز النخل بشكل عام
إلى الصدّيق نظراً لإرتفاع قامته وثباته ض الرياح العاتية وثمره الحلو، وقد يقذف
بالحجر فيهب الثمار (رمز مقابلة الشرّ بالخير)، كما أنه للنخل استخدامات متعددّة،
وأمّا عين جدى فهى تقع على الساحل الغربى للبحر الميت (خروج
47 : 10
) وفى أيام سليمان الحكيم كانت واحة خصبة جداً تنتشر فيها الأشجار (نشيد 1 : 14).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر التكوين Genesis 48

 

الوَرْدِ في
أَريحا:

لفظة أريحا معناها
" مكان الروائح العطرة " وهى المدينة المعروفة والتى كانت ينبت فيها
أجمل أشجار الفاكهة وأروع أنواع الورود، بسبب مناخها الجاف، وكانت مقصداً لتجار
أورشليم.

 

الزَّيْتونِ
في السَّهْل:

أحد المحاصيل الرئيسية
الثلاثة فى اليهودية، ويرمز إلى الروح القدس حيث يستخدم زيته فى المسحة المقدسة وفى
انارة الهيكل والخيمة من قبله.

 

الدّلْبِ:

و اسمه فى العبرية (عرمون)
(تكوين 30 : 37) وهو شجرة عظيمة عريضة الورق،
وتعد من أجمل الأشجار وتزهر بصفة خاصة على مجارى المياه، وقد وصفت عظمة فرعون
بفروع الدلب (خروج 31 : 8).

 

الدَّارَصينيَ
(وهو مثل القرفة) والقُنْدولِ (اللبان العطر) والمُرِّ:

مواد عطرة كانت تستخدم
فى تركيب المسحة المقدسة فى مسح الملوك والأنبياء ورؤساء الكهنة.

 

القِنَّةِ:

مادة صمغية تستخرج من
بعض النباتات وتستخدم فى صنع البخور، وتستخدم حالياً فى الطلاء والدواء.

 

المَيعَةِ:

عصارة تستخرج من شجر
الجوز وهى تدخل فى تركيبة البخور المقدس مع القنّة (خروج
30 : 34، 35
).

 

هكذا تشترك الحكمة فى
العبادة، وهكذا تُصّور فى شكل رائع مكلّلة بالبهاء ممتّدة فى عظمة شامخة بالمجد
مبهجة للقلب بهجة المنظر، قوية متينة مثل البطم
3 الذى يعمّر كثيراً (إشعياء
6 : 13
).

 

آية 17 – 21
:

فى كلمة الله (الشريعة
= الحكمة) نجد الشبع الحقيقى ففيها مزّحر لنا كل حكمة وكل كنوز العالم، ومن يتبّع
الحكمة يجمع لذاته الفرح والسرور (الكرمة تشير فى العهد القديم بشكل عام إلى
الشرور) وفى العهد الجديد تشير إلى دم المسيح الذى فيه الفرح الحقيقى وفيه الكفاية
والخلاص، وترديد أقوال الله فيه اللذّة وفيها التقديس كمثل طعام شهى مفرح "
وجد كلامك فأكلته فكان كلامك لى للفرح ولبهجة قلبى "، راجع (مزمور 19 : 10، 119 : 103)، (أمثال 24 : 13، 14).

 

آية 22 :

من يسمع للحكمة ينجو من
العار ومن ابتعد عنها لحق به العار (إرميا 10 : 14).

 

و إلى هنا ينتهى حديث
الحكمة عن نفسها

 

الحكمة
ينبوع وميراث

23 هذه
كلُها هي سِفْرُ عَهْدِ الإِلهِ العَلِيّ والشَّريعةُ الَّتي أَوصانا بِها موسى ميراثًا
لِجَماعاتِ يَعْقوب
4. 25 هيَ الَّتي تُفيضُ الحِكمَةَ كَفيشون ومِثْلَ دِجلَةَ في
أيَّامِ الثِّمارِ الجَديدة 26 وتَملأ فَهمًا كالفُرات ومِثْلَ الأُردُنِّ في
أيَّام الحِصاد. 27 وتُفيضُ التَّأديبَ كالنِّيَل ومِثْلَ جيحونَ في أيَّام
القِطاف. 28 لا يَستَوفي الأَوَّلُ مَعرِفَتًها ولا يَستَقْصيها الآخَر 29 لأَنَّ
فِكرَها أَوسعُ مِنَ البَحْر ومَقاصِدَها أَعمَق مِنَ الغَمْرِ العَظيم. 30 وأنا
كساقيِةٍ من النَّهرِ ومِثل قَناةٍ خَرجتُ إلى جًنَّة. 31 قُلتُ: ((أَسْقي
بُسْتاني وأُرْوي زَهْرائي)). فإِذا بِساقِيَتي قد صارَت نَهرا وبنَهْري قد صارَ
بَحرًا 32 فإنَّي أُضيءُ أَيضًا بِالتَّأديبِ مِثلَ الفجْر وأًجعَلُه يَسطَعُ إِلى
بَعيد. 33 أفيضُ التَّعْليمَ مِثْلَ نُبوءةٍ وأُخَلِّفُه لِلأَجْيالِ الآتِيَة. 34
فاْنظُروا كَيفَ أنَي لم أَتعَبْ لأَجْلي فَقَط بلِ لِجَميعِ الَّذينَ يَلتَمِسونَ
الحِكمَة.

 

مرة أخرى يشير السفر
إلى كنوز الحكمة المذخرة لنا فى الشريعة، وكأن الله قد أورث شعبه اسرائيل الحكمة،
من خلال الشريعة التى وهبها لهم، ميراثاً لنسل يعقوب " بِنَامُوسٍ أَوْصَانَا مُوسَى مِيرَاثاً لِجَمَاعَةِ
يَعْقُوبَ.
" (تثنية 33 : 4).

 

و يتحدث ابن سيراخ هنا
عن الحكمة كنهر النعمة الجارى مستعيراً الفردوس الأرضى ونهر فيشون الذى يجرى فيه (تكوين 2 : 11) ويذكر كذلك الأنهار الأخرى : الفرات /
دجلة / الأردن، راجع (يشوع 3 : 15)، (تكوين 2 : 13)، (إرميا
2 : 8
).

 

النِّيَل 5:

كان النيل وما يزال
مصدراً للخير بالنسبة للبلاد التى يمر بها، سواء الحبشة أو السودان أو مصر، وهو
أطول أنهار العالم وأشهرها، وكان يحمل كميات ضخمة من الطمى الخصب مما يؤثر بشكل
فعال على انتاج الأرض، حتى أن قدماء المصريين كرموه كثيراً من خلال عبادة حابى
(حع بى) إله النيل، هذا و
قد تسمى النيل فى الكتاب المقدس بعدة أسماء مثل
النيل (إشعياء 19 : 7) و(إرميا 23 : 3) و(عاموس
8 : 8
) وشيحور كلمة مصرية معناها (بحيرة حورس) (يشوع 13 : 3) و(أخبار
الأيام الأول 13 : 5
) ومياه مصر (مزمور105
: 29
).

هل تبحث عن  شخصيات الكتاب المقدس عهد جديد الرسل السبعين سيلا ا

 

إن الحكمة مثل النهر
الواسع أو قل مثل المحيط الشاسع، والكاتب الحكيم هنا مثل الساقية التى تخرج من
النهر وتسقى كل راغب فى الارتواء، ولكن ومهما كان إدراك الحكيم أو تلاميذه فهم لا
يقدرون أن يسبروا غورها ويصلوا إلى عمقها فهى غير محدودة (لا بداية لها ولا نهاية
وهى صفة من صفات الله أى السرمدية) "وَيَقُودُكَ
الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ وَيُشْبِعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ وَيُنَشِّطُ
عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيَّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ
مِيَاهُهُ.
" (إشعياء 58 : 11) ويصلى
أحد الشيوخ فيقول " لتكن بركتك نهراً ونهرك
بحراً
".

 

و تزداد الحكمة لدى
الحكيم فيفيض على كل من حوله (حزقيال 47 : 1 – 12
(إشعياء 11 : 9 إلخ).

 

آية 32:

كلمة الله (الحكمة)
تحقق الإستنارة وتضىء الذهن وتهب البصيرة الروحية لمقتنيها بل ويصير الحكيم نفسه
منارة لآخرين وميناءاً لهم.

 

آية 33:

يتحول الحكيم إلى نبّى،
وفى العهد الجديد صارت كلمة نبوة تعنى تعليم، فالأنبياء فى العهد الجديد هم
المعلمون.

 

ثم يختتم ابن سيراخ
كلماته هنا بأن الحكيم الذى يلتمس الحكمة من الله ويجد فى طلبها ويسعى فى أثرها لن
تعود بركاتها عليه فقط وإنما على من حوله من تلاميذه وسامعيه
(سيراخ
39 : 12).

 

هذا ويبدو أن مقدمة
إنجيل القديس يوحنا، قد تأثرت بهذا الإصحاح بخصوص حديث الحكمة وسرمدية الله وأزلية
الحكمة.



1 هناك تقسيم مقترح يجعل من الإصحاح 24 بداية للقسم الثانى.

 2 هناك تقليد يهودى يقول " أنه عندما خرج آدم من الجنة أخذ معه
بعض النباتات العطرية ذات الروائح الذكية والتى أمره الرب بأن يأخذها معه لتستخدم
فى الطب كأعشاب ولعلمه السابق بأنها نباتات مقدسة سوف تستخدم فى الهيكل , وهى
الدراصينى / القنة / الميعة / إظفار (سفر آدم وحواء الأبوكريفى اليهودى – ترجمه
إلى العربية : احد الشمامسة / دراسة لم تنشر).

 كما
ذكر ذلك أيضاً فى سفر اليوبيل الأبوكريفى الإصحاح الثالث , وأمّا سفر أخنوخ الأول
الأبوكريفى فيورد أنه فى زمن
يارد (معناه نزول) نزل الملائكة الأشرار فى أورشليم , ويذكر السفر اسم
كل ملاك وما عمله لأجل الناس , ومنهم من علّم الناس الطب والتداوى بالأعشاب ومنها
ما استخدم فى السحر وهذه الأصناف من بينها : الدراصينى / القرفة / الميعة (المرجع
السابق).

3 ورد ذكر شجرة البطم فى حادثة مقتل ابشالوم حيث تعلق من شعره بها
عندما كان هارباً على بغلته (صموئيل الثانى 18 : 9).

 4فى بعض النسخ تأتى الآية (24) هكذا :
"أنا وحدى جُلت فى دائرة السماء وتمشيت فى عمق الغمار" وعليها اعتمد
القديس أغسطينوس فى الحديث عن مساواة الأبن بالآب , حيث يقول أن هذه الآية جاءت
على لسان الحكمة (كلمة الله) أى الإبن متحدثاً عن نفسه , وهو فى موضع آخر يقول أن
هذه الآية تدل على أن الإبن هو كلمة الآب وحكمة الآب فالمتحدث فيها هو حكمة الأب ,
وهو القادر على أن يجول فى دائرة السماء ويتمشى فى أعماق الغمار , مما يدل على أن
الحكمة هى الأبن والإبن هو الحكمة. راجع
Nicene & P.N, V.3 , P.22 , 183.

 5ربما كان المقصود بالنيل هنا النور , ليس لأنها تأتى فى بقية
الترجمات هكذا (مثل الفولجاتا) ففى نص يونانى آخر تأتى " يجعل التأديب يتلألأ
كالنور " استناداً إلى النص السريانى بسبب الإلتباس فى العبرية بين كلمتى
النور والنيل.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي