الإصحَاحُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ

 

الحكمة والسلام
بين الناس

1 ثَلاثٌ تَشتَهيها نَفْسي وهي جَميلةٌ أَمامَ الرَّبَ والنَّاس: إِتِّفاقُ
الإِخوَةِ والصَّداقةُ بَينَ الجيران واْمرَأَةٌ ورَجُلٌ مُتَّفِقان. 2 ثَلاثَة
تُبغِضهم نَفْسي وتَمقُتُ حَياتَهم مَقْتًا: الفَقيرُ المُتَكَبِّرُ والغَنِيُّ
الكَذَّاب والشَّيخُ الزَّاني الفاقِدُ الفَهْم.

 

هناك مثلان ثلاثيان :

1.      
إِتِّفاقُ الإِخوَةِ : إذ ليس أجمل
من اتفاق الأخوة مثل ندى حرمون المنحدر على جبل سيئون والطيب النازل على اللحية، وفى
تسبحة باكر والتى تتلى بعد مزامير صلاة باكر :
ها ما هو
الحسن وما هو الحلو إلا إتفاق اخوة ساكنين معاً. متفقين بمحبة حقيقية انجيلية كمثل
الرسل. مثل الطيب لى رأس المسيح النازل على اللحية إلى أسفل الرجلين. يمسح كل يوم الشيوخ
والصبيان والفتيان والخدام. هؤلاء الذين ألّفهم الروح القدس معاً مثل قيثارة مسبحين
الله فى كل حين. بمزامير وتسابيح وترانيم روحية النهار والليل بقلب لا يفتر. و
قد جاء
المزمور 133 ليشير إلى اجتماع جميع الإخوةمن الشتات فى عبادة واحدة وذلك فى
المواسم اليهودية الثلاثة الكبرى حيث تتلاشى الفوارق وتتحقق وحدتهم ليس من خلال
النسب فقط وإنما من خلال تاعقيدة والتقليد. هذا وقد مُسح هرون الكاهن بالدهن وأولاده
كذلك مُسحوا بالزيت المقدس، وأمّا ندى حرمون فيأتى من امتلاء الجبل بالثلج فتنساب
المياة إلى أسفل حيث جبل سيئون، وأمّا المعنى هنا وأيضاً فى نزول الدهن من رأس
هرون إلى بقية الجسم (القميص) فهو يشير إلى اتحاد الرأس بالجسم (الأعضاء معاً) أى
يجتمع الكل والشتات يصير أمة واحدة.

2.      
الصَّداقةُ بَينَ الجيران:
مازال
الحديث هنا عن الود والتعاطف الإنسانى، والجسد الواحد ذو الأعضاء الكثيرة حيث
تتلاشى الفوارق أيضاً، وحيث يلتصق الجار بجاره أكثر من الأخ والابن، فقد
خلق من دم
واحد كل أمة على وجه الأرض، كذلك يقول السيد المسيح فى
(متى 23 : 8) "
أَنْتُمْ جَمِيعاً إِخْوَةٌ.
".

3.      
اْمرَأَةٌ ورَجُلٌ مُتَّفِقان:
إن
استقرار البيت متوقف على مدى اتفاق وتفاهم الزوجين فالطفل الذى ينشأ بين جدران بيت
تدب فيه الخلافات الزوجية بين آن وآخر، لا يمكن أن يصير للكنيسة والمجتمع عضواً
سوياً ناجحاً، هناك رجل قد ينجح كزوج فى حين يفشل كأب والعكس صحيح والأمر كذلك
بالنسبة للمرأة، ولذلك فعند الاقبال على الزواج فإن الإنسان يختار الأنسب (التوافق)
وليس الأفضل !! يقول القديس يوحنا ذهبى الفم : " هذه هى النقطة الأساسية فى المنزل " اْمرَأَةٌ ورَجُلٌ مُتَّفِقان " لأنه حيث يوجد هذا لن يكون هناك شىء غير سار. لأنه
عندما تكون الرأس فى تناغم مع الجسد ولا يوجد اتفاق بينهم فكيف تكون بقية الأعضاء
فى سلام
"
1 ويقول أيضاً: " ليس أفضل من أن
تكون محبوباً من زوجة وأن تحبها. ويقول الكتاب "
اْمرَأَةٌ ورَجُلٌ مُتَّفِقان " وهذه تعد من الأمور التى يُعد الرجل الحكيم سعيد بها،
حيث الثروة الحقيقية ويزاد والرخاء الكثير
"
2.

 

ثلاث تبغضها نفسى :

‌أ.            
الفَقيرُ المُتَكَبِّرُ:
الكبرياء
ممقوتة ولكنها ترفض بالأكثر من شخص لا يمتلك مبرراً لها، فإن اتضاع الخاطىء والفقير
هو فى الواقع ما يستدر عطف الله والناس عليه.

‌ب.          
الغَنِيُّ الكَذَّاب:
رُبما
يقصد به الذى ينكر ما وهبه الله له من خير، ويتهّرب من فعل الخير، إن صدقته وخيريته
هى التى ستضاعف ماله وتجعل خيره يزدهر، يقول معلمنا بولس الرسول " وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ
لَمْ تَأْخُذْ؟
" (كورنثوس الأولى 4 : 7)
والعجيب أن الغنى قد يخطىء بسبب غناه بينما قد يخطىء الفقير بسبب فقره غير أن خطية
الغنى الخاطىء هى كبريائه وعدم قناعته وعدم اتضاعه، فى حين أن خطية الفقير الخاطىء
قد تكون التذمر وعدم الشكر.

‌ج.           
الشَّيخُ الزَّاني:
إن
كانت الشريعة والنبوة والتقليد والتعليم تحذّر الشبان من الانحراف فكم بالأولى
الشيوخ؟ الذين تحنّكوا بالتجربة وتضخّم رصيدهم من خبرة الحياة " تَاجُ جَمَالٍ: شَيْبَةٌ تُوجَدُ فِي طَرِيقِ الْبِرِّ."
(أمثال 16 : 31). إن انحراف الشاب يستوجب
الشفقة والصلاة والتماس بعض العذر، فى حين أن انحراف الشيخ يستوجب السخط والازدراء،
إذ يتوخى الناس فى الشيخ جسداً هادئاً ونفساً مستنيرة وعقل راجح وحكمة متراكمة
" فَخْرُ الشُّبَّانِ قُوَّتُهُمْ وَبَهَاءُ
الشُّيُوخِ الشَّيْبُ.
" (أمثال 20 : 29).

 

الشيوخ

3 إِن لم
تَدَّخِرْ في شَبابِكَ فكَيفَ تَجِدُ في شَيخوخَتِكَ؟ 4 ما أَجمَلَ القَضاءَ
لِلشَّيب وحُسْنَ المَشورةِ لِلشُّيوخ! 5 ما أَجمَلَ الحِكمَةَ لِلشّيوخ والرَّأيَ
والمَشورةَ لأَرْبابِ المَجْد! 6 كَثرَةُ الخِبرَةِ إِكْليلُ الشُّيوخ ومَخافَةُ الرَّبِّ
فخرُهم.

 

بعد أن عدّ الشيخ
الزانى ضمن ثلاثة تبغضها نفسه، يعود ابن سيراخ هنا للإشارة إلى أهمية الشيوخ فى
الحياة الإجتماعية والروحية وفى القضاء، إن الخبرات المتراكمة لا يمكن أن تُقدر
بثمن… والشيوخ هم زهور المجتمع، ولكن الشيخ له مواصفات، فهو انسان استطاع أن
يحوّل جميع ما مر به من تجارب وخبرات ومواقف… وما سمعه وما رآه وما لاحظه على
مدار رحلة العمر الطويلة، إلى رصيد ضخم متجانس مستخلصاً منه العبر… وفى اختصار
يقدم النصيحة الغالية فى قليل الكلام… وليس الشيخ هو من طال عمره ومن شاب شعره ولكن
من يسند قوله بفضله، وكلماته بسلوكه.

هل تبحث عن  م الأباء يوحنا سابا 01

 

الشيخ هو الذى جاهد
كثيراً فى شبابه ففرح بثمار جهاده فى كبره… الشيخ هو من سهر وشقى فى زمن الحرث والبذر
والسقى فسعد وأسعد من حوله بثماره فى أوان الحصاد… الشيخ هو البيدر المبارك
الممتلىء بالخير… وهو المشروب الشهىّ المعتّق الذى يلذ للشارب أن ينهل منه.

 

و فى الحياة الرهبانية
يعّول كثيراً على الشيوخ بخصوص التدبير الروحى، وكل من يفكر فى الحياة الرهبانة يبحث
أولاًعن الشيخ الذى سيعمل كمرجع وعلامة على الطريق، فالشيخ هو حلقة الوصل بين جيل
وجيل، هنا تواصل الأجيال من خلال الشيوخ، وكما كان يجلس شيوخ المدينة فى ساحات
القضاء لإجراء الحكم وفحص القضايا واصدار الأحكام المناسبة، هكذا شيوخ الرهبنة كان
من وظائفهم فحص قضايا الدير وعرض رأيهم بخصوص ما يعرض قدامهم. إن فخر الشيوخ
مشيبهم (أمثال 20 : 29) وأمّا من يميل إلى التصابى
فهو ناقص الفهم وناقص الخبرة يعوزه النضج، وأغلب الظن أن مثل ذلك الشيخ هناك فترة
ما فى حياته لم يعيشها ويحاول استعادتها بشكل مسىء.

 

مقومات
الحياة السعيدة

7 تِسع
تَخطر بِبالي وأُغَبِّطُها في قَلْبي وعاشِرَةٌ يَنطُقُ بِها لِساني: رَجُلٌ
يَفرَحُ بِأَولادِه ويَرى في حَياتِه سُقوطَ أَعْدائِه 8 طوبى لِمَن يُساكِنُ
امرَأَةً عاقِلَة ومَن لم يَزِلَّ بِلِسانِه ومَن لم يَخدُمْ مَن لا يَستَأهِلُه! 9
طوبى لِمَن وَجَدَ الفِطنَةَ وُيخبِرُ بِها آذانًا صاغِيَة ! 10 ما أَعظَمَ مَن
وَجَدَ الحِكمَة! لكن ما مِن أَحَدٍ فَوقَ الَّذي يَتَّقي الرَّب. 11 مَخافَةُ
الرَّبَ فَوقَ كُلِّ شَيء والَّذي يَمتَلِكُها بِمَن يُشبّه؟

 

نشأت الأمثال العددية
من الألغاز وحلولها، ويرجع أول مثل عددى إلى القرن السابع عشر قبل الميلاد. وقد
استخدم عاموس النبى هذا الأسلوب فى تشبيهاته راجع (عاموس
1 : 2
) وذلك فى نبواته ضد الأمم الوثنية، وكذلك أيوب الصديق راجع (أيوب 5 : 19 – 22) وذلك قبل أن تتطور فى (أمثال 6 : 6 – 19، 30 : 15- 31) وقد كتب ابن سيراخ
الأمثال العددتية الآتية
(سيراخ 23 : 16، 17، 25 : 7 –
11
، 26 : 5، 6، 28، 50 : 25، 26).
قارن (سيراخ
25 : 1، 2).

 

و لم يذكر ابن سيراخ
هنا الأمثالة التسعة أو الفضائل التى يغبطها
3، وربما كانت أفكاراً صالحة، وأمّا العاشرة التى صرّح بها لسانه،
فهى الرجل الذى يلتّف أولاده حوله مثل غروس الزيتون الجدد والتى تلتّف حول الشجرة
من أسفل فى نضارة وخضرة تبعث على البهجة لناظرها. إن أعظم ثروة يمتلكها الرجل هى
الأولاد العقلاء، فى حين يجلب الإبن العاق العار على أبيه وأمه، ويصير لهما كمداً
وتعباً وسبباً فى تكدرّهم.

 

أمّا الأعداء الذين
سيفرح بسقوطهم فى حياته، فهم أولئك الذين يتسببون فى القلق والعثرة ويعدّ تحولهم
من هذه الخصال الرديئة إلى الإستقامة بمثابة سقوط العداوة نفسها إذ يصيروا أعضاءاً
نافعين فى المجتمع، وربما يشير ابن سيراخ هنا إلى أناس ضايقوه وعادوه كثيراً وهو
يود أن يعاين عدل الله بخصوصهم فى حياته، حتى يتأكد من العدل الإلهى، ويمكن اعتبار
الأعداء أيضاً : شهوات الإنسان وضعفاته وخطاياه " إِذَا
أَرْضَتِ الرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضاً يُسَالِمُونَهُ.
"
(أمثال 16 : 7) ونقرأ فى انجيل القديس مرقس أن
السيد المسيح وهو يجرب فى البرية من الشيطان " وَكَانَ
مَعَ الْوُحُوشِ.
"
(مرقس 1 :
13
) أى سالمته الوحوش حيث يمكننا النظر إلى الوحوش هنا على أنها الغرائز والشهوات،
وهى أعداء إذا سالمت الإنسان فلن تعمل ضدّه.

 

آية 8 :

يتحدث هنا عن ثلاثة
جوانب حياتية متفرقة ترتبط إحداهما بالآخرى : إمرأة عاقلة تهب لبيتها حياة مستقرة
هادئة، بعكس الحياة المضطربة التى تدفع إلى الخطية، لاسيّما خطايا اللسان، وأمّا
الثالثة فيقصد بها اضطرار الإنسان للبحث عن موضع آخر، أو أن يعمل الخير لا فى
مكانه الطبيعى وإنما فى مكان آخر، أو البحث عن امرأة أخرى، وقد يعنى أيضاً طرح
الدرر قدام الخنازير واعطاء القدس للكلاب.

 

آية 9 :

هنا محورى الحكمة،
الحصول عليها ثم استخدامها، مغبوط هو من يحصل عليها فهى أثمن من كل شىء… ففيها
الحياة والخلاص والسكن بقرب الله، وأما استخدامها فيجب أن يكون لمن يعرف قدرها (ولعله
يقصد هنا النصائح على وجه الخصوص) فهى كلمة تقال فى حينها، إذ أنه من شروط كلام
الحكمة أن يقال فى أوانه، ويقول الفلاسفة : لكل كلمة أذن تسمعها، فإن لم تكن أذنك
لكلماتى فى تتهمنى بالغموض !

 

آية 10، 11
:

حقاً وكما سبق القول
حالاً أنه مغبوط ومطوّب ذاك الذى عرف الطريق إلى الحكمة، ولكن إن لم تصل الحكمة
بالإنسان إلى مخافة الرب وعمل مرضاته، فهى حكمة باطلة، نفسانية شيطانية، لأن من
اقتنى مخافة الرب تجنّب الخطية وعرف طريق الخلاص والفضيلة.

 

النساء
فضلهن وشرهن

13 كُلُّ
جُرْحٍ ولا جُرْح القَلْب كلُّ خبثٍ ولا خُبثُ المرأَة! 14 كلّ مُصيبَةٍ ولا
المُصيبَةُ مِنَ المُبغِضين كلُّ اْنتِقام ولا اْنتِقامُ الأَعْداء! 15 لا سَمَّ
شرمِن سَم الحيَة ولا غضَبَ شر مِن غَضَبِ المَرأَة! 16 مُساكَنَةُ الأَسَدِ
والَتِّنِّين خَير عِنْدي مِن مُساكَنَةِ المرأَةِ الخبيثة. 17 خُبثُ المَرأَةِ
يُغَيّر مَنظَرَها ووَجهُها كالِحٌ كالدُّبّ. 18 زَوجُها يَجلِسُ بَينَ جيرانِه وعلى
كَرْهٍ مِنه يَتأوَّهُ بمَرارة. 19 كُلّ سوءٍ بِإِزاءِ سوءَ المَرَأَةِ خَفيف: لِتَقع
قُرعَةُ الخاطِئِ علَيها! 20 كما يَكونُ المُرتَقى الكَثيرُ الرَّمل لِقَدَمَيِ
الشَّيخ فكذلكَ تَكونُ المَرأةُ الثرثارةُ لِلرَّجُلِ الهادِئ. 21 لا تُؤخَذْ
بِجَمالِ اْمرَأَةٍ ولا تَشتَهِ اْمرَأَةً. 22 غَضَبٌ ووَقاحةٌ وفَضيحَةٌ عَظيمةٌ المَرأَةُ
الَّتي تُنفِقُ على زَوجِها. 23 المَرأَةُ الشَريرةُ ذِلَّةٌ لِلقَلْب وتَقْطيبٌ
لِلوَجهِ وجُرْح لِلفُؤاد يَدانِ هامِدَتانِ وُركْبتانِ مُتَراخِيَتان تِلكَ هي
المَرأَةُ الَّتي لا تُسعِدُ زَوجَها. 24 مِنَ المَرأِةِ نَشأتِ الخَطيئَة وبِسَبَبِها
نموتُ نَحنُ أَجمَعون. 25 لا تَجعَلْ لِلماءِ مَخرَجًا ولا لِلمَرأَةِ الشَريرةِ
حُرَيَّةَ الكَلام. 26 إِن لم تَسلُكْ بِحَسَبِ أَمرِكَ فاْفصِلْها عن جَسَدِكَ.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ل لهابيم 1

 

كانت المرأة ومازالت
ذلك المخلوق الذى يحيط به الكثير من الأسرار، فقد أضفت المرأة على آدم وبنيه من
بعده، الكثير من الفرح والمؤانسة ودسم العيش، وصارت معينة للرجل وسراجاً له فى
كثير من الأحوال، وقد تكلم عنها كُتاب الكتاب المقدس والشعراء والأدباء وتناولوا
جميع جوانب طبيعتها. ولكن الأسفار الحكمية بشكل خاص تناولت ذلك بشىء من التركيز،
لاسيما الإصحاح الحادى والثلاثون من أمثال سليمان.

 

كانت المرأة ومازالت
مصدر فرح ورخاء متى كانت تقيّة، أو مصدر كل تعاسة وشقاء وعار متى كانت شريرة، ففى
حواء الأولى سقطت البشرية كلها فى هوة الضياع، وفى مريم العذراء (حواء الجديدة)
استعادت البشرية مجدها وحريتها.

 

و المرأة لأنها ضعيفة
فإنها تميل أحياناً إلى الحيلة فتستطيع باستضعافها أن تحقق أغراضها كما تستطيع
أيضاً بنفس الضعف جرّ كثيرين إلى التهلكة، يشير إلى مثل ذلك سليمان الحكيم بتشبيهه
أسلوب المرأة بطريق نسر فى السماء وحية على الصخر وسفينة فى المياه، حيث أن كل
واحدة من هذه لا تترك أثراً خلفها (أمثال 30 : 19)
فمتى تحولت إلى عدو فإن جرحها مميت ومصائبها مدمرة وانتقامها مريع، وقد عرف
التاريخ آلاف القصص عن المرأة فى انتقامها وجبروتها، فقد تلجأ إلى الدسائس لا إلى
المواجهة، وتلجأ إلى الحيلة لا المطالبة، وهى قادرة بحكم طبيعتها على كيفية إذلال
الرجل وإيقاعه فى شباكها ومن ثم القضاء عليه بعد أن تكون قد تملكّت منه.

 

و لكن علينا ألا نسىء
إليهن أو نحرمهن من حقوقهن ونتسلط عليهن، وألا لخلقنا منهن بذلك شريرات يسعين فى
الشر دفاعاً عن أنفسهن، فقد اتضح أن انحراف الكثيرات منهن جاء نتيجة إساءة
معاملتهن أو خيانتهن.

 

و من جهة أخرى يجب أن
نحترس منهن ولا ننخدع بجمالهن ولا بلين كلامهن وأن نحتاط جيداً من شباكهن ففيها
يكمن الهلاك. هذا وقد أُستخدمت المرأة على ممر العصور كأداة فعالة فى إسقاط أخطر
الجواسيس وفى قتل أشر المجرمين وأعتاهم، حيث يضعف الإنسان غالباً أمام العاطفة
أكثر مما يضعف أمام القوة الجسدية أو الطعام أو إغراء المال.

 

هكذا يقدم إبن سيراخ فى
هذه الأعداد الثلاثة الأولى أربعة مخاطر للمرأة الشريرة أ – الخبث ب- الإنتقام ج-
الغضب د- السّم، هذا ويترجم الآية 15 فى
بعض الترجمات " رأس شرّ من رأس الحية " لأن الكلمتان رأس
وسمّ هما واحد فى العبرية (روش).

 

الآية 16 : فى هذه الآية يقارن ابن
سيراخ بين المرأة الخبيثة من جهة والأسد فى بطشه وقوته فى خطره المميت، ويرى أخطار
الوحوش والتنانين أخف وطأة من شر المرأة الخبيثة، راجع
(أمثال 21 : 9، 19) و(أمثال
25 : 24
) و(أمثال 27 : 15). فليس أجمل
من أن تتحلى المرأة بالوداعة واللطف، إذ يعهد إليها بتربية الأولاد ومن ثم فعليها
أن تتعهدهم بالرفق والحنان الخالص، فإن الأم فى الأسرة أشد تأثيراً على الأولاد من
الأب نفسه لأنها ستقضى معهم الوقت الأطول، فإذا ما كانت شريرة فقد يتهدد بذلك
الكيان الأخلاقى للأولاد.

 

الآية 17 :

كل إناء بما فيه ينضح و" اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ
يُخْرِجُ الصَّلاَحَ وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ
يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ.
"
(لوقا 6 : 4) و(متى
12 : 35
) والشخصيات الروحية ترتسم على وجوهها إمارات النعمة، وهكذا يعكس
الوجه وملامحه الحالة الداخلية للإنسان.

 

الآية 18 :

و هى تجلب العار على
زوجها فتعتصر المرارة قلبه، وقد تدور الأحاديث بينه وبين أصدقائه أو ضيوفه عن
الزوجة والأولاد وما شابه ذلك، فلا يجد سوى التأوّه، لما يعانيه من مرارة بسببيها
فهو يخجل أن يتحدث عنها ولا يستطيع بالتالى أن يفاخر بها.

 

الآية 19 :

كل شر وكل ضرر إزاء
المرأة الشريرة، أمره هين ويسهل علاجه إذ هو محدود الخطر، فمن الخطورة أن يقع نصيب
الرجل القديس معها، فتجلب له مرارة النفس والأوفق أن تقع قرعتها مع شخص شرير !!.

 

الآية 20 :

القاسم المشترك فى شقى
المثل هنا فى هذه الآية، هو الصعوبة البالغة التى يعانيها الإنسان، سواء فى صعود
كومة من الرمل فيتعثر فى مشيته ويتصبب عرقاً ويتأخر فى وصوله، أو فى مساكنة المرأة
الثرثارة التى تملأ حياته بالتشويش وتفقده هدوء النفس وسلامها.

 

الآية 21 :

لاشك أن الجمال هبة من
الله. والله أبرع جمالاً من بنى البشر، كل خلائقه جميلة منسقة بديعة، ولكن المرأة
التى تحسب مجرد جمالها الجسدى هو رأس مالها، فإنها فى الغالب تكون سطحية تركز فقط
على الحسيات، وفى حين يذبل الجمالالجسدانى مع الوقت تتبقى الخصال الثابتة فيها من
طباع وسلوك، وعلى الشاب المتقدم للزواج ألا يضع الجمال الجسدى فى الفتاة على رأس
قائمة وشروطه، وإنما يبحث عما يسند هذا الجمال من فضائل كالإتضاع والقدرة على تحمل
المسئولية "
إِصرِفْ نَظَرَكَ عنِ المَرأَةِ الجَميلة ولا
تَتَفرّسْ في الحَسْناءِ الغَريبة. فإِنَّ حُسنَ المَرأَةِ أَغْوى كَثيرًا مِنَ
النَّاس وبِه يَشتَعِلُ الحُبّ كالنَّار. (سيراخ 9 : 8)
".

هل تبحث عن  هوت طقسى طقوس العهد القديم الذبائح 00

 

و لكن ابن سيراخ أيضاً
يمتدح المرأة التى تجمع بين الجمال الجسدانى والفضائل "
المَرأَةُ
المُحتَشِمَةُ نِعمَةٌ على نِعمَة والنَّفسُ العَفيفةُ لا قيمَةَ تُوازِنُها.
الشَّمسُ تُشرِقُ في عُلى الرَّبّ وجَمالُ المَرأَةِ الصَّالِحَةِ في بَيتها
المُرَتَّب. (سيراخ 26 : 15، 16)
".

 

الآية 22 :

الصفات المذكورة هنا
منسوبة إلى الرجل الذى يسمح لنفسه أن تنفق عليه المرأة، ففى هذا مخالفة للناموس
الطبيعى الذى جعل للرجل العقل والتدبير وتحمل المسئولية والعمل للإنفاق على الأسرة،
فى حين تحدد دور المرأة فى تربية الأولاد والإهتمام بزوجها وأولادها وكل منهما
يكمل الآخر بدوره، فإن قامت هى بالإنفاق على زوجها والأولاد فهى تنتزع بذلك حق
إدارة البيت وتتسلط على زوجها، وهذا قبيح بها وبه معاً. إن أعظم ما فى الرجل
رجولته وتعقله المقرون بالحكمة، وأداءه لدوره كرأس للأسرة.

 

و يذكر التقليد اليهودى
أن يشوع بن جمالا تزوج بمليونيرة " مارتا بنت يوداس " والتى
وُهبت له من الملك أغريباس الثانى، ولكن يشوع هذا إستفاد من أموالها حيث أسس نظام
التعليم الإجبارى للأطفال من سن ست سنوات فما فوق، ولكن بشكل عام فإن ابن سيراخ وكذلك
الحاخامات يدينان مثل هذه الزيجات، ويشدد ابن سيراخ وكذلك الحاخامات يدينان مثل
هذه الزيجات، ويشدد ابن سيراخ والحاخامات على ما يسمى (يديدم) أى " النسب
النبيل "
4 "المَرأَةُ الصَّالِحَةُ نَصيبٌ
صالِح يُمنَحُ لِمَن يَتَّقي الرَّبّ.(سيراخ 26 : 3)
".

 

آية 23 :

و متى صارت المرأة
متسلطة شريرة فإنها تصيب زوجها بالكثير من المتاعب، والأعراض المذكورة هنا هى ما
قد يصيب الزوج المسكين البائس من جراء زوجة بهذه الأوصاف، ولذلك يصدق القول أنه
خلف كل رجل عظيم إمرأة، والعكس بالعكس أيضاً.

 

آية 24 :

هنا إشارة إلى سقطة
البشرية بسبب خطية حواء والتى جلبت الموت على الجنس البشرى (تكوين 3 : 1 – 6) وقد أشار إلى ذلك معلمنا بولس
الرسول فى (كورنثوس الأولى 11 : 3) و(تيموثاوس الأولى 2 : 14) و(رومية
5 : 12
) ويلاحظ أن ابن سيراخ هنا والذى يحيا فى القرن الثانى قبل الميلاد،
يشير إلى أن الموت مازال يعمل فى البشرية " نموتُ
"، فلم يكن الخلاص قد تم بعد، حيث بإنسان واحد وهو آدم الجديد (آدم الثانى)
عاشت البشرية ونجت من الموت.

 

يقول القديس
أغسطينوس
: " الإنسان مولود من جسد يميل إلى
الخطية والموت منذ آدم الأول ومن ناحية أخرى مولود ثانية فى المعمودية المرتبطة
بالخير والحياة الأبدية التى لآدم الثانى كما يقول سيراخ. والآن سواء قيل
من المرأة أو من آدم فالإثنين يرجعان إلى الإنسان الأول والإنسان جسد واحد

"
5.

 

آية 25 :

يذكر سليمان الحكيم أن
إبتداء الخصومة هو إطلاق الماء، ومنها جاء المثل الشائع (رش الماء عداوة) ويبدو أن
أصل المثل هو قذف الماء فى وجه آخر أو جسده بقصد الدعابة، ومن هنا تنشأ المشاجرات
" اِبْتِدَاءُ الْخِصَامِ إِطْلاَقُ الْمَاءِ
فَقَبْلَ أَنْ تَدْفُقَ الْمُخَاصَمَةُ اتْرُكْهَا.
" (أمثال 17 : 14)
وهكذا يسير ابن سيراخ
فى نفس الإتجاه ويشير بعدم إعطاء الفرصة للمرأة بالكلام لئلا تكون هذه الفرصة
بداية الخصومات والشتائم، ولعل ابن سيراخ هنا يقصد عدم تعوّد المرأة على المبادرة
فى الحديث وامتلاك زمام المناقشات، وهو ما ينتج عادة عن الثرثرة وتناول ما لا يجب
الخوض فيه من أحاديث.

 

آية 26 :

الطلاق سمح به فى شريعة
موسى (تثنية 24 : 1 – 3)
متى
استحالت الحياة معاً، ولأنهما قد أصبحا جسداً واحداً بالزواج
(تكوين 2 : 24) و(أفسس 5
: 31
) فمن هنا يأتى معنى الكلام : القطع من الجسد، راجع أيضاً (متى 19 : 3 – 9)
.

 

و يرد فى قوانين الرسل
تعليقاً على هذه الآية :
" الزوجة هى
شريكة الحياة المتحدة بالله فى جسد واحد بدلاً من إثنين. لكن الذى يقسم هذا ثانية
إلى إثنين قد جعلهم الله واحد فهو عدو لخليقة الله وعدو لعنايته الإلهية. وبنفس
الإسلوب من يحتفظ بمن هى فاسدة (علة الزنى) فهو منتهك لشريعة الطبيعة حيث أنه إن
لم تسلك بحسب أمرك فافصلها عن جسدك لأنها ليست مساعدة وليست مختومة فى جسدك

"
6.



1 Nicene & P.N, V.13
, P
. 532.

2 Ibid, V.11
, P.
296

3 يمكننا
أن نميز الأمثال التى ذكرها فى هذه الفقرة من السفر على النحو التالى : 1 – رجل
يفرح بأولاده. 2 – سقوط أعدائه. 3 – زوجة عاقلة. 4 – حفظ اللسان. 5 – عدم
الأستعباد. 6- الفطنة. 7- التعليم بها. 8- الحكمة. 9- التقوى. 10- مخافة الرب والتى
يعتبرها فوق كل شىء (آية 11).

4 الحياة الإجتماعية لليهود فى
زمن ابن سيراخ / ص 98.

5 Nicene & P.N, V.S , P.23

6 Anti Nicene. F, V.7 , P.456.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي