الإصحَاحُ السَّابعُ وَالثَّلاَثُونَ

 

الصديق
المشير الحكيم

1 كُلُّ صَديقٍ يَقول: ((أَنا أَيضا صَديقُكَ)) لكِن رُبَّ صَديقٍ
إِنَّما هو صَديقٌ بِالاْسم. 2 أَلا يُورِثُ الغَمَّ حتَّى المَوت كُلُّ صاحِبٍ
أَو صَديقٍ يَتَحوَلُ إِلى عَدُوّ؟ 3 أيُّها المَيلُ الفاسِد مِن أَينَ خُرِطتَ فغَطَّيتَ
اليابِسَةَ مَكرا؟ 4 صاحِبُ الصَّديقِ يَفرَحُ في سرَائِه وفي ضَرَّائِه يُعاديه. 5
الصَّاحِبُ يُشارِكُ صَديقَه في الأَلَم لأَجلِ بَطنِه ويُحمِلُ التُّرسُ في
الحرب. 6 لا تَنْسَ صَديقَكَ في قَلبِكَ ولا تَتَغاضَ عنه في ثَروَتكَ.

 

اختيار
الصديق :

الصديق الحقيقى يظهر فى
أوان الشدة والضيق ولا يكفى أن يقول عن نفسه أنه " صديق صدوق " فلربما
يصادقك شخص ما لأجل منفعة أو مال، ويؤثر منفعته على مصالحك أنت، هذا النوع من
الصداقة هو وبال على الإنسان، فحين يثق الصاحب بصاحبه ثم يتضح له بعد ذلك أنه ليس
أهلاً لتلك الثقة وحينئذ يتسبب ذلك له فى الصدمة والغم والضيق، وبحسب شدة الثقة والصراحة
تكون شدة الصداقة عند الخيانة، فقد يفشى أسراراً خطيرة فيتسبب ذلك فى جلب المتاعب.
إن الصديق الذى يؤذى صديقه ولا يخشى عليه ولا يهتم بمصالحه لهًوَ فى الواقع عَدُوّ وليس صديق.

 

و يورد ابن سيراخ المواصفات
التى يجب أن يتحلى بها الشخص الذى هو أهلاً لأن تصادقه، راجع
(سيراخ
6 : 7 – 13 تعليقنا على الصداقة).

 

آية 3 :

ثم يلقى باللوم على
الميل الفاسد داخل الإنسان وهو الذى يدفعه أيضاً إلى الشر، سواء على نفسه أو على
الآخرين. وقد ترك الله الإنسان حراً، وفى الإنسان ميل طبيعى إلى البر والقداسة، وقد
عالج سيراخ هذه الفكرة فى
(سيراخ 15 : 14 – 20) والشرير يسىء
إلى الطبيعة نفسها وليس إلى نفسه فقط " إِذْ
أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ – لَيْسَ طَوْعاً بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي
أَخْضَعَهَا – عَلَى الرَّجَاءِ.
" (رومية
8 : 20
).

 

خُرِطتَ:

هنا بمعنى جُبلت =
صُنعت = صوُرت، ويرد أيضاً فى سفر التكوين قول الرب لآدم "مَلْعُونَةٌ الارْضُ بِسَبَبِكَ. " (تكوين 3 : 17) فتأثرت اليابسة (الأرض) بسبب شره
(مكره).

 

و ترد هذة الآية فى
النص العبرى " أيها الدافع الشرير لماذا خلقت " وفى النسخة اليونانية
" أيها الخيال الخبيث من أين خلقت "
1 ويشير النص اليونانى فى (17 : 6) إلى خلق المشورة (راجع 15 : 14)
فالمشورة واللسان والعينان والأذنان والقلب أعطاهم ليتفكروا.

 

آية 4، 5 :

هنا مقارنة لطيفة بين
نوعين من الأصدقاء يظهران فى وقت الاختبار، فالواحد يلازم صاحبه فى أفراحه مستمتعاً
بماله ولذاته وشهرته ثم ما يلبث أن يتجاهله عند تجربته وآلامه أو فقره " لأجل
بطنه يلازمه ثم يلبث أن يحمل السيف " ولهذا تأثر داود بيوناثان وأحبه كثيراً
كصديق مخلص، وقد عَرضّ يوناثان نفسه للخطر لأجل منفعة داود صديقه. والنصيحة الهامة
التى يقدمها ابن سيراخ هنا بخصوص موقف الصديق من صديقه راجع
(سيراخ
22 : 23 – 26).

 

ثم يختتم هذه الفقرة فى
(آية 6) مشيراً على الصديق أن لا يتخلى عن
صديقه مطلقاً، وأن يقاسمه ثروته (فى ترجمة أخرى الثروة التى يحصل عليها).

 

المشيرون

7 كُلُّ
مُشيرٍ يُشيدُ بِمَشورَته لكِن رُبَّ مُشيرٍ يُشيرُ لِمَصلَحَتِه. 8 الحَذَرَ
لِنَفسِكَ مِنَ المُشير واستَخبِرْ أَوَّلاً عن حاجَتِه  فإنَّه يُشيرُ بِما
يَنفَعُه  لِئَلاًّ يُلقِيَ القُرعَةَ عليَكَ 9 ويَقولَ لَكَ: ((سَبيلُكَ حَسَن))
ثمَّ يَقِفَ تُجاهَكَ يَنظر ماذا يَحِلُّ بِكَ. 10 لا تَستَشِرْ مَن يَنظر إِلَيكَ
مِن أَسفَل واْكتُمْ ما تَنْويه عَمَّن يَحسُدونَكَ. 11 لا تَستَشِرِ المَرأَةَ في
مُنافِسَتِها ولا الجَبانَ في الحَرْب ولا التَّاجِرَ في التِّجارة ولا
المُشتَرِيَ في البَيع ولا الحاسِدَ في عِرْفانِ الجَميل ولا الجافَيَ في الرَقَة
ولا الكَسْلانَ في شيَءً مِنَ الشُّغْل ولا الأَجيرَ المَوسِمِيَّ في إِنْجازِ
الشُّغْل ولا العَبدَ البَطَّالَ في كَثرَةِ العَمَل فلا تَعتَمِدْ على هؤُلاءَ
لِشَيءً مِنَ المَشورة. 12 لكِن لازِم الرَّجُلَ التَّقِيَّ مِمَّن علِمتَهَ
يَحفَظُ الوَصايا ونَفْسُه كنَفْسِكَ وإِذا سَقَطتَ يَتَوَجَّعُ لَكَ. 13
وتَمَسَّكْ بمَشورَةِ قَلبِكَ فإنَّه لَيسَ لَكَ آمَنُ مِنه 14 لأًنَّ نَفْسَ
الرَّجُلِ كَثيرا ما تُخبِر أَكثَرَ مِن سَبعَةِ رُقَباء يَرقُبونَ مِن مَوضِعٍ
عالٍ. 15 وفَوقَ كُلِّ ذلك تَضَرَّعْ إِلى العَلِيّ لِيَهدِيَكَ بِالحَقِّ إِلى
الطَّريقِ المُستَقيم.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ر رحوبوت النهر ر

 

علينا ألا نثق ثقة
مطلقة فى المشيرين، فقد يكون بعضهم مغرضاً يبغى مصلحته هو من المشورة والإرشاد
الذى يقوم به، والأمر يحتاج إلى الأفراز الذى تكلّم عنه فى الأعداد السابقة، وعلى
الإنسان أن يصلى إلى الله طالباً منه المشورة، ولا يعتمد كلية على الناس، فإنه من
البشر من هو منافق ومنهم من هو كاذب ومنهم من يظهر حكيماً وهو ساذج ومنهم من يدعى
الحكمة !! وإلقاء القُرعَةَ هنا يقصد به
إضمار الشر بحيث تقع المضرة على الصديق.

 

و البعض الآخر من الأصدقاء
لا يقصد المضرّة ولكنه يجعل من صديقه حقل تجارب، يرى ماذا عساه أن يفعل وماذا عساه
أن يحدث. وفى (الآية 10) ينصح بالتأنى وعدم
التسرع فى العمل بنصيحة الصديق لاسيما إذا لم يكن واثقاً فى حكمته ونيته، وعدم
استشارة من يحسده أو يحتقره (ينظر إليه من أسفل) بل ليحرص على عدم الإفصاح عما
ينويه خوفاً على مصالحه.

 

آية 11 – 15
:

الحكمة تستدعى عدم
استشارة الزوجة أو المرأة عموماً فى ضرتها (منافستها / الزوجة الثانية) لأن رأيها
فيها معروف مسبقاً، فهى لن تتعاطف معها بل ترميها بالتهم وبكل نقيصة، وكذلك
استشارة جبان فى أمر الحرب فإنه سيُضعف قلبك ويثّبط عزيمتك إذ لا قدرة له على
المواجهة. أما التاجر فهو ذلك الشخص الذى يريد أن تؤول الصفقة إليه وبالتالى فلن
يمتدح لمنافسة فيها ولا يعنيه فى الحصول عليها، وكذلك المشترى فكلاهما مغرض ولن
يكون محايداً عادلاً فى نصيحته.

 

و الحاسد لا تستشيره فى
أمر شخص أحسن إليك وكيف تجازيه، فهو لا يعرف عرفان الجميل ولا يمارسه وسوف يثنيك
عن عمل هذا الخير، ويقلل من شأن الخير الذى صنعه معك ذلك الصديق الخيّر، إن هذا ما
يحدث مع هامان الشرير عندما استشاره الملك أحشويرش فى أمر مردخاى وكيف يكافئه على
الخير الذى صنعه به، فحقد هامان على مردخاى وحول قلب الملك من جهته. ولكن الرب ردّ
شره على رأسه.

 

و كذلك لا تستشر الفظ
المتعجرف (الجافى) فيما يتعلق بالرقة وإلا حمّلك على أن تكون عنيفاً تخسر الآخرين
وتفقدهم، ولا تستشر الكسول المتوانى فى كيفية إتمام العمل أو الحصول على نصيحة
تقوّى العزيمة وتساعد فى الأجتهاد ولا الأجير بالتالى لأنه لا يبالى سوى بالحصول
على أجره دون الأهتمام بالعمل نفسه، وأكثر منهما الذى يرفض العمل ولا يحبه ولا
يسعى فيه، فإنه يرى فى العمل خدمة للقادر لا يستحقها وعبودية للغنى لا داعى لها.
إن المشورة يجب أن تؤخذ من شخص يتوافر فيه شرطان :

1.                   
أن يكون محلّ ثقة.

2.                   
أن يكون له خبرة طويلة فى مجال الأسترشاد (أى
المجال الذى يطلب فيه المشورة).

 

و يمكننا أن نحصل على
قرار فى أمر ما، من خلال ثلاثة معايير :

1.                
الصلاة بتسليم إلى الله مع إلحاح صادق فى معرفة
مشيئته (آية 15).

2.                
دراسة الموضوع جيداً بطريقة شمولية محايدة وبكثير
من الصدق مع النفس (آية 13، 14).

هل تبحث عن  كتب أبوكريفا عهد قديم المكابيين الرابع 05

3.                
استشارة من نثق بهم ولهم خبرة فى ذلك المجال (آية 12).

 

يتحدث ابن سيراخ هنا عن
خبرة شخصية حيث سافر كثيراً وتغرب وقضى شطراً من حياته خارج فلسطين لاسيما فى مصر
مما أضاف إلى شخصيته زخماً وثراءاً.

 

" قَلْبُ الإِنْسَانِ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ
يَهْدِي خَطْوَتَهُ.
" (أمثال 16 : 9)

 

المشورة
الصادقة

16 الكَلامُ
بَدءُ كُلِّ مَسْعًى والتَّفكيرُ قَبلَ كُلِّ عَمَل. 17 القَلبُ أَصلُ الأَفْكار
ومِنه تَصدُرُ أَربَعةُ فُروع: 18 الخيرُ والشر، والحَياة والمَوت والمُتَسَلِّطُ
على هذه في كُلِّ حين هو اللِّسان. 19 مِنَ النَّاسِ مَن هو ماهِرٌ في تأديبِ
الكَثيرين لكِنَّه لا يَنفَعُ نَفْسَه شَيئًا 20 ومِنهُم مَن يَدَّعي الحِكمَةَ في
كَلامِه وهو مَكْروه فمِثلُ هذا يُحرَمُ كُلَّ قوت. 21 لأَنَّه لم يُؤتَ الحُظوَةَ
مِن عِندِ الرَّبّ إذ لَيسَ مِنَ الحِكمَةِ على شَيء. 22 إِنَّه حَكيمٌ في
عَيْنَيه في ثماُر عَقلِه مَوثوقٌ بِها بِحَسَبِ قَوله. 23 الرَّجُلُ الحَكيمُ
يُعَلِّمُ شَعبه وثاُر عَقلهِ موثوقٌ بِها. 24 الرَّجُلُ الحَكيمُ مُمتَلِئ
بَرَكَة وجَميعُ الَّذينَ يَرَونَه يُغَبِّطونَه. 25 حَياةُ الرَّجُلِ أيَّامٌ
مَعْدودة أَمَّا أيَّامُ إِسْرائيلَ فلا عَدَدَ لَها. 26 الحَكيمُ يَرِثُ
الثِّقَةَ في وَسْطِ شَعبِه واْسمُه يَحْيا للأَبَد.

 

التفكير يسبق العمل والتعبير
عن الفكر فى الحديث يقرر مصير الإنسان، فإذا كان التفكير جيداً متأنياً مقرون
بالصلاة وطلب مشورة الله، جاء العمل متقبناً ناجحاً، وأما التعبير عن أفكار القلب
ففيه حياة الإنسان وموته " بكلامك تتبرر وبكلامك تدان " فمن اللسان تخرج
الحياة والموت. إن حياة الإنسان وموته فى كلامه، إلى هذا الحد يجب على الإنسان
التأنى واختيار ما يقوله " اَلْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ
فِي يَدِ اللِّسَانِ وَأَحِبَّاؤُهُ يَأْكُلُونَ ثَمَرَهُ.
" (أمثال 18 : 21).

 

يقول القديس
اغسطينوس
تعليقاً على
الآية 16 " الكَلامُ بَدءُ كُلِّ مَسْعًى " : " أن مجرد الفكر فى القلب فإن ذلك بحد ذاته خطيئة، حتى ولو لم
يصنع الإنسان خطيئة بأعضاء جسده، فالفكر يعتبر " حديثاً ذاتياً "
للإنسان مع قلبه، وهكذا لا يتحدث الإنسان بالفم غير أنه يخطىء بالفكر
"
2.

 

آية 19 – 22
:

أية منفعة للحكمة ما لم
تُفد صاحبها، وهل يمكن أن تؤخذ الحكمة من فم الجاهل؟ وهل يحسب حكيماً ذاك الذى يتحدث
عن الحكمة دون العمل بها والسلوك فيها؟ فإن كان السامع بسيط القلب فقد يحول الله
الأمور لخيره، ولكن أيضاً ما فائدة أن يفيد الإنسان الآخرين ويؤدبهم ويحكمهم بل ويسعى
فى خلاص نفوسهم، بينما يهلك هو " فَأَنْتَ إِذاً
الَّذِي تُعَلِّمُ غَيْرَكَ أَلَسْتَ تُعَلِّمُ نَفْسَكَ؟
" (رومية 2 : 21)… " بَلْ
أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ
أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضاً.
" (كورنثوس
الأولى 9 : 27
) والخطورة أن يظن الإنسان أنه مكتفٍ فلا يتعلم من الآخرين ولا
يطلب منفعة لنفسه ويأبى على الآخرين أن يرشدوه فيظل واقفاً فى موقفه والكل يتقدم.

 

إنه العناد والجهل مما
يدّعى الحكمة ويهلك بهذا الظن الخاطىء.

 

يقول القديس
أغسطينوس
: " مهما تكن عظمة الأسلوب فإن حياة
المتكلم سوف تؤثر فى السامع، الرجل الذى يتحدث بحكمة وفصاحة بينما يعيش فى شر، هو
بالفعل يعلم كثيرين متشوقين للتعليم لكن وكما هو مكتوب "
لا يَنفَعُ نَفْسَه شَيئًا
" ويقول الرسول أيضاً
"سَوَاءٌ كَانَ
بِعِلَّةٍ أَمْ بِحَقٍّ يُنَادَى بِالْمَسِيحِ
" (فيليبى 1 : 18) الآن
المسيح هو الحق والحق يمكن أن يعلم به بواسطة إنسان مخادع
"
3.

 

آية 23، 24
:

أما الحكيم الحقيقى فهو
موضع ثقة وقد عرفه واختبره أبناء جيله، وهم يعرفونه جيداً، فسلوكه يسند أقواله وهو
ممتلىء بركة فصار بركة لجيله، وبالرغم من أن أيامه قد تكون قليلة إلاّ أن ذكره
يدوم فى إسرائيل وتتناقل الأجيال مآثره، فإن الكلمة تُخلد أكثر من الشخص، ويقولون
فى الأمثال المصرية (السيرة أطول من العمر) راجع
(سيراخ
44 : 10 – 15).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ش شـمشـاي ي

 

فى هذه الفقرة يورد ابن
سيراخ أربعة صفات للرجل الحكيم :

أ – أشرار

1.                               
من يقود الناس بحكمته بينما يهلك هو بتهاونه

2.                               
من يتحدث ببراعة ولكنه فاقد للحكمة

ب – أخيار

3.                               
من تعكس كلماته حكمته الداخلية

4.                               
الحكيم الذى تسند حياته أقواله

 

و يقول الفلاسفة أن
الناس من حيث الحكمة هم على أربعة أنواع :

جاهل ويجهل أنه جاهل (ويسمى
جهل مركب)

جاهل ويعرف أنه جاهل (ويسمى
جهل بسيط)

حكيم ويعرف أنه حكيم

حكيم ويجهل أنه حكيم

" يُبَيَنُ
التَّأديبَ الَّذي أَخَذَه ويَفتَخِرُ بِشَريعَةِ عَهدِ الرَّبَ. كَثيرونَ يُثنونَ
على فَهمِه فهو لا يُمْحى لِلأبد.ذِكرُه لا يَزولُ واْسمُه يَحْيا مِن جيلٍّ إلى
جيل. أُمَمٌ تُحَدَثُ بِحِكمَتِه والجَماعةُ تُشيدُ بِحَمدِه. إن طالَ عُمرُه
خلَفَ اْسمًا أَكثَرَ مِن أَلْف وإِن دَخَلَ إِلى الرَّاحةِ اْكتَفى بِذلكَ. (سيراخ
39 : 8 – 11)
".

 

النسك

27 يا
بُنَيَّ، امتَحِن نَفْسَكَ في حَياتِكَ وانظُرْ ماذا يَضرّها وامنَعْها عَنه. 28
فإِنَّه لَيسَ كُلُّ شَيءً يَنفَعُ كُلَّ أَحَد ولا كُلّ نَفْسٍ تَرْضى بِكُلِّ
شيَء. 29 لا تَشر إِلى كُلِّ لَذَّة ولا َتنصَبَّ على الأَطعِمَة. 30 فإِنَّ
كَثرَةَ أكَلِ تَجلُبُ المَرَض والشَّرَهَ يَبلغٌ إِلى المَغْص. 31 كَثيرونَ ماتوا
مِنَ الشَّرَه أَمَّا القَنوعُ فيُطيلُ حَياتَه.

 

على الإنسان ألا يتبع
شهوته بل يسعى فيما يفيده وما يكفيه فقط، عليه ألا ينسى وهو بين الأطعمة، أنه قد
يُضار عندما يُفرط فى الطعام، فليست كل الأطعمة مفيدة، وليست الفائدة فى الكثرة وما
يناسب إنسان قد لا يناسب الآخر، إن المسألة تحتاج إلى ضبط وعفة نفس وأن يمسك
الأنسان شهوته ويده عمّا يزيد عن الحاجة، هكذا أيضاً فى الروحيات ينبغى ألا نرتئى
فوق ما ينبغى وإنما إلى التعقل، كذلك فى المعارف أيضاً فلكل شىء وقت وسن مناسب ولكل
مقام مقال " كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي لَكِنْ
لاَ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ.
" (كورنثوس
الأولى 6 : 12، 10 : 23
).

 

و يليق بالإنسان الروحى
أن يزهد فى لذة الأطعمة، إلا ما يناسب فقط وبالقدر المناسب أيضاً، ليس بسبب أن
كثرة الأطعمة تصيب بالتخمة والأمراض كما سبق أن شرح لنا ابن سيراخ فى :
(سيراخ
31 : 19 – 22) و
لكن أيضاً عليه أن يتعلم الصوم وأن هناك أوقاتاً يجب أن
يضبطوا فيها شهوة الطعام وعند الطعام كيف يتعلم النسك وكثيراً ما أدى الشره إلى
هلاك الشخص، وأما الصوم المتعقل فلم يؤذ أحداً.

 

و يقول الآباء :
" الطريق الوسطى خلصت كثيرين " حيث أن
الجنوح سواء جهة اليمين أو اليسار يمثل خطورة كبيرة، حيث يجب أن يحتفظ الإنسان
" بهامش " فىحياته تحسباً لأى طارىء… كثيرين تشددوا دون تعقل أو إرشاد
فاصطادهم الشيطان مثل " صغار السمك " ! وقد كان القديس برصنوفيوس من
أكثر الآباء موضوعية واتزاناً فى أقواله وتعاليمه وتدابيره الروحية، فما يناسب
شخصاً قد لا يناسب الآخر وما قد يناسب فى وقت ما قد لا يناسب فى وقت آخر وهكذا.



1 History of New Testament and an Introduction to Apocrypha.

2 Nicene & P.N, V.3, P.381.

3 Nicene & P.N, V.2, P.595

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي