الإصحَاحُ السَّابعُ والأَرْبَعُونَ

 

ناثان وداود
– سليمان – رحبعام ويربعام

1 وبعدَه
قامَ ناثان وتنبأ أيَّامِ داوُد. 2 كما يُفصَلُ الشَّحمُ مِنَ الذَّبيحَةِ
السَّلامِيَّة هكذا افردَ داُودُ مِن بين بَني إسْرائيل. 3 لاعَبَ الأسودَ
مُلاعَبَته الجِداء والأَدْبابَ كأنّها حُمْلانُ الضأن. 4 أَلَم يَقتُلِ الجبَارَ
وهو شابّ ولم يَرفع العارَ عن شَعبِه حينَ رَفعَ يَدَه بِحَجَرِ المِقْلاع وخَفَضَ
صَلَفَ جُلْيات؟ 5 لأَنَّه دَعا الرَّبَّ العَلِىَّ فأَعْطى يَمينَه قُوَّةً لِيَقتُلَ
رَجُلاً شَديدَ القِتال وُيعنِيَ شأنَ شَعبِه. 6 فأَعطَوه مَجدَ قاتِلِ رِبْوات ومَدَحوه
بِبَرَكاتِ الرَّبِّ مقَدِّمينَ لَه تاجَ المَجْد. 7 فإِنّه حَطَّمَ الأَعْداءَ
مِن كُلِّ جِهَة وأَفْنى الفَلِسطينيِّينَ المُقاوِمينَ لَه وحَطَّمَ قوتَهم إلى
يَومِنا هذا. 8 في جَميعِ أعْمالِه حَمَدَ القُدُّوسَ العَلِيّ بِكَلامِ مَجْد. وبِكُلَ
قَلبه أنشَدَ وأحَبَّ الَّذي صَنَعَه. 9 أَقامَ المُرَتًّلينَ أَمامَ المَذبَح لِيُرسِلوا
أَلْحانَهمُ العَذْبة. 10 جَعَلَ لِلأعْيادِ رَوْنَقًا وللحَفَلاتِ بَهاءً تامًّا لِيُسبحِ
أسمُ الرَّبِّ القُدُّوس وُيدَويَ المَقدِسُ مُنذُ الصَّباح. 11 الرَّبُّ غَفر
خَطاياه وأَعْلى شأنَه للأبدِ وأعْطاه عَهدًا مَلَكِيًّا وعَرشَ مَجدٍ في
إِسْرائيل.

 

(آية 1) ناثان
:

هو النبى الذى عاش فى
أيام داود وسليمان مستشاراً لهما وكاتباً يؤرخ حياتهما (أخبار
أول 29 : 29
)، (أخبار الثانى 29 : 29)
وقد جاء ناثان إلى داود يبكته على خطيّته مع إمرأة أوريّا الحثي (صموئيل الثانى 12 : 1 – 15) وكذلك أبلغه تدبير الله
فى بناء الهيكل فى أيام ابنه سليمان (صموئيل الثانى 7)
ويبدو أن ابن سيراخ يحبه بشكل خاص فهو أيضاً أسهم فى استمرار النبوة فيما بين
صموئيل وإليشع.

 

داود النبي
والملك :

تغنى اليهود كثيراً
بداود وأحبوه محبة يصعب وصفها بالقلم، ومازالوا يُنسبون إليه مثل نسبهم إلى
إبراهيم وموسى، بل لقد صار علم إسرائيل اليوم هو نجمة داود بشكلها السداسى
الشهير.

 

آية 2 :

كان الشَّحمُ يُعتبر أثمن ما فى الذبيحة، وكان يُفرز
ليقدم لنار المذبح، هكذا اختير داود كأفضل ما فى إسرائيل ليقدّم للرب (لاويين 4 : 8) فاختير ملكاً لإسرائيل رغم أنه أصغر
أبناء يسيّ (صموئيل أول 16 : 1 – 13).

 

آية 3 :

و قد أعطاه الله قوة وشجاعة
وإقدام

ظهرت فى الكثير من المواقف، كان راعياً والراعى يدفع الخطر عن خرافه وعندما هاجم
القطيع ذات مرة أسد وأخرى دُبّ قام بقوة وقتلهما، وهو روى ذلك بنفسه
(صموئيل أول 17 : 34 – 37).

 

آية 4 – 6 :

ثم تطورّت قوته وشهرته
بين بنى إسرائيل عندما أخذته غيرة ربّْ الجنود ولم يقبل إهانة جليات لشعب الله،
فقام وقتله (صموئيل أول 17) وكان ما يزال شاباً
حديث السن

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد جديد سفر رؤيا يوحنا اللاهوتى 08

 (صموئيل أول 18 : 17) حيث مَدَحْنه المرنمات قائلات " ضَرَبَ شَاوُلُ أُلُوفَهُ وَدَاوُدُ رَبَوَاتِهِ "
(صموئيل أول 21 : 11).

 

آية 7 :

هذه إشارة إلى الحروب
الكثيرة والتى خاضها ضد الأمم، والإنتصارات الباهرة التى أحرزها ضدهم
(صموئيل الثانى 5 : 7 ؛ 8 : 2 – 14) ولاسيما ضد
الفلسطينيين (صموئيل الثانى 5 : 17 – 25، 8 : 1).

 

آية 8 – 10
:

كان داود محارباً شجاعاً
وقائداً ناجحاً ولكنه مع ذلك ومما يعجب هو أنه مصلى ومسبح ومرنم من الطراز الأول،
والبعض يظنون أن هناك تعارضاً ما بين حياة التأمل وحياة الخدمة والعمل، ولكن
الخادم الحقيقى والراهب الحقيقى هو من يُقرن العمل بالتأمل والصلاة، بالتعب الجسدى،
فها هو داود النبى يقدّم أفضل مثال على الجمع بين الأمرين فى نجاح منقطع النظير
(صموئيل الثانى 23 : 1).

 

و من ثم فقد قام بتنظيم
خدمة الرب فى أورشليم، وترتيب المرنمين والموسيقيين صباحاً ومساءاً حتى صار نظاماً
راسخاً أخذ أفضل صورة واستقراراً فى أيام سليمان ابنه حتى وصل عدد المرنمين إلى
عدة آلاف (أخبار أول 16 : 4 – 7، 8 – 36) كما
نظّم الإحتفالات الدينية وطقوسها وجعلها مناسبات مفرحة (أخبار
أول 23 : 30، 31
).

 

آية 11 :

هنا إشارة إلى خطية
داود وكيف غفر له الله، وذلك بسبب انسحاقه وإعترافه بخطيئته أمام ناثان النبى
(صموئيل الثانى 12 : 13 ؛ 24 : 10) وهكذا نعرف أن كل
إنسان – مهما كانت درجته – فهو معرض للخطأ، والخطورة لا تكمن فى عدم التوبة، هذا وقد
وعد الله داود باستمرار ملكه وثبت له هذا العهد (صموئيل
الثانى 7 : 12 – 16
)، (مكابيين أول 2 : 57).

 

سليمان
الحكيم

12 بَعدَه قامَ اْبنٌ عالِمٌ عاشَ بِفَضلِه سَعيدًا. 13 مَلَكَ
سُلَيمانُ الَملامَ سَلام وأراحَه اللهُ مِن كُلِّ جِهَة لِكَيِ يُشَيِّدَ بَيتًا
لِاْسمِه وُيهَيء مَقدِسًا أبدِيًّاً 14 ما أَعظَمَ حِكمَتَكَ في شَبابِكَ وفِطنَتَكَ
الَّتي امتَلأتَ بِها مِثلَ النَّهْر! 15 رُوحُكَ غطَّى الأَرض فمَلَأتها مِن
لُغْزِ الأَمثال. 16 بَلغَ اْسمُكَ إِلى الجُزُرِ البَعيدة وأَحبَكَ النَّاسُ
لأَجلِ سَلامِكَ. 17 أعجِبَتِ الآفاقُ بما لَكَ مِنَ الأَناشيدِ والأَمْثالِ والحِكَمِ
والتَّفاسير. 18 بِاَسمَ الرَّبِّ الإلهِ الَّذي يُدْعى إِلهَ إِسْرائيل جَمَعتَ
الذَّهَبَ كالقِصْدير وكَدَّستَ الفِضَّةَ كالرَّصاص. 19 أَسلَمتَ فَخِذَيكَ إلى
النِّساء فاستُعبِدتَ في جَسَدِكَ. 20 جَعَلتَ عَيبًا في مَجدِكَ ونَجَّستَ
نَسلَكَ فجَلَبتَ الغَضَبَ على أَبنائِكَ والعَذابَ بِسَبَبِ غَباوَتكَ: 21
حَتَّىِ قُسِمَ السّلطانُ إلى قِسمَين ونَشأ مِن أَفْراثيمَ مُلْكٌ مُتَمَرَد. 22
لكِنَّ الرَّبَّ لا يَتَخلَى عن رَحمَتِه ولا يَمْحو قَولاً مِن أَقواله لا
يُدَمّر أَولادَ مُختاره ولا يُهلِكُ ذُرَّّيةَ مُحِبه فأَبْقى لِيَعْقوبَ
بَقِيَّةً ولداوُدَ أَصلاً مِنه

هل تبحث عن  مسابقات الكتاب المقدس الجمال في الكتاب المقدس س

 

من هو
سليمان :

اسمه الأصلى يديديا
وهو عبرى معناه "المحبوب لدى يهوه" (صموئيل
الثانى 12 : 25
) وهو ابن داود، ملكّه أبوه وهو لا يزال حياً، وقد وهبه الله
الحكمة مع المال، وقد أعانه الله فى نشر السلام بين ربوع مملكته وإقامة الهيكل
كذلك (ملوك أول 5 : 4، 5) ويُعدّ الهيكل أشهر
وأعظم مبنى فى تاريخ إسرائيل لدرجة أنهم كانوا يبكون فى اليوم الذى خُرِّب فيه على
يد جنود نبوخذ نصر.

 

و كان عهده عهد رفاهية
ازدهر فيه الإقتصاد (آية 18)
لدرجة قيل
معها : إن الذهب والفضة كانا كرمل البحر وكالحصى (ملوك
أول 40 : 22، 23، 26 – 28 ؛ 10 : 11، 27
).

 

آية 14 – 17
:

يتحدث هنا عن حكمة
سليمان التى وهبها الله له، وكيف طبقت الآفاق (رُوحُكَ
= روح الحكمة) ولما سمع بها الملوك والولاة الذين حوله جاءوا يسمعونه وليقيموا معه
العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية، ليس القريبين منه فحسب وإنما البعيدين أيضاً
فيما وراء البحار مثل ملكة سبأ
(ملوك أول 4
: 31، 34
) وقد ترك سليمان تراثاً هائلاً من الأمثال والقصص والأحاجى والترانيم
(ملوك الثانى 10 : 1 – 11).

 

آية 19، 20
:

هنا إشارة واضحة إلى
سقطة سليمان، عندما أسلم نفسه للنساء فأملن قلبه إلى الآلهة الغريبة
(ملوك أول 11 : 1 – 13) مما حذّر الله منه سابقاً (خروج 34 : 6) ؛ (تثنية
7 : 3، 4
) وقد عانى سليمان كثيراً من تبعات ذلك، ليس هو فحسب وانما نسله
أيضاً، إن العاطفة هى أكثر ما يمكن الإنهزام له، بالقوة الجسدية والغنى والعقل
الراجح يمكن تفادي السقوط، ولكن الشهوة الرديئة تستطيع أن تذّل أعاظم الرجال، من
هنا يستطيع رجال المخابرات إسقاط أعتي الجواسيس من خلال النساء والعاطفة، وفى
إتجاه آخر كان المضطهدون يحاولون إغراء المقبلين على الإستشهاد بالنساء، بل ومحاولة
الضغط عليهم لكي يفقدوهم عفتهم وحينئذ يستحيل على أى منهم الإقدام على الموت لأجل
المسيح إذ يصبح مثل من شلت حركته، وليحذر كل إنسان مهما كبر سنه وعلت قامته
الروحية، يقول أحد القديسين " لا يخدعنك بالجسد قائلاً إننا قد تحنّكْنَا
بالتجربة !! ".

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر الملوك الأول 05

 

آية 21، 22
:

و يرى ابن سيراخ أن
سقطة سليمان هى السبب فى انقسام المملكة إلى شطرين
(ملوك أول 12) ولكن الله لأجل عهده مع داود ولأجل
الكلام الذى تكلّم به معه لأجل نسله، أبقى له بقية وترك سراجاً دائماً (إشعياء 4 : 3) وربما أشار (آية 22)
إلى الرجاء المسيّانى ولو
من بعيد.

 

هكذا نلاحظ أن الحكمة
ليست " كورساً
Course " يحصل عليه الإنسان فيصبح حكيماً على الدوام، ولكنها علاقة
مستمرة مع الله، وطلب المشورة من خلال الصلاة فى المخدع، فإذا ما تخلّي الإنسان عن
ذلك وانزلق فى دروب مختلفة من الشرّ.

 

رحبعام ويربعام

23 واْستَراح سُلَيمانُ مع آبائِه وخلَفَ بَعدَه واحِدًا مِن
نَسلِه أكثر واحِدٍ جُنونًا في الشَّعْبِ ولا فِطنَةَ لَهْ رَحَبعامَ الَّذي
حَمَلَ بِمَشورَته الشَّعبَ على التَّمَرُّد. 24 أَمَّا يارُبْعامُ بنُ ناباط فهو
الَّذي حَمَلَ إسْرائيلَ على الخَطيئة ومَنَّ لأفْرائيمَ طَريقَ الخطيئة. فكَثُرَت
خَطاياهم جِدًّا حتَّى أَجلَتْهم عن أَرضِهم 25 وسَعَوا وَراء كُلِّ شرّ حَتَّى
حلَّ بِهِمِ العِقاب.

 

و مات سليمان (ملوك أول 12) وانقسمت المملكة بسبب عدم حكمة رحبعام
الذي انقاد إلى مشورة الأحداث، إذ أغلظ القول لنواب الشعب (ملوك أول 11 : 43 – 12 : 17) ولم يسمع لمشورة الشيوخ
الحكماء (ملوك أول 12 : 8، 13) لقد كان بإمكان
الحكمة أن تخلص شعباً من الهلاك ولكنها لم تجد من يطلبها ومن يتبعها بعد موت
سليمان والذى كانت فى أيامه الأخيرة قد بدأت تهجره.

 

و تبع يربعام بن نباط
عشرة أسباط فى الشمال " ويشار لها ب أفْرائيمَ
" بينما
تبقى مع رحبعام سبطين فقط
(ملوك أول 12
: 26 – 33
) وقد ضلَتَ مملكة إسرائيل وعبدت الأصنام حتي صار اسم يربعام
مرتبطاً دائماً بعبادة الأصنام، والتعبير الكتابى الشائع هو " يارُبْعامُ بنُ ناباط فهو
الَّذي حَمَلَ إسْرائيلَ على الخَطيئة
" راجع
(ملوك أول 13 : 33، 34 ؛ 17 : 21 – 23).

 

و قد جاء عليهم
الإنتقام لذلك، راجع (ملوك الثانى 17 : 6 – 8، 21 –
23
).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي