الإصحَاحُ الثَّامِنُ والأرْبَعُونَ

 

إيليا.
إليشع. حزقيا. إشعياء

1 وقامَ إيليَّا النَّبِيُّ كالنَّار وتَوقَّدَ كَلامُه كالمِشعَل.
2 وهو الَّذي جَلَبَ علَيهمَ الجوع وبِغَيَرته جَعَلَهم نَفرَا قَليلاً. 3
بِكَلامِ الرَّبِّ أَغلَقَ السَّماء وأَنزَلَ نارًا ثلاثَ مرَات. 4 ما أَعظَمَ
مَجدَكَ يا إيليَّا بِعَجائِبِكَ! ومَن لَه فَخر كفَخرِكَ؟ 5 أَنتَ الَّذي أَقَمتَ
مَيتًا مِنَ المَوت ومِن مَثْوى الأَمْواتِ بِكَلامِ العَلِيّ 6 وأَهبَطتَ
المُلوكَ إِلى الهَلاك والعُظَماء مِن أَسِرَّتِهم 7 وسَمِعتَ في سيناءَ عِتابًا وفي
حوريبَ أَحْكامَ اْنتِقام 8 ومَسَحتَ مُلوكًا لِلمُجازاة وأنبِياءَ خُلفاءَ لَكَ 9
وخُطِفتَ في عاصِفَةٍ مِن نار في مَركَبةِ خَيلٍ نارِية 10 واَكتُتِبتَ في
إنْذاراتٍ للأيَّام الآتِيَة لِتُسَكِّنَ الغَضَبَ قَبلَ اْنفِجارِهَ وتردَّ قَلبَ
الأبِ إلى الاْبن وتُصلِحَ أَسْباطَ يَعْقوب. 11 طوبى لمَن عايَنَكَ ولمن رَقَدَ
في المَحبَة فإنَّنا نحنُ أيضًا نَحْيا حَياةً.

 

مايزال ابن سيراخ يتابع
خط الحكمة الذى يربط التاريخ والأشخاص من خلال النعم التى منّ يها الله على خليقته.

 

إيليا القوى
فى الأنبياء : الراهب الخادم :

كان كل من إيليا ويوحنا
المعمدان نبيّان يلتهبان كالنار فى حزمهما وقوتهما فى
مواجهة الملوك الأشرار
المخالفين مثل آخاب وهيرودس، ولم يكن من السهل على إنسان لأن يقف هكذا شجاعاً أمام
طاغيتين مثل هذين الملكين
(ملوك أول 17 : 1 ؛
18 : 2
) ولعلّ قوته ترجع إلى محبته للحق أكثر من مجد العالم، وفى هذا
الإطار قيل عن يوحنا المعمدان " هو الرجل الذى آثر أن يكون بلا رأس عن أن
يكون بلا ضمير !! ".

 

آية 2 – 4 :

الإشارة هنا إلى
المجاعة التى حدثت فى أيامه
(ملوك أول
17 : 1 ؛ 18 : 1، 19 : 10 : 14
) إذ امتنع المطر بقوله : أَغلَقَ السَّماء، وكان ذلك عقاباً لآخاب ثم عاد
فصلى إلى الرب فهبط وانتهت المجاعة (ملوك أول 18 : 36
إلخ
) لقد كان قوياً فى توبيخه كما كانت له دالة لدى الرب " إلاّ
عند قولي
" وهو يعرف أن الله سيسمح له، كما كان إيليا أداة تأديب من الله
لآخاب وأتباعه، حيث أنزل ناراً ثلاث مرات أيضاً لمجد الرب، مرتان منهم هلك دفعتين
من الجنود قوامهما مائة جندى من جنود آخاب مع قائديهما (ملوك
الثانى 1 : 10 – 14
) وأما المرة الثالثة فهى النار التى نزلت من السماء
فأكلت الذبيحة، حيث وقف إيليا يشهد للرب ويبرهن على الإله الحقيقي (ملوك أول 18 : 30 – 40).

 

آية 5 :

أقام إيليا إبن أرملة
صرفة صيدا من الموت بعد أن وضعته أمه فى العلّية، ويقال أنه هو يونان النبى "
حسب التقاليد اليهودية " وكان إيليا هو رجل الله بالنسبة لتلك الأرملة وبالتالى
فقد لجأت إليه علّه بدالته قدام الله يقيم لها وحيدها، وقد فعل إيليا ذلك، حين فتح
خزائن الله وأخذ منها حياة لهذا الفتي، إنه لا يستحيل على الرب شىء
(ملوك أول 17 : 17 – 24).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر المزامير 40

 

آية 6 :

هذه إشارة إلى موت
أخزيا بحسب نبوة إيليا، فإنه عندما مرض أرسل يستشير بعل زبوب إله عقرون علّه يُشفى،
فوبخه إيليا على التجائه إلى الأوثان قائلاً " إن السرير الذى صعدت عليه لا
تنزل عنه بل موتاً تموت "
(ملوك الثانى
1 : 2 – 17
). وهكذا استخدمه الله فى المكافأة بوهبه الحياة والقضاء بالموت،
وفى هذه الآية أيضاً إشارة إلى نبوات إيليا عن يوم الدينونة (ملوك أول 21 : 21 – 24)، (ملوك
الثانى 1 : 4
) ؛ (أخبار ثاني 21 : 12 – 18).

 

آية 7، 8 :

أُرسل إيليا من قبل
الله ليمسح ملوكاً لسوريا وإسرائيل، وسار بعد أكلة واحدة أربعين يوماً وأربعين
ليلة حتى وصل إلى حوريب وبات فى مغارة فيها، هناك أوصاه الله بمسح حزائيل ملكاً
على أرام وياهو بن نمشي على إسرائيل واليشع بن شافاط عوضاً عنه
(ملوك أول 19 : 8 – 18)، (ملوك
ثاني 2 : 1 – 11
). أمّا عن العتاب الذى لاقاه هناك فى سيناء فربما كان ذلك
إشارة إلى ما ورد فى الرؤيا المذكورة فى (ملوك أول 19
: 9 – 11
) عندما ظهر الله له وسأله مالك ههنا يا إيليا.

 

آية 9 :

الحديث هنا عن صعود
إيليا فى العاصفة فى مركبة خيل نارية
(ملوك الثانى 2 : 11)، (مكابيين
أول 2 : 58
) وقد أشير إلى إيليا النبى كثيراً فى الكتاب المقدس وحتى بعد
صعوده، بأنه سيجىء قبل يوم الرب العظيم الذى تتم فيه الدينونة (ملاخى 4 : 5، 6) "هَئَنَذَا
أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ
الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ
وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ
بِلَعْنٍ.
".

 

آية 10 :

فى النهاية أمينة وصلاة،
فهو يغبط من رأي إيليا من يحيا سيرته ويتمثّل به، فنحن أيضاً نحيا نفس الحياة ويمكننا
أن نسلك مثله وننال أجرته.

 

إليشع
النبى

12 لَمَّا تَوارى إيليَّا في العاصِفَة اِمتَلأَ اليشاعُ مِن روحِه
وفي أَيامِه لم يُزَعزِعْه ذو سُلْطان ولم يَستَولِ علَيه أَحَد. 13 لم يَفُقْه
أَمرٌ وحَتَّى في رُقادِ المَوتِ جَسَدُه تَنبأ. 14 صَنعً في حَياتِه الخَوارِق وفي
مَوته كانَت أَعمالُه عَجيبة.

 

بعد صعود إيليا صار
إليشع خليفة له، كما أُشير سابقاً فى (ملوك الثانى 2
: 9 – 15
) ولم ترهبه القوة الأرضية بل أخذ نصيب اثنين من روح معلمه (ملوك الثانى 2 : 9) وصار شجاعاً قوياً مثله، حيث وقف
قدام يهورام ملك إسرائيل (ملوك الثانى 3 : 13، 14)
وكذلك ملك سوريا (ملوك الثانى 6 : 15 – 16، 18)
وملك آخر لإسرائيل (ملوك الثاني 6 : 33، 7 : 1).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب بيت حورون 1

 

ثم يشير ابن سيراخ إلى
مجموعة من القصص الرائعة والمثيرة عن اليشع
(ملوك الثانى 2 : 8) وكما صنع فى حياته الكثير من
المعجزات وكذلك فى موته أيضاً صنع أعجوبة إذ أقام رجل من الموت بلمسه لعظام إليشع (ملوك الثاني 13 : 20، 21). هكذا كان عظيماً خبيراً
حكيماً مثل معلمه، وأكمل الرسالة التى جعلها الله عليه من خلال إيليا أبيه.

 

فاصل
تاريخى

15 ومع هذه كلّها لم يَتُبِ الشَّعْب ولم يُقلِعوا عنِ خَطاياهم إلى
أَن طُرِدوا مِن أرضِهم وَتشتَتوا في الأَرضِ كُلِّها. 16 ولم يَبقَ إِلاَّ شَعبٌ
قَليل ورَئيسٌ لِبَيتِ داوُد. بَعضُهم صَنَعوا ما يُرْضي الرَّبّ وبَعضُهم
أَكثَروا مِنَ الخَطايا.

 

يعود ابن سيراخ هنا إلى
الفترة التى زاغ فيها الشعب عن الحق وتركوا الله فأهملوا الوصايا وأكثروا من
الشرور وإتباع الآلهة الغريبة وتعلموا من الأمم المحيطة شرورهم ونجاساتهم فعاقبهم
الله بالسبى وأتى عليهم بشرور كثيرة علهم يرجعون عن ضلالهم فيصفح عنهم ويبدأ عهداً
جديداً مثل الذى قطعه مع آبائهم يوم أخرجهم من أرض مصر.

 

و فى هذا يشير إلى سقوط
المملكة الشمالية (إسرائيل) راجع (ملوك الثاني 18 : 11،
12
) فى حين استمرت المملكة الجنوبية أطول ولذلك طبقاً لعهد الله مع داود
النبى
(سيراخ 47 : 11، 12) وهو ما عناه ب شَعبٌ
قَليل

أى سبطين
ورَئيسٌ لِبَيتِ داوُد.

 

حزقيا الملك

17 حِزقِيَّا حَصَّنَ مَدينَتَه وأدخَلَ إِلَيها الماء حَفَرَ
الصَّخرَ بِالحَديدِ وبَنى آبارًا. 18 في أيامِه صَعِدَ سَنْحاريبُ وبَعَثَ
رَبْشاقا ورَفع يَدَه على صِهْيون وتَبَجَّحَ بِكِبرِيائِه. 19 حينَئِذٍ ارتَجَفَت
قلوبُهم وأَيديهم وتَمَخَّضوا كاللَّواتي يَلدْنَ 20 فدَعَوُا الرَّبَّ الرَّحيمَ
باسِطينَ إليه أَيدِيَهم فالقُدُّوسُ مِنَ السَّماء اْستَجابَهم سَريعًا وأَنقَذَهم
عن يَدِ أَشَعْيا. 21 ضَرَبَ مُخيّمَ أَشُّورَ ومَلاكُه أَبادَهم.

 

يعتبر حزقيا من الملوك
المحبوبين لدى اليهود نظراً للإصلاحات التى قام بها والتجديدات، فقد كان رجل
مشروعات ورجل فكر وابتكار، حيث حصّن بلاده ضد الأشوريين الغزاة (ملوك الثاني 35 : 5، 6) وخوفاً من أن يقطع الغزاة
الأشوريين الغزاة (أخبار الثانى 35 : 5، 6) وخوفاً
من أن يقطع الغزاة الأشوريين المياه عن أورشليم مما يعرضها للضعف والاستسلام. قام
بمشروع مائى عظيم جلب به الماء من نهر جيحون إلى داخل أورشليم حيث يصب فى بركة
سلوام، هذا وما تزال بقايا المشروع موجودة حتى اليوم فعندما أراد بيلاطس البنطى
تطوير مصادر المياه وتحسينها فى اليهودية، اعتمد على مشروع حزقيا العظيم
1 (ملوك الثانى 20 : 20) حيث قام
رجاله بحفر حوالى 1،749 قدم من الصخر ليجلبوا المياه إلى الداخل، كما قاموا بعمل
تمويهات عديدة حتى لا يكتشف العدو الأمر فيدمّرها.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر التكوين خادم المسيح ح

 

و قد قام الأشوريين
بتهديد أورشليم عدة مرات من خلال رَبْشاقا
قائد جند سنحاريب (ملوك الثاني 18 : 13 – 19 : 36)
ولكن الله خلصهم على يد إشعياء النبى (إشعياء 36 : 1
– 37 : 37
) حيث أهلك ملاك الله مائة وخمس وثمانون ألفاً منهم فى ليلة واحدة،
وبذلك تبددّوا وتركوا أورشليم. وهكذا يدخل الملوك أيضاً ضمن زمرة رجال الله
القديسون، ماداموا يعلمون مشيئته ويسوسون الشعب بالحكمة والشريعة.

 

إشعياء
النبى

22 فإِنَّ حِزقِيَّا صَنَعَ ما هو مَرضِيّ أَمامَ الرَّبّ وثَبَتَ
في طرقِ داوُدَ أَبيه الَّتي أَوصاه بِها أَشَعْيا النَّبِيّ العَظيمُ الصَّادِقُ
في رُؤياه. 23 في أيَّامِه رَجَعَتِ الشَّمسُ إلى الوَراء. فأَطالَ عُمر المَلِك. 24
في إِلهام عظيم رأى آخِرَ الأَزمِنَة وعزَى الًمَحْزونينَ في صِهْيون كشَفَ عَمَّا
سَيَكون على مَدى الدُّهور وعنِ الخَفايا قَبلَ حُدوثها.

 

و هو الذى خلص الله بني
إسرائيل من الأشوريين على يديه، وكان له دوراً كبيراً فى تقوية عزائم الشعب وعزيمة
حزقيا الملك، وتثبيته فى طريق ومنهج داود أبيه (
ثَبَتَ استخدمت هنا
جناس تام مع اسم حزقيا
يهوه يثّبت).

 

و لعل أشهر ما يميز إشعياء
النبى وسفره هو الرؤيا الشهيرة له (إشعياء 6)
وكذلك العلامة التى أعطاها للملك فعاش خمسة عشر عاماً إضافية، والعلامة هى رجوع
الشمس (ملوك الثانى 20 : 4 – 11) ؛ (إشعياء 38 : 4 – 8) كما وعده بأن الله سيدافع عن
أورشليم ضد الأشوريين (ملوك الثانى 20 : 6).

 

كما تنبأ إشعياء بالسبى
البابلى

(ملوك الثانى 20 : 16 – 18) ؛ (إشعياء 39 : 5 – 7) ولكنه طمأن الشعب بأن الله سوف
ينهى السبى ويردهم إلى وطنهم (إشعياء 40 : 1، 2 ؛ 42
: 9
) وكيف سيعاد المقدس إلى مجده (إشعياء 16 :
1 – 7
).

 

هذا وينظر لاهوت العهد
الجديد إلى إشعياء النبى بإعتباره النبى الإنجيلى إذ يحوى سفره أكثر نبوات العهد
القديم عن ميلاد المسيح وصلبه وقيامته.



1 راجع كتاب بيلاطس البنطى /
للمؤلف
.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي