الإصحَاحُ
الرَّابعُ عَشَرَ

 

يشتمل هذا الإصحاح على:

1- يعقوب ينال رحمة من الرب (عد 1- 2)

2- القسم الأول من نشيد الهجاء على ملك بابل (عد 3- 11)

3- القسم الثاني من نشيد الهجاء على ملك بابل (عد 12 – 20)

4- هلاك بابل وتحطيم أشور وعقاب فلسطين (عد 21- 32)

 

أولا : يعقوب ينال رحمة من الرب (عد 1- 2)

1لأَنَّ الرَّبَّ سَيَرْحَمُ يَعْقُوبَ وَيَخْتَارُ أَيْضاً
إِسْرَائِيلَ وَيُرِيحُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ فَتَقْتَرِنُ بِهِمِ الْغُرَبَاءُ
وَيَنْضَمُّونَ إِلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ. 2وَيَأْخُذُهُمْ شُعُوبٌ وَيَأْتُونَ
بِهِمْ إِلَى مَوْضِعِهِمْ وَيَمْتَلِكُهُمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ فِي أَرْضِ
الرَّبِّ عَبِيداً وَإِمَاءً وَيَسْبُونَ
الَّذِينَ
سَبُوهُمْ وَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى ظَالِمِيهِمْ

 

(عد 1): 1لأَنَّ الرَّبَّ سَيَرْحَمُ يَعْقُوبَ وَيَخْتَارُ أَيْضاً
إِسْرَائِيلَ وَيُرِيحُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ فَتَقْتَرِنُ بِهِمِ الْغُرَبَاءُ
وَيَنْضَمُّونَ إِلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ.

بعد
أن يذل شعب الله في السبي يعودون بالتوبة إلى الرب الذي يرحمهم ويريحهم في أرضهم
ويجدد اختيارهم ويعيدهم إلى أرضهم وتقترن بهم الغرباء الذين ينضمون إلى ديانتهم
هؤلاء هم الدخلاء من الأمم الذين أصبحوا داخل حظيرة نسل إبراهيم (اس 8: 17) وبذلك
انفتحت اليهودية على الأمم الوثنية وجذبت منهم كثيرين كانوا باكورة دخول الأمم في
الإيمان بالمسيح (إقرأ أعمال 2: 10 , 13: 43 , حيث يذكر " يهود ودخلاء ")

 

(عد 2): 2وَيَأْخُذُهُمْ شُعُوبٌ وَيَأْتُونَ بِهِمْ إِلَى مَوْضِعِهِمْ

ستقوم
الأمم الوثنية التي عاش شعب الله بينهم في السبي بإعادتهم إلى أرضهم , لا بالعنف
والقوة بل برضاهم واختيارهم.

وَيَمْتَلِكُهُمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ فِي أَرْضِ الرَّبِّ عَبِيداً
وَإِمَاءً

و في
عودتهم إلى بلادهم رغب البعض أن يرافقوهم وصاروا يعملون كعبيد واماء

وَيَسْبُونَ الَّذِينَ سَبُوهُمْ
وَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى ظَالِمِيهِمْ

قد تم ذلك حرفيا ومعنويا :

– أما
حرفيا فقد قام اليهود أثناء عودتهم بشراء بعض سبايا أمتلكهم الماديون والفارسيون
بعد الإنتصارهم عليهم كما أن كورش الملك سخر البابليين في بناء الهيكل


وأما معنويا فإن السبي هنا يمكن أن يعني السبي الفكري إذ تمكنت الجاليات اليهودية
في بلاد مختلفة من نشر الفكر اليهودي بين شعوب كثيرة ولا سيما فيما بين النهرين..

وعلى
الجانب الأخر : نرى تحقيق هذه النبوة في المسيح الذي سبى سبيا (أف 4: 8) إذ أنه
أنتصر على إبليس وجنوده وسباهم بعد أن كانوا قد سبوا البشر جميعا وجعلوهم في
قبضتهم.

 

ثانيا : القسم الأول من نشيد الهجاء على ملك بابل

(عد 3- 11)

3 وَيَكُونُ فِي يَوْمٍ يُرِيحُكَ الرَّبُّ مِنْ تَعَبِكَ وَمِنِ
انْزِعَاجِكَ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ الَّتِي اسْتُعْبِدْتَ بِهَا
4أَنَّكَ تَنْطِقُ بِهَذَا الْهَجْوِ عَلَى مَلِكِ بَابِلَ وَتَقُولُ: «كَيْفَ
بَادَ الظَّالِمُ بَادَتِ الْمُغَطْرِسَةُ؟ 5قَدْ كَسَّرَ الرَّبُّ عَصَا
الأَشْرَارِ قَضِيبَ الْمُتَسَلِّطِينَ. 6الضَّارِبُ الشُّعُوبَ بِسَخَطٍ ضَرْبَةً
بِلاَ فُتُورٍ. الْمُتَسَلِّطُ بِغَضَبٍ عَلَى الأُمَمِ بِاضْطِهَادٍ بِلاَ
إِمْسَاكٍ. 7اِسْتَرَاحَتِ اطْمَأَنَّتْ كُلُّ الأَرْضِ. هَتَفُوا تَرَنُّماً.
8حَتَّى السَّرْوُ يَفْرَحُ عَلَيْكَ وَأَرْزُ لُبْنَانَ قَائِلاً: مُنْذُ
اضْطَجَعْتَ لَمْ يَصْعد عَلَيْنَا قَاطِعٌ. 9اَلْهَاوِيَةُ مِنْ أَسْفَلُ
مُهْتَزَّةٌ لَكَ لاِسْتِقْبَالِ قُدُومِكَ مُنْهِضَةٌ لَكَ الأَخِيلَةَ جَمِيعَ
عُظَمَاءِ الأَرْضِ. أَقَامَتْ كُلَّ مُلُوكِ الأُمَمِ عَنْ كَرَاسِيِّهِمْ.
10كُلُّهُمْ يُجِيبُونَ وَيَقُولُونَ لَكَ: أَأَنْتَ أَيْضاً قَدْ ضَعُفْتَ
نَظِيرَنَا وَصِرْتَ مِثْلَنَا؟ 11أُهْبِطَ إِلَى الْهَاوِيَةِ فَخْرُكَ رَنَّةُ
أَعْوَادِكَ. تَحْتَكَ تُفْرَشُ الرِّمَّةُ وَغِطَاؤُكَ الدُّودُ

 

(عد 3): 3وَيَكُونُ فِي يَوْمٍ يُرِيحُكَ الرَّبُّ مِنْ تَعَبِكَ وَمِنِ
انْزِعَاجِكَ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ الَّتِي اسْتُعْبِدْتَ

يعطيهم
الرب راحة من المعاناة والتعب من الانزعاج والخوف ومن العبودية ومرارتها.

 

(عد 4): 4أَنَّكَ تَنْطِقُ بِهَذَا الْهَجْوِ عَلَى مَلِكِ بَابِلَ وَتَقُولُ

بعد
أن يستردوا أرضهم ينطقون بهذا النشيد في هجاء ملك بابل بمناسبة سقوطة وفي هذا
النشيد تختلط مشاعر الفرح بالشماتة والسخرية

«كَيْفَ بَادَ الظَّالِمُ بَادَتِ الْمُغَطْرِسَةُ؟

يبدأ
نشيد الهجاء بصورة رثاء في قالب تساؤل " كيف باد الظالم وبادت ثورته
الجامحة"

 

(عد 5): 5قَدْ كَسَّرَ الرَّبُّ عَصَا الأَشْرَارِ قَضِيبَ الْمُتَسَلِّطِينَ.

هنا
إجابة على التساؤل السابق..لقد سقط الظالم وسقطت قوته وغطرسته بقوة الرب الذي كسر
سلاحه وحطة قوته.

 

(عد 6): 6الضَّارِبُ الشُّعُوبَ بِسَخَطٍ ضَرْبَةً بِلاَ فُتُورٍ.
الْمُتَسَلِّطُ بِغَضَبٍ عَلَى الأُمَمِ بِاضْطِهَادٍ بِلاَ إِمْسَاكٍ

تعددت
مظالم ملك بابل فقد ضرب شعوبا بغضب ضربات متواصلة.. وتسلط بقسوة على الأمم مضطهدا
إياهم بلا توقف.

 

(عد 7): 7اِسْتَرَاحَتِ اطْمَأَنَّتْ كُلُّ الأَرْضِ. هَتَفُوا تَرَنُّماً.

تستريح
الأرض وتطمئن وتستنشق أنفاس الراحة وتترنم الشعوب بفرح لسقوط ذلك الطاغية الشرير.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ن نذر ر

(عد 8): 8حَتَّى السَّرْوُ يَفْرَحُ عَلَيْكَ وَأَرْزُ لُبْنَانَ قَائِلاً:
مُنْذُ اضْطَجَعْتَ لَمْ يَصْعد عَلَيْنَا قَاطِعٌ.

يشير
السرو والأرز إلى ملوك ورؤساء الشعوب الذين ينالون راحتهم بسقوط ملك بابل الذي كان
يعتدي عليهم ويهددهم ويقلق راحتهم.

 

(عد 9 – 11): 9اَلْهَاوِيَةُ مِنْ أَسْفَلُ مُهْتَزَّةٌ لَكَ لاِسْتِقْبَالِ
قُدُومِكَ مُنْهِضَةٌ لَكَ الأَخِيلَةَ جَمِيعَ عُظَمَاءِ الأَرْضِ. أَقَامَتْ
كُلَّ مُلُوكِ الأُمَمِ عَنْ كَرَاسِيِّهِمْ. 10كُلُّهُمْ يُجِيبُونَ وَيَقُولُونَ
لَكَ: أَأَنْتَ أَيْضاً قَدْ ضَعُفْتَ نَظِيرَنَا وَصِرْتَ مِثْلَنَا؟ 11أُهْبِطَ
إِلَى الْهَاوِيَةِ فَخْرُكَ رَنَّةُ أَعْوَادِكَ. تَحْتَكَ تُفْرَشُ الرِّمَّةُ
وَغِطَاؤُكَ الدُّودُ

بأسلوب
شاعري ينزل بنا النشيد من قمم لبنان حيث السرو والأرز إلى أعماق الهاويه حيث أخلية
(أرواح) الذين ماتوا في مكان الإنتظار ويقول
النشيد أن الهاوية تهتز لقدوم ملك بابل عندما يمضي إليها بعد موته ليلحق بالذين
سبقوه فتنهض له الأخيلة من جميع عظماء الأرض وتقوم كل ملوك الأمم عن كراسيهم
لاستقبال ملك بابل الذي سقط من عليائه..

و في
سخريه وتهكم يقول هؤلاء الملوك لملك بابل " أأنت
أيضا قد ضعفت نظيرنا وصرت مثلنا..
"

لقد
هبط فخره مجده إلى أعماق الهاوية ولم يعد يسمع لأعواده رنين وأصبحت الرمم فراشه
والدود غطاء له..

 

ثالثا : القسم الثاني من نشيد الهجاء على ملك بابل (عد 12 – 20)

12كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ بِنْتَ الصُّبْحِ؟
كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ 13وَأَنْتَ قُلْتَ فِي
قَلْبِكَ: أَصْعد إِلَى السموات. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللَّهِ
وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاِجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ. 14أَصْعد فَوْقَ
مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. 15لَكِنَّكَ انْحَدَرْتَ
إِلَى الْهَاوِيَةِ إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ. 16اَلَّذِينَ يَرُونَكَ
يَتَطَلَّعُونَ إِلَيْكَ. يَتَأَمَّلُونَ فِيكَ. أَهَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي
زَلْزَلَ الأَرْضَ وَزَعْزَعَ الْمَمَالِكَ 17الَّذِي جَعَلَ الْعَالَمَ كَقَفْرٍ
وَهَدَمَ مُدُنَهُ الَّذِي لَمْ يُطْلِقْ أَسْرَاهُ إِلَى بُيُوتِهِمْ؟ 18كُلُّ
مُلُوكِ الأُمَمِ بِأَجْمَعِهِمِ اضْطَجَعُوا بِالْكَرَامَةِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي
بَيْتِهِ. 19وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ طُرِحْتَ مِنْ قَبْرِكَ كَغُصْنٍ أَشْنَعَ.
كَلِبَاسِ الْقَتْلَى الْمَضْرُوبِينَ بِالسَّيْفِ الْهَابِطِينَ إِلَى حِجَارَةِ
الْجُبِّ. كَجُثَّةٍ مَدُوسَةٍ. 20لاَ تَتَّحِدُ بِهِمْ فِي الْقَبْرِ لأَنَّكَ
أَخْرَبْتَ أَرْضَكَ قَتَلْتَ شَعْبَكَ. لاَ يُسَمَّى إِلَى الأَبَدِ نَسْلُ
فَاعِلِي الشَّرِّ.

 

(عد 12): 12كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ بِنْتَ الصُّبْحِ؟

هنا
يشير اشعياء إلى كبرياء ملك بابل مقابلا إياه بابليس الذي سقط من السماء بسبب هذه
الخطية ويلقبه " زهرة بنت الصبح " أو
الكوكب الساطع اللامع (لوسيفورس) ومن المعروف أن إبليس وطغمته كانوا أولا مثل
الكوكب الصبح (أي 38 : 7) وقد سقطوا من الأعالي وقد قال القديس بطرس الرسول "
لأنه إن كان لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا بل في
سلاسل الظلام طرحهم في جهنم وسلمهم محروسين للقضاء
(2بط 2: 4) وقال الرسول
يهوذا " والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا
مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام
" (يه
6) وقد أثار سقوط إبليس تساؤلا هاما حول أصل الشر وكيفية دخوله إلى العالم

و أخذ
أتباع زراشت والغنوسيون والمانويون بمذهب الثنائية معتقدين بأزلية الخير والشر
ونحن نرفض هذا الرأي تماما ويمكننا القول بأن الخليقة كان لها أصلا القدرة على أن
تخطئ أو لا تخطئ متمتعة بالحرية الكاملة والإرادة الذاتية وكان سقوط الملائكة بسبب
عصيانهم وتمردهم على الله بمحض إرادتهم ووراء هذا العصيان كانت الكبرياء والطموح
وهذه الصورة التي يعرضها اشعياء عن ملك بابل في سقوطه رمزا لسقوط إبليس وفي حزقيال
(ص 28) نجد صورة مشابهة لملك صور.

كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ

يشبه
ملك بابل الذي كان قاهرا للأمم والشعوب بشجرة قطعت إلى الأرض واختفى وجودها.

 

(عد 13): 13وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعد إِلَى السموات. أَرْفَعُ
كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللَّهِ

عاش
ملك بابل أوهام وخيالات الكبرياء مثل إبليس تمام واضعا في قلبه أن يرفع بمستوى
عظمته فوق الجميع وفوق كواكب الله..

وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاِجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ

أثبتت
الاكتشافات أن ملك بابل كان ينسب إلى نفسه بعض صفات الآلهة بالرغم من تكريمه
وعبادته للآلهة مردوخ وبيل ونيلو وسين وشاماس وساد الاعتقاد بوجود جبل شاهق للاله
بيل تصل قمته إلى السماء وهو في الشمال ويجتمع علية الآلهة..

 

(عد 4): 14أَصْعد فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ.

كان
طموح إبليس أن يصير مثل الله – وبهذا الفكر أغرى حواء وبنفس التشامخ يتكلم ملك
بابل..

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد جديد إنجيل لوقا Luke 08

 

(عد 15): 15لَكِنَّكَ انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ إِلَى أَسَافِلِ
الْجُبِّ.

في
لحظه واحدة أنحدر ذلك الطاغية الجبار إلى الهاوية إلى أعماقها السحيقة..

 

(عد 16، 17): 16اَلَّذِينَ يَرُونَكَ يَتَطَلَّعُونَ إِلَيْكَ. يَتَأَمَّلُونَ
فِيكَ. أَهَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي زَلْزَلَ الأَرْضَ وَزَعْزَعَ الْمَمَالِكَ
17الَّذِي جَعَلَ الْعَالَمَ كَقَفْرٍ وَهَدَمَ مُدُنَهُ الَّذِي لَمْ يُطْلِقْ
أَسْرَاهُ إِلَى بُيُوتِهِمْ؟

يشمت به اللذين يرونه في سقوطه مذكرين إياه بجرائمه السابقة :

1-
فهو قد زلزل الأرض وأحدث لها إضطرابا بغزواته واعتداءاته.

2-
وهدم البيوت ودمر المدن وجعلها قفرا بلا عمران.

3-
أذل الأسرى وأبقى عليهم في قبضة يده ولم يسمح لهم بالعودة إلى بيوتهم

 

(عد 18): 18كُلُّ مُلُوكِ الأُمَمِ بِأَجْمَعِهِمِ اضْطَجَعُوا بِالْكَرَامَةِ
كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَيْتِهِ.

أي أن
كل الملوك – عدا مك بابل – قد ماتوا ودفنوا بكرامة في قبورهم التي أعدوها وشيدوها لتكون
بمثابة "بيوت" يستريحون فيها راحتهم
الأخيرة.

 

(عد 19): 19وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ طُرِحْتَ مِنْ قَبْرِكَ كَغُصْنٍ أَشْنَعَ.
كَلِبَاسِ الْقَتْلَى الْمَضْرُوبِينَ بِالسَّيْفِ الْهَابِطِينَ إِلَى حِجَارَةِ
الْجُبِّ. كَجُثَّةٍ مَدُوسَةٍ.

هنا
يصف اشعياء موت الملك في خزي – والمرجح أن نبوة هذا الهجاء قد انطبقت على بيلشاصر
الذي قتل عندما استولى كورش الملك على بابل في الليلة التالية للوليمة التي أقامها
بيلشاصر واستعمل فيها آنية الهيكل لشرب الخمر.

و
هكذا قتل بيلشاصر ملك بابل ولم تلق جثته أية عناية أو اهتمام من أحد وسط ارتباك
وانزعاج المعركة.. فطرحت بعيدا عن قبرها كغصن مكسور تغطيه رمم قتلى المعارك
المضروبين بالسيف الذين انحدروا إلى مقر الموتى وصار الملك كجثة مدوسة تحت حوافر
الخيل.

 

(عد 20): 20لاَ تَتَّحِدُ بِهِمْ فِي الْقَبْرِ لأَنَّكَ أَخْرَبْتَ أَرْضَكَ
قَتَلْتَ شَعْبَكَ

لن توضع
جثة بيلشاصر في مقبرة ملوك الكلدان الذين سبقوه لأنه كان قد أساء إلى شعبه وأخرب
أرضه بعدم حكمته فى حكم بلاده إذ أنه استغل وأنفق ما حصل عليه من غنائم في إشباع
ملذاته الشخصية وشهواته الخاصة.

لاَ يُسَمَّى إِلَى الأَبَدِ نَسْلُ فَاعِلِي الشَّرِّ.

أي أن
الملوك الأشرار ينقطع نسلهم ولا يرث لهم من ذريتهم عرشا أو ملكا..

 

رابعا : هلاك بابل وتحطيم أشور وعقاب فلسطين (عد 21- 32)

يشتمل هذا القسم على :

1-
الهلاك التام لبابل (عد 21 – 23)

2-
تحطيم قوة أشور (عد 24 – 27)

3-
نبوة عن عقاب يقع على فلسطين (عد 28- 32)

 

1- الهلاك التام لبابل (عد
21- 23)

21هَيِّئُوا لِبَنِيهِ قَتْلاً بِإِثْمِ آبَائِهِمْ فَلاَ يَقُومُوا
وَلاَ يَرِثُوا الأَرْضَ وَلاَ يَمْلَأُوا وَجْهَ الْعَالَمِ مُدُناً. 22فَأَقُومُ
عَلَيْهِمْ يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ وَأَقْطَعُ مِنْ بَابِلَ اسْماً وَبَقِيَّةً
وَنَسْلاً وَذُرِّيَّةً يَقُولُ الرَّبُّ. 23وَأَجْعَلُهَا مِيرَاثاً لِلْقُنْفُذِ
وَآجَامَ مِيَاهٍ وَأُكَنِّسُهَا بِمِكْنَسَةِ الْهَلاَكِ يَقُولُ رَبُّ
الْجُنُودِ».

يتضمن
(عد 21 -22) نبوة بالقضاء على نسل بابل الملكي
على يد غزاتها الذين كانوا في طريقهم إلى سحقها وقتل الملك وجميع بنيه حاملي إثم
آبائهم وبأبادتهم لا يعود لهم تسلط على العالم ولا وجود لكي يرثوا الأرض أو يقيموا
مدنا فينقطع أسم بابل ولا تعود إلى سابق شهرتها ولا تقوم فيها بقية ولا نسل ولا
ذرية (أنظر أرميا 51 : 62)

و
تصير بابل " ميراثا للقنفذ وآجام مياه"
أي تسكنها حيوانات القفر وتنتشر بها البرك والمستنقعات ويكنسها الرب بمكنسة الهلاك
– أى أن هلاكها يمحو وجودها تماما..

2- تحطيم قوة أشور (عد 24-
27)

24قَدْ حَلَفَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: «إِنَّهُ كَمَا قَصَدْتُ
يَصِيرُ وَكَمَا نَوَيْتُ يَثْبُتُ: 25أَنْ أُحَطِّمَ أَشُّورَ فِي أَرْضِي وَأَدُوسَهُ
عَلَى جِبَالِي فَيَزُولَ عَنْهُمْ نِيرُهُ وَيَزُولَ عَنْ كَتِفِهِمْ حِمْلُهُ».
26هَذَا هُوَ القَضَاءُ الْمَقْضِيُّ بِهِ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ وَهَذِهِ هِيَ
الْيَدُ الْمَمْدُودَةُ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. 27فَإِنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ
قَضَى فَمَنْ يُبَطِّلُ؟ وَيَدُهُ هِيَ الْمَمْدُودَةُ فَمَنْ يَرُدُّهَا؟

 

(عد 24): 24قَدْ حَلَفَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: «إِنَّهُ كَمَا قَصَدْتُ
يَصِيرُ وَكَمَا نَوَيْتُ يَثْبُتُ

في
هذه النبوة يعلن الرب عزمه على تحطيم أشور مؤكدا ذلك بقَسم وقد جاء أيضا في هذا
السفر (في 45 : 23 , 62: 8) تأكيد الرب لكلامه بقسم (أنظر عب 6: 17, 18) ولا شك أن
الله يقصد بالقسم توطيد ثقة شعبه في إتمام الرب لكلامه فهو الذي يقصد ولا بد أن
يصير ينوي ولابد أن يثبت كما ينوي : ليس الله إنسانا فيكذب ولا ابن إنسان فيندم. هل
يقول ولا يفعل. أو يتكلم ولا يفي " عد 23 : 19).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد جديد سفر رؤيا يوحنا اللاهوتى 20

 

(عد 25): 25أَنْ أُحَطِّمَ أَشُّورَ فِي أَرْضِي وَأَدُوسَهُ عَلَى جِبَالِي

عاد
اشعياء من رؤية المستقبل البعيد (وهو الخلاص من خطر بابل) إلى رؤية المستقبل
القريب (وهو الخلاص من خطر أشور) – وفي وقت إعلان هذة النبوة كانت تهديدات أشور
قائمة تدق أجراسها بعد غزو السامرة وكان اشعياء قد أعلن عن تدخل الله لنجاة شعبه
من الخطر الأشوري أكثر من مرة (ص10 : 16- 19, 25-27,
33, 34
)و ربما عاد إلى ذلك ليكون تحقيق هذه النبوة القريبة تثبيتا لإيمان
شعبه بتحقيق النبوة البعيدة.

أما
عن تحقيق النبوة بتحطيم أشور على جبال يهوذا وفي أرضه فالأرجح أنه قد تم مع جيش
سرجون أو جيش سنحاريب الذي قتل منه ملاك الرب 185000 في ليلة واحدة (أش ص37).

فَيَزُولَ عَنْهُمْ نِيرُهُ وَيَزُولَ عَنْ كَتِفِهِمْ حِمْلُهُ

لقد
أزاح حزقيا عن شعبه النير الذي وضعه تغلث فلاسر ملك أشور على آحاز ملك يهوذا الذي
أستنجد به وصار له عبدا وأعطاه الفضة والذهب الموجودة في بيت الرب وفي خزائن بيت
الملك (2 مل 16: 7- 10) وتمكن حزقيا من عدم
الخضوع لملك أشور (2 مل 18: 7) وهكذا تمت هذه
النبوة.

 

(عد 26 , 27): 26هَذَا هُوَ القَضَاءُ الْمَقْضِيُّ بِهِ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ
وَهَذِهِ هِيَ الْيَدُ الْمَمْدُودَةُ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. 27فَإِنَّ رَبَّ
الْجُنُودِ قَدْ قَضَى فَمَنْ يُبَطِّلُ؟ وَيَدُهُ هِيَ الْمَمْدُودَةُ فَمَنْ
يَرُدُّهَا؟

أي أن
هذا القضاء الالهي المعلن على أشور يمثل جانبا من قضاء الله وحكمه على كل الأمم وكل
قوى العالم المضادة لمشيئته التي يكون لها نفس المصير الذي لأشور فإن الرب إذا قضى
فمن يبطل قضاؤهه ومن يستطيع أن يرد يده الممدودة!

 

ملحوظة:

أن
قضاء الله على الأمم أو الأفراد لا يدخل في نطاقه عمل الخير أو الشر الذي يفعله
الإنسان بكامل حريته وإرادته والذي عليه يتوقف مصيره الأبدي وإنما المقصود هنا (بقضاء الله) هو من جهة الأمور الزمنية فقط.

 

2- نبوة بعقاب على فلسطين (عد
28- 32)

28فِي سَنَةِ وَفَاةِ الْمَلِكِ آحَازَ كَانَ هَذَا الْوَحْيُ: 29«لاَ
تَفْرَحِي يَا جَمِيعَ فِلِسْطِينَ لأَنَّ الْقَضِيبَ الضَّارِبَكِ انْكَسَرَ.
فَإِنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْحَيَّةِ يَخْرُجُ أُفْعُوانٌ وَثَمَرَتُهُ تَكُونُ
ثُعْبَاناً مُسِمّاً طَيَّاراً. 30وَتَرْعَى أَبْكَارُ الْمَسَاكِينِ وَيَرْبُضُ
الْبَائِسُونَ بِالأَمَانِ وَأُمِيتُ أَصْلَكِ بِالْجُوعِ فَيَقْتُلُ بَقِيَّتَكِ.
31وَلْوِلْ أَيُّهَا الْبَابُ. اصْرُخِي أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ. قَدْ ذَابَ
جَمِيعُكِ يَا فِلِسْطِينُ. لأَنَّهُ مِنَ الشِّمَالِ يَأْتِي دُخَانٌ وَلَيْسَ
شَاذٌّ فِي جُيُوشِهِ. 32فَبِمَاذَا يُجَابُ رُسُلُ الأُمَمِ؟ إِنَّ الرَّبَّ
أَسَّسَ صِهْيَوْنَ وَبِهَا يَحْتَمِي بَائِسُو شَعْبِهِ».

 

تمهيد تاريخي
:

كان
عزيا ملك يهود قد تغلب على الفلسطينيين (2 أيام 16: 6)
ولكنهم استرجعوا قوتهم في عهد أحاز (2 أيام 28: 18) ثم غزا تغلث فلاسر مدنهم وفرض
عليهم الجزية ولكنه مات قبل موت آحاز بقليل وهنا يتنبأ أشعياء بأن خلفاء تغلث
فلاسر لن يكونوا أفضل منه وأنهم سوف يسببون خرابا لفلسطين.

 

(عد 28): 28فِي سَنَةِ وَفَاةِ الْمَلِكِ آحَازَ كَانَ هَذَا الْوَحْيُ

وضع
هذا الوحي هنا في غير مكانه التاريخي لأنه سبق ما جاء في القسم السابق

 (ص
10 – 14 : 27) الذي يتصل بحكم حزقيا.

 

(عد 28): 29«لاَ تَفْرَحِي يَا جَمِيعَ فِلِسْطِينَ لأَنَّ الْقَضِيبَ
الضَّارِبَكِ انْكَسَرَ. فَإِنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْحَيَّةِ يَخْرُجُ أُفْعُوانٌ
وَثَمَرَتُهُ تَكُونُ ثُعْبَاناً مُسِمّاً طَيَّاراً

يحذر
اشعياء فلسطين من الفرح بموت تغلث فلاسر " فإن
من أصل الحية يخرج افعوان وثمرته تكون ثعبانا مسمآ طيارا
" – أي أن
خلفاء ذلك الملك سيكونون عليهم أشد قساوة وقد تم ذلك فعلا إذ جاء بعده شلمناصر
وسرجون وسنحاريب وفي عهد الملكين الأخيرين أخذت أشدود وأشقلون وعقرون وغزة

(عد 30): 30وَتَرْعَى أَبْكَارُ الْمَسَاكِينِ وَيَرْبُضُ الْبَائِسُونَ
بِالأَمَانِ وَأُمِيتُ أَصْلَكِ بِالْجُوعِ فَيَقْتُلُ بَقِيَّتَكِ

يعلن
اشعياء عن حدوث مجاعة بفلسطين تميت أصلها بينما يرعى فقراء ومساكين يهوذا بالأمان.

 

(عد 31 , 32): " وَلْوِلْ أَيُّهَا الْبَابُ.. لأَنَّهُ مِنَ الشِّمَالِ
يَأْتِي دُخَانٌ.. فَبِمَاذَا يُجَابُ.."

هنا
وصف لقدوم جيوش جرارة من أرض أشورليس فيها شاذ (ضعيف)
ويكون الرد على رسل الأمم (الفلسطينيين) إذا
طلبوا المساعدة " أن الرب قد أسس صهيون."

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي