الإصحَاحُ
الثَّامِنُ عَشَرَ

 

تناول
اشعياء في هذا الإصحاح بلاد كوش التي قصد بها هنا " الحبشة
" وهي البلاد التي سكنها بعض نسل كوش (أسود)
بكر حام وقد عرفت هذه البلاد بمدينتها وقوتها منذ 1000 سنة قبل الميلاد وقد جاء في
(2 مل 19 : 9) أن ترهاقة ملك كوش حارب جيش الأشوريين حينما كانوا يحاصرون أورشليم
وفي سنة 525 ق. م أفتتح قمبيز ملك الفرس بلاد كوش وفي سنة 22 ق.م أخضعها الرومان
لحكمهم.

 

أما عن كوش في الكتاب المقدس فقد اقترن أسمها بعصر وسبا (1ش 20 : 4
, 43 : 3) – ووصف سكانها بطول قامتهم (1ش 45 : 14) وكان مما ذكر عن علاقتها ببني
إسرائيل :-

– زواج موسى من امرأة كوشية (عد 12 : 1)

– مجئ ملكة سبا لتسمع حكمة سليمان (1 مل 10 : 1)

– محاربة زارح ملك كوش بألف رجل ضد آسا ملك يهوذا (3 أيام 14 : 9
-12)

– خرج ترهاقة (ملك كوش) لمحاربة سنحاريب ملك الأشوريين كما سبق
القول

 (2 مل 19 : 9) وفي العهد الجديد ذكر الخصى وزير كنداكة الذي بشرة
فيلبس

 (1 ع ص8)

 

و
يبدو أن موضوع هذا الإصحاح يعود إلى حوالي سنة 700 ق. م حينما التقى الكوشيون
بقيادة ترهاقة مع الأشوريين بقيادة سنحاريب كما مر بنا.

 

ويتضمن هذا الإصحاح :

(1) ملك كوش يرسل مبعوثيه استعداداً لمواجهة الأشوريين (عد 1, 2)

(2) ترقب ما سيفعله الرب (عد 3)

(3) موقف الرب في هدوء وسكون (عد 4)

(4) ضربة الرب للأشوريين (عد 5, 6)

(5) تقدمة الكوشيين للرب (عد 7)

 

أولا: ملك كوش يرسل مبعوثيه

1يَا أَرْضَ حَفِيفِ الأَجْنِحَةِ الَّتِي فِي عَبْرِ أَنْهَارِ كُوشَ
2الْمُرْسِلَةَ رُسُلاً فِي الْبَحْرِ وَفِي قَوَارِبَ مِنَ الْبَرْدِيِّ عَلَى
وَجْهِ الْمِيَاهِ. اذْهَبُوا أَيُّهَا الرُّسُلُ السَّرِيعُونَ إِلَى أُمَّةٍ
طَوِيلَةٍ وَجَرْدَاءَ إِلَى شَعْبٍ مَخُوفٍ مُنْذُ كَانَ فَصَاعداً أُمَّةِ
قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ وَدَوْسٍ قَدْ خَرَقَتِ الأَنْهَارُ أَرْضَهَا.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ أونيكة ة

يصف
النبي بلا كوش بحفيف الأجنحة وقد تضارت الأقوال في تفسير ذلك والأرجح أنها إشارة
إلى كثرة ذبابها وطنينه أو إلى حركة جيوشها الجرارة التي تشبه حفيف أجنحة الطيور
عند طيرانها.

و
قوله " عبر أنهار كوش " هو
للتعبير عن اتساعها وامتدادها.. ثم يتحدث اشعياء عن مبعوثي ملك كوش الذين أرسلهم
في البحر أي عن طريق النيل الذي يسمى بحرا لعظمته (1ش 19 :5) – وقد أرسلهم في
قوارب من البردي على وجه المياه لاستدعاء قواته لمحاربة ملك أشور أو ربما أرسلهم
للتشاور في الموقف بالنسبة لخطر ملك أشور على اليهودية ومصر وكوش.

و
النبي هنا يدعوهم للعودة لموطنهم المعروفين بطول القامة والوجه المجرد من الشعر
والمشهود لهم بالبأس والقوة والشدة – وكان اليهود قد اختبروا قوة الكوشيين عندما
اشتركوا مع شيشق ضد رحبعام (2 أيام 12 : 3) وفي زمان أسا الذي حاربه زارح الكوشي
كما سبق ويقول اشعياء عن تلك البلاد " قد خرقت الأنهار أرضا " ومن
المعروف أن بلاد الحبشة يجري فيها النيل بروافد حاملا من أرضها الطمي.

 

ثانيا: ترقب ما سيفعله الرب

3يَا جَمِيعَ سُكَّانِ الْمَسْكُونَةِ وَقَاطِنِي الأَرْضِ عَُِنْدَمَا
تَرْتَفِعُ الرَّايَةُ عَلَى الْجِبَالِ تَنْظُرُونَ وَعِنْدَمَا يُضْرَبُ
بِالْبُوقِ تَسْمَعُونَ
.

يطلب
النبي إلى جميع سكان المسكونة وقاطني الأرض أن ينتظروا ويلتفتوا إلى ما سيعمله
الرب ويجريه بالأشوريين عندما ترتفع رايته على الجبال – كناية عن إعلان حدث هام
وقوي – وعندما يضرب بالبوق تنبيها للجميع لما سيتم حدوثه.

 

ثالثا: موقف الرب في هدوء ومسكونة

4لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي الرَّبُّ: «إِنِّي أَهْدَأُ وَأَنْظُرُ
فِي مَسْكَنِي كَالْحَرِّ الصَّافِي عَلَى الْبَقْلِ كَغَيْمِ النَّدَى فِي حَرِّ
الْحَصَادِ».

يعلن
هذا القول عناية الرب وأولاده وحمايته لهم حتى وأن بدا هادئا ساكنا ناظرا ومتابعا
في مسكنه لكنه كالحر الصافي الذي ينعش البقل وكغنم الندى المرغوب فيه في حر الحصاد
إذ يرطب الندى الأرض بينما يقي السحاب الحصادين ويظلمهم

هل تبحث عن  م المسيح أسئلة حول صلب المسيح 10

 

رابعا: ضرب الرب للأشوريين

5فَإِنَّهُ قَبْلَ الْحَصَادِ عِنْدَ تَمَامِ الزَّهْرِ وَعِنْدَمَا
يَصِيرُ الزَّهْرُ حِصْرِماً نَضِيجاً يَقْطَعُ الْقُضْبَانَ بِالْمَنَاجِلِ
وَيَنْزِعُ الأَفْنَانَ وَيَطْرَحُهَا. 6تُتْرَكُ مَعاً لِجَوَارِحِ الْجِبَالِ
وَلِوُحُوشِ الأَرْضِ فَتُصَيِّفُ عَلَيْهَا الْجَوَارِحُ وَتُشَتِّي عَلَيْهَا
جَمِيعُ وُحُوشِ الأَرْضِ.

قبل
أن ينفذ ملك أشور مقاصده ومخططاته التي تقترب من الاكتمال وذلك بتشبيه مجازي قبل
الحصاد وعندما يتفتح الزهور ويصير حصر ما نضيجا (عنبا
قارب النضج
) – يقطع القضبان بالمناجل وينزع الأفنان (الأغصان)

ويطرحها
– أي يضرب الرب الأشوريين فتطرح جثث قتلاهم وتترك معا لتعيش على أكلها الجوارح
والوحوش ولكثرتها فإنها تستمر مأكلا لها صيفا وشتاءً

 

خامسا: تقدمة الكوشيين

7فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تُقَدَّمُ هَدِيَّةٌ لِرَبِّ الْجُنُودِ مِنْ
شَعْبٍ طَوِيلٍ وَأَجْرَدَ وَمِنْ شَعْبٍ مَخُوفٍ مُنْذُ كَانَ فَصَاعداً مِنْ
أُمَّةٍ ذَاتِ قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ وَدَوْسٍ قَدْ خَرَقَتِ الأَنْهَارُ أَرْضَهَا
إِلَى مَوْضِعِ اسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ جَبَلِ صِهْيَوْنَ.

نبوة عن دخول بلاد الحبشة في المسيحية وقد تمت مبدئيا بإيمان الخصى
(1ع ص 8) ثم تمت على أوسع نطاقي على يد فرومنتيوس المصري (الأنبا سلامة) في عهد
البابا أثناسيوس الرسولي, في الثلث الأول من القرن الرابع الميلادي.

 

لاحظ وتأمل

بينما يكون الإنسان مضطربا هائجا يصبح ويصرخ نرى الله هادئا وفي
هدوئه:

+ ينظر ويتابع ولا يتغاضى أو يتخلى عنا.

+ يتأنى حتى يأتي الوقت المناسب.

+ وفي الوقت المناسب يتدخل ويعمل بشدة وحزم وقوة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي