سِفْرُ
اََلاَّوِيِّينَ

 

الفَصلُ
الأوَّل سِفرُ اللاوِيِّين

 

يَعتَقِدُ
الكَثيرُ من قُرَّاءِ سفرِ اللاوِيِّين أنَّهُ سِفرٌ صَعبٌ جدَّاً. ويَمَلِّونَ من
قِراءَةِ التَّفاصِيل عن خيمَةِ الإجتِماع في البَرِّيَّة في الثُّلثِ الأخير من
سفرِ الخُرُوج. وعندما يَصِلُونَ إلى سفرِ اللاوِيِّين، يفقِدُونَ عَزمَهُم على
قِراءَةِ الكتابِ المُقدَّس.

 

تعني
كلمة "لاويين": ما يختَصُّ بأبناءِ سبطِ لاوي. وكانَ اللاوِيُّونَ كهنةَ
العِبرانِيِّين. ولكي نفهَمَ سفرَ اللاوِيِّين، منَ المُهِمِّ جدَّاً أن نفهَمَ
تفاصِيلَ "خيمة الإجتماع في البَرِّيَّة،" حيثُ كانَ الكَهَنَةُ
يُقَدِّمُونَ الذَّبائِحَ والتَّقدِماتِ وباقِي الطُّقُوس. وفيما بَعد، بُنِيَ
هَيكَلُ سُلَيمان، الذي كانَ بالِغَ التَّعقيد، على نَمُوذَجِ خيمَةِ الإجتِماع
الأصليَّة التي أُمِرَ مُوسى بِبنائِها في البَرِّيَّة.

 

أحدُ
أكثرِ الأُمُورِ مغزىً في خيمَةِ الإجتماع، كانَ أنَّها كانت تُقامُ في وسطِ
المَحلَّةِ، حيثُ كانَت تُخَيَّمُ أسباطُ إسرائيل في ترحالِها في البَرِّيَّة
لِمُدَّةِ أربَعينَ سنَةً. فكَونُ خيمَةِ العِبادَةِ هذه تتوسَّطُ المحَلَّةَ
يُشيرُ إلى حقيقَةٍ هامَّة. فأوَّلُ وَصِيَّةٍ من الوصايا العَشر تقُولُ أنَّهُ
ينبَغي أن يَكُونَ اللهُ أوَّلاً. ويُعَلِّمُنا الكتابُ المُقدَّسُ أنَّ اللهَ
ينبَغي أن يتوسَّطَ مركزَ حياتِنا. وهذا ما يُوضَّحُ أو يُبَيَّنُ في أنَّ خيمَةَ
العبادَةِ تلكَ كانت تتوسَّطُ المَحَلَّة.

 

لَرُبَّما
المُلاحَظَةُ الأكثَرُ أهَمِّيَّةً التي بإمكانِنا تقديمها حولَ خيمَةِ
العِبادَةِ، هي أنَّ اللهَ حَلَّ حَرفِيَّاً وفِعليَّاً في تلكَ الخيمَةِ
الصَّغيرة. نقرَأُ أنَّهُ عندما أنهى مُوسى بناءَ خيمَةِ العِبادَة، ملأَ مجدُ
حُضُورِ الرَّبِّ الجناحَ الدَّاخِليَّ منَ الخَيمَةِ، والذي كانَ يُعرَفُ بقُدسِ
الأقداس، مُعطِياً بِذلكَ رمزاً لكيفيَّةِ ملءِ الرُّوحِ القُدُسِ لحياةِ
المُؤمنينَ اليوم.

 

وبينما
كانَ الإسرائيليُّونَ يرتَحِلُونَ في البَرِّيَّة، كانَتِ السَّحابَةُ التي كانت
تَرِفُّ فوقَ الخيمَةِ تَقُودُهُم. فحَيثُ تحرَّكَتِ السَّحابَةُ، تحرَّكَ
الشَّعبُ. وحيثُ توقَّفتِ السَّحابَةُ وحَلَّت، حلَّ الشَّعبُ. بهذه الطريقة
قادَتهُم السَّحابَةُ. وكانَ بإمكانِ الشَّعبِ أن يقتَرِبُواَ منَ الخَيمَةِ
لطَلَبِ الغُفرانِ ولِلعبادَةِ وللإرشاد.

 

بناءُ
الخَيمة

الآن
وقد أدرَكنا القَصدَ من هذه الخَيمة، دَعُونا نُلقِي نظرَةً عن كَثَب على
هيكَليَّةِ بنائها. كان لهذه الخيمة سِياجٌ أو سُورٌ حولَها، مصنُوعٌ من مادَّةٍ
تُشبِهُ قماشَ القِنَّب. والمِنطَقَة التي كانت داخِلَ السُّورِ والتي كانت تُحيطُ
بالخَيمَةِ المَسقُوفَة، كانت تُسمَّى بالباحَةِ الخارجيَّة. فيما بعد، أصبَحَت
هذه الباحَةُ الخارجيَّة في هيكَلِ سُليمان واسِعَةً جدَّاً (أي حوالي خمسة
هكتارات ونصف). ولكنَّ الباحَةَ الخارجيَّة في خيمَةِ العِبادَةِ في البرِّيَّة لم
تَكُنْ بهذا الإتِّساع.

 

كانت
تُوجَدُ بِضعُ قِطَعِ أثاثٍ في خيمَةِ العِبادَة، التي كانت لها دلالاتٌ
رمزِيَّةٌ. فمِنَ المُهِمِّ أن نُلاحِظَ أنَّ كُلَّ قِطَعِ الأثاث كانت لها مسكاتٌ
على جوانِبِها. كانَ هذا ضَروريَّاً إذ توجَّبَ على اللاوِيِّين آنذاكَ أن
يحمِلُوا قِطعَ الأثاثِ هذه خلالَ تَيَهان الشَّعبِ في البَرِّيَّة.

 

أوَّلُ
قِطعَةِ أثاثٍ نَجِدُها داخِلَ البابِ في الباحَةِ، كانت تُسمَّى بالمَذبَحِ
النُّحاسِيّ. وكانَ هذا المَذبَحُ يُشبِهُ إلى حَدٍّ ما مِشوايَةً ضَخمة. وكانت
النَّارُ تبقى مُتَوقِّدَةً تحتَ هذا المذبَحِ النُّحاسِيِّ طوالَ الوقت. فعندما
كان يأتي خاطِئٌ ما إلى الخَيمَةِ طالِباً غُفرانَ خَطَاياهُ، كانَ يُلاقِيهِ
كاهِنٌ عندَ بابِ باحَةِ الخَيمة. فالحيوانُ الذي كانَ يأتي بهِ الشخصُ الطَّالِبُ
الغُفران، كانَ يُذبَحُ بِحَسَبِ الوصفِ المُعطَى في سفرِ اللاوِيِّين. ثُمَّ كانَ
يُوضَعُ الحَيوانُ المَذبُوحُ مِن قِبَلِ الكاهِنِ على المذبَحِ النُّحاسِيِّ.
أمَّا الشخصُ الخاطِئُ فكانَ يبقَى مُنتَظِراً عندَ بابِ الباحَة. ولم يَكُنْ
يَحِقُّ لهُ بتاتاً الدُّخُولُ إلى الجُزءِ المُغطَّى منَ الخيمة. بل كانَ
الكاهِنُ يدخُلُ إلى ذلكَ الجُزء منَ خَيمَةِ العِبادَة بالنِّيابَةِ عنِ الخاطِئ.
وبعدَ أن يضعَ الكاهِنُ الذبيحَةَ الحيوانِيَّة على المذبَحِ النُّحاسِيّ، وبينما
كان دُخانُ الذَّبيحَةِ يصعَدُ إلى حضرَةِ اللهِ، كانَ الكاهِنُ يتقدَّمُ إلى
قطعَةِ الأثاثِ الثَّانِيَة في الباحَةِ، والتي كانت تُسمَّى بالمِرحَضَة. وكانت
أشبَهَ بحوضٍ صَغير. وكانَ الكاهِنُ يَقُومُ بِغسلِ وتطهيرِ نفسِهِ بِحَسَبِ
الطُّقُوسِ في هذهِ المِرحَضَة، بالنِّيابَةِ عنِ الخاطِئ، الذي كانَ لا يزالُ
مُنتَظِراً عندَ بابِ الباحَةِ الخارِجيَّة.

 

وكانت
خيمَةُ الإجتماعِ المُغطَّاة، تنقَسِمُ إلى قِسمَين. القِسمُ الخارِجيُّ كانت
يُسمَّى بالقُدس. وكانَ يُوجَدُ حِجَابٌ غليظ يفصلُ ما بينَ القُدس وما بينَ
القسمِ الدَّاخِليِّ منَ الخيمةِ، والذي يُسمَّى بِقُدسِ الأقداس. وكانَ قُدسُ
الأقداسِ المَكانُ الذي يَسكُنُ اللهُ فيهِ. كان هذا الحجابُ مصنوعاً من مواد
متينة، يُخبِرُنا يوسيفوس أنهُ لو رُبِطَ هذا الحِجابُ بعدَّةِ أحصِنَةٍ تشدُّ به
بإتجاهاتٍ مُتعاكِسة، لما تمزَّق. وعندما بُنِيَ هيكلُ سُليمان بعدَ سنواتٍ طويلَة
على مثالِ خيمةِ العِبادَة، والذي كانَ لا يزالُ في طَورِ الإستِعمالِ في زمانِ
يسُوع، كان حجابُ الهيكل هذا واسِعاً كستارِ المسرح.

 

يُخبِرُنا
العهدُ الجديدُ في أناجيلِهِ أنَّهُ في اللحظَةِ التي ماتَ فيها يسوعُ على الصليب،
هذا الحجابُ الذي يفصل بينَ القُدسِ وقُدسِ الأقداس، إنشقَّ عجائبيَّاً إلى نصفين،
من فوقُ إلى أسفل (أُنظُرْ مرقُس 15: 38). هذه إحدى أعظم عجائب الكتاب المُقدَّس
المُهمَلَة.

 

كانت
تُوجَدُ أربَعُ قِطَع أثاثٍ في خيمَةِ العِبادَة. فبَعدَ أن يَكُونَ الكاهِنُ قد
طَهَّرَ نفسَهُ في الباحَةِ عندَ المِرحَضَة، كانَ يدخُلُ إلى الجُزءِ الأوَّلِ
منَ الخَيمَةِ المُغطَّاة، أي القُدس.

 

على
يسارِهِ كانَت تُوجَدُ المنارَة، التي كانت لها دلالَةٌ كُبرَى. كانت تُشيرُ إلى
الإعلانِ الذي أعطاهُ اللهُ لِشعبِهِ عندما منحَهُم كلمتَهُ – ولقد أظهَرَ لهُم
هذا الإعلانُ بالطَّبعِ كيفَ يقتَرِبُونَ إلى الله. وهكذا كانَ الكاهِنُ يعبُدُ
اللهَ أمامَ المنارَةِ وكانَ يشكُرُ اللهَ على الإعلانِ الذي أعطاهُ لِشعبِهِ
وللخاطِئِ الذي كانَ لا يزالُ مُنتَظِراً أمامَ بابِ الباحَةِ.

 

وعلى
يمينِهِ، كانت تُوجَدُ مائِدةُ خُبزِ الوُجُوه. وكانَ القَصدُ منها تَذكِيرُ
الكاهِنِ بما أشارَ إليهِ المَنُّ، أي أنَّ اللهَ يُعطينا خُبزَنا اليَوميّ.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر صموئيل الأول 08

 

وأمامَهُ
مُباشَرَةً، تماماً أمامَ الحجابِ الذي كانَ يُؤدِّي إلى قُدسِ الأقداس، كانَ
يُوجَدُ مذبَحُ البَخُّور. وكانَ الكاهِنُ يَقِفُ أمامَ مذبَحِ البَخُّورِ
ويُصلِّي صلاةَ الشَّفاعَةِ من أجلِ الخاطئ الذي كانَ لا يزالُ واقفاً في الخارِج.
إلى هذا الحدِّ كانَ الكاهِنُ يَصلُ، ثُمَّ كانَ يرجِعُ ليَلتَقِيَ بِخاطِئٍ آخر
ويجتازُ عبرَ هذه العمليَّة نفسِها مُجدَّداً.

 

ومرَّةً
واحِدَةً في السَّنة، كانَ الشَّعبُ بأسرِهِ يجتَمِعُ حولَ خيمَةِ العبادة. وبهذه
المُناسَبة كانَ رَئيسُ الكَهَنَةِ يجتازُ الحجابَ إلى قُدسِ الأقداسِ ليُقدِّمَ
ذَبيحَةً دَمَويَّةً عن خطايا الشَّعب كُلِّهِ.

 

بينما
ننظُرُ إلى خيمَةِ العبادَةِ الصَّغيرَةِ هذه، نحتاجُ أن نُدرِكَ أنَّ كُلَّ
قِطعَةِ أثاثٍ مَوجُودَةٍ فيها كانت تُشيرُ مجازِيَّاً إلى يسُوع المسيح. في هذه
الحال، دَعُونا ننظُرُ عن كَثَبٍ أكثَر إلى كُلِّ قطعَةٍ من قطعِ الأثاثِ هذهِ.

 

أثاثُ
الخَيمَة

كانَ
المذبَحُ النُّحاسِيُّ يُشيرُ بالحقيقَةِ إلى إنجيلِ العهدِ الجَديد. فكُلُّ
الحيواناتِ كانت تُذبَحُ ويُضحَّى بها على المذبَحِ النُّحاسِيّ، وكُلُّ
الذَّبائحِ الحيوانيَّة وَجَدَتْ كامِلَ معناها الرَّمزي عندما ماتَ يسُوعُ على
الصَّليب. يُخبِرُنا هذا المذبَحُ قائِلاً، "لا يُمكِنُكُم أن تقتَرِبُوا منَ
اللهِ القُدُّوسِ بِدُونِ ذَبيحَةٍ. "فبِدُونِ سَفكِ دَمٍ لا تَحصُلُ
مغفَرَة." (عبرانيين 9: 22)

 

وقِطعَةُ
الأثاثِ التي تُسمَّى المِرحَضَة، حيثُ يُطَهِّرُ الكاهِنُ نفسَهُ طقسِيَّاً، قبلَ
أن يدخُلَ إلى القُدس، تُعَلِّمُنا بما تَقُولُهُ كلمةُ اللهِ في عدَّةِ أماكِن:
"من يَصعَدُ إلى جبلِ الرَّبِّ؟ الطَّاهِرُ اليَدَينِ والنَّقِيُّ
القَلبِ." (مزمُور 24: 4)

إنَّ
الشَّرِكَةَ معَ اللهِ هي الهدَفُ النِّهائِيُّ من خيمَةِ العبادَة. وكُلُّ شَيءٍ
يتحرَّكُ لِيَصلَ بنا إلى هذه الغايَة. وفي الكتابِ المُقدَّس، غالِباً تُشَبَّهُ
الشَّرِكَةُ معَ اللهِ بِوَجبَةِ طعام. فالمِرحَضة تُعَلِّمنا بما كانت
أُمَّهاتُنا تقُولُهُ لنا عندما كُنَّا لا نزالُ أطفالاً، "أغسِلُوا أيديَكُم
قبلَ أن تقتَرِبُوا منَ مائِدَةِ العشاء." إغتَسِلُوا قبلَ الجُلُوسِ إلى
المائِدة، أي قبلَ أن تقتَرِبُوا منَ الشَّرِكَةِ معَ الله. تحتاجُونَ أن
تغتَسِلُوا وأن تتطهَّرُوا. كانت هذه هي دلالَة ُالمرحضَة الرَّمزِيَّة.

 

وبينما
كانَ الكاهِنُ يَقِفُ أمامَ المَنارَةِ الذَّهَبِيَّة، كانَ يعتَرِفُ أنَّ اللهَ
كانَ مصدَرَ سفر اللاوِيِّين هذا، الذي نَقُومُ بدراسَتِهِ خلالَ مَسحِنا لأسفارِ
الكتابِ المُقدَّس. لقد كانَ يعتَرِفُ الكاهِنُ أنَّ كلمةَ اللهِ هي النُّور الذي
يَقُودُنا. كانَ الكاهِنُ يعبُدُ ويَشكُرُ اللهَ على إعطاءِ ذلكَ الخاطِئ عندَ
البابِ إعلاناً عن كيفَ بإمكانِهِ أن يخلُصَ وأن يقتَرِبَ منَ اللهِ في العبادَة.

 

وكما
أشرتُ سابِقاً، الخُبزُ على مائدَةِ خُبزِ الوُجُوه كانَ يرمُزُ إلى حقيقَةِ أنَّ
اللهَ سيُشبِعُ شعبَهُ وسيَسُدُّ إحتياجَهُم. ومنَ الواضِحِ أنَّ اللهَ لا يُريدُ
أبداً أن يَغيبَ عن أنظارِنا كَونَهُ هُوَ مصدَرَ شَبَعِنا وغذائِنا. وهُوَ
يُريدُنا أن نَثِقَ بهِ وأن نتطلَّعَ إليهِ لِسدِّ كُلِّ حاجَةٍ من حاجاتِنا،
جسديَّاً، عاطِفيَّاً، عقليَّاً، ورُوحيَّاً.

 

ثُمَّ
دَعُونا ننظُرُ إلى مَذبَحِ البَخُّور. فعندما كانَ الكاهِنُ يَقِفُ أمامَ هذا
المذبَح، كانَ يُصَلِّي من أجلِ الخاطِئ الذي كانَ يقِفُ أمامَ بابِ الباحَةِ
الخارِجيَّة. وبينما كانَ الكاهِنُ يفعَلُ ذلكَ، كانَ يُمثِّلُ صُورَةً عنِ يسُوع
المسيح، رئيس كهَنَتِنا الأعظَم، الذي يتشفَّعُ بنا أمامَ الله الآب.

 

مُلَخَّص

كُلُّ
ما كانَ في خيمَةِ العبادَة كانَ يُشيرُ إلى يسُوع. فهُوَ نُورُ العالم، وهُوَ
خُبزُ الحياة، وهُوَ ذبيحَتُنا الكامِلَة. وهُوَ الذي يُطَهِّرُنا أمامَ
المِرحَضَة. بالحقيقَةِ بإمكانِنا أن نرى إنجيلَ يسُوع المسيح في خيمة الإجتِماعِ
الصَّغيرَةِ تلك. وفقط عندما نفهَمُ خيمَةَ الإجتِماعِ سيكُونُ بإمكانِنا أن
نفهَمَ سفرَ اللاوِيِّين، لأنَّ هذا السِّفرَ كانَ الدَّليلَ الذي إستَخدَمَهُ
الكاهِنُ خلالَ خدمتِهِ في خيمَةِ العبادَةِ تلكَ. فهل تعرِفُ يسُوعَ الذي كانت
تُصَوِّرُهُ تلكَ الخيمَةُ المُقدَّسَةُ الصَّغيرة؟

 

 

الفَصلُ
الثَّانِي خَيمَةُ العِبادَةِ اليَوم

 في
سفرِ التكوين نقرأُ أنهُ عندما يُخطِئُ الإنسانُ، فَإنَّ أخطَرَ نتيجَةٍ لِخطيَّة
الإنسان كانت طلاقاً – أي إنفصالاً- بين الله والإنسان. إن حلَّ هذه المُعضِلَة
الأساسيَّة، والمُصالَحة بعدَ هذا الإنفصال، هو كل ما يتكلَّم عنهُ الكتابُ
المقدس. وهذا هو كل ما كانت هذه الخيمة في البرِّيَّة تتكلم عنه.

 

 فلماذا
لا نُقدِّمُ نحنُ اليومَ الذبائحَ الحيوانيَّة؟ لأنَّ مُتطلِّباتِ الله تغيَّرت.
الرِّسالَةُ إلى العِبرانيين تشرحُ لنا السبب كالتالي: في الإصحاح التاسِع من سفرِ
العبرانيين يقولُ الكاتبُ أن خيمةَ العِبادَة كانت مُجرَّدَ رمز، أي بمثابةِ نسخةٍ
عن خيمةِ عِبادَةٍ توجدُ في المجالِ السماوي. وهذه الخيمة السماويَّة ليست مصنوعةً
من موادٍ مادِّيَّة، بل من موادٍ روحيَّة سماويَّة. فالخيمةُ التي قالَ اللهُ
لموسى أن يبنيَها كانت مُجرَّدَ تعبيرٍ منظورٍ وملموس على الأرض عن خيمةٍ روحيَّةٍ
غير ملموسَة موصوفَة في عبرانيين 9.

 

تَذَكَّرُوا
أنَّهُ عندما ماتَ يسوعُ على الصليب، إنشقَّ حجابُ هيكَل سُليمان من فوقُ إلى
أسفَل. تذكَّرُوا أنهُ مرَّة واحِدَة في السنة، كانَ يدخلُ رئيسُ الكهنة إلى قُدسِ
الأقداس، وكانَ يَرُشُّ دَماً ليُكَفِّرَ عن خطايا الشَّعبِ بأسرِهِ. وبنفسِ هذا
المعنى، عندما ماتَ يسوعُ على الصليب أصبحَ رئيسَ كهنتِنا الأعظم، وبهذا دخلَ في
السماءِ إلى الخيمةِ السماويَّة. فأمامَ المذبحِ النُحاسي في الخيمةِ السماويَّة،
قدَّمَ موتَهُ كالتتميمِ النِّهائي لكلِّ الذبائح الدمويَّة. ثمَّ تقدَّمَ إلى
المِرحَضَة وجعلَ التطهير الكامِل من الخطايا مُمكِناً.

 

قبلَ
مَوتِ المسيح، لم يَكُنِ مُمكِناً لِلخاطِئ أن يقتَرِبَ منَ الله. فقط الكاهِنُ
كانَ بإمكانِهِ أن يقتَرِبَ منَ اللهِ لِيَتَشَفَّعَ بالخاطِئ. ولكنَّ كلَّ هذا
إلتَغى عندما ماتَ يسُوعُ على الصَّليب. فعندما ماتَ يسُوعُ على الصَّليب، مكَّننا
أنا وأنتَ منَ الدُّخُولِ إلى محضرِ اللهِ.

 

تطبيقٌ
آخر هامٌّ هُوَ أنَّ أجسادَنا هي الآن هياكِلُ للهِ. ولقد كتبَ بُولُس ما معناهُ،
"ألستُم تعلمونَ أن روحَ اللهِ ساكنٌ فيكُم؟ إن كانَ أحدٌ يفسِدُ هذا
الهيكَل، يُفسِدُهُ الله، لأن هيكلَ اللهِ مُقدَّسٌ الذي أنتُم هو." لقد
حاوَلَ الرَّسُول بُولُس أن يُوصِلَ هذه الحقيقة لِلكُورنثِيِّين، الذين كانُوا
يُواجِهُونَ الخطايا الجِنسيَّة. فقالَ لهُم: "جسدُكم لم يُخلق للجنس، بل
لله. ألستُم تعلمونَ أن جسدَكم هو هيكلُ الله، وأن اللهَ ساكِنٌ فيكم؟"
(1كُورنثُوس 6: 15- 20). وفي كولوسي 1: 27، يَقُولُ الرسول بولس عنِ المُؤمنين،
"الذين أرادَ اللهُ أن يُعَرِّفَهُم ما هُوَ غِنَى مجدِ هذا السِّرّ في
الأمَم، الذي هُوَ المسيحُ فيكُم رَجاءُ المَجد." نعمَ، فالمسيحُ الساكِنُ
فيكُم هُوَ الذي يأتيكُم بِكُلِّ الأُمُورِ المجيدَةِ العَتيدة.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد قديم سفر أيوب 10

 

فالمسيحُ
فيكُم هُوَ مُعجِزَة. لأنهُ يعني أن حضورَ اللهِ يسكُن فيكم؛ بل يعني أيضاً أنَّ
لديكُم كل القوة التي تحتاجونها لتعيشوا الحياة التي يُريدُها اللهُ لكُم.

 

 والآن
دَعُونا نتأمَّل في التطبيقات الروحية الجميلة لخيمة العبادة هذه على حياتِنا.
فعندما تستيقظُ في الصباح، أُشَجِّعُكَ على أن تَتَمتَّعَ بِفترة التأمُّلِ
والعِبادَة، حيثُ تقضي وقتاً في حضرةِ الله قبلَ أن تخرجَ إلى العالم لتعيشَ
نهارَك. وعندَما تفعَلُ ذلكَ، حاوِل أن تجدَ طريقَكَ عبرَ خيمة العِبادة. فقط
تصوَّر أنكَ تمرُّ أمامَ المذبحِ النُحاسي، وَثِقْ بالأخبارِ السَّارَّةِ أنَّ
يسوعَ المسيح كانَ حملَ اللهِ الذي ماتَ على الصَّليب لِيغفرَ خطاياك. فإن لم
تَكُنْ بعدُ قد آمنتَ بالمسيحِ لِغُفرانِ خطاياك، إفعَلْ ذلكَ الآن. وبعدَ هذا
أُشكُر الله لغفرانِهِ خطاياك على صليبِ يسوع، وأكِّدْ إقتناعَكَ بأنهُ كان
الذبيحةَ الكامِلَة لِغُفرانِ خطاياك.

 

والآن
تخيَّل أنكَ تُتابِع طريقَكَ نحو المِرحَضَة، حيثُ ستغسلُ يديكَ وقدميك، وحيثُ
ستحتاجُ لهذا الغسلِ باستمرار. فهل هُناكَ أُمورٌ وسِخَةٌ ولا تُرضي الله في
حياتِكَ؟ إعترفْ بها واتركها، واطهُرْ. ثمَّ أدخُل مجازيَّاً إلى القُدس، وقِفْ
أمامَ المنارة واشكُر الله على الإعلان، وعلى عدم تركِكَ في الظلمة. أُشكُرْ الله
أنَّهُ لم يترُككَ في الظُّلمَةِ فيما يتعلَّقُ بالحياةِ والخلاص. وأشكُر اللهَ
على كَلِمَتِهِ.

 

 ثمَّ
تصوَّر نفسَكَ واقِفاً أمامَ مائدةِ خبزِ الوجوه، واشكر الله على تأمينِه
إحتياجاتك. إعترفْ بروحِ عِرفان الجميل أن اللهَ هو مصدرُ كل قطعةِ خبزٍ لديك، وكل
مقتنياتك، وكل ما يسدُّ حاجاتِك. إعتَرِفْ بأنَّ اللهَ هُوَ الذي يُلِّبي كُلَّ
إحتِياجاتِكَ هذهِ، وأعتَرِف بذلكَ بِعُرفانِ جميلٍ لهُ.

 

وبعدها
فكِّر بمذبحِ البخور، وبمُعجزةِ الصلاة. وإقضِ وقتاً في الصلاة من أجلِ تفاصيلِ
إحتياجاتِكَ، ومن أجلِ التَّحدِّياتِ التي تُواجِهُها في كُلِّ يوم.

 

وعندها
عندما تُفكِّر بقدس الأقداس، ضعْ أمامَكَ ذلكَ التحدِّي الذي يُذكِّرُكَ أن هناكَ
حضور الله الجليل، ليسَ فقط روح الله الساكِن فينا، بل إمكانيَّة أن تكونَ في حضرةِ
الله الحقيقيَّة أينما كُنتَ في العالم. فنحنُ لم نَعُدْ بحاجَةٍ إلى كاهِنٍ
لندخُلَ إلى محضَرِ اللهِ. ولم يَعُدْ واجِباً علينا أن نجتازَ عبرَ نظامِ
العبادَةِ الحرفِي المُبَيَّن في خيمَةِ العبادة، لأنَّهُ عندما ماتَ المسيحُ على
الصَّليب، مكَّنَنا من أن نقتَرِبَ مُباشَرَةً من حضرَةِ الله.

 

 هُناكَ
تطبيقاتٌ روحيَّةٌ تَعَبُّدِيَّةٌ كَثيرَةٌ يُمكِنُ إستِخلاصُها من خيمةِ
العبادَةِ في البَرِّيَّة. وهذا أهمُّها: لا يزالُ مُمكناً لرجلٍ خاطئ أو إمرأةٍ
خاطئة الإقتراب من الله القدوس والدخول إلى حضرتِهِ من خِلالِ طريقةِ عيش جديدة،
التي أصبحت مُمكِنَة بواسطةِ يسوع المسيح ربَّنا.

 

عندما
نَقدُرُ قِيمَةَ ما توجَّبَ على اللهِ عملُهُ ليجعَلَ هذا مُمكِناً، سوفَ نَظُنُّ
أنَّ النَّاسَ سيتراكَضُونَ إلى محضَرِ الله. ولكن لماذا ليست الحالُ هكذا؟ هل
سبقَ ودخَلتَ إلى محضَرِ اللهِ القُدُّوس؟ قالَ يسُوع، "أنا هو الطريقُ
والحقُّ والحياة، ليسَ أحدٌ يأتي إلى الآب إلا بي." (يُوحَنَّا 14: 6) نرى
هذه الحقيقةَ الروحيَّة الإنجيليَّة العظيمة مُمَثَّلَةً في خيمةِ العبادَة.
فاللهُ يُريدُ أن يلتقيَ معكَ وأن يجعلَ من حياتِكَ خيمةً لهُ.

 

 وهكذا،
وبعدَ أن حصلنا على وجهةِ نظرٍ عن خيمةِ العِبادَة، أصبحنا مُستعدِّينَ لدراسة سفر
اللاويين القصير.

 

 إن
سفرَ اللاويين كانَ بالحقيقَةِ بمثابةِ دليلٍ يستخدمهُ الكهنة. فهُوَ يقدِّمُ
دليلاً يُعطِي للكهنةِ تعليماتٍ مُفَصَّلَةً عن كيفيَّةِ ذبحهم للحيوان، وماذا يفعلون
بأحشائِهِ وبأجزائهِ المُختلِفة. بالطبعِ هذا ليسَ موحِياً لنا مثل المزمور الثالث
والعشرين (الربُّ راعيَّ)، ولا مثل الإصحاح الثالث عشر من رسالَة كورنثوس الأولى.
ولكن أرجو أن لا يتبادَر لأذهانكم أنه لا توجد حقائقُ روحيَّة أو تطبيقاتٌ
تأمُّلية يُمكنُ الحصولُ عليها من سفر اللاويين. فهذا السفرُ مليءٌ بالحقائق
الجميلة التي أرجو أن أُبرزَ بعضَها.

 

الأجزاء

 ينبغي
معرفة أنَّ هذا الدليل مقسوم إلى ثلاثة أجزاء. تُشدِّدُ الإصحاحاتُ السبعة الأولى
من سفرِ اللاوِيِّين على الذبائح. فهذا السِّفرُ يُعَلِّمُ الكهنةَ بالتَّدقيقِ
كيفيةَ تحضير هذه الذبائح، وهُوَ يُعطينا أيضاً بصيرةً لنفهمَ معنى هذه الذبائح
أيضاً.

 

 أما
في الإصحاحات 8-10، فالتَّركيزُ فيها هو على الخُدَّام أو على الكهنة أنفسِهِم.
فهذه الإصحاحات الثامن، التاسع، والعاشر تقدِّمُ تعليمات مُهمَّة عن الكهنة، وعن
أي نوعٍ من الرجال ينبغي أن يكونوا، وعلى أي مستوى ينبغي أن يعيشوا. تَطبيقيَّاً،
تُوجَدُ الكثيرُ منَ الحقائِقِ التَّعبُّدِيَّة الجَميلة في هذه الإصحاحات.

 

 أما
قلبُ سفر اللاويين فنجدُهُ في الإصحاحات 11-22. وأنا أُسمِّي هذا القسم من السفر
"التقديس." فكلٌّ من خيمة العبادة والكهنة الذين خدموا فيها كانوا
بمثابةِ شهادة الله للعالم أجمع أن شعبَ الله المُختار كان شعباً مُقدَّساً لأن
إلهَهُم قدوس. والتشديدُ في هذه الإصحاحات 11-22 هو أنَّ هذا الشعب اختِيرَ ليكونَ
شعباً مُمَيَّزاً ومُختلِفاً. فكلمة مُقدَّس تعني "يخصُّ الله." كانَ
على هؤلاء الكَهَنَة أن يَعِيشُوا كأشخاصٍ يَخُصُّونَ الله.

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد جديد إنجيل متى إبن زربابل أبيهود أم ريسا ا

 

 وفي
الإصحاحات 23-25 لدينا ما أُسمِّيهِ "الخدَمات." فهناكَ الكثيرُ من
الأيَّام والأعياد المقدَّسة في الإيمان اليهودي. وتجدُها مُوثَّقَةً في الأسفار
الخمسة الأولى في الكتاب المقدس. وبما أن هؤلاء الكهنة هم الذين كانوا سيقومون
بالخدمة خلال هذه الأعياد المقدَّسة، إحتاجوا لتعليماتٍ للقيامِ بذلك.

 

وعندما
تصلُ إلى هذا القسم من سفر اللاويين، إسألْ نفسَكَ هذا السؤال: بماذا أرادَ اللهُ
أن يُذكِّرَ الكهنة عندما أسَّسَ لهم يوماً مُقدَّساً كالفصحِ مثلاً؟ ثم إسأل
نفسَكَ: لماذا أرادَ اللهُ أن يتذكَّرَ الكهنةُ هذه الأُمور؟

 

التَّطبيقاتُ

 أنا
أُسمِّي الإصحاحين الأخيرين من سفر اللاويين "التسليم." فكلٌّ من سفر
اللاويين والتثنية ويشوع تُختَتَمُ بعِظاتٍ تَطبيقيَّةٍ قَوِيَّة. فهذه الأسفارُ
الثلاثةُ تُختَتَمُ بتحريضٍ عظيم جليل لشعبِ الله بإطاعةِ نواميسَ الله وبأن
يكونوا شعبَاً مقدَّساً كما دعاهُم الله. فلقد تم تحريرُهُم وخلاصُهم ليكونوا
قدِّيسين. التَّحريضاتُ المَوجُودَة في نهايَةِ سفرِ اللاوِيِّن تجعَلُ من هذه
الإصحاحاتِ الأخيرة من هذا السِّفر في غايَةِ الدِّينامِيكِيَّة. لقد قالَ موسى
أنهُ كانَ يتلعثمُ في الكلام، وأنَّهُ كانَ يلدَغُ. ولكن هُنا يبدو موسى في قمَّةِ
بلاغتِهِ وفصاحتِه.

 

تطبيقاتٌ
تعبُّدِيَّة، شخصِيَّة، وعَمَلِيَّة

 دَعُونا
ننظُرُ الآن إلى بَعضِ البَركاتِ التَّعَبُّدِيَّة التي يُمكِنُنا إيجادُها في سفرِ
اللاوِيِّين. فمثلاً أُنظروا إلى الجزءِ الأوَّل، "الذبائح." الإصحاحاتُ
السَّبعَةُ الأُولى من هذا السِّفر تحتَوي على بعضِ الحقائِقِ الجَميلة
المُختَصَّة بالطريقة التي بها تعلَّمَ الكهنَةُ تقديمَ الذَّبائحِ لله. مثلاً،
عندما ينزلُ الخاطئُ إلى خيمةِ العبادة طالباً الغُفران، كان الكاهنُ يلتقيهِ عندَ
بابِ الخيمة. وكانَ يُعلِّمُهُ الكاهِنُ عن معنى الذبيحَة التي كان سيُقدِّمُها.

 

 بالإضافَةِ
إلى مَسؤوليَّاتِهم الأُخرى، كانَ الكَهَنةُ مُعَلِّمِي شعبِ اللهِ أيضاً. فعندما
يأتي الخاطئُ بذبيحتِهِ الحيوانيَّة، كانَ يُعَلِّمُهُ الكاهِنُ أن يضعَ يدَهُ على
رأسِ الحيوان. وعندما كانَ الخاطِئُ يفعَلُ هذا، كانَ يُصبِحُ الحيوانُ بَدِيلَهُ.
وهكذا فإن قصاصَ المَوت الذي إستحقَّهُ الخاطئ يُدفعُ تماماً بموتِ الحيوان وليسَ
بموتِ الخاطِئ. من هُنا تأتي عِبارَة "كَبشُ المُحرَقَة، أو كَبشُ
الفِداء." هذا كان المعنى وراء تقديم الذبيحة. وهذا ما يُسمِّيهِ اللاهوتيون
"الكفَّارَة البديليَّة،" عندما يُطَبِّقُونَ هذا الرَّمزَ الجَميل على
موتِ يسُوع المسيح على الصَّليب من أجلِ خَطَايانا.

 

 بينما
تقرَأُونَ هذا السِّفر، سوفَ تكتشفُون فيما يتعلَّقُ بالذبائح أنهُ مرَّت أوقاتٌ
في تاريخ إسرائيل عندما أخطأَت الأُمَّة بكامِلِها. ولهذا كان ينبغي أن تحصُلَ
توبةٌ للشعبِ بكامِلِه. فعندما كانوا يُدرِكُونَ خُطُورَةَ الشر الذي فعلوه،كانَ
عليهم أن يُقدِّموا ثوراً فتيَّاً كذبيحةِ خطيَّة. وعليهم أن يأتوا بهِ إلى خيمةِ
العبادة حيثُ سيضعُ قادةُ الشعبِ أيديَهُم على رأسِ هذا الحيوان، ثم يذبحونَهُ
أمام الرب. عندها سيقومون بالعمليَّةِ ذاتِها التي يقومون بها عندما يُقدِّمون
ذبيحة خطيَّةٍ إعتياديَّة. وبهذه الطريقة، يُكفِّرُ الكهنةُ عن كل الشعب. ألن
يكونَ رائعاً لأمَّةٍ أن تختبِرَ مثل هذه التوبَة الجماعيَّة عن خطيَّة الوطن.
إنَّ التَّوبَةَ الوَطَنِيَّة عن خَطِيَّةِ الأُمَّة هي حَدَثٌ رائِعٌ إذا حَدَثَ
في أيَّةٍ أُمَّة. هذه هي إحدى المُمارسات الموصوفة في سفر اللاويين.

 كانَ
هؤلاء الكهنة رجالاً ممسوحين؛ أي أنَّهُم كَكَهَنة، ينبَغي أن يكُونُوا تحتَ
قيادَةِ الرُّوحِ القُدُوسِ وسيطَرَتِهِ. وللدَّلالةِ على ذلك كانوا يُمسَحُونَ
بدمِ الذبيحة خلفَ آذانهم، وعلى أباهِم أيديَهم وأَرجلِهم اليُمنى. وكان هذا رمزاً
جميلاً يقولُ للكهنة، "أنتُم رجالٌ مُقدَّسون. وعليكُم قيادَة الشعب ليكونوا
قدّيسين. وكل ما تسمعونَهُ أو تَلمُسُونَهُ أو تُمسِكُونَهُ بأيدِيكُم، وكُلُّ
مكانٍ تذهَبُونَ إليهِ، ينبغي أن يكونَ ممسوحاً بالروح القدس."

 

 في
سفرِ اللاويين سوفَ نجدُ أيضاً إيضاحاً عما نعنيهِ عندما نقول أن موسى كتبَ عن
يسوع عندما كتبَ أسفارَ الناموس. ففي العهدِ الجديد، عندَما كان يسوعُ يشفي
إنساناً أبرَص، كانَ دائماً يقولُ لهُ، "إذهب أَرِ نفسَكَ للكهنة."
لماذا فعلَ يسوعُ هذا؟ لأنَّ هذا التعليم موجودٌ في سفرِ اللاويين.

 

 عندما
نقرَأُ الإصحاحات الأخيرة من سفر اللاويين، نجدُ الكثيرَ منَ المُحتَوى
التَّعَبُّدِيّ في مواعِظَ موسى الرائعة. على سَبيلِ المِثال، تَجِدُ اللهَ
يَقُولُ، "إذا سلكتُم في فرائضي وحفِظتُم وصايايَ وعمِلتُم بها. أُعطي
مَطَرَكُم في حينِه وتُعطِي الأرضُ غلَّتَها وتُعطي أشجارُ الحقلِ أثمارَها.
ويلحقُ دراسُكُم بالقِطافِ ويلحقُ القِطافُ بالزرعِ فتأكلونَ خُبزَكُم للشبعِ
وتَسكُنُون في أرضِكُم آمنين. وأجعلُ سلاماً في الأرضِ فتَنَامُونَ وليسَ من
يُزعِجُكُم. وتطرُدونَ أعداءَكُم فيسقُطُونَ أمامَكُم بالسيف. يطرُدُ خمسةٌ منكُم
مائةً ومائةٌ منكُم يطرُدونَ رِبوةً ويسقطُ أعداؤكُم بالسيف. وأسيرُ بينَكُم
وأَكونُ لكُم إلهاً وتكونون لي شعباً." (لاويين 26: 3- 12).

 

 وسوفَ
تكتشِفُونَ في سفرِ اللاويين أن هُناكَ أموراً مُحظَّرَة، مثل الشذوذ الجِنسِي.
فحياةُ الشذوذ لا تتطابقُ مع خطةِ الله لشريكَي حياة يُصبِحانِ والدَين يُنجِبان
أولاداً يُصبِحونَ بدورِهم شُركاءَ ووالدِين. فالشُّذُوذُ الجِنسيُّ مُحَظَّرٌ
لأنَّ مائِدَةَ العواقِب الوَخيمة المُتَرتِّبَة عليهِ لَيسَت جَيِّدَة. لقد
تكلَّمَ مُوسى عن هذه المُشكِلَة بشكلٍ واضِحٍ ومُباشَر. ولهذا حكَمَ موسى على
الشذوذ الجنسي بصَرَامَةٍ قاطِعَة. ونجدُ أن سفرَ اللاويين يحكُمُ أيضاً على السحر
والشعوذة والرُّقيَة والعِرَافَة وأمثالِها. وهكذا فإنَّ نواميسَ موسى صارِمَة
لأنَّهُ على شعبِ الله أن يكونوا قدِّيسين. فالقداسةُ هي النَّتِيجَةُ
النِّهائِيَّةُ التي يَرغَبُ اللهُ أن يُعَلِّمَها لِشعبِهِ في سفر اللاويين.

 

 أرجو
أن تكونَ هذه المُقدِّمَة والإستطلاع لسفر اللاويين قد جعلت هذا السفر مفهوماً
وسبب بركةٍ لكَ. لأنَّكَ، وكما تتذكَّر، فإنَّ هذا السفر كان بمثابةِ دليلٍ
للكهنة، وأظهرَ لهُم كيفَ يكونون ممسوحين كرجالٍ قديسين ليَخدِموا الله القدوس.
"كونوا قدِّيسين لأنِّي أنا قدُّوس، يقولُ الربُّ." هذه هي رسالةُ سفر
اللاويين لكَ ولي.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي