الإصحَاحُ
الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ

 

يشتمل هذا الإصحاح على ثلاث نبوات

 1 – نبوة عن بابل (عد 1 – 10)

2 – نبوة عن أدوم (عد 11 – 12)

3 – نبوة عن بلاد العرب (عد 13 – 17)

 

أولا : النبوة عن بابل (عد 1 – 10)

1 وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَرِّيَّةِ الْبَحْرِ: كَزَوَابِعَ فِي الْجَنُوبِ
عَاصِفَةٍ يَأْتِي مِنَ الْبَرِّيَّةِ مِنْ أَرْضٍ مَخُوفَةٍ. 2قَدْ أُعْلِنَتْ
لِي رُؤْيَا قَاسِيَةٌ. النَّاهِبُ نَاهِباً وَالْمُخْرِبُ مُخْرِباً. اصْعدي يَا
عِيلاَمُ. حَاصِرِي يَا مَادِي. قَدْ أَبْطَلْتُ كُلَّ أَنِينِهَا. 3لِذَلِكَ
امْتَلَأَتْ حَقَوَايَ وَجَعاً وَأَخَذَنِي مَخَاضٌ كَمَخَاضِ الْوَالِدَةِ.
تَلَوَّيْتُ حَتَّى لاَ أَسْمَعُ. انْدَهَشْتُ حَتَّى لاَ أَنْظُرُ. 4تَاهَ
قَلْبِي. بَغَتَنِي رُعْبٌ. لَيْلَةُ لَذَّتِي جَعَلَهَا لِي رِعدةً.
5يُرَتِّبُونَ الْمَائِدَةَ يَحْرُسُونَ الْحِرَاسَةَ يَأْكُلُونَ. يَشْرَبُونَ –
قُومُوا أَيُّهَا الرُّؤَسَاءُ امْسَحُوا الْمِجَنَّ! 6لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي
السَّيِّدُ: «اذْهَبْ أَقِمِ الْحَارِسَ لِيُخْبِرْ بِمَا يَرَى». 7فَرَأَى
رُكَّاباً أَزْوَاجَ فُرْسَانٍ. رُكَّابَ حَمِيرٍ. رُكَّابَ جِمَالٍ. فَأَصْغَى
إِصْغَاءً شَدِيداً 8ثُمَّ صَرَخَ كَأَسَدٍ: «أَيُّهَا السَّيِّدُ أَنَا قَائِمٌ
عَلَى الْمَرْصَدِ دَائِماً فِي النَّهَارِ وَأَنَا وَاقِفٌ عَلَى الْمَحْرَسِ
كُلَّ اللَّيَالِي. 9وَهُوَذَا رُكَّابٌ مِنَ الرِّجَالِ. أَزْوَاجٌ مِنَ
الْفُرْسَانِ». فَأَجَابَ: «سَقَطَتْ سَقَطَتْ بَابِلُ وَجَمِيعُ تَمَاثِيلِ
آلِهَتِهَا الْمَنْحُوتَةِ كَسَّرَهَا إِلَى الأَرْضِ». 10يَا دِيَاسَتِي وَبَنِي
بَيْدَرِي. مَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ
أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ.

 

سبق
أن تكلم اشعياء النبي عن خراب بابل في الإصحاح الثالث عشر وهنا نلتقي به وهو يعطي
تفاصيل أخرى في وصف سقوطها ومن المعروف عن تاريخ بابل أنه قديم جدا يرجع إلى عصر
" نمرود" كما جاء في (تك 10 : 10) (انظر ميخا 5: 6) وترجع تسميتها إلى
بلبلة الألسنة عند بناء البرج الذي ورد ذكره في (تك 11: 2-8) وارتفع شأن بابل
عندما أسس نبوخذ نصر مملكته واتخذها عاصمة له بعد أن أخرب نينوى. وأصبحت مملكة
بابل هي مملكة الكلدانيين وأولى الممالك (الأربعة) التي رمز إليها بالتماثيل الذي
رآه الملك نبوخذ نصر (دا ص2) وبني هذا الملك أسوار بابل الضخمة وغرس لزوجته
وحدائقها المعلقة الرائعة التي ضمن عجائب العالم السبع وقد مات نبوخذنصر سنة 561
ق.م وخلفه ابنه أَوِيل مَرودَخ (1ر 52 : 21) ثم حفيدة بيلشاصر الذي انتهت المملكة
على يديه بسقوط بابل سنة 538 ق.م في إحدى ليالي احتفالات عيد قومي وكان الناس
سكارى وقد أعد بيلشاصر وليمة لعظمائه الألف وكان حراس المدينة أيضا مخمورين فتركوا
أبواب المدينة مفتوحة فسقطت بابل في يد كورش الفارسي وقتل بيلشاصر في تلك الليلة
وأقيم عليها داريوس حاكما من قبل كورش وهكذا قامت المملكة الثانية

(مملكة
مادي وفارس) (د1 ص 5 ,1ش 47 : 1- 11 , 1ر 25 : 12- 13 , ص 50, 51)

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر التثنية 27

 

(عد 1):
يستهل اشعياء كلامه بعبارة " وحي من جهة برية البحر
" وهذا تعبير غير مألوف وإذا أخذناه بالمعنى الحرفي يكون البحر هنا هو نهر
الفرات الذي تمتد غربة برية صحراوية حتى حدود حالة الجدب الروحي لبابل بينما يشير
البحر إلى طبيعتها العالمية أما الزوابع الجنوبية العاصفة فإنها تشبيه لجيوش
الماديين والفرس القوية التي هاجمت بابل من الشمال والشرق.

 

(عد 2): يكشف
النبي عن الرؤيا القاسية التي رأى فيها أعمال النهب والتخريب تقوم بها عيلام ومادي
بعد حصار بابل وسقوطها وعند سقوطها يبطل كل أنينها أي أنين من كانوا فيها من
المظلومين والمأسورين أما عيلام فهو الأسم الذي كان معروفا لدى اليهود عن بلاد
فارس وكان كورش قد امتلكها وضمها إلية.

 

(عد 2 ,3): أحس
اشعياء بالألم والوجع لما سيحل بمدينة بابل من دمار وخراب فامتلأت حقواه ألما
وانتابه مخاض كمخاض الوالدة ففقد وعيه من جراء ما سمع وأصابه الذهول مما رأى وتحير
قلبه وأرعبه الفزع وتحولت الليلة التي رأى فيها تلك الرؤيا الرهيبة إلى رعدة بعد
أن كان يحسبها ليلة لذته يقضيها في راحة وخلوة روحية.

 

(عد 5): بعد
أن كان البابليون يرتبون المائدة للولائم ويقيمون الحراس ويأكلون ويشربون فوجئوا
بهجوم الأعداء فكان عليهم أن يقوموا لمسح المجن اعداده للحرب.

 

(عد 6): يذكر
اشعياء أن الرب قد أمرة أن يقيم حارسا أو بالحرى رقيبا لكي يراقب ويخبره بما يرى
ولا يؤخذ هذا الكلام حرفيا بل مجازيا بما يفيد أن موعد إتمام النبوة كان سيأتي بعد
فترة ليست قصيره وهذا هو ما تم فعلا لأن سقوط بابل في يد كورش كان بعد عمر اشعياء
بما يزيد عن قرون ونصف.

 

(عد 7):
شاهد الرقيب أناسا راكبين خيولا اثنين اثنين (وربما تكون هنا اشارة إلى أتحاد
الماديين والفرس) وآخرين راكبين حميرا وجمالا (وهم خدام الجيش المكلفين بحمل
الأمتعة) وأمام هذا المشهد كان على الحارس أن يصغي بكل اهتمام.

 

(عد 8 ,9): وفجأة
يصرخ الرقيب بصوت كزئير الأسد ليقول " ها أنا أقف
على برج المراقبة يوم بعد يوم أيها الرب , وأنا ساهر على المحرس كل اليالي.. فها
ركب قادم , فرسان أزواج أزواج
" وأعلن " سقطت سقطت بابل وتحطمت سائر معبوداتها على الأرض" ولا يقصد
بتحطيم أصنامها التحطيم المادي والحرفي بل التحطيم الأدبي والمعنوي بفقدان سلطانها
وهيبتها.

 

(عد 10): هنا
يخاطب اشعياء شعبة بقوله " يا دياستي وبني بيدري.."

و
الدياسة تعني الزرع المدروس , أي شعب الله الذي صفاه ونقاه بالتأديب الصارمة. ويضيف
بأنة أخبرهم بما سمعه من رب الجنود إله إسرائيل.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ص صوم 1

 

ثانيا : النبوة عن أدوم (عد 11 – 12)

تمهيد تاريخي عن أدوم :

تمتد
بلاد أدوم جنوبي البحر الميت على تخوم موآب وأدوم هو اسم عيسو أخي يعقوب ومعناه
" أحمر " مما يذكر بلون العدس الذي باع به بكوريته (ك 25: 30) وقد أقام
نسل عيسو (ادوم) في المنطقة التي اشتملت على كل تخوم كنعان الجنوبية ممتدة من
البحر الميت إلى خليج الشرقي للبحر الأحمر ومن بينهما جبل سعير وقد جاءت تفصيلات
نسلة في (تك ص 36) أما عن العلاقات بين أدوم واليهود فقد سادتها العداوة الشديدة
بينهما

– فقد
اعترض أدوم على عبور بني إسرائيل في أرضهم حينما كانوا في طريقهم إلى كنعان (عد 20
: 20 – 21)


وحاربهم شاول في أول ملكة وهزمهم (1صم 14: 47)


وتغلب عليهم داود (2صم 8 : 14)


وعصوا سليمان (1 مل 11: 14)

– بعد
أن تغلب عليهم نبوخذنصر تغلب عليهم يهوذا مكابيوس في أيام المكابيين ثم أخضعهم
يوحنا هركانوس تماما.

– ظهر
منهم أنتيباير الادومي الذي تسلط على اليهودية سنة 47 ق.م ومن بعده ملك هيرودس
الكبير من قبل الرومان.

و من
الأنبياء – عدا اشعياء – تنبأ ارميا بخراب أدوم (49: 17 – 18) وقد تم ذلك تماما.

 

11وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ دُومَةَ: صَرَخَ إِلَيَّ صَارِخٌ مِنْ سَعِيرَ:
«يَا حَارِسُ مَا مِنَ اللَّيْلِ؟ يَا حَارِسُ مَا مِنَ اللَّيْلِ؟» 12قَالَ
الْحَارِسُ: «أَتَى صَبَاحٌ وَأَيْضاً لَيْلٌ. إِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَ
فَاطْلُبُوا. ارْجِعُوا تَعَالُوا

 

(عد 11): وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ دُومَةَ

أطلق
أشعياء على هذه البلاد اسم " دومة "
ومعناها " السكوت " وكان ذلك إشارة الى
الدمار الشامل الذى سيجعل من تلك البلاد مكانآ موحشآ بلا سكان، يخيم عليه سكون
رهيب أشبه بسكون الليل.

صَرَخَ إِلَيَّ صَارِخٌ مِنْ سَعِيرَ: «يَا حَارِسُ مَا مِنَ
اللَّيْلِ؟

يتصور
أشعياء أدوميآ يصرخ إليه من جبل سعير قائلآ :
يَا حَارِسُ مَا مِنَ
اللَّيْلِ
؟ –
والحارس هنا هو أشعياء الذى كان وحده يقظآ بينما غرق الآخرون فى سكون نوم الليل
المظلم والحالك السواد وبادر ذلك الأدومى بالسؤال الى أشعياء بإعتبارة النبى الذى
يعرف الله.

أما الفقرة
"
مَا مِنَ اللَّيْلِ
" فهى فى أصلها تعنى " أى ساعة هى الآن
" أو بمعنى

"
كم مضى وكم تبقى من الليل " – فهو مثل من
يتطلع متلهفآ نحو نور الفجر لكى يتخلص من عذاب الآلام والضيقات والشدائد الذى طال
أمده، وإشتدت وطأته، إنه ليل المظالم والخراب وأعمال العنف والقسوة الشديدة من
أشور ضد الأدوميين..

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر أخبار الأيام الأول I Chronicles 09

 

(عد 12): قَالَ الْحَارِسُ: أَتَى صَبَاحٌ وَأَيْضاً لَيْلٌ

هنا
يجيب أشعياء مستخدمآ صيغة الغائب، فقال أتى نور الفجر – وأيضآ ليل..

ويفسر
البعض ذلك بإعتبار الصباح يعنى راحة قصيرة أعقبها ليل، أى عودة الضيق.. ويستشهد
هؤلاء بما حدث لأدوم من ضيق على يد سرجون ثم بعض الراحة فى أول عهد سنحاريب الذى
فى آخر أيام مُلكة هجم الأشوريون على أدوم ونهبوها..

و
يفسر آخرون الصباح والليل بأن الأول يعنى الخلاص لمن يجدون فى الرب ملجأ، والثانى
هو الهلاك لمن يظًلون فى خطيتهم..

 

ثالثا : النبوة عن بلاد العرب (عد 13 – 17)

13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ
الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً
لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ
بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ
السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ
شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ
سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عددِ
قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ
قَدْ تَكَلَّمَ».

 

أطلق
اشعياء على بلاد العرب ثلاثة أسماء أخرى وهي :

الددانيين
: وقد ذُكِر اسمة ددان بن رعمة بن كوش بن حام في (تك 10 : 7)

وسَكَنت
ذريته مقاطعة في بلاد العرب على الخليج العربي.

كما
أُطلِق أسم ددان أيضا على ابن يقشعان بن إبراهيم من قطورة (تك 25 : 3)

وسكن
نسله منطقة بلاد العرب جنوبي أرض أدوم واشتهروا بالتجارة مع شعوب كثيرة.

تَيْمِاء
: أو" تيما " وهو أحد أبناء إسماعيل بن إبراهيم (تك 25 : 15) وأقام نسله
في بلاد العرب.

قيدار
: وهو الابن الثاني لإسماعيل بن إبراهيم (تك 25 : 13) ويعني اسمه

"
أسود الجلد " – وقد صارت ذريته أشهر قبائل العرب وعُرِفوا بالقوة في الحروب
ولا سيما في الرمي بالقوس.

ينبىء
أشعياء بأن الددانيين سيتعرضون لخطر الموت والهلاك فيضطرون الى المبيت فى الوعر
(أو فى الغاب كما فى بعض الترجمات) هروبآ من تلك الأخطار ويحتاجون الى الماء
والخبز، وهنا يدعو أشعياء سكان تيماء الى إمدادهم بهما حيث أن القوافل قد أخلت
الطريق أمام الغزاة بسيوفهم المسلولة وقسيًهم المشدودة.

و
يؤكد أشعياء على لسان الرب أن مجد قيدار سيخبو، وأبطالهم رماة القسى سيتناقصون فى
مدة سنة كسنة الأجير المحددة التى لا تزيد ولا تنقص.

و أما
عن إتمام هذه النبوة فقد جاء بالسنن القويم مجلد 8 :

"
والأرجح أن النبوة تَمًت بهجوم سرجون على بلاد العرب بعد تاريخ هذه النبوة
بسنة".

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي