الإصحَاحُ
الثَّالِثُ + الإصحَاحُ الرَّابعُ

 

عظة (4)

تفسير الآيات من:

"وقال الرب لي في أيام يوشيا
الملك"
(إر
3: 6)

حتى:

"قد بررت نفسها العاصية إسرائيل
أكثر من الخائنة يهوذا"
(إر 3: 11)

1. يمثل هذا الجزء شيئًًا من الغموض يجب
علينا كشفه، وبعد ذلك إذا سمح الله، سوف نعرف القصد منه.

يريدنا النبي هنا أن نعرف –كما هو مكتوب
في سفر الملوك- أن الشعب قُسَّم في أيام رحبعام إلى مملكة مكونة من عشرة أسباط
كانت تحت حكم يربعام، وإلى مملكة أخرى مكونة من سبطين تحت حكم رحبعام. مجموعة
أسباط يربعام دُعيت إسرائيل، وسبطا رحبعام دُعيا يهوذا. واستمر هذا الانقسام في
الشعب حتى هذا اليوم (وقت النبي): فنحن في الواقع لا نعرف أي حدث كان من شأنه
تجميع إسرائيل ويهوذا في اتحاد واحد.

إذًا فإسرائيل –إسرائيل التي ليربعام
وخلفائه- أخطأت أولاً وأخطأت أيضًا أكثر؛ ووصلت خطاياها –بالمقارنة مع يهوذا- إلى
درجة أن الله جعلها تُساق إلى السبي عند الآشوريين، واستمر ذلك كما يقول الكتاب
"حتى الآن".

وبعد ذلك أخطأ أيضًا أبناء يهوذا، وتم
سبيهم إلى بابل، ولكن ليس "حتى الآن" مثل إسرائيل، وإنما لمدة 70 سنة
تنبأ عنها إرميا كما ذكرها أيضًا دانيال.

ويعلن الله أخطاء إسرائيل في الكلمات
الموجودة في الآية 6، ثم يقول[1]:
بعد كل تلك الخطايا التي ارتكبتها إسرائيل، فإن يهوذا التي عَلِمَت بكل هذه
الخطايا،ورأت كيف أَرْسَلَتْها (أي إسرائيل) للسبي، لم تستفد من ذلك الدرس، بل على
العكس، أكثرت من خطاياها، إلى درجة أن خطاياها هذه إذا ما قورنت بخطايا إسرائيل
فسوف نجد بِرًا في إسرائيل أكثر من يهوذا.

وعندئذ[2]
أخذ النبي الأمر بالتنبؤ لأن يهوذا أصبحت أكثر شرًا من إسرائيل، وحتى يرجعوا عن
خطاياهم. ثم بعد هذا، تنبأ النبي أيضًا أن إسرائيل ويهوذا سوف يجتمعان، وأنه في
يوم من الأيام سوف يجمعهم مُلْك واحد[3].

ومن كان مهتمًا بتفسير القراءات، فليراجع
ما تم شرحه اليوم، وسوف يرى أن المعنى قد أخذ في الوضوح.

"وقال الرب لي في أيام يوشيا
الملك: هل رأيت ما فعلت العاصية إسرائيل؟"
–إسرائيل أولاً وليس يهوذا-
"انطلقت إلى كل جبل عال وإلى كل شجرة خضراء وزنت هناك. فقلت بعدما فعلت كل
هذه: ارجعي إليّ. فلم ترجع. فرأت أختها الخائنة يهوذا. فرأيت أنه لأجل كل الأسباب
إذ زنت العاصية إسرائيل، فطلقتها وأعطيتها كتاب طلاق"
،

1. كان على يهوذا أن تستخلص من ذلك درسًا
–لأني طلقت إسرائيل وطردتها عند الآشوريين وأعطيتها كتاب طلاق في يديها– ومع
ذلك "لم تخفْ الخائنة يهوذا أختها" ولم تكتفِ بهذا الدرس، بل
أضافت إلى خطاياها آثام أكثر، حتى بدت خطايا شعب إسرائيل بالمقارنة بخطايا شعب
يهوذا كأنها بر وصلاح. "لم تخف الخائنة يهوذا أختها بل مضت وزنت هي أيضًا.
وكان من هوان زناها أنها نجست الأرض وزنت مع الحجر ومع الشجر.
وفي كل هذا
أيضًا لم ترجع إليّ أختها الخائنة يهوذا بكل قلبها بل
" رجعت إليّ "بالكذب".
لم تهابني بعد كل ما فعلتهُ بإسرائيل ولم ترجع إليّ رجوعًا كاملاً بل بالعكس
رجعت إليّ بالكذب. "فقال الرب لي: قد بررت نفسها العاصية إسرائيل أكثر من
الخائنة يهوذا".

2. دعونا نرى ما هو القصد من وراء هذا
الجزء.

إن دعوة الأمم بدأت عند سقوط إسرائيل،
فبعدما كرز الرسل لجماعة اليهود قالوا لهم: "كان يجب أن تُكَلَموا أنتم
أولاً بكلمة الله ولكن إذ دفعتموها عنكم وحَكَمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية
هوذا نتوجه إلى الأمم"
(أع 13: 46).

ويقول أيضًا الرسول العارف بهذا الموضوع:
"بِزَلّتِهم صار الخلاص للأمم لإغارتهم" (رؤ 11: 11). إذًا
فالأخطاء الكثيرة لهذا الشعب أدت إلى استبعادهم، كما أدت أيضًا إلى دخولنا إلى
"رجاء الخلاص"، نحن الذين كنا غرباء عن عهود الموعد، لا رجاء
لنا"
(أف 2: 12). كيف إذًا حدث ذلك الأمر، كيف أنه بعدما ولدت في أي مكان
من العالم، وبعدما كنت غريبًا عن أرض الموعد، أقف اليوم لأتحدث عن وعود الله،
وأؤمن بإله الآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب، بل وأكثر من ذلك أن أقبل في داخلي يسوع
المسيح الذي تنبأ عنه الأنبياء من قبل؟

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس س ساكف ف

ونلاحظ أ، شعب إسرائيل هذا هو الذي كتب
عنه: "فطلقتها (أي إسرائيل) وأعطيتها كتاب طلاقها". إن الله قد
طلق إسرائيل وأعطاها كتاب طلاقها وهذا قد يحدث بالنسبة للمتزوجين. إذا أصبحت
الزوجة مكروهة عند زوجها كما هو مكتوب في شريعة موسي، فإن الزوج يكتب لها كتاب
طلاق فتطلق، ويكون من حق الزوج الذي طلق امرأته الأولي لسبب سوء سلوكها يتزوج
بأخرى.

بنفس الطريقة فإن شعب إسرائيل بعدما أخذ
كتاب طلاقه تم إهماله تمامًا. فأين أنبيائهم بعد؟ وأين"معجزاتهم" بعد؟
وأين هو ظهور الله لهم؟ وأين العبادة والهيكل والذبائح؟ لقد طَرُدوا من مكانهم.

فالله إذًا قد أعطي إسرائيل كتاب طلاق؛
ثم نحن، يهوذا، لأن المخلص قد خرج من سبط يهوذا لقد رجعنا إلي الرب، ولكن يبدو أن
أيامنا الأخيرة سوف تشابه أيام يهوذا الأخيرة إن لم تكن أسوأ منها. فيبدو أن هذا
هو وقت انتهاء العالم فعلاً. ويظهر هذا بوضوح من كلام السيد المسيح في إنجيله:
"ولكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين، ولكن الذي يصبر إلي المنتهي فهذا
يخلص"
(مت 24: 12-13). وأيضًا: "سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة
ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لم أمكن المختارين أيضًا
" (مت 24:
24). وهذا هو وقتنا الحاضر الذي يقصده المخلص بمجيئه الثاني، حيث أنه إذا بحثنا في
العديد من الكنائس سوف لا نجد مؤمنًا واحدًا حقيقيًا: "ولكن متي جاء ابن
الإنسان ألعله يجد الإيمان علي الأرض
" (لو 18: 8). وبالفعل، فإنه إذا
حكمنا علي الأوضاع من حيث الحقيقة وليس من حيث العدد، ولو نظرنا إلي الأعماق
الداخلية بدلاً من النظر إلي أعداد الناس المجتمعة، فسوف ندرك أننا لم نعد بعد
مؤمنين أمناء. فقبل ذلك كان يوجد مؤمنين حقيقيين، في عصر الشهداء المزدهر، فعند
عودة مواكب أجساد الشهداء إلي القبور كانت الكنيسة كلها تجتمع بلا أي خوف، وكان
الداخلون إلي الإيمان حديثًا يتعلمون مبادئ المسيحية وهم يريدون من حولهم اجساد
الشهداء، كما أن مؤمنين كثيرين كانوا يعترفون بإيمانهم حتى الموت دون أن يكونوا
خائفين او متزعزعين في إيمانهم بالله الحي. إذًا فنحن نعرف أناسًا قد رأوا أشياء
عجيبة وغير عادية. فكان يوجد إذا مؤمنين قليلون، ولكنهم مؤمنون حقيقيون، اتبعوا
الطريق الضيق الكرب المؤدي إلي الحياة. أما الآن وقد أصبحنا كثيرين في
عددنا، ولما كان من غير الممكن ان يكون هناك كثيرين منتخبين، لأن يسوع لا يكذب
حينما يقول: "كثيرون يدعون وقليلون يُنتخبون"، فمن بين الجموع
الذين يتخذون العقيدة الدينية عملاً لهم (مهنة لهم) يوجد بالكاد قليلين يصلحون للانتخاب
الإلهي وللتطويب.

4. فعندما يقول الله: "لقد طلقت
أولاً إسرائيل بسبب خطاياها وأبعدتها عني، ويهوذا لم ترجع إلي بالرغم من معرفتها
بما حدث لإسرائيل"، فإنه يتحدث أيضًا عن خطايانا. عند قراءتنا للمصائب والأهوال
التي حلت بشعب إسرائيل، يجب أن تأخذنا رعدة ونقول: "إن كان الله يشفق علي
الأغصان الطبيعية فلعله لا يشفق عليك أيضًا" (رو 11: 21).
إذا كان الذين
يفتخرون بأنهم زيتونة حقيقية (رو 11: 24)، الذين هم متأصلين في جذور
إبراهيم وإسحق ويعقوب، قد قطعتم الله بلا شفقة، رغم صلاحه وحبه للإنسان، فكم
بالحري نحن؟

"هوذا لطف الله وصرامته"
(رو 11: 22)، فهو ليس لطيفًا بدون صرامة، ولا صارمًا بدون لطف. فلو أن الله كان
لطيفًا فقط بلا صرامة لكنا قد ازددنا في احتقارنا وعدم مبالاتنا تجاه لطفه. ولو
كان صارمًا بلا لطف لكنا قد سقطنا في اليأس من خطايانا. ولكن في الواقع بما أنه
إله فهو لطيف وصارم في آن واحد، وأما نحن البشر فإننا نحن الذين نختار: نختار لطفه
إذا رجعنا إليه، ونختار صرامته إذا بقينا في خطايانا. ويكلمنا الله علي لسان
الأنبياء ليقول لنا: "هل رأيت ما فعلت العاصية إسرائيل"، -يفهم
من إسرائيل هنا الشعب اليهودي-، "انطلقت إلي كل جبل عال وإلي كل شجرة
خضراء
".

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس م مفاتيح الملكوت ت

إذا نظرت إلي الفريسي الذي صعد إلي
الهيكل بغرور بدون أن يقرع صدره ولا ان ينشغل بخطاياه، بل قائلاً: "اللهم
إني أشكرك أني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة، ولامثل هذا العشار.
أصوم مرتين في الأسبوع وأعشر كل ما أقتنيه
"(لو 18: 11-12)، فسوف تفهم أنه
قد صعد إلي كل جبل عال، بمشاعره التي تستحق اللوم وبحبه للتفاخر والتباهي،
كذلك بالغرور والكبرياء صعد أيضًا إلي كل أكمة مرتفعة، جاء تحت كل شجرة،
ليس شجرة مثمرة، وإنما شجرة خشب فقط. فهناك اختلاف بين شجر الخشب وبين الشجر
المثمر: فعندما نزرع شجرًا للأخشاب فقط، نقوم بزرع بذور غير مثمرة، مجرد بذور
عميقة. وهي ترمز إلي حوارات الهراطقة وحجبهم ذات البريق الغاش المخادع الغي صالح
لإقناع السامعين. فإذا تركن أنفسنا وراء هذه المجادلات، فقد ذهبنا تحت كل شجرة
للخشب
.

5. "وزنت هناك. فقلت بعدما فعلت
كل هذه ارجعي إليّ. فلم ترجع. فرأت أختها الخائنة يهوذا (خيانة إسرائيل)".

هذا العتاب موجه لنا نحن أيضًا، نحن الذين نخطئ، ولا نوفي بعهودنا مع الله، نحن
الذين لا نري ما حدث للذين فقدوا عهودهم مع الله على الرغم من كونهم من نسل
إبراهيم وعلى الرغم من أنهم قد أخذوا الوعد.

يجب علينا إذًا أن نتمسك بهذه الفكرة:
بما أن هؤلاء قد قُطِعوا من البركات ومن الوعود الإلهية، وأن كونهم من نسل إبراهيم
لم يفدهم بشىء، فكم بالحري إذا أخطأنا نحن، فسوف نكون مُهمَلين من الله. ويقول لهم
المخلص: "لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم".
كذلك يقول لهم القديس يوحنا: "لا تبتدئوا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أبًا،
لأني أقول لكم أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم".

إنه يقصدنا نحن بكلمة هذه الحجارة،
بقلوبنا الحجرية وقسوتنا تجاه الحق، وأنها بالفعل حقيقة أن الله في قدرته قد أقام
أولادًا لإبراهيم من خلال الحجارة.

"فرأيت أنه لأجل كل الأسباب إذ
زنت العاصية إسرائيل فطلقتها وأعطيتها كتاب طلاقها لم تخف الخائنة يهوذا
أختها"
. بعد كل هذا الذي صنعته بإسرائيل لم تخف يهوذا مما حدث للآخرين.

جاء عبدًا جديدًا ليخدم صاحب منزل، وبما
أنه قد تم شراؤه حديثًا، بدأ يسأل ويستفسر: أي من الخدم السابقين كان صالحًا في
عينيْ سيده ولماذا؟ وأي منهم كان شريرًا في عينيه ولماذا؟ وبعدما يفكر إذا كان سوف
يستمر في خدمة سيد ذلك المنزل، فإنه يجتنب السلوك الذي أدى إلى طرد العبيد الأشرار
وعقابهم. ثم في عمله بالسلوك الطيب الذي اتبعه العبيد السابقين والذي جعلهم
مطوَّبين من سيدهم، تأخذه الغيرة ليحذوا حذوهم.

نحن أيضًا، كنا عبيد، ولكن ليس لله ولكن
للأوثان والشياطين؛ لقد كنا وثنيين وإننا رجعنا فقط إلى الله من أمس أو من أول
أمس: فلنقرأ الكتاب المقدس، ولننظر من فيه تبرر، ومن فيه قد دين، ولنتمثل بالذين
قد تبرروا، ولنتحاشى السقوط في أخطاء الذين أُسلِموا إلى السبي والذين طُرِدوا
بعيدًا عن الله.

6. "لم تخف الخائنة يهوذا أختها
بل مضت وزنت هي أيضًا. وكان من هوان زناها أنها نجست الأرض وزنت مع الحجر ومع
الشجر"
، فعندما نخطئ وتتحول قلوبنا إلى حجر فإننا لا نفعل شيئًا
آخر سوى ارتكاب الزنا مع الحجر.

"وفي كل هذا أيضًا لم ترجع إليّ
أختها الخائنة يهوذا بكل قلبها بل بالكذب"
. إذا كنا في توبتنا ورجوعنا
لله نضع الشروط والتحفظات، فإننا نستحق هذا العقاب من الله أننا لم نرجع إليه بكل
قلبنا. فإنه لهذا قال الكتاب: لم ترجع إليّ أختها الخائنة يهوذا بكل قلبها،
ولم يقل: لم ترجع إليّ أختها الخائنة يهوذا وبقيت بلا حركة (بلا رد فعل)، وإنما: رجعت
إليّ بالكذب
.

هل تبحث عن  مسابقات الكتاب المقدس أسئلة متفرقة من الإنجيل ل

إن التوبة الحقيقية إذًا هي أن نقرأ
الكتب القديمة[4]،
ونعرف من هم الأبرار ونتمثل بهم، ومن هم الخطاة ونتجنب السقوط في أخطائهم؛ أن نقرأ
كتب العهد الجديد وكلام الرسل. وبعد القراءة نكتب كل ما قرأناه في قلوبنا ونطبقه
في حياتنا حتى لا يعطي لنا نحن أيضًا كتاب طلاق، ولكن حتى نستطيع أن نبلغ إلى
الميراث الأبدي، وأن الأمم عندما يخلصون فإن إسرائيل أيضًا حينئذ تستطيع أن
تَخلُص.

لأن: "أن القساوة قد حصلت جزئيًا
لإسرائيل إلى أن يدخل ملؤ الأمم. وهكذا سيخلص جميع إسرائيل"
(رو 11:
25-26)، "ويكونوا رعية واحدة لراعِِ واحد". ولإلهنا المجد
والقدرة إلى أبد الآبدين آمين.

 

عظة (5)

تفسير للآيات من:

"ارجعوا أيها البنون العصاة
فأشفي عصيانكم"
(إر 3: 22).

إلى:

"من أجل ذلك تنطقوا بمسوح" (إر
4: 8).

1. مكتوب بوضوح في أعمال الرسل أن الرسل
قد دخلوا أولاً إلى مجمع اليهود ليعلنوا لهم كإخوة لهم من نسل إبراهيم وإسحق
ويعقوب وليوضحوا لهم ما يختص بمجيء السيد المسيح في كلام الكتاب المقدس. ولكن لما
يقبل اليهود منهم الكلام الذي كلموهم به، كان يجب عليهم تغيير السامعين لكلامهم،
كما هو مكتوب: "كان يجب أن تكلموا أنتم أولاً بكلمة الله. ولكن إذ
دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية. هوذا نتوجه للأمم"

(أع 13: 46).

أن هذا الذي قيل بكل وضوح في أعمال
الرسل، قبل أيضًا من قبل الأنبياء في مرات عديدة؛ وفي الواقع أن الروح القدس يتكلم
بواسطة الأنبياء إلي أبناء ذلك الشعب قبل كل شيء، ولكن إذا حدث انه بعدما تكلم
كثيرًا لم يتم سماعه فإنه يتوجه برسالته النبوية إلي الأمم.

وهذا ما يظهر لنا من خلال بداية قراءتنا
هذا اليوم، حيث يقول الله لأبناء إسرائيل قبل هذا الجزء بالتحديد: "تدعيني
يا أبي ومن ورائي لا ترجعين. حقًا أنه كما تخون المرأة قرينها هكذا خنتموني يا بيت
إسرائيل يقول الرب"،
وبعدما قيل هذا الكلام الذي يخص إسرائيل، فإن الروح
القدس يتوجه أيضًا إلينا نحن أبناء الأمم ويقول: "ارجعوا أيها البنون
العصاة فأشفي عصيانكم
"، لأننا نحن المقصود بنا الناس المملوءين عصيان
(جراح). عن كل واحد منا يمكنه ان يقول، حتى وإن كان قد شفي من جراحاته: "نحن
الذين كنا قبلاً، نحن أيضًا، غير المؤمنين، أغبياء، ضالين، عبيد للشهوات والأهواء
المتنوعة نحيا في الشر والشهوة، مُبغَضين ومُبغِضين بغضنا بعضًا. ولكن حين أُظهر
صلاح مخلصنا الله وحبه للبشر سكب رحمته علينا بنعمة الميلاد الجديد". وبما
أنني ذكرت هذا الجزء للقديس بولس الرسول فسوف أحاول أن أشرحه بأكثر وضوحًا. فإنه
لم يقل: "نحن كنا قبلاً غير مؤمنين، أغبياء"، ولكن القديس بولس الرسول،
ابن إسرائيل، الذي من جهة بر الناموس بلا لوم، يقول: "نحن الذين
كنا قبلاً نحن أيضًا
" نحن أيضًا أبناء إسرائيل "كنا غير مؤمنين،
أغبياء؛ فإن أبناء الأمم لم يكونوا هم وحدهم الأغبياء، ولم يكونوا وحدهم
الغير مؤمنين، ولم يكونوا وحدهم الخطاة، ولكن نحن أيضًا الذين استلمنا الشريعة،
كنا كذلك قبل مجيء السيد المسيح.

وبعد ذلك الكلام الموجه إلي إسرائيل، فقد
قيل لنا نحن أبناء الأمم: "ارجعوا أيها البنون العصاة فأشفي
عصيانكم".
لكن قد يقول قائل: "إن هذا الكلام موجه إلي إسرائيل وأنك
أنت الذي تطبقه علي الأمم".



[1]
الآيات من 7-11.

[2]
الآيات من 12-14.

[3]
الآية 18.

[4]
أي كتب العهد القديم.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي