مختصر
تَفْسِير سِفْرُ إِرْمِيَا

القمص
تادرس يعقوب ملطى

لسفر
إرميا أهمية خاصة تمس حياة المؤمنين فى كل عصر.

عاش
النبى فى فترة عصيبة، فمنذ حوالى قرن سقطت مملكة الشمال " إسرائيل "
بأسباطها العشرة تحت السبى، وزال مجدها بسبب ما اتسم بها ملوكها العتاة من عجرفة وفساد.
أما مملكة الجنوب " يهوذا " فعوض أن تتعظ بما حل بأختها " إسرائيل
"، نست أو تناست ما صنعته الخطية بأختها، حاسبة أن ذلك هو حكم الهي عادل
لأنفصالها عن يهوذا وإقامتها مركزا للعبادة فى السامرة عوض هيكل أورشليم.

 

مفتاح السفر:

مع
بداية خدمة إرميا كان الكل قد انحرفوا إلى عبادة الأوثان وانحطت أخلاقياتهم حتى
حتى سكنت الشريرات حول بيت الرب يكرسن حياتهن لأرتكاب الشر مع القادمين للعبادة،
وانشغل رجال الدين مع الأنبياء الكذبة لمحبة المال والمجد الباطل. وإذ أراد يوشيا
الملك الإصلاح قام بترميم الهيكل، لكن الإصلاح لم يصل إلى القلوب. فجاء إرميا يحذر
وينذر معلنا ضرورة التوبة والرجوع إلى الله بكل القلب، مهتما بالأصلاح الداخلى
للنفس وإلا سقطت المملكة!

 هذا هو مفتاح السفر

وسط
هذا الظلام الدامس أشرقت أشعة الرجاء بالرب على النبى الباكى الشجاع، إذ رأى من
بعيد المسيا المخلص قادما ليقيم عهدا جديدا، فيه تنقش شريعة الله لا على لوحى حجر،
إنما داخل القلب الحجرى لتجعل منه سماء مقدسة!.

هذا
السفر فى حقيقته هو سفر كل نفس قد مالت فى ضعفها إلى تغطية ذاتها بالشكليات فى
العبادة دون التمتع بعمل الله الخفى والأنشغال بالعريس السماوى.

فى
هذا السفر نرى رجل الله مختفيا وراء كلمة الله النارية لكى يعلن الحق الذى كاد أن
يرفضه الكل. يكشف أحكام الله وتأديباته فى غير مداهنة ولا مجاملة، بل فى إتضاع مع
حزم، فى قوة مع بث روح الرجاء.. وقد كلفه ذلك احتمال اضطهادات كثيرة ومتاعب، بل
ودفع حياته كلها ثمنا لذلك.

 

إرميا
النبى وظروف الكتابة:

أ
– إن كان هذا السفر ينسب لإرميا النبى، لكن البعض يرى أن صديقه الحميم "
باروخ " الكاتب هو الذى سجله (36: 23)، إذ كان محتفظا بمنطوقات النبى ومدركا
لدقائق حياته.

ب
– كلمة " إرميا " تعنى " يهوه يؤسس أو يثبت "، وربما تعنى
" يهوه يرفع أو يمجد ". ففى أحلك الفترات ظلاما، بينما كان إسرائيل
مسبيا ويهوذا فى طريقه إلى السبى جاء إرميا من قبل الرب يعلن أن الله يود أن يؤسس
شعبه ويثبته، بل يرفعه ويمجده إن عاد إليه بالتوبة من كل القلب.

ج
– ولد إرميا فى منتصف القرن السابع ق. م. فى أواخر عصر الملك منسى المرتد، من
عائلة كهنوتية، تقطن فى قرية صغيرة تسمى عناثوث فى أرض بنيامين، وقد أفاده نسبه
إلى عائلة كهنوتية فى معرفة الشريعة وإدراكه أعمال الله مع شعبه. أما كونه بجوار
أورشليم، فقد أتاح له وهو فى سن صغير أن يحضر المواسم والأعياد المقدسة ويرى التصرفات
الفاسدة فى الأيام المقدسة للرب.

كان
إرميا فى عينى نفسه أمام الله كطفل صغير، أما أمام الناس فصاحب قلب أسدى لا يعرف
الخوف ولا المهادنة.

كان
حساسا للغاية، رقيق المشاعر، عاطفيا إلى أبعد الحدود، لكنه قوى لا يعرف الضعف، ولا
يتراخى فى إعلان الحق مهما كلفه الأمر.

عاش
باكيا، تجرى دموعه كنهر ينساب ولا يجف، فدعى بالنبى الباكى، لكنه غير هزيل ولا
متراخ فى جهاده.

 

دعى
" أيوب الأنبياء "، رجل آلام وضيقات بسبب جرأته.


رفضه شعبه ورذلوه (11: 18 – 21).


خانه إخوته (14: 13 – 16 ؛ 28: 10 – 17).


ضرب ووضع فى مقطرة (20: 1 – 2).


هدد بالقتل (26: 8، 36: 26).


– سجن وأتهم بالخيانة الوطنية (32: 2، 3 ؛ 37: 11 – 15).


وضع فى جب ليموت (38: 6).


قيد فى سلاسل (40: 1).


أحرقت بعض نبواته (36: 22 – 25).


حمل إلى مصر قسرا وهناك رجمه شعبه.

من
يوم ميلاده إلى لحظة استشهاده نادرا جدا ما وجد إرميا تعزية من بشر، لهذا فيعتبر
سندا لكل مسيحى يدعى ليعيش " ضد العالم "
إنه أشبه بمنارة عالية تنير له الطريق.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد جديد إنجيل يوحنا 03

دعى
" نبى القلب المنكسر " فقد كسرت رسالته الثقيلة قلبه (9: 1)، وسرت كلمة
الله فى عظامه كنار ملتهبة (20: 9).

وجه
أحاديثه إلى يهوذا فى أحرج اللحظات.. ولا تزال كلمات الله التى نطق بها تصرخ لتحذر
كل نفس وكل قلب حتى اليوم!

عاصر
إرميا ثلاثة معارك رئيسية ليهوذا: معركة ضد مصر (609 ق.م.)، ومعركتان ضد بابل
(597، 587 ق.م.).

 

عاصر
أيضا ثلاث مراحل للسبى (597، 587، 582 ق.م.). ويرى البعض أن إرميا عاصر السبى فى
مراحله الأربع:

أ
– السبى الأول: سنة 606 ق.م. فى أيام الملك يهوياقيم، فيه سبى دانيال وأصدقاؤه
الثلاثة (2 أى 6: 36، 7، دا 1: 1، 2، 6).

ب
– السبى الثانى: سنة 599 ق.م. فى أيام الملك يهوياكين، ويسمى السبى العظيم (2 مل
24: 8 – 16، 2 أى 36: 9، 10)، فيه سبى حزقيال النبى (حز 1: 1، 2)، ومردخاى (إش 2:
6).

ج
– السبى الثالث: سنة 588 ق.م. بسبب تمرد صدقيا الملك على نبوخذنصر (2 أى 36: 2)،
حيث حوصرت أورشليم واشتد بها الجوع (إر 37: 5 – 7)، لكن عاد جيش الكلدانيين يستأنف
حصاره، واضطر صدقيا إلى الهروب، فقبض عليه.

د
– السبى الرابع: سنة 584 ق.م. على يد نبوزردان رئيس الشرط (إر 52: 12، 30)، حيث
أحرق بيت الرب وبيت الملك وهدمت أسوار المدينة وبعد ثلاثة أيام انتهت أعمال
التدمير الشامل، فصار اليوم العاشر من الشهر الخامس يوم بكاء لسقوط أورشليم (إر
52: 12 ؛ زك 7: 3، 5، 8: 19).

بدأ
إرميا خدمته النبوية بعد 60 عاما من نياحة إشعياء النبى الإنجيلى. عاصر النبيين
حبقوق وصفنيا اللذين ساعداه فى أورشليم. وحزقيال الكاهن ودانيال الذى يحمل دما
ملوكيا، وربما أيضا ناحوم الذى تنبأ عن سقوط نينوى، وعوبديا الذى تنبأ عن دمار
آدوم.

عاش إرميا بتولا، لم يتزوج، بأمر الهي، حتى لا يقاسى أولاده مما
سيعانى منه الشعب من جوع وسيف وعار
(إر 16: 1 – 4).

 

مميزات
السفر:

1
– مال إشعياء النبى إلى الحديث بفيض عن تعزيات الله الفياضة مع لمسات خفية من جهة
التوبيخ، أما إرميا النبى فمال إلى التوبيخ بشدة مع فتح باب الرجاء.

2
– جاء السفر يكشف عن قلب نبى مملوء حبا وحنوا. يتحدث بقوة بأمثلة عملية وتشبيهات
لكى يجتذب الشعب، فاتحا أمامهم باب الرجاء. لقد انحرف الشعب إلى عبادة الأوثان،
وقدموا أحيانا أطفالهم ذبائح للآلهة الغريبة، ومع هذا بحب شديد كان يصلى من أجلهم،
حتى حين أمره الله أن يكف عن ذلك (7: 16، 11: 14، 14: 11).

3
– العلاقة الشخصية مع الله فى عينى إرميا النبى تتكامل مع علاقة الله بشعبه ككل.
فقد اختبر إرميا النبى هذه العلاقة المتكاملة، فكان يطلب أن يرى الله ساكنا فى وسط
شعبه (7: 23)، وفى نفس الوقت يطلبه ساكنا فى كل قلب. كان يطلب توبة جماعية مع توبة
شخصية! لهذا يربط النبى التاريخ الخاص بالخلاص بحياة الكنيسة كما بحياة الأشخاص،
إذ غايته تمتع الكل بعمل الله الخلاصى خلال التوبة، وتمتع كل عضو بهذه الحياة.

4
– يرى البعض أن أرميا النبى كان متشائما كل التشاؤم، متفائلا كل التفاؤل. إذ ينظر
إلى فساد يهوذا وخيانته للعهد الإلهى بتشاؤم وإذ يتطلع إلى حب الله وطول أناته
يمتلىء رجاء. إلهه إله الرجاء والوعد والقوة، له إرادة لا تقهر من جهة إقامة شعب
مقدس له.

5
– يقدم لنا سفر إرميا مفاهيم لاهوتية روحية حية:

أ
– خطية الشعب هى فى جوهرها كسر الميثاق مع الله، وبالتالى التوبة هى عودة إلى
الحياة الميثاقية مع الله.

ب
– كل جريمة يقترفها الإنسان ضد أخيه موجهة ضد الله نفسه.

ج
– نجح النبى فى تأكيد حب الله حتى فى لحظات السقوط تحت التأديب، مؤكدا أن التأديب
هو علامة اهتمام الله بهم وحبه لهم.

د
– الدمار الذى حل بهم يحتاج إلى دخول فى عهد جديد (31: 31 – 34).

6
– فى هذا السفر تتجلى حياة النبى الروحية بكل وضوح فقد اتسم بأمانته لرسالته حتى
النفس الأخير بالرغم من النفور الذى واجهه به الكل.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر يوئيل خادم الرب 00

7
– حمل هذا السفر رسالة نبوية، تحقق بعضها بعد حياته بزمن قليل، لكن غايته الأسمى
هى ما تحقق فى العهد الجديد. وجد الرائى اللاهوتى يوحنا أن ما حدث فى الأزمنة
الأخيرة مطابقا لما ورد فى سفر إرميا، من ذلك هلاك بابل (رؤ 18: 22، 14: 8، 17: 2
– 4، 18: 2 – 5 يقابله إر 25: 10، 51: 7 – 9، 45، 63، 64).

8
– سفر إرميا كرسائل معلمنا بولس الرسول يكشف عن طبيعة رجل الله الشديد الحساسية
نحو شعب الله مستندا على العمل الإلهى. وقد تأثر الرسول بولس كثيرا بإرميا النبى
فى شدة حبه للشعب كما فى معالجته لبعض المواضيع مثل الناموس والنعمة والحرية
والختان الروحى [راجع إر 31: 31 – 34 مع 2 كو 3: 6 الخ ورو 11: 1 ؛ إر 1: 5 مع غلا
1: 15].

9
– سفر إرميا هو سفر النبوات: كثيرا ما أشار الكاتب بكونه " إرميا النبى
"
إذ كان إرميا مدركا لرسالته ولدعوته الإلهية كنبى (1: 5 ؛ 15: 19).
كنبى حقيقى قاوم الأنبياء الكذبة الذين ينطقون بكلمات هى من وحى أفكارهم الخاصة.
أما بالنسبة له فكرر العبارة " كلمة الرب التى صارت.. " أو ما
يعادلها 151 مرة.

أما
موضوع النبوات فهو:

أ
– المسيا المخلص.

ب
– يهوذا: سبيه وعودته.

ج
– مدن: أورشليم، بابل، دمشق.

د
– شعوب أممية: مصر، فلسطين، موآب، عمون، آدوم، عيلام، بابل.

هذه
النبوات تحقق بعضها فى وقت قريب من النطق بها، وبعضها بعد زمن طويل.

10
– سفر إرميا هو سفر التساؤلات، يحوى أسئلة ربما أكثر مما ورد فى سفر أيوب.

 

هو
سفر الإصلاح
، خاصة فى الإصحاحات 30 – 33.

سفر
الرثاء

والأضطهادات.

سفر
الرموز
:
استخدم إرميا الكثير من الرموز بأمر الهي لأجل التعليم، تارة يلبس منطقة بالية،
وأخرى يضع نيرا على عنقه كالثور، وثالثة يكسر زقا أمام الوالى، ورابعة يشترى حقلا
ويدفن الوصية.

 

إرميا
والأنبياء الكبار:

1
– إن كان إشعياء النبى قد قدم نبواته قبل سبى الأسباط العشرة، فإنه مع ما أدركه من
فساد الشعب كان مشتاقا إلى الخدمة. علة ذلك أنه رأى رؤى سماوية مجيدة، منها تلك
التى وردت فى الإصحاح السادس.. هذا دفعه للقول: "
هأنذا أرسلنى "
إش 6: 8.

أما
دانيال الذى عاصر أمر لحظات الشر، تردد فى قبول الخدمة قائلا: " آه يا سيد الرب إنى لا أعرف أن أتكلم لأنى ولد "
1: 6،.. واحتاج أن يسحبه الله إلى الخدمة ويلزمه بها.

إنه
لم يتمتع بالرؤى كإشعياء، لكنه تحدث مع الله كصديق حميم جمعت بينهما الألفة، ففى
بساطة يقول: " فكانت كلمة الرب إلى قائلا
"
1: 4.

2
– يتشابه إرميا النبى مع النبى حزقيال فى كونهما كاهنين، دعيا للنبوة، ولم يمارسا
العمل الكهنوتى. كانت خدمة النبى بين المسبيين فى مملكة بابل، أما خدمة إرميا
النبى فكانت بين مساكين الشعب الذين تركوا فى الأرض. امتاز إرميا برقة المشاعر، فكان يبكى ثكلى بنت شعبه واهتزت جدران قلبه فى أعماقه، أما
حزقيال فامتاز بالنشاط والحماس والألتزام بالمسئولية.

3
– شاهد إرميا النبى دانيال الشاب وهو يساق أسيرا إلى بابل فى السنة الثالثة
لحكم الملك يهوياقيم (دا 1). تحدث دانيال النبة عن انهيار الأمبراطوريات الأربع
(بابل، مادى وفارس، واليونان، والرومان) ليملك الرب الملك بالصليب على القلب، كما
تحدث عن مجىء المسيا الأخير. أما إرميا النبى فلم يتحدث عن إنهيار الممالك وإنما
عن مدة السبى والرجوع منه بعد سبعين سنة، وقد كانت نبوته معروفة لدانيال النبى
وربما منها عرف مدة السبى (دا 9: 1، 2).

هذا
وقد عاصر إرميا النبى النبيين: صفنيا الذى تنبأ قبيل حدوث السبى (صف 1: 1) وحبقوق
الذى تنبأ أيضا قبل السبى البابلى.

 

مصر
وبابل فى سفر إرميا:

إن
كانت مصر قد حملت البركة بإستقبالها العائلة المقدسة فتحقق لها الوعد الإلهى (إش
19) وصار شعبها المصرى مباركا، وفى وسطها أقيم مذبح للرب، لكن مصر فى العهد القديم
كانت تشير إلى محبة العالم إذ عرفت بنيلها الذى أكسب الوادى خصوبة، كما عرفت بابل
بكبريائها، فصارت رمزا لكل كبرياء كما للزنا. لهذا فمن الجانب الرمزى جاء إرميا
النبى يحذر المؤمنين من الإلتجاء إلى فرعون مصر، أى إلى العالم فى محبته المهلكة،
أو إلى ملك بابل، أى إلى الكبرياء المفسد للنفس، وإنما يكون الألتجاء لله وحده
الذى يحرر النفس والجسد معا من أسر محبة العالم والكبرياء!

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر أيوب لويس صليب 38

 

المسيا فى سفر إرميا:

يبرز
إرميا الحاجة إلى المسيا الملك البار ليحقق الخلاص. فإن كان ملوك بيت داود قد
أساءوا القيادة، وكان ذلك أحد العوامل التى شتت الرعية، فإن الله يعد بالأنبياء عن
مجىء ملك جديد من نسل داود، بار وحكيم، يخلص يهوذا القطيع الجديد (23: 3 – 6).
وكأن إرميا النبى قد تطلع بنظرة نبوية إلى العصر المسيانى الذى فيه يحقق السيد
المسيح التجديد الروحى الحق، فيقدم الله عهدا جديدا لإسرائيل الجديد، حيث يملك
الله روحيا على القلب (23: 5 – 8 ؛ 30: 4 – 11 ؛ 33، 32). وبظهور هذا العصر الجديد
ينتهى الطقس اليهودى فى حرفيته، وينفتح الباب لدعوة الأمم (3: 17).

لا
يقف الأمر عند النبوات عن عصر المسيا وإنما كانت شخصية إرميا ترتبط كثيرا بشخصية
السيد المسيح، حتى عندما سأل السيد تلاميذه: من يقول الناس إنى أنا ابن الإنسان؟
قالوا إن بعضا يقول إنه إرميا (مت 16: 14).

 

أما
أهم ملامح هذا الأرتباط فهى:

أ
– عاش إرميا يحمل فى داخله أثقال شعب الله بمرارة، إذ يقول " أحشائى أحشائى،
توجعنى! جدران قلبى! يئن فى قلبى! لا أستطيع السكوت " 4: 19.

وبدموع
يقدم مرثاة رائعة، قائلا:

 "
يا ليت رأسى ماء وعينى ينبوع دموع؟، فأبكى نهارا وليلا قتلى بنت شعبى " 9: 1،
حتى دعى بالنبى الباكى. وقد جاء السيد المسيح يبكى البشرية على خطاياها ورجاساتها،
خاصة أورشليم التى قدم لها الكثير وفى عناد قاومت عمل الله.

فقد
قيل عنه: " رجل أوجاع ومختبر الحزن " إش 53: 3.

وجد
السيد المسيح باكيا (مت 23: 37)، إن لم يكن علانية ففى أعماقه دموع لا تجف من جهة
الخطاة. اكتشف إرميا بعض الخطايا فلم يعد يحتمل نفسه مشتهيا أن يجد له مبيتا فى
البرية ليترك شعبه وينطلق من عندهم لأنهم جميعا زناة جماعة خائنين (9: 2). أما
السيد المسيح العارف بكل خطايا البشرية فى كل تفاصيلها الخفية والظاهرة بكل ثقلها،
فقد جاء ليحل وسط الخطاة ويسندهم مقدسا إياهم بدمه.

جاء
السيد المسيح فحقق ما اشتهاه إرميا وغيره من الأنبياء فاتحا طريق الملكوت الجديد
لكل من يدعو اسم الرب من جميع الأمم.

ب
– أبغض الشعب مع القيادات إرميا النبى بسبب توبيخه لهم، عاش حاملا صورة السيد
المسيح محب البشرية، الذى جاء يسلم ذاته من أجل الكل، أما خاصته فلم تقبله، بل
وتكاتفت كل القوى تريد الخلاص منه خارج المحلة.

ج
– تنبأ إرميا النبى عن خراب أورشليم (1: 15، 16)، وأعلن السيد المسيح ما سيحل
بأورشليم قائلا: " ياأورشليم ياأورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين
إليها،.. " (مت 23: 37، 38).

د
– مع ما حمله إرميا من مرارة تجاه شعبه، فإن مرارته إمتزجت بحلاوة خلال رؤيته
السيد المسيح المخلص بروح النبوة، خلال الظلال، فلم يحمل يأسا بل رجاء. (23: 5، 6
؛ 11: 19).

يُرى
السيد المسيح فى سفر إرميا أنه:

أ
– بلسان فى جلعاد (8: 22) أى دواء النفس المنكسرة..

ب
– رجاء الكنيسة ومخلصها: 14: 8 ؛ 50: 34).

ج
– الفخارى: (18: 6).

د
– غصن بر: (23: 5).

ه
– داود الملك: (30: 9).

و
– ينبوع الماء الحى: (2: 13).

 

أما
أهم النبوات المسيانية فهى:

أ
– ميلاده الجسدى كإبن داود (23: 5 ؛ 33: 15 ؛ أع 13: 22 ؛ رو 1: 3).

ب
– لاهوته: " الرب برنا " 23: 6 (1 كو 1: 30).

ج
– قتل أطفال بيت لحم (31: 15 ؛ مت 2: 16، 18).

د
– تقديم نفسه ذبيحة حب (11: 9)، وحمله العار (15: 15)، وعدم جلوسه مجلس المازحين
مبتهجا (15: 17).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي