الإصحَاحُ
الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ

إرميا
يقف ضد حننيا

فى عام 594 ق. م. كان لإرميا النبى مقابلة مع حننيا بن عزوز أحد
الأنبياء الكذبة، هذا الذى نسب لله كلاما باطلا حيث نادى بأن نير ملك بابل ينكسر
فى خلال سنتين، وسترد آنية بيت الرب ويرجع يكنيا الملك وكل المسبيين من يهوذا. كان
يظن أنه بهذا يواسى الشعب ويرفع من روحه المعنوية، كما يكسب شعبية على حساب الحق
الإلهى.

 

(1) كلمات حننيا الكاذبة

" وحدث في تلك السنة في ابتداء ملك صدقيا ملك يهوذا في السنة
الرابعة في الشهر الخامس ان حننيا بن عزور النبي الذي من جبعون كلمني في بيت الرب
امام الكهنة وكل الشعب قائلا:

 هكذا تكلم رب الجنود اله اسرائيل قائلا:

قد كسرت نير ملك بابل.

 في سنتين من الزمان ارد الى هذا الموضع كل آنية بيت الرب التي
اخذها نبوخذناصّر ملك بابل من هذا الموضع وذهب بها الى بابل.

 وارد الى هذا الموضع يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا وكل سبي
يهوذا الذين ذهبوا الى بابل يقول الرب لاني اكسر نير ملك بابل "
ع 1 – 4.

تم هذا الحدث حوالى عام 594 ق. م. بعد حوار إرميا مع رسل الملوك بمدة
قصيرة. وكان إرميا لا يزال يضع النير على عنقه بأربطته حتى يذكر الكل بما تنبأ
عنه، الأمر الذى لم يحتمله الأنبياء الكذبة.

كلمة " حننيا " تعنى " يهوه حنان " أو "
واهب نعمة "، لكن حننيا أعلن حنان الله بطريقة خاطئة، حيث قاوم نبوات إرميا
الصادقة.

إذ حل السبى لم يعد ممكنا للأنبياء الكذبة إنكاره كما فعلوا قبلا فى
مقاومتهم الأنبياء الحقيقيين ومن بينهم إرميا، لذلك نادى حننيا بأنه وإن كان قد تم
السبى لكنه لن يستمر أكثر من عامين فقط. بتحديده الرقم حاول الإيحاء بتأكيد
نبواته، إذ يتكلم كما بأرقام ثابتة ودقيقة كمن هو واثق من صدق رسالته. هذا بجانب
استخدامه نفس تعبيرات إرميا النبى بقوله:
" هكذا تكلم رب الجنود
إله إسرائيل "
ع 2. بينما يتكلم بروح الكذب، إذا به يتستر باسم الرب وروح الحق.

هل تبحث عن  هوت دفاعى الكتاب المقدس هل يعقل تحريفة 03

يلاحظ فى حديث حننيا أنه يعطى لآنية بيت الرب أولوية عن الملك وكل
الشعب!

وكأن ما يشغله بالأكثر هى الآنية الثمينة، حقا لهذه الآنية قدسيتها
حتى فى عينى الله، لكنه يقدسها من أجل شعبه، فإن استهان الشعب بأن يكون مقدسا
كهيكل حى للرب، هل يهتم الله بالأوانى؟! إنه يطلبنا نحن أولا بكوننا الآنية
الفخارية التى تحمله فى داخلها، كنزنا السماوى!

 

(2) إرميا يعلق على كلماته

" فكلم ارميا النبي حننيا النبي امام الكهنة وامام كل الشعب
الواقفين في بيت الرب.

 وقال ارميا النبي: آمين.هكذا ليصنع الرب.ليقم الرب كلامك الذي
تنبأت به فيرد آنية بيت الرب وكل السبي من بابل الى هذا الموضع.

 ولكن اسمع هذه الكلمة التي اتكلم انا بها في اذنيك وفي آذان
كل الشعب.

 ان الانبياء الذين كانوا قبلي وقبلك منذ القديم وتنبأوا على
اراض كثيرة وعلى ممالك عظيمة بالحرب والشر والوبإ.

 النبي الذي تنبأ بالسلام فعند حصول كلمة النبي عرف ذلك النبي،

 ان الرب قد ارسله حقا " ع 5 – 9.

أغلب الظن أن جواب إرميا تهكمى فيه استخفاف بما ينطق به النبى
الكاذب.

مع أنه كان له بحق أن يضيف " آمين " إلى كلام حننيا،
لأنه كان يحب شعبه والهيكل ويتمنى لهما الخير، إرميا النبى كمحب لشعبه ورجل وطنى
كان يشتهى أن ما قاله حننيا يكون صادقا، فعندما كان يقول:
" آمين
"
يقصدها من كل قلبه، لكنه كان يدرك أنها نبوة كاذبة تناقض الحق
الإلهى! لقد سبق فأعلن عن حبه لشعبه أمام الرب، قائلا: " أما أنا فلم اعتزل
عن أن أكون راعيا وراءك ولا اشتهيت يوم البلية. أنت عرفت! ما خرج من شفتى كان
مقابل وجهك " (17: 16).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ أراتوس س

لم يكن ممكنا للشعب أن يميز بين النبيين أيهما صادق وأيهما كاذب، فقد
تنبأ الإثنان باسم الرب.

قدم إرميا برهانين على صدق نبوته:

أولا: اعتمد على كلمات الأنبياء السابقين له، موضحا أن ما قاله حننيا مناقض
لنبواتهم. هؤلاء الأنبياء هم يوئيل وعاموس وهوشع وميخا وصفنيا وناحوم وحبقوق
وغيرهم. هؤلاء جميعا أعلنوا أن شرا سيحل بالشعب الذى سلك فى الفساد ولم يتب.

ثانيا: أعلن أن الزمن وحده يكشف الحق من الباطل.

يرى إرميا النبى أن إسرائيل كشعب خاص منسب لله يلزمه الطاعة والحياة
المقدسة مع الشعور بالمسئولية والإلتزام.

 

(3) حننيا يكسر النير الخشبى

" ثم اخذ حننيا النبي النير عن عنق ارميا النبي وكسره.

 وتكلم حننيا امام كل الشعب قائلا:

هكذا قال الرب:

هكذا اكسر نير نبوخذناصّر ملك بابل في سنتين من الزمان عن عنق كل
الشعوب.

وانطلق ارميا النبي في سبيله " ع 10 – 11.

كان حننيا واثقا فى نفسه لكنه كان غاضبا من كلمات إرميا، وقد عبر عن
رأيه بكسر النير الخشبى الذى وضعه إرميا على عنقه (27: 2).

لقد ظن حننيا أنه بحماسه الشخصى يغلب إرميا.

 

(4) الله يقيم نيرا حديديا

" ثم صار كلام الرب إلى أرميا النبى بعد ما كسر حننيا النبى
النير عن عنق إرميا النبى قائلا:

اذهب وكلم حننيا قائلا:

هكذا قال الرب:

قد كسرت انيار الخشب وعملت عوضا عنها انيارا من حديد.

 لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل.

قد جعلت نيرا من حديد على عنق كل هؤلاء الشعوب ليخدموا نبوخذناصّر
ملك بابل فيخدمونه وقد اعطيته ايضا حيوان الحقل "
ع 12 – 14.

لم يجب إرميا النبى على تصرفات حننيا بسرعة.

لم يكن النبى الحقيقى حالما ولا رجل سياسة لكنه استلم الإجابة من
يهوه مباشرة، وهى ذات الكلمة التى سبق فاستلمها. إن كان حننيا قد كسر النير الخشبى
هوذا الله يقدم نيرا حديديا لا ينكسر، يضعه على عنق جميع الأمم.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر إرميا Jeremiah 48

إن كانوا بالتمرد قد ألقوا عنهم النير الخشبى وكسروه لكنهم عوض
التمتع بالراحة والحرية انحنوا لنير حديدى لا ينكسر!

يؤكد إرميا النبى أن الله يقيم نيرا حديديا ليس فقط على عنق يهوذا
والأمم المحيطة بل وأيضا على عنق حيوانات الحقل (ع 14) أو الوحوش.

بينما يتنبأ حننيا كذبا أنه خلال عامين ترد أوانى بيت الرب ويرجع
الملك والشعب المسبى، إذا بإرميا يؤكد أنه فى خلال سنة يعود نبوخذنصر ليستولى على
بقية أوانى بيت الرب ويسبى البقية، ولن يتم أى إصلاح إلا بعد سيعين عاما من السبى.
هذا ولم يعش حننيا عامين ليرى النصرة كما ظن إنما مات بعد شهرين وانحدر بكذبه إلى
الهلاك

 

(5) إرميا يقف ضد حننيا

" فقال ارميا النبي لحننيا النبي اسمع يا حننيا.

ان الرب لم يرسلك وانت قد جعلت هذا الشعب يتكل على الكذب.

 لذلك هكذا قال الرب:

هانذا طاردك عن وجه الارض.

هذه السنة تموت لانك تكلمت بعصيان على الرب.

 فمات حننيا النبي في تلك السنة في الشهر السابع " ع 15 – 17.

أكد إرميا عمليا أن الله لم يرسل حننيا ليتنبأ وسط شعبه إنما ها هو
يرسله سريعا إلى الموت مطرودا حتى من وجه الأرض. إنه غير مشتحق لخدمة الكهنوت، ولا
حتى لممارسة الحياة اليومية كإنسان، لأنه يقاوم الحق الإلهى باسم الله نفسه
وبإدعاءات كاذبة. وقد مات فعلا بعد حوالى شهرين من الحوار، فثبت صدق نبوة إرميا،
ولم يعد هناك عذر لمن سمع لحننيا.

لماذا صدر الحكم: " هأنذا طاردك عن وجه الأرض؟ " قال أحد آباء
البرية:

" من لا يصلح لموضع فالموضع نفسه يطرده ".

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي