الإصحَاحُ
الْحَادِي وَالثَّلاَثُونَ

العهد الجديد

يظن بعض الدارسين أن أغلب ما ورد فى هذا الإصحاح كتبه إرميا النبى
لمملكة إسرائيل وذلك قبل السبى الأول ليهوذا سنة 597 ق. م. وأن الأشارة إلى يهوذا
(ع 3 – 4)، وصهيون (ع 17) وكل عشائر إسرائيل (ع 1) جاءت كإضافة فيما بعد لكى ينطبق
الحديث على كل شعب الله.

يعتبر هذا الإصحاح تكملة للإصحاح السابق حيث يتحدث بالتفصيل عن وعود
الله لشعبه الذى يخرجه من الأسر ويأتى به إلى الحرية، أو ينطلق به من أرض الغربة
القاسية إلى الله نفسه
" الرب برنا "!

 

(1) وهود لكل عشائر شعبه

" في ذلك الزمان يقول الرب اكون الها لكل عشائر اسرائيل،

 وهم يكونون لي شعبا " ع 1.

بقوله " فى ذلك الزمان " يشير إلى إر 30: 24 "
فى آخر الأيام "
، أى فى المستقبل المسيانى. يبدأ بذلك كنعمة إلهية وأساس
للكمال والإصلاح خلال المحبة الإلهية وأمانته فى وعوده لشعبه. هذه الوعود اإلهية
هى:

أ – يقيمهم شعبه:

يكمل إرميا النبى حديثه السابق عن مقاصد الله التى يعلنها موضحا أنه:
يكون هو إلها لكل العشائر، وهم يكونون له شعبا، ينسب نفسه إليهم، وينسبهم إليه.

" هوذا مسكن الله مع الناس، وهو سيسكن معهم، وهم يكونون له
شعبا، والله نفسه يكون معهم إلها "
رؤ 21: 3.

 

ب – يهبهم نعمته وراحته مقدما لهم خروجا جديدا:

" هكذا قال الرب:

قد وجد نعمة في البرية الشعب الباقي عن السيف اسرائيل حين سرت
لاريحه "
ع 2.

الوعد المقدم هو أن يجد الشعب " نعمة " ع 2، هذه التى
سبق فنالها آباؤهم حين اخرجهم الرب فى البرية وحررهم من عبودية فرعون وقد جاء
التعبير " وجد نعمة " خمس مرات فى قصة الخروج (خر 33: 12 – 17).

جاء عمل المسيا المخلص كخروج حقيقى فيه يقدم المخلص نفسه فصحا
للبشرية كى تتحرر من عبودية إبليس وتنطلق تحت قيادة روحه القدوس فى برية هذا
العالم حتى تجد راحة فى حضن الآب.

ج – قصة حب أبوى أبدى!

" تراءى لي الرب من بعيد.

ومحبة ابدية احببتك،

 من اجل ذلك ادمت لك الرحمة " ع 3.

تطلع النبى إلى عمل الله الخلاصى فرأى الرب يعمل " من بعيد
" ع 3، أى منذ القدم.. قصة الحب الإلهى قصة قديمة متجددة على الدوام، ربما
قال " من بعيد " لأن الإنسان ظن أنه منسى فى أرض السبى بعيدا جدا عن أرض
الموعد!

تبقى مراحم الله مستمرة عبر الزمن لأن محبته أو خلاصه أبدى!

 

د- يجعلهم بناء إلهيا

" سابنيك بعد فتبنين يا عذراء اسرائيل " ع 4.

إن كان الشعب قد صار كإمرأة زانية استحق التأديب بالسبى البابلى، إلا
أن الله فى أمانته يقيمه عذراء مقدسة (ع 4)، يبنيها بنفسه كهيكل مقدس له.

ه – يجعلها عروسا متهللة (ع 4)

" تتزينين بعد بدفوفك وتخرجين في رقص اللاعبين " ع 4

زينتها الفرح المستمر، تخرج دوما لتجد النفوس المحيطة ترقص وتتهلل
بالرب العامل فيها وفيهم! بعد أن علقت قيثاراتها على الصفصاف فى بابل كى لا ترنم
تسبحة جديدة فى أرض غريبة (مز 137: 4) ها هى تمسك بالدفوف بين أصابعها لتسبح الرب
بأعمال الحب، وتتزين بالفرح الروحى، وتعيش فى تهليل لا ينقطع.

ز – غرس الكروم

" تغرسين بعد كروما في جبال السامرة.

يغرس الغارسون ويبتكرون " ع 5.

الأرض التى سبق فخربها العدو عندما هاجمها وسباها، محولا الحقول إلى
مراعى غنم ومسكنا للوحوش، الآن تعود لتغرس كروما. لقد عبدوا البعل إله الخصوبة فحل
بهم القحط، وصارت أراضيهم خرابا، الآن يردهم الرب ويهب أرضهم خصوبة.

ح – شركة عبادة مفرحة

" لانه يكون يوم ينادي فيه النواطير في جبال افرايم:

 قوموا فنصعد الى صهيون الى الرب الهنا " ع 6.

لم يعد المراقبون يضربون بالبوق ليعلنوا عن مجىء العدو الذى يسبى،
وإنما ليعلنوا عن قدوم الشعب من كل موضع ليصعدوا إلى صهيون يتمتعون بالرب إلهنا (ع
6).

 

(2) عودة إسرائيل إلى أرضه

إن كان إرميا قد تنبأ عن خراب الهيكل خلال السبى فهو ليس ضد الهيكل
ولا مقاوم للعبادة الجماعية.. إنه يترقب عبادة روحية متهللة تضم الشعب القادم من
أقاصى المسكونة بروح الفرح والوحدة.

" لانه هكذا قال الرب:

رنموا ليعقوب فرحا واهتفوا براس الشعوب.

سمعوا سبحوا وقولوا خلص يا رب شعبك بقية اسرائيل " ع 7.

يقدم لنا عودة من السبى مملوءة بروح النصرة، عبر عنها يعقوب بهتافات
الفرح والتسبيح (ع 7)، حاسبا نفسه " رأس الشعوب " أو أولها، وهو تعبير
يحمل روح الفخر (عا 6: 1).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ت تبعيرة ة

" هانذا آتي بهم من ارض الشمال واجمعهم من اطراف الارض.

بينهم الاعمى والاعرج الحبلى والماخض معا.

جمع عظيم يرجع الى هنا " ع 8.

هذا الخروج العظيم من السبى يصحبه بناء من وسط الأنقاض والتدمير
الكامل فتخرج مدينة فائقة البهاء، هذا الخلاص أو الخروج العظيم لا يعتمد على ذراع
بشرى.

يأتى الله بالأعمى فيكون له عينا، يريه الطريق ويدخل به إلى المجد!

يأتى بالأعرج كمن يحمله على الأذرع الإلهية ليمارس العمل الفائق
بقوة.

يأتى بالحبلى والماخض العاجزتين عن الحركة لمتار قليلة ليسرع بهما لا
إلى أميال بل إلى الخروج من محبة العالم إلى السماء عينها!

" بالبكاء يأتون وبالتضرعات اقودهم،

اسيّرهم الى انهار ماء في طريق مستقيمة لا يعثرون فيها.

لاني صرت لاسرائيل ابا وافرايم هو بكري " ع 9.

يدعو الله نفسه " أب إسرائيل " ليؤكد أن ما سمح به من
تأديب خلال السبى إنما هو تأديب أبوى، زأن الله يتطلع إلى شعبه بكره " الأبن
البكر ". لقد دعى أفرايم (إسرائيل) البكر ليس لكى يقدمه على يهوذا، وإنما
ليؤكد اعتزازه به كإبن بكر.. كلاهما " إسرائيل ويهوذا " ابن واحد بكر.

 

يدعو الله الأمم والجزائر البعيدة (ع 10) أن تشهد الحدث العجيب (إش
42: 10 ؛ 49: 1).

" اسمعوا كلمة الرب ايها الامم واخبروا في الجزائر البعيدة
وقولوا:

مبدد اسرائيل يجمعه ويحرسه كراع قطيعه.

 لان الرب فدى يعقوب وفكه من يد الذي هو اقوى منه.

 فياتون ويرنمون في مرتفع صهيون ويجرون الى جود الرب على الحنطة
وعلى الخمر وعلى الزيت وعلى ابناء الغنم والبقر.

وتكون نفسهم كجنة ريا ولا يعودون يذوبون بعد " ع 10 – 12.

يأتون إلى صهيون " بوجوه مشرقة " وتصير نفوسهم كجنة ريا،
أى مروية حسنا (ع 12).

" حينئذ تفرح العذراء بالرقص والشبان والشيوخ معا واحول نوحهم
الى طرب واعزيهم وافرحهم من حزنهم.

 واروي نفس الكهنة من الدسم ويشبع شعبي من جودي يقول الرب " ع 13، 14.

+ يؤكد لنا ربنا أن أحزاننا يحولها إلى فرح بثمار التوبة.

يروى نفوس الكهنة من الدسم، دسم الذبائح التى يقدمها الشعب لله حيث
كان نصيبهم هو الفخذ اليمين (لا 7: 32 – 36). وكأن العبادة تعود بقوة ويصير للكهنة
أنصبة كثيرة. كما يشير الدسم إلى حالة الرخاء التى سيعبش فيها الشعب (مز 36: 8 ؛
63: 5، إش 55: 2).

 

(3) نهاية حزن راحيل

" هكذا قال الرب.صوت سمع في الرامة نوح بكاء مرّ.

راحيل تبكي على اولادها وتأبى ان تتعزى عن اولادها لانهم ليسوا
بموجودين.

 هكذا قال الرب:

امنعي صوتك عن البكاء وعينيك عن الدموع،

 لانه يوجد جزاء لعملك يقول الرب.

فيرجعون من ارض العدو.

 ويوجد رجاء لآخرتك يقول الرب،

فيرجع الابناء الى تخمهم " ع 15 – 17.

" رامة " تعنى حرفيا " مرتفع " وتقع فى نصيب سبط
بنيامين (يش 18: 25 ؛ قض 4: 5) على الحدود ما بين مملكتى الشمال والجنوب. قريبا
منها يوجد قبر راحيل (1 صم 10: 2 – 3) كما يوجد تقليد بأن القبر كان بالقرب من بيت
لحم (تك 35: 19).

ويتضح من سفر إرميا أنها كانت المكان الذى نقل إليه المسبيين وجمعوا
فيه قبل أن يؤخذوا إلى السبى إلى بابل إذ نقرأ " الكلمة التى صارت إلى أرميا
من قبل الرب بعدما ارسله نبوزردان رئيس الشرط من الرامة إذ أخذه وهو مقيد بالسلاسل
فى وسط كل سبى أورشليم ويهوذا الذين سبوا إلى بابل " (إر 40: 1، 2).

تختار النبوة راحيل بالذات لأنها فى البداية توسلت وطلبت أولادا إذ
نقرأ
" فلما رأت راحيل أنها لم تلد ليعقوب غارت راحيل من أختها
وقالت: ليعقوب هب لى بنين وإلا فأنا أموت "
(تك 30: 1).

ماتت راحيل فى نهاية أيامها فى حزن ودفنت فى طريق أفراتة التى هى بيت
لحم (تك 35: 17 – 19).

ها هى راحيل التى طلبت أولادا فى البداية وماتت فى الحزن، تظهر فى
النهاية مصورة وكأنها قد قامت من الأموات وهى تبكى وصوتها يسمع فى الرامة لأنها
ترى أولادها يحملون إلى بابل.

تصور إرميا أن روح راحيل زوجة يعقوب ووالدة يوسف وبنيامين تبكى على
أولادها (أسباط افرايم ومنسى وبنيامين) الذين احتلوا يقعة ضخمة من المملكة، إذ ترى
ترحليهم من أرض الموعد إلى السبى.

يقتبس الروح القدس هذه الأقوال ويطبقها على حادثة قتل أطفال بيت لحم.

إن ما يحدث ليس عن عجز قوة الله عن منعها، ولا عن عدم معرفة الله
لها، وإنما سبق فأخبر عنه علانية بواسطة نبيه.

لهذا يليق بنا ألا نضطرب ولا نيأس متطلعين إلى عناية الله التى لا
ينطق بها، التى يمكن للإنسان أن يراها فى أعمال الله كما فيما يسمح به من الآلام.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد جديد سفر أعمال الرسل 01

قدم الله لراحيل تعزية، مؤكدا عودة أبنائها، وتقديم جزاء لها عن
عملها (ع 17) لحساب أطفالها الذين يردهم من السبى.

" سمعا سمعت افرايم ينتحب.

ادبتني فتأدبت كعجل غير مروض.

توبني فأتوب لانك انت الرب الهي.

 لاني بعد رجوعي ندمت وبعد تعلمي صفقت على فخذي.

خزيت وخجلت لاني قد حملت عار صباي.

 هل افرايم ابن عزيز لديّ او ولد مسرّ.

لاني كلما تكلمت به اذكره بعد ذكرا.

من اجل ذلك حنّت احشائي اليه.

رحمة ارحمه يقول الرب " ع 18 – 20.

جاءت هذه العبارة اعترافا وتوبة من جانب أفرايم الذى يعلن عن حاجته
إلى عمل الله نفسه واهب التوبة.

من أقوال الآباء:

+ بينما يكون الإنسان فى انكسار قلب وانسحاق روح، مع استمرار الجهاد
والبكاء إذا بالنعمة الإلهية تلاشى تذكر الخطايا السابقة وتنزع وخزات الضمير عنها،
وهنا يكون واضحا أنه قد نال غاية الرضى ومكافأة العفو، وانتزعت منه وصمات الخطايا
التى أرتكبها.

+ لنتقى ذواتنا بالدموع، فيسمع الرب إلهنا حينما ننوح كما سمع
لأفرايم حين بكى ع 18

 

جاء ع 20 إجابة لصرخة التوبة تؤكد شوق الله نحو توبته، إذ أحشاء الله
تحن عليه. يدعوه " الإبن العزيز لديه "، " الولد المسر "
يذكره الرب على الدوام.

" انصبي لنفسك صوى.اجعلي لنفسك انصابا.

اجعلي قلبك نحو السكة الطريق التي ذهبت فيها.

ارجعي يا عذراء اسرائيل ارجعي الى مدنك هذه،

 حتى متى تطوفين ايتها البنت المرتدة.

لان الرب قد خلق شيئا حديثا في الارض.

انثى تحيط برجل " ع 21 – 22.

بعد أن تحدث عن أفرايم كإبن محبوب جدا، عاد ليتحدث عن إسرائيل كعذراء
يدعوها لتقيم لها بيتا، وأن تضع علامات فى الطريق حتى لا تضل عنه.

وكأنها تعود من ذات الطريق الذى فيه تركت وطنها!

ستجد فى عودتها ترحيبا فى بيتها ومدنها.. ستكون فى أمان كإنسان فى
حضن أمه (ع 22).

يرى القديس جيروم أن الشىء الجديد الذى يثير الأنتباه هو الأنثى التى
تحيط برجل، أى العذراء التى تحتضن كلمة الله المتجسد.. هذا هو الرجوع عن السبى!
هذا هو التمتع ببركة الرب، فتصير النفس مسكنا للبر وجبلا مقدسا!

(4) إصلاح إسرائيل ويهوذا

يعد الله شعبه بالرجوع من السبى، ليمتلك أرض الموعد، وينزع عن راحيل
حزنها على بنيها المسبيين، ويحولها من بنت مرتدة عنيدة إلى أنثى مملوءة قوة وحبا
تحيط برجل جبار، تحمل روح القوة والنصرة عوض الأنهيار والفشل. الآن يقدم لنا صورة
حية عن إصلاح إسرائيل ويهوذا حيث يرجع الكل من بابل شعبا مقدسا للرب، فيقول:

" هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل.

سيقولون بعد هذه الكلمة في ارض يهوذا وفي مدنها عندما ارد سبيهم.

يباركك الرب يا مسكن البر يا ايها الجبل المقدس " ع 23.

هنا
يدعو يهوذا " مسكن البر أو البار " (راجع زك 8: 3)،
ويعنى به مسكن الله البار،
وأيضا " الجبل المقدس أو جبل القدوس ". فيسكن الله وسط شعبه الذى يصير
مسكنا له وجبلا خاصا به (ع 23). كأن سر فرح الشعب ليس تحرره من بابل بل بالحرى
تمتعه ببركة سكنى الله البار والقدوس وسطه، فيجعل منه هيكلا مقدسا وجبلا حيا.

يدعو
شعبه " مسكن البار " و" جبل الله القدوس "، باللقب الأول يعلن
بركة الشعب إذ يسكن فيه البار، محولا شعبه إلى جماعة مقدسة لا تعرف إلا العبادة
الحية، وباللقب الثانى الرسوخ كالجبل لا تهزه رياح العالم المقاومة!

" فيسكن فيه يهوذا وكل مدنه معا الفلاحون والذين يسرحون
القطعان،

 لاني ارويت النفس المعيية وملأت كل نفس ذائبة " ع 24، 25.

يعود
الشعب إلى أرض الموعد ليمارسوا حياتهم اليومية من فلاحة الأرض ورعاية الغنم (ع
24)، لتجد النفس التى صارت فى حالة عياء راحة، والذائبة بسبب ما حل بها من فقدان
شبعا وارتواء (25).

الله
يشبع التائبين ويرويهم، هذا منظر يملأ قلب إرميا النبى بالفرح والسعادة وسط
الكارثة والظلام.

" على ذلك استيقظت ونظرت ولذّ لي نومي " ع 26

يكون الرب كمن كان نائما واستيقظ، إذ رد شعبه إلى راحته، ولذ له نومه
لأنه لا تتكرر بعد هذه المأساة (ع 26). ويرى القديس أمبروسيوس فى تعبير " لذ
لى نومى " ع 26 إشارة إلى الموت الإرادى الذى قبله السيد المسيح بسرور لأجل
خلاصنا.

" ها ايام تأتي يقول الرب وازرع بيت اسرائيل وبيت يهوذا بزرع
انسان وزرع حيوان "
ع 27

يقوم
الرب نفسه بزرعهم، بزرع إنسان وزرع حيوان، إذ يقدس النفس (الإنسان) والجسد
(الحيوان) معا، وينمى الإنسان بكليته ليمارس الحياة الجديدة بعد العتق من سبى
الخطية.

" ويكون كما سهرت عليهم للاقتلاع والهدم والقرض والاهلاك
والاذى كذلك اسهر عليهم للبناء والغرس يقول الرب "
ع 28.

هل تبحث عن  م الكتاب المقدس أساسيات مسيحية 02

هذا هو الذى سمح بالتأديب الآن يقوم بنفسه ببنائهم وغرسهم، ساهرا
عليهم ليجدد حياتهم يقيمهم شعبا جديدا بعهد جديد!

" في تلك الايام لا يقولون بعد الآباء اكلوا حصرما واسنان
الابناء ضرست.

 بل كل واحد يموت بذنبه كل انسان ياكل الحصرم تضرس اسنانه " ع 29 – 30.

يقتبس المثل الوارد فى حز 18: 2، فقد كان الشعور السائد بأن ما يحل
بهم إنما هو ثمرة خطايا قديمة أرتكبتها اجيال سابقة، بهذا أحسوا أن الله عاملهم
بقسوة لظروف لم يكن لهم فيها يد، ولم يرتكبوا ذنبا. وأن فى ذلك ظلما وليس عدالة،
يرفض إرميا النبى هذه الفكرة مبينا أن الله إنما يعاقب الإنسان على خطاياه، لا على
خطايا الغير.

(5) العهد الجديد

" حمى غضب موسى وطرح اللوحين من يديه وكسرهما فى أسفل الجبل
"
خر
32: 19. وكأن موسى قد أعلن عن كسر العهد، وعجز الإنسان عن الحفاظ عليه، هذا ما دفع
الأنبياء فى العهد القديم إلى التطلع إلى عهد جديد بسمات جديدة قادر على تغيير قلب
الإنسان والدخول إلى الحياة الداخلية لكى لا يكسر الإنسان العهد.

" ها ايام تأتي يقول الرب واقطع مع بيت اسرائيل ومع بيت يهوذا
عهدا جديدا.

 ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم امسكتهم بيدهم لاخرجهم من ارض
مصر حين نقضوا عهدي فرفضتهم يقول الرب.

 بل هذا هو العهد الذي اقطعه مع بيت اسرائيل بعد تلك الايام،

 يقول الرب: اجعل شريعتي في داخلهم واكتبها على قلوبهم واكون
لهم الها وهم يكونون لي شعبا.

 ولا يعلّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد اخاه قائلين اعرفوا
الرب،

 لانهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم الى كبيرهم يقول الرب.

لاني اصفح عن اثمهم ولا اذكر خطيتهم بعد " ع 31 – 34

لقد وعد بعهد جديد، وكما يقول الحكيم بولس: " فإذ قال جديدا عتق
الأول، وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الأضمحلال "
عب 8: 13.

 فإذ شاخ القديم كان بالضرورة أن يحتل الجديد موضعه، وقد تحقق
هذا لا بواسطة أحد الأنبياء القديسين بل بالحرى بواسطة رب الأنبياء.

يرى البعض أن الله أقام مع الإنسان عهودا، كملت بالعهد الذى أقامه
السيد المسيح بدمه على الصليب.

1 – العهد مع آدم، خلاله ينعم الإنسان بجنة عدن وكل خيراتها، لكن آدم
نقض العهد وطرد من الجنة..

2 – العهد مع نوح الخاص بالأرض الجديدة بعد الطوفان، (تك 9: 1).. هنا
نلاحظ أن الله هو الذى بادر بإقامة العهد، وأن العهد قام على أساس الدم، أى تقديم
المحرقات.

3 – العهد مع إبراهيم: عهد الختان (تك 17: 11).

4 – العهد الموسوى: ارتبط هذا العهد بالذبائح والعمل الكهنوتى وشرائع
التطهير والوصايا الإلهية (تث 28).

هنا (إر 31: 31) أول إشارة إلى " العهد الجديد " فى العهد
القديم وتعتبر صلب سفر إرميا كله، تمثل أعمق نظرة فى العهد القديم كله.

(6) رباط لا ينحل

" هكذا قال الرب الجاعل الشمس للاضاءة نهارا وفرائض القمر
والنجوم للاضاءة ليلا الزاجر البحر حين تعجّ امواجه رب الجنود اسمه.

 ان كانت هذه الفرائض تزول من امامي يقول الرب،

فان نسل اسرائيل ايضا يكف من ان يكون امة امامي كل الايام.

 هكذا قال الرب ان كانت السموات تقاس من فوق وتفحص اساسات
الارض من اسفل فاني انا ايضا ارفض كل نسل اسرائيل من اجل كل ما عملوا يقول الرب
"
ع 35 – 37.

كما أقام الله ناموسا طبيعيا للشمس والقمر والكواكب للإضاءة نهارا
وليلا، ووضع للبحر حدا، هكذا يقيم الله فى عهده الجديد مع شعبه ناموسا روحيا
أبديا.

يقيمهم شعبا دائما له، يشرقون بنوره نهارا وليلا، لا تستطيع أمواج
بحر العالم أن تكتسحهم! الله الذى خلق العالم المنظور لأجل الإنسان فأبدعه كيف لا
يهتم بإقامة ناموس جديد مبدع لبنيان الإنسان نفسه ومجده؟!

(7) أورشليم الجديدة

" ها ايام تأتي يقول الرب وتبنى المدينة للرب من برج حننئيل
الى باب الزاوية.

 ويخرج بعد خيط القياس مقابله على اكمة جارب ويستدير الى جوعة.

 ويكون كل وادي الجثث والرماد وكل الحقول الى وادي قدرون الى زاوية
باب الخيل شرقا قدسا للرب.

لا تقلع ولا تهدم الى الابد " ع 38 – 40.

إن كان الله قد سمح بسبى شعبه، وخراب مدينته المقدسة بسبب الشر، فإنه
خلال العهد الجديد يقيم أورشليم الجديدة، تبنى له، وقد وضع لها حدودها.

من برج حنيئيل إلى باب الزاوية: هذا البرج فى شمال شرقى المدينة،
بينما يبدو أن باب الزاوية فى شمال غربى المدينة، وقد بنى الملك عزيا فى القرن
السابق أبراجا فيها كما فى مواضع أخرى.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي