الإصحَاحُ
ألأَرْبَعُونَ

إرميا
مع جدليا فى أورشليم

تقدم لنا الإصحاحات 40 – 45 خبرات ونبوات إرميا النبى بعد خراب
أورشليم، أو خبرات أيامه الأخيرة على الأرض.

 

(1) قرار إرميا

" الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب بعدما ارسله نبو
زرادان رئيس الشرط من الرامة،

 اذ اخذه وهو مقيد بالسلاسل في وسط كل سبي اورشليم ويهوذا
الذين سبوا الى بابل.

 فاخذ رئيس الشرط ارميا وقال له:

 ان الرب الهك قد تكلم بهذا الشر على هذا الموضع.

 فجلب الرب وفعل كما تكلم لانكم قد اخطأتم الى الرب ولم تسمعوا
لصوته فحدث لكم هذا الامر "
ع 1 – 3

إن ما نطق به هذا القائد الكلدانى الغريب الجنس لم يكن إلا ملخصا لما
نادى به الأنبياء للشعب ولم يسمعوا لهم. لقد قدم الرجل الوثنى تفسيرا لاهوتيا
وروحيا لهزيمتهم، الأمر الذى لم يكن ممكنا للشعب اليهودى أن يفهمه أو يتقبله.

بلا شك أدهشت كلمات رئيس الشرط إرميا النبى وثبتت بالأكثر إيمانه،
كما انتشرت بين اليهود فصارت لتوبيخهم، كأنها رسالة إلهية موجهة إلى المسبيين ينطق
بها رجل وثنى عدو.

اقتيد إرميا مع المسبيين مقيدا بالسلاسل حتى وقف أمام رئيس الشرط،
وهناك عزل عن المسبيين لكى تعطى له كرامة وهدايا مع حرية الحركة، بينما صار
الآخرون فى مذلة وحرمان.

" فالآن هانذا احلّك اليوم من القيود التي على يدك.

فان حسن في عينيك ان تأتي معي الى بابل فتعال،

فاجعل عينيّ عليك.

وان قبح في عينيك ان تاتي معي الى بابل فامتنع.

انظر.كل الارض هي امامك فحيثما حسن وكان مستقيما في عينيك ان تنطلق
فانطلق الى هناك.

 واذ كان لم يرجع بعد قال:

 ارجع الى جدليا بن اخيقام بن شافان الذي اقامه ملك بابل على
مدن يهوذا واقم عنده في وسط الشعب،

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر الأمثال 23

 وانطلق الى حيث كان مستقيما في عينيك ان تنطلق.

واعطاه رئيس الشرط زادا وهدية واطلقه.

 فجاء ارميا الى جدليا بن اخيقام الى المصفاة،

واقام عنده في وسط الشعب الباقين في الارض " ع 4 – 6.

كان هناك أمر من الملك إلى رئيس الشرط أن يكرم إرميا النبى، لكن
الجند المسئولين عن إلقاء القبض على اليهود وترحيلهم إلى الرامة تحت كثرة الأعباء
أتوا بإرميا وسط الأسرى، مقيدا بالسلاسل خطأ. وإذ تعرف عليه نبوزاردان رئيس الشرط
أطلقه فى الحال وأعطاه حرية الحركة.

أعطاه القائد حق الخيار أن يذهب إلى بابل أو يبقى فى يهوذا، فاختار
أن يرجع إلى جدليا الذى ينتمى إلى عائلة شافان المتعاطفة مع النبى، ويقيم عنده وسط
الشعب. رفض أن يكرم فى بابل ليعيش مع الشعب المسكين فى يهوذا يشاركهم أتعابهم
وآلامهم، يسكن مع أولئك الذين حسبهم البابليون ليسوا أهلا لنقلهم حتى كأسرى إلى
بابل.

هكذا تشبه بموسى النبى الذى قيل عنه:

" بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يدعى أبن ابنة فرعون، مفضلا
بالأحرى أن يذل مع شعب الله عن أن يكون له تمتع وقتى بالخطية، حاسبا عار المسيح
غنى أعظم من خزائن مصر، لأنه كان ينظر إلى المجازاة "
عب 11: 24، 25.

هكذا اشترك أنبياء العهد القديم فى عار المسيح الباذل حياته بفرح عن
شعبه.

كان من الحكمة ألا يذهب إرميا مع المسبيين فى بابل، لأنه كان بلا شك
سيلقى كرامة من الملك، فيثبت فى ذهن اليهود أنه عميل بابلى وخائن لوطنه.

جاء إرميا إلى جدليا وأقام فى المصفاة لخراب أورشليم.

 

(2) جدليا الحاكم

" فلما سمع كل رؤساء الجيوش الذين في الحقل هم ورجالهم ان ملك
بابل قد اقام جدليا بن اخيقام على الارض،

 وانه وكله على الرجال والنساء والاطفال وعلى فقراء الارض
الذين لم يسبوا الى بابل،

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ق قادَش ش

 أتى الى جدليا الى المصفاة اسماعيل بن نثنيا ويوحانان ويوناثان
ابنا قاريح وسرايا بن تنحومث وبنو عيفاي النطوفاتي ويزنيا ابن المعكي هم ورجالهم.

 فحلف لهم جدليا بن اخيقام بن شافان ولرجالهم قائلا:

 لا تخافوا من ان تخدموا الكلدانيين.

اسكنوا في الارض واخدموا ملك بابل فيحسن اليكم.

اما انا فهانذا ساكن في المصفاة لاقف امام الكلدانيين الذين ياتون
الينا "
ع 7.

إن كانت يهوذا قد صارت مستعمرة بابلية، لكن كان لها الحق أن تحتفظ
بسماتها الخاصة تحت قيادة والى من شعبها يخضع سياسيا لملك بابل ويدفع له الجزية.

إذ جمع الراجعون خمرا وتينا كثيرا شعر البعض أن ذلك علامة بركة الرب،
إذ لا زال ينتظر أن يعمل لإصلاح شعبه. هؤلاء الذين شبههم إرميا النبى بالتين الجيد
جدا (إر 24).

" اما انتم فاجمعوا خمرا وتينا وزيتا وضعوا في اوعيتكم واسكنوا
في مدنكم التي اخذتموها.

 وكذلك كل اليهود الذين في موآب وبين بني عمون وفي ادوم والذين
في كل الاراضي سمعوا ان ملك بابل قد جعل بقية ليهوذا وقد اقام عليهم جدليا بن
اخيقام بن شافان.

 فرجع كل اليهود من كل المواضع التي طوحوا اليها واتوا الى ارض
يهوذا الى جدليا الى المصفاة وجمعوا خمرا وتينا كثيرا جدا "
ع 7 – 12.

إذ عرف جدليا كرجل سلام، كانت رسالته أن يعيد إلى يهوذا حياتهم
العادية، وأن يخضعوا للكلدانيين بغير تخوف منهم، وأن يستقبل اليهود العائدين من
موآب وبنى عمون وآدوم، وكانوا غالبا من الجنود.

كان جدليا يرفض الثورة ضد بابل، متأثرا بإرميا وغيره من الأنبياء،
لذلك عينه ملك بابل وكيلا له، وواليا على يهوذا.

 

(3) الكشف عن مؤامرة ملك بنى عمون

" ثم ان يوحانان بن قاريح وكل رؤساء الجيوش الذين في الحقل
أتوا الى جدليا الى المصفاة،

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ت تانَة شيلوه ه

 وقالوا له.أتعلم علما ان بعليس ملك بني عمون قد ارسل اسماعيل
بن نثنيا ليقتلك.فلم يصدقهم جدليا بن اخيقام.

 فكلم يوحانان بن قاريح جدليا سرا في المصفاة قائلا:

 دعني انطلق واضرب اسماعيل بن نثنيا ولا يعلم انسان.

لماذا يقتلك فيتبدد كل يهوذا المجتمع اليك وتهلك بقية يهوذا؟!

 فقال جدليا بن اخيقام ليوحانان بن قاريح لا تفعل هذا الامر،

 لانك انما تتكلم بالكذب عن اسماعيل " ع 13 – 16.

يقصد ب " رؤساء الجيوش فى الحقول " (ع 13) ضباط
الجنود المسرحين (2 مل 25: 5) الذين خافوا أولا من معاملة بابل لهم، ولكنهم تأكدوا
فيما بعد (فى آية 9 حلف لهم جدليا قائلا " لا تخافوا ") أنهم سينالون
العفو إذا خضعوا واستسلموا وعادوا يستغلون الأرض ويخضعون لجدليا وحكومته فى
المصفاة. ورجع أيضا اليهود الذين غادروا البلاد قبل هجوم بابل وكانوا قد ألتجأوا
إلى شرق الأردن.

ما كان يشغل قلب يوحنان ليس الخوف على قتل جدليا، وإنما انهيار
النبتة الجديدة لإقامة دولة يهوذا التى خربت تماما بواسطة البابليين، وقد صار هناك
بارقة أمل لتجميع الجهود ولو تحت الأستعمار البابلى. فكان فى رأيه أن قتل إسماعيل
أفضل من ضياع الأمة كلها.

لقد
أخطأ جدليا إذ لم يسمع لهم، وكان يليق به أن يرفع قلبه بالصلاة يطلب مشورة الله،
وأن يلجأ إلى أرميا النبى الذى كان ملاصقا له. هنا تظهر خطورة اتكال الإنسان على
أفكاره وحده.

كان بعليس ملك عمون فى شرق الأردن ينتظر اغتنام فرصة رجوع جيوش بابل
إلى وطنهم ليملك على ما بقى من البلاد فى غرب الأردن، ويقتل جدليا وكيل ملك بابل.

يحتمل أن يكون هناك عداوة شخصية بين بعليس وجدليا.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي