الفصل
التاسع
إعلان الملاك جبرائيل تحديد
زمن مجئ المسيح وغايته
(ص9)

 

فى
السنة الأولى لبداية الإمبراطورية الفارسية كالإمبراطورية العالمية الثانية فى
تتابع الإمبراطوريات العالمية، حسب نبوات دانيال النبى، أى سنه (539
538ق.م)، كان دانيال النبى قد تجاوز الخامسة والثمانين من العمر
وكان له فى السبى حوالى 689 سنه (605
538ق.م). فأخذ يقرأ فى أسفار الأنبياء
السابقين عليه ويدرس ما جاء فيها، وقد فهم من نبؤات سفر ارميا النبى "عدد
السنين التى كانت عنها كلمة الرب إلى أرميا النبى لكماله سبعين سنه على خراب
أورشليم(1).

وعندما
تأكد دانيال النبى من أن مدة السبى قد وصلت إلى نهايتها وجه وجهه إلى الله
"طالباً بالصلاة والتضرعات بالصوم والمسح والرماد"(2)
معترفاً بخطايا شعبه الذى حاد عن وصايا الله ولم يسمع للأنبياء الذين أرسلهم، ومن
ثم، صلى دانيال "يا سيد لنا خزى الوجوه"(3)، وذكر الله بعهوده
لإبراهيم وداود، وأنهم نالوا ما سبق أن حذرهم الله منه، وتضرع إلى الله أن يصرف
غضبه عنهم ليس لأجلهم هم لأنهم خطاه "لأنه لا لآجل برنا نطرح تضرعاتنا أمام
وجهك بل لأجل مراحم العظيمة"(4).

وقبل
أن ينتهى دانيال النبى من صلاته كانت الاستجابة قد وصلت من السماء، وحاملها هو
الملاك جبرائيل، الملاك الذى أعلن لزكريا الكاهن عن مجيئ يوحنا المعمدان بروح
إيليا وقوته ليتقدم الطريق أمام الرب المسيح(5)، والذى بشر العذراء
القديسة مريم بحبلها بالمسيح بالروح القدس وولادتها للقدوس(6).

ولم
يكن الإعلان الذى حمله الملاك جبرائيل عن نهاية مدة السبى فحسب بل كان نبؤه، من
أعظم نبؤات الكتاب المقدس عن المسيح، كانت نبؤه بتحديد المدة التى سيأتى فى
نهايتها المسيح، نبوه بتحديد زمن مجيئ المسيح. فقد أعطى للأنبياء الآخرين كثيراً
من علامات مجيئ المسيح، لما دانيال النبى فقد أعطى له، تحدد له، الزمن الذى سيأتى
فيه المسيح.

قال
الملاك جبرائيل لدانيال النبى:

"سبعون
أسبوعا قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة
الأثم وليؤتى بالبر الأبدى ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القدوسين. فأعلن وأفهم
أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان
وستون أسبوعا يعود ويبنى سوق وخليج فى ضيق الأزمنة. وبعد اثنين وستين أسبوعا يقطع
المسيح وليس له وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وانتهاؤه بغماره وإلى النهاية
حرب وخرب قضى بها. ويثبت عهداً مع كثيرين فى أسبوع واحد وفى وسط الأسبوع يبطل
الذبيحة والتقدمة وعلى جناح الأرجاس مخرب حتى يتم ويصب المقضى على المخرب"(7).

ولدراسة
هذه النبؤه فى ضوء الكتاب المقدس ومعرفة جوهرها ومغزاها يجب أن نضع أمامنا النقاط
التالية:

·       
ماذا تعنى الأسابيع فى هذه النبؤه.

·       
ما هى مدتها الفعلية، متى تبدأ،
ومتى تنتهى،

·       
كيف فُسرت هذه النبوه عبر التاريخ
اليهودى.

·       
وكيف فُسرت عبر التاريخ المسيحى.

أولاً:
معنى الأسابيع ومدتها الفعلية:

كلمة
"أسبوع" المذكورة هنا، هى فى العبرية "شبوع
Shabua" ولا تعنى مجرد أسبوع من سبعى أيام، بل
تعنى وحده من سبعه، كما أن جمعها، هنا، "شبوعيم
Shabu’im" ليس هو الشكل المؤنث المعتاد من أسابيع،
ومن ثم تعنى "وحدات أو فترات من سبعه
Heptads"(8)، وقد وردت فى فهرس يونج
Young "أسبوع أو سبعه"(9)، كما
وردت فى قاموس جسينوس "للمفردات العبرية والكلدانية"، "سبعه، عدد
سبعى"(10). أى وحده من سبعه، مثل دسته والتى
تعنى وحده من اثنا عشر(11).

ومن
ثم فقد اجمع جميع علماء ومفسرو اليهودية والمسيحية، فى تفسيرهم لهذه النبوه، بجميع
اتجاهاتهم، على أن عبارة "سبعون أسبوعا، تعنى "سبعون سبعات أو
"سبعون وحده سبعات"(12). أى 70×7 = 490، وتعنى فى مفهوم
النبوه وجوهرها "سبعون أسبوعا من السنين(13).

والسؤال
هنا: لماذا تعنى هذه المدة سبعات سنين؟

1.        
 لأنها لا تصلح أن تكون مدة ثوانى
(=16,8 دقائق)، ولا مدة دقائق (=16،8 ساعات)، ولا مدة ساعات (=41،20يوم)، ولا مدة
أيام ( = سنه وثلاثة شهور)، ولا مده أسابيع (= حوالى 9 سنوات ونصف)، ولا مدة شهور
(=حوالى 41سنه). وذلك لأن الأحداث المتضمنة فى النبوه يتطلب تحقيقها وإتمامها مئات
السنين، فمن إعادة تجديد أورشليم وبناتها بعد السبى إلى مجيئ المسيح وصلبه حوالى
خمسه قرون، ومن تلك البداية إلى تدنيس انيتوخس ابيفانس للهيكل سنه 167ق.م أو إلى
موت اونيا الكاهن، كما يرى النقاد والليبراليون حوالى ثلاثة قرون ونصف على الأقل.

2.        
كما أن دانيال النبى نفسه قد ميز
بين هذه السبعات ذات المدد الطويلة وبين الأسبوع المكون من سبعة أيام فيقول فى
الإصحاح العاشر "كنت نائحاً ثلاثة أسابيع أيام
ولم
أدهن حتى تمت ثلاثة أسابيع أيام"(14). ولو كان المقصود هنا مجرد أسابيع،
أيام، عاديه لكان الملاك قد قال سبعون أسبوعا من الأيام، وهذا لم يحدث.

3.        
تقسم النبؤه الأسبوع الأخير إلى
نصفين كل نصف منها يتكون من ثلاثة سنوات ونصف متساوية مع المدة المذكورة فى 25:7،
7:11 والمعبر عنها ب "زمان وزمانين ونصف زمان"، أى ثلاث سنوات ونصف، كما
بينا فى الفصل السابق.

4.        
كان دانيال النبى يقرأ فى سفر ارميا
النبى ويفكر فى انقضاء مدة السبعين سنه على السبى، كان يفكر فى تدبير الله بلغة
السنين، ومن ثم فقد أعطاه الله مده جديدة يعيش فيها الشعب فى فلسطين إلى دمار
الهيكل نهائياً والعودة إلى الشتات من جديد ومجيئ الملك، المسيح المنتظر، المسيح
الرئيس، ابن داود، وقد تحددت هذه المدة من إعادة تجديد أورشليم وبنائها إلى مجيئ
المسيح ودمار الهيكل ب 490سنه "سبعون أسبوعا من السنين".

5.        
 يقول آتو زوكلر Otto Zocklelr أستاذ اللاهوت فى جامعه جريفزولد فى روسيا (بألمانيا) فى القرن
التاسع عشر "أن مثل هذا التحول النبوى والروحى إلى فترات كثيرة من سبع سنوات
لكل منها له ما يوازيه فى استخدامات القدماء(15)". وكان ذلك
ملحوظا بين يهود فتره ما بين العهدين ’فيقسم كتاب اليوبيلات كل يوبيل إلى أسابيع
سنين متعاقبة(16). وكان لدى اليونان والرومان أيضا ما
يعرف ب" أسبوع سنه
Week Year (17)"

6.        
يذكر الكتاب المقدس أن هناك ثلاثة
أنواع من الأسابيع أو السبعات ’ وهى سبعات أيام ’ وسبعات سنين ’ وأسبوع من سبعة
أزمنة كل منها سبع سنوات ’ أى 49 سنه. أى أسبوع من سبعة أيام ’ وأسبوع من سبع سنين
’ وأسبوع من 49سنه.

أ‌-                 
هناك أسبوع مكون من سبعة أيام يحسب
من السبت إلى السبت الذى يليه، أى ستة أيام + السبت(18).

ب‌-             
وهناك أسبوع من سبع سنوات " ست
سنين تزرع حقلك " وأما السنة السابعة ففيها يكون للأرض سبت عطله (19)".

هذا
الأسبوع الذى من سبع سنوات كان مألوفآ للآباء البطاركة ’ فعندما اتفق لابان مع
يعقوب أن يخدمه " سبع سنين براحيل" كانوا ينظرون إلى هذه السنوات السبع
كأسبوع " اكمل أسبوع هذه
بالخدمة التى تخدمنى سبع سنين (20)".

 ج-
وكان هناك أيضا أسبوع من 49 سنه " سبعة سبوت سنين. سبع سنين سبع مرات. فتكون
لك أيام السبعة السنوية تسعا وأربعين سنه "

وبناء
على ما سبق فقد أجمع جميع علماء اليهودية والمسيحية سواء القدماء أو المعاصرين على
أن ال"سبعون أسبوعا" تعنى 490 سنه نبوية. تبدأ من القرن الخامس قبل
الميلاد وتنتهى فى القرن الأول للميلاد. وقد أجمعت الغالبية ’ كما سنرى ’ على أنها
تبدأ فيما بين (457’445ق.م) وتنتهى فيما بين (26/27و33و70م).

ثانيا:
جوهر النبؤة وغايتها:

قال
الملاك جبرائيل لدنيال النبى " سبعون أسبوعا قضيت على شعبك وعلى مدينتك
المقدسة ’ وكلمة "قضيت" تعنى "حددت" أو "قطعت" من
مجرى الزمن لان الله يعامل أورشليم بكيفية خاصة وكان دانيال النبى يصلى من اجل
شعبه ومن اجل أورشليم مدينته والتى دعاها الوحى ب"مدينه القدس"’
و"مدينه الحق" ومن ثم فقد جاءت الإجابة من أجل شعبه بالدرجة الأولى.

1-
لتكميل المعصية :

كلمه
"تكميل" هنا فى اصلها تعنى، المنع أو التقييد(26).
والإزالة، أى إزالة الخطية، إزالة المعصية من أمام وجه الله "أستدر وجهك عن
خطاياى وأمح كل آثامى"(27)، ومن ثم فقد ترجمت أيضاً "للقضاء
على المعصية" و"لا فناء المعصية"، وكلمه المعصية، هنا معرفة ب ال،
"المعصية" وتشمل الرفض والارتداد، رفض اليهود للمسيح سواء فى مجيئه
الأول أو قبل التوبة والرجوع فى مجيئه الثانى. كان تمردهم وعصيانهم الذى صلى
دانيال من أجله سيستمر إلى النهاية.

كان
بنو إسرائيل يجتمعون فى يوم (عيد) الكفارة كل عام ويقدمون ذبائح دموية تكفيراً عن
خطاياهم "لأنه فى هذا اليوم يكفر عنكم لتطهيركم، من جميع خطاياكم أمام الرب
تطهرون(28). ولكن هذه الكفارة كانت مؤقتة ورمزيه
ولم يكن لها الكفاية، القدرة الكافية، على محو الخطية والقضاء على المعصية
وإزالتها أو إفنائها تماماً، لذلك قدم المسيح نفسه، ذبيحة نفسه عن خطايا العالم
كله(29) فى كل مكان وزمان، "لا يقدر
(الناموس) أبداً بنفس الذبائح كل سنه التى يقدمونها على الدوام أن يكمل الذين
يتقدمون وإلا فمازالت تقدم.. لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع الخطايا
فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع مره واحدة"(30).
"متبررين مجاناً بنعمته بالفداء إلى بيسوع المسيح الذى قدمه الله كفارة بالإيمان
بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله"(31).

"لكن
أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً. وهو
مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره (جروحه) شفينا.
كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه أثم جميعناً"(32).

كان
السبى لبنى إسرائيل قصاصاً عادلاً على خطاياهم، ولكن هذا القصاص لم يكن ولا يعتبر
كفارة كافية عن خطاياهم، فالكفارة الكافية والحقيقية تمت على الصليب بتقديم المسيح
ذاته "كفارة عن خطايا العالم كله"(33).

يقول
الوحى الإلهى أنه لا خلاص لبنى إسرائيل إلا بالتوبة وقبول المسيح، ولكنهم سيستمرون
فى رفضه إلى النهاية، وفى النهاية عندما يأتى ثانيه، يقول زكريا النبى بالروح:
"وأفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات فينظرون إلى
الذى طعنوه وينوحون عليه ويكونون فى مرارة عليه كمن هو فى مرارة على بكره
فى ذلك اليوم يكون ينبوع مفتوحاً لبيت داود ولسكان
أورشليم.."(34).

ويقول
أشعياء النبى بالروح "ويأتى الفادى إلى صهيون وإلى التائبين عن المعصية فى
يعقوب يقول الرب"(35). ويؤكد ذلك القديس بولس الرسول بالروح
مستشهداً بما قاله الروح بفم أشعياء "أن القساوه قد حصلت جزئياً لإسرائيل إلى
أن يدخل ملؤه الأمم. وهكذا سيخلص جميع إسرائيل. كما هو مكتوب سيخرج من صهيون
المنقذ ويرد الفجور عن يعقوب"(36).

2-
وتتميم الخطايا:

تعنى
كلمة "تتميم" هنا، ختم(37)، أى "ختم الخطايا" أو كما
يقول أيوب "معصيتى مختوم عليها"(38)، كما تعنى الغلق،
والغلق على الأشياء بمعنى إخفائها(39)، كما تعنى الإنهاء والإزالة
"وإنهاء الخطية"، "وإزالة الخطية". الله سيضع نهاية للخطية
بغفرانها على الصليب بدم المسيح الذى قدم ذاته كفارة عنها وقد وصفت بأنها ختمت
لأنها أزيلت بدم المسيح، فقد "أخذ المسيح على نفسه ملاشاتها وأبادتها بمعنى
أنه كسر شوكتها وأبطل نفوذها وسيطرتها بحيث لم تعد لها قائمه فيما بعد"(40).

وقد
رفض بنو إسرائيل، التى كانت النبؤه موجهه إليهم، المسيح، أكملوا معصيتهم وختموا
على خطاياهم برفضهم للمسيا، ملكهم(41)، وتقديمه للصلب والموت.

3-
ولكفارة الأثم :

يعنى
الفعل "يكفر" يغطى، أو يكفر عن، أو "يغفر، يصفح"(42)
و "يمحى"(43) و "يحجب"(44)
ويطهر "تطهر المذبح بتكفيرك عليه"(45)، وذلك بمعنى يتخلص من
حمل بالدم أو التوسط(46).

وكفارة
الأثم تعنى إزالة الذنب أو العقاب الذى ينبع من الذنب. والفداء لا يمكن أن يتم إلا
بصليب المسيح(47)، فالمسيح وحده هو الذى يغطى خطيئة
الإنسان ويحجبها عن نظر الله بتقديم جسده كفارة عن الخطايا وإيفاء العدل الإلهى
حقه(48).

4-
وليؤتى بالبر الأبدى :

أى
"البر أو البار الأبدى" أو كما يقول القديس أثناسيوس الرسولى "إلى
أن يأتى البر الحقيقى المزمع أن يكون فديه عن الجميع"(49).
والبر هنا مرتبط بالفداء والخلاص، كقول أشعياء النبى بالروح "أما خلاصى إلى
الدهر يكون وبرى لا ينقض
أما برى إلى الأبد يكون وخلاصى إلى دور
الأدوار"(50). وهذا البر لا يتم إلا بالمسيح وحده
البار، والذى دعى بالروح "غصن بر" و "البر برنا"(51)،
وكما يقول بولس الرسول بالروح "المسيح يسوع الذى صار لنا حكمة من الله وبر
وقداسه"(52). وقد بررنا بدمه وحمله لخطايانا،
"وعبدى البار بمعرفته يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها"(53)،
"متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح"(54).

5-
وختم الرؤيا والنبوة:

فقد
ختم الرب يسوع المسيح وتمم كل رؤى ونبوات العهد القديم التى سبق جميع الأنبياء
وتنبؤا بها عنه، وأكمل كل ما هو مكتوب عنه، كقوله هو نفسه "لأبد أن يتم جميع
ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير"(55).
وتعنى الآية أيضاً وضع النهاية للرؤى والإعلانات بمجيئ المسيح الذى تمت فيه جميع
الوعود والنبؤات والذى كان هو محورها وهدفها، كقوله "ليتم كل ما هو
مكتوب"(56). يقول
Young "عندما يأتى المسيح لن يكون هناك حاجه
أخرى للنبؤه بمفهوم العهد القديم"(57) وهذا ما أكده الوحى فى قوله "الله
بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة
فى ابنه الذى جعله وارثا لكل شيء الذى به أيضاً عمل العالمين الذى وهو بهاء مجده
ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمه قدرته"(58). فقد تكلم الله بواسطة
الأنبياء الذى أعطاهم رؤى ونبوات "لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا
تنبأوا"(59)، وهذا كله تم وختم بمجئ المسيح وصلبه.

يقول
القديس أثناسيوس الرسولى متسائلاً:

"متى
بطلت النبوه والرؤيا من بنى إسرائيل إلا عندما أتى المسيح قدوس القدوسين؟ لأنه من
ضمن العلامات والبراهين القوية على مجئ كلمة الله أن أورشليم لا تكون قائمه فيما
بعد، ولا يكون نبى قائماً فيهم، ولا تعلن لهم رؤيا وهذا أمر طبيعى"(60).

"فعندما
جاء قدوس القدوسين" كان طبيعياً أن تختم الرؤيا والنبوة، وتبطل مملكه
أورشليم. لأن الملوك كان يجب أن يمسحوا بينهم إلى أن يمسح "قدوس
القدوسين". ويعقوب تنبأ بأن مملكه اليهود تبقى حتى مجيئه"(61).

"وقد
هتف المخلص نفسه قائلاً "الناموس والأنبياء إلى يوحنا تنبأوا". فلو كان
بين اليهود الآن نبى أو ملك أو رؤيا، لجاز لهم أن ينكروا المسيح الذى أتى(62).
أما أن لم يوجد ملك ولا رؤيا، بل من ذلك الوقت إلى الآن ختمت كل نبوه، وأخذت
المدينة والهيكل"(63).

6-
ولمسح قدوس القدوسين :

عندما
بشر الملاك العذراء بميلاد المسيح قال لها: "القدوس المولود (منك) يدعى ابن
الله"(64)، ودعى السيد أيضاً ب "قدوس
الله"(65) و"القدوس البار"(66)
و"قدوس بلا شر ولا دنس"، كما دعى ب "القدوس الحق"(68). وأكد أباء الكنيسة أنه هو المقصود فى
عبارة دانيال، هذه، يقول هيبوليتوس "قدوس القدوسين ليس سوى ابن الله
وحده"، ويقول اكليمندس الاسكندرى "جاء المسيح ربنا قدوس القدوسين"(69)،
ويقول القديس اثناسيوس الرسولى، المسيح قدوس القدوسين"(70).

وقد
وردت كلمه "قدوس القدوسين" فى العبرية "قدش قدشيم" واستخدمت
حوالى 40 مرة معرفة بأداة التعريف "قدش ها قدشيم" لتعنى "قدس
أقداس" وطبقت على خيمة الاجتماع وأدواتها والذبائح والتقدمات المختلفة"(71).

وعندما
استخدمت بدون أداة تعريف "قدش قدشيم" فقد استخدمت لهارون وبنيه(72)،
واستخدمت هنا عن السيد المسيح بالتوازى مع قول النبؤه عنه "المسيح
الرئيس" وهذا ما اجمع عليه آباء الكنيسة وعلماؤها(73).

وقد
رأى البعض انه إذا كانت العبارة تشير إلى مكان، فتكون الاشارة إلى دخول المسيح
المقام إلى السموات ذاتها "الذى بدم نفسه دخل مره واحدة إلى الأقداس فوجد
فداء أبدياً"(74). وذلك لأجل مختاريه"(75).

كما
رأى بعض آخر أنها تشير إلى الكنيسة المسيحية "فالمراد بقوله قدوس القدوسين
الكنيسة المسيحية باعتبار أن مؤمنيها هم هيكل الله الحى" والمراد بقوله
لمسحها هو انسكاب الروح القدس كما حدث فى يم الخمسين"(76).

ولكن
اقدم الآباء وسياق الكلام وروح الكتاب يؤكدون أن الرب يسوع المسيح هو "قدوس
القدوسين"(77). ومن ثم فقد ترجمت فى السريانية
القديمة ب "مسيا قدوس القدوسين"(78).

وما
يؤكد أن لقب "قدوس القدوسين" هذا خاص بالسيد المسيح هو استخدام الفعل
"مسح" والتى جاء منها "المسيح، المسيا، الممسوح" ويعنى
التكريس أو التعيين كاهن أو نبى أو ملك، وبرغم أن فعل المسح ينطبق على خيمة

الاجتماع
كعلامة تكريس(79)، لكنه لم يطبق ابداً على قدس الأقداس،
إنما طبق على كهنة وملوك وأنبياء كهارون وشاول وداود(80)كمسحاء
للرب. وبالتالى طبق على الرب يسوع باعتبار كونه كاهن ورئيس الكهنة الأعظم(81)،
ونبى(82)، وملك(83). ومن
ثم يقول فيه المرنم بالروح "كرسيك يا الله إلى دهر

الدهور
قضيب استقامة قضيب ملكك
. أحببت البر وأبغضت الثم من اجل ذلك مسحك الله
إلهك بدهن الابتهاج اكثر من رفقائك"(84). وقد مسح الرب يسوع
المسيح ككاهن وملك ونبى بالروح القدس الذى حل عليه فى المعمودية(85).
يقول بطرس الرسول بالروح "يسوع الذى من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس
والقوه"(86).

ثالثاً:
متى تبدأ هذه الأسابيع النبوية ومتى تنتهى؟

يقول
الملاك جبرائيل لدانيال النبى "فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم
وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً يعود ويبنى سوق وخليج
فى ضيق الأزمنة" ع25.

وفى
قول الملاك هذا ملحوظتان:

1-
فقد فصل الأسابيع ال 69 (7 + 62 أسبوع)عن الأسبوع الأخير (ال 70).

2-
حدد بداية هذه الأسابيع ال 69 بصدور مرسوم إعادة بناء وتجديد أورشليم، بعد العودة
من السبى، كما حدد نهايتها بمجيىء وظهور وبداية خدمة المسيح "المسيح
الرئيس".

أ‌-                 
فمتى صدر هذا الأمر أو المرسوم؟

ب‌-             
 من هو المسيح الرئيس هذا؟

ج-
متى يبدأ الأسبوع السبعون؟

المرسوم

بعد
انتهاء مدة السبى، حسب نبؤه ارميا النبى، صدرت ثلاثة أوامر ملكية أو مراسيم،
ارتبطت جميعها بالعودة إلى أورشليم وإعادة بناء الهيكل والمدينة.

1-     
المرسوم الأول أصدره الملك الفارسى
العظيم كورش "
Cyrus – Kurush" سنة 538 ق. م بعد استيلائه على بابل. وكان إشعياء النبى قد
سبق وتنبأ عن هذا الملك قبل استيلائه على بابل بحوالى 150 سنه ووصفه "بمسيح
الرب" المنفذ لإرادة الله الذى سيأمر ليس بالعودة إلى أورشليم فحسب، بل سيأمر
بإعادة بناء الهيكل وأورشليم"(87).. "القائل عن كورش راعى فكل
مسرتى يتمم ويقول عن أورشليم ستبنى وللهيكل ستؤسس. هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش
"(88).

أن
الرب إله السماء
أوصاني أن ابنى له بيتاً فى أورشليم"(89).وهكذا
بدأت العودة الأولى إلى أورشليم تحت قيادة زروبابل، وبدأ ترميم المذبح وإعادة
تنظيم العبادة وطقوسها وشعائرها(90)، وعند بناء الهيكل واجه العائدون
صعوبات شديدة وعراقيل من الولاة وخصوم الديانة اليهودية(91). وفى
عهد الملك

داريوس
الأول (522-486 ق.م) تم البحث فى خزائن الوثائق الفارسية المحفوظة فى بابل ووجد
مرسوم الملك كورش وبناء عليه أمر الملك داريوس الأول باستمرار العمل(92)
الذى استغرق من 520 إلى 515 ق.م فتم العمل فى 23 آذار من السنة السادسة من ملك
داريوس، أى فى أبريل 515 ق.م(93).

2-     
المرسوم الثانى أصدره الملك ارتحشتا
الأول (464-424 ق.م) فى السنة السابعة من ملكه أى سنه(94) (457
ق.م) وحمله عزرا الكاهن والكاتب مع مجموعه أخرى وعادوا إلى أورشليم(95).
وهكذا بدأت العودة الثانية إلى أورشليم تحت قيادة عزرا، بعد حوالى 80 سنة من
العودة الأولى. وقد ركز مرسوم ارتحستا هذا على ثلاثة أمور؛ هى الأذن لمن يريد، من
يهود بابل، بالعودة إلى أورشليم(96)؛ تنظيم القضاء للشعب وتطبيق شريعة
موسى(97)؛ ترتيب الأمور المالية للصرف منها على
إقامة الشعائر الدينية المرتبطة بالهيكل وبحسب مشيئة الله(98).

ومن
ثم فقد كان عزرا الكاهن والكاتب هو البانى الروحى، المؤسس الروحى لمرحله ما بعد
السبى وقبل انقطاع النبوه.

3-     
المرسوم الثالث أصدره، أيضا، الملك
ارتحشتا الأول فى "شهر نيسان فى السنة العشرين" لملكه، أي (مارس
أبريل 445ق.م). وحمله نحميا، رجل البلاط الفرسى وساقى الملك(100)،
ومن ثم بدأت العودة الثالثة إلى أورشليم. وبموجب هذا المرسوم قام نحميا ببناء سور
أورشليم وأعاد بناء المدينة نفسها(101).

والسؤال
هنا هو إلى أي أمر أو مرسوم من هذه المراسيم الثلاثة أشار الملاك جبرائيل؟

والإجابة
على هذا السؤال فى صفحة 140-143 من هذا الكتاب.

 

تاريخ
أحداث العودة من السبى
إلى عيد
المظال بحسب التقويم العبرى

540 ق.م

سنه

شهر

يوم

الحدث

المرجع

540 ق.م

 

 

 

 

530 ق.م

520 ق.م

 

 

 

539

538-537

537

536

536-530

530-520

520

516

أكتوبر

مارس إلى
مارس

7

2

 

 

7 سبتمبر

12 مارس

12

11:2

 

 

 

 

21:24

 

الاستيلاء
على بابل

السنة
الأولى لكورش

بناء
المذبح

بدأ
العمل فى الهيكل

المعارضة
أثناء حكم كورش

توقف
العمل فى الهيكل

تجدد
العمل فى الهيكل فى حكم

دا 30:5

عز 1:1-4

عز 1:3

عز 8:3

عز 1:4-5

عز 24:4

عز 2:5
حجى4:1

 

تفسير هذه النبؤه عبر التاريخ
اليهودى والمسيحى

يقول
جيمس مونتجمزى
James Montgomery، أشهر من تبنى آراء النقاد فى القرن العشرين، أن كل من التفسير
اليهودى والمسيحى كانا متفقان على أن إتمام هذه النبؤه قد وُجد فى أحداث القرن
الأول الميلادى"(102)، أى مجئ المسيحى ودمار أورشليم سنه
70م.

وقدر
رأى البعض أن ما حدث لأورشليم سنه 70م هو رمز ونموذج واشره لما سيحدث قبل مجيء
السيد المسيح ثانيه، بينما رأى بعض آخران الأسبوع الأخير بكامله سيحدث قبل هذا
المجيء الثانى للمسيح مباشرة.

رابعاً:
التفسير اليهودى لهذه النبؤه عبر التاريخ:

أعتقد
بعض من علماء اليهود، قبل الميلاد، أن هذه النبؤه تشير إلى قدرة الاضطهاد الشديد
الذى اضطهده الملك السورى انتيوخس ابيفانس، الرابع (175-164ق.م)، لليهود فى القرن
الثانى ق.م والمعروفة بفترة المكابين. ولكن الغالبية العظمى من علماء اليهود أمنوا
على مر العصور، أنها تشير إلى:

أ‌-                 
مجيء المسيح المنتظر.

ب‌-             
دمار أورشليم سنه 70م على يد
فسبيسان وولده تيطس، وسنه 134 على يد الإمبراطور الرومانى هادريان.

1-     
وتبين آيات عديدة فى الإنجيل، خاصة
الإنجيل للقديس لوقا، أن اليهود كانوا فى زمن ميلاد المسيح، فى حالة انتظار وترقب
لمجيء المسيح، ويقول عن حنة بنت فنوئيل التى كانت عابدة فى الهيكل من سنوات طويلة،
أنها "وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه (المسيح) مع جميع المنتظرين فداء فى
أورشليم"(107). كان هناك العديد ممن كانوا فى حالة
انتظار وتوقع لمجيء الفادى فى أيامهم، وكانت نبؤه دانيال هذه هى الوحيدة التى حددت
زمن مجيئه. يقول القديس اثناسيوس الرسولى: "دانيال المتزايد فى الحكمة، الذى
حدد كل من التاريخ الفعلى لمجيء المخلص، وحلوله الإلهى بيننا"(108)،
وقال القديس كيرلس الأورشليمى "دانيال يحدد تاريخ التجسد
يقول انه بعد انقضاء 483 سنه على إعادة بناء الهيكل، عند زوال
الملوك، يأتى ملك اجنبى يولد المسيح فى زمانه"(109).

2-     
 يقول الكاهن والمؤرخ اليهودى
يوسيفوس (36-100م) المعاصر لتلاميذ المسيح: "كتب دانيال أيضاً بخصوص الرومان
وأنهم سيدمرون دولتنا. هذه الأمور كلها تركها هذا الرجل (دانيال) مكتوبة كما كشفها
له الله"(110). ويطبق عبارة "رئيس آتٍ"
على تيطس، كما يتكلم بأسلوب يدل على أن ما يقوله كان هو السائد فى عصره، خاصة بعد
دمار أورشليم. وبالتالى يكون المسيح قد جاء قبل ذلك. يقول مونتجمرى "أن هذا
التفسير (تفسير يوسيفوس) أصبح التفسير اليهودى السائد بدون استثناء؛ وانتقل إلى
التفسير المسيحى، الذى رأى فى نبؤه الأسابيع السبعين، نبؤه عن مجيء المسيح
بالتساوى مع سقوط المدينة المقدسة"(111).

3-     
 ويقول تفسير "سيدر اولام Seder Olom" من القرن الثانى الميلادى أن ال 490 سنه مقسمه كالآتى: 70
سنه السبى + 34 سنه، فارس (العودة من السبى) + 180 سنه، الإغريق + 103 الحشمونيين
+ 103 الهيدروسيين = 490 سنه(112). أى أن النبؤه تمت فى مجيىء المسيح
ودمار أورشليم.

4-     
ويلخص لنا القديس جيروم فى نهاية
القرن الرابع وبداية الخامس الميلادى، تفسير اليهود لهذه النبؤه، ويقول انهم حسبوا
ال 490 سنه، من السنة الأولى لداريوس الميدى (539 ق.م) ووصلوا بها إلى عصر المسيح
ووجدوا فيها نبؤه عن موته، ونبؤه عن اقتراب الجيش الرومانى تحت قيادة فسبسيان
وتيطس(113)، ويقول مونتجمرى أن اليهود الذين
استند عليهم جيروم وجدوا إتمام النبؤه فى دمار أورشليم بواسطة الرومان، واعتبروا
أن ثلاث سنوات ونصف من الأسبوع الأخير تشير إلى دمار أورشليم على يد فسبسيان وتيطس
والثلاث سنوات ونصف الأخرى تشير لحرب هاردريان. وفسروا "الرئيس الآتى"
بأنه فسبسيان. كما يضيف انه يظهر أن اليهود قد سلموا بأن قوله عن موت
"المسيح" يشير إلى يسوع المسيح، وترجموا عبارة "وليس له"
بمهارة إلى "ولكن مملكة اليهود لن تكون له"(114).

ويضيف
مونتجمرى أيضا أن دمار أورشليم كان هو موضوع السبعين أسبوع فى رأى العظات
الكليمنتيه، فى تفسير رجسه الخراب"(115).

5-              
وينقل مونتجمرى عن كثيرين من علماء
اليهود فى العصور الوسطى آراءهم فى

تفسير
هذه النبؤه. ويقول التفسير اليهودى التالى اتبع الرأى التقليدى فى اعتبار أن نقطة
النهاية فى النبؤه هى دمار أورشليم بواسطة تيطس أو هادريان. وهكذا يقول راشى وبن
عظرا وغيرهم. وينقل عن بن عزرا قوله أن الأسبوع الأول بدأ فى السنة العشرين للملك
ارتحشتا
"(116).

6-              
ويقول أيضاً انه "بحسب Sanh.,97a قسمت الأسابيع إلى سبعة أجزاء، كان يجب أن يأتى
المسيا فى نهايتها"(117)

وينقل
عن
Shottgen بعض الأمثلة لتفاسير اليهود لهذه النبؤه، منها قول الربى
Nachmanides "قدوس القدوسين ليس سوى المسيا، المكرس
من أبناء داود"(118)

وينقل
عن الربى موسى هادرشان
Haddarshan قوله "البر الأبدى، هو الملك المسيا"(119)،
وهذا نفس ما ينقله جيروم عن يهود عصره(120)

7-              
 وينقل تفسير لانج إشارة الجمارتين
بهذه النبؤه إلى الحرب ضد فسبسيان(121)

8-     
ويقول تفسير لانج نقلاً عن التقاليد
الربانية والتلمودية أن كتاب الترجوم أهملوا ترجمة الهاجيوجرافا، أي الكتب المقدسة
لأنه مكتوب فيها أن "المسيا سيقطع"؛ وان المسيا قد جاء فعلاً فى الوقت،
الزمن، الذى دمرت فيه أورشليم وأخرب الهيكل، ولكنه جاء متألم ومتخفى"(122).

9-     
 وفى العصور الحديثة يقول بعض من
الربيين أن هذه النبؤه تشير إلى المسيح، ويقول رابين سيمون لوزاتو من فينسيا أن
"نتيجة الفحص المطول والعميق من جانب العلماء اليهود قد تؤدى إلى أن يصبحوا
جميعاً مسيحيين، لأنه بحسب تحديد دانيال للزمن، لا يمكن إنكار أن يكون المسيا قد
آتى فعلاً"(123).

خامساً:
التفسير المسيحى لهذه النبؤه عبر التاريخ:

آمن
آباء الكنيسة وعلماؤها، بصفة عامه، منذ فجر المسيحية الباكر، إن هذه النبؤه تشير
إلى الرب يسوع المسيح وأنها قد حددت زمن مجيئه وصلبه وأبطاله للذبائح والتقدمات
التى كانت ترمز إليه ووصفت شخصه وعمله، وإن عبارة "المسيح الرئيس" تشير
إلى مجيئه وظهوره وخدمته ودخوله أورشليم كالمسيا المنتظر والملك الآتى، ابن داود،
ملك إسرائيل بحسب نبؤه زكريا النبى(124)، وإن عبارة "يقطع المسيح"
تعنى موته على الصليب، كما سبق وتنبأ إشعياء النبى أيضاً وفى جيله من كان يظن أنه
قطع من أرض الأحياء"(125). كما أن عبارة "قدس
القدوسين" تعبر عن كونه، هو، القدوس الحق(126)، و"مسح"،
أى مسحه، يشير إلى مسحه بالروح القدس الذى حل عليه وقت عماده من يوحنا المعمدان(127)
وله بالروح "كيف مسحه الله بالروح القدس والقوه"(128).
كما رأى البعض منهم أن هذه العبارة "قدوس القدوسين" تعنى القدس السماوى
"قدس الأقداس" الذى دخله المسيح بعد أن قدم نفسه ذبيحة كفارية كاملة، عن
خطايا العالم، على الصليب "وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مره واحدة
إلى الأقداس فوجد فداءً أبديا"(129).

كما
فسروا عبارة "شعب رئيس آت" بأنها تشير إلى الرومان الذين دمروا الهيكل
واخبروه ودنسوه واخربوا أورشليم ودمروها سنه 70م.

أ-
تفسير العهد الجديد لهذه النبؤه :

شهد
النقاد والليبراليون قبل غيرهم أن المسيح وتلاميذه أشاروا إلى إتمام هذه النبؤه فى
زمن المسيح ودمار أورشليم والهيكل سنه 70م. فيقول مونتجمرى أن "التفسير
الروؤى للنبؤه يظهر فى الاستشهاد الفريد والمباشر بها فى العهد الجديد، فى متى
15:24" وكذلك "بولس بالمثل فى رسالته الرؤويه المبكرة الثانية إلى
تسالونيكى 4:2، فقد كان فى ذهنه
هذه الفقرة من أقوال دانيال وأيضا وصف دانيال
المحدد بدقه فى ص11، عندما تحدث عن ابن الهلاك "الجالس فى هيكل الله مظهراً
نفسه انه إله"(130).

ب-
تفسير آباء الكنيسة فى القرون الأولى لهذه النبؤه:

يمكن
تلخيص تفسير هؤلاء الآباء فى النقاط التالية:

1-     
الإجماع على انه هذه النبؤه هى
البرهان الأكيد على تحديد الوحى الإلهى للزمن الذى كلن يجب أن يأتى فيه المسيح،
وقد جاء بالفعل حسب ما أعلن الملاك جبرائيل لدانيال النبى، وقد حسب يوليانوس
افريكانوس (200-245م) المدة من مرسوم الملك ارتحشتا فى السنة العشرين أي سنه
445ق.م، ثم قال؛ بالحساب من ارتحشتا إلى زمن المسيح تتكون الأسابيع السبعين وذلك
بحساب اليهود"(131). وقال يوسابيوس القيصرى (264-340م)؛
"هذه الأمور سجلناها لنبين انه بظهور مخلصنا يسوع المسيح تمت نبؤه أخرى. لان
الكتاب المقدس فى سفر دانيال ذكر صراحة عدد محدد من الأسابيع حتى مجيىء المسيح
تنبأ بكل وضوح انه بعد تمام هذه الأسابيع تتلاشى المسحة نهائياً.
وقد أوضحنا تماماً أن هذا ما تم فى ميلاد مخلصنا"(132).
وقال العلامة ترتليان أن زمن مجيئ المسيح معلوم فى سفر دانيال "وبعد حسابه سنبرهن
أنه ( المسيح ) أتى بحسب الأزمنة المقررة والعلامات الكافية"(133).
ويقول القديس أثناسيوس الرسولى ( 296
373م)، "دانيال المتزيد فى الحكمة، الذى
حدد كلا من التاريخ الفعلى لمجيء المخلص وحلوله الإلهى بيننا، إذ قال "سبعون
أسبوعاً قضيت على شعبك
."(134) ويكمل بقية النبؤه فى
آيه 24. أما القديس جيروم فيقول "لا يكمن لأحد أن يشك أن هذه النبؤه خاصة
بمجيئ المسيح، الذى ظهر فى العالم بعد هذه الأسابيع السبعين"(135).

2-     
إن ذروه وروح وجوهر النبؤه هو فى
مجيئ المسيح وعمله وخدمته. يقول القديس أكليمندس الأسكندرى (150
215م)، "جاء المسيح ربنا "قدوس القدوسين" وتمم
الرؤيا والنبوة ومسح فى جسده بروح أبيه القدوس"(136).
وقال القديس جيروم "وربه ختمت المعصية وانتهت ( تمت) الخطية وأزيل الإثم
وأعلن البر الأبدى الذى ساد على قسوة الناموس، وتمت الرؤيا والنبوة لأن الناموس
والأنبياء كانوا إلى يوحنا، ثم مسح قدوس القدوسين(137).

3-     
بمجئ المسيح تمت فيه النبوات وختمت
الرؤيا والنبوة وبالتالى بطلت الذبائح والتقدمات وجميع الشعائر والطقوس اليهودية،
والتى كانت فى روحها وجوهرها ترمز إلى عمله وتشير إليه. يقول القديس أثناسيوس
الرسولى: "لأنه متى بطلت النبوه والرؤيا من إسرائيل إلا عندما أتى المسيح
قدوس القدوسين؟ لأنه من ضمن العلامات والبراهين القوية على مجيئ كلمة الله إن
أورشليم لا تكون قائمه فيما بعد ولا يكون نبى قائماً فيهم، ولا تعلن لهم رؤيا.
وهذا أمر طبيعى"(138)، فعندما جاء "قدوس القدوسين،
كان طبيعيا أن تختم الرؤيا والنبوة وتبطل مملكه أورشليم"(139)،
"ومتى هتف المخلص نفسه قائلا "الناموس والأنبياء إلى يوحنا تنبأوا"(140).
فهو كان بين اليهود الآن ملك أو رؤيا، لجاز لهم أن ينكروا المسيح الذى أتى. أما إن
لم يوجد ملك ولا رؤيا، بل من ذلك الوقت إلى الآن ختمت كل نبوه وأخذت المدينة
والهيكل"(141).

4-     
الإجماع على أن عبارتى "المسيح
الرئيس" تشير أن إلى السيد المسيح، فتشير الأولى إلى مجيئه كالملك الآتى
والمسيح المنتظر، ابن داود، ومن ثم ترجمت فى السريانية "إلى مجيئ المسيا
الملك"(142)، وتشير الثانية إلى موته الكفارى،
ولذا ترجمت فى السريانية أيضاً إلى "سيقتل المسيا"(143).

5-     
آمن عدد كبير من الآباء أن عبارة
"قدوس القدوسين" تعنى الرب يسوع المسيح، ومن ثم ترجمت فى السريانية إلى
"مسيا قدوس القدوسين"(144).

6-     
أجمعوا مع العلماء اليهود، على أن
المقصود بعبارة "شعب رئيس آت" هو دمار أورشليم وخرابها وتدنيس الهيكل
على أيدى الإمبراطور الرومانى فسبسيان وأبنه تيطس سنه 70م.

7-     
أشار بعض منهم مثل هيبوليتوس على أن
الأسبوع الأخير "السبعون" لم يأت بعد، وأنه يتكلم عن ضد المسيح الذى
سيأتى قبل المجيء الثانى(145) للسيد المسيح، والدينونه.

ج
تفسير النبؤه فى العصور الحديثة ( ما قبل
الفكر العقلانى)(146) :

يتلخص
تفسير النبؤه فى هذه العصور فى النقاط التالية:

أ-      
الإجماع على أن هذه النبؤه خاصة
بالسيد المسيح وقد تمت فى مجيئه وصلبه وعمله، وقد اتفقوا جميعاً على ما جاء فى
النقاط السبعة أعلاه، أى فيما اتفق عليه آباء القرون الأولى.

ب-
برغم اختلاف بعضهم فى تحديد نقطه بداية الأسابيع السبعين، فمنهم من حددها بزمن
نبؤه أرميا الثانية (أرميا 1:29)، أو بزمن إعلان الملاك جبرائيل للنبوة ( دانيال
1:9) أى السنة الأولى من حكم داريوس الميدى لبابل (539ق.م) أو السنة الأولى لحكم
كورش (560ق.م)، أو السنة الثانية لحكم داريوس الأول (530ق.م)، أو السنة الثانية
لحكم داريوس نوثوس (423ق.م)
الخ، إلا أن غالبيتهم ركزوا على تاريخين
هما:

(1)              
السنة السابعة لحكم أرتحشتا
لونجمينوس (457ق.م)، وهو تاريخ العودة الثانية تحت قيادة عزرا.

(2)              
 السنة العشرين لحكم ارتحشتا (445ق.م)،
وهو تاريخ العودة الثانية تحت قياده نحميا.

وهذان
التاريخان هما الأكثر دقة وواقعية وقد برهنت الاكتشافات والحفريات الأثرية
والدراسة التاريخية العلمية دقتهما وواقعيتها.

ج-
ومثل أباء الكنيسة فى القرون الأولى فقد وصل بعضهم بنقطة الذروة فى النبؤه إلى
ميلاد المسيح وتقديمه فى الهيكل، ووصل البعض إلى معموديته ومسحه بالروح القدس أو
موته على الصليب، ثم انتشار الإنجيل.

د-
وقد يحسب بعضهم المدة بالسنة القمرية التى تتكون من 345 يوم، بدون إضافة أى شهور
كبيسة، مقتدياً بأسلوب يوليانوس أفريكانوس والآباء الذين اتبعوه. وحسبها البعض
الآخر بحساب السنة الكلدانية المكونة من 360 يوم. وحسبها غيرهم بحساب روحى يعتمد
بالدرجة الأولى على إتمام مده ال490 سنه من صدر الأمر إلى صلب المسيح، مقتدياً
بالعلامة هيبولتيوس وغيره من آباء الكنيسة الأولى(148).

تفسير
النبؤه فى القرن العشرين

التفسير
التقليدى (المحافظ(149)
الكتابى):

يعتمد
هذا التفسير على "الإيمان المسلم مره القديسين"(149)
والحق الكتابى، ويركز على روح النص الإلهى وجوهره، ومن ثم فقد تطابق مع الحقائق
التاريخية، وبرهنت الدراسات العلمية الحديثة، الكتابية والتاريخية والأثرية
واللغوية، على صحته. يقول إدوارد يونج
Young "إن التفسير المسياوى التقليدى يستتبع شعوبه اقل من سواه،
وفى الوقت عينه يقدر لغة النص حق قدرها"(150). وهو الآتى:

1-     
تمثل "السبعون أسبوعاً"
عدداً كاملاً (7×7) ترمزه للمدة التى حددها الله للخلاص بدم المسيح وبداية العهد
الجديد وتوقف العهد القديم.

2-     
ويرى البعض أن بداية ال 490 سنه أو
ال "سبعون أسبوعا" هى صدور أمر أو مرسوم الملك الفارسى كورش سنة (538
ق.م) وعلى الرغم من أن مرسوم الملك كورش يركز على بناء الهيكل فقط، إلا أنهم
يعتمدون على ما سبق أن تنبأ به عنه اشعياء النبى قائلاً بالروح: "كورش راعى
فكل مسرتى يتمم ويقول عن أورشليم ستبنى وللهيكل ستؤسس"(151).
بل ويحسب متى هنرى ال 490 سنه من "نفس الساعة التى تكلم فيها جبرائيل مع
دانيال وفى وقت تقدمه المساء إلى الساعة التى مات فيها المسيح، إذ مات المسيح
حوالى المساء أيضا" وقد كانت 490 سنه تماماً(152). ويقسم
الأسابيع السبعين كالآتى: "فى الأسابيع السبعة الأولى، أو ال 49 سنه، تم بناء
الهيكل والمدينة؛ وفى الأسبوع الواحد الأخير بشر المسيح بالإنجيل، وبه انتهى
التدبير اليهودى، ووضعت أساسان مدينة الإنجيل والهيكل التى كان يجب أن تبنى على
خرائب التدبير السابق"(153)

3-     
ولكن الغالبية العظمى ترى أن الأمر
الوحيد المشار إليه فى النبؤه، هو الأمر الثانى، الخاص بالعودة الثانية تحت قيادة
عزرا، والذى أصدر الملك الفارسى ارتحشتا الأول، لونجمينوس (464
424 ق.م)، فى السنة السابعة لملكه (457 ق.م). فقد قام عزرا بعد
حصوله على هذا المرسوم بإصلاح عظيم، روحى(154) ومدنى، فقد اكمل بناء
الهيكل وأسوار المدينة(155)، برغم الصعوبات والعوائق، كان عزرا
هو الابن الروحى لأورشليم. كان اليهود العائدون فى المرحلة الأولى قد أعادوا بناء
المذبح على أطلال هيكل أورشليم برغم كل ما واجهوه وقاسوه، فقد واجهتهم معوقات
كثيرة وصعوبات كثيرة من جيرانهم. ثم صدر هذا المرسوم من الملك ارتحشتا سنه 457 ق.م
لاستئناف العمل فى بناء الهيكل وبالتالى فى أورشليم. وبعد ذلك ب 13 سنه اصدر نفس
الملك ارتحشتا فى السنة العشرين لملكه أمراً ثانيا لنحميا (سنه 445 ق.م) بإعادة
بناء سور أورشليم(156).

4-     
وترى الغالبية أيضا أن نهاية ال 69
أسبوعا (7+62) هى فى 27 يناير سنه 27م وقت ظهور المسيح وعماده من يوحنا المعمدان
الذى بدأ خدمته فى السنة الخامسة عشر للقيصر طيباريوس، أي السنة 778 أو 779 لتأسيس(157)
روما (=26-27م)(158)، وقد اعتمد المسيح بعد ستة شهور من
بداية خدمة يوحنا المعمدان، أي فى 27 يناير 27م.

يقول
الملاك جبرائيل لدانيال النبى "من خروج المر لتجديد أورشليم وبنائها إلى
المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعا"، أي 49 سنه + 434=483 سنه
كاملة، وقد بدأت هذه المدة سنه 457 ق.م وانتهت سنه 27م، وبالتحديد فى 27 يناير سنه
27م، إلى المسيح الرئيس. وقد اجمع آباء الكنيسة ومفسرها فى كل العصور على أن عبارة
"المسيح الرئيس تعنى الرب يسوع المسيح، "المسيا المنتظر داود"(159).
والعبارة تجمع بين صفتين "المسيح" و"الرئيس"، فهو ممسوح ورئيس
فى آن واحد، أو بعبارة أخرى: واحد هو كاهن ورئيس معاً. هذا الوصف لا يصلح إلا فى
شخص وحيد هو يسوع الذى هو المسيح"(160). هذا المسيح هو النسل
الموعود، والذى له الحكم وخضوع شعوب، الذى تنبأ عنه يعقوب بالروح وحده ظروف مجيئه
والأحداث التى ستكون معاصره لهذا المجيء والتى تساوت مع نفس الزمن الذى حدده
الملاك جبرائيل؛ يقول القديس اثناسيوس الرسولى "فعندما جاء "قدس
القدوسين" كان طبيعياً أن تختم الرؤيا والنبؤه، وتبطل مملكه أورشليم. لأن
الملوك كان يجب أن يمسحوا بينهم إلى أن يمسح "قدوس القدوسين".

ويعقوب
تنبأ بأن مملكة اليهود تبقى حتى مجيئه قائلاً "لا يزول حاكم من يهوذا أو رئيس
من بين احقائه حتى يأتى المعد له وهو رجاء الشعوب"(161).
وهو الذى تنبأ عنه داود النبى بالروح بأنه الذى مسح "بدهن المسحة"(162)،
مسح الرب"(163)، الذى مسح بالروح القدس كملك السلام
"أما أنا فقد مسحت ملكى على صهيون جبل قدسى"(164)،
وككاهن ورئيس الكهنة الأبدى "أقسم الرب ولن يندم أنك كاهن إلى الأبد على رتبه
ملكى صادق"(165)، وقد وصف بالروح القدس ب "مسيح
الرب"(166) كما تشير كلمة "رئيس" إلى
كونه "رئيس ملوك الأرض" كما عبر عنه الوحى فى سفر الرؤيا(167).
انه الرئيس الآتي "ابن داود" الذى تنبأ عنه اشعياء النبى قائلاً
"هوذا قد جعلته شارعاً للشعوب رئيساً وموصياً للشعوب"(168)،
"لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسى داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها
بالحق والبر من الآن وإلى الأبد"(169).

5-     
ثم يقول الملاك "وبعد أثنين
وستين أسبوعا يقطع المسيح وليس له"، ع26. وتعنى عبارة "يقطع
المسيح" أي يموت، يصلب ويموت، كما سبق وتنبأ اشعياء النبى قائلاً "كان
يظن انه قطع من ارض الأحياء انه ضرب من اجل ذنب شعبى"(170).
وقد صلب المسيح بعد انتهاء ال 69 أسبوعا وفى منتصف الأسبوع الأخير، السبعون. فقد
بدأ خدمته بعد المعمودية من يوحنا، فى نهاية الأسبوع ال69 وبداية الأسبوع السبعين،
واستمرت خدمته ثلاث سنوات ونصف، وصلب فى منتصف الأسبوع الأخير، السبعون. وبصلبه هم
الفداء ولم يعد للذبائح والتقدمات، التى كانت ترمز إليه عمله، قيمه، ومن ثم انشق
حجاب الهيكل عند موته على الصليب إعلانا بانتهاء عمل الهيكل والذبيحة والتقدمات
إلى أن دمر الهيكل تماماً وتوقفت الذبائح والتقدمات نهائياً سنه 70م وهذا ما تشير
إليه النبوه بالقول "وفى الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة" فقد وضع المسيح
بموته الكفارى على الصليب نهاية لطقوس وشعائر الذبائح والتقدمات، فقد قدم نفسه
ذبيحة كفارية ذات قيمه غير محدودة "وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل إلى
الأقداس فوجد فداء أبدياً"(171). وهذا ما تشرحه الرسالة إلى
العبرانيين بالتفصيل، وهو موضوعها الرئيسى.

وتعنى
عبارة "وليس له"؛ "لن يكون له أحد أو "ولكن ليس لنفسه"ز
أى أن الشعب الذى ينكره لن يكون له، لن يعود له "جاء إلى خاصته وخاصته لم
تقبله" أو كما تنبأ عنه داود النبى "أما أنا فدوده لا إنسان. عار عند
البشر ومحتقر الشعب"(172). كما أنه لم يمت لأجل خطيه ارتكبها
هو، كقوله "رئيس هذا العالم يأتى ولكن ليس له فى شئ"(174).
وكقول الوحى عنه انه "قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى
السموات"(175)، إنما قدم ذاته كما يقول هو
"فديه عن كثيرين"(176)، "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا
تحملها
وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا الرب
وضع عليه أثم جميعنا"(177).

 

الإتمام
الحرفى للنبؤه

6-
صدر أمر الملك ارتحشتا الأول، لونجمينوس (464-424 ق.م) لعزرا الكاهن والكاتب فى
السنة السابعة لملكه(178)، أى سنه 457 ق.م (464-7=457). وقد تم
خلال السبعة أسابيع الأولى، بحسب ما جاء بالنبؤه، أي ال 49 سنه (7×7=49)، إعادة
بناء حوائط وشوارع أورشليم برغم الظروف الصعبة، وأكتمل تنظيمها سنه 408 ق.م
(457-49=408)، وفى نفس السنة بدأت مدة ال "اثنان وستون أسبوعا" أي 434
سنه (62×7=434) لتصل إلى سنه 26م (4343-408=26). وعند جمع مدة ال69 أسبوعا (483
سنه: 69×7=483) وهى نفس المدة، وبدايتها من سنه صدوره الأمر سنه 457 نصل أيضاً إلى
سنه 26م (383-457=26)، وبإضافة سنه واحدة بسبب المرور من سنه 1 ق.م أي سنه صفر(180)،
نصل إلى سنه 27م، وهى السنة التى جاء فيها المسيح "كالرئيس"، بحسب ما
تعلن النبؤه، وهى نفس السنة التى أعتمد فيها من يوحنا المعمدان.

وقد
بدأ يوحنا المعمدان خدمته فى "السنة الخامسة عشره من سلطته طيباريوس
قيصر"(179)، أي خلال سنة 26م(181)،
والمفروض أن السيد المسيح بدأ خدمته بعد يوحنا المعمدان بستة شهور(182)،
وبالتالى يكون المسيح قد بدأ خدمته فى سنه 26/27م. ويتفق العلماء على أن السيد
المسيح صلب فى 14 نيسان (أبيب / مارس) سنه 30م. وهذا يتفق تماماً وبالحرف الواحد
مع إعلان النبوة عن صلبه وإبطاله للذبائح والتقدمات "فى منتصف الأسبوع"،
أى بعد ثلاث سنوات ونصف من بداية خدمته (سنة 26/27 + 1/2 3 سنوات = سنة 30 م).

تمت
نبوة دانيال النبى فى مجيئ المسيح وصلبه بالحرف الواحد، وهذا يؤكد على عظمة وإعجاز
الوحى والنبوة فى سفر دانيال، وعلى أن الكتاب المقدس هو كلمة الله، كما يؤكد على
تدبير الله بحسب إرادته الإلهية ومشيئته وعلمه السابق

يقول
القديس جيروم(183) أنه بعد ثلاث سنوات ونصف من خدمته،
أتم المسيح وابطل "ظلال الأشياء الحسنة التى ستأتى"، الطقوس اللاوية، إذ
قدم نفسه "لأن الناموس إذ له ظل الخيرات العتيدة لا نفس صورة الأشياء لا يقدر
بنفس الذبائح كل سنة التى يقدمونها على الدوام أن يكمل الذين يتقدمون(184)
فكل طقوس الناموس وشعائره "هى ظل الأمور العتيدة(185)
ولما أكملها فى نفسه، بذبيحة نفسه، أعلم "قد أكمل(186)
"إذ أنه قبل أن يضع الرب يسوع روجه ويسلمها فى يدى الآب(187)،
قال "قد أكمل" وأسلم الروح. ليعلن للجميع أنه أتم العمل الذى جاء من
أجله، ومن ثم "أنشق حجاب الهيكل من أعلى إلى أسفل" إيذاناً وإعلاناً
بانتهاء عهد وبداية عهد جديد.

 

تثبيت
العهد

7-
يقول القديس جيروم فى تفسيره لقول النبوة(188) "ويثبت عهداً مع
كثيرين فى أسبوع واحد وفى وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة" ع 27؛ إن ذلك
تم بخدمته ثلاث سنوات ونصف، ثم بخدمة رسله بعد قيامته". وتقول دائرة معارف
النبوات الكتابية أن كلمة "يثبت" تعنى حرفياً "يجعل العهد يسود(189)
والفاعل هو المسيح الذى هو موضوع الآية والنبوة. والعهد هنا هو العهد الذى تم بدم
الفداء، بدم المسيح على الصليب، الذى به اشترى الكنيسة "كنيسة الله التى
اقتناها بدمه(190)". هو عهد الله الفدائى، الذى
سبق وتنبأ عنه أشعياء النبى "وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم لتفتح عيون
العمى لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين فى الظلمة(191)
"وأقطع لكم عهداً أبدياً مراحم داود الصادقة(192)
والذى تنبأ عنه أيضا أرميا النبى "ها أيام تأتى يقول الرب وأقطع مع بيت
إسرائيل وبيت يهوذا عهداً جديداً(193)"، "وأقطع لهم عهداً أبدياً(194)".هذا
العهد بلا عيب "لأنه لو كان الأول بلا عيب لما طلب موضع لثان. لأنه يقول لهم
لائماً هوذا أيام تأتى يقول الرب حين أكمل مع بيت إسرائيل وبيت يهوذا عهداً جديداً
فإذ قال جديدا عتق الأول. وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الاضمحلال(195)
إنه بدم "راعى الخراف العظيم بدم العهد الأبدى(196)
"ولأجل هذا هو وسيط عهد جديد لكى يكون المدعوون إذ صار موت لفداء التعديات
التى فى العهد الأول ينالون وعد الميراث الأبدى(197)"
لقد أنهى السيد المسيح تدبير العهد القديم على الجلجثة، وانشق حجاب الهيكل، إذ قدم
ذاته ذبيحة ذات قيمة لانهائية، وثبت العهد الجديد بخدمته ثلاث سنوات ونصف قبل
الصليب وبكرازة رسله بعد القيامة، خلال الثلاث سنوات ونصف التالية أو نصف الأسبوع
الثانى، لليهود. كان الأسبوع السبعين هو فترة تأسيس الكنيسة والبشارة بالإنجيل
لليهود، وهذه الفترة انتهت باستشهاد استيفانوس، وحدث ذلك اليوم (يوم رجم
استيفانوس) اضطهاد عظيم على الكنيسة التى فى أورشليم فتشتت الجميع فى كور اليهودية
والسامرة(198)". ثم بتحول شاول إلى المسيحية
وإلى اسم بولس الرسول، ثم بداية دخول الأمم إلى المسيحية بإيمان قائد المئة
الرومانى كرنيليوس وحلول الروح القدس عليه هو ومن معه "فأندهش المؤمنون الذين
من أهل الختان كل من جاء مع بطرس لأن موهبة الروح القدس انسكبت على الأمم أيضاً(200)
وذلك حوالى سنة 33/34.

8-
ويرى كثيرون من المفسرين الكتابيين المحافظين، أن فترة الثلاث سنوات ونصف الثانية
من الأسبوع السبعين امتدت، عملياً، إلى دمار أورشليم والهيكل سنة 70 م، إذ أن
التقدمات والذبائح أبطلت عملياً وكلية بدمار الهيكل نهائياً.. ويرون أن لغة النبوة
تتحدث عن أحداث ستحدث بعد الأسبوع الثانى والستين، الذى هو الأسبوع التاسع
والستين، (7+62=69)، وهى كالآتى :

أ-
يصف ع 27 أن قطع المسيح سيكون فى منتصف الأسبوع السبعين،

ب-
ثم يلى ذلك مباشرة الحديث عن دمار المدينة والقدس،

ج-
ثم عن "نهاية" أو "نهاية حرب"،

د-
ويعلن ع 27 أن العهد سيثبت مع كثيرين "فى وسط الأسبوع"،

ر-
وأن الذبائح والتقدمات ستبطل،

س-
ثم يأتى الحديث عن "المخرب" وعن "نهاية" كاملة.

هذه
الأحداث مكملة وداخلة فى محيط الأسبوع السبعين، ولكن إتمامها يمتد إلى ما وراء
السبعين أسبوعاً، فدمار أورشليم والقدس حدث بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف من تاريخ
الصلب والقيامة. نعم لقد بطلت الذبائح والتقدمات بصلب المسيح وانشقاق حجاب الهيكل
ولم يعد للهيكل فائدة، واصبح غير ذى قيمة وغير موجود روحياً وعملياً، إلا أن
إزالته من الوجود وإتمام النبوة الحرفى تما سنة 70 م.

 

رجاسة
الخراب
ودمار أورشليم والقدس

10-    
ثم تقول النبوة "وشعب رئيس آت
يخرب المدينة والقدس وانتهائه بغماره وإلى النهاية حرب وخرب قضى بها
وعلى جناح الأرجاس مخرب حتى يتم ويصب المقضى على المخرب" ع
26،27ز وقد أجمع المفسرون المحافظون، الكتابيون على أن المقصود بعبارة "شعب
رئيس آت" هو الجيش الرومانى الذى دمر أورشليم والقدس سنة 70م. أما "جناح
الأرجاس" فتقسم إلى "جناح" والذى يشير فى العهد القديم إلى الجيش(201)،
وهنا تشير إلى "جناح الهيكل" الذى حاول اليهود الاحتماء تحته.
و"الأرجاس" من "رجس" أو "رجاسة" أو
"رجسة" والتى أشير إليها فى ص 13:8 ب "معصية الخراب" وفى ص
31:11 وص 11:12 ب "الرجس المخرب"، والتى أشار إليها السيد المسيح فى
حديثه عن دمار أورشليم ونهاية العالم ب "رجسة الخراب التى قال عنها دانيال
النبى(202)"، وتشير عموماً إلى عبادة
الأصنام الرجسة وأشكال عبادتها الوثنية المقيتة(203)،
كما يقول عن الصنم "ملكوم رجس العمونيين(204)" والصنم
"كموش رجس الموآبيين(205)" و"عشتروث رجاسة
الصيدونيين(206)". وأشار بها السيد المسيح إلى
تدنيس الهيكل بواسطة الرومان ودماره.

وقد
ربط السيد المسيح بين "رجسة الخراب" فى هذه النبوة ودمار الهيكل سنة 70
م فى قوله "فمتى نظرتم رجسة الخراب التى قال عنها دانيال النبى قائمة فى
المكان المقدس. ليفهم القارئ. فحينئذ ليهرب الذين فى اليهودية إلى الجبال(202)".
وفى قول السيد هنا تحذير واضح لتلاميذه بالهرب إلى الجبال عندما يرون "رجسة
الخراب" قائمة فى الهيكل، كما تشير الجملة الأعتراضية التى علق بها الإنجيلى
"ليفهم القارئ" إلى أن المقصود هنا هو الجيوش الرومانية التى وضعت
راياتها، كما يقول المؤرخ اليهودى يوسيفوس الذى كان شاهداً لها "وبينما هرب
الثوار (اليهود) إلى المدينة والتهم اللهب المقدس ذاته وكل ما يحيط به احضر
الرومان راياتهم وأقاموها تجاه الباب الشرقى وهناك ضحوا لها(207)
وكانت رايات الجيش الرومانى هى النسور الفضية المقدسة وهذا ما أوضحه السيد نفسه
بقوله : "ومتى رأيتم أورشليم محاطة بجيوش فأعلموا أنه قد أقترب خرابها. حينئذ
ليهرب الذين فى اليهودية إلى الجبال. والذين فى وسطها فليفروا خارجاً. والذين فى
الكور فلا يدخلوها. لأن هذه أيام انتقام ليتم كل ما هو مكتوب(208)".
وقد تحققت نبؤه دانيال النبى وإعلان المسيح بصورة حرفية دقيقة، فبعد 66 سنة من
ميلاد المخلص دخل سستيوس
Cestius حاكم سوريا المدينة مع القوات الرومانية وحاصر الهيكل وقفز الجنود
من حوائط الهيكل ووقفوا فى مكان مقدس. ثم استدعى سستيوس الجنود وغادر المدينة،
ولكن بعد أربع سنوات دُمرت المدينة والهيكل وصار خراباً تماماً(209)،
يقول المؤرخ اليهودى يوسيفوس شاهد العيان على أحداث خراب أورشليم ودمار الهيكل :
"لقد حكم على المقدس منذ زمن طويل من الله بالنار، والآن وبعد مرور السنين
اقترب اليوم المحتوم، اليوم العاشر من شهر
Lous (سبتمبر)، وهو نفس التاريخ الذى احرق فيه الملك نبوخذ نصر الهيكل
من قرون. ولكن الآن كان الشعب (اليهود) هو الذى سبب الحريق الهائل وبدأه. إذ أنه
عندما أنسحب تيطس بفترة قصيرة هاجم الثوار الرومان ثانية، وتبع ذلك معركة حدثت بين
حراس المقدس والقوات التى كانت تطفئ النار داخل الساحة الداخلية، فهزمت القوات
الرومانية اليهود وتعقبتهم فى انتقام شديد إلى الهيكل نفسه مباشرة. وبدون انتظار
لأى أوامر وبدون خوف من هذا العمل الرهيب انتزع أحد الجنود الذى كان مندفعاً بقوة
علوية قطعة ملتهبة من الصوف وقفز على ظهر جندى آخر، وقذف بالجمرة الملتهبة من فتحة
شباك ذهبى منخفض
وعندما اندلعت ألسنة اللهب صرخ اليهود فى رعب
أشعل المأساة؛ وتزاحموا للإنقاذ دون التفكير فى اقتصاد حياتهم أو ادخار قوتهم لأن
المبنى المقدس الذى كانوا يحرسونه بقوة وتكريس مثل هذا، كان يتلاشى أمام أعينهم(210)".

"وهكذا
سقطت أورشليم فى السنة الثانية من حكم فسبسيان فى الثامن من شهر جربيوس (أكتوبر
70م)(211)"، "وقد كان مجموع الأسرى
الذين أسروا خلال الحرب كلها 97.000، كما كان مجموع الذين ماتوا مدة الحصار الطويل
فى مراحله الأولى إلى النهاية 1.100.000 (مليون ومائة ألف) وأغلبهم من اليهود
بالجنس
الذين اجتمعوا من الدولة كلها للاحتفال بعيد الفطير وحاصرتهم
الحرب فجأة، وكان الزحام هو السبب أولاً أولاً بالطاعون، وأخيراً بالجوع(212)".

ويؤكد
المؤرخ والكاهن اليهودى يوسيفوس أن ما حدث للمدينة والهيكل كان لسببان؛ الأول هو
أثم اليهود وخطيتهم، والثانى، هو ما سبق أن تنبأ به الأنبياء، خاصة دانيال النبى،
عن هذا الرجس والخراب. كما يؤكد أن اليهود، فى هذه المرة بالذات، هم الذين دنسوا
الهيكل بأنفسهم وكانوا سبباً آخر فى تدنيس الرومان له ومن ثم يقول :

·       
"ما الذى آتى بالجيش الرومانى
ضدنا؟ أليس أثم سكان أورشليم(213)".

·       
"كان الهيكل نفسه مشهداً
للخيانات والقتل والزنا وقد دنس بأيدينا(214)".

·    "إن هؤلاء الغيورون Zealotsوالسفاكون
كانوا السبب فى إتمام النبوات ضد دولتهم، لأنه كانت أقوال قديمة (مشيراً إلى نبوات
دانيال النبوات) تقول أن المدينة ستؤخذ فى هذا الوقت، وأن المكان المقدس سيحرق
بالنار فى حرب عندما يحرض على الفتنة وأن أيديهم ستدنس هيكل الله. ولكن لم يصدق
الغيورون هذه الأقوال ومن ثم فقد جعلوا من أنفسهم أداة الإتمام(215)".

·    ثم يشير إلى نبؤات دانيال النبى ثانيه "من لا يعرف كتابات
الأنبياء القدماء والنبؤه الموجهة ضد المدينة البائسة وأنها الآن على وشك الإتمام؟
هم قد تنبؤا أنها ستؤخذ عندما يبدأ أحد بإراقة الدماء. ألم تمتلئ المدينة والهيكل
بجثث مواطنيكم؟ لذلك جلب الله نفسه ناراً عليها ليطهرها بواسطة الرومان، ويدمر
المدينة المليئة بمثل هذه الأرجاس"(216).

·    ويقول أيضاً "أعتقد أن الله قد حكم بدمار المدينة لأنها دُنست،
وأراد أن يطهر المكان المقدس بالنار ليوقف بها مدافعيها وأصدقائها"، لقد
تمزقت المدينة إلى قطع بواسطة الرجال القساة الخونة الداخليين المتصنعين، ولذلك
فقد تمنى عواجيز الرجال والنساء "وأفترض أنه لو تأخر الجنود الرومان فى
المجيء ضد هؤلاء الأوغاد لكانت المدينة قد ابتلعتها الزلازل أو غمرها فيضان أو
دمرها رعد من السماء، مثلما كانت سدوم"(219).

وهكذا
تمت نبؤات دانيال النبى ونبؤه السيد المسيح حرفياً وبالتفصيل وبتدقيق رائع ومذهل
يدل على عظمة وإعجاز الوحى والنبوة فى الكتاب المقدس وفى سفر دانيال النبى.



(1) أر 12:25، 10:29 14.

(2) دا 3:9.

(3) دا 18:9.

(4) دا 18:9.

(5) لو 11:1-17.

(6) لو 26:1-35.

(7) دا 24:9-27.

(8) Ency.
Proph. P. 383.

(9) Young
An. Conc. P. 1041.

(10) Gesenius
Heb. Chal.

(11) Strauss
p. 268.

(12) Ibid.

(13) ترجمت هكذا فى عدة ترجمات مثل الترجمة العربية
الجديدة.

(14) دا 2:10،3.

(15) Walv.
P. 218 – 219

(16) Pulpit
Vol. 13: 267

(17) Intr.
Bib. Comm. Vol. 6 P.

(18) خر 11:20-18

(19) لا 3:25-7

(20) تك 15:29-28

(26) تك 2:8، 1:23.

(27) مز 9:51.

(28) لا 16.

(29) يو 16:1.

(30) عب 1:10 4،10.

(31) رو 24:3،25.

(32) اش 4:53-6.

(33) 1 يو 1:2.

(34) زك 9:12، 1:13.

(35) أش 20:28.

(36) رو 25:11، 26.

(37) 1 مل 8:21.

(38) أى 17:14.

(39) أى 7:9.

(40) الآيات البينات 292.

(41) يو 15:19،16.

(42) أر 11:28.

(43) مز 9:79.

(44) تك 4:6.

(45) خر 36:29.

(46) حز 3:32.

(47) مز 8:130.

(48) الآيات البينات 292.

(49) تجسد الكلمة 2:40.

(50) أش 6:51،8.

(51) أر 5:23،6.

(52) 1 كو 30:1.

(53) أش 11:53.

(54) رو 24:3.

(55) لو 44:24.

(56) لو 22:21.

(57) Ency.
Proph. 286.

(58) عب 1:1-3.

(59) متى 13:11.

(60) تجسد الكلمة 1:40.

(61) السابق 3:40.

(62) متى 13:11، لو 16:16.

(64) لو 35:1.

(65) مر 23:1.

(66) أع 14:3.

(68) رؤ 7:3.

(70) تجسد الكلمة 3:40

(71) خر 10:30،29،37؛لا 3:2،4؛ لا
17:10؛113:14؛19:24؛28:28ح عد 9:18

(72) 1 أخ 13:23

(74) عب 12:9

75-
Prophe
cy and The Church P.
114.

(76) الهداية ج 158:2.

(77) انظر الصفحة السابقة.

(79) خر 26:30؛ 9:40، 10،11

(80) خر 13:40؛ 1 صم 1:10؛ 3:16

(81) غب 5:5،6

(82) تث 15:18؛ لو 70:1؛ أع 22:3

(83) رؤ 14:17

(84) مز 45،7،8؛ عب 8:1،9

(86)
متى 16:3؛ يو 32:1

(86) أع 38:10

(87) كان من عادة أشور وبابل "السياسية" التى
كانوا يتبعونها "ترحيل أفراد الشعب المهزوم إلى بلاد أجنبية وغريبة أما كورش
فلم يفعل ذلك
بل على النقيض من ذلك حث الشعوب المهزومة
على العودة إلى أوطانها وإعادة الآلهة إلى هياكلها. ومن بين المستفيدين من سياسة
كورش الرشيدة هذه كان اليهود الذين أصبحت عاصمتهم وهيكلهم أكواما من الخراب
والدمار". د. صموئيل شولتز
العهد القديم يتكلم" ص324.

(90) عز ص2،3

(91) عز ص4-6

(92) عز 6:6-18

(93) عز 19:6

(94) عز 12:7-27

(95) عز 8

(96) عز ص2،3

(97) عز 25:7:7،26

(98) عز 15:7-20

(100) نح 11:1

(101) نح ص2،3

(102) J.
M. A Critic & Exeg. Comm.Dan. P. 392.

(107) لو 38:2

(108) تجسد الكلمة 2:39

(109) العظة 19:12

(124) زك 9:9

(125) اش 8:53

(126) رؤ 7:3

(127) متى 16:3

(128) أع 38:10

(129) عب 12:9

130-
J. Mont. Da
n. P. 396

(132) ك 6:1ن 11.

(133) Anser
to the Jews 8.

 

 

 

 

 

(134) تجسد الكلمة 2:39.

(135) Chr.
Words Worth Vol. 6p. 45
.

(136) Stromata
B.I, 21
.

(137) Chr.
Words. Vol. 6 p. 45
.

(138) تجسد الكلمة 1:40.

(139) السابق 3:40.

(140) متى 13:11.

(141) السابق 4:40.

(142) Mont. P. 399

(143) Ibid.

(144) Ibid

(145) Christ

(146) الذى يقول أن العقل هو مصدر المعرفة.

(148) وهناك من حسب المدة بأسلوب الفترات اليوبيليه 500
سنه لكل فتره من سبعه أسابيع. وهناك من حسبها بأسلوب التوازى، أن بعدها بدون
تتابع، وكأنها، جميعها تبدأ من نقطة واحدة وزمن واحد. أو بإدخال فواصل زمنية بين
كل فتره وأخرى، خاصة ما بين الأسابيع ال62 والأسبوع ال70. أو بتغيير أماكن
الأسابيع، فى ترتيب معكوس، تأتى فيه الأسابيع ال62 أولا ثم تأتى السبعة أسابيع بعد
ذلك، مثلما فعل ترتليان وثيؤدوريت وغيرهم. أو باعتبار الأسبوع الأخير، السبعون،
كفترة يوبيليه مكونه من 49 سنه، كما فعل يوسايبس ويوليكرنيوس وغيرهم
See Lange`s P. 208-209.

(149) يعتمد التفسير التقليدى، المحافظ على التسليم
الرسولى والأبائى عبر كل العصور، ولا يعتمد على استخدام الآية الواحدة أو الآيات
المنتقاة والتى يفصلها البعض عن سياق الكلام، إنما على روح النص وجوهره.

 

(150) تفسيرك. م ج 351:4.

(151) اش 27:44

(154) عز 7:7،18،25

(155) عز 9:9

(156) نح ص1

157- Int. St. Bib.
Vol.
1 P. 688.

(158) وصل طيباريوس قيصر للحكم سنه 11م + 15= 26م.

(160) دافدسون ج 349:4.

(161) تك 10:49 حسب الترجمة السبعينية؛

(162) تجسد الكلمة 3:39

(163) مز 7:45

(164) مز 2:2

(165) مز 4:110 مع عب 21:7

(166) مز 6:2

(167) رؤ 5:1

(168) اش 3:55،4

(169) اش 7:9

(170) اش 7:53

(171) عب 12:9

(172) يو 11:1

(174) يو 30:14

(175) عب 26:7

(176) متى 28:20

(177) اش 5:53

(178) عز 12:7

(179) لو 1:3

(181) بدأت سلطته طيباريوس قيصر سنه 11م ومن ثم تكون
السنة الخامسة عشرة هى سنه 26م.

(182) إذ أن العذراء قد حبلت بالمسيح بعد الحبل المعمدان
بستة شهور (لو 26:1)، وبدأ السيد المسيح خدمته فى سن الثلاثين (لو 23:3).

(183) Chr.
Wordsworth Vol.6 P. 45

(184) عب 10:1

(185) كو 17:2

(186) يو 30:19

(187) يو 30:9

(188) Ibid

(189) Enc.
B. Proph. P. 388

(190) أع 28:20

(191) أش 6:42،7

(192) أش 3:55

(193) أر 33:31

(194) أر 40:32

(195) عب 8:8،13

(196) عب 20:13

(197) عب 15:9

(198) أع 1:8

(200) أع ص 10

(201) أنظر أش 3:8؛ أر 40:48

(202) متى 15:24

(203) Gesenius
P. 847 & Theo. Word book ot P. 955

(204) 1مل 5:11

(205) 1مل 7:11

(206) 2مل 13:23

(202) متى 15:24

(207) Jos.
Jewish Wars B. Iv. 6,1

(208) لو 20:21-22

(209) Apotolos
Makarkis Interp.
NT Vol.
1 P. 385

(210) Jos. J. W. B. V 1 6,1

(211) Ibid
10

(212) Ibid.
9.

(213) J.
W. B. V. 9,4.

(214) Ibid

(215) Ibid
Iv. 6,3

(216) Ibid
Vi 2,1

هل تبحث عن  م الكتاب المقدس برهان جديد يتطلب قرار 37

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي