تَفْسِير
سِفْرُ هُوشَع

 

إسم السفر:

سفر
هوشع
Hosea

الاختصار
: هو =
HO

سفر
هوشع هو أول أسفار الأنبياء الصغار الاثنى عشر، وقد كُتب فى أواخر القرن الثامن
قبل الميلاد، ووجه نبواته إلى مملكة إسرائيل (الشمالية) فى أواخر أيامها. وقد أمر
الرب هوشع أن يكشف للشعب عن ارتداده وفساده، وأن يحثهم على التوبة والرجوع إلى
الله. وكان له من ظروفه العائلية ما ساعده على توصيل رسالة الله وعهده الراسخ،
ومحبته لشعبه، التى لا تتغير.

وجاءت
هذه التسمية " الأنبياء الصغار " فى الترجمة السبعينية والفولجاتا،
لكنها لم تذكر فى النسخة العبرية. لم تقم هذه التسمية بسبب صغر شأن هؤلاء الأنبياء
بين بقية الأنبياء بالعهد القديم وإنما لمجرد قصر نبواتهم المكتوبة.

إهتم
اليهود بهذه الأسفار فوضعوها معا فى سفر واحد بكونها تخدم هدفا متكاملا، إذ هى
تغطى الفترة الحالكة الظلامة التى عاشتها مملكتا إسرائيل ويهوذا، سواء قبل سبى
إسرائيل بيد أشور أو سبى يهوذا بيد بابل، وأثناء السبى، وبعده أيضا.

عاش
هوشع في المملكة الشمالية وتنبأ لمدة 60 سنة تقريبا. وقد تزامنت خدمته مع الجيل
الأخير في المملكة الشمالية، ربما في السنوات القليلة الأخيرة من ملك يربعام
الثاني، ولكن قبل الغزو الأشوري الذي أنهى المملكة (هوشع 9:8).

وقد
تنبأ أيضا عاموس للأسباط الشمالية، مع أنه كان يعيش في مملكة يهوذا الجنوبية
(عاموس 1:1؛ ميخا 1:1؛ 2 أخبار 9:28). وكان أيضا في المملكة الجنوبية النبيان ميخا
وإشعياء. وفي هذه الفترة ملك عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا على يهوذا.

ويبدو
أنه أثناء خدمة هوشع النبوية كانت المملكة الشمالية تمر بفترة ازدهار وتوسع. وكان
هذا أساسا نتيجة لضعف سوريا وموآب مما سمح للمملكة الشمالية بالسيطرة مرة أخرى على
طرق التجارة الرئيسية بين الشرق والغرب. ولكن مراكز عبادة العجل الذهبي والتي كانت
قد أقيمت منذ عدة سنوات في مدن بيت إيل ودان قد مهدت الطريق للعبادة الوثنية
الخليعة للبعل والعشتاروث (1 ملوك 28:12-32؛ أيضا هوشع 13:2؛ 5:10-6؛ 2:13). وهكذا
كانت إسرائيل قد نقضت علاقة عهدها مع الرب – مثلما تفعل الزوجة الخائنة التي يكون
لها العديد من العاشقين (هوشع 7:2-13).

كان
هوشع قد احتمل الكثير من الألم والهوان بسبب خطايا زوجته الخائنة. وقد أعده ذلك
لفهم مدى الحزن الذي يشعر به الله بسبب شر بني إسرائيل وكيف أن خطاياهم لم تكن فقط
ضد ناموس الله بل إنها أيضا إهانة لمحبته. وبسبب محبة هوشع لزوجته الخاطئة، فلقد سامحها
وردها إليه. بعد ذلك توسل إلى إسرائيل لكي تتوب عن زناها الروحي بعبادتها للأوثان
لكي يعود الرب من جديد ويرد لها في رحمته الحماية والبركات (8:2،16؛ 12:10؛
8:11-9؛ 6:12؛ 1:14-4).

توجد
عدة إشارات لهوشع في العهد الجديد (قارن هوشع 6:6 مع متى 13:9، وهوشع 6:12؛ 8:10
مع رؤيا 16:6).

 

كاتب السفر:

هوشع
النبى

+
هوشع أو يشوع تعنى يهوه الخلاص.

+
الكاتب هو هوشع بن بئيري من بيت شمس من سبط يساكر.

+
هوشع هو النبي الوحيد الذي من المملكة الشمالية.

+
عمل في السامرة مملكة الشمال قبل سبيها، وعاصر سقوطها سنة 722ق.م.عاصر أشعياء
وعاموس (مملكة الشمال)، وميخا (مملكة الجنوب)، وتنبأ في عصر انحلال روحي وأدبي في
الشعب، وأسماء أبنائه الثلاثة تدل على غضب الله على شعبه بسبب خطيتهم وعبادة
الآلهة الأخرى.

+
مارس العمل النبوي أكثر من سبعين عاما، ويعتقد أنه تنبأ في أرض يهوذا في أيامه
الأخيرة.

+
امتدت خدمة هوشع أكثر من 34 سنة (من نحو 756 – 722 ق. م.) ويبدو من أسلوبه أنه كان
مثقفا، ولعله كان من الطبقة الثرية فى إسرائيل.

+
" هوشع " كلمة عبرية تعنى (يهوه يخلص)، منها جاءت كلمة " يشوع
" أو " يسوع ". وهو من أنبياء ما قبل السبى، وقد شاهد سبى إسرائيل
أو سقوط السامرة عام 722 ق.م. بواسطة آشور، وقد عاصر إشعياء النبى (هو 1 : 1، إش 1
: 1) وميخا النبى فى يهوذا، كما عاصر عاموس فى إسرائيل.

يعتبر
هوشع نبيا لإسرائيل، وإن كانت نبواته قد شملت أحيانا يهوذا، قيل أنه فى أواخر
أيامه ذهب إلى يهوذا وتنبأ هناك.

 

تاريخ كتابة السفر:

عاش
هوشع فى عصر ازدهار المملكة الشمالية فى أيام الملك يربعام الثانى (793 – 753 ق. م.)،
كما عاصر سقوطها وسبى شعبها على يد الآشوريين (722 ق. م.).

ويذكر
هوشع أسماء أربعة ملوك ليهوذا، هم : عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا، كما يذكر أسماء
ملكين من ملوك إسرائيل (المملكة الشمالية) هما يؤاش ويربعام. وكان عزيا معاصراً
ليوآش ويربعام كليهما. وكان آحاز ملكا على يهوذا عند السبى الأشورى لإسرائيل،
ويبدو أن حزقيا كان ملكا شريكا مع أبيه آحاز فى وقت السبى الآشورى.

وقد
ملك يربعام الثانى على إسرائيل 41 سنة (2 مل 14 : 23)، وسار فى طريق سلفه الكبير
يربعام بن نباط (2 مل 14 : 24).

ورغم
ازدهار المملكة فى أيام يربعام الثانى، فإن ما ساد الحكومة من فساد، وانحطاط
الحالة الروحية للشعب، أعدا المسرح للأوقات المضطربة التى سادتها الانقلابات فى
أيام الملوك الذين جاءوا بعده. فالتدهور الاقتصادى، والانحطاط الأدبى فى أيام حكم
يربعام، مهدا الطريق لسقوط إسرائيل، فكان سراة القوم (بما فيهم الملوك) يظلمون
الفلاحين، ودفعوا الفقراء من الملاك، إلى هجر المزارع إلى المدن، وسرعان ما أدت
العواقب الاجتماعية، بإسرائيل إلى موجة من الفساد فعمتها الفوضى (هو4 :1 و2،7 : 1
و7، 8 : 3 و4، 9 : 15).

 

بدأت
خدمة هوشع النبى فى مُلك يربعام الثانى (792 – 753 ق.م) وامتدت إلى أيام حزقيا ملك
يهوذا (715 – 686 ق. م).

وهناك
دلائل كثيرة على أن هوشع واصل خدمته إلى عصر هوشع بن أيلة ملك إسرائيل (732 – 722
ق.م.)

 

(1)
قد يكون " شلمان " (هو 10 : 14) هو شلمنأسر ملك أشور الذى غزا إسرائيل
فى أيان هوشع الملك (2 مل 17 : 3).

(2)
" الملك العدو " (هو 5 : 13، 10 : 6) قد يكون سرجون الثانى (722 – 705
ق. م.)

(3)
يبدو أن التنبؤات عن الغزو الاشورى تشير إلى أنها كانت وشيكة (هو 10 : 5 و6، 13 :
15 و16).

(4)
الإشارة إلى مصر واعتماد إسرائيل عليها، تبدو أنها تتفق مع حكم الملك هوشع (7 : 11،
11 : 11).

وتؤكد
هذه الدلائل على أن كتابة نبوات هوشع قد حدثت قبل سقوط إسرائيل مباشرة (722 ق. م.).

 

ظروف النبوة:

1
– يوحى لنا هذا السفر حالة الأنحلال الخلقى والدينى التى جاءت بعد حكم يربعام
الثانى، ففى طى نبواته صدى واضح لحوادث الفوضى وجرائم القتل وعبادة الأوثان والزنا
والكبرياء، كما تحوى النبوة أيضا وصفا لحالة الركود الروحى التى إتسم بها الشعب فى
كل فئاته من قيادات دينية أو مدنية أو رعية حتى نسوا الرب (هو 13 : 6).

2
– كان هوشع النبى معاصرا لستة ملوك فى إسرائيل، وقد ظل العرش الملكى شاغرا قرابة
إحدى عشر عاما، لذا قال : " إنهم الآن يقولون لا ملك لنا لأننا لا نخاف الرب
" (10 : 3).

 

مكان كتابة السفر ولمن كتب:

تنبأ
هوشع وهو يقيم فى إسرائيل (المملكة الشمالية)، فهو يشير إلى ملك السامرة بالقول :
" ملكنا " (هو 7 : 5)، كما أن وصفه لإسرائيل يدل على درايته الواسعة
بجغرافية المملكة الشمالية وزحوالها العسكرية. فهوشع يذكر جلعاد كمن يعرفها معرفة
شخصية (6 : 8، 12 : 11). ولعل هوشع – كما سبقت الإشارة – كان النبى الوحيد الذى
عاش فعلاً فى المملكة الشمالية طوال مدة خدمته.

 

محور السفر:

+
الخطية، قضاء الله، محبة الله، الإصلاح + دعوة الزوجة الخائنة للرجوع

+
ترقب مجئ المسيح + التوبيخ على عبادة الأصنام والدعوة للتوبة

+
عدم الوفاء

 

أهم الشخصيات:

هوشع
– جومر (اسرائيل رمزيا)

 

أهم الأماكن:

مملكة
الشمال

 

مفتاح السفر:

هلم
نرجع إلى الرب لأنه هو افترس فيشفينا ضرب فيجبرنا (6 : 1)

 

غاية السفر:

ضرورة
الاعتراف بمحبة يهوه (6 : 1 – 3، 12 : 6)

 

سمات السفر:

+
سفر كل نفس بشرية تشعر أنها صارت كزوجة خائنة متسيبة تبدد أموال عريسها وإمكانياته
لحساب عدوه، تجري وراء العالم وتطلب مياه الشر والباطل، يدفع هذا السفر بالنفس إلى
حياة الأمانة والتبرّر بالله مخلصها، والشبع به، إنه يمثل دعوة " للتوبة
" مقدما مفهوما إيجابيا لها وهو رجوع النفس أي العروس الخائنة إلى الله

+
أكثر كتابات الأنبياء شعرا مليء بالتشبيهات والاستعارات مثل الماء (5 : 1)، والعث
(5 : 12)، والنخر(5 :12)، والأسد (5 : 14)، والحمامة الحمقاء (7 :11). وقد يتخلله
قول مأثور مما جعل أسلوبه موجز قوى أكثر نفعا وتأثيرا من عظة طويلة، وفي بعض
الأحيان يشبه سفر الأمثال.

+
هذا السفر يمثل قطعة رائعة عن "التوبة والمحبة الإلهية" انه دعوة
لإسرائيل – الزوجة الخائنة – للعودة إلى رجلها الذي طالما يترقب عودتها.

 

1
– لعل أهم ما اتسم به هذا السفر هو الكشف عن علاقة الله بشعبه، فإن كان قد شبه
إسرائيل بالزوجة الزانية لكنه يكشف عن شوق الله من نحو البشرية بكونها عروسه التى
يطلب الأتحاد معها لتعيش معه فى سمواته بيت الزوجية الفريد، وتقدم له أولادا
مقدسين فى الحق. إنها العروس الواحدة ! وكل المؤمنين إنما أعضاء فى هذه العروس
الواحدة، يتحدث معهم لا كأفراد مجتمعين معا بل كأعضاء لجسد واحد !

2
– إن كان هذا السفر يقدم شعب الله كعروس له، فقد أصيبت بمرض (5 : 13) لذا يتقدم
عريسها كطبيبها الحقيقى الذى وحده يشفيها (14 : 4)، وإذ هو يعدها بذلك كان لزاما
أن يفضح أمام عينيها مرضها من كل جوانبه لتدرك خطورة حالتها فتقبل من يديه مشرطه
الذى يجرح ليشفى ويؤلم ليهب تعزية.

الخطوط
العريضة لمرض الشعب كما أعلنه سفر هوشع :

أولا:
عدم المعرفة: " قد هلك شعبى من عدم المعرفة " (4 : 6).

ثانيا:
إرتباطها بالأرض: عدم معرفتها بعريسها السماوى سحبها إلى رجل آخر هو " البعل
".. لهذا يدعوها بالأرض عوض " إسرائيل "، كأن يقول : " لأن
الأرض قد زنت تاركة الرب " (1 : 2)، تركت السماوى لتحبس نفسها فى الأرضيات،
وعوض القلب السماوى صارت أرضا، الأمر الذى يحتاج إلى الطبيب السماوى وحده ليردها
عن هذه الطبيعة الفاسدة، إذ يقول لها : " أنا أشفى إرتدادهم " (4 : 14).

ثالثا
: فقدانها الشبع: بانحنائها نحو الأرض ظنت أنها تنعم باللذات الزمنية، ولم تدرك أنها
تفقد كل لذة وشبع لتصير فى مرارة وجوع وعطش. لقد شخص الرب مرضها هكذا : "
يأكلون ولا يشبعون، ويزنون ولا يكثرون، لأنهم قد تركوا عبادة الرب " (4 : 10).

رابعا:
عدم التمييز: إن شهوة قلب العريس السماوى أن يرى عروسه على مثاله تحمل روحه القدوس،
روح الحكمة والتمييز، لكنها إذ رفضته وانحنت للتراب تغرف منه ولا تشبع صارت "
كبقرة جامحة " (4 : 16)، " كحمامة رعناء " (7 : 11).

وعن
رؤساء يهوذا قائلا أنهم صاروا " كناقلى التخوم " (5 : 10)، أى نزعوا
العلامات الفاصلة بين تخوم مملكة الله ومملكة إبليس..

خامسا:
اللامبالاه: كل ضعف يسحب العروس إلى ضعف آخر، وكل خطية تلقى بها فى أحضان خطية
أخرى، فروح عدم التمييز يفقد الإنسان جديته فى الحياة وتطلعه إلى أبديته ليسلك بلا
مبالاة. يسمع صوت الله الذى يدعوه ولا يستجيب (7 : 1، 2).

سادسا:
الكبرياء: " قد أذلت عظمة إسرائيل فى وجهه " (5 : 5). عوض الخضوع لله
بالطاعة وقبول مشورته لشفائها اختارت مصيرها بفكرها الذاتى فالتجأت إلى آخرين غير
عريسها الشافى : " رأى أفرايم مرضه ويهوذا جرحه فمضى أفرايم إلى آشور وأرسل
إلى ملك عدو (عظيم) ولكنه لا يستطيع أن يشفيك ولا أن يزيل منك الجرح " (5 :
13)، لقد رفضوا الأتضاع أمام الله فى كل تدابيرهم : " هم أقاموا ملوكا وليس
منى، أقاموا رؤساء وأنا لم أعرف " (8 : 3).

سابعا:
بقدر ما أعلن الله حبه لعروسه فقبلها وهى زانية ليقدسها من جديد، وحتى عندما غضب
عليها بسبب شرورها المتزايدة يقول : " إنقلبت على قلبى، إضطرمت مراحمى جميعا
" (11 : 8). أما هى فقابلت غيرته المتقدة بجفاف شديد. إن صرخوا إليه فى
الضيقة يقول : " ولا يصرخون إلى بقلوبهم حينما يولولون على مضاجعهم، يتجمعون
لأجل القمح والخمر ويرتدون على " (7 : 14). كأنهم يطلبون عطاياه لا الأتحاد
معه، يريدون أن ينقذهم ولا يعطونه قلبهم !

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر الأمثال Proverbs 06

هذه
بعض ملامح المرض التى كشفها الطبيب الحقيقى لمريضته المحبوبة لديه، لا ليفضحها ولا
ليبرر تأديباته لها، وإنما ما هو أعظم ليردها إليه بالحب !

3
– إذ يرى النبى الشعب وقد انجرف إلى عبادة البعل وانغمس فى طقوسها التى حوت شرب
الخمر وأكل الكعك المصنوع من أقراص الزبيب والتين المضغوط، تطلع إلى الشعب نفسه
ليراه عوض أن يكون المرمة المقدسة أو شجرة التين المباركة صارت زبيبا وتينا يؤكل
لجحساب الشياطين، هذا هو ما يحزن قلب الله، إن ما كان ينبغى أن يكون مقدسا له صار
نجسا يستخدم فى الشر.

4
– ارتكزت خطية إسرائيل فى ذلك الحين بالأكثر على عبادة البعل وما شملته من ممارسة
للسحر والزنا وكل أنواع الرجاسات، كما اعتمدت على الذراع البشرى، فدخلت فى صراع
مستمر بين التحالف مع فرعون مصر أو ملك آشور ليسندها الواحد ضد الآخر.

5
– إذ كان إسرائيل يلجأ أحيانا إلى فرعون مصر ليسنده ضد ملك آشور عوض الأتكال على
الله، وبخه الله مذكرا إياه كيف خلصه من عبودية فرعون حين كان غلاما وأخرجه إلى
البرية لكى يرعاه بنفسه… فكيف يرتد إلى فرعون مصر ليحميه ؟!

يعاتبهم
الرب قائلا: " لما كان إسرائيل غلاما أحببته، ومن مصر دعوت ابنى " (11 :
1).

6
– سفر هوشع من أروع أسفار الكتاب المقدس التى تعالج موضوع " التوبة "
وتبرز مفاهيمه، خاصة فى الإصحاح الأخير.

7
– ربط الله تأديباته الحازمة ؛ بالرجاء المفتوح لكل الخطاة حتى لا يسقط أحد فى
اليأس..

8
– خيانة الإنسان لإلهه لا يمكن فصلها عن خيانته لأخيه الإنسان (4 : 1 – 4)،
فالخيانة طبيعة متى سقط فيها مارسها حتى فى علاقته مع نفسه.

 

مقارنة بين عمل الخطية وعمل الله مخلصها:

زوجة
خائنة (ص 1)، يشتريها ويقدسها (ص 3) تجعلها أرضا (1: 2)، يقيمها سماء تصيرها بقرة
جامحة (4: 16)، تتحد بالحكمة الإلهية حمامة رعناء (7: 11) تترك هيكل الرب وتطير إلى
أحضان بشرية، تتقدس بالروح فتطير إلى السماء تصاب بأمراض مستعصية (5 :13)، عريسها
طبيب الأمراض المستعصية (14 :4) تفرح بالملذات (ص 9)، الله فرحها كرمة ذابلة (ص 10)،
يرويها بدمه تدخل بها إلى الموت والهاوية (13)، يهبها روح القيامة

 

العروس
الخائنة:

+
خطبتها: " أول ما كلم الرب هوشع قال الرب لهوشع اذهب خذ لنفسك امرأة زنى وأولاد
زنى لان الأرض قد زنت زنى تاركة الرب ". (هو1 :2)

+
الزواج بها: " فذهب واخذ جومر بنت دبلايم فحبلت وولدت له ابنا ". (هو1
:3)

+
زناها: " وقال الرب لي اذهب أيضا أحبب امرأة حبيبة صاحب وزانية كمحبة الرب
لبني إسرائيل وهم ملتفتون إلى آلهة أخرى ومحبون لأقراص الزبيب ". (هو3 :1)

 "
اذهب وناد في أذني أورشليم قائلا هكذا قال الرب قد ذكرت لك غيرة صباك محبة خطبتك
ذهابك ورائي في البرية في ارض غير مزروعة ". (أر 2 :2)

"
كيف اصفح لك عن هذه بنوك تركوني وحلفوا بما ليست آلهة ولما أشبعتهم زنوا وفي بيت
زانية تزاحموا ". (إر 5: 7)

 

+
شراؤها بالحب: " فاشتريتها لنفسي بخمسة عشر شاقل فضة وبحومر ولثك شعير ".
(هو3 :2)

 "
فمررت بك ورايتك وإذا زمنك زمن الحب فبسطت ذيلي عليك وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت
معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي. فحممتك بالماء وغسلت عنك دماءك ومسحتك بالزيت
والبستك مطرزة ونعلتك بالتخس وازرتك بالكتان وكسوتك بزا. وحليتك بالحلي فوضعت
اسورة في يديك وطوقا في عنقك. ووضعت خزامة في انفك واقراطا في اذنيك وتاج جمال على
راسك. فتحليت بالذهب والفضة ولباسك الكتان والبز والمطرز واكلت السميذ والعسل والزيت
وجملت جدا جدا فصلحت لمملكة. وخرج لك اسم في الامم لجمالك لانه كان كاملا ببهائي
الذي جعلته عليك يقول السيد الرب ". (حز 16 : 8 – 14)

+
يهجرها محبوها: " وقلت لها تقعدين اياما كثيرة لا تزني ولا تكوني لرجل وانا
كذلك لك.لان بني اسرائيل سيقعدون اياما كثيرة بلا ملك وبلا رئيس وبلا ذبيحة وبلا
تمثال وبلا افود وترافيم ".(هو3 :3 ,4)

+
رجوعها: " بعد ذلك يعود بنو اسرائيل ويطلبون الرب الههم وداود ملكهم ويفزعون
الى الرب والى جوده في اخر الايام " (هو3 :5)

 "
فمررت بك ورايتك واذا زمنك زمن الحب فبسطت ذيلي عليك وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت
معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي ". (حز16 :8)

 "
وارجع سبيهن سبي سدوم وبناتها وسبي السامرة وبناتها وسبي مسبييك في وسطها ".
(حز16 :53)

 

مضمون السفر:

1)
خبر زواج هوشع (ف 1-3) تقطعه خطبُ الرب عن علاقاته مع اسرائيل. وتظهر هذه العلاقات
على مثال العلاقات بين الرجل وامرأته (ف 2). ان دفتَي الخبر، 1 (خبر في صيغة
الغائب) وف 3 (يتحدّث النبي بصيغة ف المتكلم) تشكّلان إمّا خبراً متواصلا، وامّا
خبرين مميزين للاحداث نفسها. فاذا كان ف 1و3 خبرا متواصلا، يكون الوضع كالآتي :
تزوّج هوشع امرأة ذات اخلاق دنيئة (جومر). خانته وولدت له ثلاثة اولاد. أعطى هوشع
أولاده أسماء رمزية. ثم تركته امرأته وصارت عبدة. فاشتراها هوشع وامتحنها ليرى هل
تكون بعد اليوم الزوجة المثالية. يرمز هذا الخبر إلى خيانات اسرائيل تجاه يهوه.
كان جدال : هل نحن امام خبر حقيقي أم امام خبر رمزي؟ يبدو أن الخبر حقيقي. وإلاّ
فلا معنى للمثل الذي يعطيه النبي لشعبه.

2)
اتهامات ضد مملكة اسرائيل، ضد الرؤساء والكهنة والبلاط الملكي، في مجال التجاوزات،
في العبادة، وفي سياسة البلاد (4 :1-9 :9). 3) نشيد على ماضي اسرائيل الخاطئ
(وخاصة عبادة الاوثان) وتذكير بالخطيئة الحاضرة (9 :10-14 :1). وأخيرا ليتورجية
توبة (14 :2-10).

 

تعليم السفر:

الموضوع
الرئيسي هو حب يهوه لشعبه، وهو حبّ يتجاهله الشعبُ. وإن رمز الزواج يُبرز هذا الحب
بطريقة فريدة. فبعد اختيار الله، ظل اسرائيل أميناً مدة قصيرة (نشيد حب الصحراء)،
ثم خان ربه المرة بعد المرة. تنكّر الملوك لمبدأ التيوقراطية، فعقدوا علاقات
دبلوماسية مع جيرانهم، وجنّدوا الجيوش، ولجأوا إلى وسائل بشرية محضة. يراقب الكهنة
الذبائح ويهاجمون الآتين بالسلاح. إنهم جهّال ولا يعرفون أن يعلّموا الشعب. أما
الشعب فلا يعرف متطلّبات يهوه : يقترف الجريمة، يعبد عجل السامرة، وتماثيل بعل
وعشتار. أما سبب كل هذا، فلأن الشعب ابتعد عن الرب، وما عاد يتعرف إليه. فالذبائح
التي يقدمها الشعب لا ترضي الرب. وما يطلبه الله هو المحبة والتعلّق به. رفض
اسرائيلُ أن يحب الله وأن يتعلّق به، فحكم على نفسه. لهذا سيعاقب الرب، لا لينتقم،
بل من أجل خير شعبه. واذ يحرم عروسه الخائنة من الخيرات التي سُرَّت بها، من الوفر
والنجاح السياسي، سيعود بها إلى زمن العهد في البرية، الى وقت الخطوبة وبداية
الحب.

 

آيات من السفر:

"إذهب
خذ لنفسك إمرأة زنى وأولاد زنى، لأن الأرض قد زنت زنا تاركة الرب" (ع 2)

ربما
يدهش البعض كيف يأمر الله نبيه أن يرتبط بإمرأة زانية كزوجة له وينجب منها أولاد
زنى ! إذ يقول له:

أولا
: إختلف البعض فى تفسير تعبير " إمرأة زنى "، لذا يرى البعض أنها لا
تعنى مجرد إمرأة زانية بطريقة جسدية حسب المفهوم العام وإنما تعنى إنسانة مكرسة
حياتها للبعل، فتحسب زانية، خاصة وأن عبادة البعل ارتبطت بارتكاب الزنا.. فالعبادة
الوثنية فى ذاتها كانت تدعى زنا.

ثانيا
: يرى البعض أن ما ورد فى هذا الإصحاح والإصحاح الثالث لم يكن إلا مجرد رؤيا أو
قصة رمزية قدمت للشعب للكشف عن بشاعة سقوطهم وانحرافهم عن عبادة الله الحى.

ثالثا
: يرى البعض أن النبى تزوج جومر وأحبها جدا وعندئذ إكتشف ما كانت عليه من زنى (سواء
بالمفهوم الجسدى العام أو مجرد الأرتباط بعبادة البعل فأبقاها له زوجة ولم يطلقها.

لم
يتنجس هوشع بسبب جومر بل صارت جومر فى دينونة أقسى من أجل زواجها بالنبى ما لم تكن
قد ندمت ورجعت بالطهارة إلى رجلها، وهكذا إن لم يرجع إسرائيل بالأيمان إلى الله
تكون عقوبته أشد وأمر!

 

"
هلم نرجع إلى الرب لأنه هو إفترس فيشفينا، ضرب فيجبرنا " (6 : 1)

إن
كان كأسد يفترس إنما ليشفينا، وإن كان يضرب إنما لكى يجبر كسرنا.

إن
كانت يده فى حزم تمسك بالمشرط لتجرح إنما فى الحقيقة تكشف أعماقنا التى تحمل رائحة
الموت والفساد، وتبقى يده ممتدة لكى تضمد الجراحات وتهبنا القيامة من الموت الذى
نحن فيه، لهذا يقول: " يحيينا بعد يومين، فى اليوم الثالث يقيمنا فنحيا معه
" (6 : 2)

لقد
سبق فقال : " يبكرون إلى " (5 : 15)، وكأنهم يقفون باكرا أمام السيد
المسيح القائم من الأموات ليجدوا فى قيامته لهم من بين الأموات. حقا إنه يليق بنا
أن ندخل إلى قبره المقدس، وندفن معه " يومين " لكى يقيمنا فى اليوم
الثالث فنحيا أمامه حاملين سماته فينا. لا نعود نخاف القبر مادمنا أعضاء جسد السيد
المسيح الذى لن يصيبه فساد ولا يقدر الموت أن يمسك به.

لقد
قدم لنا هوشع بروح النبوة وقت قيامته ألا وهو فجر اليوم الثالث، إذ يقول :

"
فى اليوم الثالث يقيمنا… خروجه يقين فى الفجر " (ع 3).

قام
الرب فى فجر اليوم الثالث، لكى يقيمنا فى فجر حياتنا الروحية، إذ نطلبه فينا يعلن
قوة قيامته فى حياتنا على الدوام.

 

"
لما كان إسرائيل غلاما أحببته، ومن مصر دعوت ابنى " (11 : 1).

لقد
رأى الإنجيلى متى فى هذا القول نبوة واضحة وصريحة عن هروب السيد المسيح إبن الله
الحى إلى مصرنا التى كانت فى ذلك الزمان من أعظم مراكز الأمم، ليعلن قبوله لكل
الشعوب الأممية، مقدسا أرضنا، فما كان قبلا مركزا للوثنية صار موضع راحة لمخلص
العالم. ولا يزال الرب يدخل مصرنا الداخلية ليحولها من وثنيتها إلى مقدس له فيها
يقيم مذبحه الإلهى (إش 19 : 19)، فتتعرف عليه وتقدم له ذبيحة وتقدمة حب (إش 19 :
21) لتسمع صوته الإلهى : " مبارك شعبى مصر " (إش 19 : 25).

 

أقسام السفر:

أ)
الرسالة بصورة عامة فى رموز (1 : 2 – 3 : 5)

(1)
زواج هوشع من جومر الزانية (1:2 -2 : 23)

(2)
الأبناء الذين جاءوا نتيجة هذا الزواج وأسماؤهم الرمزية (1 : 2 – 9).

(3)
رسالة تعزية لهوشع عن إسرائيل(1 :10 -2 :1)

(4)
رسالة تأديب لإسرائيل (2:2 – 13)

(5)
رسالة استعادة إسرائيل (2 : 14 – 23).

(6)
زواج هوشع للمرة الثانية من جومر (3 : 1 – 5)

(7)
شراؤها مرة أخرى (3 : 1 – 3)

(8)
المعنى الرمزى : سيرد الرب إسرائيل بعد السبى، فى الأيام الأخيرة (3 : 4 و5).

ب)
الرسالة بالتفصيل (1 : 1 – 12 : 8)

(1)
قضية الله ضد إسرائيل، فخطيتها لا تحتمل (4 : 1 – 6 : 3)

(2)
الاتهام : رفض معرفة أمانة الله لعهده (4 : 1 – 5 : 7)

(3)
الحكم (5 : 8 – 14)

(4)
النبوة عن رد إسرائيل (5 : 51 – 6 : 3).

ج)
دينونة الله : فعقاب إسرائيل وشيك (6 :4 –10:15)

(1)
طبيعة خطاياهم تستوجب العقاب (6 :4- 8 :14)

(2)
وصف عقابهم (9 : 1 – 10 : 15)

(3)
دعوة إضافية إلى التوبة (10 : 12).

د)
محبة الله – سيُرد إسرائيل (11 : 1 – 14 : 8)

(1)
محبة الله التى تحن إلى أفرايم، وعودته فى المستقبل (11 : 1 – 11)

(2)
لكن يجب أولاً معاقبة افرايم الخاطئ (11 : 12 – 13 : 16).

(3)
الانتصار النهائى لمحبة الله (14 : 1 – 8).

(4)
الخاتمة (14 : 9).

 

محتويات السفر:

أولا
: حال إسرائيل ص 1 – 3


زواج هوشع بزانية ص1

(أولادها
الثلاثة) :

.
يزرعيل أي الله يزرع (الله ينتقم من بيت يا هو من أجل الدم الذي سفك في وادي
يزرعيل)

.
لورحامة أي لا أرحمهم. لوعمي أي لستم شعبي


التوبة : هي العلاج ص2


الله يكشف حبه العملي لها ص3

 +
طلب الله من النبي أن يتزوج زانية، يري البعض أن هذا كان رمزا، وأخرون أنه اكتشف
زناها بعدما تزوجها، وآخرون أنه يقصد بالزنا عبادتها للبعل، حيث كان الكل قد سقط
فيها ؛ لكننا إذ لا نستطيع احتمال الزواج بزانية يؤكد لنا الله حبه لشعبه الذي
يترقب عودته بالرغم من زناه.. إنه يطلبنا نحن العروس الخائنة.

هل تبحث عن  م التاريخ مجامع الكنيسة مجامع مسكونية تاريخ المجامع 65

 +
باعت جومر نفسها عبدة لرجل آخر، وبحسب الشريعة كان يمكن لهوشع أن يطالب بقتلها
فيعيش في حياة أكثر سعادة وراحة، لكنه تنازل عن حقوقه كزوج واشتري زوجته ليحررها
ويردها إليه علي أن يدربها علي حياة الإخلاص ويسلك بها في طريق الحب (ص 3)

 

ثانيا
: الرب يحاجج إسرائيل ص 4 – 10

 –
إعلان المحاكمة ص 4 – انضمام يهوذا إلى إسرائيل في المحاكمة ص5

 –
حديث عن الخلاص ص6 – بقية المحاجاة ص7

 –
تأديبات الرب لهم ص 8 – 10

 +
إن كان الله كشف لإسرائيل مركزها لديه كعروس أحبها، وقدم لها كل إمكانية الحب،
لكنها خائنه ومع هذا يفتح لها باب الرجاء خلال التوبة، وفي محبته لا يصدر أوامر
لكنه يدخل في حوار ويحاجج، لا ليغلب وإنما ليعلن أبوته المحبة ويوضح انه عريس غير
مستبد.

 +
يتطلع الله إلى الخطية كمرض فيتقدم لعروسه الخائنة كطبيب يعالج مريضته المحبوبة
لديه وليس كديان ينتقم من خيانتها، أما أمراضها فهي :

1.
فقد الكهنة والأنبياء المعرفة والفهم (ص4) إذ أعمت محبة المال بصيرتهم الداخلية ؛
فكانوا يسرون باندفاع الشعب إلى الخطية، لان هذا يقتضي تقديم ذبائح خطية كثيرة
فيكون نصيبهم أكبر، لهذا كثيرا ما يؤدبهم الله بالجفاف والقحط لتدمير طمعهم

2.
ارتباط عروسه بالأرض (4 : 1 , 2) فصارت أرضاًلا سماءً

3.
فقدانها الشبع (8 : 7 ؛ 9 : 16)

4.
فقدنها التمييز والحكمة (4 : 16)

5.
اللامبالاة (7 : 1، 2)

6.
الكبرياء (5: 5 ؛ 8 : 3)

7.
جفاف المحبة (11 : 8) فلا تطلب الله بل عطاياه (7 : 14)

8.
رفض الطبيب والالتجاء إلى فرعون مصر (7 : 13 – 16)

 يفتح
الله باب الرجاء لعروسه الخائنة وذلك بالتوبة، في محبته لها لا بإصدار أوامر تلتزم
بها لكنه يدخل معها في حوار ويحاجج ليكشف لها عن محبته الحانية ويوضح أنه عريس غير
مستبد.

 

ثالثا
: التأديب مع إشراقه الخلاص ص 11 – 13

 –
الله هو الملجأ ص11 (لا يليق الاعتماد علي فرعون ولا علي أشور إنما بالرجوع إلى
الله يتحقق الخلاص)

 –
رعاية الله لهم ص12 – خلاص الله لهم ص13

هذه
الإصحاحات الثلاثة هي حديث عن التأديب الإلهي ممتزج بنبوات هامة عن خلاص شعب الله
وعن أعمال محبته لهم.

إذ
كشف العريس كطبيب لعروسه أمراضها يؤدبها لا لينتقم منها إنما ليمسك بالمشرط
ويستأصل المرض، لهذا وسط حديثه هنا عن التأديب يقدم نفسه لها بكونه ملجأها (11)،
وراعيها (12)، ومخلصها من العبودية ومن الموت (13)

 

رابعا
: ثمار التوبة ص14

 بالتوبة
ترجع النفس إلى عريسها لتجده :

1.
سندها فلا تحتاج إلى ذراع بشري (ع 1 – 3) 2. طبيبها، فتمتع بالشفاء من الأمراض
المستعصية (ع 4)

3.
حبيبها، فتمتع بالحب الإلهي (4) 4. قوتها، فتتمتع بالنمو الروحي (ع 5 – 7)

5.
عريسها، فتتمتع بالفرح (7) 6. فردوسها، فتتمتع بالثمر المتزايد (8)

7.
واهبها القيامة : أين أوباؤك يموت ؟ أين شوكتك يا هاوية ؟ " (13 : 14)

 

سفر هوشع والعهد الجديد:

إقتبس
العهد الجديد الكثير من عبارات هذا السفر، منها :

1–
جاء فى الرسالة إلى أهل رومية : " كما يقول هوشع أيضا : سأدعو الذى ليس شعبى
شعبى والتى ليست محبوبة محبوبة " (رو 9 : 25)، نقلا عن هوشع (9 : 10).

+
(هو 1: 10) "سأدعو الذي ليس شعبي شعبي" (رو 9 : 25) + (هو 6 : 1 -3)
إشارة إلى القيامة في فجر الأحد

 

2–
جاء فى إنجيل معلمنا متى : " وكان هناك إلى وفاة هيرودس لكى يتم ما قيل من
الرب بالنبى القائل من مصر دعوت ابنى " (مت 2 : 15 ؛ هو 11 : 1).

+
(هو 11 : 1) من مصر دعوت ابني (مت 2: 15) + (هو 11 : 4) إشارة إلى سر التجسد
الإلهي

 

3–
يقول السيد : " إنى أريد رحمة لا ذبيحة " (مت 9 : 13 ؛ 12 : 7 ؛ هو 6 :
6).

+
(هو 6 : 6) أريد رحمة لا ذبيحة (مت 9 : 13، 12 : 7) + (هو 13 : 14) أين شوكتك يا
موت (1 كو 15 : 55)

 

4–
فى حديث الرسول بولس عن قوة قيامة السيد المسيح العاملة فينا يقول : " أين
شوكتك يا موت ؟! أين غلبتك يا هاوية ؟! " (1 كو 15 : 55 ؛ هو 13، 14).

 

5–
جاء فى سفر الرؤيا : " وهم يقولون للجبال وللصخور أسقطى علينا وأخفينا عن وجه
الجالس على العرش وعن غضب الحمل " (رؤ6 : 16) مقتبسا ذلك من هوشع (10 : 8).

+
(هو 10 : 8) يقولون للجبال غطينا (رؤ 6 : 16)، يوم الرب

 

شرح السفر:

هوشع 1 – 6

شُغلت
الإصحاحات الثلاثة الأولى من بنوة هوشع بحياة هوشع العائلية كرمز، مع تأكيد أمانة
هوشع ومحبته لزوجته الخائنة.

أمر
الرب هوشع أن يتزوج جومر الزانية، وأن يلد منها أولادا (1 : 2 – 3 : 5). وقد أثار
هذا الأمر الكثير من الصعاب أمام بعض المفسرين، حيث أنه لم يكن مسموحا للكاهن أو
للنبى – فى إسرائيل – أن يتزوج بزانية، لذلك اعتبر المفسرون من اليهود – فى العصور
الوسطى – أن الموضوع كله كان رمزيا، ولم يحدث تاريخياً. وقد وضع بعض المفسرين
المتأخرين، فرقا بين الإصحاح الأول والإصحاح الثالث، باعتبار أن الثالث وصف دقيق
من هوشع نفسه لأمر زواجه. أما الإصحاح الأول فعبارة عن ذكريات عامة عن أيامه
الأولى كنبى. وهناك مفسرون آخرون يأخذون الإصحاحين على محملهما الحرفى. وهناك
أيضاً من ينظرون إلى الإصحاح الأول كحادث تاريخى، أما الإصحاح الثالث فتفسير مجازى
من هوشع نفسه لأمر زواجه.

 

كما
أن جومر نفسها وتاريخها السابق قبل زواجها من هوشع كان موضوع تفسيرات مختلفة،
أهمها تفسيران :

1
– كانت جومر زوجة أمينة لهوشع فى السنوات الأولى من الزواج، وأن عبارة "
امرأة زنى " – وهى ليست التعبير المألوف للدلالة على امرأة زانية – إنما تشير
إلى طبيعتها الخاطئة المنحرفة التى سمح الرب بانكشافها لتكون صورة لإسرائيل فى
عبادتها للأوثان.

2
– إن جومر كانت فعلا زانية معروفة، أمر الرب هوشع أن يتزوجها لتكون صورة لزنى
إسرائيل عن الرب بعبادة الأوثان رغم محبة الرب الثابتة لها.

 

وغالبية
المفسرين مع التفسير الحرفى، فهو التفسير البسيط المباشر، وكان غرض الرب من أمره
بذلك لهوشع أن يصور علاقة إسرائيل بالرب، إذ يقول بكل وضوح : " لأن الأرض قد
زنت زنى تاركة الرب " (1 : 2 ب).

 

ويظن
البعض أن المرأة " حبيبة صاحب " (3 : 1) هى امرأة أخرى غير جومر، ولكن
حيث أنها ترمز إلى الأمة الإسرائيلية وليس لامة أخرى، فهى واحدة فى الحالتين. أما
لماذا كان على هوشع أن يشتريها فأمر غير واضح.

 

أما
الأبناء الذين ولدوا لهوشع وجومر، فقد أُطلقت عليهم أسماء رمزية، قسمى الأول
" يزرعيل " (1 : 4) للدلالة على أن الرب سيعاقب بيت ياهو من أجل قتله
أولاد أخاب فى وادى يزرعيل (2 مل 10 : 1 – 11 و30، 15 : 8 – 12).

 

وكان
اسم البنت التى ولدت بعد ذلك " لورحامة " (هو 1 : 16)، ومعناها "
غير مرحومين "، فكان ذلك رمزاً لدينونة الرب لإسرائيل ففساد إسرائيل روحيا
كان قد بلغ منتهاه، فلابد أن تنهزم وتؤخذ للسبى (1 : 6 ب).

 

وكان
اسم الابن الثالث " لوعمى " ومعناه " لستم شعبى " (1 : 8 و9).
ولكن رفض إسرائيل – شعب عهد الله – كان رفضا وقتيا (1 : 10 – 2 : 1). فوعود عهد
الله لإبراهيم (1 : 10 مع تك 22 : 71)، ولموسى (خر 19 : 1 – 7) لابد أن تتحقق
بالرغم من عصيان أى جيل من أجيالهم.

 

فطلاق
هوشع لجومر لزناها صورة لطلاق الرب (يهوه) لإسرائيل لوثنيتها (هو 2 : 2 مع إرميا 3
: 1 – 4 ك 2). أما الأبناء فكانوا رمزاً لبنى إسرائيل فى أيام هوشع (هو 2 : 2 – 5)

 

فإذ
لم تكتف جومر بعلاقتها بزوجها، سعت وراء محبين آخرين، وهو ما سارت عليه إسرائيل فى
سعيها وزناها بعبادة آلهة الوثنيين، ونسبوا كل الخير الذى صنعه إلههم الرحيم معهم،
إلى الأوثان (هو 2 : 8 و12). أما التائبون منهم فيرجعون إلى محبتهم الأولى بعد أن
يكتشفوا أنه لاشبع دائماً فى خطيتهم وابتعادهم عن الرب (هو 2 : 7).

 

أما
صورة استعادة جومر فى الإصحاح الثالث، فهى تعطى موجزاً لتاريخ إسرائيل، فعبودية
إسرائيل للخطية والشيطان (ارجع إلى عب 2 : 41 و15) فيرمز إليها الثمن الذى دفعه
هوشع ليسترد جومر (هو 3 : 2)، وهو ثمن جارية، حيث زن جومر كانت قد أصبحت مستعبده
لشهواتها (ارجع إلى خروج 21 : 32). وأيام انفصال جومر تمثل أيام سبى إسرائيل. وكان
الهدف منها هو التطهير (هو 3 : 3 مع تث 21 : 13، 30 : 2).

 

وبعد
فترة السبى، " بعد ذلك "، " وفى آخر الأيام " تعود إسرائيل
إلى بعلها لتستمتع ببركات العلاقة المتجددة. وفى إشارة مسيانية، يقول : "
ويطلبون… داود ملكهم " ليقودهم إلى الرب إلههم (هو 3 : 5).

 

والجزء
الأكبر والأخير من نبوة هوشع، يتعلق بما سبقت الإشارة إليه بإيجاز فى الإصحاحات
الثلاثة الأولى، فيتنبأ عن ارتداد إسرائيل (4 : 1 – 7 : 16) وعقابها (8 : 1 – 10 :
15)، وردها (11 : 1 – 41 : 9).

 

كانت
إسرائيل قد استسلمت تماماً للفجور والانفصال عن الله (4 : 1 و2 مع حز 20 : 1 – 17)،
فقد رفض الشعب كلمة الله، بعدم مبالاتهم، وتضليل الكهنة لهم (هو 4 : 6 – 9 مع إش 5
: 13، عا 8 : 11 و12، صف 1 : 6). لقد سار الشعب على نهج قادتهم الروحيين الفاسدين،
كما أن الملوك ساروا فى طريق سالفيهم من الملوك الأشرار (4 : 9)، فبدلا من الرجوع
إلى كلمة الله، طلب بنو إسرائيل الإرشاد من الأوثان والعرافين والسحرة (4 : 12 و13)،
وأخيراً فقدت إسرائيل صفتها الكهنوتية (4 : 6 مع خر 19 : 6)، لأن الكهنة كانوا أول
المسئولين عن ارتداد الأمة (هو 5 : 1)

 

وبعد
أن أعلن الرب قضيته ضد المملكة الشمالية، أصدر تحذيراً (5 : 8 – 14)، فسيرتفع صوت
البوق فى مرتفعات بنيامين (5 : 8)، المنطقة الفاصلة بين إسرائيل (المملكة الشمالية)
ويهوذا (المملكة الجنوبية)، وسيكون ذلك نذيراً بهزيمة إسرائيل، وتعرض يهوذا للخطر (5
: 9 – 12)، لأن إسرائيل (المملكة الشمالية) سار وراء وصية الإنسان، وليس وراء كلمة
الله (5 : 11)، والتجأ إلى الأشوريين طلباً لمعونتهم، فلاقوا الخيانة والهزيمة على
أيديهم (5 : 13).

 

وفى
هذه النبوة عن سقوط إسرائيل فى يد الأشوريين (فى 722 ق. م.)، يعلن هوشع زن الرب هو
الذى يوقع القصاص (5 : 14).

 

وجاءت
عقب إعلان القصاص مباشرة، دعوة الله للتوبة (5 : 15 – 6 : 3). ويرى البعض أن
الأعداد الثلاثة الأولى من الإصحاح السادس، هى لسان حال البقية الراجعة فى
المستقبل. فأشور ليس فى يدها الشفاء، كما زنه ليس فى يد أى أمة أخرى، لكن الله
وحده هو الذى سيشفى إسرائيل روحيا وسياسيا وجسديا (هو 6 : 1 مع خر 15 : 26، تث 32
: 39، إش 53 : 5، حز 37 : 1 – 14، ملا 4 : 2)..

 

وبعد
الدعوة للتوبة، يعود الرب إلى اهتمامه بإسرائيل (هو 6 : 4 – 11 مع 4 : 15)، فقد
تحوَّل إسرائيل عن خالقه، وعصا كلمته (6 : 7). وما جلعاد إلا مثال واحد لطبيعة
إسرائيل الدموية (6 : 8)، حتى الكهنة اشتهروا بالعنف (6 : 9، ارجع أيضاً إلىِ 1 صم
2 : 12 – 17، إرميا 5 : 31). لقد كانت خطية إسرائيل " فظيعة " (6: 10).

 

طالما
كانت أورشليم هي مكان تجمع الأسباط وطالما كان الهيكل هو مركز العبادة، فإن يهوذا
سيضمن التفوق على جميع الأسباط.

وقد
كان يربعام يشغل منصبا إداريا عندما كان سليمان ملكا. في ذلك الوقت تنبأ أخيا
الشيلوني بأن يربعام سيملك على 10 أسباط بعد موت سليمان. عندئذ هرب يربعام إلى مصر
خوفا من القبض عليه بتهمة الخيانة. ولكنه عاد بعد موت سليمان مباشرة ليستغل شعبيته
لدى الأسباط الشمالية خلال حركة انشقاق المملكة (1 ملوك 26:11-40؛ 2:12-15،
19-20).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 11

ونقل
يربعام مكان العبادة من أورشليم، وهو المكان الوحيد الذي حدده الرب، إلى موقعين
جديدين لمنع الشعب من أن يعودوا للولاء لمملكة داود ومن عودة سبط يهوذا للتفوق.
وأقام يربعام عجلين من ذهب كصورة رمزية لله، أحدهما في دان في أقصى شمال مملكته،
والآخر في بيت إيل بالقرب من الحدود الجنوبية.

وربما
لم يكن واضحا للأغلبية أن يربعام قد استبدل الرب إلههم، بل إنه فقط أدخل صورا
مرئية لتمثل الله الواحد الحقيقي حتى يعبده الشعب. وربما لم يظهر أنه قد نقض
الوصية الأولى، التي تمنع اتخاذ آلهة أخرى، ولكن من الواضح أنه كان قد انتهك
الوصية الثانية التي تحرم عمل أي صورة أو تمثال (خروج 3:20-4). وقد أدى هذان
المعبدان إلى تمهيد الطريق لإيزابل، في وقت لاحق، لكي تُدخل عبادة البعل
والعشتاروث "كآلهة إضافية" وانتهى بها الأمر إلى استبعاد عبادة الرب
تماما.

وبسبب
ذلك فإن يربعام يذكر مرارا في الكتاب المقدس أنه الشخص الذي جعل إسرائيل يخطئ (1
ملوك 16:14؛ 26:15،30،34؛ 2:16،26؛ 22:21،52؛ 2 ملوك 3:3؛ 29:10،31؛ 2:13؛ 24:14؛
9:15،18،24،28؛ 15:23).

وربما
فكر يربعام أنه لم يكن يرفض الله القدير، وإنما يقدم فقط صورة مرئية مثلما فعل
هارون، أول رئيس كهنة (خروج 1:32-5). ومثلما شاعت عبادة البعل في مصر، كذلك فإن
يربعام أدى بغالبية الأسباط إلى خيانة الرب يهوه الواحد الحقيقي – وإلى قبول
المأبونين [أي الشواذ جنسيا] وكل أرجاس الأمم الذين طردهم الرب من أمام بني
إسرائيل (1 ملوك 24:14). ولم يحاول ولا واحد من الملوك ال 19 للمملكة الشمالية أن
يعيد الشعب مرة أخرى إلى عبادة الرب في أورشليم مثلما أعلن الرب لموسى.

وهرب
جميع اللاويين والكهنة الأمناء من المملكة الشمالية إلى أورشليم. وكنتيجة لذلك
نقرأ هذا القول: قد هلك شعبي من عدم المعرفة؛ لأنك أنت رفضت المعرفة أرفضك أنا حتى
لا تكهن لي؛ ولأنك نسيت شريعة إلهك أنسى أنا أيضا بنيك (هوشع 6:4).

إن
معرفة الرب هي أقصى ما نحتاجه – وهي تفوق جميع الاحتياجات الأخرى. لذا علينا أن
نتمم إرادته ونظل أمناء له. فليس هناك أهم من السلامة الأبدية. هذه هي الحياة
الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته (يوحنا 3:17).

إعلان
عن المسيح: من خلال حب هوشع لزوجته الخاطئة (هوشع 1:3-5). إن الرب يسوع لم يحبنا
فقط ونحن بعد خطاة، وإنما مات أيضا موت الخزي بدلا منا في الجلجثة حتى أن كل ما
كان له يصير لنا (رومية 32:8؛ 2 بطرس 3:1). أخطبك لنفسي إلى الأبد (هوشع 19:2).

 

هوشع 7 – 14

يقدم
لنا الإصحاح السابع حكم الله على إسرائيل (7 : 1 – 6)، فكل محاولة من جانب الله،
لجعل إسرائيل يتوب، كانت تكشف بصورة أوضح فظاعة خطية إسرائيل (7 : 1)، إذ كانوا
يعتقدون أن فى استطاعتهم ارتكاب الخطية دون أن يدرى الله بها (7 : 2، ارجع أيضاً
إلى مز 09 : 8، مت 21 : 36 و37). وكان قادتهم المدنيون يفتخرون بأن الشعب أشرار
مثل الملك والرؤساء (هو 7 : 3)، فكل إسرائيل أصبحوا فاسقين (7 : 4) ولم ينفصل
إسرائيل عن الوثنيين (7 : 8 مع خر 14 : 12 – 16، 2 كو 6 : 14 – 7: 1)، بل صاروا
مثل "خبز ملة لم يقلب "، فقدوا توازنهم روحيا وسياسيا.

 

وفيما
يتعلق بالشئون الخارجية، ترددت مصر ما بين مصر وأشور مراراً، مثل " حمامة
رعناء " بلا فهم (هو 7 : 11)، لم يطلبوا مشورة الرب فى وقت حاجتهم، بل اتكلوا
على القوى العالمية، فعدم إيمانهم بالرب، وعدم انفصالهم عن الخطية، لابد أن
يستجلبا تأديب الله لهم (هو 7 : 12، مع 1 كو 11 : 32، عب 12 : 5 – 15).

 

ويتناول
الإصحاح الثامن ما حصدته إسرائيل من الدينة (هو 8 : 7). لقد ارتفع صوت البوق
تحذيرا للشعب من اقتراب الأشوريين (8 : 1 مع حز 17 : 2 – 21)، فسيأتى الأشوريون
إلى " بيت الرب " (هو 8 : 1) لأنهم تعدوا عهد سيناء (ارجع إلى تث 27 : 9
– 29 : 29)، وعصوا شريعة موسى، فيصرخون عبثا إلى الله طلباً للنجاة من قضيب غضبه (إش
10 : 5). فلن يجد إسرائيل جوابا، وسيواصل الأشوريون زحفهم على الأسباط العشرة (هو
8 : 2 و3)

 

ومن
أسباب دينونة الله لإسرائيل، أنهم أقاموا ملوكا بدون مشورة الله (هو 8 : 4 أ)،
وانغمسوا فى الوثنية (8 : 4 ب – 6)، ولم تتعد ذبائهم مقبولة بسبب عصيان الأمة (هو
8 : 13 مع 1 صم 15 : 22، إش 1 : 11 – 15)، ولذلك سيذهبون إلى السبى، مثلما كان
الحال معهم فى عبوديتهم فى مصر (هو 8 : 13).

 

ويواصل
الإصحاح التاسع موضوع السبى، حيث لا فرح لإسرائيل (هو 9 : 1)، ولن تكفيهم محصولات
الأرض، لأنهم لن يسكنوا فى أرض الرب (هو 9 : 2 و3)، وسيهرب بعضهم إلى مصر، بينما
يُسبى الآخرون إلى أشور. وستبطل كل الذبائح وخمر التقدمات وخبزها، بل سيكونان
لأنفسهم، لا يدخل منهما شئ لبيت الرب (9 : 4 و5). والذين هربوا إلى مصر، سيقتلهم
المصريون (هو 9 : 6).

 

ويستمر
الإصحاح العاشر فى وصف عقاب شر إسرائيل، فإسرائيل جفنة (كرمة) ممتدة (10 : 1)،
ولكن " على حسب كثرة ثمره " كثَّر المذابح لتقديم القرابين للأوثان،
صاروا مذنبين أمام الله، وهو على وشك أن يهدم مذابحهم وينزع ملوكهم (10 : 2 و3)

 

وتُذكر
" جبعة " مرتين (هو 10 : 9)، لتذكير إسرائيل بأن الخطية ليست معدية فحسب،
لكنها أيضاً غير قابلة للإزالة.

 

"
والإثمان " (10 : 10) قد يشيران إلى العجلين اللذين أقامهما يربعام بن نباط
فى بيت إيل ودان، مما استوجب التأديب من الله، وسيكون العقاب هو الحكم بالعمل الشاق
تحت نير ثقيل، يضاف إليه ركوب الأشوريين على متونهم (هو 10 : 11).

 

والإصحاحات
من الحادى عشر إلى الرابع عشر، تختم نبوات هوشع برسالة عن رد إسرائيل فى زمن قادم (11
: 1 – 14 : 9). فمحبة الرب الراسخة هى أساس رد إسرائيل فى المستقبل (هو 11 : 1 –
12) فقد دعى إسرائيل – كأمة – من مصر باعتباره ابنا للرب (هو 11 : 1 مع خر 4 : 22
و23).

 

ومع
ذلك فإن إسرائيل لم يتجاوب مع محبة الأب، بل سعى وراء الأوثان (11 : 5)، مما
يستوجب دينونتهم (11 : 5 – 7). وتعلن كلمات الرب دينونته الصارمة التى تستوجبها
قداسته وبره (12 : 1 – 13 : 16). فلا تُقابل خطايا إسرائيل إلا بالعقاب العادل (12
: 1 و2). فمسئولية القضاء على المملكة الشمالية، تقع على إسرائيل نفسه، فبالرغم من
خطية إسرائيل، فإن الله يمكن أن يكون معيناً له (هو 13 : 9).

 

وكان
يجب على إسرائيل أن يسرعوا إلى التوبة، ولكنهم لم يفعلوا (هو 13 : 13)، ومع ذلك
فإن رحمة الرب ستبيد الموت نفسه، كى يمكن لإسرائيل أن يعيشوا، روحياً وسياسيا (هو
13 : 14، مع حزقيال 37 : 1 – 14، دانيال 12 : 1 و2 و13).

 

والإصحاح
الأخير من نبوة هوشع، يقدم لنا دعوة الأب المحب لإسرائيل، للتوبة والرجوع إليه (هو
14 : 1 – 9)، فى اعتراف وصلاة وحمد (هو 14 : 2). " وعجول شفاهنا " (14 :
2) تشير إلى تقدمة الشكر التى كانت تتكون من ثيران صغيرة (خر 24 : 5، لا 7 : 11 –
13، ارجع أيضاً إلى مز 51 : 17 – 19، 69 : 30 و31، عب 13 : 15 و16). وكان اعتراف
إسرائيل يشمل الإقرار بأنه لا خلاص سواء فى أشور (التحالف السياسى)، أو فى الأوثان
(هو 14 : 3).

 

ومراراً
كثيرة يعد الله إسرائيل بالبركة عند ردهم (لاحظ : أنا أشفى ارتدادهم،.. أكون..
كالندى " (14 : 4 و5 – والأفعال فى الأصل العبرى فى صيغة المستقبل)، فسيشفى
الرب إسرائيل روحيا، ويحبهم فضلا، وينجحهم نجاحاً باهراً، ويحميهم تماماً (الأعداد
4 – 7). فسيكون إسرائيل كالسوسن جمالاً، وكأرز لبنان رسوخاً، ومثمراً كالزيتونة.

 

ويلخص
هوشع نبواته فى العدد الأخير : " من هو حكيم حتى يفهم هذه الزمور، وفهيم حتى
يعرفها. فإن طرق الرب مستقيمة والأبرار يسلكون فيها. أما المنافقون فيعثرون فيها
" (هو 14 : 9).

فعبادة
الأوثان هى التى تغتصب مكان الله فى قلب الإنسان. فقد عبد بنو إسرائيل الأوثان (هو
4 : 12 – 19)، وافتخروا بكبريائهم القومى (5 : 5)، وطقوسهم الدينية (6 : 6)،
ومغانمهم السياسية (7 : 3)، وتحالفاتهم السياسية (7 : 11)، وحكوماتهم المدنية (8 :
4)، ومشاريعهم العمرانية (8 : 14)، واكتفائهم الأنانى (10 : 1)، وبأوثانهم (13 : 2)،
عوضاً عن مشورة الرب وبركته وخلاصه. فلم يكن فى إمكانهم الفوز بالبركة الحقيقية
والأمن الكامل إلا فى الله (13 : 4 و9 و14 : 4 – 7).

 

إن
نبوات هوشع تبرز خطورة الخطية وطبيعة دينونة الله الرهيبة (1 : 4، 4 : 1 – 5، 5 :
2 و4 و9، 6 : 9 و10، 7 : 13 و16، 8 : 7، 9 : 11 – 17، 10 : 4 ر 8، 15)، كما تؤكد
رحمة الله ومحبته (1 : 7، 2 : 19 – 32، 11 : 4 و8 و9، 14 : 4 – 7).

 

ويؤكد
هوشع أن الارتداد خطية معدية، فقد تبدأ حلقة الارتداد بالقادة الدينيين، أو بالشعب،
وتنتشر من الواحد إلى الآخر (4 : 9). وعقاب الارتداد يتناسب مع درجة المسئولية (4
: 14، 5 : 1، 13 : 9).

 

يلخص
هوشع كل ما حدث قبل ذلك من حيث الوعود الأولى لإسرائيل ومحبة الرب ورعايته وبركاته
لهم، وأيضا خيانتهم له وتحولهم عنه مثل الزوجة الخائنة إلى عبادة الأوثان. كما
أنهم لجأوا إلى مصر وأشور لطلب العون: استأجر أفرايم محبين… كثر مذابح للخطية
(هوشع 9:8،11). ولكن الأمم الوثنية المجاورة تخلت عن إسرائيل. وبذلك انطبق على
إسرائيل القول أنهم يحصدون الزوبعة [أي زوبعة الدمار من أشور] (هوشع 7:8-10؛ 2
ملوك 20:15؛ 3:17-6،18).

ولكن
ها هو الرب يدعو إسرائيل بكلمات مؤثرة لكي يرجعوا إليه قبل أن يلحق بهم الدمار.
يقول: كنت أجذبهم بحبال… المحبة… ارجع يا إسرائيل إلى الرب إلهك لأنك قد تعثرت
بإثمك (هوشع 4:11؛ 1:14). فالرب في رحمته العظيمة هو الذي قال: أنا الرب إلهك من
أرض مصر… لا مخلص غيري… هلاكك يا إسرائيل أنك عليّ على عونك [أي أنت أهلكت
نفسك يا إسرائيل، لأن عونك هو عندي] (هوشع 4:13،9).

وعلى
الرغم من أن تحذيراته السابقة لهم بالدينونة قد تحولت إلى رسالة محبة، فهذا لا
يعني أن الرب قد غير رأيه، وإنما يعني أنه على الرغم من أن الله القدوس يدين شعبه،
إلا أنه يدعو إسرائيل للتوبة والرجوع إليه وأن ينبذوا الأصنام التي أبعدتهم عنه،
فقال: ارجع يا إسرائيل إلى الرب إلهك لأنك قد تعثرت بإثمك (هوشع 1:14).

وقد
عبر عن استعداده لتقديم الرحمة، مثلما يفعل دائما مع أي خاطئ تائب، بالقول: أنا
أشفي ارتدادهم، أحبهم فضلا (هوشع 4:14). ويوم أن أخرجهم الأشوريون من بلادهم
بالعنف، لم يقدر بنو إسرائيل أن ينسوا الكلمات الأخيرة للنبي هوشع، إذ قال: من هو
حكيم حتى يفهم هذه الأمور؟ وفهيم حتى يعرفها؟ فإن طرق الرب مستقيمة والأبرار يسلكون
فيها، وأما المنافقون فيعثرون فيها (هوشع 9:14).

وتأكيدا
لرحمة الرب العظيمة المقدمة لكل من اليهودي والأممي، يكتب بولس قائلا: فماذا إن
كان الله وهو يريد أن… يبين غنى مجده على آنية رحمة قد سبق فأعدها للمجد، التي
أيضا دعانا نحن إياها ليس من اليهود فقط بل من الأمم أيضا؟ (رومية 22:9-24). وبعد
ذلك يقتبس بولس من سفر هوشع قائلا: كما يقول في هوشع أيضا سأدعو الذي ليس شعبي
شعبي والتي ليست محبوبة محبوبة (رومية 25:9-26؛ قارن مع هوشع 10:1؛ 23:2).

وكما
أن هؤلاء اليهود قد نجوا في النهاية من العبودية والأصنام، كذلك فكل خاطئ أمامه
الفرصة أن يتحرر من عبودية الخطية التي هي أكبر بمراحل. إننا نتحرر من سلطة
الشيطان بواسطة موت المسيح وقيامته -عندما نتوب ونرجع عن خطايانا ونتحول عنها
ونقبل المسيح مخلصا لنا. لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس
الخطية والموت… لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح تميتون
أعمال الجسد فستحيون (رومية 2:8،13).

إعلان
عن المسيح: بصفته الابن الذي دعي من مصر (هوشع 1:11). هذه النبوة ذات شقين: الأول
إشارة تاريخية مختصة بإسرائيل (خروج 22:4-23)؛ والثاني إشارة نبوية عن رحلة المسيح
إلى مصر (متى 15:2).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي