الإصحَاحُ
الثَّانِي

 

أما
موآب، من الزاوية الأخرى، لم تكن تعنيه قسوة أدوم ضد إسرائيل، بل كل ما كان يهتم
به هو إجراء القضاء عليه، بينما هو نفسه متهم بالتهم ذاتها. من أجل ذلك فسوف يقطع
«القاضي من وسطهم ويقتل جميع رؤسائهم» (ص1:2-3).

إلى
هذه الحدود ترامت الرسائل النبوية موجَّهة للشعوب المحيطة بأرض إسرائيل. والتاريخ
شاهد على إتمام تلك النبوءة. فإن غزة وصور وأدوم وعمون وموآب لم تعد إلا مجرد
أسماء. فقد تلاشى مجدها إلى الأبد. وإن كانت دمشق لا تزال، ولكن سُبي شعبها وسكن
الغرباء في قصورهم. وهكذا دلت نبوءات النبي الراعي على أنها كلمة الرب.

على
أن النبي لا يرفع صوته ضد الأمم فقط. فعلى يهوذا وإسرائيل كان يجب أن يعلن
الدينونة الآتية بسبب طرقهم الدنسة.

فيهوذا،
صاحب الامتيازات الأكثر، قد احتقر ناموس الرب ورفضوا أن يطيعوا وصاياه، أضلتهم
أكاذيب معلميهم الزائفين، والأنبياء الذين فضلوهم على رسل السماء الذين أرسلهم إله
آبائهم. الآباء، للأسف، تحولوا عن صخرهم، والبنون ساروا في طرقهم. لأجل هذا فقصور
أورشليم تُحرق بالنار كقصور الأمم، والمكان الذي وضع فيه يهوه اسمه يسلم لأعدائه
(ع4،5).

أما
الاتهام الموجه لإسرائيل فهو أطولها جميعاً، فإن المملكة الشمالية المتكبرة تُتهم
بالطمع والاستباحة والوثنية، وإلى جانب هذا كانت هناك اللا مبالاة إزاء الشر
الواقع بينهم. لقد باعوا البار بالفضة، والبائس لأجل نعلين. والتجارة كانت في
تقديرهم أغلى من دعوى المساكين. وإذ عاشوا في النجاسة قبيحة الوصف، كانوا لا
يزالون يدعون أنفسهم باسم الرب القدوس، وهكذا دنّسوه في أعين الأمم. وجاءت الوثنية
فألهبتهم «ويشربون خمر المُغَرَّمين في بيت آلهتهم»، وتمددوا بجانب كل مذبح على
ثياب المحتاجين المرهونة. فقد كانت الشريعة تحرم الاحتفاظ بثياب الفقير كرهن في
الليل، أما هؤلاء فلم يحتقروا الشريعة فقط بل – وعلناً – كرّسوا تلك الثياب
المرهونة عندهم لعبادة أوثانهم. والقضاة أيضاً، ضداً لكل قانون، استغلوا غرامات
المُغَرَّمين في شراء الخمر لأعيادهم الوثنية. هذه هي «خمر المُغَرَّمين». وهكذا
أهين قدوس إسرائيل، أهانه أولئك الذين كانوا يفاخرون باسمه.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر اللاويين 01

ومع
ذلك فما أجمل ما يذكِّرهم به. فقد أباد الأموري من أمامهم حين أصعدهم من أرض مصر
وسار بهم في البرية أربعين سنة. لكنهم أضلوا النذيرين بالخمر، وأبوا أن يستمعوا
إلى إنذارات الأنبياء. تلك صورة مخزنة حقاً، أدعى للرثاء، ولكن ما أكثر ما تكررت
منذ وقتهم! فإن أصحاب الامتيازات الفضلى هم غالباً أعظم المجرمين ذنباً.

وأخيراً
اكتملت آثامهم. ولذلك وُضعت الحزمة الأخيرة على العجلة، وزمان الرحمة قد أتى إلى
منتهاه. لذلك لا يثبت أحد «في ذلك اليوم»؛ يوم غضب الرب (ع6-16).

ما أخطرها
اتهامات! وما أشد فعل هذه الكلمات القديمة. ألا ليتنا نعتبرها حسنا، نحن الذين
يُدعى علينا اليوم اسم الرب.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي