تَفْسِير
سِفْرُ عُوبَدْيَا

القمص
تيموثاوس ميلاد – سوهاج

مقدمة عامة

لا نعرف عن النبي كاتب هذا السفر إلا إسمة العبري الذي معناه
"
عبد أو خادم يهوه " وتشير محتويات السفر إلى
أنه كان من مواطني مملكة يهوذا (عد 10، 11-12، 17، 21)

وقد ذكر في
الأسفار التاريخية اثنا عشر شخصا يحملون هذا الاسم (فيما عدا هذا النبي) وليس هناك
ما يؤكد انه هو الذي كان على بيت أخآب الملك الذي كان يطعم مائة من رجال الله
الذين خبأهم من وجه إيزابل (1مل3: 18) كما أنه من المشكوك فيه أن يكون هو رئيس
الخمسين الثالثة الذي أرسلة الملك أخزيا لأستدعاء ايليا النبي كما جاء في احد
الكتب الغير قانونية.

Ø نبوته:

هى
أصغر أسفار الأنبياء، وتتركز أساسا على خراب أدوم وقد جاء الأدوميون من نسل عيسو
أخى يعقو(تك 25: 30، 36: 1) وسكنوا فى منطقة جبلية من جبل سعير جنوبى فلسطين،
وكانت العداوة بين الأدوميين وبنى اسرائيل، تعود جذورها الى اختلاس يعقوب للبركة
من عيسو(تك ص 25)، وإن كانت مؤشراتها قد ظهرت قبل ذلك وهما فى بطن أمهما إذ أنهما
تزاحما فى أحشائها (تك 25: 12)

و
بدأت العداوة بين الشعبين عندما رفض أدوم السماح لبني إسرائيل بالعبور في أرضة وهم
في طريقهم إلى كنعان بقيادة موسى وقد حاربهم شاول (1صم 47: 14) وأخضعهم داود (2صم
8: 13-14) وحاولوا رفع راية العصيان في عهد سليمان ولكنهم فشلوا(1مل 14: 11-22)
ولم يحصلوا على حريتهم إلا في عصر يهورام ملك يهوذا حينما قاموا بالثورة علية سنة
845 ق.م (2مل 8: 20 – 22) وقد ظل النزاع بين الجانبين حتى سقوط أورشليم سنة 586 ق.
م. حينما ساعد الأدوميين على سقوطهم كما جاء في (مز137: 7) أذكر يا رب لبني أدوم
يوم أورشليم القائلين هدوا هدوا حتى إلى أساسها" وقد جاءت نبوات عن أدوم في
(حز 25: 12-14، عا 1: 11-12،أش34: 5، أر 49: 7، مرا 4: 21-22)

Ø رسالة هذه
النبوة
:

(1) يقدم سفر عوبديا درسا هاما وتعليما روحيا وأخلاقيا ساميا إذ أنه
يوبخ أدوم على كبريائه وإعتمادة على العوامل الطبيعية والجغرافية التي تحميه إذ
كانت بلادهم مرتفعة وعلى صخور محصنة.. فيواجههم
عوبديا بقوله
:

" تكبر قلبك قد خدعك أيها الساكن في محاجي الصخر رفعة مقعدة
القائل في قلبة من يحدرني إلى الأرض إن كنت ترتفع كالنسر وإن كان عشك موضوعا بين
النجوم فمن هناك أحدرك يقول الرب "(عد3: 4) و
هكذا يقدم عوبديا في
نبوتة مثلا لانكسار المتشامخين الذين يتكلون بغرور على أوهام خادعة من قوى باطلة.

(2) وهناك أيضا نقطة أخرى يجب الألتفات اليها
وهي أن عوبديا وإن كان تركيز كلامة كان على أدوم، إلا أن نبوته يمتد مجال تطبيقها
على كل الأمم التي تقاوم مشيئة الله وتعمل على الوقوف في وجه مقاصده الالهية فلابد
أن تكون النهاية بالنسبة لمثل هذه القوى الطاغية هي الدمار والهلاك.

(3) ولا تفوتنا الإشارة إلى ما قد يظهر في نبوة
عوبديا من مظهر العداوة والبغضة تجاه الأدوميين بسبب موقفهم العدائى والشائن
ومساعدتهم للأعداء ضدهم فهل نستنتج من ذلك أن الله في
العهد القديم كان يشجع على الكراهية والبغضه؟

إن الإجابة هي بالنفي قطعا. فالله في العهد القديم لم يوص بكراهية
العدو.

لقد
جاء في (خر 23: 4) إذا صادفت ثور عدوك أو حماره شاردا
ترده إلية "

و
جاء في (ام21: 25)" أن جاع عدوك فأطعمه خبزا وإن
عطش فأسقه ماء "
أما جاء على لسان السيد المسيح " سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك " (مت 5: 43)
فلعله كان تعليمها من شيوخ اليهود ورؤسائهم وقد أضافوه إلى تقليدهم (انظر "
المدخل إلى العهد القديم ")

تنقسم
الآراء حول تاريخ كتابة سفر عوبديا إلى مجموعتين
ويفصل بينهما عام 586 ق.م وهو تاريخ سقوط أورشليم في
يد الكلدانيين وسبي يهوذا إلى بابل
.

ويتوقف
تحديد تاريخ كتابة السفر على تحديد الغزو الذي تعرضت له أورشليم
وفيه أتخذ
الأدوميون موقفا عدائيا من يهوذا وهو الموقف الذي ذكره عوبديا فى (عد 11 – 14)،
فإن بعض الشراح يعتبرونه أحد الغزوات التى سبقت سبي بابل سنة 586 ق.م بينما يعتبره
آخرون هو نفس الغزو الذي صاحب ذلك السبي.

أما أصحاب الرأي الذي يأخذ بالتاريخ السابق على سنة 586 ق.م فمنهم
(
J.D.DAVIS –J.H.RAVEN) اللذان رجعا بتاريخ هذا السفر إلى أيام
أحاز ملك يهوذا (743 – 728 ق.م) الذي في عهده أتى الأدوميون وضربوا يهوذا وسبوا
سبيا وأقتحم الفلسطينيون مدن السواحل وجنوبي يهوذا وأخذوا عدة مدن (2 أيام 28: 17-18)

ولكن
() وآخرون فأنهم يركزون بصفة خاصة على الغزو الذي كان في أيام يهورام (2مل8: 20-22،
2 أيام 21: 8-20)

v ويقدمون
الأسباب الأتية تأكيدا لرأيهم:

1-
لم يذكر عوبديا خرابأ للهيكل ولا سيما للشعب بكاملة كما قيل عن سبي سنة 586 ق. م.

2-
أن الأسرى كما ذكر عوبديا قد مضوا بهم إلى "صفارد"
(عد 20) التي قيل أنها كانت في أسيا الصغرى أو أسبانيا ولم يمضوا بهم إلى بابل كما
حدث في سبي سنة 586 ق.م

3-
لم يذكر عوبديا اسم نبوخذ نصر ولا الكلدانيين الذين جاء ذكرهم في حديث الأنبياء
المتأخرين عن سبي سنة 586ق.م

4-
يظهر من كتابات عاموس (سنة 760ق.م) وأرميا (سنة 627 ق.م) أنهما اقتبسا من عوبديا
الذي سبقهما تاريخيا.

أما الذين ينسبون نبوة عوبديا بعد سنة 586 ق.م فأنهم يستندون على عدم
ذكر عوبديا وسفر الملوك لغزو الفلسطينيين والعرب لأورشليم وعدم ذكر أدوم في (2
أيام21: 16) ويرد على ذلك:


أن عوبديا كان تركيزه على خيانة أدوم لأخيه فلم يذكر الغزاة


وإن كان سفر الملوك لم يذكر الغزاة فقد ذكرهم سفر أخبار الأيام الثاني (ص 21: 16)

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ إِشْرِيئِيل ل


وإن كان اسم أدوم لم يرد في (2 أيام 21: 16-17) فأنه أيضا لم يرد الدور الذي لعبته
أدوم في سبي سنة 586 ق.م.

 

Ø بين عوبديا
وكل من يوئيل وعاموس وأرميا:

يرجع
الشراح اقتباس هؤلاء من عوبديا، وستأتي – بمشيئة الله – الإشارة الى كل من هذه
النصوص في التفسير المفصل للسفر.

o أقسام
السفر
:

ينقسم
السفر الى ثلاثة أقسام رئيسية:

o أولا:
الأنباء بدمار أدوم (عد 1 – 9)
:

1-
دعوة الأمم لخراب أدوم (عد1، 2)

2-
الخراب عقوبة التجبر والكبرياء (عد3، 4)

3-
سلب كنوز أدوم (عد 5، 6)

4-
خيانة حلفاء أدوم لها (عد 7)

5-
قتل حكماء وأقوياء أدوم (عد 8، 9)

o ثانيا: أسباب خراب أدوم (عد 10 – 14):

1-
ظلمة لأخيه يعقوب (عد 10)

2-
اشتراكه مع الأعداء ضد يعقوب (عد 11)

3-
موقفه الشامت من يعقوب (عد 12)

4-
سلبه غنائم أورشليم (عد 14)

o ثالثا: يوم الرب للدينونه وإستعادة الماضي (عد 15-
21)
:

1-
محاكمة الأمم في يوم الرب (عد 15، 16)

2-
يكون الملك للرب (17، 21)

أولا: الأنباء بدمار أدوم (عد 1- 9)

1- دعوة الأمم لخراب أدوم (عد 1، 2)

1رُؤْيَا عُوبَدْيَا: هَكَذَا قَالَ
السَّيِّدُ الرَّبُّ عَنْ أَدُومَ (سَمِعْنَا خَبَراً مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ
وَأُرْسِلَ رَسُولٌ بَيْنَ الأُمَمِ: «قُومُوا وَلْنَقُمْ عَلَيْهَا لِلْحَرْبِ»):
2«إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ صَغِيراً بَيْنَ الأُمَمِ. أَنْتَ مُحْتَقَرٌ جِدّاً.

 (عد 1):

كان
إعلان الرب لعوبديا بأن سمع النبي خبرا من قبل الرب عن أدوم، وفيه يقيم الرب رسولا
يدعو الأمم أن تقوم للحرب ضدها، فتجاوبه الأمم"لنقم عليها للحرب

(عد 2):

كانت
أدوم قد انتفخت بالكبرياء والتجبر، فيواجهها الرب بكونها صغيرة بين الأمم ومحتقرة.
لاحظ:

اقتباس
أرميا لهذة العبارات كما جاءت في (ص49: 14 – 16)

2- الخراب عقوبة التجبر والكبرياء (عد3، 4)

3تَكَبُّرُ قَلْبِكَ قَدْ خَدَعَكَ أَيُّهَا السَّاكِنُ فِي مَحَاجِئِ
الصَّخْرِ رِفْعَةَ مَقْعَدِهِ الْقَائِلُ فِي قَلْبِهِ: مَنْ يُحْدِرُنِي إِلَى
الأَرْضِ؟» 4إِنْ كُنْتَ تَرْتَفِعُ كَالنَّسْرِ وَإِنْ كَانَ عُشُّكَ مَوْضُوعاً
بَيْنَ النُّجُومِ فَمِنْ هُنَاكَ أُحْدِرُكَ يَقُولُ الرَّبُّ.

انخدعت
أدوم بطبيعة موقعها على الجبال فملأ الغرور قلبها، ولم تدرك إن إستراتيجية موقعها
لا ينجيها من انتقام الرب منها.

(عد 3):

"تكبر قلبك قد خدعك أيها الساكن في محاجئ الصخر"

كانت
قبائل أدوم تسكن في "محاجئ" الصخر –
وكلمة محاجئ تعني مخابئ أو شقوق وقد وردت في (نش2: 14، ار 49: 16)

و
كان سكان هذه الأماكن قبل الأدوميين هم "الحوريون" سكان جبل سعير (تك14:
6،تث2: 12 و22) – وهي منطقة جبلية مليئة فعلا بالمغارات والكهوف. لقد ظن الأدوميون
أنهم في حماية هذه الأماكن الحصينة، التي لا تصل إليها جيوش الغزاة أوالأعداء،
فتكبرت قلوبهم مخدوعين بمناعة بلادهم.

" رفعة مقعدة "

أي
مسكنة المرتفع بين الصخور- وفي الترجمة الكاثوليكية " في أوج مثواه"

" القائل في قلبه من يحدرني إلى الأرض؟"

توهم
الأدوميون أن قوتهم لا يمكن التغلب عليها من آخرين وكأنهم بلغة التحدي يفتخرون في
مواجهة الآخرين معبرين عما في قلوبهم "من يحدرني إلى
الأرض"؟
أو يمكنه إيقاع الهزيمة بي؟

(عد 4):

" إن كنت ترتفع كالنسر "

يواجهه
الرب منذرا إياه بعدم الاعتماد على قوته فيقول له " إن كانت لك القدرة أن
تحلق في أعلى الأجواء كالنسر.. وقد قال الرب لأيوب: أو
بأمرك يحلق النسر ويعلى وكره؟"
مشيرا بذلك إلى قوة النسر على الإرتفاع.

" وإن كان عشك موضوعا بين النجوم فمن هناك أحدرك يقول الرب ":

و
لو جعل أدوم مسكنة بين النجوم الشاهقة الارتفاع فإن الرب قادر على إسقاطه

إن
هذا القول هو إنذار من الله لكل من تأخذه نشوة الغرور معتمدا على أية قدرات مادية
أو معنوية فالرب يسقط الجبابرة ويرفع المتضعين.

2- سلب كنوز أدوم (عد5، 6)

5إِنْ أَتَاكَ سَارِقُونَ أَوْ لُصُوصُ لَيْلٍ. كَيْفَ هَلَكْتَ.
أَفَلاَ يَسْرِقُونَ حَاجَتَهُمْ؟ إِنْ أَتَاكَ قَاطِفُونَ أَفَلاَ يُبْقُونَ
خُصَاصَةً؟ 6كَيْفَ فُتِّشَ عِيسُو وَفُحِصَتْ
مَخَابِئُهُ؟

 

§ يصف الرب في
هذين العددين مقدار الخراب الشامل الذي سيحل بأدوم مقارنا بين ما يحدث في حالات
السرقة وفي قطف العنب وبين ما كان عتيدا أن يكون لأدوم. فلو أنة تعرض للسلب من
سارقين أو لصوص لكان هؤلاء ينهبون ما يحتاجون إلية فقط ويتركون بقية له.

§ ولو كان
قاطفو العنب يجمعون المحصول فأنهم – بحسب ما كان متبعا – يتركون ما في الزوايا أو
يتركون خصاصة أي ما يتبقى في الكرمه بعد القطاف (و كلمة خصاصة تشير إلى الشئ
القليل) أما بالنسبة لأدوم فأنة سيتعرض للسلب والنهب بصورة كاملة فلا يتبقى له شئ

وكانت
"بترا" عاصمة أدوم سوقا عظيمة للبضائع السورية والعربية فتوفرت لها
الثروات الضخمة والكنوز الهائلة ولكنها كانت كلها عتيدة أن يسلبها الناهبون وهكذا
يكون الدمار رهيبا..

(4: 5) خيانة خلفاء أدوم لها وقتل حكماءها وأقوياءها (عد 7- 9)

7طَرَدَكَ إِلَى التُّخُمِ كُلُّ مُعَاهِدِيكَ. خَدَعَكَ وَغَلَبَ
عَلَيْكَ مُسَالِمُوكَ. أَهْلُ خُبْزِكَ وَضَعُوا شَرَكاً تَحْتَكَ. لاَ فَهْمَ
فِيهِ. 8أَلاَ أُبِيدُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَقُولُ الرَّبُّ الْحُكَمَاءَ مِنْ
أَدُومَ وَالْفَهْمَ مِنْ جَبَلِ عِيسُو؟ 9فَيَرْتَاعُ أَبْطَالُكَ يَا تَيْمَانُ
لِيَنْقَرِضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَبَلِ عِيسُو بِالْقَتْلِ.

(عد 7):

كان
لأدوم حلفاء من جيرانة الموابيين والعمونيين والعرب الذين آكلوا من خبزه علامة على
مواثيق وعهود الصداقة –لكن هؤلاء تخلوا عن مساعدة
أدوم في محنته وخانوه وخدعوه
– وصنعوا له شركا تحته وطردوه إلى التخوم

و
يرى بعض المفسرين أنة ربما كان أدوم قد أرسل
رسلا في طلب المساعدة من أصدقائه ولكن هؤلاء الأصدقاء طردوا الرسل إلى التخوم ويرى
أخرون أن المقصود هو مساعدة حلفائه لأعداء أدوم في مطاردته. فلا فهم فى أدوم.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ح حرحاس س

(عد 8، 9):

سيبيد
الرب الحكماء والأقوياء من أدوم من سعير جبل عيسو حيث كان يقيم فيرتاع أبطال
"تيمان" ولعله القسم الجنوبي من
أدوم (عا 1: 12) وينقرض كل واحد من أدوم بالقتل.

ثانيا: أسباب خراب أدوم (عد10، 14):

10 مِنْ أَجْلِ ظُلْمِكَ لاخِيكَ
يَعْقُوبَ يَغْشَاكَ الْخِزْيُ وَتَنْقَرِضُ إِلَى الأَبَدِ. 11يَوْمَ وَقَفْتَ
مُقَابِلَهُ يَوْمَ سَبَتِ الأَعَاجِمُ قُدْرَتَهُ وَدَخَلَتِ الْغُرَبَاءُ
أَبْوَابَهُ وَأَلْقُوا قُرْعَةً عَلَى أُورُشَلِيمَ كُنْتَ أَنْتَ أَيْضاً
كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ. 12وَيَجِبُ أَنْ لاَ تَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ أَخِيكَ يَوْمَ
مُصِيبَتِهِ وَلاَ تَشْمَتَ بِبَنِي يَهُوذَا يَوْمَ هَلاَكِهِمْ وَلاَ تَفْغَرَ
فَمَكَ يَوْمَ الضِّيقِ 13وَلاَ تَدْخُلَ بَابَ شَعْبِي يَوْمَ بَلِيَّتِهِمْ
وَلاَ تَنْظُرَ أَنْتَ أَيْضاً إِلَى مُصِيبَتِهِ يَوْمَ بَلِيَّتِهِ وَلاَ
تَمُدَّ يَداً إِلَى
قُدْرَتِهِ يَوْمَ بَلِيَّتِهِ
14وَلاَ تَقِفَ عَلَى الْمَفْرَقِ لِتَقْطَعَ مُنْفَلِتِيهِ وَلاَ تُسَلِّمَ
بَقَايَاهُ يَوْمَ الضِّيقِ.

يذكر عوبديا أربعة أسباب لخراب أدوم:

1- ظلمه لأخيه يعقوب (عد 10)

2- اشتراكه مع الأعداء ضد يعقوب (عد 11)

3- موقفه الشامت والمعادي ليعقوب في يوم بليته (عد 12- 13)

4- وقوفه في وجه المنفلتين من يعقوب (عد 14)

(عد 10):

10مِنْ أَجْلِ ظُلْمِكَ لأَخِيكَ يَعْقُوبَ يَغْشَاكَ الْخِزْيُ
وَتَنْقَرِضُ إِلَى الأَبَدِ.

إتخذ عيسو موقف الظلم ضد أخية يعقوب ولعل ذلك كان بدافع الحقد
والكراهية من جانب عيسو وذلك بسبب الأمتيازات التي تمتع بها يعقوب وكان الرب قد
أوصى بني إسرائيل
"لا تكره أدوميا لأنة أخوك" (تث 23:
7)
ولكن بني عيسو لم يحتفظوا بروابط الأخوة.. وكان أدوم عتيدا أن يغشاه
الخزي في محنته وأن ينقرض فيما بعد وهذا سيأتي التعرض له بعون الله عند الكلام عن
تحقيق النبوة

(عد 11)

11يَوْمَ وَقَفْتَ مُقَابِلَهُ يَوْمَ سَبَتِ الأَعَاجِمُ قُدْرَتَهُ

وقف أدوم مقابل بني إسرائيل موقفا سلبيا ومعاديا حينما سبى الغرباء
أورشليم وقدرتها
أي رجال جيشها.

وَدَخَلَتِ الْغُرَبَاءُ أَبْوَابَهُ

أي غزت الأعداء مدن يهوذا وسلبت ونهبت ما بها

وَأَلْقُوا قُرْعَةً عَلَى أُورُشَلِيمَ

أي قسموا المسبيين والغنائم فيما بينهم بالقرعة.

كُنْتَ أَنْتَ أَيْضاً كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ

أي
أنك اشتركت معهم في السلب والنهب ويستخدم النبي هنا الزمن الماضي تأكيدا للأحداث
التى كانت عتيدة أن تكون وهذا الأسلوب يكثر استخدامه في النبوات.

عد (12):

12وَيَجِبُ أَنْ لاَ تَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ أَخِيكَ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ
وَلاَ

تَشْمَتَ بِبَنِي يَهُوذَا يَوْمَ هَلاَكِهِمْ وَلاَ تَفْغَرَ فَمَكَ
يَوْمَ الضِّيقِ

يوجه عوبديا إلى أدوم ما يجب علية اتخاذه في موقفة من أخيه في يوم
ضيقة فلا ينظر إلية كمتفرج ولا يشعر بروح شامتة في بليته ولا يتكلم بشئ متكبرا
علية.

(عد 13):

13وَلاَ تَدْخُلَ بَابَ شَعْبِي يَوْمَ بَلِيَّتِهِمْ

لعل المقصود هنا بالباب مدينة أورشليم عاصمة يهوذا

وَلاَ تَنْظُرَ أَنْتَ أَيْضاً إِلَى مُصِيبَتِهِ يَوْمَ بَلِيَّتِهِ

لا
تتخذ الموقف السلبي كمن يتفرج مبتهجا بمصيبة وقعت على خصمه

وَلاَ تَمُدَّ يَداً إِلَى قُدْرَتِهِ يَوْمَ بَلِيَّتِهِ

لا
تمد يدك بالاساءه إلى قدرته أي إلى رجاله المحاربين عنه وذلك يوم هزيمته.

(عد 14):

14وَلاَ تَقِفَ عَلَى الْمَفْرَقِ لِتَقْطَعَ مُنْفَلِتِيهِ وَلاَ
تُسَلِّمَ بَقَايَاهُ يَوْمَ الضِّيقِ

احتل
الأدميون بعض المواقع التي مكنتهم من منع المنفلتين (و هم الذين أستطاعوا الهروب
من الغزاة والنجاة من الأسر) من مواصلة هروبهم إذ سدوا الطريق أمامهم وسلموهم
لأعدائهم وكان ذلك خيانة منهم، وغدرا ببني أخيهم يعقوب.

 

بهذه الأسباب والحقائق التاريخية واجه عوبديا أدوم منذرا بما كان
سيحل به من قصاص وعقوبة الخيانة..

ثالثا: يوم الرب للدينونه (عد 15- 16):

15فَإِنَّهُ قَرِيبٌ يَوْمُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. كَمَا
فَعَلْتَ يُفْعَلُ بِكَ. عَمَلُكَ يَرْتَدُّ عَلَى رَأْسِكَ. 16لأَنَّهُ كَمَا
شَرِبْتُمْ عَلَى جَبَلِ قُدْسِي يَشْرَبُ جَمِيعُ الأُمَمِ دَائِماً يَشْرَبُونَ
وَيَجْرَعُونَ وَيَكُونُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا.

(عد 15)

" فأنه قريب يوم الرب على كل الأمم "

يرجح
أن المقصود هنا بيوم الرب هو يوم الرب إعلان قوته ونقمته على قوى العالم المضادة
لسلطانة وعبادته ممثلة في الأمم بصفة عامة وفي أدوم بصفة خاصة. بالنسبة لأدوم يرجح
أنة كان يوم سقوطه أمام جيوش نبوخذ نصر بعد سقوط أورشليم بفترة قصيرة. وقد أعلنت
فكرة سقوط أمم العالم تمهيدا لقيام ملكوت الله منذ وقت مبكر في العهد القديم
وتتابع ذكرها على ألسنة الأنبياء.

 فقد تنبأ بلعام:

" أراه ولكن ليس الآن أبصرة ولكن ليس قريبا. يبرز كوكب من
يعقوب فيحطم طرفي موآب ويهلك كل بني الوغي.. ويتسلط الذي من يعقوب.. " (عد 17:
24- 19)

و
تنبأت حنة أم صموئيل:

" مخاصموا الرب ينكسرون. من السماء يرعد عليهم الرب يدين
أقاصي الأرض ويعطي عزا لملكة ويرفع قرن مسيحه (1 صم 2: 10).


وقال داود:

"اسألنى فأعطيك الأمم ميراثا
لك وأقاصي الأرض ملكا لك (مز 2: 8)


قال يوئيل:

"آه على اليوم لأن اليوم الرب قريب يأتي كخراب من القادر على
كل شئ (1: 15)


وقال أيضا:

"أضربوا بالبوق في صهيون صوتوا في جبل قدسي ليرتعد جميع سكان
الأرض لأن يوم الرب قادم لأنه قريب " (2: 1)


وقال صفنيا:

"قريب يوم الرب العظيم قريب وسريع جدا صوت يوم الرب يصرخ
حينئذ الجبار مرا " (1: 14)

" كما فعلت يفعل بك.عملك يرتد على رأسك ":

أن
مبدأ الذي تعلنه لنا كلمة الله هو: " فإن الذي
يزرعه الإنسان اياه يحصد أيضا (غل 6: 7)

و
على هذا المبدأ قال المرنم: " يا بنت بابل
المخربة طوبى لمن يجازيك جزاءك الذي جازيتنا " (مز 137: 8)

و
قد جاء في (قض 1: 5 -7) عن أدونى بازق أحد ملوك الكنعانيين حينما أمسكه بنو يهوذا
وشمعون وقطعوا أباهم يديه ورجليه قولة " سبعون
ملكا مقطوعه أباهم أيديهم وأرجلهم كانوا يلتقطون تحت مائدتي كما فعلت كذلك جازاني
الله "

(عد 16):

16لأَنَّهُ كَمَا شَرِبْتُمْ عَلَى جَبَلِ قُدْسِي يَشْرَبُ جَمِيعُ
الأُمَمِ دَائِماً

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد إنجيل لوقا القمص متى المسكين 24

يرى
البعض أن هذا الكلام موجة إلى اليهود بمعنى أنهم كما شربوا (مجازيا) كؤوس الألم من
الغزاة هكذا سيشرب (مجازيا) جميع الأمم من كأس غضب الرب ويستند أصحاب هذا الرأي
على ما جاء في (أر 5: 15 -29) حيث أمر الرب أرميا أن يأخذ كأس سخط الرب ويسقي جميع
الشعوب فسقى أرميا أولا وأورشليم ومدن يهوذا وملوكها ورؤساءها لجعلها خرابا ودهشا
وصفيرا ولعنة.

و
لكن يرد على هذا الرأي بأن الكلام في هذا العدد مرتبط بما جاء في العدد السابق
الموجة إلى أدوم بأنه سيلاقي عقابا مماثلا لما فعلة مع يهوذا فيكون المعنى هو كما
أن الأدوميين حينما سقطت أورشليم شربوا (حرفيا) وسكروا هم وأصحابهم على جبل قدس
الرب محتفلين بانتصارهم بحسب عادة الغزاة الوثنيين هكذا كانوا عتيدين أن يشربوا
(مجازيا) من كأس سخط وغضب الرب ويدوم شربهم من كأس هذا الغضب الالهى مع باقي الأمم
التي تتخذ نفس موقفهم العدائي من الله.

يَشْرَبُونَ وَيَجْرَعُونَ وَيَكُونُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا.

يشربون
ويجرعون (أي يبلعون جرعات مملوءة) بمعنى أن قصاص الله يقع عليهم كاملا وينتهي بهم
الأمر بابادتهم ويصيرون كلا شئ وكأنهم لم يكونوا.

تعقيب:

جاء
بالسنن القويم / تفسير عوبديا تعقيبا على ما ذكر أعلاه:

" ولا يخفي أن هذا الكلام لا يوافق تعليم يسوع في العهد
الجديد فأنه لا يجب على أتباع المسيح أن ينتقموا من أعدائهم ولا أن يفرحوا بهلاكهم
بل أن يحبوهم ويصلوا لأجلهم ولعل النبي رأى في الأدوميين جميع الذين يقاومون الحق
في كل جيل ورأى في (يهوذا) الذين يطلبون انتشار الإنجيل وخلاص جميع الناس
وانضمامهم إلى ملكوت المسيح ورأى في رؤياه إنتشار الحق وملاشاه كل أنواع الشرور
"
.

رابعا: إستعادة الماضي ويكون الملك للرب:

(عد 17- 21)

17وَأَمَّا جَبَلُ صِهْيَوْنَ فَتَكُونُ عَلَيْهِ نَجَاةٌ وَيَكُونُ
مُقَدَّساً وَيَرِثُ بَيْتُ يَعْقُوبَ مَوَارِيثَهُمْ. 18وَيَكُونُ بَيْتُ
يَعْقُوبَ نَاراً وَبَيْتُ يُوسُفَ لَهِيباً وَبَيْتُ عِيسُو قَشّاً
فَيُشْعِلُونَهُمْ وَيَأْكُلُونَهُمْ وَلاَ يَكُونُ بَاقٍ مِنْ بَيْتِ عِيسُو
لأَنَّ الرَّبَّ تَكَلَّمَ. 19وَيَرِثُ أَهْلُ الْجَنُوبِ جَبَلَ عِيسُو وَأَهْلُ
السَّهْلِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَيَرِثُونَ بِلاَدَ أَفْرَايِمَ وَبِلاَدَ
السَّامِرَةِ وَيَرِثُ بِنْيَامِينُ جِلْعَادَ. 20وَسَبْيُ هَذَا الْجَيْشِ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ يَرِثُونَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ إِلَى
صَرْفَةَ. وَسَبْيُ أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ فِي صَفَارِدَ يَرِثُونَ مُدُنَ
الْجَنُوبِ. 21وَيَصْعَدُ مُخَلِّصُونَ
عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ
لِيَدِينُوا جَبَلَ عِيسُو وَيَكُونُ الْمُلْكُ لِلرَّبِّ.

يتحدث
عوبديا النبي في هذه الأعداد عن نجاة بيت يعقوب وعودة ازدهار واستعادة ميراثه
وامتداد ممتلكاته بينما تقع الدينونه على الأمم الوثنيه.

(عد 17):

17وَأَمَّا جَبَلُ صِهْيَوْنَ فَتَكُونُ عَلَيْهِ نَجَاةٌ

لقد
تعرض الجبل للتدنيس والعربدة من الأدوميين والأمم الوثنية الأخرى ولكنة يصبح الأن
كرسيا للرب وتكون عليه نجاة للبقية من شعب الله.

وَيَكُونُ مُقَدَّساً

أي
أنه لا يتعرض لنجاسة أو تدنيس من الوثنيين.

وَيَرِثُ بَيْتُ يَعْقُوبَ مَوَارِيثَهُمْ

المقصود
حرفيا بيت يعقوب يهوذا وبنيامين ولكن بالمفهوم الروحي يقصد بهم المؤمنون في العهد
الجديد أي كنيسة المسيح.

أما
المواريث فهي كانت بالنسبة لبيت يعقوب ممتلكاتهم التي كانت سابقا في أيام داود
وسليمان أما بالنسبة للمؤمنين في العهد الجديد فإن ميراثهم الروحي يمتد إلى كل
بقاع العالم التي تمتد إليها رسالة الإنجيل.

. 18وَيَكُونُ بَيْتُ
يَعْقُوبَ نَاراً وَبَيْتُ يُوسُفَ لَهِيباً وَبَيْتُ عِيسُو قَشّاً..

 يشير
ذكر بيت يعقوب وبيت يوسف إلى عودة إتحاد المملكتين كشعب واحد (أنظر مز 77: 15).

أما
النار التي تبيد عيسو فهي تذكرنا بقول السيد المسيح "جئت
لألقى نار على الأرض فماذا أريد لو إضطرمت "(لو 12: 49)

إنها
نار عمل الروح القدس وكلمة الله التي تحرق أشواك الخطية وهي نار الحب المسيحي التي
تحرق كل كراهية وكل بغضة وكل عداوة

(عد 19):

19وَيَرِثُ أَهْلُ الْجَنُوبِ جَبَلَ عِيسُو وَأَهْلُ السَّهْلِ
الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَيَرِثُونَ بِلاَدَ أَفْرَايِمَ وَبِلاَدَ السَّامِرَةِ
وَيَرِثُ
بِنْيَامِينُ
جِلْعَادَ

يشير
هذا العدد إلى إمتداد وإتساع ممتلكات العائدين من السبي وعلى المدى النبوي البعيد
يشير إلى إمتداد ملكوت المسيح إلى أقصاء الأرض.

(عد 20):

20وَسَبْيُ هَذَا الْجَيْشِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَرِثُونَ
الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ إِلَى صَرْفَةَ.

يشبه
النبي العائدين من السبي بالجيش وذلك بالنظر إلى كونهم كانوا تحت قيادة مؤيدة بقوة
من الله.. ويتنبأ بامتلاكهم الأرض مَن كانوا من الكنعانيين حتى صرفة (التي تقع على
مسافة 8 أميال جنوب صيدا).

وَسَبْيُ أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ فِي صَفَارِدَ يَرِثُونَ مُدُنَ
الْجَنُوبِ

اختلف
الآراء بشأن تحديد "صفارد" فقد قيل
أنها كانت في أسبانيا (كما في الترجمة الأراميه وكما يقول الربيون وحتى اليوم
يسمون اليهود الذين في أسبانيا صفارديين) وذكرت بسفورو في ترجمة الفولجاتا وافترض
"
keil" أنها "سبرطة" ويرجح آخرون أنها في بلاد بابل قال
"
ewald" أنها في شمال فلسطين.

(عد 21):

21وَيَصْعَدُ مُخَلِّصُونَ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ لِيَدِينُوا جَبَلَ
عِيسُو وَيَكُونُ الْمُلْكُ لِلرَّبِّ.

المخلصون
هنا هم أولئك الذين لعبوا دورا في عودة اليهود من السبي مثل
زربابل وعزرا
ونحميا الذين قادوا مجموعات كبيرة من الراجعين من بابل ويمكن أيضا أن تنطبق على
المكابيين الذين أخضعوا الأدوميين.

و
كان هؤلاء المخلصون رموزا للمسيح المخلص الحقيقي الذي وهب الخلاص الكامل لكل من
يؤمن به ويذكر هنا "جبل صهيون" الذي
يمثل كرسي الرب مقابل "جبل عيسو" الذي
يمثل أعداء الرب

و
يختتم عوبديا نبوته بقوله " ويكون الملك للرب"
– الأمر الذي تم بمجيء المسيح ملكا على قلوب مؤمنية ملكا روحيا أبديا.

 متى تمت نبوءة عوبديا بخراب أدوم؟

تمت هذه النبوة على مراحل

1- فقد بدأ إتمام هذه النبوة على أيدي الكلدانيين (ار ص49،حز ص35)

2- وفي القرن الخامس قبل الميلاد قام الأنباط بطرد الأدوميين من
جبلهم سعير

3- وفي القرن الثاني قبل الميلاد استولى المكابيون على المدن التى
كان الأدوميون قد أخذوها. وقد أرغمهم يوحنا هركانوس على قبول الختان وإدخالهم ضمن
جماعة اليهود.

4- وأكمل الرومان القضاة على أدوم مع خراب أورشليم سنة 70 م

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي