تَفْسِير
سِفْرُ يُونَان

القمص
تيموثاوس ميلاد – سوهاج

مقدمة عامه

يتسم سفر يونان بالطابع التاريخي ولكنة وضع مع الأسفار النبوية لأن
يونان حمل لقب نبي (2مل 14: 25) وكانت له نبوة عن يربعام بن يوآش أنه يرد تخم
مملكته من مدخل حماه إلى بحر العربة ولأن السفر أيضا له معناه التعليمي والرمزي
.

§  يونان:

 كان يونان
بن أمتاى نبيا لإسرائيل ويعني اسمه "حمامه"
وكان من "جت حافر" إحدى مدن سبط
زبولون (يش 19: 13، 1مل 4: 10) وقد تنبأ في القرن الثامن ق.م

 ويؤكد
التقليد اليهودي أن يونان كان ابن الأرملة التي عاشت في صرفه (صيدا) والذي أقامه
إيليا من الموت

 تمسك يونان
بغيرة ووطنيه شديدة وكراهية لأعداء أمته حتى أنه هرب من المهمة التي كلفه بها الرب
وهي الكرازة لأهل نينوى لأنه رأي في أشور التي كانت نينوى عاصمتها عصا تأديب
سيستخدمها الرب ضد أمته عقابا لها على شرورها فلم يشأ يونان أن تؤدي إرساليته إلى
نينوى لبقائها وعدم القضاء عليها في حالة توبة أهلها وفضل التخلي عن مسؤوليته كنبي
لكي لا يكون هو الشخص الذي عمل على نجاة أعداء أمته من الهلاك

§   نينوى:

 ذكر في (تك
10: 11) خبر بنائها على يد أشور وقد بنيت على الضفة الشرقية من نهر دجلة وفي سنة
1270ق.م، اتخذها شلمناصر قاعدة لملكه وصارت عاصمة الإمبراطورية الآشورية التي أخذت
في التقهقر والانحلال وأواسط القرن السابع ق.م، هاجمها نابوبلاسر حاكم بابل مع
حلفائه سنة 612ق.م، ودمرها كما غمرت مياه فيضان نهر الدجلة ساحاتها وشوارعها
وتحولت إلى أطلال وآثار.

§    متى
كرز يونان لأهل نينوى
:

 جاء
في
PNLPIT COMMENTARY

Ø من
المحتمل جدا أن إرسالية يونان قد تمت بالقرب من نهاية حكم يربعام (الثاني) عندما
تطرق الضعف
للمملكة
الآشورية بسبب الثورات وبسبب ما تعرضت له البلاد من مجاعة ووباء ولذلك أصبح الملك
والشعب على استعداد للإصغاء لإنذار من رجل الله ومحاولة إبعاد كارثة وشيكه الوقوع
بتوبة في وقتها.. ومن الممكن أيضا أن تكون كرازة يونان قد تزامنت مع كسوف مشهور
حدث في 15 يونيه 763ق. م كما ورد بالسجلات الآشورية و
الذي
أعتبر
فألا سيئا.

§  تاريخية
قصة يونان
:

 قادت
المعجزات المذكورة في هذا السفر إلى اعتقاد بعض النقاد بعدم تاريخية هذا السفر..
فقال بعضهم أن قصته رمزية وقال آخرون بأنها قصة خيالية حاكها اليهود من أسطورة
يونانية أو بابلية ولكن الأدلة على تاريخية
قصة
يونان كثيرة
أهمها:

(1) أن يونان كان شخصية تاريخية حقيقية وقد ورد ذكره في الأسفار
التاريخية (2 مل 14: 25) معاصرا للملك يربعام الثاني.

(2) إن القصة المذكورة في هذا السفر لها طابعها التاريخي
الواضح.

(3) أن التقليد اليهودي يشهد بتاريخيه هذا السفر ففي سفر طوبيا (14:
4- 6و15) إشارة في نصيحة الأب لابنة إلى إتمام كلام الرب عن نينوى ويوسيفوس المؤرخ
اليهودي في (الآثار ك 9/10/201) يذكر قصة يونان كقصة تاريخية.

(4) إن الكنيسة المسيحية قبلت هذا السفر بهذا الاعتبار.

(5) إن الرب يسوع قد استشهد بيونان كشخصية تاريخية كانت قصته
حقيقية.

(6) إن الاعتراض بمعجزة بقاء يونان في جوف الحوت قد سقط بحدوث ما
شابهها في العصر الحديث.

§  يونان
والمسيح
:

 من
الواضح أن يونان إنفرد بين أنبياء العهد القديم بكون الرب يسوع قد جعل وجها
للمشابهة الرمزية بينهما، ويمكننا ملاحظة أوجة الشبة بينهما فيما يلي:

(1) كان يونان من "جت حافر" وهي بلدة لا تبعد كثيرا
عن الناصرة فالمسافة بينهما لا تزيد عن بضعة أميال أي أن يونان كان جليليا مثل
يسوع له المجد وهذا يذكرنا بخطأ الفريسيين المقصود في قولهم لنيقوديموس "فتش
وأنظر أنه لم يقم نبي من الجليل" (يو7: 53)

(2) هاج البحر على يونان كما قامت ثورة اليهود على المسيح.

(3) واجه رجال السفينة يونان كمذنب وسألوه " من أين
أتيت؟" (1: 8) كما واجه بيلاطس يسوع كمذنب وسأله "
من أين
أنت" (يو 19: 9)

(4) باءت محاولات رجال
السفينة لإنقاذ يونان بالفشل وهكذا حاول بيلاطس إقناع رؤساء اليهود بإطلاق يسوع
ولكنة لم ينجح.

(5) طلب رجال السفينة من الرب إلا يجعل عليهم دما بريئا وهكذا
غسل بيلاطس يديه معلنا براءة المسيح.

(6) نزل يونان في عمق البحر وصلى ونزل المسيح إلى أعماق
الهاوية وكرز للأرواح التي في السجن.

(7) كان يونان أية رمزا للمسيح الذي قال جيل شرير فاسق
يلتمس أية ولا تعطى له أية إلا أية يونان النبي (مت 16: 4).

(8) كرز يونان لمدينة أمميه وثنية وهكذا امتدت الكرازة باسم
المسيح إلى كل الأمم.

 

ألا أن هناك أيضا أوجه اختلاف هامة وهي:

(1)
أن يونان كان يحفظ في قلبه الحقد والكراهية نحو أعدائه أما ربنا يسوع فقد أحب
أعداءه وصفح عن صالبيه.

 

(2)
خالف يونان أمر الرب له بالذهاب إلى نينوى أما
يسوع له كل المجد فقد أطاع حتى الموت موت الصليب (في 2: 8)


(3) خرج يونان من بطن الحوت حيا ولكنه مات فيما
بعد أما المسيح فقد قام منتصرا على الموت إلى الأبد وهو حي كل حين

 

§  معجزة
يونان في بطن الحوت
:

اعترض
البعض من المتشككين على معجزة ابتلاع الحوت ليونان وبقائه في بطنه ثلاثة أيام.
ونحن كمؤمنين نثق في قدرة الله على عمل المستحيلات ومع ذلك فأننا نرى أن ما حدث
ليونان كان أمرا ممكنا، وعن إبتلاع الحوت له فإنه من المعروف أن البحار والمحيطات
يوجد بها من الحيتان الضخمة ما يمكن معه ابتلاع أكثر من رجل..

Ø وقد
جاء بجريدة الأهرام بتاريخ (السبت
14/2/1976)
خبر عن حوت ضخم جدا (صورته على
الصفح
التالية) والخبر هو:

 

§  تاريخ سفر يونان:

يعتقد
أن يونان كتب هذا السفر حوالي سنة 760 ق.م وذلك في أواخر أيامه وهذا يبرر قوله عن
نينوى في (3: 3) " أما نينوى فكانت مدينة عظيمة" وذلك في لغة الماضي.

و يقول النقاد العصريون أن هذا السفر قد كتب في زمن متأخر حوالى
سنة 430 ق.م ولهم في ذلك بعض الحجج التي ستناقش بمشيئة الله في تذييل خاصة بعد
الأنتهاء من دراسة السفر ذاته.  

§  محتويات
السفر
:

(1)   الدعوة
الأولى ليونان وهروبه (ص 1: 1- 3)

(2)   العاصفة
بسبب يونان (1: 4- 14)

(3)   طرح يونان
في البحر (ص 1: 15- 17)

(4)   صلاة يونان
في جوف الحوت (ص2: 1-10)

(5)   الدعوة
الثانية ليونان (ص 3: 1، 2)

(6)   كرازة يونان
(ص 3: 3، 4)

(7)   توبة أهل
نينوى وقبولها (ص 3: 5، 10)

(8)   موقف يونان
(ص 4: 1- 4)

(9)   درس من
اليقطينة (ص 4: 5- 8)

(10)  الرب يلقن
يونان درسا (ص 4: 9- 11)

§  أهمية
هذا السفر
:

 يعتبر
هذا السفر سفرا تبشيريا عظيما بالنسبة للعهد القديم وقد أهتم اليهود بقراءته في
احتفالهم بعيد الكفارة وفي القرن الثالث قرأه كبريانوس فتأثر به وكان وسيلة
إستخدمها الله لهدايته ومن أبرز سمات هذا السفر أنه ملئ بالمعجزات التي تعلن قدرة
الله.. وهذه المعجزات هي:

(1)   العاصفة في
قيامها وهدوئها فجأة بعد طرح يونان في البحر.

(2)   اكتشاف
يونان كمذنب بالقرعة.

(3)   وجود الحوت
في نفس الوقت الذي طرح فيه يونان.

(4)   بقاء يونان
حيا لمدة ثلاثة أيام فى بطن الحوت.

(5)   قذف الحوت
ليونان على البر.

(6)   توبة أهل
نينوى بصورة فورية وعامة.

(7)   نمو
اليقطينة بسرعة غير عادية.

(8) إعداد
الدودة والريح الشرقية.

1- الدعوة الأولى ليونان وهروبه: (ص1: 1-3)

1وَصَارَ قَوْلُ الرَّبِّ
إِلَى يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ: 2«قُمِ
أذْهَبْ
إِلَى نِينَوَى
الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ
وَنَادِ عَلَيْهَا لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي». 3فَقَامَ يُونَانُ
لِيَهْرُبَ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ
الرَّبِّ
فَنَزَلَ إِلَى يَافَا وَوَجَدَ سَفِينَةً ذَاهِبَةً إِلَى تَرْشِيشَ فَدَفَعَ
أُجْرَتَهَا وَنَزَلَ فِيهَا لِيَذْهَبَ مَعَهُمْ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ
الرَّبِّ.

(عد 1):

1وَصَارَ قَوْلُ الرَّبِّ
إِلَى يُونَانَ بْنِ أَمِتَّاي

هذه
صيغة تتصدر بعض الإعلانات النبوية كما في (زك 6: 8، 8: 1) وقد ظن البعض أنا أداة
العطف "و" التي تبدأ بها العبارة
تبين أن سفر يونان هو جزء مأخوذ من مصدر أكبر ولكن هذا الرأي مردود علية بما جاء
كذلك في أسفار أخرى(يش 1: 1، 1صم 1: 1، أستير1: 1، مز 1: 1، قض 1: 1)

(عد 2):

قُمِ أذْهَبْ إِلَى
نِينَوَى
الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ

جاء
أمر الرب ليونان صريحا ومحددا أن يمضي إلى نينوى وقد انفرد يونان بين أنبياء العهد
القديم بكونه قد أرسل إلى مدينة وثنية للكرازة لأهلها بالتوبة وكانت نينوى قد ذكرت
لأول مرة في (تك 10: 11)

وَنَادِ عَلَيْهَا

أي
إنذار اهلها بصوت عال- وبالإنجليزية
cry against it

 

لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي

يشبه
هذا التعبير ما جاء في قول الرب لقايين " صوت دم أخيك صارخ إلىَّ من
الأرض". (تك 4: 10)

(عد 3):

3فَقَامَ
يُونَانُ لِيَهْرُبَ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ
الرَّبِّ

سبق
القول في المقدمة أن يونان قد هرب من وجه الرب مدفوعا بدافع الحقد والكراهية
لنينوى التي كانت تمثل عداوة لإسرائيل وخطر يتهددها فهو لم يشأ أن يكون سببا في
نجاتها من الهلاك أما تعبير "من وجه الرب"
فلعل المقصود به هو الابتعاد عن أورشليم أو الأرض المقدسة إذ كان نفي الرب لشعبة
من أرضه قد عبَّر عنه بأنه طرح أو إبعاد لهم
من أمامه (2
مل 17: 20 و23، 23: 27) كما يعني هذا التعبير أيضا التخلي عن خدمة الرب التي كانت
تعتبر وقوفا قدامه (تث 10: 8)
وأما عن ترشيش فربما كانت فى أسبانيا،
أو في شمال أفريقيا.

 

فَنَزَلَ إِلَى يَافَا وَوَجَدَ سَفِينَةً ذَاهِبَةً إِلَى تَرْشِيشَ
فَدَفَعَ

أُجْرَتَهَا

و
هكذا كان موقف يونان في عصيانه لأمر الرب تحت تأثير غيرته الجامحة على شعبه

3- العاصفة بسبب يونان

(ص 1: 4-14)

يحدثنا هذا القسم عن:

(1)
العاصفة الشديدة ومحاولات إنقاذ السفينة (عد 4، 5)

(2)
القرعة تصيب يونان (عد 6، 7)

(3)
اعتراف يونان (عد 8-12)

(4)
محاولات أخرى فاشلة (13- 14)

1- العاصفة الشديدة ومحاولات إنقاذ السفينة (عد
4،5)

4فَأَرْسَلَ الرَّبُّ
رِيحاً شَدِيدَةً إِلَى
الْبَحْرِ
فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي
الْبَحْرِ
حَتَّى كَادَتِ
السَّفِينَةُ تَنْكَسِرُ. 5فَخَافَ الْمَلاَّحُونَ
وَصَرَخُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى إِلَهِهِ وَطَرَحُوا
الأَمْتِعَةَ
الَّتِي فِي السَّفِينَةِ
إِلَى
الْبَحْرِ لِيُخَفِّفُوا عَنْهُمْ. وَأَمَّا يُونَانُ فَكَانَ قَدْ
نَزَلَ إِلَى جَوْفِ
السَّفِينَةِ وَاضْطَجَعَ وَنَامَ
نَوْماً ثَقِيلاً.

(عد 4):

فَأَرْسَلَ الرَّبُّ
رِيحاً شَدِيدَةً إِلَى
الْبَحْرِ
فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي
الْبَحْرِ
حَتَّى كَادَتِ
السَّفِينَةُ
تَنْكَسِرُ

كلمة
(أرسل) في أصلها العبري تعني معنى أشد من مجرد
الإرسال وهي نفس الكلمة المستعملة عن شاول حينما ضرب الرمح لقتل داود إذ كان يعزف
لتهدئته (1صم 19: 10) فهي تفيد هنا رشق بشدة أو كما في العامية "حدف "

و
لم تكن هذه العاصفة عادية بطريق الصدفة بل كانت غير عادية كما يتضح لنا من وصف
شدتها ولا شك أن الرياح والعواصف وكل ما في الطبيعة إنما يخضع لمشيئة الرب وسلطانة
" النار والبرد والثلج والضباب والريح العاصفة
الصانعة لكلمته " (مز 148: 8)

و تعرضت السفينة بركابها لخطر عظيم كانت له نتائج طيبة وهكذا يسمح
الله بتعرضنا لأخطار لكي ينبهنا إلى الالتجاء إليه كما أنها تنبهنا إلى ضرورة
الاستعداد لمواجهة الموت.

(عد 5)

5فَخَافَ الْمَلاَّحُونَ
وَصَرَخُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى إِلَهِهِ

كان
هؤلاء الملاحون فينيقيين أو من شعوب مختلفة وبالرغم من وثنيتهم فقد إلتجأوا إلى
آلهتهم يستنجدون بها.

وَطَرَحُوا الأَمْتِعَةَ الَّتِي
فِي
السَّفِينَةِ إِلَى الْبَحْرِ
لِيُخَفِّفُوا عَنْهُمْ

كانت
هذه محاولة لإنقاذ السفينة من الغرق ولكنها فشلت كما تفشل كل المحاولات البشرية
التي تتعارض مع مقاصد الله.

وَأَمَّا يُونَانُ فَكَانَ قَدْ نَزَلَ إِلَى جَوْفِ السَّفِينَةِ
وَاضْطَجَعَ وَنَامَ نَوْماً ثَقِيلاً

كان
غريبا أن ينام يونان هذا النوم الثقيل ولم تؤرقه أفكاره من جهة موقفة كهارب من وجه
الرب ومخالف لأمره له.. ولعله كان قد تعب من رحلة السفر من جت حافر إلى يافا

ب- القرعة تصيب يونان(عد 6، 7)

6فَجَاءَ إِلَيْهِ رَئِيسُ النُّوتِيَّةِ
وَقَالَ لَهُ: «مَا لَكَ نَائِماً؟ قُمِ
أصْرُخْ
إِلَى إِلَهِكَ عَسَى أَنْ يَفْتَكِرَ
الإِلَهُ
فِينَا فَلاَ نَهْلِكَ». 7وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نُلْقِي قُرَعاً
لِنَعْرِفَ بِسَبَبِ مَنْ هَذِهِ
الْبَلِيَّةُ».
فَأَلْقُوا قُرَعاً فَوَقَعَتِ
الْقُرْعَةُ
عَلَى يُونَانَ.

(عد 6):

6فَجَاءَ إِلَيْهِ رَئِيسُ النُّوتِيَّةِ
وَقَالَ لَهُ: «مَا لَكَ نَائِماً
؟

كان
نوم يونان في ذلك الوقت مثيرا لدهشة وتساؤل من كانوا في السفينة ولاسيما رئيس
النوتية فجاءه ولا بد أنه أوقظه من عميق نومه

و وجه له هذا السؤال الذى لم يخل
من عنصر التوبيخ
:

قُمِ أصْرُخْ إِلَى
إِلَهِكَ عَسَى أَنْ يَفْتَكِرَ
الإِلَهُ
فِينَا فَلاَ نَهْلِكَ
».

هنا
نجد أشد ما يلفت انتباهنا وهو أن رجلا وثنيا يطالب نبيا أن يصرخ إلى إلهه في طلب
النجدة.. لقد صار
الأولون آخرين والآخرون
أولين..

(عد 7):

7وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نُلْقِي قُرَعاً لِنَعْرِفَ
بِسَبَبِ مَنْ هَذِهِ
الْبَلِيَّةُ»

أدرك
هؤلاء الناس ولابد أنهم كانوا من الأمم أن البلية التي أصابتهم كانت بسبب أحد ركاب
السفينة الذي أرادوا تحديده بطريق القرعة.. وكما كانت خيانة عخان بن كرمي سببا في
هزيمة شعبة عند عاي (يش ص 7) وكما كان إحصاء داود للشعب سببا في موت 70000 رجل
بالوبا (2 صم ص 24) هكذا كانت معصية يونان علة ذلك الخطر الذي تعرض له ركاب
السفينة

فَأَلْقُوا قُرَعاً فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ
عَلَى يُونَانَ

استخدم
الرب القرعة للكشف عن يونان الذي كما
قيل هرب من وجه
الرب على الأرض فلاقاه في البحر

أما عن القرعة فقد قال الحكيم:

القرعه تلقي في
الحضن ومن الرب كل حكمها" (1م 16: 33)

 وقد
قسم يشوع الأرض بين الأسباط بالقرعة.

و
بالقرعة كشف الرب عن عخان بن كرمي (يش 7: 16)

و
بها أيضا كشف عن يوناثان (1صم 14: 36- 42)

و
استخدمها الرسل في اختيار متياس (1ع 1: 26) قبل حلول الروح القدس عليهم أما بعد
ذلك فليست هناك إشارة إلي استخدامها إذ أصبح الروح القدس هو المرشد للمؤمنين في كل
أمورهم

ج- إعتراف يونان (ص1: 8-12)

8فَقَالُوا لَهُ: «أَخْبِرْنَا بِسَبَبِ مَنْ هَذِهِ الْمُصِيبَةُ
عَلَيْنَا؟ مَا هُوَ عَمَلُكَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ مَا هِيَ أَرْضُكَ وَمِنْ
أَيِّ شَعْبٍ أَنْتَ؟» 9فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا عِبْرَانِيٌّ وَأَنَا خَائِفٌ مِنَ
الرَّبِّ إِلَهِ السَّمَاءِ الَّذِي
صَنَعَ
الْبَحْرَ وَالْبَرَّ». 10فَخَافَ الرِّجَالُ
خَوْفاً عَظِيماً وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا فَعَلْتَ هَذَا؟» فَإِنَّ
الرِّجَالَ
عَرَفُوا أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ وَجْهِ
الرَّبِّ
لأَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ. 11فَقَالُوا لَهُ: «مَاذَا نَصْنَعُ بِكَ ل
ِيَسْكُنَ
الْبَحْرُ عَنَّا؟» لأَنَّ الْبَحْرَ
كَانَ يَزْدَادُ
أضْطِرَاباً. 12فَقَالَ لَهُمْ: «خُذُونِي
وَاطْرَحُونِي فِي
الْبَحْرِ فَيَسْكُنَ الْبَحْرُ
عَنْكُمْ لأَنَّنِي عَالِمٌ أَنَّهُ بِسَبَبِي هَذَا
النَّوْءُالْعَظِيمُ
عَلَيْكُمْ

(عد 8):

بعد
أن ألقيت القرعة ووقعت على يونان وقف هذا أمام البحارة الوثنيين" كمجرم"
أرتكب خطأ فادحا فتسبب في هذه المصيبة التي ألمت بهم ففي اضطرابهم.. قدموا له عدة
أسئله
وكأنها في صورة محاكمة
:


ما هو عملك؟

و
لعلهم وثقوا أنه كان يمارس نوعا من العمل مما يثير غضب الألهه


ومن أين أتيت؟

و
قد أرادوا بذلك الوقوف على أخر مكان كان فيه قبل ركوبة في السفينة..


ما هي أرضك؟ ومن أي شعب أنت؟

هل تبحث عن  ئلة مسيحية المسيح جاء للخلاص وما زال الناس يخطئون ن

و
ذلك لمعرفة موطنة وبني جنسه الذين ينتمي إليهم.

(عد 9):

أجابهم
يونان بأنه عبراني وبهذا اللقب كان يعرف نسل إبراهيم

إذ
كانوا يطلقونه على أنفسهم:

فقد قال
يوسف عن نفسه

 " لأني قد سُرقت من أرض العبرانيين" (تك 40: 15)

وكان على
موسى أن يقول لفرعون

 " الرب إله العبرانيين التقانا" (خر 3: 18)

o كما
كان الأمم يطلقون هذا اللقب عليهم:

– فقد وُصف إبراهيم بأنة عبراني (تك 14: 13)

– وقالت امرأة فوطيفار عن يوسف " قد جاء إلينا برجل عبراني
ليداعبنا " (تك 39: 14)

– وقال رئيس السقاة عن يوسف أيضا " وكان هناك معنا غلام
عبراني " (تك 41: 12)

و قال الفلسطينيون عن محلة بني إسرائيل أنها " محلة
العبرانيين"(1صم 4: 6)

و أضاف يونان قوله أنه خائف من الرب " اله السماء الذي صنع
البحر والبر "تمييزا له عن الآلهة المحلية للوثنيين.

(عد 10- 12)

 اعترف
يونان بأنه كان هاربا من وجه الرب وأنه بسببه كان هذا النوء العظيم واعترى البحارة
خوف عظيم قوة اله يونان اله العبرانيين الذي أظهر غضبة على يونان بسبب تمرده علية
وكانت هناك لدى الكثيرين من الوثنيين معلومات مسبقة
عن قوة اله العبرانيين ومعجزاته:

– فهو الذي يبس مياه بحر سوف وقد ذكرت مريم أخت هارون وموسى في
نشيدها "يسمع الشعوب فيرتعدون.." (خر 15: 14)

– وهكذا شهدت راحاب الزانية " لأننا سمعنا كيف يبس مياه بحر
سوف قدامكم (يش 2: 10)

كما ذابت أيضا قلوب الأموريين عندما يبس الرب مياة الاردن أمام بني
أسرائيل (يش5: 1).

و في خوفهم سأل البحارة يونان " لماذا فعلت هذا " تعبيرا عن
هلعهم ودهشتهم لهول الخطأ الذي وقع فيه يونان.

أما
عن اعتراف يونان بذنبه
فقد جاء بعد أن أفاق من
نومه واستيقظ ضميره وأحساسة.

و قد وردت بالكتاب المقدس أمثله لاعتراف المخطئين منها:

– اعتراف هارون لموسى بخطية اغتيابه له (عد 12: 11)

– اعتراف شاول أمام صموئيل بمخالفته من جهة تحريم عماليق(1صم 15: 24)

– اعتراف داود أمام ناثان بخطية زناة وقتلة (2 صم 12: 13)

– اعتراف الابن الضال أمام أبيه (لو 15: 21)

– اعتراف يهوذا أمام رؤساء الكهنة بخطية تسليمه للمسيح (م 27: 4)

د- محاولات
أخرى فاشلة (ص 1: 13، 14)

13وَلَكِنَّ الرِّجَالَ
جَذَّفُوا لِيُرَجِّعُوا
السَّفِينَةَ
إِلَى
الْبَرِّ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا لأَنَّ الْبَحْرَ
كَانَ يَزْدَادُ
أضْطِرَاباً عَلَيْهِمْ. 14فَصَرَخُوا
إِلَى
الرَّبِّ: «آهِ يَا رَبُّ لاَ نَهْلِكْ مِنْ أَجْلِ نَفْسِ هَذَا الرَّجُلِ
وَلاَ تَجْعَلْ عَلَيْنَا دَماً بَرِيئاً لأَنَّكَ يَا رَبُّ فَعَلْتَ كَمَا
شِئْتَ».

بذل
البحارة جهودا مضنية يائسة في محاولة إرجاع السفينة إلي البر ولكن محاولاتهم فشلت
لأن الرب جعل البحر يزداد اضطراباً..

كانت
محاولاتهم في اتجاه مضاد لمشيئة الله ومقاصده فلم تنجح وهكذا تفشل محاولات كل قوى
العالم وعلى رأسه إبليس لأنها موجهة ضد إرادة الرب وتدبيراته..

و
صرخ البحارة إلى الرب الذي أظهر قوته وتدخله بسبب موقف يونان ولعلهم أمنوا به في
الحال وطلبوا من الرب عدم هلاكهم من أجل نفس يونان ملتمسين إلا يجعل عليهم دما
بريئا لأنه فعل ما شاءت إرادته الإلهية..

و
هكذا نرى في البحارة الوثنيين الامميين أحساسا رفيعا عاليا وموقفا أفضل بكثير جدا
من موقف يونان النبي..

15ثُمَّ أَخَذُوا يُونَانَ وَطَرَحُوهُ فِي الْبَحْرِ
فَوَقَفَ
الْبَحْرُ عَنْ هَيَجَانِهِ. 16فَخَافَ الرِّجَالُ
مِنَ
الرَّبِّ خَوْفاً عَظِيماً وَذَبَحُوا ذَبِيحَةً لِلرَّبِّ وَنَذَرُوا
نُذُوراً. 17وَأَمَّا
الرَّبُّ
فَأَعَدَّ حُوتاً عَظِيماً لِيَبْتَلِعَ يُونَانَ. فَكَانَ يُونَانُ فِي جَوْفِ
الْحُوتِ
ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ.

(عد 15):

بعد
محاولات البحارة المخلصة لإنقاذ يونان والتي لم تنجح في نجاته ونجاتهم اضطروا إلى
طرح يونان في البحر ولم يظهر يونان أية مقاومة ولعلة ظن أن القاءة في البحر سيكون
نهاية لحياته وتخلصا من مهمة ذهابه إلى نينوى وبعد طرحة في البحر توقفت العاصفة وه
دا البحر
الأمر الذي لفت نظر البحارة وأقنعهم بقوة " يهوه
" أله يونان

(عد 16):

خاف
الرجال من الرب خوفا عظيما لأنهم اقتنعوا برهبة دينونته، لمن يخالف أوامره كما كان
الموقف بالنسبة ليونان، وربما كان بين ركاب السفينة من كان مرتكبا ذنبا أو جريمة
لا تقل خطية عن خطية يونان ولكن مثل هذا لم تكن له علاقة باله حقيقي كما كان يونان.. 

و هكذا قبل أن يستخدم الرب يونان لتوبة أهل نينوى استخدمه لقيادة رجال
السفينة الوثنيين للأيمان بالرب فذبحوا ذبيحة له ونذروا نذورا.

(عد 17):

17وَأَمَّا الرَّبُّ
فَأَعَدَّ حُوتاً عَظِيماً لِيَبْتَلِعَ يُونَان
َ

لا
تعني كلمة " أعد " أن الرب خلق حوتا
بل تعني "عُيَّن " أو " أختار" أحد الحيتان ليكون في تلك اللحظة حيث
طُرح يونان ليبتلعه.

و من الفكاهات أن أحد قدامي الربيين اليهود أرتاى أن هذا الحوت قد
أعدة الله لهذا الغرض منذ أن خلق العالم

v وأما
عن كلمة حوت فقد جاء بتفسير الكتاب المقدس "منشورات النفير " / ج4 ما
يلي:

"لاحظ
أن المكان الوحيد الذي تستعمل فيه اللفظة "الحوت " هو (متى 12: 40) حيث
الكلمة اليونانية المترجمة حوتا تعني "سمكة ضخمة"

و
يشير ج.ك ألدرز (مشكلة سفر يونان) إلى وجود عدد من المخلوقات البحرية الضخمة
القادرة على ابتلاع رجل مكتمل الطول بكل يسر

و
يشير إلى حادثة واقعية مذكورة في "مجلة برنستون اللاهوتية" (1927)

 وربما
كان الحوت الذي ابتلع يونان من نوع "العنبر" الموجود فعلا في البحر
الأبيض المتوسط إذ ليس لهذا النوع ضيق حلقوم الحوت الحقيقي الذي لا يوجد في مياه المتوسط.

. فَكَانَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ
ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال
ٍ.

ابتلع
الحوت يونان وحافظ الرب على حياته في جوف الحوت بطريقة معجزيه ولم يمت يونان ثم
أقامه الرب كما يقول صاحب كتاب "
Jonah،fact or
fiction
"
لكنه حسب في عداد الأموات كما حسب أسحق كذلك دون أن يتم ذبحه.


لقد ظن الركاب أن يونان قد مات غرقا ولم يعلموا أنه ظل حيا وهكذا ظن صالبوا المسيح
أنه قد مات وتم لهم التخلص منه ولم
يعلموا أنه كان في
القبر " الحي بين الأموات"


وكما صار جوف الحوت قبرا ليونان لم يسبق لإنسان دخوله هكذا وُضع جسد يسوع في قبر
جديد لم يسبق أن دفن فيه إنسان (لو 23: 53)

مدة الثلاث أيام والثلاث ليال:

يواجهنا سؤال بخصوص هذه المدة وهو " كيف كانت المعرفة بها
"

و
لاشك أن يونان في جوف الحوت لم يكن في استطاعة تحديد الوقت ولعله بالهام إلهي عرف
ذلك ويرى البعض أن هذه المدة تقريبية.

و
الذي يهمنا هو ارتباط هذه المدة رمزيا بالمدة التي قضاها الرب في القبر وقد قال
يسوع:

" لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا
يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال " (مت 12: 40)
.

و
لا شك أن السيد المسيح كان قاصد وجه المشابهة بين يونان وبينه من جهة الدفن
والقيامة أما عن المدة ذاتها فلم يقصد حرفيتها أي 72 ساعة كاملة بل بحسب ما كان
متبعا في حساب الجزء من اليوم يوما ويؤكد ذلك في المناسبات الأخرى على لسانه له
المجد وعلى ألسنة غيرة كان التعبير أنه يقوم- أو قام في اليوم الثالث

 (مت
16: 21، 17: 23، 20: 19، مر 9: 21، 10: 34، لو 9: 22، 18: 32،24: 7، يو 2: 19-21،1ع
10: 40، 1كو 15: 4)

و بمشيئة الله سنناقش بالتفصيل بدعة صلب المسيح يوم الأربعاء التي
ظهرت أخيرا في بعض المطبوعات وذلك في ملحق خاص.

 

 3- صلاة يونان فى جوف الحوت (ص 2: 1- 10)

1فَصَلَّى يُونَانُ إِلَى الرَّبِّ
إِلَهِهِ مِنْ جَوْفِ
الْحُوتِ 2وَقَالَ:
«دَعَوْتُ مِنْ ضِيقِي
الرَّبَّ
فَاسْتَجَابَنِي. صَرَخْتُ مِنْ جَوْفِ
الْهَاوِيَةِ
فَسَمِعْتَ صَوْتِي. 3لأَنَّكَ طَرَحْتَنِي فِي
الْعُمْقِ
فِي قَلْبِ
الْبِحَارِ. فَأَحَاطَ بِي نَهْرٌ. جَازَتْ فَوْقِي جَمِيعُ
تَيَّارَاتِكَ وَلُجَجِكَ. 4فَقُلْتُ: قَدْ طُرِدْتُ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيْكَ.
وَلَكِنَّنِي أَعُودُ أَنْظُرُ إِلَى هَيْكَلِ قُدْسِكَ. 5قَدِ
اكْتَنَفَتْنِي
مِيَاهٌ إِلَى
النَّفْسِ. أَحَاطَ بِي غَمْرٌ. الْتَفَّ
عُشْبُ
الْبَحْرِ بِرَأْسِي. 6نَزَلْتُ إِلَى أَسَافِلِ الْجِبَالِ.
مَغَالِيقُ
الأَرْضِ عَلَيَّ إِلَى الأَبَدِ.
ثُمَّ أَصْعَدْتَ مِنَ
الْوَهْدَةِ
حَيَاتِي أَيُّهَا
الرَّبُّ إِلَهِي. 7حِينَ أَعْيَتْ
فِيَّ نَفْسِي ذَكَرْتُ
الرَّبَّ
فَجَاءَتْ إِلَيْكَ صَلاَتِي إِلَى هَيْكَلِ قُدْسِكَ. 8اَلَّذِينَ يُرَاعُونَ
أَبَاطِيلَ كَاذِبَةً يَتْرُكُونَ نِعْمَتَهُمْ. 9أَمَّا أَنَا فَبِصَوْتِ
الْحَمْدِ
أَذْبَحُ لَكَ وَأُوفِي بِمَا نَذَرْتُهُ. لِلرَّبِّ
الْخَلاَصُ».
10وَأَمَرَ الرَّبُّ
الْحُوتَ فَقَذَفَ يُونَانَ إِلَى الْبَرِّ.

يمكننا القول أن ما ورد هنا بلسان يونان لم يكن صلاة تضمنت
ابتهالات وتوسلات لله بل كان مزمور شكر وحمد للرب

و مما ينبغي ملاحظته:

1-
أنه لم يكن شكرا من يونان على نجاته من الموت في جوف الحوت بل على نجاته من الغرق
في البحر.

2-
لعل يونان لم ينطق بكلمات هذا المزمور وهو في جوف الحوت ولكنة أحس
بمشاعر داخلية في
قلبه وعقلة عبرت عنها كلمات هذا النشيد الذي صاغة بهذه العبارات بعد أن قذفه الحوت
على البر.

3-
تتشابه بعض
عبارات
هذا النشيد مع بعض
العبارات
الأخرى في المزامير.. وعلى سبيل المثال
:


قال يونان "دعوت من ضيقي الرب فاستجابني"(عد 2)


وقال المرنم" إلى الرب في ضيقي صرخت فإستجاب لي" (مز 120: 1)


يمكن الرجوع للكتاب المقدس المشوهد لمقارنة العب
ارات التي
جاء بصلاة يونان مع ما جاء مشابها لها في أسفار أخرى ولا سيما في المزامير)

4-
وضعت الكنيسة هذا المزمور ضمن نبوات الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة العظيمة
إشارة إلى غلبة المسيح على الجحيم الذي نزل إليه من قبل الصليب منقذا نفوس الذين
ماتوا على رجاء عملة الفدائي.

هل أضيف هذا المزمور في وقت لاحق لكتابته؟:

يتجه
معظم النقاد العصريين إلى القول بأن هذا المزمور لم يكن أصلا في قصة يونان وأنه
أضيف بواسطة كاتب متأخر وهؤلاء النقاد يأخذون بالرأي القائل بأن قصة يونان رمزية
وليست تاريخية..

وقد
جاء فى كتاب (
Old Test. introduction):

من المناسب أن نتساءل عما إذا كان
المزمور في (ص2: 2- 9) جزءا أصليا من القصة أ
م
لا. فأنه لو حذف لما انقطع تواصل القصة التي تصبح هكذا:

(وأما الرب فأعد حوتا عظيما ليبتلع يونان فكان يونان في جوف الحوت
ثلاثة أيام وثلاث ليال وأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر.) (ص1: 17 – ص 2:
10)

و
علاوة على ذلك فأن هذا المزمور يمكننا دراسته منفصلا عن باقي أجزاء القصة وفي هذه
الحالة يمكننا الظن بأنه كان يستخدم في تقديم الشكر في الهيكل ومناسبته هي الشكر
على النجاة من موت قريب (جوف الهاوية عد 2) أو بصفة خاصة النجاة من الغرق ولكن
الإشارة إلى التيارات واللجج (عد 3) مجازية كما في (مز 42: 7)

و
في هذا المزمور لم ترد إشارة إلى الحوت ومن الممكن أن يكون أحد الكتاب بعد أن كتب
القصة نشرا ولقى بعض المستمعين إليه فكر في إثارة اهتمامهم بإدخال مزمور مألوف
يتمشى مع مشاعر الاتضاع والحاجة إلى معونة إلهية).

كما
جاء في (
The Interpreters’
Bible
):

 "و يبدوا أن
الأدلة تشير إلى
أن المزمور لم يكن أصلا قد
وضع للتعبير عن الضائقة التي تعرض لها يونان عندما استلقى في بطن الحوت

و يبقى السؤال عما إذا كان قد وضع الكاتب هذا المزمور في مكانه
الحالي أم أن يدا متأخرة وضعته..

و
حقيقة الأمر أن هذا المزمور يفصل بين سياق المثل دون أن يترك فجوة أو فراغا في
حالة استبعاده وهذه الحقيقة تبين أنه لم يكن جزءا من النص الأصلي

 

و لا شك أن هذه الآراء ينقصها الدليل المقنع بأن صلاة يونان لم تكن
جزءا أصليا من قصة دعوته وهروبه وكرازته بل أنه من الصعب أن نتصور يونان في تلك
الظروف التي تعرض لها لا تتحرك مشاعره وانفعالاته بعد أن لمس عناية الرب به وإرسال
الحوت لنجاته دون أذيته.. فكان لابد أن يشكر تلك العناية الإلهية التي قابلت
عصيانه بالعناية والاهتمام.

 

 أولا:
(عد 1- 4)

1فَصَلَّى يُونَانُ إِلَى الرَّبِّ
إِلَهِهِ مِنْ جَوْفِ
الْحُوتِ

عندما
تعرض يونان لهذا الاختبار القاسي تحول من معاند ورافض أمر
الرب له وهارب
من وجهه إلى شخص يسبح الرب ويصلي إليه بأعمق ما في داخلة من مشاعر، كان قلبه سابقا
جامدا مغلقا فصار الآن منفتحا إلى فوق وهكذا يسمح لنا الرب أحيانا باختبارات
تأديبية لكي ترتفع قلوبنا إليه..

و
قد صلى يونان من جوف الحوت الذي لم يكن معبدا ولا مكانا مخصصا للصلاة فالصلاة يمكن
أن نقدمها ونرفعها لله في أي مكان..

– لقد صلى الرب يسوع في بستان..

– وصلى بولس وسيلا في أعماق السجن..

– وصلى بطرس على سطح بيت سمعان الدباغ في يافا..

 

2وَقَالَ: «دَعَوْتُ مِنْ ضِيقِي الرَّبَّ فَاسْتَجَابَنِي

 صَرَخْتُ مِنْ جَوْفِ الْهَاوِيَةِ فَسَمِعْتَ صَوْتِي.

في
الفقرة الأولى يتكلم يونان بصيغة الغائب وفي الفقرة الثانية يوجه كلامه إلى الرب
مخاطبا إياه.

تتشابه الكلمات هنا مع:


في ضيقي دعوت الرب وإلى الرب إلهي صرخت فسمع من هيكله صوتي (مز 6: 18)


من الأعماق صرخت إليك يا رب يا رب اسمع صوتي.. (مز 120: 1, 2)

كان يونان واثقا أن الرب سينجيه من الهلاك فدعاة في محنته وتأكد من
استجابة الرب لصلاته..

أما
عن قوله " صرخت من جوف الهاوية " فهو
بذلك أعتبر نفسه في عداد الأموات الذين في الهاوية..

و كانت الهاوية "شيئول" هي المكان الذي تمضي إلية نفوس
جميع الأموات..

– فقال يعقوب " إني أنزل إلى ابني نائحا إلى الهاوية" (تك
37: 35)

 وقال أيضا " تنزلون شيبتي بحزن إلى الهاوية "(تك 42: 38)

 (أنظر تك 44: 29، 31)

– وقال أيوب " ليتك تواريني في الهاوية وتخيفني" (أى 14: 13)

– وقال داود " لأنك لن تترك نفسي في الهاوية " (مز 16: 10)
(أنظر مز 30: 3، 86: 13)

3 لأَنَّكَ طَرَحْتَنِي فِي الْعُمْقِ
فِي قَلْبِ
الْبِحَارِ
فَأَحَاطَ بِي نَهْرٌ. جَازَتْ فَوْقِي جَمِيعُ تَيَّارَاتِكَ وَلُجَجِك
َ.

لقد
أدرك يونان أن الذي طرحة في العمق لم يكن بحارة السفينة ولكن الله هو الذي
دبر ذلك ولم
يعمل البحارة إلى تنفيذ مشيئة وتدبير ومقاصد الله. إن الله يستخدم البشر لإتمام
مقاصده نحونا وهم ليسوا أكثر من وسائط منظور
ة تعمل يد
الله وراءها.

فلم يعتبر بولس
الرسول أسير نيرون أو روما بل أسير المسيح (أف 3: 1) أو أسير في الرب (أف 4: 1) (أنظر
2تي 1: 8، فل 1: 9)

و
في قول يونان " أحاط بني نهر" يقصد
المياه الكثيرة كمياه نهر الفرات (أنظر مز 24: 2)

 

نلاحظ
هنا يونان وهو في أشد حالات الضيق والمعاناة النفسية وقد أجتازها رمزا للمسيح الذي
اجتاز أقسى حالات الآلام النفسية مع الفارق بينهما، في أن يونان قاسى ذلك نتيجة
خطأ أرتكبه هو أما المسيح فقد حمل أحزان البشرية دون أن يفعل رديا فقد تم فيه قول
اشعياء " لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها
" (53: 4)

4فَقُلْتُ: قَدْ طُرِدْتُ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيْكَ. وَلَكِنَّنِي
أَعُودُ أَنْظُرُ إِلَى هَيْكَلِ قُدْسِكَ
.

أعترف
يونان بأنه أولا توقع الموت ولكن الرجاء والأمل أنتصر حالا على اليأس.. وفي مز (31:
22) نلتقي بكلمات مشابهة " وأنا قلت في حيرتي
أني قد انقطعت من قدام عينيك ولكنك سمعت صوت تضرعي إذ صرخت إليك"

" من أمام عينيك " أي من رعايتك
وحمايتك وإنقاذك لي

 كما
قال داود
:

" لتعظم نفسي في عيني الرب فينقذني من كل
ضيق "(1 صم 26: 24)

و
كما طلب سليمان في صلاته:

 " لتكون عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلا ونهارا
" (1 مل 8: 29)

 " ولكني أعود أنظر إلى هيكل قدسك "

ربما
كانت هذه أمنية يونان أن يعود إلى عبادة الرب في بيته المقدس.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ج جسامة ة

و
ربما كما يرى البعض أنه قصد الهيكل السمائي كما أشار إلي ذلك في (عد 7)

و
الأرجح أنه توقع أنه سيعود إلى توجيه نظره في اتجاه بيت الرب كما كانت عادة اليهود
(14مل 8: 33، دا 6: 10)

 

 ثانيا: (عد 5-
10
)

5قَدِ اكْتَنَفَتْنِي مِيَاهٌ إِلَى النَّفْسِ. أَحَاطَ بِي غَمْرٌ.
الْتَفَّ عُشْبُ الْبَحْرِ بِرَأْسِي
.

اكتنفته
المياه " أي أحاطت به بشدة كطوق أو حزام "
إلى النفس أي إلى فقدان الحياة، على غرار قول المرنم" خلصني يا إلهي لان
المياه دخلت إلى نفسي "(مز69: 1)

و
أحاط به غمر (مياه كثيرة) والتف عشب البحر
برأسه تعبيرا هبوطه إلى أعماق البحر.

6نَزَلْتُ إِلَى أَسَافِلِ الْجِبَالِ مَغَالِيقُ الأَرْضِ
عَلَيَّ إِلَى الأَبَدِ ثُمَّ أَصْعَدْتَ مِنَ الْوَهْدَةِ حَيَاتِي أَيُّهَا
الرَّبُّ إِلَهِي

نزل
إلى نهاية أساسات الجبال التي تقع في أعماق الأرض حتى إلى أساس البحر وكان القدماء
يعتقدون أن الأرض قائمة على عمق عظيم " لأنه على
البحار أساسها وعلى الأنهار ثبتها " (مز 24: 2)

 مَغَالِيقُ الأَرْضِ عَلَيَّ إِلَى الأَبَدِ

و
في الأمل صارت حواجز الأرض حولي وفي الترجمة الكاثوليكية "
أغلقت على مزاليج الأرض إلى الأبد" و
المعنى هو أن الأرض كما لو أن
منافذها قد أغلقت حتى أن يونان لم تعد أمامه فرصة للرجوع إليها.

ثُمَّ أَصْعَدْتَ مِنَ الْوَهْدَةِ حَيَاتِي أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهِي

" الوهدة تعني لغويا الأرض المنخفضة أو الهوة في الأرض وهي
هنا يراد بها "الفساد" 

 وهكذا نرى يونان يسترد رجاءه بعد أن عبَّر عن
تعرضه للهلاك إلى الأبد

لعلنا
نرى هنا صورة رمزية للذي نزل إلى الهاوية منتصرا على الموت محررا أسرى الرجاء
والذي
قال عنة الرسول
بولس:

" وأما أنه صعد إلا أنه نزل أيضا أولا إلى أقاسم الأرض السفلى
" (أف 4: 9)

7حِينَ أَعْيَتْ فِيَّ نَفْسِي ذَكَرْتُ الرَّبَّ فَجَاءَتْ
إِلَيْكَ صَلاَتِي إِلَى هَيْكَلِ قُدْسِكَ
.

"حين أعيت في نفسي
"

تتشابه
هذه الفقرة ما جاء في (مز 142: 3) " عندما أعيت
روحي في
"و في (مز 143: 4) " أعيت في
روحي"
) عاد يونان إلى صوابه عندما تحطمت نفسه فذكر الرب الذي بأمره
كانت العاصفة ونتيجة القرعة التي ألقاها الملاحون ونجاته من الغرق بواسطة الحوت
الذي أنقذه بمعجزة،فتعرف على معاملات الرب بما لم يتعرف عليه من قبل عرف استجابة
الرب للنفس المنسحقه المتضايقة:

" في ضيقي دعوت الرب وإلى الهي صرخت فسمع من هيكله صوتي
وصراخي قدامه داخل أذنيه " (مز 18: 6)

" يا ألهي نفسي منحنية في. لذلك أذكرك.. " (مز 42: 6)

عندما أعيت روحي في وأنت عرفت مسلكي " (مز 142: 3)

أما
عن الفقرة " إلى هيكل قدسك " فقد سبق التعليق عليها في (عد4)

َلَّذِينَ يُرَاعُونَ أَبَاطِيلَ كَاذِبَةً يَتْرُكُونَ
نِعْمَتَهُمْ
.

يقصد
بصفة مباشرة بالأباطيل الكاذبة " الوثنية وعباداتها الباطلة- وقد قال الرب عن
سقوط شعبة في عبادة الإلهية الوثنية " هم أعاروني بما ليس إلها. أغا
ظوني
بأباطيلهم " (تث 32: 21) وقال المرنم "
أبغضت الذين يراعون أباطيل كاذبة " (مز 31: 6)

و
تعتبر في حكم الأباطيل الكاذبة كل ما يضع الإنسان فيه ثقته بدون الاعتماد على الرب..
كالقوة المادية والثروة المالية والذكاء العقلي والعلم الكاذب الاسم والمراكز
والقوى العالمية.. فهي كلها خادعة، يراعيها أبناء هذا الدهر متجاهلين عمل وتدخل
الله..

إن الذين يراعون هذه الأباطيل الكاذبة- كما تيقن يونان- يتركون
نعمتهم وفي الترجمة الكاثوليكية " يهملون رحمتهم "

ويرى (Delitzsch) أن المقصود هو الرب مصدر نعمتهم.

 أَمَّا أَنَا فَبِصَوْتِ الْحَمْدِ أَذْبَحُ لَكَ وَأُوفِي
بِمَا نَذَرْتُهُ. لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ
».

* أَمَّا أَنَا

يتكلم
يونان عن نفسه مقارنا نفسه بالوثنيين الذين يختلف هو عنهم..

* فَبِصَوْتِ الْحَمْدِ أَذْبَحُ لَكَ

أي
يقدم ذبيحة سلامة وشكر (لا 7: 12)

* وَأُوفِي بِمَا نَذَرْتُهُ

كان
عليه أن يفي بهذا النذر للرب وقيل في (مز 50: 14): "أذبح لله حمدا وأوف العلى
نذورك "

* لِلرَّبِّ الْخَلاَصُ

أي
أن الخلاص هو من الرب وبفعل قوته.

* وَأَمَرَ الرَّبُّ الْحُوتَ فَقَذَفَ يُونَانَ إِلَى الْبَرّ

بعد
أن تلقى يونان عقوبة هروبه واستخلص منها درسا روحيا واختبار عميقا قذف الحوت يونان
إلى البر وغالبا من حيث كان مكان هروبه وكان ذلك بأمر الرب للحوت بتأثير سرى لا
ندركه.

 

5– الدعوة الثانية ليونان

 1ثُمَّ صَارَ
قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى يُونَانَ ثَانِيَةً قائلا: 2«قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى
الْمَدِينَةِ

الْعَظِيمَةِ وَنَادِ لَهَا الْمُنَادَاةَ الَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ
بِهَا
».

(عد 1):

أعاد
الرب دعوته ليونان بعد
نجاته ولا نعلم أين كانت هذه
الدعوة الثانية فقد ظن البعض أن يونان بعد أن قذفه الحوت بتوجه إلى أورشليم للوفاء
بنذورة، وربما كان في بلدة " جت حافر " حيث صارت له فترة إقامة قصيرة،
وهذا يمكننا استنتاجه مما جاء في العدد التالي " قم اذهب"

و
هنا نلاحظ:

1-
أن الرب لم يكلم يونان موبخا إياه على هروبه السابق

2-
أن الرب أعطى يونان فرصة ثانية ليقوم بخدمته وهكذا يتعامل الله مع خدامه الذين
تصدر منهم أخطاء يمكن معها رفضهم ولكن الله بمراحمه ومحبته يهيئ لهم أكثر كما فعل
مع بطرس بعد إنكاره

(عد 2):

2«قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِالْعَظِيمَةِ

و
صفت نينوى بأنها المدينة العظيمة أربع مرات "(1: 2، 3: 2 و3، 4: 11) وهذا
يتفق مع ضخامة المدينة ذاتها بالإضافة إلى ما كان يجاورها وسيأتي الكلام عنها
بمشيئة الله في التعليق على خاتمه السفر.

وَنَادِ لَهَا

 تختلف
صيغة وأسلوب الكلام هنا عما جاء سابقا في (ص 1: 2) وهو قول الرب " ناد عليها
" (
Cry against it) أما هنا فالعبارة هى "
ناد لها " (
Preach
unto it
) ففى العبارة الأولى كان
يونان في مركز يؤهله أن يصرخ بإحساس الدينونة أما بعد أن أختبر مراحم الله فقد
أصبح لائقا به أن يتعامل بالتلميح عن الرحمة

الْمُنَادَاةَ الَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا

كان
على يونان أن يكون مبلغا ومنذرا بما يتكلم به الله وما يختاره من عبارات وألفاظ
ولم يخول الله ليونان حق التكلم بما يتكلم به من نفسه وقد قال يوحنا المعمدان: لأن
الذي أرسله الله يتكلم بكلام الله " (يو3: 34)

 وقال
القديس بطرس الرسول: " أن كان يتكلم أحد فكأقوال
الله "(1بط 4: 11)

 وقد
تعلم بطرس ذلك
من سيده الذي قد
قال لهم: "لان الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة
ما يجب أن تقولوه "(لو 12: 11)

6- كرازة يونان (ص 3: 3, 4)

3فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إِلَى نِينَوَى بِحَسَبِ قَوْلِ الرَّبِّ.
أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلَّهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ
أَيَّامٍ. 4فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْم وَاحِدٍ
وَنَادَى: «بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى»

(عد 3):

3فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إِلَى نِينَوَى
بِحَسَبِ كًلاًمَ الرَّبِّ

أطاع
يونان أمر الرب بعد أن أختبر عدم قدرة الإنسان على الهروب من وجهة.

أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلَّهِ

كانت
نينوى مدينة عظيمة لله أي أنها كانت هكذا أمام الله لأنها كانت تضم شعبا كثيرا،
وقد اتخذ النقاد من كلمة " كانت" دليلا
على أن سفر يونان قد كتبه كاتب متأخر استخدم صيغة الماضي عن نينوى قبل خرابها سنة
606 ق.م إلا أن هذا الاعتراض ضعيف لان خبراء اللغة العبرية يؤكدون أن استخدام صيغة
الماضي لا ينفي وجودها وقت كتابة السفر وقد وردت بالكتاب المقدس عبارات استخدمت
فيها كلمة " كانت " دون أن تفيد زوال أو انتهاء ما يتعلق بها

 

و من أمثلة ذلك:


" وكانت
الحية أحيل جميع حيوانات البرية "(تك 3: 1) فهل
كلمة " كانت" هنا تعني تغييرا في صفة الحية؟- كلا طبعا..

– " وكانت بيت عنيا قريبة
من اورشليم نحو خمس عشرة غلوة
(يو 11: 18) – فهل كلمة
"كانت هنا " تفيد زوال بيت عنيا عن وجودها قرب أورشليم عندما كتب يوحنا
أنجيله؟- كلا طبعا..

مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ

و
لعل هذا الوصف أنطبق على نينوى بأحيائها وحقولها المحيطة بها.

4فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ

لعلة
قطع المدينة كلها من الباب الواحد إلى الباب الأخر حتى أن جميع أهلها سمعوا
مناداته.

«وقال بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى».

يعترض
النقاد أيضا مدعين أن يونان لم يكن يعرف لغة أهل نينوى وقد تجاهلوا أن التعاملات
التجارية بين نينوى وبني إسرائيل جعلت لغة كل من الشعبين معروفة للأخر هذا مع
ملاحظة أن كرازة يونان كانت محددة الكلمات.

 

7- توبة أهل نينوى وقبولها

5فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللَّهِ وَنَادُوا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا
مُسُوحاً مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ. 6وَبَلَغَ الأَمْرُ مَلِكَ نِينَوَى
فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ
عَلَى الرَّمَادِ. 7وَنُودِيَ فِي نِينَوَى عَنْ أَمْرِ الْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ
قائلا: «لاَتَذُقِ النَّاسُ وَلاَ الْبَهَائِمُ وَلاَ الْبَقَرُ وَلاَ الْغَنَمُ
شَيْئاً. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً. 8وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ النَّاسُ
وَالْبَهَائِمُ وَيَصْرُخُوا إِلَى اللَّهِ بِشِدَّةٍ وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ
عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ وَعَنِ الظُّلْمِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ 9لَعَلَّ
اللَّهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجِعُ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ».
10فَلَمَّا
رَأَى اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ
نَدِمَ اللَّهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ فَلَمْ
يَصْنَعْهُ.

 

نجحت
كرازة يونان لأهل نينوى نجاحا لا مثيل له بالرغم من أنها كانت مقتضبة جدا وعنيفة.

و
قد ارتأى البعض أن يعزي توبة أهل نينوى إلى ظروف سياسية وهي أن مملكة أشور كانت في
ذلك الوقت قد تعرضت لعوامل الضعف وأصبحت مهددة بكوارث مختلفة.

ولكن
ه
ذا التعليل
لا يتمشى مع حقيقة ما أعلنه رب المجد حينما طلب منه أن يجري أية فكانت إجابته هي
توجيه أنظارهم إلى أية يونان النبي:

"لأنه كما كان يونان أية لأهل نينوى كذلك يكون أبن الإنسان
أيضا لهذا الجيل" (لو 11: 30)

لقد كان يونان في شخصة أية لأهل نينوى وذلك من وجهين:

1– لابد أن رجال نينوى قد سمعوا بمعجزة نجاته من الغرق وخروجه
حيا من بطن الحوت بعد ثلاثة أيام قضاها في جوفه.. وكان أمرا طبيعيا أن يصدق أهل
نينوى قصة يونان لأنهم سابقا قد سمعوا الكثير من المعجزات التي صنعها إله
العبرانيين مع شعبة ولا سيما تلك المعجزات التي أجراها الله في أيام إيليا وإليشع.

2- وكان يونان أيضا آية في قوة تأثير كرازته التي جاءت فورا بأعظم
الثمار وقد أعتبر أحد الكتاب نجاح كرازة يونان معجزة تفوق معجزة نجاته من الغرق
ومن الموت في بطن الحوت..

و
لا يمكننا طبعا أن نتجاهل عاملا هاما وأساسيا في توبة أهل نينوى وهو العامل الإلهي..

و يمكننا بالتأمل في الأعداد الواردة هنا عن توبة أهل نينوى ونلاحظ
سمات معينة تميزت بها هذه التوبة
:

1- كانت توبة إيمانية:

"فَآمَنَ
أَهْلُ نِينَوَى بِاللَّهِ
" تاركين أصنامهم وعبادتهم الوثنية مؤمنين
بالله في قدرته الفائقة أن يصنع المعجزات وفي عقابه على الخطيئة والشر وأيضا في
رحمته واستعداده أن يقبل التوبة ولا شك أن التوبة التي لا تقوم على الأيمان هي
عديمة النفع وباطلة.

2- كانت توبة سريعة وفورية:

لم
تستغرق كرازة يونان وقتا طويلا ولم يقدم إلا كلمات محددة وقليلة ولكن الاستجابة من
أهل نينوى كانت بدون تأجيل أو تباطؤ..

ما
أحوج الناس إلى التوبة حالما يسمعون نداء الرب لهم عالمين أنها الآن ساعة لنستيقظ
"(رو 13: 11) " واليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم " (عب 3: 7)

3- وكانت توبة جماعية:

فقد
شملت الجميع مع الملك وعظمائه فقد أحس الجميع بالمسئولية والخطر القادم نتيجة
الخطية وهكذا شارك الجميع بقلب واحد وفكر واحد وإحساس واحد

4- وقد صحبها التذلل والانسحاق:

نودي
بصوم وارتداء المسوح من كبيرهم إلى صغيرهم وقد خلع الملك ملابسة الملكية وقام عن
كرسيه وتغطى بمسح وجلس على الرماد وحتى البهائم لم تذق شيئا ولم ترع ولم تشرب ماء
وهكذا كان الصوم تذللا وتخليا عن كل الاهتمامات الجسدية وصار صوم أهل نينوى مقياسا
ونموذجا حيا للصوم بمعناه الحقيقي.

5- وكانت توبة أهل نينوى مقبولة:

فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ
طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ

نَدِمَ اللَّهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ
بِهِمْ فَلَمْ يَصْنَعْهُ(ع10)

كانت
تلك التوبة عملية وكان فيها الرجوع عن الطرق الرديئة فقبلها الله برحمته ورفع غضبة
عن أهل نينوى..

ليترك الشرير طريقة ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى
الرب فيرحمه والى إلهنا لأنه يكثر الغفران

 (أش 55: 7)

 

القيامة في سفر يونان

يتميز
سفر يونان بأنه يقدم لنا رجاء القيامة والنجاة من " الموت" بمفاهيمه
المختلفة وذلك بتدخل العناية الإلهية في مراحل أحداث هذا السفر التاريخية.

و
لا يشترط أن يكون الموت بمفهومه الجسدي والفعلي بنهاية الحياة الحالية فقط بل
المقصود بالموت أيضا ما هو في حكمة أي الموت الاعتباري مثل موت الخطية والخطر الذي
يمكن أن يؤدي إلى الموت.. الخ

و
في سفر يونان تلتقي بأكثر من حاله تدخلت فيها عناية الله فأنقذت من مثل هذا الموت
وكأنها كانت حالة قيامة.

1- ماضي يونان:

ورد
بالتقليد اليهودي- كما ذكر القديس ايرونيموس- أن يونان كان ابن أرملة صرفة صيدا
الذي أقامه ايليا من الموت (مل 17: 17- 24)

و جاء في تفسير لسفر يونان:

"
جاء في التقليد اليهودي أن يونان هو ابن الأرملة الذي أقامة إيليا النبي في صرفة
صيدا ويرى البعض أنه تقليد له اعتباره إذ يليق إرسال هذا النبي المحب لإسرائيل إلى
نينوى الأممية يكرز بها بالتوبة بكونه أممي من جهة والدته.

2- ركاب السفينة يواجهون خطر الموت:

تعرض
ركاب السفينة لخط
ر الموت إذ كانت السفينة
تنكسر (1: 4) ولكنهم نجوا بإلقاء يونان في البحر وكأنهم استردوا حياتهم

3- يونان في جوف الحوت:

صار
يونان في بطن الحوت في عداد الأموات وقد عبَّر هو نفسه عن ذلك في صلاته التي قال
فيها: " صرختُ من جوف الهاوية فسمعتَ صوتي" (2: 2) ولكن الله أبقاه
حيا وأنقذه من
الحوت الذي صار يونان في جوفه في قبضة الموت.

4- قيامة التوبة لأهل نينوى:

قدم
أهل نينوى توبة عامه مصحوبة بالصوم والتذلل والرجوع عن طرقهم الرديئة فكانت هذه
قيامة روحية من موت الخطية وقد وُصِف الابن الضال في عودته لأبيه بأنه كان ميتا
فعاش (لو 15: 32) ونادى الرسول بولس الإنسان الخاطى للرجوع إلى الله قائلا:

" استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح " (اف
5: 14)

5- يونان يقوم من موت اليأس:

تعرض
يونان لموت اليأس حينما ذبلت اليقطينة.. وقد سأله
الرب:

– " هل اغتظت بالصواب من أجل اليقطينة؟"

فأجاب يونان:

" اغتظت بالصواب حتى الموت "

ولكن
الرب أوضح ليونان رحمته العظيمة لنينوى ذات مئات الألوف من السكان الضالين وذلك
بالمقابلة الغير
متكافئة بينهم وبين أهل نينوى

و
هكذا لمس الرب مشاعر يونان اليائسة ليحل الرجاء مكانهم.

8- موقف يونان

1فَغَمَّ ذَلِكَ يُونَانَ غَمّاً شَدِيداً فَاغْتَاظَ 2وَصَلَّى إِلَى
الرَّبِّ: «آهِ يَا رَبُّ أَلَيْسَ هَذَا كَلاَمِي إِذْ كُنْتُ بَعْدُ فِي
أَرْضِي؟ لِذَلِكَ بَادَرْتُ إِلَى الْهَرَبِ إِلَى تَرْشِيشَ لأَنِّي عَلِمْتُ
أَنَّكَ إِلَهٌ رَؤُوفٌ وَرَحِيمٌ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ
وَنَادِمٌ عَلَى الشَّرِّ. 3فَالآنَ يَا رَبُّ خُذْ نَفْسِي مِنِّي لأَنَّ مَوْتِي
خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي». 4فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلِ اغْتَظْتَ بِالصَّوَابِ؟».

(عد 1):

1فَغَمَّ ذَلِكَ يُونَانَ غَمّاً شَدِيداً
فَاغْتَاظَ

قبل
الرب توبة أهل نينوى ولم يقلب المدينة فأغتم يونان جدا واغتاظ وهذه العبارة في
أصلها تعني حرفيا أن هذا الأمر كان ليونان كارثة (
Evil) مهولة جدا أثارت غيظه وغضبة

و كانت هناك وراء موقف يونان هذه الدوافع:

أولها: غيرته الجامحة والخاطئة من نحو بني أمته الذين
رأى في بقاء نينوى خطرا على كيانهم إذ كانت نينوى في نظر بني إسرائيل تمثل تهديدا
لهم.

و ثانيها: لابد أن يونان كانت له نظرة شخصية وهي أنه كنبي
لم تصدق نبوته عن خراب نينوى بعد أربعين يوما.

و ثالثها: لعلة أيضا ظن أن عدم خراب نينوى أساء إلى كرامة
إلهه بين الوثنيين إذ لم يتم كلامه على لسان خادمة المرسل منه إليهم.

و رابعها: ربما رأى يونان في توبة أهل نينوى الوثنيين
وقبول الله لها دينونه لشعبة الذين لم يتوبوا عن شرورهم بالرغم من إنذارات
الأنبياء المتكررة لهم.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد قديم سفر المزامير 58

(عد 2):

2وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ: «آهِ يَا رَبُّ أَلَيْسَ هذا كَلاَمِي إِذْ
كُنْتُ بَعْدُ فِي أَرْضِي؟

كانت
صلاته تعبيرا عن شكواه وعدم ارتياحه للصفح عن أهل نينوى وكأنه يعاتب الرب على
رحمته نحو أعداء بني أمته وهنا أفصح يونان عما قالة في نفسه حينما دعاه الرب
للذهاب إلى نينوى إذ كان بعد في بلده.

لِذَلِكَ بَادَرْتُ إِلَى الْهَرَبِ إِلَى تَرْشِيشَ لأَنِّي عَلِمْتُ
أَنَّكَ إِلَهٌ رَؤوفٌ

وَرَحِيمٌ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَنَادِمٌ عَلَى
الشَّرِّ.

أسرع
يونان بالهرب لأنه كان على علم بمراحم الله الذي "لا يشاء أن يهلك أناس بل أن
يقبل الجميع إلى التوبة "(2 بط 3: 9)

أن أسفار العهد القديم تعلن عن مراحم الرب وطول أناته وندمه على
الشر
:


فبعد سقوط بني إسرائيل في عبادة العجل الذهبي حمى غضب الرب عليهم وكاد أن يفنيهم
ولكن موسى تشفع من أجلهم " فندم الرب على الشر
الذي قال أنه سيفعله بشعبة "(خر 32: 14)


وأعلن الرب عن نفسه أنه "إله رحيم ورؤوف بطئ
الغضب وكثير الإحسان والوفاء غافر الإثم والمعصية والخطية "(خر 34: 6،7)


وجاء في (نح 9: 17) وأنت إله غفور وحنان ورحيم وطويل
الروح وكثير الرحمة "


وفي (يوئيل 2: 13).. ارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف
رحيم بطئ الغضب وكثير الرحمة ويندم على الشر ".

(عد 3):

فَالآنَ يَا رَبُّ خُذْ نَفْسِي مِنِّي لأَنَّ مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ
حَيَاتِي

سبق
يونان في طلب الموت لنفسه كل من موسى وإيليا مع اختلاف المواقف والمشاعر والدوافع:

– فموسى في شفاعته من أجل الشعب الذي تعرض لإهلاك الرب لهم
قال:

"
والآن أن غفرت خطيتهم وإلا فامحني من كتابك الذي كتبت " (خر 32: 32)

– وايليا حينما طلبت ايزابل قتله مضى إلى بئر سبع ومنها سار
مسيرة يوم في البرية حتى أتى وجلس تحت رتمه وطلب الموت لنفسه وقال قد كفى الآن يا
رب خذ نفسي لأني لست خيرا من أبائي "(1مل 19: 1- 4)

فبينما
كان وراء قول موسى غيرته على شعبة، ووراء قول ايليا إحساس بالضيق لان عبادة
الأوثان قد انتشرت، كان وراء قول يونان شعور بالمرارة لعدم هلاك أهل نينوى..

ملحوظة:

ليتنا
لا نشارك يونان نفس هذه المشاعر، حينما نرى، خصوما لنا في نجاح طرقهم ويسر أحوالهم.

(عد 4):

 " فقال الرب هل اغتظت بالصواب؟ "

بهذا
السؤال الذي وجهة الرب ليونان قصد أن يحاسب يونان نفسه ويراجع موقفه ويحكم على
مشاعره- هل هو على الصواب في ذلك؟

9- يونان واليقظة

5وَخَرَجَ يُونَانُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَجَلَسَ شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ
وَصَنَعَ لِنَفْسِهِ هُنَاكَ مَظَلَّةً وَجَلَسَ تَحْتَهَا فِي الظِّلِّ حَتَّى
يَرَى مَاذَا يَحْدُثُ فِي الْمَدِينَةِ. 6فَأَعَدَّ الرَّبُّ الإِلَهُ
يَقْطِينَةً فَارْتَفَعَتْ فَوْقَ يُونَانَ لِتَكُونَ ظِلاًّ عَلَى رَأْسِهِ لكى
ِيُخَلِّصَهُ مِنْ غَمِّهِ. فَفَرِحَ يُونَانُ مِنْ أَجْلِ الْيَقْطِينَةِ فَرَحاً
عَظِيماً. 7ثُمَّ أَعَدَّ اللَّهُ دُودَةً عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ في الْغَدِ
فَضَرَبَتِ الْيَقْطِينَةَ فَيَبِسَتْ. 8وَحَدَثَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّ
اللَّهَ أَعَدَّ رِيحاً شَرْقِيَّةً حَارَّةً فَضَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِ
يُونَانَ فَذَبُلَ فَطَلَبَ لِنَفْسِهِ الْمَوْتَ وَقَالَ: «مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ
حَيَاتِي».

(عد 5):

لم
يعد يونان إلى بلدته بعد أن نجحت كرازته بل أراد أن يراقب ويتابع الأحداث لعل الرب
يوقع بنينوى أية كارثة..

وَجَلَسَ شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ:

لعله
أختار أحد التلال المتاخمة للمدينة من جانبها الشرقي لكي يتسنى له أن يرى المدينة
مكشوفة أمامه، كان أهل نينوى سعداء بتوبتهم بينما كان يونان خارج المدينة مغموما
كئيبا ولم يشارك أهل نينوى فرحهم، وهذا يذكرنا بموقف الأخ الأكبر للابن الضال
حينما عاد هذا إلى أبية ووقف ذلك خارجا ولم يشأ أن يدخل ويشارك فرح عودة أخيه الذي
كان ميتا فعاش وضالا فوجد.

وَصَنَعَ لِنَفْسِهِ هُنَاكَ مَظَلَّةً وَجَلَسَ تَحْتَهَا فِي الظِّلِّ
حَتَّى يَرَى مَاذَا يَحْدُثُ فِي الْمَدِينَةِ
:

صنع
يونان لنفسه مظله من أغصان الأشجار تشبه تلك المظلات التي كان اليهود يصنعونها في
عيد المظال وجلس تحت ظلها وهو يتطلع إلى رؤية أية دلائل أو مؤشرات غضب الله على
المدينة وخرابها وكانت الأربعين يوما قد أوشكت على نهايتها.

ما أبعد الفارق بين يونان وبين رب يونان:

 فالأول: نظر المدينة حزينا لتوبة أهلها ورجوعهم عن
شرورهم.

والثانى: نظر إلى أورشليم وبكى
عليها لأنها لم تعرف ما هو لسلامها (لو 19: 41- 44)

(عد 6):

6فَأَعَدَّ الرَّبُّ الإِلَهُ يَقْطِينَةً فَارْتَفَعَتْ فَوْقَ
يُونَانَ لِتَكُونَ ظِلاًّ عَلَى رَأْسِهِ لكى ِيُخَلِّصَهُ مِنْ غَمِّهِ

أظهر
الرب
عنايتة واهتمامه
بيونان ولم يكن ذلك تعبيرا عن رضاة عن مشاعر الأنانية التي ملأت قلبه فقد أعد الرب
اليقطينه لكي تظلل رأس يونان إذ لم تكن المظلة التي صنعها ذلك النبي كافية لتوفير
الظل المطلوب له وأراد الرب أيضا بذلك أن يخلصه من غمة "
ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب " (مز 34: 8)

أما عن اليقطينة فقد جاء عنها:

"نوع من القرعيات ينموا كثيرا في بلاد فلسطين ومن صفاته أنه
ينمو بسرعة ويجف بسرعة.

و يقول البعض أنه نوع من الخروع وهو نبات قصير العمر وأوراقة كبيرة
الحجم تكفي لظل إنسان.

و يظن البعض أنه نبات الكشرنجيج أو اللبلاب (Dolichos lablab) ويمتاز بأوراقه التي طولها حوالي 8-
12 سم طولا وحوالي 5- 8 سم عرضا ويمكن أن يظلل اللبلاب الإنسان ويحميه من لفح
الشمس

و يظن البعض أن نبات اليقطين هو نبات يدعى الجلنط الكبير
(Curcurbita
Peopa
) أو
نبات اليقطين الليفي أي شجر اللوف
(Lubba Cylindrica) لكن
الأرجح
أنه نوع من القرعيات أو يمكن أن يكون
من الخروع لكنه فارغ من الداخل وينمو بسرعة.."

و
لا شك أن نمو اليقطينة التي ظللت يونان كان نموا معجزياً.

فَفَرِحَ يُونَانُ مِنْ أَجْلِ الْيَقْطِينَةِ فَرَحاً عَظِيماً

ربما
فرح يونان من أجل اليقطينة لأنه ظن أنها كانت علامة رضا الرب عنة ودليل حظوته لدية
وهنا نلاحظ أن يونان فرح فرحا عظيما من أجل اليقطينة البسيطة دون أي اهتمام أو
اكتراث بنفوس عشرات الألوف من سكان نينوى وهكذا يهتم الكثيرون منا بالأمور التافهة
غير مكترثين بنفوس الكثيرين ممن يحتاجون إلى اهتمامنا.

(عد 7):

7ثُمَّ
أَعَدَّ اللَّهُ دُودَةً عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ في الْغَدِ

"
ومن المشاهد أنه في الأيام الدافئة عن سقوط مطر خفيف تتجمع ديدان سوداء بكثرة
هائلة على شجر الخروع بحيث تقرض أوراقها في ليلة ولا يبقى فيها سوى أغصانها
العارية فنرى من ذلك أيضا تدخل الله المعجزى في مجرى الأعمال الطبيعية لأنه قيل
"
7ثُمَّ أَعَدَّ اللَّهُ دُودَةً عِنْدَ
طُلُوعِ الْفَجْرِ في الْغَدِ
"

" فَضَرَبَتِ الْيَقْطِينَةَ فَيَبِسَتْ "

قرضت
الدودة اليقطينة فسقطت ويبست في ليله واحدة وكما سقطت اليقطينة ويبست في وقت قصير
جدا، هكذا تزول أركان العالم في أقصر وقت.

(عد 8):

8وَحَدَثَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّ اللَّهَ أَعَدَّ رِيحاً
شَرْقِيَّةً حَارَّةً فَضَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِ يُونَانَ فَذَبُلَ
فَطَلَبَ لِنَفْسِهِ الْمَوْتَ
وَقَالَ: «مَوْتِي
خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي».

تشير
الريح الشرقية الحارة إلى عواصف العالم المعادية لعمل الله فتقاوم كنيسته وتعاليمه..

10- الرب يلقن يونان درسا

(ص 4: 9- 11)

9فَقَالَ اللَّهُ لِيُونَانَ: «هَلِ اغْتَظْتَ بِالصَّوَابِ مِنْ أَجْلِ
الْيَقْطِينَةِ؟» فَقَالَ: «اغْتَظْتُ بِالصَّوَابِ حَتَّى الْمَوْتِ». 10فَقَالَ
الرَّبُّ: «أَنْتَ شَفِقْتَ عَلَى الْيَقْطِينَةِ الَّتِي لَمْ تَتْعَبْ فِيهَا
وَلاَ رَبَّيْتَهَا الَّتِي بِنْتَ لَيْلَةٍ كَانَتْ وَبِنْتَ لَيْلَةٍ هَلَكَتْ.
11أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي
يُوجَدُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رَبْوَةً مِنَ النَّاسِ
الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ وَبَهَائِمُ كَثِيرَةٌ!».

1-
بعد أن أغتاظ يونان بسبب ذبول اليقطينة وسقوطها حتى أنه طلب لنفسه الموت تحاجج
الرب معه موجها إليه هذا السؤال:

هل اغتظت بالصواب من أجل اليقطينة؟

-أي هل أنت على حق أن تغتاظ بهذه الصورة المميتة من أجل اليقطينة
التي ذبلت؟

– إن الرب الذي قال" هلم نتحاجج " (1ش 1: 18) لم يتردد
في أن يدخل مع يونان في نقاش..

2-
استخدم الله اليقطينة وسيله لإعطاء يونان الدرس
اللازم في المحبة وذلك بالمقابلة بينها وبين أهل نينوى:

– فاليقطينة كانت نبتة واحدة بينما كان أهل نينوى يبلغ عددهم نحو
600.000 نسمة (و ذلك باعتبار عدد أطفالها 12 ربوة ويمثلون خمس مجموع سكانها)

– واليقطينة كان عمرها قصيرا جدا (بنت يوم كانت وبنت يوم هلكت)
وليس لها صفة البقاء، أما أهل نينوى فكانوا بشرا لهم صفة البقاء والخلود.

– ولم يتعب يونان في غرس اليقطينة ولا في سقيها ولا في تقليمها أما
شعب نينوى فكانوا موضوع اهتمام الله الذي يرعى جميع ويوفر الاحتياجات لكل
المخلوقات

3-
وهكذا نرى الله يلقن يونان الإنسان دروس محبته ومعاملاته بالوسائل العملية
والاختبارية لإيقاظ وتنبيه مشاعره وأحاسيسه لكي يدرك مدى عنايته الإلهية به.


فكم من الأعمال التى صنعها الله مع شعبة في العهد القديم لكي يختبروا عمليا عنايته
بهم فشق لهم البحر الأحمر وأعطاهم المن 40 سنه ولم ينقطع عنهم وأخرج لهم الماء من
الصخرة مرتين في البرية وهزم أمامهم عماليق.. الخ


وبنفس الخطة والأسلوب يتعامل الله معنا معلنا لنا محبته ورعايته واهتمامه بنا
ومراحمه الواسعة وطول أناته واحتماله لضعفاتنا المتكررة..

4-
ذكر الله اعتباره لوجود " اثنتى عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم
من شمالهم " والأرجح أنه قصد بهم الأطفال الصغار حتى سن الرابعة أو أكثر
قليلا، الذين لم يميزوا بين الخير والشر (تث1: 39) فهؤلاء وإن كانوا قد ولدوا
بخطية الإنسان الأول لكنهم لم يرتكبوا ذنوبا تحسب عليهم.. وكان الله مستعدا أن
يعفوا عن مدينه سدوم لو وجد فيها عشرة أبرار (تك 18: 32) فكم تكن نظرته لهذا العدد
من الأبرياء وهو الذي لا يهلك البار مع الأثيم؟

5-
لم ينس الله أن يشير إلى عنايته حتى بالبهائم فقد ذكر أن نينوى كان فيها "
بهائم كثيرة " فالله يعتني بكل خليقته وقد قال المرنم: " الناس والبهائم
تخلص يا رب " (مز 36: 6)- وقال أيضا: " الرب صالح للكل ومراحمه على كل
أعماله (مز 145: 9)

 

ملحق

يونان والبدع الحديثة

v ابتدعت بعض الطوائف المسيحية الحديثة تعاليم غريبة عن قصة يونان
الكتابية. ومن بين هذه البدع ما جاء بكتاب غربي لمؤلفة "
M.R.Dehana" باسم "Jonah,
Fact or Fiction
".

v وقد تناول هذا الكتاب موضوع يونان كرمز للمسيح
في موته وقيامته وجاء فيه رأيان غريبان
:

1-
أن
يونان مات في بطن الحوت ثم قام.

2-
أن
السيد المسيح لابد أن يكون قد مكث في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال كاملة (أى 72
ساعة) كما أقام يونان في بطن الحوت هذة المدة. وعلية فقد بني المؤلف رأية أن
المسيح قد صلب يوم الأربعاء وليس الجمعة، ووضع عنوانا للفصل الرابع عشر جعل له
عنوانا هو " خرافة يوم الجمعة العظيمة " وللفصل الخامس عشر عنوانا هو
" الصلب يوم الأربعاء ".

وهذا الرأي الثاني يبدو أن هذا المؤلف قد أستقي مصدرة من كتابًّّ
سابقين. فقد جاء بكتاب " حياة المسيح" لفردريك وفارار (ترجمة د.عقداوى)
بحاشية التذييل العاشر: ".. أو نظرية شيكنوحر أن المسيح صلب يوم الأربعاء
وبقي أربعة أيام في القبر. ومن الغريب أن البروفيسور وستكوت.. يجيز هذة النظرية
".

وقد
فؤجئنا هنا في مصر بظهور نبذة بعنوان " هل صلب المسيح يوم الجمعة أو الأربعاء
" بقلم الدكتور القس وديع ميخائيل راعي الكنيسة المعمدانية الكتابية الأولي،
وفيها أخذ الكاتب بنفس هذة النظرية بالرأي الثاني المشار الية، محاولا أثبات كون
يوم الأربعاء هو اليوم الذي تم فية صلب المخلص.

Ø الرد
علي الرأي الأول بأن يونان مات ثم قام
:

يقول
مؤلف الكتاب في ص 114 ماترجمتة:

لأنة
كرمز للرب يسوع المسيح، فأن يونان قد مات ولكن جسده قد حفظ معجزيا من الفساد وردا
علي هذا الرأي، نقدم لصاحبه قول السفر نفسة: " فصلي يونان إلي الرب الهه من
جوف الحوت " (ص2: 1).

وأذا
كان صاحب هذا الرأي يستند إلي ما جاء في صلاة يونان: " صرخت من جوف الهاوية
فسمعت صوتي " (2: 2) فأنة من الواضح أن يونان قد شبة بطن الحوت بالهاوية. أذ
أنة نزل إلي مغاليق الأرض (2: 6) ومن كلمات صلاته يظهر جليا أن يونان كان في بطن
الحوت واعيا ومدركا

الرد علي نظرية صلب المسيح كان يوم الأربعاء:

أولا – أستند أصحاب هذة النظرية علي قول المسيح
المذكور في (مت12: 40) بأنه يبقي في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال علي مثال يونان.

وبخصوص ذلك ينبغي ملاحظة:

1-
أن
المسيح لم يذكر ذلك ألا مرة واحدة في تشبيه يونان له كرمز. وقد قصد المسيح التركيز
علي المعجزة ذاتها لأن اليهود طلبوا آية فقال لهم ".. هذا الجيل يطلب آية ولا
تعطي له ألا آية يونان النبي لآنة كما كان يونان آية لآهل نينوي كذلك يكون آبن
الأنسان أيضا لهذا الجيل " (لو11: 29- 30).

2-
أن
المسيح في جميع المناسبات الأخري كان يذكر أنه يقوم في اليوم الثالث (مت16: 21، 17:
23، 20: 19، مر9: 31، 10: 34، لو9: 22، 18: 33، يو2: 19 – 21) وهكذا قال الملاكان
(لو24: 7) وهكذا قال الرسل (أع 10: 40، 1كو15: 4).

3-
كانت عادة اليهود أن يحسبوا الجزء من اليوم يوما كاملا وقد وردت
أمثلة كتابية مختلفة لذلك منها
:

أ‌-
ذكر عن يوسف أنة حبس أخوتة ثلاثة أيام (تك42: 17) بينما يذكر بعد ذلك أنه أطلقهم
في اليوم الثالث (تك42: 18)

 ب- ذكر
القديس متى في (17: 1) أن المسيح تجلي بعد ستة أيام من خطابه في قيصرية فيلبي،
بينما ذكر القديس لوقا أن ذلك كان بعد ثمانية أيام (9: 28) وذلك بأن أدخل في حسابه
جزءا من يوم الخطاب وجزءا من يوم التجلي، وأعتبر كلا منهما يوما كاملا.

ج-
أنظر (1صم30: 2و13، 2ايام 10: 5و12، أش 4: 16،5: 1)

هذا
وقد جاء في التلمود أن أضافة ساعة إلي يوم تحسب يوما آخر.

4-
في
نبوة هوشع عن قيامة المسيح قال: يحيينا بعد يومين. في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا
أمامة " (6: 2)

5-
وبناء
علي ذلك فأن مدة بقاء المسيح في القبر تحسب كالأتي علي أساس أن اليهود كانوا
يحسبون اليوم من الغروب إلي الغروب:

 اليوم
الأول:
الجمعة
– فقد وضع جسد يسوع في القبر قبل الغروب فحسب نهار ذلك اليوم الذى أخذ ضمنا الليل
السابق عليه يوما واحدا.

اليوم الثاني: السبت – وقد قضاه المسيح في القبر كاملا بليله
ونهاره

اليوم الثالث: الأحد – وقد قضى المسيح ليلته مع صباحه في
القبر، أذ قام في فجر الأحد.

وهكذا نردد في قانون أيماننا:

"
تألم وقبر وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب ".

ثانيا: يحاول أصحاب هذة البدعة أثبات أن يوم السبت
التالي لصلب السيد المسيح لم يكن السبت الأسبوعي، بل كان أول أيام الفصح، وبحسب أدعائهم
فأنه دعي سبتا لأنه كان يوم عطلة.. وهذا الأدعاء
تنقضة حقائق منها
:

1-
تذكر
البشائر وقائع الصلب والقيامة بما فيها السبت بأعتباره السبت الأسبوعي المعروف،
وفي جميع الشواهد التي جاءت في أسفار العهدين ذكر السبت كأسم علم لذلك اليوم
السابع، وأن كانت كلمة السبت قد أشتقت من فعل بمعني يكف عن العمل أو يستريح أو
يتوقف فأنها أصبحت أسما مميزا لذلك اليوم. وقد ذكر عن يوم الكفارة أنه " سبت
عطلة " تمييزا له عن يوم السبت الأسبوعي. كما ذكرت السنة السبتية أي السنة
السابعة التي كانت تستريح فيها الأرض من الزراعة.

2-
توافق
وقوع أول أيام الفصح مع السبت الأسبوعي التالي ليوم الجمعة الذى تم فيه الصلب، وقد
وصفه القديس يوحنا بأنه كان يوم ذلك السبت عظيما (19: 31) وبحسب رأي ذلك المؤلف
الغربي أن كلمة السبت جاءت في اليونانية بصيغة الجمع (سافاتون) فإن ذلك يتمشى مع
ما ذكره القديس يوحنا. ونختتم الرد علي هذا التعليم الغريب بما يلي:

1-
يؤكد كلام تلميذي عمواس أن الصلب كان يوم الجمعة " ولكن مع هذا كله اليوم له
ثلاث أيام " (لو24: 21) أذ كان ذلك في نحو مساء يوم الأحد وقد مال النهار.

2-
تشهد جميع الوثائق والوقائع التاريخية التى تعود إلي عصور الكنيسة الأولي
وتقاليدها ونظم عبادتها وأحتفالاتها بأن صلب المخلص كان يوم الجمعة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي