تَفْسِير
سِفْرُ نَاحُوم

 

إسم السفر:

سفر
ناحوم
Nahum

الاختصار
: نا =
NA

هو
السفر السابع من أسفار الأنبياء الصغار الاثني عشر. وكان ناحوم شاعراً مطبوعاً كما
يتضح من نبوته الرائعة عن خراب نينوى، العاصمة القوية للإمبراطورية الأشورية.

 

كاتب السفر:

ناحوم
النبى

+
ناحوم كلمة عبرية تعنى "نياح" أو "تعزية " أو "راح"
أو "الرحوم".

+
يقرر السفر صراحة أنه " سفر رؤيا ناحوم الألقوشي " (نا 1 : 1). ورغم ما
يزعمه النقاد، ليس ثمة ما يدعو للشك فى أصالة نسبة السفر لناحوم. ولا يذكر الاسم
" ناحوم " فى غير هذا الموضع من العهد القديم، ولكنه يذكر في إنجيل لوقا
(3 : 25).

+
ينسب نفسه إلى قوش (1: 1) وهي قرية في الجليل غير قوش التي في أشور، وهكذا وصف ناحوم
تفسه بأنه " الألقوشي " (نا 1 : 1)، أى أن موطنه الذي تنبأ فيه – غالباً
– كان في " ألقوش " موطنه

+
كان معاصرا لحزقيا وأشعياء تنبأ ليهوذا (1 : 15) وليس لمملكة إسرائيل (الأسباط
العشرة) التي كانت قد سقطت تحت السبي.

+
في الغزو الآشوري للأسباط العشرة هرب إلى يهوذا، وربما أقام في أورشليم حيث شهد
بعد سبع سنوات حصار المدينة بواسطة سنحاريب، وخراب الآشوريين، حيث هلك في ليلة
واحدة 185 ألف نسمة (2مل 18 : 19، نا 1 : 11) كتب السفر بعد ذلك بقليل.

+
وُجد هذا النصّ في المغارة الرابعة من مغاور قمران. وهو يطبّق النصّ الكتابيّ على
حياة الجماعة، فيجعلنا نتأكّد أن "بني كتيم" هم الرومان.

+
كاتب هذا السفر هو ناحوم الألقوشي من ساكني ألقوش وهي قرية في الجليل حسب التقليد
اليهودي الذي حفظه جيروم في كتاباته فيقول:" إنها في الواقع قرية صغيرة جداً
وليس بها أي آثار أو أطلال قديمة، ولكنها معروفة جيداً عند اليهود، وقد أراني
إياها الدليل الذي كان يرافقني. وتقع هذه القرية على بعد نحو 15 ميلاً إلى الشمال
الغربي من بحر الجليل".

+
أما اسم ناحوم فهو اسم عبري
Mwxn معناه "تعزية" فقد جاءت رسالته تعزية ليهوذا "صالح
هو الرب حصن في يوم الضيق وهو يعرف المتوكلين عليه" (ناحوم 1 : 7).

هو
سفر تحرير ليهوذا وفي نفس الوقت عقاب لشر آشور وعاصمتها نينوى لأنه "على من
لم يمر شرك على الدوام" (ناحوم 3 : 19). فمملكة آشور هي العدو الأول لله
وشعبه في ذلك الوقت.

+
وقد عاش ناحوم في أيام الملك الصالح حزقيا والنبي العظيم إشعياء. وحينما غزا
الآشوريين بلدته هرب إلى مملكة يهوذا الجنوبية وربما يكون قد استقر في أورشليم. وكتب
نبوته في الفترة الزمنية بين سقوط "نو آمون" الذي حدث في حوالي سنة 668
ق.م الذي يتحدث عنه ناحوم (نا 3 : 8 – 10)، وسقوط نينوى سنة 612 ق.م والذي يتنبأ
عنه في هذا السفر ويضع البعض سنة 654 ق.م تاريخ لهذه النبوة.

 

عاش
ناحوم على الأرجح قبل الغزو الأشوري مباشرة، في نفس الزمن الذي عاش فيه صفنيا، إذ
أن كلا النبيين تنبآ عن دمار نينوى (ناحوم 1:1،8؛ صفنيا 13:2-15). وقد كانا تاليين
لإشعياء خلال الفترة التي ملك فيها منسى الشرير على يهوذا.

وكان
يبدو أنه من غير المتوقع بالمرة أن يأتي يوم فيه تكف عاصمة الإمبراطورية الأشورية
العظيمة عن التسلط على العالم، إذ أنها كانت مدينة محصنة بأسوار وخنادق مائية. ومع
ذلك فلقد أنبأ ناحوم عن دمار نينوى بسبب العنف والظلم والزنى والسحر المنتشرين
فيها. ولكن على عكس ما حدث مع يونان منذ حوالي 150 سنة، فإن شعب نينوى في هذه
المرة لم يبد أي علامات للتوبة.

وفي
غضون 50 سنة من نبوة ناحوم، انهزمت الإمبراطورية الأشورية العظيمة، التي كانت قد
دمرت مملكة إسرائيل الشمالية، أمام البابليين. وكما أنبأ ناحوم فإن أشور لم تقم
لها قائمة مرة أخرى.

 

تاريخ كتابة السفر:

بعد
سنة 614، ساعة سقطت أشور بيد المادايين والبابلونيين، فهيّأت الطريق لسقوط نينوى.
وبشكل معقول حوالى سنة 623، ساعة فشل ملك المادايين فراورتي في هجومه الأول على
المدينة، فدبّ اليأس في قلب المهاجمين. عزّاهم ناحوم، وشجّعهم بانتظار دمار
العاصمة الأشورية.

ثمة
حادثتان هامتان تحددان بالتقريب تاريخ هذه النبوة، وهما : سقوط " نوآمون
" (طيبة عاصمة مصر قديماً) الذي حدث في668/667ق.م.، وسقوط نينوى الذي حدث في
612 ق.م. ويشار إلى الحادثة الأولى في الأصحاح الثالث (نا 3 : 8 – 10) كحادثة وقعت
في الماضي. أما سقوط نينوى، فيتنبأ ناحوم عنه كحادثة في المستقبل. فلابد أن النبوة
كانت بين هذين التاريخين، الذين بينهما أكثر من نصف قرن. ورغم تفاوت آراء العلماء
في تحديد التاريخ، فإن الغالبية يرجحون تاريخاً أقرب إلى سقوط نينوى، فيقول "
روبرت بيفر"
R. Peiffer إن السفر كتب فيما بين 625، 612 ق.م. بل الأرجح أنه كتب ما بين
614، 612 ق.م. وحجته في ذلك، أن " غزو نينوى كان قد بدأ فعلاً " كما
يبدو من سطور النبوة، حيث توصف نينوى بأنها مدينة زاهرة قوية " مأوى الأسود
" (2 : 11)، وهو ما كان ينطبق عليها فى عهد أشور بانيبال الذي توفي فى626 ق.م.

 

وهناك
من يرجحون تاريخاً بعد سقوط طيبة بقليل، ويرجعون بالنبوة إلى ما قبل 654 ق.م. إذ
فى ذلك التاريخ بدأت طيبة تقوم من عثرتها.

 

فقد
كانت أشور في النصف الأول من القرن السابع قبل الميلاد، هي القوة العالمية السائدة،
فكان لأشور بانيبال (669 – 626 ق. م.) ابن آسرحدون (680 – 669 ق. م). دوره الكبير
فى الشئون العالمية. كان قد غزا مصر في أول سني حكمه (669 ق.م.)، ثم أعاد غزوها في
663 أو 661 ق.م. ويعزو بعض العلماء ما جاء بنبوة ناحوم (3 : 8 – 10) إلى هذه
الفترة. ولا نعلم إلا القليل عن الفترة الأخيرة من حكم أشور بانيبال، فقد كانت
إمبراطوريته واسعة الأطراف، محاطة بأعداء أقوياء، فكان السكيثيون في الشمال،
والميديون في الشرق، والكلدانيون فى الجنوب. كما أن مصر كانت قد استعادت استقلالها
فى 645 ق.م. وكانت ساعة سقوط أشور تقترب، ففي 612 ق.م. هاجمها الميديون
والكلدانيون. وفى 609 ق.م. اختفت الإمبراطورية الأشورية العظيمة من خريطة العالم.

 

وكان
يحكم يهوذا في تلك الفترة الملك منسى (687 – 641 ق.م.) تحت نفوذ أشور، وقد أدخل
إلى يهوذا العبادات الأشورية (ارجع إلى 2مل 21: 1-18، 23: 8 و9، 2 أخ 33 : 3) مع
الكثير غيرها من الممارسات الوثنية، وأخيراً وقع فى الأسر (2 أخ 33 : 11). ثم أطلق
سراحه وعاد إلى أورشليم حيث تاب عن خطاياه، وحاول إصلاح ما كان قد أفسده (2 أخ 33
: 10 – 13 و15 – 17). ثم إن ابنه آمون (641 – 639 ق. م.) " عمل الشر في عيني
الرب كما عمل منسي أبوه. وسلك في كل الطريق الذي سلك فيه أبوه وعبد الأصنام التي
عبدها أبوه وسجد لها " (2مل 21 : 20، 2 أخ 33 : 21 – 23).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر حزقيال القمص تيموثاوس ميلاد 45

 

ولكن
ابنه يوشيا (639 – 609 ق. م) أزال عبادة الأوثان، وانتهت في أيامه سيطرة أشور على
يهوذا، وامتدت إصلاحاته إلى مملكة إسرائيل فى الشمال (2 مل 23 : 15 – 20، 2 أخ 34
: 3 – 7).

 

موضوع السفر:

هو
سقوط نينوى المدينة التي سبق وقام يونان بتحذيرها من عقاب الله، فقد أخطأت نينوى
أمام الله وأعلن ناحوم عقاب الله العادل نحوها. وفي دينونة نينوى نرى دينونة الله
للعالم الخاطئ. فقد كتب ناحوم بعد حوالي قرن ونصف من توبة أهل نينوى وصومهم
وتذللهم، وكان أهلها قد عادوا إلى شرورهم ولم يحافظوا على توبتهم، وطغوا في ظلمهم
للشعوب المحيطة بهم.

 

الدينونة
(ناحوم 1 : 1 – 7)

في
الإصحاح الأول من سفر ناحوم نرى الله القاضي العظيم وهو يحكم على هذه المدينة
الخاطئة. فالله العادل لابد أن يحكم في هذه القضية بعدله ويجازي على خطايا نينوى
التي ارتكبتها. ورغم تمهل الله وطول أناته الذي يقود إلى التوبة إلا أن قضائه
العادل لابد أن يتم في الوقت الذي يراه مناسباً.

 

ولنرى
الصفات التي يتصف الله بها كقاضي والتي تجعلنا ندرك خطورة الخطية والشر وعقاب الله
لها :

فهو
غيور (2) لا يقبل الشر أو العبادات الكاذبة

منتقم
(2) في وقته من الأشرار

ذو
سخط (2) فهو شديد الغضب نحو الظالمين والأشرار الذين يبغضونه.

حافظ
غضبه على أعدائه (2) وإن تمهل على أعدائه.

لا
يبرئ البتة (3) فهو لا يترك الشر بدون عقاب.

كما
نرى صفات الله كأب وكيف أنه يريد خلاص جميع الناس، يريد توبة الأشرار ونجاتهم رغم
كرهه للخطية:

فهو
بطئ الغضب (3) يتمهل، ويعطي الفرص من أجل التوبة مرة بعد مرة.

وهو
صالح (7)، لا يظلم أبداً.

وحصن
في يوم الضيق (7) يلتجأ إليه الضعفاء

ويعرف
الذين يتكلون عليه (7).

 

وحينما
ننظر إلى الآيات الأولى في السفر ونرى غضب الله على الشر فإنه ينبغي أن نفكر في
حياتنا نحن وفي أحوالنا وفي الشرور التي نرتكبها والتي تغضب قلب الله. الشرور التي
تفصلنا عن الله وتجعلنا عرضة للعقاب والوقوع تحت دينونته.

 

وفي
نفس الوقت ينبغي أن نفكر في عمل الله من أجلنا، في الابن الحبيب الذي فدانا بدمه
الكريم على عود الصليب ليمحو خطايانا ويطهر آثامنا ويغطي نقائصنا.

 

ينبغي
أن نتذكر طريق التوبة المفتوح أمام كل واحد مهما كان حجم خطايانا لأنه "إن
اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1
يو 1 : 9).

 

فالله
لم يعاقب آشور وعاصمتها نينوى كنوع من الكراهية الشخصية أو الاضطهاد العرقي، فقد
تمهل عليهم كثيراً وأعطاهم الفرص واحدة تلو الأخرى لعل أبرزها ما حدث في أيام
يونان، وقبل توبتهم ولكنهم لم يحافظوا عليها وعادوا إلى شرورهم.

 

استهانوا
بتمهل الله وطول أناته، ولم يعرفوا أنه القاضي العادل الذي لا يتنازل عن عدله
أبداً رغم محبته وتحننه ورأفته وصبره.

 

ليتنا
لا نستهين بلطف الله بنا وإمهاله، ليتنا نعلم أنه يقودنا إلى التوبة، ليتنا ننتهز
هذه الفرصة المتاحة والوقت المقبول.

 

ليتنا
نعلم قداسة الله التي تتعارض تعارضاً تاماً مع الخطية الدنيئة وتحزن قلب الآب
الحبيب، فنكرهها ونتركها.

 

القضاء
(ناحوم 1 : 8 – 14)

تتحدث
هذه الأعداد عن المعركة التي يعاقب فيها الله نينوى:


هلاكها هلاك تام (نا 1 : 8 و9)


ستهلك والمدافعين عنها سكارى بخمرهم (نا 1 : 10).


سيمحى اسمها تماماً (نا 1 : 14).


سيعد الله لها قبراً (نا 1 : 14).

وتعتبر
نينوى شاهداً لعظمة نبوات الكتاب المقدس. فقد تمت هذه النبوة وتحققت تماماً وانتهت
مملكة آشور، وتحولت نينوى العظيمة إلى أطلال ولم تقم لها قائمة مرة ثانية، ومن
يزورها يجد فقط بعضاً من أطلالها القديمة.

وينتهي
هذا الإصحاح بنبوة رائعة عن نجاة يهوذا: هوذا على الجبال قدماً مبشر مناد بالسلام
عيدي يا يهوذا أعيادك أوفي نذورك فإنه لا يعود يعبر فيك أيضاً المهلك. قد انقرض
كله" (نا 1 : 15).

 

تنفيذ
الحكم (ناحوم 2، 3)

لنقرأ
ما يقوله الله في هذين الإصحاحين القصيرين. لنجد صورة واضحة لحصار نينوى وسقوطها
وتخريبها. فالله يحطم الأمة المتمردة العاصية.

وهنا
نرى النبي يعطي صورة وصفية رائعة للطريقة التي خربت بها نينوى قبل حدوثها بسنوات
طويلة. فقد أحاطت بها حشود الجيوش والقوات من حولها وهاجمتها (2 : 1 – 4) فخارج
الأبواب نرى المديانيون مجتمعون بتروسهم البراقة وملابسهم الحمراء (القرمزية)،
ونسمع الأصوات الصاخبة للمركبات المندفعة، ونرى كرومهم التالفة وأشجارهم المهتزة.

 

ورغم
الدعوة إلى حراسة الحصن، ومراقبة الطريق، وتشديد الحقوين، وتمكين القوة (2 : 1)
إلا أن الوقت قد فات ولابد من تمام قضاء الله.

 

وقد
كانت الحنادق التي تحيط بالمدينة من أهم وسائل الدفاع عن نينوى، وكانوا يملأونها
بالماء عن طريق نهران قريبان (2 : 6 و8)، وفتحت الأبواب التي كانت على هذه الخنادق
(2 : 6). واصبحت نينوى مثل بركة ماء (2 : 8).وأجبر المدافعون عنها على الهروب أمام
هذا الهجوم الساحق.

 

ولم
يستطيع المدافعون الصمود رغم النداءات المتكررة : " قفوا، قفوا" (2 : 8)
واستمر المهاجمون قائلين : "انهبوا فضة، انهبوا ذهباً"، وتنتهي المعركة،
فلا يبقى إلا " خلاء وخراب " (2 : 10).

 

وينتهي
هذا الإصحاح بالإشارة إلى عقاب الأسود المفترسة التي لا تجد مأوى وهي ترمز إلى
مملكة آشور التي اعتزت بالأسود وأخذتها رمزاً لها. لقد هُزِمَ الأسد المفترس الذي
كان يجول ملتمساً من يبتلعه بقوة الله وقضائه.

 

مرثاة
على نينوى (ناحوم 3)

ثم
يعلن النبي الويل لمدينة الدماء نينوي واصفاً سقوطها سعيداً بتحقيق عدالة الله
وانتصاره على قوى الشر. ويتحدث عمَّا سيصيبها من خزي وعار (3 : 1 – 6).

ثم
يتحدث عن أسباب سقوطها المتمثلة في سحرها وزناها (3 : 4)، وفى ذلك إشارة إلى
ديانتها الوثنية واعتمادها على أعمال العرافة والتنجيم لمعرفة المستقبل.

ثم
يشير النبي إلى بلاد أخرى قد ذهبت على السبي بسبب شرورها مثل نوآمون، كوش، فوط،
لوبيم (3 : 8 – 11)، ويؤكد أن أشور ليست أفضل من تلك البلاد.

ويختم
النبي نبوته بأنه رغم عظمة نينوى وقوتها، فإن كل هذه العظمة ستزول وتنهار (3 : 13
– 19) وينهي قائلاً:" ليس جبر لانكسارك. جرحك عديم الشفاء" (19)ز

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ى يوحانان ن

وحيث
أن آشور هو رمز لإبليس ومملكته فإن زوال مملكة آشور هو إشارة واضحة لانتصار السيد
المسيح في معركة البشرية الحاسمة على عود الصليب حينما قيد ابليس وكل قواته
الشريرة معطياً إيانا وعود الغلبة والانتصار.

 

محور السفر:

+
الله يدين، الله يحكم

+
نهاية الشر

+
ترقب مجئ المسيح

+
نبوة عن دينونة نينوى

 

أهم الشخصيات:

ناحوم

 

أهم الأماكن:

نينوى

 

الغرض من السفر:

التنبؤ
بسقوط الإمبراطورية الأشورية، ممثلة في عاصمتها نينوى، وفى نفس الوقت إعلان قدرة
الله العظيمة، فهو رب التاريخ.

 

سمات السفر:

+
نبوة عن سقوط نينوى وإعلان مصير الارتداد عن الله حتى ولو من الامم، لهذا تحدث عن
إمبراطورية نينوي العظيمة التي قامت علي العنف وانتهت بالعنف سنة 612 ق.م. أى بعد
85 عاما من النبوة، كما تحدث عن دمار نوأمون (طيبة) في مصر المعتادّة بالذراع
البشري (3 : 8 – 10)، فالخطية تقود حتما إلى الهلاك

+
يبرز الصراع بين عمل الله الحي والمقاومين بأسلوب شعري حي ورائع كاشفا عن قدرة
الله وعدله الذي يسيّر التاريخ حسب إرادته المقدسة

 

مضمون السفر:

حسب
الرأي التقليدي، السفر هو نبوءة ضد الشعوب الغريبة. ينبئ بسقوط نينوى عاصمة
الاشوريين المبغَضة. ولكن افتراضاً حديثاً يرى في السفر ليتورجية شكر لسقوط نينوى
أو ليتورجية توسّل ليعجّل الله بالحدث الآتي. يبدو أن النبي أخذ مواضيع العبادة من
يوئيل وغيره، إن لم يكن قد اقحمها جامعُ السفر فيما بعد. إن سفر ناحوم يتضمن
المقاطع التالية:

1)  
مديح
أبجدي (يصل حتى حرف الميم) يمجّد يهوه على أنه الاله الذي يثأر للحقّ وينتصر في
الكون (1 :2-10). يبتعد شكل ومضمون هذا الظهور (تيوفانيا) عن مضمون سائر الكتاب.

2)     
قول
ضد خصم وثنيّ ليهوه واسرائيل. لا يُذكر اسمُ هذا الخصم (1 :11-14).

3)     
قول
تعزية ليهوذا فيه كلام يعلن الخلاص (11 :12ي) ورؤية (2 :1-3).

4)  
نشيد
اول على نينوى. نشيد حربيّ يحتفل فيه الشاعر باحتلال نينوى وكأنه شاهد عيان (2 :2،
4-11). بعد هذا نقرأ هجاء مشبعا بالشماتة القاسية (2 :12-14)، ثم قولاً نبوياً (2
:14).

5)  
نشيد
ثانٍ على نينوى يتضمّن صرخة ويل (3 :1) مع نشيد حربي مضمونه هو مضمون النشيد الاول
وقول بشكل رثاء. 6) هجاءان مليئان بالسخرية (3 :8-11، 12-19).

 

ملخص السفر:

أولا
: ديان غيور (ص 1)

 +
في سفر يونان نري أهل نينوى يغتصبون مراحم الله خلال التوبة أما هنا فيوجه ناحوم
النبي الوحي الإلهي إلى نينوى المدينة العظمي عاصمة الإمبراطورية الآشورية التي
كانت قد ازدهرت.. لكنها كانت قاسية في معاملتها لجيرانها. كان ملوكها يتسلون يجذع
أنوف الأسري وسحل عيونهم وقطع أيديهم وأذانهم، وحملهم إلى العاصمة وعرضهم أمام
الشعب.

+
" الرب اله غيور (ع 2).. يغير علي اسمه ومجده وشعبه. ان كانت نينوى قد صارت
كالبحر ينتهرها فتجف (ع 4) يقاوم الظالمين ويسند المتكلين عليه يهدم الشر ويحصن
النفوس الصالحة (ع 7 – 9).

+
سر غضبه أن نينوى كانت كالقش بلا ثمر مستهترة في سكرها متشامخة (ع 10).

+
الله يطمّئن أولاده بالسلام (ع 15).

ثانيا
: سلام للمتكلين عليه وهلاك للمقاومين ص 2

+
ان كان الله في غيرته لا يطيق الشر ففي غيرته أيضا يحفظ أولاده المتكلين عليه..

"
فأن الرب يرد عظمة يعقوب كعظمة إسرائيل لأن السالبين قد سلبوهم واتلفوا قضبان
كرومهم (ع 2)

+
يصور خراب نينوى معطيا إياها اسما رمزيا " هصب (ع 7).

+
يصف نينوى في خرابها :" فراغ وخلاء وخراب وقلب ذائب وارتخاء ركب ووجع في كل
حقو وأوجه جميعهم تجمع حمرة (ع 10) صورة صادقة لنفس الخاطئ إذ يدخل في حالة فراغ
بلا شبع، وخلاء بلا ملء، وخراب روحي بلا بنيان، وقلب ذائب بلا قوة، وارتخاء ركب
بلا عمل، ووجع في كل حقو أى بلا إمكانيات للحركة، وأوجه محمرة خجلا بلا دالة..

+
ان كان الخاطئ يظن في نفسه أسدا أو الخاطئة لبوه والأبن شبلا.. فانه إذ يسلك في
الشر يقف في اتجاه مضاد لله فيفقد كل سلطان له وإمكانية (ع 11- 13)

 

ثالثا
: سر إدانتهم (ص 3)

+
أعتاد الله في معاملاته مع الإنسان أن يكشف له حكمته في كل تصرف معه خاصة حينما
يبدو قاسيا ليؤكد لنا رغبته في أن نحاججه وأن ندخل معه في حوار.

+
يوضح سر أدانته نينوى :

 –
"ويل لمدينة الدماء (ع 1).. إذ سلكت بقسوة مع جيرانها فإنها تستحق القسوة

 –
"كلها ملآنة كذبا (ع 1).. من يسلك بالكذب إنما يرفض الحق، هكذا يلتصق بالباطل
فيصير باطلا ويحرم نفسه من الحق فيحرم نفسه من الخلود.

 –
"من أجل زني الزانية الحسنة الجمال صاحبة السحر (ع 4) من ينجس جسده الحسن
الجمال بالزنا إنما يفسد حياته أيضا، كذلك النفس المعتزة بذاتها وتسلك متشامخة
فتظن في نفسها حسنة الجمال إنما تزنى روحيا فتهلك.

 –
لم تتعظ بالآخرين مثل طيبة " نوأمون " عاصمة مصر فقد ظنت في نفسها أنها
محصنة لكنها انهارت هكذا من لا يتعظ بسقطات أخيه يسقط هو أيضا تحت الدينونه.

+
يختم حديثه بإيضاح ما تصل اليه… إذ يصير شعبها نساء أي ضعفاء(ع 13)، وتدخل في
الطين أي تلتصق بالأرضيات ويحملون فكرا أرضيا (ع 14)، ويصير رؤساؤها جرادا أي
يخدمون أنفسهم ويسلبون الشعب(ع 17)، ويتشتت شعبها وتصير عبرة (ع 18).

 

محتويات السفر:

أ
– العنوان (1 : 1)، فكسائر أسفار الأنبياء، يبدأ ناحوم نبوته بالقول : " وحى
على نينوى. سفر رؤيا ناحوم الألقوشى " (1:1)، فينسب السفر إلى نبى اسمه ناحوم،
والعبارة الأولى : " وحي على نينوى " تنين محتوى السفر.

ب
– وصف النبي لغضب الله وقدرته (1 : 2 – 6) : فتبدأ رسالة النبي بوصف عدد من صفات
الله، وبخاصة غضبه وقدرته المطلقة. وعبارة " الرب إله غيور " (1: 2) يجب
ألا تُفهم على أن الله له دوافع أنانية، بل هىِ تعبير عن عمق محبة الله وأمانته
لمن هم له.

 

ومن
الأمور الأساسية فى هذا الجزء، تأكيد أن الله ينتقم من أعدائه، فهذا المبدأ اللاهوتى
مبدأ أساسي في وصف ناحوم لسقوط نينوى، فالتاريخ يثبت أن أشور كانت تعادي الله، فلم
يكن الأشوريون آلات لعقاب شعبه فحسب، بل كانوا أيضاً شعباً وثنياً قاوموا شعبه
وأزعجوه فى كل مناسبة، وكان غزوهم لمملكة إسرائيل (السامرة) وسبي الشعب، ذروة
إظهارهم العداء لله. ولعل هذه الحادثة الحاسمة في التاريخ العبري كانت أهم ما في
فكر ناحوم.

هل تبحث عن  م المسيح صلب المسيح فى تقرير بيلاطس البنطى ى

 

ومع
أن الله ينتقم من أعدائه، إلا أنه " بطيء الغضب.. ولكنه لا يبرئ البتة "
(1 : 3)، فحتى في حالة الأعداء، يتعامل الله بالنعمة، فلا يندفع فى ثورة عارمة، بل
يتعامل معهم فى غضب مدروس، فيمنحهم فرصة لتغيير طرقهم. وعبارة " ولكنه لا
يبرئ البتة " فيها إشارة إلى تأكيد ما قاله الله فى سفر الخروج : " الرب
إله رحيم ورؤوف، بطىء الغضب… ولكنه لن يبرئ إبراء " (حز 34 : 6)). فالله
يغفر، لكنه أحياناً يسمح لنتائج الخطية أن تأخذ مجراها، كما يتضح ذلك من قضية داود،
فقد غفر الله له خطيته مع بثشبع إذ قال له ناثان النبي : " الرب أيضاً قد نقل
عنك خطيتك. لا تموت " (2 صم 12 : 13)، ولكن الولد الذى جاء نتيجة الخطية مات.
وهكذا كان تدمير نينوى أكيد الحدوث حسب المبدأ الإلهي الذي أكده ناحوم : "
الرب منتقم من مبغضيه " (نا 1 : 2).

 

ح
– سلطان الله المطلق على الطبيعة (1 : 3 – 6)، فهي أيضاً مجال إعلان قوته الرهيبة.

 

د-
سقوط نينوى ونجاة شعبه (1 : 7- 15)، فهنا يخاطب النبي مدينة نينوي مباشرة. وفي
العدد الحادي عشر يذكر أن من نينوى " يخرج المفتكر على الرب شرّاً المشير
بالهلاك "، ولعل فيها إشارة إلى ربشاقى الذي أرسله سنحاريب ملك أشور يطلب من
الشعب الإذعان لمطالبه بالتسليم (إش 36 : 14 – 20).

 

ورسالة
القضاء على نينوى كانت رسالة رجاء ليهوذا، إذ يقول إن أشور لن تعود تذلهم (1 : 12).

 

ويذكر
ناحوم بكل وضوح خراب نينوى في الأعداد 13 – 15، فلن تعود نينوى تضايق شعبه، وبخاصة
فى العدد الخامس عشر حيث يشجع النبي الشعب على العودة إلى عبادة الله، فستزول أشور
عدوتهم.

 

ه
– وأسلوب ناحوم في الأصحاح الثانى (2 : 1 – 13) رائع جداً، فالأحداث المتلاحقة
الموصوفة بعبارات موجزة قاطعة، تضفي على الوصف جواً من الإثارة والتشويق لوصف
انهيار المدينة، فتسمع الأوامر المتضاربة للمدافعين فى القول : احرس الحصن، راقب
الطريق، شدد الحقوين، مكِّن القوة جدّاً (2 : 1)، إذ يبدو أن ناحوم يصف الهرج الذي
حدث بالمدينة عقب أن ثغرت أسوارها، ويرى الإنسان بريق التروس المحمرة من القتال (2
: 3 (، ويسمع الأصوات الصاخبة للمركبات المندفعة (2 : 4)، ولكن فات الوقت ولم يعد
مجال للمدافعين (2 : 5).

 

كان
من أهم وسائل الدفاع عن نينوى، الخنادق التى كانت تحيط بها، وكان يغذي تلك الخنادق
نهران قريبان يشير إليهما النبى (2 : 6 و8)، فقد تُغرت الأبواب التي كانت على هذه
الخنادق (2 : 6). ورغم أن نينوى كانت مثل بركة ماء (2 : 8)، فإن المدافعين عنها،
أُجبروا على الهرب أمام الهجوم الساحق.

 

وتعلو
نبرة الوصف مرة أخرى بالأوامر السريعة : " قفوا، قفوا " (2 : 8)، وتسمع
المهاجمين يقولون : "انهبوا فضة، انهبوا ذهباً "، وتنتهي المعركة، فلا
يبقى إلا " خلاء وخراب " (2 : 10).

 

وينتهي
هذا الجزء بالإشارة إلى الأسود (2 : 11 – 13)، وكثيراً ما ترمز الأسود – فى العهد
القديم – إلى الأشرار، وبخاصة عندما يبتلع الشرير البار. وكانت أشور شديدة الشبه
بالأسد فى معاملتها لليهود. ولكن الله يعلن أنه على الأشوريين (2 : 13) وأنه
سيقطعهم تماماً.

 

وهذا
الجزء الرائع البليغ في أسلوبه، يحتوى على رسالة لاهوتية عميقة المعنى يجب ألا
تفوتنا، فهو يؤكد عمل الله في التاريخ، كما يؤكد للمؤمنين أن أعداء الله لن يمكنهم
أن يقهروا شعب الله في النهاية، لأن الله قدير وغيور ومنتقم لشعبه.

 

و-
مرثاة على نينوى (3 : 1 – 19) : يعلن النبي الويل للمدينة، في وصف مسهب لسقوط
نينوى. وإن كان يبدى رضاه عن تدمير نينوى، فليس ذلك معناه أنه كان ذا طبيعة قاسية،
بل كان يرى فى ذلك نوعاً من عدالة الله، فكان من دواعي سرور النبي أن يرى الله
عاملاً في التاريخ وقاهراً لأعدائه.

 

ويتحدث
النبى (3 : 1 – 7) عمَّا سيصيب المدينة من خزي وعار، ويقول إن من أسباب سقوط نينوى
سحرها وزناها (3 : 4)، وفى ذلك إشارة إلى ديانتها الوثنية، فقد اشتهر كهنة أشور
باستخدامهم العرافة والتنجيم، وبخاصة في محاولة استطلاع المستقبل عن طريق مراقبة
حركة الأجرام السماوية.

 

ويشير
النبي إلى بلاد أخرى قد صارت فريسة للأعداء (3 : 8 – 11)، ويؤكد أن أشور ليست أفضل
من تلك البلاد. ويختم النبي نبوته بأنه رغم عظمة نينوى وقوتها، فإن كل هذه العظمة
ستزول، سواء قلاعها أو تجارتها الواسعة (3 : 16) أو جنودها (3 : 17)، فكل ذلك
سينهار.

 

إن
ناحوم يقطع – بكل وقار واحترام – بأن الله يعمل في التاريخ، ويهيمن على كل شيء،
وهو الأمين لمواعيده لشعبه، وفى ذلك لهم كل الرجاء والعزاء.

 

شرح السفر

ناحوم 1 – 3

كانت
150 سنة قد مضت منذ النهضة العظيمة التي حدثت في زمن يونان عندما تابت نينوى وصامت
وصلت طالبة الرحمة وتحولت عن سلوكها الشرير (يونان 10:3). ولكن في الوقت الذي تنبأ
فيه ناحوم، كانت نينوى، وهي عاصمة الإمبراطورية الأشورية، قد عادت إلى طرقها
الشريرة.

لقد
أصبحت الآن نينوى ملعونة وأصبح من حق المضطهدين من شعب الرب أن يفرحوا: عيّدي يا
يهوذا أعيادك؛ أوفي نذورك. فإن نينوى قد أصبح مصيرها فراغ! وخلاء! وخراب! (ناحوم
15:1؛ 10:2).

كانت
نينوى قد اغتنت من الحروب والغزوات، وأصبحت تعتبر من أعنف البلاد الوثنية القديمة.
والأسوأ من خطايا العنف، فإن نينوى كانت قد رجعت عن عبادة الرب الذي عفا عنها في
أيام يونان، وعادت إلى آلهتها الوثنية العديدة.

وكان
الرب قد حذرها من خلال ناحوم قائلا: ويل لمدينة الدماء! كلها ملآنة كذبا وخطفا، لا
يزول الافتراس! [أي لا نهاية للسطو] (ناحوم 1:3). وقد هلكت نينوى تماما مثلما جاء
في النبوة. فإن دمارها كان كاملا لدرجة أن حتى المكان الذي كانت موجودة فيه صار
مفقودا لعدة عصور. ولا تزال هذه المدينة التي كانت في يوم من الأيام مدينة عظيمة
مجرد أطلال تشهد على صدق نبوات الله.

ولا
زال الرب لا يطيق الخطية اليوم مثلما كان يوم أهلك نينوى. ولكنه مستعد أن يغفر حتى
لأشر وأقسى الخطاة إذا تابوا ورجعوا إليه. فسيكتشف الجميع في يوم من الأيام أن
الرب صالح، وأنه حصن في يوم الضيق لجميع الذين يلتجئون إليه (ناحوم 7:1).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي