الأصحاح الأول

رجسة الخراب وظهور المكابيين

 

يعرض الأصحاح الأول موجزا سريعاً
لتاريخ الإسكندر وخلفا
ؤه، ليحدّد  أصل ملك
أنطيوخس إبيفانس ومحاولته فرض الثقافة الهيلينية وما
رافق هذه
المحاولة من تدنيس
للهيكل واقامة
الشعائر

الوثنية،
وما سب
ّبه ذلك من اهانة
للشريعة واضطهاد لليهود، مما
مهّد الطريق
أمام الثورة المكابية.

 

الإسكندر
الأكبر: فتوحاته وخلفاءه

 

1كان أن الإسكندر بن فيلبس المقدونى، بعد
أن خرج من أرض كتيم وكسر داريوس، ملك فارس وميديا، وملك مكانه مبتدئا باليونان، 2شن
حروبا كثيرة وفتح حصونا وقتل ملوك المنطقة، 3واجتاز إلى أقاصى الأرض
وسلب غنائم جمهور من الأمم، وسكتت الأرض بين يديه، فترفع فى قلبه وتشامخ. 4وحشد
جيشا قويا جدا وأخضع البلاد والأمم والسلاطين، فكانوا يدفعون له الجزية. 5وبعد
ذلك لزم الفراش وعرف أنه يشرف على الموت. 6فدعا أشراف ضباطه الذين
تربوا معه منذ الصبا، فقسم مملكته بينهم وهو لا يزال حيا.7وكان
الإسكندر قد ملك اثنتى عشرة سنة حين مات. 8فتولى ضباطه الملك كل واحد
فى منطقته. 9ولبس كل منهم التاج بعد وفاته، وكذلك بنوهم من بعدهم سنين
كثيرة، فأكثروا من الشرور فى الأرض.

 

تعتبر
هذه الفقرة مقدمة سريعة لحكم أنطيوخس إبيفانس، والذى لعب دوراً كبيراً فى أحداث
السفرين، وهذه الآيات عرض خاطف للسنوات العشر الأخيرة فى حكم الإسكندر الأكبر،
والتى تعد بداية التأثير اليونانى فى الشرق(1). فبعد موت الإسكندر سنة
323 ق.م. تقس
ّمت
امبراطوريته الواسعة واستمرت الحروب بين خلفائه لمدة تصل إلى أربعين عاماً، تلك
الحروب
والمنازعات
التى
أفرزت ما يسمى بـ "
دول شرق البحر الأبيض المتوسط "
والتى استمرت حتى استولت روما عليها جميعاً.

وفيما
عدا مقدونية والتى كانت تسيطر على معظم أرض اليونان، كانت توجد قوتان عظميتان فى
الشرق: سوريا وعاصمتها أنطاكية، وكانت تحكمها الأسرة السلوقية (نسبة إلى مؤسسها
سلوقس) ومصر وعاصمتها الإسكندرية، ويحكمها البطالمة أو البطالسة (نسبة إلى بطليموس
الأول
الملك
المصرى). أما فلسطين – وهى التى تعنينا فى هذه الدراسة – فقد كانت تقع بين هاتين
القوتين

المتصارعتين
.

فبعد
موقعة إيسوس سنة 301 ق.م آلت اليهودية إلى سلوقس كجزء من سورية، ولكن بطليموس
المصرى اسرع باحتلال هذا البلد الصغير والاستراتيجى –
أي اليهودية –
والتي استمرت خاضعة للبطالمة كرهينة لمدة تزيد على المئة سنة، وخلال هذه المدة
كثيراً ما كانت ميدان
ًا لمعارك الطرفين،
غير أنها خضعت
في
النهاية
لسوريا
سنة 198 ق.م
. وذلك نتيجة
للسياسة القوية لحكم أنطيوخس الكبير
، والذى كان يحب اليهود
معطياً إياهم امتيازات خاصة مثل حرية العبادة، وقد حذا حذوه فى ذلك خليفته سلوقس
الرابع، وفى مقابل ذلك كان اليهود يساندون السلوقيين فى صراعهم ضد البطالمة
وغيرهم، مفضلين فى ذلك الحكم المركزى للسلوقيين فى كافة أنحاء غرب آسيا.

ومن
بين الأحداث التى جرت خلال المئة عام المشار إليها، أنه فى سنة 250 ق.م
. وقف حونيا
(أونيا)(1) رئيس الكهنة مؤيداً سلوقس الثانى ضد
بطليموس الثالث، وحتى عندما
ُهزم سلوقس من بطليموس سنة
242

ق.م.
رفض حونيا دفع الجزية له وهى عشرون طالنا (وزنة) غير أن فريقاً من اليهود بقيادة
يوسف (ابن أخت حونيا) ووالده (زوج أخت حونيا) كانوا يعارضونه، إذ كانت لهم علاقات
تجارية مع مصر، ومن ثم فقد أشاروا بوجوب دفع الجزية لمصر، وكان من نتائج هذا
الخلاف أن أصبح يوسف رئيساً لليهودية، بينما احتفظ حونيا برئاسة الكهنوت، وهكذا
ظلت اليهودية على ولائها للبطالمة.

ولعدة
عقود لم تتمكن كل من مصر وسوريا من الاستمرار كقوة أعظم
من الأخرى، مما نتج
عنه معاناه المدن اليهودية، ففى سنة 219 ق.م. غزا أنطيوخس الثالث (الكبير) جنوب
سوريا وعبر الأردن والتى كانت خاضعة لبطليموس الرابع فيلوميتور
(ولكنه
استعادها بعد سنتين
)، وفى سنة 201 ق.م. وبعد جلسة لمجلس شيوخ اليهود
قرروا الانحياز لسوريا ضد مصر، مما أثار المصريين الذين أعادوا فتح مدن اليهودية
من جديد منتقمين من اليهود مؤيدى السلوقيين، وقد نتج عن ذلك مرابطة حامية مصرية فى
أورشليم، و
لكن
أنطيوخس
غزا هذه المنطقة بعد سنتين من ذلك
، مدمراً الجيش المصرى. وهكذا ضاعت
اليهودية من البطالمة.

فيليب
المقدونى:
(فيليب،
فيلبس = اسم يونانى معناه
: محب الخيل) 359 – 336ق.م. وهو أبو
الإسكندر الأكبر وابن أمنتاس
، وتنتمى أسرته إلى هرقل، وكانت ذات
علاقات وثيقة بعلماء أثينا مثل أبقراط. وقع فيلبس فى الأسر لمدة ثلاث سنوات فى
طيبة من بلاد اليونان، وكان ذكياً كفئا حتى ُوصف بأنه من أعظم ملوك العالم، اهتم
بتنظيم بلاده إذ أعاد توحيد القبائل المقدونية من خلال القوة العسكرية لتصبح بلاد
اليونان ولأول مرة تحت حكومة واحدة (باستثناء اسبرطة) ومن هنا أصبح ذلك الحلف
اليونانى قادراً على مجابهة الفرس (القوة المخيفة فى ذلك الوقت). أعاد تنظيم
الجيوش وتعديل طرق القتال، مستفيداً فى ذلك بما رآه أثناء أسره من السبل التى
ينتهجها "أبامنونداس" المحارب
الشهير
.

وكان
الإسكندر ابنه يحسده على شخصيته وانتصاراته، وقد جهز فيلبس الجيوش والعتاد
استعداداً لغزو العالم، وعندما بدأ فى اعلان الحرب على الفرس، اعترف به حلف الدول
الاغريقية قائداً عاماً لهذه الحرب فى سنة 338
ق.م، وقد
ساعده فى الحصول على هذا التأييد دهائه السياسى وارتداءه قناع الهيلينية (وان كان
معجباً بالفعل بالفنون الاغريقية وثقافتها) غير أن فيلبس قد اغتيل على يد أحد
حراسه ليتولى الإسكندر ابنه مكانه.

 

فيلبس
المقدوني أبو الإ
سكندر
الأكبر

الإسكندر: اسم يونانى
معناه (حامى البشر). ولد الإسكندر فى سنة 356 ق.م. وقد عين له والده معلماً خاصاً
هو أرسطو
الفيلسوف الشهير، وقد ظهرت عليه منذ طفولته الميول العسكرية والسياسية، فقد تولى
إدارة البلاد فى سن لا يتجاوز السادسة عشر، عندما كان أبوه منشغلاً بمحاصرة
بيزنطة، حيث قاد الإسكندر وقتئذ حملة عسكرية ضد الليريكون، وبعد ذلك بسنتين قاد
فرسان مقاطعات مقدونية (الذين أطلق عليهم اسم الرفاق) فى معركة
"كايرونيا" حيث حقق النصر من جهة، كما أنقذ أبوه من الموت من جهة أخرى.
هكذا بدأ الإسكندر حياته.

وعندما
بدأت الحملة على بلاد فارس وعبر قسم من الجيوش
"الدردنيل" جاء مقتل
فيلبس كمفاجئة فتولى ابنه مكانه، وهكذا اعتلى عرش مقدونية وهو ما يزال فى العشرين
من عمره سنة 336 ق.م. وقد أخذ على عاتقه تحقيق أمنية أبيه فى غزو بلاد فارس.

 

خرج
من أرض كتيم:
خرج الإسكندر من  عاصمته بللا Pella في مقدونيا، في "مغامرة الغزو الكبرى" والتي بدأها في
ربيع سنة 334 ق.م. و
كتيم أو شتيم وفى الأصل كيتون فى
جزيرة قبرس

،
فقد ُاطلقت على الجزيرة كلها فيما بعد (تكوين 10: 4 و  أخبار الأيام الأول 1: 7 و
إشعياء 23: 1) ثم عبر بها مع الوقت عن بلاد اليونان، وأشير بها فى بعض الأوقات إلى
جميع البلاد والجزر الواقعة فى الجهة الغربية ومنها مقدونية
، بل نجد أن
إرميا يستخدم الكلمة للإشارة إلى الغرب البعيد (إرميا 2: 10)
.

          أمّا
الكلمة العبرية التي تشير إلى اليونان فهي ياوان
Yawan
شاملة مقدونيا في حين أن الكلمة كتيم في العبرية هنا بالجمع:
Chetiim وهي اسم بديل للـ يونانيين، وربما كانت كلمة كتيم هى نفس الكلمة
حيثيم (ذو علاقة بالحثيين) ويرى بعض الشراح أن
ها هى
المقصودة فى نبوءة دانيال عند الحديث عن جيش روما، كما أن الكلمة نفسها تأتى فى
الترجمة اللاتينية "إيطاليا" وترد كذلك فى ترجوم "أونكلوس(1)
Onkelos" باسم " الرومان" (فتأتى عليه سفن من كتيم
فييئس ويرجع ويغتاظ على العهد المقدس.. دانيال 11 : 30) هكذا أطلقت الكلمة أخيراً
على العالم الروماني.

وقد
حارب الإسكندر الفرس وظفر بهم على دفعتين، الأولى فى سنة 334 ق.م. وأما الأخرى ففى
عام 331

ق.م.
تخللت الاثنتين واقعة عند سهل ايسوس
Issus. وربما كان
في ذلك تحقيق للنبوءة الواردة في (سفر العدد 24: 24) ولذلك كان حرص الكاتب على
التمييز بين الإسكندر بن فيلبس المقدوني والإسكندر جنايوس، والذي كان سيحقق نبوءة
بلعام عن نجم يعقوب الذي كان مقدّرا أن يحطم بني شيث (سفر العدد 24: 17) بتأسيس
امبراطورية إسرائيلية، ولعل هذه النبوءة كانت منعكسة في عملات الإسكندر جنايوس حيث
ظهر عليها : (الهلب والنجمة)(1).

داريوس
(دارا)
336 – 330 ق.م. وبحسب المؤرخ هيرودت فإن ال
اسم فى
اليونانية يعنى "الحاكم بأمره" وبحسب ما ورد فى كتابات يوسيفوس، فهو
يدعى كودومانوس

Codomannus  ويلاحظ أن كاتب السفر يدعو ملوك فارس  وبرثية بملوك ميديا
وفارس
(14: 2).
وقد اشتبك داريوس مع الإسكندر المقدونى فى ثلاث معارك،
الأولى معركة
عند
نهر
جرانيكوس سنة 334
ق.م. والثانية
عند
سهل
إيسوس Issus سنة 333
ق.م. والثالثة جوجاميلا 331
ق.م. وفى النهاية اغتيل داريوس على يد
"بيسوس" حاكم بكتريا.

 

داريوس ملك
الفرس

حروب
الإسكندر معه:

          أما تفاصيل
قضاء الإسكندر الأكبر على مملكة الفرس، فإنه قد اشتبك بقواته مع قوات الفرس عند
نهر جرانيكوس حيث استظهر على داريوس فهربت القوات الفارسية بعد مذبحة رهيبة، ولكن
وقبل أن
ُيتم
الإسكندر السيطرة على كافة بلاد فارس ومادى، أحكم السيطرة أولاً على آسيا الصغرى
، والتى لم
تثبت أمام شجاعته وخططه المحكمة(1).

وفى
المعركة الثانية سمع الإسكندر أن داريوس يعد الجيوش لمواج
هته بما يصل
إلى خمس مئة ألف جندى، وهنا أسرع إليه الإسكندر بشكل خاطف (وهى أهم ميزات الإسكندر
العسكرية) حيث التقى الجيشان فى سهل ايسوس
Issus، وانهزم الفرس مرة أخرى وقتل منهم كثيرون، وهرب داريوس ولكن
الإسكندر تعق
ّبه وقضى على
بقية الجيش، وعن سرعته الخاطفة هذه يشير سفر دانيال قائلاً عن تيس الماعز "..
جاء من المغرب.. ولم يمس الأرض"
(دانيال 8 : 5) . ومن ثم
انطلق الإسكندر فى طريقة وكأنه يقوم بعملية (مسح شامل!) للشرق، حيث سار جنوباً على
امتداد ساحل سوريا متجهاً إلى مصر، وبينما فتحت له البلاد جميعها طواعية، فإن صور
وغزة لم تستسلما إلاّ بعد حصار شديد وتضحيات كبيرة، ويذكر يوسيفوس فى تاريخه أن
الإسكندر بعد أن فتح غزة
، اتجه إلى الهيكل فى أورشليم وهناك تقابل
مع "يشوع" رئيس الكهنة
، والذى أطلعه على المواضع التى تشير اليه
فى سفر دانيال، الأمر الذى أسعده كثيراً فأغدق على الهيكل والكهنة الكثير من المال
والهدايا.

أما
فى المعركة الثالثة، فكان داريوس قد سمع بال
أنباء
المتلاحقة عن انتصارات الإسكندر السريعة والباهرة، ولذا فقد أرسل يعرض عليه الصلح
ويساومه على اقتسام مملكة فارس، غير أن الإسكندر رفض بشدة قائلاً: أن المهزوم لا
يشترط!. وفى الرفض الحاسم للاسكندر شرح
ٌ لنبوءة دانيال
"ورأيته وصل إلى جانب الكبش فاستشاط عليه"
(دانيال 8 :
7
) ولم يكن
عند ذلك مناص
ّ من
المواجهة بين الطرفين، فحشد داريوس جيشاً أكبر من السابق وقبع فى سهل دجلة ينتظر
الإسكندر. ولكنه ورغم تفوق الفرس وامتياز موقعهم، إلاّ أن الإسكندر ألحق بهم هزيمة
كبرى بعد مذبحة رهيبة، وعلى اثر ذلك خضعت أغلب الإمبراطورية له. وواصل زحفه خلف
داريوس الهارب، والذى لجأ أخيراً إلى "بيسوس" حاكم بكتريا يختبىء لديه،
غير أن الأخير قتله إماً تملقاً للاسكندر أو خوفاً منه، ولكن الإسكندر قتله بدوره
بعد

أن قام بحملة لا
حتلال بلاده!! خلال الفترة من 331 –
325 ق.م

(وهى الآن
ايران
و
أفغانستان
وكاذاخستان

واسيا الوسطى ووادي الاندوس
).

فتوحاته
الأخرى:

يرد
فى العدد الأول من هذا الأصحاح أن الإسكندر ابتدأ باليونان، وتجدر الاشارة
إلى أن اليونان
هنا ليس
ت بحصر
المعنى، لأن كلمة "ياوان" فى العبرية والتى تعنى اليونان
كما سبق (إشعياء 66 : 19 و
حز
قيال 27: 13)
تدل على بلاد أيونيا فى آسية الصغرى، وهكذا وكما سيجىء فإن الإسكندر بعد الموقعة
الأول
ى مع داريوس
اتجه للاستيلاء على بقية آسيا أولاً.

ففى
مسيره جنوباً متجهاً إلى مصر
احتلّ كل ما فى طريقه، وأما
مصر فقد استقبلته بالترحاب
، وأعجب هناك الإسكندر بساحل البحر
المتوسط وجزيرة فاروس، فقرر لوقته تأسيس عاصمة لملكه هناك، فأقام ميناء الإسكندرية
مقابل جزيرة فاروس، أى بين بحيرة مريوط والبحر المتوسط، وهى المدينة التى صارت بعد
ذلك عاصمة للحكام البطالمة. وبينما كان الإسكندر يزور معابد مصر، قام كهنة معبد
آمون بتتويجه "ابناً للإله آمون" وكانوا يقصدون بذلك أن ينادوا به ملكاً
شرعياً، غير أنه اعتبر ذلك اضفاء روح الألوهية عليه (على غرار أبطال هوميروس فى
الألياذه والأوديسا) ومن ثمّ ظهرت عملة للاسكندر وهو متو
ّج بقرن كبش
مثل
"
آمون
رع

"
. ويذكر
الرابي " كاهانا في تعليقاته على سفري المكابيين (نقلاً عن الفيلسوف كاليستينوس
وآخرين) أن الإسكندر ألّه نفسه بعد انتصاره على داريوس.

فقد
أرسل إلى جميع البلاد في سنة 323 ق.م. يطالبهم باعتباره ابنا لـ "زيوس"
، وقد أفاده ذلك كثيرا خلال فتوحاته إذ تخلّت بلاد اخرى كثيرة عن مقاومته. وقال
أهل اسبرطة متعجبين: " فليكن الإسكندر إلهاً إذا شاء ! ".(1)

      أمّا الملوك
والسلاطين

المشار إليهم في(آية 4) فالأرجح أنهم حكام ثانويين خاضعين لملك فارس (راجع مزمور
2: 2 و76: 13) إذ حمل ملوك بابل وفارس لقب: ملك الملوك (راجع عزرا 7: 12 و حزقيال
26: 7)(2).

وفى
إطار رغبته الجامحة فى المزيد من الفتوحات، قرر
الإسكندر غزو الشرق
الأقصى
، وفى طريقه
وعند أحد روافد نهر السند تذم
ّر الجنود بسبب طول الغربة وأجبروه على
العودة، وفى طريق عودته إلى بابل عاصمة ملكه، انتابته حمى الملاريا
فمات على إثرها،
بسبب الافراط فى الطعام والشراب، وقيل مات مسموماً بيد واحداً من حاشيته
، وكان عمره
وقتئذ لا يتجاوز الثالثة والثلاثين. وهكذا
كانت وفاته فى
مساء 10 يونيو سنة 323 ق.م. ولكن خبر وفاته ُاخفى عن الجنود، أمّا الجسد
فقد ُوضع فى تابوت من الذهب وُغطى بالعسل الأبيض، وُحمل إلى مصر حيث دفن فى
الإسكندرية.

ويقول بعض المؤرخين أن بطليموس المصرى قررّ الاحتفاظ بجسد الإسكندر فى مصر بعد
ذلك. وقد ملك الإسكندر 12 سنة بدأت في صيف سنة 336
ق.م.

تقييم
الإسكندر
:

يعد
الإسكندر من أعظم الفاتحين فى التاريخ ما لم يكن أعظمهم، فقد حقق كافة الانتصارات
فى أقل من اثنى عشر عاماً، لا سيما وقد كان حجم قواته صغيراً بالنسبة لقوات الفرس،
(وان كان زادها بعد ذلك وطوّر نظم الادارة والضرائب، فلم يكن قائداً عسكرياً فذًا
فحسب، وانما سياسياً محنكاً يجمع فى شخصيته ما بين الرومانسية والواقعية مجيداً
لفنون السياسة والحرب، وقد كان يصبو إلى تكوين عالم جديد ذو ثقافة ولغة وعقيدة
واحدة، يتساوى فيه دخل الفرد وحقوقه، فلا ُيستعبد بلد لآخر ولا يعانى بلد من الفقر
والجهل مقارنة بالآخر. ولعل عمل الإسكندر وانجازاته من حيث نشر اللغة اليونانية
والثقافة الهيلينية، كان له كبير الأثر على الكرازة بالإنجيل، لاسيما وقد ُكتبت
أسفار العهد الجديد باليونانية، وهى لغة غنية بمفراداتها وقدرتها على التعبير أكثر
من أية لغة أخرى(1).

الآيات
(6 – 9):
يرد
في هذه الفقرة رغبة الإسكندر فى تقسيم الامبراطورية، ويقول التاريخ أنه عندما ُسئل
عمن يخلفه، أجاب بكبرياء بأنه لا يوجد من يستطيع حكم هذه الامبراطورية المترامية
الأطراف!! أي أنه ليس هناك من هو جدير بأن يملأ مكانه. ثم قال : " إلى أعظمكم
قوّة " ورغم ادعاء اابعض أنه لم يرد فى
التاريخ أنه قسّم الامبراطورية بين خلفائه، فإن ديودوروس الصقلي (18 : 2) يقول ما
نصه: "عند موت الإسكندر لم يستطع الكلام، فأخذ خاتمه وسلمه لبرديكاس رئيس
خدمه وبهذا أعلن عن رغبته في أن يملك مكانه" كما أننا نستطيع الاعتماد على
سفر المكابيين هنا كوثيقة تاريخية هامة، اعتمد عليها ثقات المؤرخين. فقد وقع
الكثير من الخلافات والحروب بينهم.(1) فقد حدث العديد من الدسائس والمؤامرات
ما بين سلوقس وأنتيغونوس وبطليموس وليسيماخوس، ثم عقدوا هدنة فيما بينهم لم تلبث
أن انتهت فعادوا إلى الاقتتال من جديد، وبدأت سلسلة من الاغتيالات، حيث ُقتل ابن
الإسكندر الأكبر وأمه، كما قَتل أنتيغونوس كليوباترا أخت الإسكندر وكثيرين آخرين،
غير أنهم اتفقوا أخيراً على تقسيم المملكة بينهم على النحو التالى:

1-                       
ليسيماخوس: آسيا
الصغرى حتى جبال طوروس
،
يضاف إلى ذلك "ثراكية".

2-                       
سـلوقـس: سوريا الشمالية وما بين النهرين
وما فى شرقيها حتى الهند.

3-                       
بطـليموس: اليهودية وفينيقية (أى سوريا
الجنوبية حتى عكا إلى مصر وما يليها
).

4-                       
كسندر: مقدونية، إضافة إلى
ما يسترده من بلاد اليونان.

لَبسَ
كل منهم التاج (آية 9)

      بعد
أن تقاتل الخلفاء المباشرون للاسكندر، امتنع خلفاؤهم عن لبس التيجان كملوك، وكان
التاج عبارة عن شريط أبيض من القماش مزيّن الحافتين، يوضع حول الرأس كرمز للملكية.
والكلمة اليونانية الواردة هنا (وملكوا ) هي " إبيكراتيسان"  وتعني
أخذوا الملك بقوة وحرب. أمّا تاج الملك، فهو باليونانية " دياديما " وهو
إسم يوناني لشريط أسود بدائرة أو إكليل أبيض وكان ملوك فارس يضعونه حول الشريط
الذي يلف رأسهم(1)

      وفي
سنة 306 ق.م. قام أنتيجونوس وابنه ديمتريوس، واللذان كانا مشتركين في حكم أجزاء
كبيرة من اليونان وأسيا الصغرى وسوريا، بلبس التاج، وفي سنة 305 ق.م. استخدم
بطليموس وسلوقس لقب ملك، مؤسسين الأسرة الحاكمة المستمرة والتي تعامل معها
المكابيون.

       
  وبحكم
موقعها فقد تأرجحت اليهودية ما بين الخضوع لسلطان السلوقيين إلى الخضوع لسلطان
البطالمة فى مصر، إلى أن حُسم الأمر سنة 198 ق.م. حين انتزعها أنطيوخس الثالث
(الكبير) من البطالمة، حيث أصبحت منذ ذلك الوقت ولاية تابعة السلوقيين.

 

خريطة مملكة الإسكندر أنطيوخس إبيفانس والحضارة
الهيلينية

مكابيين ثان 4: 7-17

10 وخرج منهم عرق أثيم هو أنطيوخس إبيفانس
بن أنطيوخس الملك، وكان رهينة فى روما، ثم ملك فى السنة المئة والسابعة والثلاثين
من مملكة اليونان. 11وفى تلك الأيام خرج من إسرائيل أبناء لا خير فيهم
فأغروا كثيرين بقولهم: "هلموا نعقد عهدا مع الأمم التى حولنا، فإننا منذ
انفصلن
ـا عنهم
لحقتن
ـا شرور
كثيرة".
12فحسن الكلام فى عيونهم.
13وبادر بعض من الشعب وذهبوا إلى الملك، فأذن لهم أن يعملوا بأحكام
الأمم. 14فبنوا مؤسسة رياضية بدنية فى أورشليم على حسب سنن الأمم،
وعملوا لأنفسهم قلفا وارتد
ّوا عن العهد المقدس
واقترنوا بالأمم، وباعوا أنفسهم لعمل الشر.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ر راجم م

 

أنطيوخس
إبيفانس الرابع:
واسمه بالكامل باسيلاوس أنطيوخس ثيئوس إبيفانس
نيكافور (215 – 163 ق.م.).

           

أنطيوخس: إسم
يونانى معناه "مقاوم" بينما إبيفانس يونانى أيضا معناه
"الظاهر" أو "المتجلى" وهو لقب فخرى للآلهة الوثنية، أطلقه
أنطيوخس على نفسه إذ كان يعتقد – كما سيجىء – أنه تجس
ُّد للإله " زيوس"
على الأرض!، غير أن أعداءه أطلقوا عليه إسم "أبيمانوس" ويعنى
"المجنون"!.

          لم تكن عادة
الملوك السلوقيين اطلاق صفات خاصة لهم ولكنهم اقتبسوها من الملوك البطالمة
المصريون،

كتب
كل من بوليبييوس وهو كاتب معاصر لهذه الأحداث
، وديودوروس
الصقلي وليبيوس وصفوه بالآتي : " المتقلب في سلوكه وأعماله "
ويذكر
يوسيفوس أنه كتب على تيجان ملكه وخواتم يديه ( ثيئوس ) أي الله (1).
وأحيانا نيكيفوروس
"أي الجبار" وكا ن تاجه يحمل لقب الألوهية
في المنتصف وله قرنان ( كعادة الآلهة السورية الكنعانية وأشهرهم بعل قرنايم)
وباللا تينية
corona radiata ، وهو الوصف الذي أطلقه عليه السامريون حين طلبو
منه أن لا يسلمهم كقربان لليهود وكتبوا له في مقدمة رسالتهم ما نصه الآتي : "
للملك أنطيوحوس، الله الظاهر، من الصيدونيون ….. )(2).

وهو
ابن أنطيوخس الثالث الكبير والذى اضطر لتسليمه إلى الرومان كرهينة
، وذلك ضمن
اتفاقية هدنة بين الطرفين، فظل هناك لمدة 14 سنة بدأت فى 198
ق.م. ويجيء
ترتيبه بين أبناء أنطيوخس: الثالث والأخ الأصغر لسلوقس الرابع. جدير بالذكر أن
عائلة السلوقيين تحتوى على ثلاثة عشر شخصاً باسم أنطيوخس، منهم احدى عشر شخصية
شغلت كرسى المملكة تراوحت ما بين القوة والضعف والأهمية والهامش
ية. وبينما ُُيعد أنطيوخس
الثالث المعروف بالكبير أشهرهم وأشدهم تأثيراً، نجد أن أنطيوخس الرابع هو الذى دخل
أبواب التاريخ اليهودي، ولكن من باب الكراهية والاضطهاد
، حتى أنهم
يوسمونه بأسوأ الصفات.

 

فى
عام 176 ق.م. ُاطلق سراح أنطيوخس الرابع ليحل محله ديمتريوس الأول (وهو الابن
الثانى لسلوقس الرابع) : كرهينة
، وفى أثينا تم تعيينه رئيساً للقضاة، وفى
سنة 175

ق.م.(1) تولّى
الملك مكان سلوقس أخيه
(الذي مات في 3 سبتمبر). على الرغم
من وجود وريثين شرعيين للعرش، هما: أنطيوخس الطفل الصغير ابن سلوقس، وديمتريوس
الذي كان في ذلك الوقت رهينة في روما.

يُقال
أن هليودورس رئيس وزراء سلوقس والذي قتله، استولى على السلطة ونصّب أنطيوخس الصغير
كملك صوري فقط، ولكن أنطيوخس إبيفانس كسب تأييد وعون حكام برغامس، والذين نقلوه
إلى حدود الامبراطورية السلوقية مزودين إياه بالرجال والعتاد، ثم توّجوه بتاج
فدخلها ظافراً. ومع أنه اهتمّ في البداية بالملك الصغير، إلاّ أنه أعدمه سنة 170
ق.م.  

لعب
أنطيوخس إبيفانس دوراً خطيراً فى تاريخ اليهود خلال القرن الثانى قبل الميلاد، حيث
خصته اليهود بقدر كبير من الكراهية بسبب تدنيسه لمقادسهم ومحاولته فرض الثقافة
الهيلينية، هذا ويعد أنطيوخس إحدى الشخصيات المحورية فى سفرى المكابيين.

 

أنطيوخس
الثالث (الكبير) 223 – 187 ق.م

 

 

 

 

سلوقس
الرابع

(187 –
6/175)

 كليوباترا       

زوجة بطليموس
الخامس

أنطيوخس
الرابع (إبيفانس)

(6/175 –
4/163)

 

 

 

 

ديمتريوس
الأول

(162 –
150)

أنطيوخس
الخامس (أوباطور)

(4/163 –
162)

اسكندر
بالاس

(153 – 145)

 

 

 

 

 

ديمتريوس
الثانى

(145 –
140؟)

(129 –
125)

أنطيوخس
السابع

(9/138 –
129)

أنطيوخس
السادس

(143؟ –
141 ؟)

 

أبناء
لا خير فيهم:
هذا التعبير أصبح اصطلاحاً شائعاً بين اليهود آنذاك للدلالة
على الشر، وتترجم هذه العبارة فى السبعينية عادة بـ"بنو بليعال"
. أمّا هذا اللفظ فقد جاء
بالسبعينية هكذا (
parano’moi ) أي: " أبناء من غير توراة .. خاطئون" وقد ورد هذا
التعبير فى
(تثنية 13 :
14
)
" قد خرج قوم
لا خير فيهم (بحسب السبعينية) أما بحسب البيروتية
: " قد
خرج أناس بنو لئيم من وسطك"
.  وورد نفس التعبير فى (آية 34 من هذا
الاصحاح) عند وصف الرجال الذين استعان بهم السلوقيون فى الحامية المرابضة فى
أورشليم. وهكذا صار التعبير اسم علم له صلة بالشر، راجع أيضا
تعبير آخر
موازٍ هو:

بليعار! (مزمور 18
: 5)، راجع أيضا (كورنثوس الثانية 6 : 15).

يطلق
هذا
الوصف
فى الآية

(
11) على
الجماعة التى تجاوبت مع رغبة أنطيوخس وأتباعه فى نشر الثقافة الهيلينية، وكان
تجاوبهم بدافع مزدوج، فمن الجهة الأولى قد جلبوا على أنفسهم عداء السلوقيين لهم،
ومن الجهة
الأخرى وجدوا أنهم بمعاداتهم للسلوقيين
، قد خسروا الكثير من
المكاسب الثقافية والمدنية، حيث انقسمت اليهودية إلى فريقين، أحدهما مؤيد للاتجاه
الهيلينى
(وهو ما كان
يعرف بـ أبناء طوبيا
) والآخر هم المحافظون (وهم الذين ُعرفوا بعد
ذلك بالحسيديين
).

ويقول
يوسيفوس فى تاريخه أنه فى ذلك الوقت (عند بداية الأزمة) ظهر حشد كبير من الخيول
النارية فى السماء وكأنها حرب وذلك لمدة أربعين يوماً، وكان فى المدينة ثلاثة من
الكهنة الأشرار هم (مياليس / شمعون
/ ألقيموس) وكان لكل منهم
أتباعه من اليهود، وقد مضى أولئك الثلاثة إلى أنطيوخس فى أنطاكية
، حيث وشوا
باخوتهم أنهم فرحون لما رأوا من خيول فى السماء متهللين إذ فى ذلك علامة على مقتل
أنطيوخس!
.
ومن ثمّ اقترحوا
عليه تعضيدهم لنشر الهيلينية فى البلاد
(1). وهذا هو
المقصود ب
ـ
(الآية13).

وقد
كانت رغبة أنطيوخس بالفعل أن يحقق الاستقرار السياسى والمالى فى مملكته ويقضى على الانقسامات السياسية فيها، ومن
ثم فالسبيل إلى ذلك هو نشر الحضارة الهيلينية مع ثقافتها، وذلك من خلال برنامج
ضخم، وقد رأى أن العقيدة هى الوسيلة الفعالة لتحقيق هذه الرغبة
.

فلما
ذهب إليه الثلاثة صر
ّح لهم بالاضطلاع بهذا البرنامج الثقافى تحت
رعايته، وهو ما عب
ّر عنه السفر بأنه أذن لهم أن يعملوا بأحكام (سنن
الأمم
، حيث تشير كلمة الأمم دائماً إلى الوثنيين.

من
جهة أخرى فقد كان الأمر يحتاج إلى تصريح من الملك السلوقي، بسبب أن القانون الملكي
كان يسير جنباً إلى جنب مع الشريعة اليهودية، فقد جعل الملك ارتحتشتا
Artaxerxes التوراه ُملزمة لجميع اليهود المقيمين في مملكته باقليم عبر
الفرات بما فيه اليهودية، ومن المحتمل أن يكون الإسكندر قد أبقى الوضع كما هو،
وبالتالي فقد جعل أنطيوخس الثالث التوراه – من جديد – شريعة البلاد بالنسبة
لليهود، ولذا اضطر اليهود المتأغرقين إلى الحصول على ترخيص من الملك لتنفيذ
برنامجهم.   

فى
هذا الإطار استطاع أحد هؤلاء الثلاثة المسمى يشوع، الاستيلاء على رئاسة الكهنوت
برشوة ضخمة بلغت 350 قنطار فضة مضافاً إليها ثمانين أخرى، ثم خمسين من دخل آخر
(انظر التعليق على 2 مكا 4 : 7) وحينئذ أصدر
الملك قراراً
بتعيينه
. وقد حمل هذا
القرار فى طياته قراراً آخر بعزل حونيا الثالث (شقيق يشوع!!) وهو الرجل المحبوب من
الشعب، وبذلك تحول اسم
"يشوع
اليهودي"

إلى "ياسون اليونانى".

المؤسسة
الرياضية:

تعنى
المؤسسة الرياضية اقامة مدارس لممارسة أنواع مختلفة من الألعاب الرياضية
والمسابقات، مثل سباق الجرى (والذى عرف حديثاً بـ:
الماراثون)
ورمى القرص (بيسبول) ورمى الرمح والملاكمة وألعاب الحظ
(مثل النرد)
ولعبة أخرى أشبه بالشطرنج،
والفروسية وهي ألعاب بدنية، يضاف إليها
العزف على الآلات الموسيقية
. ولكن الملعب أو الاستاد
(المدرسة)
Gymnesium  كان من معالم الحضارة اليونانية في العالم الهيليني، فلم يكن
للألعاب البدنية فحسب، بل للتعليم المدني والأدبي أيضاً (1).

اللفظة
اليونانية "
gumna’sion " لا يوجد في اللغة العبرية مفهوم يطابق ما تحمله
من معنى، وقد استخدم اليهود عدة ألفاظ تصف ما يحدث فيه مثل: " بيت العاريين،
بيت للدعاية و نشر الأفكار" وفي الترجمات الآرامية القديمة للسفر الواردة في
التلمود ترجموها هكذا : استاديون، وهي من الكلمة اليونانية ستاديون
stadion  أي ساحة للألعاب
الرياضية، كما استخدمت هذه الكلمة في التلمود، راجع وصف يوسيفوس للجمنازيوم
(الآثار اليهودية 12 : 5 ) وكان الجيمنازيوم ساحة دائرية محاطة بسور وبجانبها غرف
لتغيير الملابس وللاستحمام . وكانت الساحة الدائرية مزدانة بتماثيل الآلهة وخاصة
هرمس وهرقل ، ويحيط بها أماكن للجلوس.  

وما
تزال الكثير من الألعاب اليونانية خالدة حتى اليوم فيما يسمّى بالألعاب الأوليمبية
Olympic والتى كانت فى العصر المكابى تقام مرة كل أربع سنوات على شرف
الإله زيوس، وكان تمثال هذا الاله مقاماً فى المكان الذى تجرى فيه المسابقات،
ومايزال تمثال "رمى المطاث" أو "رمى القرص" والمعروف الآن
بـ"البيسبول" موجوداً كما هو منذ العصر اليونانى.

ولكن
هذه الألعاب أثرت تأثيراً سلبياً على أخلاق اليهود، إذ لم تكن مجرد رياضيات جسدية
"نافعة لقليل" (تيموثاوس الأولى  4 : 8) وإنما كانت تحمل فى طياتها
خطورة شديدة، وهى الاختلاط بالوثنيين (لاعبين ومتفرجين) مما أثر على أفكارهم،
لاسيما وأن اليهود كانوا منعزلين حتى ذلك الوقت
، كمجتمع
مغلق على نفسه منذ عودتهم من السبى
(بسبب ما كان هناك
من اختلاط بالوثنيين وحضارتهم). وكان من شأن هذه الألعاب والدراسات والمسابقات أن
تكسر هذا الطوق المضروب حولهم، لا سيما وأن هذه الممارسات مرتبطة بالآلهة الوثنية
من حيث الشكل والمضمون. فمن جهة الشكل كانت تتم على شرف الاله زيوس فى اليهودية
مثلا، وما يصاحب ذلك من ممارسات وايماءات تعبدية له من بخور وذكر اسمه.. إلخ، وأما
من جهة المضمون فهو الفكر الهيلينى نفسه.

صنعوا
لهم
ُقلفاً:

كانت
بعض
تلك
الألعاب
فى الدورة الأولمبية
، يمارسها اللاعبون وهم عرايا تماماً، فكان
اليهود المشتركون فيها يجدون حرجاً شديداً بسبب الختان، والذى لم يكن معروفاً بين
اليونانيين،
لا
سيما وقد كانوا يرون أنه تشويه جسدي لا مبرر له،
وبالتالى فقد كانوا
يسخرون من المختونين. مما دفع أولئك اللاعبين
اليهود إلى عمل
جراحة يخفون بها الختان، وقد كان ذلك يحمل فى طياته استخفاف اللاعب بقيمة عظمى
تكمن فى الختان والذى كان يساوى اليهودية كلها!! ( راجع تكوين 17: 9-14)
وهكذا كان ذلك السلوك
: (على حسب سنن الأمم آية 14) ينطوى على خطورة
أخلاقية ناجمة عن المذهب الجديد. وكان ذلك بداية الأزمة التى ستنشأ فى اليهودية ما
بين اليهود والسلوقيين.

ترجمت
لفظة
"غرلة"
للآرامية بـ ( غرل ) وهي مطابقة تماما للمصطلح
التلمودي الوارد في ( يباموت 72 : 1
):  " أن الأغرل يجب
أن يختن " ، و
(سنهدرين 44 : 11) في قوله: "
ختنوا غرلتهم " والكلمة الآرامية هي (عورلوتا)(1).

إلى
ذلك يشير كتاب ميثاق موسى (وصية موسى) من كتابات قمران
Qumran : " سيحرض ضدهم
ملك ملوك الأرض والذي سيصلب الذين يعترفون بختانهم .. وسيعالج أطفالهم أطباء أطفال
سيعيدون لهم القلف" (8: 1و3)(2).

وقد
حذر الكتاب من مثل هذه الممارسات الوثنية، والتي ينتج عنها الخراب والسبي (تثنية
4: 25-28) كما نجد في موضع آخر أن " العهد" الذي يسمح بالتعامل بحرية مع
الأمم المحيطة، كان يعتبر مدخلاً لعبادة آلهة تلك الأمم (خروج 34: 15-16 و تثنية
7: 2-4) لذلك كان الأمر الإلهي لليهود بالانفصال التام عن الأمم السبع الساكنين في
أرض الموعد (خروج 23: 32 و34: 12-16 و تثنية 7: 1-4).

كما
أن ممارسات وعادات الأمم في
(الآيتين 14و15) هنا، تذكرنا بما نقرأه في
(لاويين 18: 3 و ملوك ثان 17: 8) فإن الذين يقبلون التشبّه باليونانيين ستكون
خطيتهم كبيرة، مثلها مثل عبادة الأوثان والزنا
والانحراف،
كذلك فإن تعبير اقترنوا بالأمم (آية 15) نجد له نظيراً في سفرالعدد، حيث يشير إلى
مصاهرة الوثنيين.
فيرد تعبير "على سنن الأمم"  في السبعينية هكذا
"
kai ‘ezeugisqhsan " والذي يعني: " أصبحوا في علاقات مزدوجة مع
الأمم " راجع (سفرالعدد 25: 3- 5)

وفي
العصر الرسولي كانت الكنيسة تشترط علىالراغبين في الانضمام إلى الكنيسة، التخلّي
عن أية وظائف أو ممارسات وثنية وارتياد حلبات المصارعات
وإدارة بيوت الدعارة أو ارتيادها، والتسرّي والسحر، وغيرها.(1
)

وفي
المقابل فإنه كثيرا ما بدأ الانحراف والارتداد، بمجرد مشاركة بريئة في أنشطة
رياضية أو اجتماعية، وكثيرا ما استخدمت الثقافة والمدنية في جذب الكثيرين بعيدا عن
التدين، ولعله من المناسب هنا أن نشير إلى أن هناك الآن اتجاه شديد الخطورة، يهدف
إلى ضمّ العالم كله تحت "ديانة عالمية" هي ديانة العقل واللذة والعلم
المجرد، وبسبب سوء فهم البعض للدين ونتيجة للممارسات غير الناضجة والصحيحة لبعض
المتدينين، يتشدّق الملحدون بأن سبب تخلّف بعض الشعوب يرجع إلى " تعاطي
الدين". ومن ثمّ فإن هناك برامج عدّة منفذة الآن – في غفلة من الأكثرين-
للتخلّص من الدين! وهو ما فعله من قبل أنطيوخس أبيفانيوس. وعلى الرغم من الفوائد
الكثيرة للعلم، فكثيرا ما يتطاول العلماء على الله والدين وينسبون الكون والخلائق
للصدفة بل ويؤلّهون الكون! وهكذا يعيد التاريخ نفسه.

 

الحملة
الأولى على مصر ونهب الهيكل

مكابيين ثان 5: 1-21

16ولما استتب الُملك
لأنطيوخس، عزم على أن يكون ملك مصر، ليملك على كلتا المملكتين. 17فدخل
مصر بجيش عظيم ومركبات وأفيال وفرسان وأسطول عظيم، 18وشن الحرب على
بطليمس ملك مصر، فتراجع بطليُمس أمام وج
هه وهرب،
وسقط جرحى كثيرون. 19فاستولوا على المدن الحصينة بأرض مصر، وسلب أنطيوخس غنائم أرض مصر. 20ورجع
أنطيوخس بعدما كسر مصر، وذلك فى السنة المئة والثالثة والأربعين، وصعد إلى إسرائيل
وإلى أورشليم بجيش عظيم.
21ودخل المقدس
متعجرفا وأخذ مذبح الذهب ومنارة النور مع جميع
أدواتها 22ومائدة التقدمة
والأباريق
والكؤوس وقصاع الذهب والحجاب والأكاليل والحلية الذهبي
ـة التى كانت على واجهة والهيكل ونزع
عنها تلبيسها كله. 23وأخذ الفضة والذهب والآنية النفيسة، وأخذ ما وجد
من
الكنوز المكنونة. 24أخذ كل ذلك وانصرف إلى
أرضه، وأكثر من القتل وتكلم بتعجرف عظيم.

25وكانت مناحة عظيمة فى إسرائيل فى كل
أرضهم:

26انتحب
الرؤساء والشيوخ
وخارت قوى الفتيات الفتيان وتغير جمال
النساء.

27وكل عريس
أنشد مرثاة
والمرأة الجالسة فى غرفتها صارت
فى حداد.
28وُزلزلت الأرض
بسبب

سكانها
وجميع بيت
 يعقوب لبسوا
العار.

 

بينما
استتب الملك لأنطيوخس فى سوريا في البداية، قرر بطليموس السادس فيلوماتور الصغير –
بإيعاز من بولادس وليناوس الوصيان عليه– أن يستعيد السيطرة على جنوبى سورية بما
فيها اليهودية، ليثأر للهزيمة التى مُنى بها أبوه فى معركة بانياس، فلما ترامت هذه
الأنباء إلى مسامع أنطيوخس
، أعد جيشاً عظيماً هاجم به مصر سنة
170/169

ق.م.
فهزم بطليموس ثم اتجه إلى ممفيس حيث نصب نفسه هناك ملكاً على مصر، ثم عاد إلى
الإسكندرية وحاصرها، وتركها بعد أن قسم المملكة بين بطليموس فيلوماتور وبطليموس
يورجيتيس، وذلك بغرض العمل على تفككها، وهو ما يسمّى بالحرب السورية السادسة. وإلى
ذلك يشير دانيال النبى بقوله "ويُنهضه قوته وقلبه على ملك الجنوب بجيش عظيم
وملك الجنوب يتهيج إلى الحرب بجيش عظيم وقوى جداً ولكنه لا يثبت لأنهم يدبرون عليه
تدابير والآكلون أطايبه يكسرونه وجيشه يطمو ويسقط كثيرون قتلى، وهذان الملكان
قلبهما لفعل الشر ويتكلمان بالكذب على مائدة واحدة ولا ينجح لأن الانتهاء يعد إلى
ميعاد " (دانيال 11 : 25 – 27). راجع أيضا (2 مكا 5 : 1).

 

اشتراك الفيلة فى
المعارك:

ُعرفت
الأفيال منذ زمن بعيد كحاملة للجنود والعتاد
، ولربما
كانت الهند هى أول من عرف ذلك، نظرا لتوافرها هناك بكثرة
، بينما كانت
"أفاميا" مركز تدريب الأفيال
الحربية، وقد
استخدم العرب الأفيال فى الحروب مثلهم فى ذلك مثل شعوب أخرى
، مثل
السلوقيين فى حروبهم مع المكابيين، وكان يثبت فوق الفيل صندوق ضخم من الخشب يسع
لحوالى عشرة

من
الجنود مع أسلحتهم، ومع أن الافيال كان
ت صيداً سهلاً للرماة فى
المعارك
، إلاّ أنه كانت لها
ميزة خاصة وهى أن الخيول المستخدمة فى الحروب كانت تنفر من رائحة الأفيال
، فتضطرب
وتهرب حالما تراها
، ولذلك فقد كانت الأفيال توضع فى مقدمة الجيش، مما يحدث
اضطراباً فى صفوف الأعداء،
كما كان يُقدم لها عصير
التوت
الأحمر
قبل
البدء فى القتال، ربما من أجل اثارتها وجعلها اكثر عدوانية فى الحرب. (وسيأتى
الحديث عنها
في
الاصحاح السادس
).

 

عاد أنطيوخس
من مصر بعد أن جمع منها الكثير من المال والغنائم
، حيث كان فى
أشد الحاجة إلى ذلك بسبب الجزية الثقيلة التى تركها أبوه لصالح الرومان
، فى اطار
شروط الصلح بعد معركة مغنيسيا
(أباميا) سنة 198 ق.م. ولعل
ذلك هو السبب أيضا وراء استيلا
ئه على كنوز الهيكل، حيث يوجد
ما

لا
يحصى من المال والهبات
، من مشغولات ذهبية ومجوهرات، ولم يكتف
بذلك بل استولى على أدوات الخدمة الهيكلية
: مثل منارة
الذهب
والمجامر
وصفائح
الذهب التى تغشى زخارف الهيكل.(1)
هكذا أساء الملك إلى
المكان والسكان، حيث أن المقصود بكلمتي إسرائيل وأورشليم في(آية 20) هو الشعب
والمدينة(2)

وقد جرى ذلك
فى طريق عود
ته إلى مقر
ملكه فى أنطاكية، إذ سم
ع بحدوث اضطرابات فى اليهودية، وأن أحدهم
ويدعى منلاوس قد سرق بعض مقتنيات الهيكل مما أثار حفيظة الشعب ضده، وقد أقدم
منلاوس على ذلك بعد سماعه أنباءا عن مقتل أنطيوخس فى مصر، فلما وصل
الأخير ووقف على
ما حدث
، رأى بمكر
أنه أولى بكنوز الهيكل فقام بنهبه
، والعجيب أنه نهبه
بمساعدة منلاوس!!
بل وانتقم من اليهود الذين ثاروا لذلك، كما سيجىء فى
تفسير (2 مكا 5)، وم
ضى أنطيوخس فى طريقه إلى أنطاكية بعد أن ترك
المدينة تحت قيادة أحد رجاله يدعى "فيليب الفري
جى" (2
مكا 5 : 18 – 22).

 

وقد ُعثر
على لوح من بابل مكتوب بالكتابة المخروطية، ويرجع تاريخه إلى ما بين 18 أغسطس و 16
سبتمبر سنة 169 ق.م. وُتذكر فيه انتصارات أنطيوخس في مصر باعتبارها خبر الساعة، ولذلك
فإن نهب أورشليم من المحتمل أنه حدث في سبتمبر أو أوائل أكتوبر.(1)

جدير بالذكر
أن منطقة اليهودية كانت حساسة جداً، من السهل اشتعال الفتن والثورات والتمردا
ت فيها، حتى
لقد
أولاها الرومان
فيما بعد ذلك عناية خاصة، وكذلك مصر، بسبب أن مصر كانت تمد الامبراطورية
بربع احتياجها
من القمح، وكان كل من وال
ي مصر واليهودية يعيّنان بمعرفة
الامبراطور

رأساً.

 

 الحروب
السورية البطلمية:

      دارت ما بين
السلوقيين والبطالمة خمسة حروب، خلال القرن الثالث ق.م. بسبب الصراع على جنوب
سوريا. الأولى: (سنة 274-271) وفيها انتزع بطليموس الثاني من السلوقيين فينيقية
ومعظم الأناضول وجزر سيكليدس. الثانية: (260- 255/253) وفيها قام أنطيوخس الثاني
بالتحالف مع ملك مقدونية، باستعادة فينيقية والأناضول. الثالثة: وتسمى "حرب
لادوقيا (245-241) اضطر سلوقس الثاني للتنازل لأنطيوخس الثالث عن كثير من الأراضي السورية،
وفي 221 قام الأخير بحملة ناجحة لاستعادة قوة وأراضي المملكة السلوقية، ولكنه فشل
في احتلال مصر. وأما الرابعة:( 219-217) وبدأها أنطيوخس الثالث، واضطر فيها
للتنازل عن سوريا الجوفاء لبطليموس الرابع. وأما الخامسة:( 202-200) وفيها انتزع
السلوقيين سوريا الجوفاء، وانتهج السلوقيين سياسة الأغرقة والتي بسببها قامت
الثورة المكابية لاحقا. ونتيجة لتلك الحروب المستمرة ضعفت الدول اليونانية ووقعت
تحت تأثير روما، في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد(1)
.

 

مناحة فى
إسرائيل (26 – 28):

"مال
الأقداس للأقداس" هكذا كان اليهود يرد
ّدون دائماً،
إذا ما تطرق الحديث إلى أموال الهيكل، أو أراد أحد الحكام
: سواء من
اليهود أو الأجانب مد
يده إلى كنوز الهيكل، وقد
حدث فى أيام بيلاطس أن تظاهر يهود الجليل فى عيد الفصح داخل الهيكل
، بسبب
سماعهم أنه استولى على تبرعات يهود بابل وهى فى طريقها للهيكل، ولكن بيلاطس أقمع
المتظاهرين بالقوة وقتل كثيرين منهم وخلط دمهم بذبائحهم (لوقا 13 : 1).

ولمعرفة مقدار ما نهب من الهيكل، يمكن الرجوع إلى ما صنعه سليمان من أوانى
وملحقات ذهبية (ملوك أول 7: 48 – 50) لنكتشف أنه
شىء يفوق الوصف والتقدير، وقد استولى نبوخذ نصر من
قبل على مثل هذه الكنوز (أخبار الأيام الثانى 36: 7) وهى التى أعادها ثانية كور
ش الملك (عزرا  1: 7 و
5: 14).
وقد حمل أنطيوخس معه ألف
وثمانمائة قنطار(1).
        

 

الحجاب (آية 22):

ورد في كل
من المصادر اليهودية والوثنية أن أبيفانس أهدى الحجاب الفاصل بين القدس وقدس
الأقداس لهيكل زيوس الأوليمبي، فذكر ف
يسنياس (عاش في القرن
الثاني)
: "حجاب هيكل
زيوس الأوليمبي كان من قدس أقداس اليهود
" وكان الحجاب يشابه لحد
كبير حجاب هيكل أرطاميس في أفسس، كما أخذ الحجاب الذي عمل بعد هذا – أي في الهيكل
الثاني –
إلى روما(2). فقد ورد في التلمود ما نصه
الآتي : عن ر
ابي إليعازار
عن ر
ابي يوسي أنه
قال: "لقد رأيته في روما
ورأيت عليه دم الذبائح الخاصة بيوم
الكفارة  "
.

         

فى وصفه للمناحة يرتفع كاتب السفر عن مستوى النثر إلى الشعر، وهو ما يرد
أيضا فى بعض أجزاء من العهد القديم، لاسيما المزمور التاسع والسبعون، وهذا المزمور
بالذات
ُيحتمل أن يكون قد ُكتب فى نفس فترة المكابيين، وربما يكون إشارة إلى صراعهم أيضا
(اللهم إن الأمم قد دخلوا ميراثك. نجسوا هيكل قدسك. جعلوا أورشليم أكواما.. مز 79
: 1)(1).

وربما شعروا وقتئذ أن تلك الأحداث هي تحقيق لما ورد في (يوئيل 2: 6، 7-11).

ورغم أنه خليق باليهود وقتئذ البكاء على خطاياهم، إلاّ أنه لم يكن هناك فاصل
ما بين حياتهم الدينية والقومية والشخصية،
فقد
كانت هذه الدوائر جميعها متداخلة، ففى أحلك الظروف سعى اليهود للاحتفاظ بحريتهم الدينية، كما كان الهيكل هو محور حياتهم، وعند احتراقه فى سنة 70م.
ألقى مئات منهم بأنفسهم فى النار
،
ليموتوا مع آخر أمل تبقى لهم.

فها هوذا
الفتيان والفتيات – إزاء نهب أنطيوخس للهيكل – يشعرون بالمصيبة رغم حداثة سنهم،
وهوذا العرسان والعرائس يتخلون عن سعادتهم متفاعلين مع نكبة الهيكل، بل أن اليهود
شعروا بأن الأرض نفسها قد تزلزلت نتيجة ما حدث، أى أن الطبيعة نفسها قد
احتجّت على نهب
الهيكل
.

 

"ولحق
العار بكل أورشليم".
..

          وقد
ُنظر إلى أبولونيوس هنا باعتباره " قضيب غضب الله" الذي ُينزل العقاب عن
خطايا المتأغرقين (آية 28 .. وُزلزلت الأرض .. ) قارن مع (2مكا 4: 16 ،17). غير أن
سلوكه تجاوز عصا التأديب إلى اقتراف الجرائم، ولذلك فإن أنطيوخس كان سُيعاقب حسبما
تنبأ إشعياء في (10: 5-27) إذ يعتبر ملوك أشور هم الملوك السلوقيين (

Assyria
ِSyria =
) نظرا إلى أن مملكتهم شملت كغلب مناطق أشور. وكان اليهود يعتبرون أن من يدخل
المقدس يقترف خطية عظيمة (2مكا 5: 15-21 و مراثي 1: 10 و حزقيال 44: 7-9).

 

أبولونيوس
فى أورشليم وبناء القلعة

مكابيين ثان
5: 24-26
29وبعد سنتين،
أرسل الملك رئيس الجزية إلى مدن يهوذا، فوفد على أورشليم فى جيش عظيم.30وخاطبهم
خطاب سلام مكرا فوثقوا به، ثم هجم على المدينة فجأة وضربها ضربة شديدة وأهلك شعباً
كثيرا من إسرائيل. 31وسلب غنائم المدينة وأحرقها بالنار وهدم بيوتها
وأسوارها المحيطة بها. 32وسبوا النساء والأولاد واستولوا على المواشى. 33وأعادوا
بناء مدينة داود، فبنوا سورا عظيما متينا وبروجا حصينة، فصارت قلعة لهم. 34وجعلوا
هناك أمة أثيمة من رجال لا خير فيهم، فتحصنوا فيها. 35ووضعوا فيها
السلاح والطعام، وجمعوا غنائم أورشليم ووضعوها هناك وصارت فخا عظيما.  36وكان
ذلك مكمنا للمقدس  وخصماً مؤذيا لإسرائيل على الدوام.  37فسفكوا الدم
الزكى حول المقدس ونجسوا المقدس. 38فهرب أهل أورشليم بسببهم فأمست
جالية غرباء  وصارت غريبة للمولودين فيها وأبناؤها هجروها.  39وُدمر
مقدسها كالقفر وُحولت أعيادها إلى حزن وسبوتها إلى عار وكرامتها إلى احتقار 40
وعلى قدر مجدها كثر ذلها وانقلبت رفعتها حزنا.

رئيس
الجزية المشار إليه هنا هو أبولونيوس بن مسنتاؤس
، المذكور في
(2مكا 5: 24-26) وهو من " ميسيا" عمل كقائد للمرتزقة
، قبل أن
يعينه أنطيوخس رئيس وزراءه (راجع 2 مكا 4 : 21) وكان هو المسئول – فيما يبدو – عن
تحصيل الجزية فى كافة أنحاء المملكة.(1) ففى حملة أنطيوخس الثانية البرية
والبحرية على مصر فى ربيع سنة 168
ق.م. وانتصاره على بطليموس، توغّل
أنطيوخس فى مصر، وكان قد منع جنوده من قتل أى مصري، مما جعل جميع المدن تستسلم له
فيما عدا الإسكندرية، والتى وبينما
كان يحاول اخضاعها وصل ممثل
روما "بوبليوس ليناس" وسلمه انذارا من مجلس الشيوخ الرومانى بترك مصر
فوراً

(2) فأذعن ورجع عن مصر حزيناً.

وهو
ما أشار إليه دانيال النبى "فيرجع إلى أرضه بغنى جزيل وقلبه على العهد
المقدس" فيعمل ويرجع إلى أرضه، وفى الميعاد يعود ويدخل الجنوب ولكن لا يكون
الآخر كالأول، فتأتى عليه سفن من كتيم فييئس ويرجع ويغتاظ على العهد المقدس ويعمل
ويرجع ويصغى إلى الذين تركوا العهد المقدس"
(دانيال 11 :
28 – 30
).
والغنى 
الجزيل المقصود هنا هو ما جمعه من أموال مصر، وأما العهد المقدس فهو الهيكل،
والآخر الذى ليس كالأول هو فشله فى المرة الثانية لغزو مصر بسبب تهديد الرومان
المشار إليهم بـ"كتيم" كما سبق الشرح، وأماّ الذين سيصغى إليهم ممن
تركوا العهد المقدس فهم الفريق اليهودى الذى اعتنق الهيلينية.

وبعد
عودته من مصر أرسل أبولونيوس هذا على رأس جيش كبير ليؤكد سلطته على أورشليم،(1)
غير أنه خدعهم أولاً حتى إذا ما اطمأنوا إليه، انتشر فى البلاد دون مقاومة حيث بدأ
فى مهاجمة الحصون والمدن، واضعاً يديه على موارد البلاد كما سبى النساء والمواشى،
ولم يعد ثانية بجيشه وإنما عزز الوجود السلوقى فى أورشليم
، وذلك من
خلال إنشاء قلعة لهم مقابل الهيكل.

ولذلك
فربما كان الهدف من حملة أبولونيوس هو الاستيلاء على اليهودية، وتحويلها إلى أرض
تابعة للملك "
chore
basilike
" فإنه وان لم تكن
حتى ذلك الوقت، مدينة لها امتيازات كاملة كما للمدن اليونانية (
polis) إلاّ أنها كانت أرضاً لها امتيازات أمة " شعب/ethnos" ومركز حضري رئيسي لشعب ذو امتيازات. وكان الُحكم السلوقي في
ذلك الوقت قد بدأ في فرض الضرائب الباهظة على اليهودية (1مكا 10: 30) قارن مع (11:
34) ولم ُيسم السلوقيين اليهود " شعباً مستقلا، إلاّ في أيام أنطيوخس الخامس
وذلك في رسالته سنة 162 ق.م. (2مكا 11: 25) رغم أن الرومان عندما خاطبوا اليهود قد
منحوهم هذا اللقب تقريباً (2مكا 11: 34).

مدينة
داود:

هى
القلعة التى بناها السلوقيون لهم وزودوها بالأبراج والأسلحة
والعتاد والأطعمة،
وأصبحت حامية سلوقية فى أورشليم يسكن فيها الجنود السوريون مع اليهود الهيلينيين،
وكانت هذه القلعة سبب تنغيص شديد لليهود، حيث كانت تطل على الهيكل وتكشف بالتالى
جميع ما يدور فيه من خدمات، وكثيراً ما كان الجنود السلوقيين ينزلون منها ليلحقوا
الأذى بمن فى الهيكل، أو لفض المنازعات والقضاء على الشغب، وهى تشبه القلعة التى
انشأها هيرودس الكبير ملاصقة للهيكل وتسمى "قلعة أنطونيا" والتى اعتبرها
اليهود غلطة معمارية!!.

أما
الحصن الذى أقامه أبولونيوس هنا، فيسمى "عكرة" والمعروف فى أغلب
الترجمات بـ"أكرا"
(Akra  كلمة ترادفAcropolic  والتي تعني قلعة مبنية على تل منحدر ُيشرف على مدينة) وسوف يُشار
إلى ذلك الحصن كثيراً فى الحملات
العسكرية التالية، وأما عن موقعه فهو غير
معروف بالضبط

(1)، غير أن الرأى الشائع، أنه كان مجاور
للهيكل (4: 41) وبالتحديد عند الطرف الجنوبى الغربى، وتُعرف مدينة داود دائماً
بأنها الرابية الغربية الكبيرة، كماتعرف أيضا بأنها "منطقة جبل صهيون"
وان كان السفر يفر
ّق بين الاثنين فى (7:
32).

ُانظر خريطة رقم (1).

إلاّ
أن الكتاب المقدس وكذلك علم الآثار والحفريات، ُيشير جميعها إلى أن مدينة داود
كانت على أرض منخفضة جنوب الهيكل (ملوك أول 8: 1 ونحميا 3: 15)، وبذلك فإن كل من
الهيكل ومدينة داود يقعان على التل الشرقي (أحد التلين اللذين ُبنيت عليهما
أورشليم) ولا ُتوجد أرض عالية ُتطل على الهيكل إلاّ من جهة الشمال، وبالتحديد في
الجنوب الغربي عبر وادي تروبيون
Tyropion.

ويرى
كثير من الدارسين أن قلعة "عكرة"، كانت تقع على التل الغربي الذي كان قد
أصبح ُيسمى "مدينة داود" في الحقبة المكابية، بينما اقترح آخرون أن تكون
في الطرف الشمالي للتل الشرقي. وفي عصر لاحق امتدت الأسوار الجديدة والمباني
واتسعت المساحة التي اُطلق عليها "مدينة داود" (1مكا 14: 42) بل أنه من
الحتمل أن يكون السور الذي امتدّ لاحقاً ليشمل المنطقة كلها قد ُاقيم على أساس هذا
التقليد!.

كما
ُيلاحظ أن كلمتي "قلعة" و"مدينة داود" قد استخدما بالتبادل
أكثر من مرة حسبما يكون النصّ. كذلك فإن كلمة "عكرة
Acra
" قد ُاطلقت على الكثير من التحصينات راجع (صموئيل ثان 5: 9
"يوناني" و ملوك أول 2: 35 "نص سكندري" و10: 22/أ
"فاتيكاني" ). بدليل التأكيد الوارد في (1مكا 1: 33-35 /3: 45  /10: 32
/14: 36 / 15: 28 و2مكا 15: 31: 35).
وغيرها: "القلعة
التي في أورشليم".

وهكذا
باحتلال اليهودية جعلها أبولونيوس قرية " غير مسوّرة " تابعة للجنود
السلوقيين في القلعة، وكأنها مستعمرة لمواطني أنطيوخس، ُيؤكد ذلك الكلمة الواردة
في هذا السفر:
Katikia والتي تعني مستعمرة. وعن أولئك الجنود تورد المشناه (قسم ميدوت Middot) أن اليونانيين (= السلوقيين) أحدثوا 13 ثغرة في السور الذي كان
يمنع الأمم من الاقتراب إلى الهيكل.

ُانظر
خريطة رقم (1).

مرثاة
(36 – 40):

      مرة أخرى
يتحو
ّل الكاتب من
النثر إلى الشعر، ليصف المأساة الناجمة عن حملة أبولونيوس وإقامة حامية عسكرية
وثنية فى البلاد، فقد كانت الاعتداءات السابقة عبارة عن حملات عسكرية خاطفة أو
طويلة، ما أن تحقق غرضها حتى تعود أدراجها من حيث جاءت، بعكس هذه المرة والتى
يتأكد فيها الوجود الوثنى
، من خلال المراقبة السلوقية للبلاد.

هذه
المرثاة
تشبه
ما ورد في (إرميا 4: 13 و مراثي 5: 1، 2 ،18 و1مكا 4: 38) وربما كان (مراثي 5 )
نبوءة عن اضطهادات انطيوخس !.
فى المرثاة يشير الكاتب
إلى "جرح" الحرية الدينية، بما فى ذلك من تلصّص على الكهنة والخدمة فى
الهيكل، وما ينتج عن ذلك من اهانات صادرة عن الجنود الساكنين فى الحصن المذكور،
وكان ذلك هو بداية هجر الكثير من اليهود أورشليم إلى الجبال وأطراف البلاد، إذ
شعروا بالغربة فى وطنهم، ويبدو أن الوجود السلوقى بجوار الهيكل قد أث
ّر بشكل ما
على العبادة فى الهيكل، وقد كان ذلك تمهيداً لكارثة إقامة الشعائر الوثنية فى
أورشليم ووقف الخدمة فى الهيكل، وكما أشرنا سابقاً فقد كان الهيكل والليتورجية عند
اليهود، يمثلان المحور الأول بين حياتهم.

 

اقامة
الشعائر الوثنية

41وكتب الملك أنطيوخس إلى مملكته كلها بأن
يكونوا جميعا شعبا واحدا 42ويتركوا كل واحد سننه، فأذعنت الأمم بأسرها
لكلام الملك. 43وكثيرون من إسرائيل رحبوا بعبادته فذبحوا للأصنام
واستباحوا حرمة السبت 44وأنفذ الملك كتبا عن أيدى رسل إلى أورشليم ومدن
يهوذا أن يتبعوا سننا غريبة عن أرضهم، 45ويبعدوا المحرقات والذبيحة
والسكيب عن المقدس ويستبيحوا حرمة السبوت والأعياد، 46وينجسوا المقدس
والأقداس، 47ويبنوا مذابح وهياكل ومعابد للأصنام ويذبحوا الخنازير
والحيوانات النجسة. 48ويتركوا بنيهم قلفا وينجسوا أنفسهم بكل نجاسة
وقبيحة، 49كى ينسوا الشريعة ويغيروا جميع الأحكام.50ومن لا
يعمل بمقتضى كلام الملك
ُيقتل. 51وكتب
بمثل هذا الكلام كله إلى مملكته بأسرها وأقام مراقبين على كل الشعب، وأمر مدن يهوذا
بأن يذبحوا فى كل مدينة. 52فانضم إليهم كثيرون من الشعب، كل من نبذ
الشريعة، فصنعوا الشر فى تلك الأرض.53وألجأوا إسرائيل إلى المخاب
يء فى كل مكان
فروا إليه.

 

إلى
جوار حنق أنطيوخس على اليهودية ومخططاته الاستعمارية الكثيرة، فقد كانت له رغبة
قوية فى جعل المملكة متحدة، وهو ما يتناغم مع رغبة الإسكندر الأكبر. ومن ثم فقد
قرّر فرض ثقافة واحدة وعقيدة واحدة، فأصدر مرسوماً ملكياً يُلزم جميع سكان مملكته
بمختلف أجناسهم ولغاتهم وثقافاتهم وعقائدهم، باتباع ما يقرره من الالتزام بالنظام
الدينى الجديد، وبذلك يكون ذلك المرسوم قد نقض الميثاق السابق الذى منحه أبوه
أنطيوخس
الثالث الكبير- لليهود فى سنة 198ق.م. والذى اعترف فيه بشريعة موسى ناموساً لهم
ونظاماً شرعياً، كما فعل ملوك فارس مع اليهود من قبل إبان فترة السبى.

وقد
كان أمره ببناء المذابح والهياكل مخالفة صريحة للشريعة والتي تأمر بوجود المذابح
في الهيكل فقط وفي الوقت ذاته هو هيكل واحد فقط (تثنية 12: 5-29) ولذلك يأمر
أنطيوخس بأن تقام المذابح في كل مدينة (آية 51) ليؤكد على هذا المعنى، فالكلمة
اليونانية المستخدمة هنا هي:
bomos وتعني مذبح غير شرعي (هوشع 10: 8 و عاموس 7: 9)(1).

وبموجب
هذا الميثاق من قبل أنطيوخس إبيفانس، أصبح التمسك بالشريعة والعبادة اليهودية،
مخالفة صريحة لدستور المملكة تستحق القتل، ومن هنا نشأ الاضطهاد السلوقى لليهود،
وظل اليهود يعانون أشد المعاناة، ولم يُنقض هذا الميثاق (المرسوم) إلاّ من خلال
خليفته أنطيوخس الخامس، والذى أعاد لليهود الحرية الدينية من جديد (1 مكا 6 : 57 –
71  و 2 مكا 11: 22 – 26).

كان
أنطيوخس فى الواقع وبمهارة شيطانية يضرب بذلك أعمدة اليهودية نفسها: الهيكل والسبت
والختان والطقوس والتى كانت فى الواقع -ضماناً يحمى هذه العبادة – وفرض لحم
الخنزير، والذى كان
ُيفزع اليهود ليس فقط لأن الشريعة تنهي عنه (لاويين 11
: 7  و تثنية 14 : 8)
بل أيضا بسسب التقاليد المتوارثة عنه، وكثيراً ما
يمتنع التلمود عن ذكر اسم الخنزير، بل يستخدم رموزاً له تدل على الكراهية، و
كذلك بدائلا للاسم مثل
"شىء آخر" راجع (أمثال 11: 22 و إشعياء 65: 4 و 16: 3 ، 17 و متى 7: 16)
وكان تقديم
الخنزير كقربان
، أمر شائع
لدى الأمم القديمة في منطقة الهلال الخصيب (هيرودوت 2: 57).

وقد
نظر السلوقيين إلى الشريعة باعتبارها كتاب يحرّض على مقاومة الملك وعباداته، مما
يعوق مسيرة التغيير التي يقودها، وبالتالي فإن امتلاك نسخة من التوراه ُيعتبر في
حد ذاته عملاً من أعمال التمرد (آية 56) وكان هذا الإجراء شائعاً في العالم القديم
ضدّ الكتابات التي ُتعتبر مضادة للحاكم والحكومة (إرميا 36)(1)

استجاب
لهذا الميثاق أو هذه الدعوة كافة البلاد التابعة لمملكة السلوقيين، بل ونسبة أيضا
لا بأس بها من اليهود أنفسهم لاسيما داخل فلسطين، وذلك بعد خطابات رسمية موجهة منه
إلى جميع المدن اليهودية (آية 44). ولكن ماذا تحمل هذه الدعوة فى طياتها؟ إنها
تعنى أمرين أولهما التخلى عن مظاهر الدين اليهودى وثانيهما إقامة الشعائر الوثنية.

ففى
الشق الأول
ُمنع الختان،
وعوقب بالقتل
كل
من
المختون
ثم الذى أجرى الختان بل ومَن سعى فى اجرائه (الأم مثلاً) ، وقد ذكر السفر حادثة
تؤيد ذلك (2 مكا 6: 10) وكان الختان على وجه الخصوص يعنى "الانتماء
ليهوه". وكذلك
ُمنعت الاحتفالات التى كانت تقام للسبت (اليوم
الأسبوعى للشعائر) سواء أكان ذلك فى الهيكل بأورشليم أو بالمجامع فى مختلف القرى
والبلاد، ثم مُنعت الذبيحة اليومية فى الهيكل وهو ما يعتبر بحد ذاته كارثة بالنسبة
لليهود، إذ
أن
وقف
الذبيحة يعنى تخلى الله عنهم وتخليهم هم فى المقابل عن واجباتهم من نحوه.
وُيلاحظ أن
قرار أنطيوخس لم ُيشر إلى ذبائح السلامة والخطية، وانما المحرقات والذبيحة
والسكائب، وهذه التقدمات الثلاث هي التي تمثل الخدمة اليومية المستمرة (سفر العدد
28: 3-8). هذا وُيورد يوسيفوس نصّ خطاب من أنطيوخس يعفي السامريين من الاضطهاد،
حيث يرد أن السامريين قدّموا التماسا إلى أنطيوخس ألاّ يعتبرهم مثل اليهود حتى وان
كانت هناك بينهم صلة قربى(1).

وفى
المقابل أمر بتقديم الذبائح للإله زيوس فى القرى والمدن فماذا كان يعنى ذلك؟.

 

شناعة
الخراب على مذبح المحرقات

54وفى اليوم الخامس عشر من كسلو فى السنة
المئة والخامسة والأربعين، بنى الملك شناعة الخراب على مذبح المحرقات، وبنوا مذابح
فى مدن يهوذا من كل ناحية 55وكانوا يحرقون البخور على أبواب البيوت وفى
الساحات. 56وما وجدوه من أسفار الشريعة مزقوه وأحرقوه بالنار. 57وكل
من
ُوجد عنده
سفر من العهد أو اتبع الشريعة، كان يقتل بأمر الملك.
 58وكانوا يعملون قوتهم شهرا بعد شهر فى جميع الإسرائيليين المأخوذين
فى المخالفة فى المدن. 59وفى اليوم الخامس والعشرين من كل شهر، كانوا
يذبحون على المذبح الذى فوق مذبح المحرقات 60وكانوا، بمقتضى الأمر
الصادر، يقتلون النساء اللواتى ختن
َّّّ أولادهنَّ،
68ويعلقون أطفالهنَّ فى أعناقهن
َّ، ويقتلون
أيضا أقاربهن
َّ والذين ختنوهم.

 

كان
ذلك فى الحقيقة بمثابة اضطهاد منظ
ّم من قبل المملكة، وكان ذلك يعنى فى
الفكر اليهودى: (التعدّى على حقوق الله) بحسب الترجمة اللاتينية، بينما فى
اليونانية التعدى على "الأوامر" أو "الشعائر" (آية 49)(1)
وفى المقابل أمر الملك بإقامة المذابح على اسم الإله زيوس (زفس) فى كل قرية
ومدينة، وربما حدّد موقع المذبح فى المكان الذى يجتمع فيه اليهود للعبادة فى تلك
النواحى، رغبة من الملك فى احلال عبادة زيوس محلّ عبادة يهوه، على أن ُ
تقدم على تلك
المذابح، ذبائحاً على اسم الإله الوثني في ذكرى عيد ميلاد
الملك والذى
كان يوافق الخامس والعشرين من كل شهر.
ولا شك أن هذه العبادة
كانت تحمل فى طياتها عبادة الملك نفسه والذى نادى بنفسه إلهاً، أو بمعنى آخر اعتقد
أنه تجسدّ للإله زيوس على الأرض !! وربما من هنا جاء لقب
"إبيفانس" المرتبط
باسمه (ويعنى الظاهر أو المتجلّي) وهكذا فإن الذبائح كانت فى الواقع تقدم باسمه
وله.

 

وكان
ذروة ذلك فى الخامس عشر من شهر كسلو من سنة 145 سلوقية (ويقع في النصف الأول من
ديسمبر سنة 167ق.م.
) ذلك عندما جعل هيكل أورشليم هيكلاً للإله زيوس
الأوليمبى
، نسبة إلى
الألعاب الأوليمبية التى كانت تقام بالقرب من أورشليم على شرفه، وهو يماثل ما فعله
بهيكل جرزيم بالسامرة حين حّوله هيكل
ا للإله زيوس المضياف،
وقدّم خنزيرة كذبيحة على المذبح، وهو الأمر الذى استشنعه اليهود، ورأوا فيه
تحقيقاً لنبوة دانيال "وتقوم منه أذرع وتنجّس المقدس الحصين وتنزع المحرقة
الدائمة وتجعل الرجس المخرّب والمتعدون على العهد يغويهم بالتملقات أما الشعب
الذين يعرفون إلههم فيقوون
ويعملون " (دانيال 11 :
31، 32 )
ثم يحدد النبى الموعد بدقة بالغة فيقول "ومن وقت إزالة المحرقة
الدائمة وإقامة رجس الخراب
حتى تطهير الهيكل ألف ومئتان وتسعون يوماً" (دانيال 12: 11 قارن مع (متى 24: 15وما يليه).

 

ولكن لماذا اختار أنطيوخس اليوم "الخامس
عشر" من شهر " كسلو" ؟:

          ربما
كان تقويم الاحتفالات السوري الوثني هو الذي جعل أنطيوخس يختار شهر كسلو، بينما
الممارسات الطقسية اليهودية واليونانية هي التي جعلته يختار الخامس عشر، فقد بدأ
تكريس هيكل سليمان في الشهر السابع (أخبار الأيام الثاني 5: 3) حيث بدأ الاحتفال
في الخامس عشر من الشهر (لاويين 23: 34، 39) أما بالنسبة لليونانيين فقد كان وقت
اكتمال القمر (البدر) حوالي الخامس عشر: وقتاً مناسباً لبداية الأشياء لديهم.

         

تأثير الاحتفالات الوثنية في المنطقة المحيطة:

      ففي فينيقية
كانت هناك دورة الأعياد الأدونية المنسوبة للإله الشعبي أدونيس
، على مدار
السنة وخاصة في نهاية فصل الحصاد في تلك المنطقة. أمّا الحثيين فكان لديهم ثمانية
عشر عيدا موزعة على مدار السنة ومجموعة أخرى تأتي بعد عيد الحصاد ..أما الإغريق
فكان العيد االرئيسي الكبير هو: الساتورناليا، والذي يجيء في نفس توقيت عيد
الحانوكا اليهودي في شهر ديسمبر.

          وكان
التقويم الإغريقي تقويم ديني في جوهره، وكانت شهور كثيرة تسمى بأسماء ما يقع فيها
من أعياد دينية، فالشهر الأول هو شهر هكتمبيون(يوليو/أغسطس) …..وفي الشهر الرابع
البيانبيسيون كان يحتفل بأعياد البيانيسيا والأسكوفوريا والثسموفوريا، وكانت نساء
الأغريق في هذا الشهر(وهوالموافق لديسمبر) يعظمن دمتر ثسموروس بإقامة طقوس أرضية
مخزية.

          من هذا
الكلام يتضح لنا لماذا اختار أنطيوخس هذا الشهر بالذات للإحتفال بعيده الوثني
، إذ أن هذا
الشهر حسب التقويم اليوناني الذي كان يتبعه، كان به احتفالات الدعارة الجماعية وهو
الأمر الشائع والمتأصّل في منطقة الهلال الخصيب منذ أقدم العصور، وفي العصور
اليونانية عرفت بإسم الأعياد الأدونية، نسبة للإله أدونيس وهو إله الشمس.

          فمن
خلال عيد الساتورناليا "عيد الشمس التي لا تقهر" في 25 ديسمبر ومن خلال
الأعياد اليونانية والكنعانية القديمة عرفنا لماذا اختار هذه الأيام بالذات ولماذا
ارتبط هذا العيد المذكور هنا بالنجاسة، وذلك لإقامة طقوس الدعارة الجماعية الذي
كان يحتفل به مرتين في السنة عند الربيع و في هذا اليوم بالذات. لأن فيه يبدأ
النهار يطول مرة أخرى، ونتيجة لإرتباط هذه الآلهة بالشمس والخصب فقد أقاموا لها
هذا العيد في هذه الفترة ..(1)

وهكذا سميت
هذه التعديات
" شناعة الخراب "
(دانيال 9 : 27) راجع أيضا (2مكا 6 : 1 – 11) والتى هى مذبح بعمل شما
يم أو زيوس  الأوليمبى،
وهو ما يؤكده يوسيفوس من أن رجس (وثن) الخراب هو بناء مذبح الأصنام على مذبح
المحرقة فى الهيكل حيث وصفه قائلاً (المذبح الذى فوق المذبح) ويوحى (2 مكا 6 : 2)
بأنه مكرس باسم زيوس الأوليمبى(1).

وجاءت
رجسة الخراب في العديد من المراجع التلمودية بـ ( تمثال لزيوس الأوليمبي ( التلمود
الأورشليمي – السبت 11: 4 ) وجاءت في مراجع أخرى : رجسة الخراب كانت وجه ملك، أو
وجه كلب . والبعض قدم أبحاثا في أن رجسة الخراب كان إله الفينيقيين بعل شمايم ،
وهكذا جاءت في الترجمة الآرامية لمكابيين الثاني 6 : 2 " بعل شامين " وقد
وضعوا التمثال في واجهة الهيكل كعادة اليونان في وضع تماثيل آلهتهم في مقدمة
هياكلهم.

وكان
هذا السلوك وهذا التاريخ هو الطريقة التى خلّد بها أنط
يوخس عمله
هذا، ويقول يوسيفوس أن السامريين بالفعل كانوا يسمون أنطيوخس "الإله
المتجسد". وتوحى (الآية 55) بإقامة ال
ُنصب
والتماثيل فى الشوارع، وبوجود رجال دين وثنيين يجتهدون فى نشر العبادات الوثنية من
خلال الطقوس والثقافة.

أبواب
البيوت والساحات (آية 15)

          كان ذلك
لضمان اشتراك السكان، والمعنى هنا يتضمن الذبح أيضاً وليس مجرد البخور (وكان هذا
الأمر معروفاً في المدن اليونانية خلال القرن الثاني ق.م. أي الذبح عند أبواب
البيوت)(2) وكان في ذلك مخالفة صريحة –وربما
متعمدة- لما ورد في الشريعة (تثنية 12: 5-18) راجع أيضاً إدانة الهياكل غير
الشرعية في (حزقيال 16: 25 ،31) كما نجد أن عبادة ملكة السماء كانت تمارس في مدن
يهوذا وشوارع أورشليم.

الآيتين
(58، 59):

ومع الوقت راح جنود أنطيوخس ينتقمون من الرجال المخالفين لأوامر الملك
، باعتبارهم
جماعة معاندة تشجع آخرين على التمرد، وانتشروا كفرق إرهاب فى المدن اليهودية،
ويعنى تعبير "شهر بعد شهر" أن أعمال العنف كانت تتجدد من شهر لآخر فى
مناسبة العيد الشهرى فى الخامس والعشرين
، حيث الذبيحة الشهرية
لـ"زيوس"
وهو في الواقع عيد ميلاد أنطيوخس (2مكا 6: 7) وما يصاحب
ذلك من رفض اليهود مما يعرضهم بالتالى للأذى.

معاقبة
المختونين (الآيتين 60، 61):
كان الختان على وجه الخصوص يعنى الانتماء الدينى
والقبلى لـ"يهوه" وبالتالى فقد كان الغرض من منع الختان هو الرغبة فى
تفتيت هذه الهوي
ّة، اضافة إلى تقزّز السلوقيين – لاسيما فى ظل
الحضارة الهيلينية – من اجراء الختان، وقد ُاعتبر كل مختون مثله فى ذلك مثل جميع
الذين اشتركوا فى عملية الختان، عمليا أو معنوياً أو دينياً
ُمعرَِِّضين
جميعاً للعقاب، وفى هاتين الآيتين يتحدث كاتب السفر عن حادثة جرت بالفعل، حيث
ُيؤكد الوصف ذلك، راجع (2 مكا 6: 10).

 

ركب لم تجثو
لبعل

                62غير أن
كثيرين فى إسرائيل صمدوا
وصمّموا فى
أنفسهم على أن لا يأكلوا
 نجسا، 63وارتضوا
بالموت لئلا يتنجسوا بالأطعمة ولا  يدنسوا العهد
 المقدس،
فماتوا. 64وحل على إسرائيل غضبٌ شديد
ُ جدا.

ومع
كل ذلك فقد وقف الكثير من اليهود موقفاً بطولياً تجاه هذا الاضطهاد، وذلك استباقاً
للشهداء المسيحيين وجميع المعترفين الذين حافظوا على "حقوق الله"  فى مواجهة
عروض الشر، ودافعوا عن الشريعة والناموس والتقليد، وهكذا
ُوجد العديد
من اليهود ممن لم يذعنوا لهذه الدعوة.

          وقد
نتج عن ذلك ما يشبه "كنيسة السراديب" سواء فى روما إبان عصور الاضطهاد،
أو فى الإتحاد السوفيتى فى القرن العشرين، حيث انتشرت أماكن العبادة تحت الأرض وفى
الكهوف والمغائر، وكان اليهود يمارسون احتفالات السبت فى مثل هذه الأماكن بعيداً
عن رقابة السلوقيين، وكذلك الختان وبقية الصلوات والأعياد، ومراعاة الطعام الطقسى
وغيرها.

وهكذا
تبقت آلاف الركب التى لم تجثُ لبعل (ملوك أول 19 : 18).



(1) هذه المقدمة كفاتحة للسفر،
نجد لها شبيها في عدة أسفار من العهد القديم، مثل: ( تثنية 1: 1-4 واستير 1:1
ويهوديت 1: 1-4 و ارميا 1: 1-3 و 34: 8-11) ومن خلال تلك الافتتاحيات نحصل على
أسماء ومواقع وأزمنة هامة لدراسة السفر.

(1) ينطق هذا الاسم ويكتب
فى العبرية "حونيا" ، ولكنه يترجم أونيا فى اللغات الأخرى المنبثقة عن
اللاتينية، وذلك لعدم وجود حرف الحاء "ح" فيها.(انظر التعليق على اسم
أونيا في الأصحاح الثاني عشر).

(1) دائرة المعارف
الكتابية/كتيم- دار الثقافة المسيحية.

(1)
انظر:
يوناثان جولدشتاين – ص191 والمقدمة (ص  72 ، 73 ).

(1)
يرد
فى التاريخ أن الإسكندر – وهو على دراية بتأثر الشعوب بالأساطير – ذهب إلى
"جورديوم" وقام بقطع العقدة التى ترتكز عليها إمبراطورية آسيا كما تروى
الأساطير!! (دائرة المعارف الكتابية. جزء 1/ الإسكندر).

(1) راجع قصة الحضارة: وول
ديورانت. الجزء الرابع / ص533 –مهرجان القراءة للجميع. سنة 2001م

(2) أمّا عن البلاد والأمم في الآية ذاتها، فقد كانت كلمة اثنوس ethnos في
اللغة اليونانية القديمة، تعني أمة ذات حكم ذاتي محلّي رغم خضوعها للامبراطورية،
وُتجمع منها الضرائب فقط بواسطة موظّفين، وقد كان ذلك بحد ذاته امتيازاً، ويرد في تاريخ
استرابو أنه كانت هناك أربع أمم فقط تتمتع بهذا الامتياز داخل سوريا الجوفاء (قول
سوريا) التابعة للامبراطورية السلوقية، وهي: اليهود. أدوم. غزة. أشدود. ولكن
اليهود لم يكن ُينظر إليهم كشعب
ethnos
بهذا الشكل في حكم الملوك الفرس أو في ظل الامبراطورية الرومانية قبل سنة 200 ق.م.
بل كدولة مستقلّة، وربما كان مفهوم اصطلاح شعب أو أمة
ethnos: يونانياً خالصا، يعني أيّ مجموعة عرقية، ولذلك لم
ُيستخدم في الإشارة
إلى اليهود في الترجمة اليونانية لسفري عزرا ونحميا، حتى
عندما أشار بوليبيوس المؤرخ إلى انتصار سكوباس على "أمة اليهود" في
أحداث سنة 201/200 ق.م. لم يكن يعني التعبير بشكله الفني.

(1)
لمزيد
من التفاصيل عن شخصية الإسكندر وتأثيره، انظر: قصة الحضارة. وول ديورانت. الجزء
الرابع – ص529-540/ مهرجان القراءة للجميع. سنة 2001م المرجع السابق ص529-540. وما
ورد فيه ي}كد دون شك الحقائق الواردة في سفري المكابيين.

(1) راجع كتاب: مدخل إلى
سفري المكابيين. ص25 – 32.

(1)
راجع
زينوفون (13: 3 ) ، وفي الترجمة السبعينية ترجمت دياديما أيضا بمعني تاج الملك
وجاءت في السبعينية في المواضع الآتية (إستير 1: 11 ) ، عمامة ( إشعياء 62: 6 )
شريط، كما في ( إستير 8:15 ).

(1) الآثار اليهودية 12 :
5
.

(2) المرجع السابق.

(1)
وهى
السنة 137 من
مملكة اليونان
،
ويجب أن نلاحظ أن هناك تقويانم سلوقيان، سلوقي بابلي وسلوقي مقدوني (يوناني).
إذ يبدأ
الأخير فى ربيع سنة 312 ق.م. وهى سنة تأسيس أنطاكية، بينما يبدأ نفس التقويم فى
بابل فى خريف 311 ق.م. فإذا كان أنطيوخس قد ملك فى سنة 175ق.م. فيكون فرق الحساب
بين التقويمين هو 38 سنة
. بدأ العمل بالتاريخ الجديد أيام سلوقس الأول نيكانور في اليوم الأول من
أكتوبر 312 ق.م ( أنظر الآثار اليهودية ليوسيفوس 13 : 6 ، 7 ) وبدأ اليهود العمل به
في اليوم الثاني من الأسبوع ( ال
اثنين ) ، الموافق التاسع من شهر تشري –
سبتمبر / أكتوبر – لسنة 3450 من خلق العالم . راجع أفندوفولو في ملحق كتاب
"عباءة
" إيليا لـ 
بشايسي كوستنديا 219 ، 5 : 2 وأيضا راجع برنشتاين 8 : 290 .وهذا التاريخ هو سابق
لخراب الهيكل بحوالي 380 سنة وهذا هو الإثبات " الآن لي عشرين سنة في بيتك :
أربع مئة إلا عشرين (راجع تفسير رابي كوهين للمكابيين ومجموعة الشواهد اليهودية
التراثية في هذا الموضوع . كما أن هذا التاريخ ظل معمول به في زمن الجاؤونيم وظل
معمول به حتى سنة 6400 لخلق العالم  (رجاء الرجوع إلى مدخل السفرين. ص 76).

(1) تاريخ يوسيفوس –
الخواجا سليم نقولا. بيروت/ص 52، 53.

(1) في مقابل هذه
الاهتمامات:  ُاولع الرومان بالألعاب الخطرة وسفك الدماء والمصارعات مع الوحوش.

(1)
وكانت
هذه العملية الخاصة بإخفاء الختان تعمل عن طريق خاتم ثقيل مصنوع لهذه الغاية،
وهناك بحث طبي في هذه العملية التي عرفها القدماء في:
Grimm,
Celsus de medic
 

(2)
انظر:
مخطوطات قمران – البحر الميت / أندريه روبون- سومر- مارك فيلوننكو.  ترجمة وتقديم:
موسى أديب الخوري/ الجزء الثاني – ص 506/دار الطليعة الجديدة – دمشق 1998م. وكتاب ميثاق
موسى هو سفر غير موحى به، كتبه شخص أسيني ما بين 30 و7 ق.م. ويحتوي على معلومات عن
زمن كتابته فقط وبعض تواريخ اليهود. وأول من نشره هو " كرياني
Ceriani".

(1)
راجع:الديداكية،
تعريب الأبوين جورج نصور ويوحنا ثابت. رابطة الدراسات اللاهوتية في الشرق الأوسط-
الكسليك/1975م ص175-178. و كتاب الديداخي (تعاليم الرسل) راهب من الكنيسة القبطية
/ ص129-133.

(1)
تأتي كلمة المجامر في بعض المواضع بمعنى أطباق(ربما لحفظ البخور) أمّا بالنسبة
للحليات والرسوم المذهبة، فقد حطمها إذ لا يستطيع نزعها، لا سيما وأن الفعل أخذ في
آية 21 يمكن أن يستعمل مكانه الفعل حطّم  (راجع 1مكا 4: 57).

(2)
دار
جدل كثير حول ورود هاتين الكلمتين "إسرائيل" و"أورشليم
": في الآية، حيث ظن بعض العلماء أن إسرائيل هنا مضافة، بمعنى أنها ُوضعت في
الهامش بيد ناسخ ثم أضافها ناسخ لاحق داخل المتن، بينما رأى آخرون أن السبب هو
الخلط بين الاختصار الشائع لـ أورشليم
Ilem واختصار إسرائيل Iel  .ولكن اللبس يتلاشى إذا
انتبهنا إلى أن إسرائيل تعني الشعب في حين تشير أورشليم إلى المدينة، راجع (1مكا
3: 25 " يستأصل شوكة اسرائيل وبقية أورشليم" ).

(1) انظر يوناثان جولد
شتاين 1مكا 1: 20 . وطبقا للمؤرخين كان لأنطيوخوس أربع حروب مع مصر في أربع سنين
متوالية ( 171 ق .م  إلى 168 ق.م ) وهذه هي الحرب الثانية التي أصبح بعدها سيدا
على مصر باستثناء الإسكندرية (2مك 5 : 1).

(1) دائرة المعارف البريطانية-
الحروب السورية.

(1) بحسب ما يورده إلياس
الدبس مطران بيروت المارونى،
تاريخ سورية الدنيوى
والدينى/ عدد 427.

(2) راجع التلمود: باب 
يوما " 57 :1"

(1) مازال هناك جدل حول
العصر الذي ينتمي إليه هذا المزمور.

(1)
والكلمة
اليونانية المستخدمة هنا لـ "رئيس الجزية" هي كلمة مقاربة للكلمة
العبرية التي تعني "قائد المرتزقة" بحيث ُيعطي معنا مزدوجاً (جناس)
بالنسبة لمن يعملون لدى الملك.

نجد
أن المترجم اليوناني للسفر إختلط عليه الأمر عندم
ا ترجم (
رئيس الجزية ) إذ ترجمها كالآتي :
arxonta fronologias إذ أن الكلمتين متشابهتين في العبرية جدا والاختلاف في تشكيل حرف
واحد ( سر هموسيم و سر همسيم ).

(2)
فى
عجرفة بوبليوس الرومانية رسم دائرة حول أنطيوخس على الأرض، مطالباً إياه بالرد على
انذار روما قبل الخروج من هذه الدائرة!!، جاء ذلك رداً على طلب أنطيوخس بمنحه مهلة
لدراسة الأمر.

(1)
أرسل
أنطيوخس أبولونيوس من بعد سنتين، أو على وجه الدقة سنة وبعض السنة (ما بين نهب
أورشليم في سبتمبر/أكتوبر 169ق.م. وحملة أورشليم) حيث يحسب دانيال الثلاث سنوات
ونصف في (7: 25) من حملة أبولونيوس إلى السنة السبتية أوائل خريف 164ق.م. فمن
المحتمل أن حملة أبولونيوس حدثت في أبريل 167ق.م.

(1) لمزيد من التفاصيل عن تسمية
مدينة داود والقلعة ومكانهما: انظر
Jonathan, 1Macc.
1:29-40
.

(1) كما وردت كذلك الكلمة temenos
في (هوشع 8: 14) وتعني أيضا هيكل غير شرعي.

(1) راجع:  Jonathan,
1Macc.  p.226

(1) راجع: Jonathan
Goldstien, 1Macc. P.223 & Josephus, At  xii 5:5, 260-261
 

(1) هذه من المرات القليلة
جداً التى يذكر فيها اسم الله فى السفر فى الترجمة اللاتينية، رغم عدم وجوده فى
السبعينية.

(1)
لمزيد
من التفاصيل راجع: " الحضارة الفينيقية " ل ج. كونتو وترجمة د. محمد عبد
الهادي شعيرة إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 168 إلى 170 . وكتاب "
الحثيون " للكاتب جرني وترجمة الدكتور محمد عبد القادر محمد وإصدار الهيئة
المصرية العامة للكتاب في صفحة ( 184 إلى 186 ) وكتاب: قصة الحضارة/ وول ديورانت-
المجلد الثالث– اصدار مكتبة الأسرة ومهرجان القراءة للجميع صفحة 362. وكتاب:
المعتقدات الكنعانية /خزعل الماجدي- صفحة 165 ، 166

(1) ُيقال أن
رجسة الخراب تتكون من ثلاثة أصنام حجرية تمثل إله اليهود ومعه الإلهة ملكة السماء
وابنهما الإله ديونيسيوس
.Jonathan , p.224

(2) ما تزال عادة ذبح
الحيوانات على الأبواب، شائعة في الكثير من القرى في الشرق الأوسط، وان كانت بغير
دافع عقائدي.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي