الإصحَاحُ
الرَّابعُ

موسى
يلتقى بشعبه

بعدما
التقى موسى بالله خلال العليقة الملتهبة نارا كان لابد لموسى النبى أن يترك مديان
ليلتقى بهرون أخيه وبشعبه فى مصر:

 (1) معجزات ثلاث لشعبه

كما
ظهر الله لموسى خلال العليقة المتقدة نارا يعلن له سر الخلاص خلال التجسد الإلهى
والميلاد البتولى والألم، كان لابد أن يمنح موسى إمكانية تقديم بعض المعجزات التى
تحمل ظلا لهذا السر أى الخلاص، خلال التجسد الإلهى والصليب. لقد وهبه ثلاث معجزات
يمارسها أمام شعبه، ليس لمجد إظهار قوة فائقة للطبيعة، وإنما تعلن عمل الله الفائق
نحو الإنسان. هذه المعجزات هى: تحويل العصا إلى حية، وجعل يده اليمنى برصاء، تحويل
الماء إلى دم.

 أولا:
تحويل العصا
إلى حية

سأل
الله موسى: ما هذه فى يدك؟ فقال " عصا "
ع 2

ألم
يعلم الله ما بيد موسى، فلماذا سأله هكذا؟.. حتى يتذكر أنها كانت عصا قبل أن تتحول
إلى حية!

هذه
هى طريقة الله فى تعامله معنا كأن يسأل عن لعازر: قائلا
" أين وضعتموه؟ "
يو 11: 34، حتى متى أقامه يشهد اليهود
أنفسهم أنه أقامه من القبر.

لقد أمر الرب موسى أن يلقى عصاه، التى دعيت فيما بعد عصا الله (ع 20)
على الأرض فتصير حية تبتلع كل حيات المصريين. الله الكلمة هو عصا الله وقوته الذى
نزل على الأرض من أجلنا، هذا الذى لم يعرف خطية صار خطية لأجلنا (2 كو 5: 21) لكى
يقتل كل خطايانا، أى حملت المعجزة ظلالا لسرى التجسد والصليب.

ينطبق
هذا الرمز بحق على الرب، لأنه إن كانت الخطية هى حية، والرب صار خطية، إذن النتيجة
المنطقية واضحة للجميع. بكونه صار خطية صار أيضا حية هذه التى ليست إلا أنها خطية.
من أجلنا صار حية لكى يلتهم حيات المصريين التى أوجدها السحرة ويقتلها.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عُوفل ل

هروب موسى من الحية وخوفه منها، يمثل هروب التلاميذ من السيد المسيح،
عندما مات على الصليب. فالأنسان يخاف ويرتعب عندما يدرك قوة العمل الإلهى.

أخيرا،
فإن عودة الحية إلى عصا مرة أخرى إنما تشير إلى السيد المسيح الصاعد إلى السموات،
إلى أمجاده بعدما مزق الصك الذى كان علينا، ليقيمنا معه ويجلسنا معه فى السمويات،
شركاء معه فى المجد، نستقر فى حضن أبيه ببره.

 ثانيا: يده اليمنى برصاء:

إن يد
الله الآب اليمنى أو يمين الآب إنما هو الأبن الجالس عن يمينه، أى قوة الآب، هذا
الذى فى حضنه، لقد نزل إلينا حاملا خطايانا (البرص يشير إلى الخطية) ليغسلنا
ويقدسنا ثم يعود بنا إلى حضن أبيه أصحاء بلا خطية، وكأن هذه الآية إنما تؤكد الآية
السابقة.

ويرى
القديس أغسطينوس فى قول المرتل " لماذا ترد
يدك ويمينك؟ اخرجها من وسط حضنك. إفن، والله ملكى منذ القدم فاعل الخلاص فى وسط
الأرض "
مز 74، يرى أنها صرخات موجهة لله الآب حيث يطلب أن يرسل
إبنه الوحيد " يمينه " الذى فى وسط حضنه، ليفن الشر مقدما الخلاص فى وسط
كل الأمم.

 ثالثا: تحويل الماء إلى دم:

جاءت
هذه المعجزة لتثبيت المعجزتين السابقتين، فإنه لا خلاص لنا إلا خلال دم السيد
المسيح، الذى يقدس مياة قلبنا الباردة.

 (2)
أنا ثقيل الفم واللسان:

اعتذر
موسى النبى عن الخدمة قائلا: " إستمع أيها
السيد. لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس ولا من حين كلمت عبدك، بل أنا
ثقيل الفم واللسان. فقال له الرب: من صنع للإنسان فما أو من يصنع أخرس أو أصم أو
بصيرا أو أعمى، أما هو أنا الرب؟! فالآن إذهب وأنا أكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به
"
ع 10 – 13.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس قاموس الكنيسة أبروسفارين ن

متى
شعر موسى أنه ثقيل الفم واللسان؟ حين كان فى القصر إبنا للأميرة إبنة فرعون، يتدرب
بكل حكمة المصريين كان يشعر أنه قادر على الكلام، أما الآن إذ صار فى حضرة الرب
نفسه شعر أنه ثقيل الفم واللسان!

بالوقوف
أمام الله اكتشف موسى النبى ثقل فمه ولسانه، إنسحق فى داخله معتذرا عن الخدمة
فتأهل بالأكثر لكى يملأ الله فمه ليخدم. وقد تحدث الآباء كثيرا عن اتضاع موسى.

لم
ينفتح فم موسى وحده ليتكلم الله فيه ؛ وإنما أيضا انفتح فم أخيه هرون، هذا الذى
التقى مع موسى عند جبل الله (ع 27). وكأن كل من يريد أن ينفتح فمه ويتمتع بكلمات الرب
والمعرفة الإلهية يلزمه أن يلتقى بموسى (الناموس) روحيا على جبل الله أى داخل
الكنيسة المقدسة الإلهية.

 (3)
هرون كسند لموسى:

 بالرغم
من كل تأكيدات الله لموسى أنه هو الذى يعمل فيه، وهو ملتزم بإنجاح طريقه، لكن موسى
عاد ليقول: " إستمع أيها السيد. ارسل بيد من
ترسل ".
حقا ما أتعب القلب البشرى حين يتعب! لقد حمى غضب الله (ع 14)، فخسر موسى إنفراده
بالرسالة، وقدم له الله شريكا، حقا إن الشركة فى الخدمة جميلة ومبهجة فقد أرسل
الرب تلاميذه إثنين إثنين، لكن ما حدث مع موسى كان ثمرة ضعفه وإصراره على الهروب
من المسئولية.

على
أى الأحوال، حول الله حتى هذا الضعف للخير، إذ صار هرون سندا لموسى، ورمزا للملاك
الحارس.

(4)
ترك مديان:

إذ
أمر الله موسى أن يرجع إلى مصر ليخرج الشعب قال له: "
أنظر جميع العجائب التى جعلتها فى يدك، واصنعها قدام فرعون. ولكننى اشدد قلبه حتى
لا يطلق الشعب "
ع 21 هكذا سبق فأعلن الله له الإمكانيات التى
وهبه إياها وأيضا بالتجارب التى تحيط به حتى لا يخور فى طريق الجهاد، هذا ما فعله
السيد المسيح معنا، أكد لنا " ثقوا أنا قد
غلبت العالم "
يو 16: 33، وفى نفس الوقت قال " ها أنا أرسلكم كحملان فى وسط ذئاب "
مت 10: 16.

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين القس منيس عبد النور ر

(5)
ختان إبن موسى

يبدو
أن زوجة موسى الغريبة الجنس، صفورة إبنة يثرون، خافت على إبنها من الختان، وقد خضع
موسى النبى لرأيها.. هكذا حتى العمالقة فى حياتهم الروحية يتعرضون لضعفات قد تدفع
لهلاكهم.

كان
لزاما على موسى أن ينطلق بزوجته من مديان ليعمل فى كرم الرب، وكان لزاما عليه أن
يختن الإبن ثمرة اتحاده بهذه الزوجة.

قابلهم
الملاك، وأرعبهم هذا اللقاء، لكن زوجته هدأت الملاك بتقديم إبنها طاهرا، إذ نزعت
عنه العلامة الخاصة بالغرباء (الغرلة) تماما.

(6)
بدء العمل:

التقى
موسى وهرون أى الوصية الإلهية مع العبادة الورعة الكهنوتية، وتلاقيا مع جميع
الشيوخ، الذين خضعوا لعمل الله وكلماته، أما الشعب فإذ سمعوا " خروا وسجدوا " ع 27.

إنها
صورة حية لخضوع كل طاقات النفس والجسد للعمل الإلهى خلال قبول كلمة الله والعبادة.

حقا
ما أحوجنا أن نعمل فى القلب، كرم الله المقدس، خلال كلمة الله وبروح تعبدى ليصير
القلب كله مقدسا للرب، خاضعا له!

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي