الإصحَاحُ
السَّادِسُ عَشَرَ

تجربة
الطعام

(1)
فى برية سين

فى سفر الخروج يقول: " ثم ارتحلوا من إيليم وأتى كل جماعة بنى
إسرائيل إلى برية سين "
ع 1، أما سفر العدد فيوضح بأكثر تفصيلا قائلا " ثم
ارتحلوا من إيليم ونزلوا على بحر سوف ونزلوا فى برية سين "
عدد 33: 10، 11

يرى العلامة أوريجانوس أن إيليم تعنى " الأكباش "، ولو أن البعض
يرى أنها تعنى
" الأشجار ". فى رأيه أن الأكباش تمثل
قادة القطيع حيث الإثنا عشر تلميذا (عين ماء) والسبعون رسولا (نخلة). هؤلاء قادوا
بالمسيح يسوع الشعب إلى شاطىء بحر سوف (عدد 33: 10)، لكنه من الجانب المملوء
أمانا، إذ عبروه مرة واحدة، وفيه هلك إبليس وجنوده. الآن
" يستطيعوا
أن ينظروا البحر ويروا أمواجه لكنهم لا يخافون حركاته ولا عواصفه "

إرتحلت الجماعة المقدسة من بحر سوف ونزلت إلى برية سين، وهى المدينة
التى أنزل الله فيها المن للشعب للمرة الأولى..

 (2) تذمر الشعب:

إذ مضى شهر على خروجهم من أرض العبودية قدموا لله تذمرا عوض تسبحة
الشكر والحمد له، إذ قالوا لموسى وهرون:
" ليتنا متنا بيد الرب
فى أرض مصر إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزا للشبع، فإنكما أخرجتمانا إلى
هذا القفر لكى تميتا كل هذا الجمهور بالجوع "
ع 3

يقول الكتاب " رجعوا بقلوبهم إلى مصر "، حقا لقد ذاقوا مرارة
العبودية والذل واختبروا عربون أرض الموعد ومارسوا حياة الغلبة والنصرة ومع هذا
كانوا فى كثير من الأوقات يشتاقون إلى رائحة قدور اللحم، إلى
" شهوة
العين وشهوة الجسد وتعظم المعيشة "
أمام لذة الخطية الدنيئة
ينسى الإنسان بركات الله ونعمه، مشتهيا الذل عن الحرية!

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ز زرحيا ا

لم يكن الجوع هو السبب فى التذمر بل كان ذلك طبعهم، فإنهم حتى بعد أن
قدم لهم هذا الطعام اليومى الطازج الذى لا يتعبون فيه لم يكفوا عن التذمر، بل
عادوا يبكون قائلين:
" من يطعمنا لحما؟ قد تذكرنا السمك الذى كنا نأكله فى مصر
مجانا والقثاء والبطيخ والكرات والبصل والثوم. والآن قد يبست أنفسنا، ليس شىء غير
أن أعيننا إلى هذا المن؟!
عدد 11: 4 – 6

وكما يقول القديس جيروم: [إحتقروا طعام الملائكة
وتنهدوا على لحم مصر، صام موسى أربعين يوما وأربعين ليلة على جبل سيناء مظهرا أن
الإنسان لا يعيش على الخبز وحده بل على كل كلمة الله. يقول الرب إن الشعب شبع فصنع
أوثانا. كان موسى يتسلم الشريعة المكتوبة بأصبع الله بمعدته الخاوية، أما الشعب
فأكل وشرب وقام لبلعب أمام العجل الذهبى، مفضلين العجل المصرى عن جلالة الرب. حقا
لقد ضاع تعب أيام كثية كهذه خلال الشبع لساعة واحدة!].

(3) المن والسلوى:

تذمر الشعب ولم يكن لدى موسى خزائن مادية لتشبع جوعهم لكنه إذ قبل
عار المسيح حاسبا إياه غنى أعظم من خزائن مصر (عب 11: 26) لم يتركه الرب هو وشعبه
معتازين إلى شىء.

هذا المن يشير إلى السيد المسيح الذى قدم جسده المقدس غذاء للنفس، إذ
قال
:

 " الحق الحق أقول لكم ليس موسى أعطاكم الخبز من السماء
بل أبى يعطيكم الخبز الحقيقى من السماء، لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب
حياة للعالم.. آباؤكم أكلوا المن فى البرية وماتوا، هذا هو الخبز النازل من السماء
إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد، والخبز الذى أعطى هو جسدى الذى أبذله من
أجل حياة العالم "
يو 6

هل تبحث عن  م الأخرويات الحكم الألفى الملك الألفى فى تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية ة

بعد العبور كان يلزم للشعب أن يأكل طعاما جديدا غير طعام أرض
العبودية، يشبع كل واحد منهم. ونحن أيضا إذ دخلنا عهدا جديدا قدم لنا السيد طعاما
روحيا حقيقيا يقدر أن يشبع النفس ويهبها حياة أبدية.

والعجيب أن المن بدأ ينزل على الشعب يوم الأحد كما هو واضح من قول
الرب لموسى " وفى اليوم السادس إنهم يهيئون ما يجيئون به فيكون ضعف ما
يلتقطونه يوما فيوما " ع 5. وكان يوم الإستعداد للسبت (الجمعة) هو سادس يوم
ينزل فيه المن، فيكون قد بدأ النزول بالأحد. وبقيامة السيد المسيح من الأموات فجر
الأحد قدم لنا جسده القائم من الأموات سر قيامة لنفوسنا وأجسادنا، وصار الأحد
العيد الكنسى الأسبوعى حيث نتمتع فيه بالمن السماوى.

قال موسى النبى " الرب يعطيكم فى المساء لحما لتأكلوا، وفى الصباح خبزا
لتشبعوا "
ع 8 ما هو هذا المساء إلا آخر الأزمنة أو ملء الزمان الذى فيه حمل
كلمة الله جسدا، مقدما ذاته لنأكل ونشبع! وبمجيئه فى ملء الزمان، وسط الظلمة فى
المساء، أشرق بنوره علينا فتحول مساؤنا نهارا، ودخلنا فى صباح جديد، مقدما لنا
خبزا جديدا تبع به البشرية المؤمنة.

طعم المن كرقاق بعسل، والسيد المسيح " حلقه حلاوة وكله
مشتهيات "
نش 5: 6، كان الشعب يلتقط المن صباحا فصباحا.. وشركتنا مع ربنا يسوع المسيح
متجددة كل يوم، ولقاؤنا معه مبكر جدا
" الذين يبكرون إلي
يجدونني "
أم 8: 17

إذ احتقر الشعب المن ضربهم الله ضربة عظيمة جدا، ومن يأكل جسد الرب
بدون استحقاق ينال دينونة لنفسه (1 كو 11: 27 – 33).

(4)
شريعة السبت

من جمع لنفسه منا فائضا لليوم التالى جمع دودا ونتانة، وصار موضع سخط
الله وغضب موسى النبى، لكنه إذ جاء يوم الإستعداد للسبت إلتزم الجميع بجمع ضعفين،
وكان ذلك إشارة إلى الجمع والحفظ ليوم الراحة العظيم.

هل تبحث عن  بدع وهرطقات بدع حديثة شفرة دافنشى مريم المجدلية هل هي الكأس المقدسة 04

هذا اليوم (السابق) إنما هو الحياة الحاضرة التى فيها نعد أنفسنا
للأشياء العتيدة

(5)
قسط المن

أمر موسى هرون أن يأخذ قسطا واحدا ويجعل فيه ملء العمر منا ويضعه
أمام الرب، يوضع فيما بعد فى تابوت العهد. بقى هذا تذكارا لعمل الله معهم، ويحمل
شهادة رمزية لمجىء السيد المسيح المن الحقيقى النازل من السماء،
[وقد رأت
الكنيسة فى القسط رمزا للقديسة مريم الحاملة للسيد المسيح فى أحشائها].

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي