تفسير سِفْرُ
صَمُوئِيلَ الثَّانِي

القس يعقوب حنا

كلية البابا شنوده
الإكليريكية – مطرانية شبرا الخيمة

*
السفر

*
الاسم: صموئيل

*
موضوع السفر

*
أقسام السفر

*
المسيح فى السفر

*
اعتراضات والرد عليها

 

السفر:

أرجو
الرجوع لمقدمة سفر صموئيل الأول.

 

كاتب
السفر:

 بحسب
التقليد اليهودى، كاتبه هو ناثان النبى وجاد النبى. وقيل انه من وضع بعض ممن تربوا
فى مدارس الأنبياء التى أنشأها صموئيل النبى.

 

الأسم
صموئيل

 ظل
التفسير المعتاد لاسم صموئيل أنه: " مسموع من الله " إلحاقاً بقول حنة
حين ولدته انها " من الرب سألته ". ولكن فى الحقيقة، اشكل على العلماء
اليهود فهم معنى الاسم. حتى عام 1899 حينما اجتمع مؤتمر علماء اللغات الشرقية فى
روما، وصرح أحدهم أن لفظ " صم " فى اللسان الأشورى، المتقارب الى اللغة
العبرية يدل على معنى " ولد " وبذلك ترجم اسم صموئيل انه: " ولد
الله ". وأكدوا على ذلك بسبب ان حنه من صميم قلبها قدمته ابناً لله، لقد كان
هذا نذرها (1 صم 1: 24 – 28).

تاريخ
كتابته:

 كتب
انقسام المملكة وقبل السبى، حيث يذكر فيه مدة حكم داود النبى والمك كاملة (2 صم 5:
5) ويذكر ملوك يهوذا تمييزاً عن ملوك اسرائيل (1 صم 27: 6)

 

موضوع
السفر

 السفر
يعرض لحياة داود، بعدما شرح جهاده فى السفر السابق مع شاول المك وموت الأخير على
أيدى الأعداء فى نهاية صموئيل الأول.

 ولما
نقول حياة داود، نقصد ملكه وبقية حروبه، اصعاده للتابوت الى اورشليم، سقطاته
وأحزانه. ومن ذلك نفهم ان السفر يؤرخ لمدة أربعين سنة من حياة الشعب فى ملك داود.

 ومما
هو جدير بالذكر ان دراسة هذا السفر تعتبر مدخلاً خاصاً لفهم مزامير داود. فكلنا
نعلم ان المزامير هى صلاة داود فى ظرف حياته المختلفة.

أولا:
داود المجاهد المنتصر (ا- 10)

 

أقسام
السفر

السفر
يشتمل على 24 اصحاحاً، يمكن تقسمها كالتالى:

 *
نصرته على بيت شاول (1 –4)

 *
نصرته على اليبوسيين والفلسطينيين (5)

 *
احضار تابوت العهد (6 – 7)

 *
نصرته على الأمم المجاورة (8 – 10)

ثالثا:
ضعفات داود ومتاعبه (اا: 24)

 *
سقطة ملك (داود وإمرأة أوريا) (11، 12)

 *
خطية أمنون وتوابعها المرة (13)

 *
عصيان أبشالوم (14 – 19)

 *
ثورة شبع بن بكرى (20)

 *
قضية الجبعونيين، وحروب ختامية (21)

 *
نشيد الخلاص (22) وهو نفسه (مز 18)

 *
كلمات داود الأخيرة وسجل أبطاله (23)

 *
الإحصاء والوباء (24)

 

المسيح
في السفر

(بعض
الملاحظات هنا ستجد مرجعها فى سفر صموئيل الأول. لذلك فلتعتبرها ملحقاً له).

أ-
لقب " رب الجنود "

 هذا
الاسم لم يستعمل فى أسفار موسى الخمسة، وأول استعمال له ورد فى " صموئيل
الأول " ثم بعد ذلك توالى ذكره كثيراً خاصة فى أسفار الأنبياء (حوالى 281
مرة).

 والاسم
يشير بوضوح الى ربنا يسوع المسيح { أرجو الرجوع الى (اش 6: 1 –3) مع (12: 41) ؛
(اش 8: 13 و14) مع (1 بط 2: 5 – 8) }

هل تبحث عن  ئلة مسيحية فدية الصليب ب

ب-
داود

 وهو
الشخصية المحورية فى السفر كما ذكرنا، وأوجه الشبه والرمزية كثيرة جداً نذكر منها:

 1-
السبط والمدينة، فكلاهما من سبط يهوذا، الذى تنبأ له يعقوب لتكون له الرياسة والمك
(تك 49: 10)، وكل منهما من قرية بيت لحم (1 صم 16: 4، مت 2: 5، 6).

 2-
كان داود ملكاً ونبياً، والسيد المسيح هو ملك الملوك ورب الأرباب. وقد أخذ أيضاً
لقب نبى رغم كونه أعظم من نبى، فهو إله الانبياء ومرسلهم.

 3-
مسح داود ملكاً ودعى مسيح الرب. والسيد المسيح مسح خادماً للخلاص، مسحه عظيمة
صريحة بالروح القدس دون وسيط مادى من انسان أو زيت أو أى مادة مسحة. دعاها داود
نفسه " دهن الابتهاج " فى (مز 45: 7) وميزة بها عن رفقائها وكأنه يتذكر
بالنبوة مسرة الرب التى صرح بها فى معمودية المسيح:

 "
هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت "0

 4-
داود – رغم كونه ملكاً – الاانه ظل منفياً فى مدة حكم شاول المرفوض، هكذا نرى
المسيح اليوم – رغم ملك الملوك – مرفوضاً من العالم، ورئيس هذا العالم – الشيطان –
يملك على قلوب الناس، وفى الغواية يطاردون المسيح ويرفضوه، رغم وضوح رسالته كالشمس.

 5-
بدأ داود حياته لعلمية بإهلاكه جليات الجبار، ثم توالت بعد ذلك انتصاراته، ترافقها
معاناته هكذا المسيح، بدأ خدمته بالنصرة على الشيطان فى البرية. وتوالت انتصاراته
ومعاناته حتى ختم رحلة تجسده بالصليب. ثم صار الصليب هلاكاً للشيطان، وها هو يسوع
المسيح، توالت وتتوالى انتصاراته فى شعبه وكنيسته، ترافقها أيضاً معاناة الطريق
الكرب والباب الضيق.

 6-
طلب شاول ان يقتل داود، وطلب هيرودس ان يقتل المسيح داود والمسيح، هرب من الشر رغم
مقدرته على قتل شاول أو هيرودس.

 7-
داود مدرسة فى الغفران للمسيئين، ومن هنا رمز بقوة للمسيح ز لقد غفر لشاول وحزن
عليه بعد موته، وبكى على أبشالوم حال عصيانه. هكذا فعل المسيح وهكذا علمنا.

 8-
اشترك الاثنانم فى لقب " الراعى " ومن أجمل ما كتبه داود مزمور الراعى
(23) حيث يحكى عن رعاية الله له بكافة جوانبها (الخضرة والماء والنجاة من الأخطار..)
ثم ينتقل الى مائدة راعى الخراف الناطقة، راعينا الصالح يسوع المسيح " ترتب
قدامى مائدة تجاه مضايقى ".

 9-
فى معاملة داود لمفيبوشث مثال لنعمة ربنا يسوع (2 صم 9) اذ قربه داود اليه وجعله
يأكل على مائدة. مثلما ترفعنا نعمه المسيح من المزبلة ومن واقع بؤسنا، لتجلسنا على
مائدتها، نأكل لاخبز الملك نفسه لحماً ودماً أقدسين.

 10-
داود خانه ابنه أبشالوم، ويسوع خانه تلميذه يهوذا، ولاحظ معى فى هذه النقطة،
الأبعاد التالية:

 *
هروب أبشالوم بعد قتله أخية، يمثل هروب النفس تصنع الشر وكمان حزن داود على ابنه
الهارب " بكى بكاء عظيماً وناح على ابنه.. وكان يتوق الى الخروج الى أبشالوم
"0 هكذا يحزن علينا المسيح ويخرج ليردنا اليه بعد عصياننا وهروبنا.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر نحميا 04

 *
وادى قدرون الذى عبره داود ورجاله فى هروبه من أبشالوم، نفس هذا الوادى عبره يسوع
الى البستان حيث حزن واكتئب ليله الآمه. قبل هجوم جنود رئيس الكهنة وإلقاء القبض
عليه.

 *
ومثلما سب شمعى بن جيرا داود أثناء عبوره (2 صم 16: 5 – 10) هكذا سخر اليهود من
المسيح، اذ كانوا يلطمونه ويبصقون علية مستهزئين به.

 *
أشار أخيتوفل بقتل داود وحده (2 صم 17: 1- 3) مثلما ذهب يهوذا وتشاور مع رؤساء
الكهنة على تسليم المسيح خلواً من الجمع. ولما رأى أخيتوفل مشورته لم يعمل بها مضى
وخنق نفسه (2 صم 17: 23). هكذا فعل يهوذا لما رأى أنه قد دين وأخطأ لما سلم الدم
الذكى (مت 27: 3 – 5).

 *
طلبة داود " ترافقوا لى بالفتى أبشالوم " تناظر طلب بل أمر المسيح
للملائكة المؤدبين للعصاة، أو الخدام، بأن يترافقوا بهم. فهم أولاده حتى لو أخطأوا.

 *
تمنى داود لو يمت عوض ابنه، اما يسوع فقد مات فعلاً عوض الخطاة ومازال وسيظل
مستعداً ان يقدم ثمرة موته عوضاً عن كل خاطىء يرغب الحياة والخلاص.

 *
حزن داود الى موت ابنه، يناظر حزن المسيح على هلاك أحد أولاده، فرغبة قلبه ان يخلص
الكل.

 11-
عودة داود الى صهيون بعدما ترك فيها عرشه وأذل وأهين واحتمل ذلك بكل الصبر.. تشير
الى كيف ان المسيح تنازل عن مجده وأذل وأهين بالصليب ثم عاد الى مجده وجلس عن يمين
العظة.

 وعودته
تشير أيضاً الى قيامته ظافراً، كذلك عودته فى نهاية الزمان.

 12-
النفوس المتألمة – كل متضايق نفس – التى اجتمعت الى داود (1 صم 22: 2) فصنع منهم
أبطالاً رغم كونه هارباً. هذه النفوس أشارت الى معجزة النعمه معنا، لما تتناول
أدنى الناس مقاماً، وأشقاهم حالاً، بل وأكثرهم خطية، وتصنع منهم خليقة جديدة،
وقوماً أفاضل بواسطة صليب يسوع مخلصنا.

 

اعتراضات
والرد عليها

1-
قيل فى (2 صم 10: 18)

"
قتل داود من آرام 7.. مركبة وألف فارس "

ولكن
فى (1 أى 19: 18) ذكر

"
قتل داود من آرام 7.. مركبة و40 ألف راجل ". وهذا تناقض

الرد:

 الشاهد
الأول يحدثك عن المركبة بكل من فيها. فكل مركبة كانت تقل عشرة جنود، فكون عددهم
فعلاً 7.. كما ذكر سفر الأخبار: وهذا يؤكده قول الكتاب أن داود قتل 7.. مركبة، فإن
المركبة لا تقتل.

 اما
قوله فى الأول " فارس " وفى الثانى " راجل " فلا تناقض فبه،
فانهم كانوا يحاربون تارة راكبين الفرس وأخرى كمشاة.

 

2-
ورد فى (2 صم 11: 3) " بتشبع بنت أليعام "

وجاء
الاسم فى (1 أى 3: 5) " بتشوع بنت عميئيل "

الرد

 بتشوع
هى بتشبع فى العبرية. وقد كان أبوها يسمى بالإسمين معاً

 

3-
أهان شمعى بن جيرا داود وسبه (2 صم 16: 5) وعفا عنه داود لما عاد. ولكن قبل موته
أوصى ابنه سليمان ان ينزل شيبته بالدم الى الهاوية (1 مل 2: 8 و9). أليس هذا حنثاً
باليمين، وحقداً فى النفس؟

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ش شَكيم م

الرد

 لقد
عفى داود عنه معتبراً تعبيراً تأديباً له من الرب (2 صم 12: 7 – 15). ولكن أصدر
امره لسليمان بقتله، لكون شمعى قد تخطى الناموس الذى كان يوصى بقتل من يسب رئيساً
فى شعبه (خر 22: 28).

 

4-
جاء فى (2 صم 19: 29) ان داود قسم ممتلكات مفيبوشت مع خادمه صيبا، مع ان مفيبوشث
كان بريئاً. وكان صيبا كاذباً. ألا يدل هذا على ان داود كافأ الكذب وظلم الأمانة؟

الرد

 قد
دخل الطمع صيبا، فخدع داود، ولم تكن حالة داود النفيسة طبيعية بسبب ظروف السياسية
من هروب وتعب. فأصدر حكمه ان يأخذ صيبا ممتلكات مفيبوشث دون ان يحقق فى القضية.
وفى هذا ضعف وظلم لا يمكن تبريره.

 ولكن
من جهة نظر أخرى، بالعودة الى الاتفاق فى (2 صم 9: 10) حين كلف داود صيبا بزراعة
الارض لحساب مفيبوشث. بناء على هذا الاتفاق يستحق صيبا نصف المحصول.

 

5-
جاء فى (2 صم 24: 1) " ان الرب أهاج داود على بنى اسرائيل " بينما فى (2
أى 21: 1) ذكر ان " وقف الشيطان ضد اسرائيل واغوى داود ليحصى الشعب "
وهذا اختلاف فى القضية.

الرد

 

 قوله
فى الأةل ان الرب أهاج داود يعنى فسلمه لغواية الشيطان كما جاء فى الثانى.

وهناك
أمثلة لذلك في الكتاب المقدس

 

 *
ففى قصة اهلاك آخاب قال الرب: " من يغوى آخاب فيصعد ويسقط فى رامت جلعاد..فخرج
الروح ووقف امام الرب وقال أنا أغويه. فقال الرب بماذا.. اخرج وأكون روح كذب فى
أفواه جميع أنبيائه. فقال انك تغويه – وتقتدر فاخرج وافعل هكذا. " (انظر 1 مل
22: 20 – 28، أى 18: 18 – 27).

 *
كما ورد فى سفر الخروج " ولكنى أقسى قلب فرعون.. ولا يسمح لكما فرعون، حتى
أجعل يدى على مصر " (خر 7: 3، 4). كذلك فى تجربة أيوب، يعلن بوضوح ان الله
سمح للشيطان ان يجربه (أى 1: 6 – 12).

 

6-
جاء فى (2 صم 24: 24)

 "
قال الملك لأرونة: لا بل أشترى منك بثمن، ولا أصعد للرب الهى محرقات مجانية،
فاشترى داود البيدر والبقر بخمسين شاقلاً من الفضة "

 ولكن
جاء فى (1 أى 21: 25) " دفع داود لأرنان (أرونة) عن المكان ذهباً وزنه ست مئه
شاقل ". وفى هذا تناقض.

الرد:

القراءة
السطحية فقط هى التى توحى بالتناقض. ولكن التدقيق فيهما يزيله تماماً.

فى
الحقيقة هما مبايعتان وليست واحدة

فداود
اشترى أولاً البيدر والبقر بخمسين شاقل الفضة اى حوالى ستة جنيهات ذهبية ونصف. ثم
عاد واشترى الحقل بجملته بستمائة شاقل من ذهب أى بحوالى 1320 جنيهات ذهبياً. وفى
نفس هذا الموضع بنى الهيكل فيما بعد، وبديهى ان الهيكل استلزم قطعة ارض اكبر بكثير
من مساحة البيدر. لا يوجد تناقض بل تكامل.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي