الإصحَاحُ
السَّابعُ عَشَرَ

تجربة
الشراب

(1)
فى رفيديم

يقول الكتاب: " ثم ارتحل كل جماعة بنى اسرائيل من برية سين بحسب مراحلهم على
موجب أمر الرب ونزلوا فى رفيديم، ولم يكن ماء للشرب "
ع 1 وبأكثر
تفصيل يتحدث فى سفر العدد (33: 12 – 15) أنهم ارتحلوا من برية سين إلى دفقة ومن
دفقة إلى ألوش ومنها إلى رفيديم.

فى سفر الخروج أراد أن يتحدث عن رفيديم مباشرة بعد برية سين لكى يربط
بين تجربة الشراب (الصخرة المتفجرة) وتجربة الطعام (المن والسلوى). أما سفر العدد
فتحدث بأكثر تفصيل حيث يرى العلامة أوريجانوس أن الجماعة خرجت:

" بحسب مراحلهم " ع 1، أى خرجت مقسمة إلى أربع
مراحل بنظام وترتيب حسن، خرجت من سين حتىبلغت رفيديم، أى خرجت من التجربة بتدبير
حسن حتى بلغت " التمييز الحسن " والحكم السليم! أو على حد تعبيره [من
يخرج من التجربة بتدبير حسن يظهر فى يوم الدين سليما (ذا حكم سديد)، أو بصحة بغير
جراحات التجربة، كما هو مكتوب فى سفر الرؤيا:
" من يغلب فسأعطيه أن
يأكل من شجرة الحياة التى فى وسط فردوس الله "
(رؤ 2: 7). من يدبر أموره
بالحق (مز 162: 5) يبلغ الحكم السليم].

(2) تذمر الشعب:

وفى رفيديم أيضا تذمر الشعب على موسى قائلين: " لماذا أصعدتنا
من مصر لتميتنا وأولادنا ومواشينا بالعطش "
ع 3.

 فى هذه المرة صرخ موسى بقلبه كما بلسانه قائلا: " ماذا
أفعل بهذا الشعب؟ بعد قليل يرجموننى؟! "
ع 4.

فى البرية قد تثور فيك أفكار التذمر حينما تشتد بك الضيقة، لكن ليكن
لك قلب موسى ولسانه، فتصرخ إلى الله الذى يخرج من الصخرة ماء!

هل تبحث عن  م التاريخ كنيسة الأقباط الأرثوذكس مذكرات في تاريخ الكنيسة 00

صرخ موسى لله مؤمنا أن النعمة الإلهية تفوق كل إمكانيات الطبيعة، إذ
يستطيع الله بطريقة أو بأخرى أن يروى ظمأ هذا الشعب. وقد صارت حياة موسى بما
احتوته من أعمال إلهية خارقة تمثل عمل النعمة فى الكنيسة.

(3) الصخرة المتفجرة ماء:

أولا: تشير الصخرة إلى السيد المسيح كقول الرسول بولس: " وجميعهم
أكلوا طعاما واحدا روحيا، وجميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا، لأنهم كانوا يشربون من
صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح "
1 كو 10: 3، أما الماء
المتفجر فهو الروح القدس الذى قدمه لنا السيد المسيح سر تعزيتنا وتقديسنا وشركتنا
مع الآب فى إبنه.

ماكان للشعب أن يرتوى من هذا الينبوع ما لم يضرب بالعصا، وهكذا ما
كنا نعرف أن نرتوى من ينابيع محبة الله اللانهائية وننال الروح القدس فينا، ما لم
يضرب السيد المسيح محتملا خلال العدل الإلهى ثمن خطايانا على الصليب..

قال الرب لموسى: " مر قدام الشعب وخذ معك من شيوخ اسرائيل،
وعصاك التى ضربت بها النهر خذها فى يدك واذهب. ها أنا أقف أمامك هناك. على الصخرة
فى حوريب.. "
ع 5، 6

دعوة الشيوخ لمرافقة موسى أثناء ضرب الصخرة وتفجير المياة إنما يحمل
رمزا أن الناموس (موسى) ليس وحده الذى شهد للصليب ولكن أيضا الآباء البطاركة وكل
الأنبياء اشتركوا مع الناموس فى الشهادة لعمل الفداء خلال الصليب.

ثانيا: يقول المرتل: " شق صخورا فى البرية وسقاهم كما من لجج عظيمة " مز 78: 15. هنا
لم يقل " الصخرة " بل صخورا، لعله يشير إلى رمز آخر، هو أن المؤمنين
الذين كانت قلوبهم قبلا قد تحجرت وجفت تفجرت فيها ينابيع حياة خلال الصليب لا
لترتوى فقط وإنما لكى تفيض على الآخرين.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر صموئيل الثانى 11

فى اليوم الأخير من العيد (يو 7: 37) إذ وقف رئيس الكهنة يسكب ماء
أمام الشعب ليعلن عن عمل الله فى حياتهم، وقف يسوع ونادى قائلا:
"إن عطش
أحد فليقبل إلى ويشرب، من آمن بى كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حى
".

(4) حرب مع عماليق:

هذه هى المرة الأولى التى يدخل فيها الشعب فى حرب علانية مع شعب آخر،
قبلا حين أراد فرعون وجيشه أن يحاربوا الشعب كانت الأوامر الصادرة
" قفوا
وانظروا خلاص الرب.. الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون "
4: 14 – أما الآن
بعدما تمتع الشعب بعبور البحر الأحمر ونالوا من الله كل شبعهم: المن والسلوى
والصخرة المتفجرة التزموا أن يحاربوا، لكن ليس بقوتهم البشرية إنما خلال عمل الله
فيهم. وكانت هذه الحرب رمزا للحرب الروحية بين ملكوت الله وملكوت إبليس حيث تتم
الغلبة لأولاد الله خلال الصليب، ففى هذه الحرب نلاحظ الآتى:

أ- كنا نتوقع من موسى فى أول حرب علانية أن يصرخ راكعا أو منبطحا على
الأرض.. لكننا نراه يبسط يداه على شكل صليب رمزا لغلبة الصليب.. [غلب يسوع عماليق
بهذه العلامة التى للصليب خلال موسى].

ب- كان موسى على رأس التل يرمز للسيد المسيح الذى صلب على جبل
الجلجثة، وكان يشوع مع رجال الحرب يجاهدون ضد عماليق رمزا لجهاد الكنيسة المستمر
ضد الخطية.

ج – لم يكن حور فى عظمة موسى النبى، لكنه ما كان يمكن لموسى أن يبقى
رافعا يديه بدون هرون وحور.. بهذا يدرك كل مؤمن موقعه فى العمل الإلهى، ولا يستهن
أحد بمواهبه مهما ظهرت أنها بلا قيمة.

د – رفع يدى موسى يشير أيضا إلى حياة المثابرة حتى النهاية.. يرفع
يداه ذاك الذى يقول:
" لتكن رفع يدى كذبيحة مسائية " مز 140: 2، بهذا
ينهزم عماليق.. لكن الرسول يوصينا أن نرفع
" أيادى طاهرة بلا غضب
ولا جدال "
1 تى 2: 8، كما يقول: " قوموا الأيادى المسترخية والركب
المخلعة، وسيروا فى الطريق المستقيم "
.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس س سُــمًّ ً

إن أردت أن تغلب إرفع يداك، وارفع أعمالك، ولا تمض حياتك على الأرض..

ه – إذ غلب الشعب عماليق صعد موسى إلى الجبل ليتسلم الشريعة بعد عمل
إستعدادات ضخمة من جانب الشعب والكهنة، وكأن المؤمن بعد كل نصرة على الخطية أى
عماليق المحارب له، يدعوه الرب للأرتفاع على جبل معرفة الله ليتسلم من يديه فهما
أعمق ومعرفة لأسرار الوصية الإلهية.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي