الإصحَاحُ
الثَّامِنُ عَشَرَ

مقابلة
يثرون لموسى

(1)
يثرون يلتقى بموسى

" سمع يثرون كاهن مديان حمو موسى كل ما صنع الله إلى موسى وإلى
اسرائيل شعبه "
ع 1، ولعله سمع من إبنته صفورة التى رافقت موسى كل الطريق وعبرت معه
البحر الأحمر، وعندما اقتربت من سكن أبيها ذهبت إليه تكرز له بأعمال الله العجيبة،
وتأتى بأبيها الكاهن الوثنى ليسمع ويرى عمل الله فيقدم
" محرقة
وذبائح لله "
ع 12.

إن كان يثرون قد جاء بقلبه يمجد الله على أعماله الخلاصية، فإن موسى
أيضا العظيم فى الأنبياء، الذى وهبه كل هذه العجائب لاقى حماه بكل اتضاع..
" خرج موسى
لأستقبال حميه وسجد وقبله "
ع 7. النبوة لم تعلمه التشامخ على الآخرين بل
الإتضاع أمام حميه الكاهن الوثنى. ولعله باتضاع كسبه أيضا للتعرف على أعمال الله

(2) حديث فى الله:

إمتاز هذا اللقاء بأنه كان فى الرب، لم يخرج عن تمجيد إسمه، كما
امتاز بالفرح الروحى، إذ يقول الكتاب:

" ففرح يثرون بجميع الخير الذى صنعه إلى اسرائيل " ع 9، وبارك
يثرون الرب (ع 10)، وشهد له أنه
" أعظم من جميع الآلهة " ع 11 وقدم محرقة
وذبائح لله (ع 12).

ما أجمل اللقاءات التى تسير كلها فى دائرة الرب وأعماله الخلاصية
العجيبة، فإنها تملأ القلب فرحا وتطلق اللسان للتسبيح وتكسب حتى غير المؤمنين
للأيمان.

لم يقف الأمر عند هذا الحد بل يقول الكتاب: " وجاء
هرون وجميع شيوخ اسرائيل ليأكلوا طعاما مع حمى موسى أمام الله "
ع 12.. كأن
يثرون عرف الله كصديق له، حتى فى أكله وشربه يشعر بوجوده أمام الله. يعلق العلامة
أوريجانوس على هذا التصرف قائلا:
[كل ما يفعله القديسون إنما يفعلونه أمام الله،
أما الخاطىء فيهرب من وجه الله، كما هرب آدم من وجه الرب عندما أخطأ!].

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ك كفر العمُّوني ي

(3) مشورة يثرون:

أولا: إذ رأى يثرون موسى يتحمل كل المسئولية بمفرده، يقضى فى كل كبيرة
وصغيرة، من الصباح حتى المساء، أشار عليه بتعيين رؤساء ألوف ورؤساء مئات ورؤساء
خماسين ورؤساء عشرات، أناس ذوى قدرة، خائفين الله، أمناء، مبغضين الرشوة، يقضون
بين الشعب كل حين، أما الدعاوى الكبيرة فتقدم إليه. وأطاع موسى حماه.

يرى الآباء فى موقف موسى البطولة الحقة من جهة اتضاعه، إذ يقول
القديس يوحنا الذهبى الفم: [يقول الله عن موسى
" وأما الرجل موسى
فكان حليما جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض "
عد 12: 3. لم
يكن من هو أكثر منه اتضاعا، هذا الذى مع كونه قائدا لشعب عظيم كهذا، وقد أغرق ملك
المصريين (فرعون) وكل جنوده فى البحر الأحمر كالذباب، وصنع عجائب عظيمة هكذا فى
مصر وفى البحر الأحمر وفى البرية، وتسلم شريعة عظيمة هكذا، ومع ذلك كان يشعر أنه
إنسان عادى، وكزوج إبنة كان أكثر اتضاعا من حميه ؛ أخذ منه مشورة دون غضب.. موسى
فى اتضاع فكره تصرف حسنا].

إزدرى موسى بالبلاط الملكى (عب 11: 24- 26) من أجل اتضاعه الحقيقى،
لأن التفكير السليم والروح العالية إنما من ثمرة الإتضاع، أى سمو وأى عظمة أن
يحتقر موسى القصر الملوكى والمائدة الملوكية؟!

ثانيا: إن رجعنا إلى سفر العدد نرى موسى يقول للرب " لماذا
أسأت إلى عبدك ولماذا لم أجد نعمة فى عينيك حتى أنك وضعت ثقل جميع هذا الشعب علي.
ألعلى حبلت بجميع هذا الشعب أو لعلى ولدته؟!
عد 11: 11، 12.

ما كان لموسى أن يستثقل عمل الرعاية، لأن الله هو الراعى الحقيقى،
والأب غير المنظور الذى يرعى أولاده، لذلك إذ طلب الله من موسى أن يختار سبعين
رجلا قال له
" فأنزل أنا وأتكلم معك هناك وآخذ من الروح الذى عليك وأضع
عليهم فيحملون معك ثقل الشعب فلا تحمله أنت وحدك "
ع 11: 7، وكأنه
الرب الذى يعطى موسى سحب منه ليعطى مساعديه..

هل تبحث عن  بدع وهرطقات بدع حديثة شهود يهوه يسوع يهوه العهد القديم 11

إننا لا ننكر أهمية تشغيل الطاقات الروحية فى الكنيسة، لكن ليس بروح
التذمر ولا بالشعور كأننا نحن الذين نحمل أثقال الشعب.. إنما نحمل بركة مشاركتنا
للسيد المسيح، رئيس الكهنة وأسقف نفوسنا الخفى، الحامل ضعفات الكل!

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي