تَفْسِير سِفْرُ
يَهوديت

الأنبا مكاريوس – الأسقف العام

(تفسير نص الترجمة اليسوعية "الكاثوليكية")

 

المحتويات

مقدمة

أولاً:
مدخل إلى السفر

محور السفر

كاتب السفر

تاريخ
كتابة السفر

النسخ
الأصلية للسفر ولغته

نسخ أخرى
للسفر

قانونية
السفر

القيمة
اللاهوتية للسفر

القيمة
الليتورجية للسفر

إقتباسات
العهد الجديد من السفر

أوجه
الإعتراض على السفر ومناقشتها

 

 

مقدمة

تمثل
يهوديت
النفس البشرية الغيورة، التى تغير لمجد الرب، وتستمد منه القوة
والحكمة لمواجهة قوى الشر، فقد قطعت رأس الشر وهزمت الشيطان فى عقر داره. كما يمثل
سفر يهوديت الإنتماء، إنتماء العضو لبقية الجسد، وإنتماء الشخص للوطن والكنيسة
وشعوره بالمسئولية من نحو الآخرين والوطن. فالسفر مملوء بالحماس الدينى والوطنى
ومليء بالمشاعر الروحية الجياشة. أما يهوديت نفسها فهى إمرأة ذات صفات يندر وجودها
مجتمعة فى شخصية واحدة – فقد تحلت بالفضائل الروحية والمقومات الهامة للشخصية
الروحية والوطنية. فقد جمعت بين الحكمة واللياقة وبين الغنى والنسك وبين الشجاعة
والإتضاع. والجمال الجسدى والعفة. إنه سفر مملوء بالكثير من التعاليم الروحية
والفضائل (المسيحية) وقد حان الوقت لكى تأخذ هذه الأسفار مكانها بين بقية الأسفار
فى دراستنا الكتابية من خلال العظات والكتب والمسابقات وبرامج مدارس الأحد. وأقترح
أن نقدم هذه الأسفار فى صور تراتيل وقصص مبسطة للأطفال تحت سن العاشرة حتى تختلط
بوجدانهم منذ الصغر.

أشكر نيافة
الأنبا أرسانيوس الذى تفضل بمراجعة الكتاب وكذلك الأستاذ الفاضل الدكتور إميل ماهر
الذى راجع معى القسم الأول من الكتاب وما أبداه من النصح المخلص والملاحظات
الثمينة، وأرجوأن يأتى هذا العمل بالثمر المرجومنه بصلوات صاحب القداسة البابا
الأنبا شنودة الثالث وشريكه فى الخدمة الرسولية نيافة الأنبا إيسوذورس رئيس الدير،
ولربنا المجد دائماً أبدياً آمين.

 

محور السفر

نبوخذ نصر
الملك الأشورى، بعدما أخضع بلاد مادى شرقاً، أرسل يطلب تأييد بلاد الغرب
ومساندتهم، ولكن الأخيرين سخروا من رسله، ورفعوا راية العصيان، فما كان منه إلاَ
لأن حمل عليهم بجيش كالجراد، وعتاد لا قبل لهم بمثله فإنتقم منهم شر نقمة، وذلك عن
طريق أليفانا قائد جيوشه، الذى حصد الرجال بالسيوف وأحرق محصولات الأرض، وفرض
الجزية عينية ومادية.

ومن ثم فقد
أرسل إليه قواد المدن التى لم يصل إليها بعد بجيشه، يترضَون وجهه معلنين طاعتهم
وخضوعهم مقدمين المؤونه لجيش الجرار. إلاّ اليهود الذين رفضوا أن يندرجوا ضمن
الخاضعين، فلم يرسلوا معتذرين مستسلمين كالباقين، فلما علم قائد الجيوش بعصيانهم
وعدم خضوعهم، تعجب وعقد " مجلس حرب " إستحضر فيه قواد عمون وموآب يستفسر
منهم عن طبيعة شعب اليهود ومن عساهم أن يكونوا حتى يتمردّوا، ولكن على الرغم من أن
العمونيين والموآبيين هم الأعداء التقليديين لليهود، فقد حذّر أحيور قائد بنى
عمون، أليفانا من خطر الإصطدام باليهود ناصحاً إياه بالتحول عنهم لأن إله السماء
يحارب عنهم، وقد عرض أحيور ذلك فى شرح مطول.

غير أن
القائد لم يقنّع بشىء من هذا وإنما هدد أحيور بالقتل فى حالة هزيمة اليهود ومن ثم
أرسله اليهود ليلقى نفس مصيرهم، وكانت (بيت فلوى) هى الخط الأمامى لليهودية، وكان
أهلها قد تلقوا تعليمات من رئيس الكهنة فى أورشليم بأن يسدوا كل المنافذ التى
يحتمل أن يتسلل العدومن خلالها، كذلك فقد كانت جغرافية الأرض تجعل من إقتحام
الأعداء للمدينة، نوعاً من المغامرة والمقامرة، مما جعل أليفانا يقبل نصيحة
الناصحين باللجوء إلى الحصار وقطع موارد الماء عن المدينة وذلك بغية تحقيق هدفين
أشار إليهما مشيروأليفانا من جيران اليهود
:

أولهما:
تعُرض الشعب للجوع والعطش مما يدفعهم إلى الضغط على قادتهم بتسليم المدينة.

وثانيهما:
إجبارهم على إستهلاك نصيب الله من العشور والبكور مما يجلب غضبه عليهم فيسلمهم ليد
أعدائهم.

وقد حدث
بالفعل بعد مرور خمسة أسابيع من بدء الحصار، أن نفذ الماء من المدينة ولاحت
المجاعة بوجهها القاسى الكريه، فلما هاج السكان على قادتهم الثلاثة هناك وعدوهم
بتسليم المدينة.

هنا وتخترق
يهوديت أحداث السفر، وهى أرملة جميلة وغنية ومشهود لها بالتقوى من الجميع، فقد
سمعت بعزم الرؤساء على تسليم المدينة، فجاءت توبخهم على تقلص ثقتهم فى الله، وتطلب
إليهم مهلة يصنع فيها الله خلاصاً على يديها فوافقوها دون أن يعلموا خطتها ودون أن
تطلب هى بدورها مساعدة من أحد، ومن ثم فقد قدمت صلاة طويلة فى مكان تعبدها فى
علّية بيتها، وبعد ذلك تزينت بكل ما تملك من مجوهرات كانت قد ألقتها جانباً منذ
موت زوجها منسى، وإنطلقت إلى باب المدينة ففتح لها الحراس الباب فخرجت مع جاريتها
متجهة إلى معسكر الأعداء الذين بهرهم جمالها فأرسلوها إلى قائدهم كطلبها.

هناك سلبت
عقل أليفانا لا سيما وقد خدعته بأن الشعب منهزم لا محالة وأنها إنما قد هربت إليه
لتنجومن الهلاك المحقق، وتشير عليه بما يجب أن يعمل، وعليه أن ينتظر منها إشارة
البدء والتى سوف تأخذها من الله، لذلك فعليه أن يسمح لها بالخروج للصلاة ليلاً
والإغتسال فى الماء.

وبعد ثلاثة
أيام دعاها أليفانا إلى وليمته، وبينما هويفكر فيها بالشهوة كان الله يعد خلاصاً
لشعبه فى تلك الليلة، حيث تثقّل بالشراب فسكر مثل الميت، ولما تركه جنوده معها
وخرجوا، وجدت يهوديت أن اللحظة الحاسمة قد جاءت، فاستنجدت بالله وجمعت أطراف
شجاعتها ثم هوت بخنجر على عنقه مرتين فإنفصل رأسه عنه، فأخذتها مرتجفة ووضعتها فى
مذود طعامها وحملتها مع جاريتها وخرجت من المعسكر كعادتها فى كل ليلة فلم يعترضها
أحد، ولما وصلت إلى سور المدينة نادت على الحراس ففتحوا لها، وصرخت فيهم معلنة
أخبار النصرة، فانطلق الكل مرتجفين واجتمع الرؤساء والشعب.. وعلموا بالخبر فعلقوا
الرأس على السور مقابل معسكر الأعداء، وفى الصبح أطلقوا أبواب الحرب، فقام
الأشوريون مستخفين غاضبين ليوقظوا قائدهم ليصدر لهم الأمر بسحق أولئك الجسورين
فوجدوه قتيلاً بلا رأس، وفى تلك اللحظة وقفوا على الأمر كله، وتجمعت أمامهم الفصول
الكاملة للحيلة التى حبكتها إمرأة عبرانية جريئة.

فإنزعج
الجيش وهرب الجنود بطريقة عشوائية، أتاحت لليهود مطاردتهم وتشتيتهم على الرغم من
عددهم الذى كان يقدر وقتها بحوالى المائتى ألف مابين جندى وفارس، ومن ثم فقد
إستولوا على أمتعتهم ومحتويات خيامهم، وصار بيهوديت سلام لإسرائيل طوال أيام
حياتها وبعدها أيضاً لفترة طويلة
.

كذلك فإن
هناك محوراً هاماً أيضاً فى السفر وهو قانون (معادلة) النصر والهزيمة فى لاهوت
العهد القديم، حيث يلقى السفر الضوء على موازين الله فى الحروب.

 

كاتب السفر

قام بكتابة
السفر كاتب يهودى يجمع بين الملاحظة الدقيقة للناموس مع الروح الوطنية القومية،
والكاتب غير معروف، ولكن يحسن بنا أن نتخيلّ أن يهوديت نفسها قد دونت ما حدث ما
حدث ووضعته ضمن الهدايا التى أوقفتها على الهيكل وكانت قد تلقتها كهدايا تذكارية
من متاع أليفانا وصاحب هذا الرأى هوالقديس إيرونيموس
1.

ثم جاء بعد
ذلك كاتب يهودى أعدّ مذكرات يهوديت هذه لتدرج ضمن الأسفار القانونية، على أن ذلك
الكاتب لم يحذف ولم يضيف وانما أضفى أسلوبه وشخصيته على الكتاب، حيث يتضح جلياً أن
السفر قد كتب بيد واحدة كما استنتج ذلك العالم تشارلز
R. H. Charles 2 وعلى الرغم من أن الكاتبة (يهوديت) أثبتت فى الكتاب ثقافتها
اليهودية، وعكست محبتها للشريعة، ووطنيتها وبعدها الروحى، فإن المترجم فى القرن
الثانى قد ظهر عليه التأثير الهيلينى. (فى الترجمة السبعينية).

 

هذا وقد
إقترح الكاتب
J. E.
Bruns
فى عام 1954
م أن الكاتب قد نشأ فى مصر ولكن هذا الرأى لم ينل تأييداً ما، وكذلك إقترح كاتب
آخر نفس الرأى سنة 1965 م، ولعلّ السبب الذى دفعهم إلى إقتراح مصر كموطن للكاتب
هوإ،تشار السفر فى مصر بين يهود الإسكندرية، ولكن يجب أن نعرف أن يهود الأسكندرية
كانوا فى القرون الثلاثة الأخيرة قبل الميلاد يفوقون يهود أورشليم عدداً، كما كان
السفر مستخدماً بينهم لإتساع أفقهم اللاهوتى بالنسبة ليهود أورشليم.
3

أما العالم
فولف فينسب كتابة السفر إلى أحيور العمونى ربما بسبب الوصف التفصيلى للحوار الذى
بينه وبين نبوخذ نصر
4، أما
العالم كلمت فينسبه إلى يشوع بن يوصاداق رفيق زربابل عند العودة من السبى
5.

ولكن
المرجح أن السفر كتب فى زمن الأحداث أوبالقرب منها نظراً لما فيه من تفاصيل.

وربما
أيضاً يكون كاتب السفر هوألياقيم رئيس الكهنة نفسه، بسبب تركيزه على عمل الصلاة
والتسبيح وبعض تفاصيل تجدر فى معرفتها بشخص عالم دينى مطلع على الدقائق والناموس
أكثر من الباقين، كما أنه كان وقتها هوالممثل الدينى والسياسى فى اليهودية.

والسفر
حيوى من حيث الأسلوب، ترتفع بعض مقاطعه إلى مستوى الشعر الحقيقى، وقد جعل الكاتب
الرد والأحداث والجمل، مرتبة ترتيباً تصاعدياً فإتجهت القصة ببطء إلى الصورة
المعرابية (صورة بلاغية تكون فيها العبارات والجمل مرتبة تصاعدياً) حتى يبلغ أثرها
البلاغى بقوة فى نفس المطالع.

وظهرت
الصلوات والتسابيح فى السفر، مثل عربات ! على طول السفر تنقل التعليم والعظات
والنصح، وقد رأى بعض العلماء أن اسلوب السفر يشبه فى جماله مؤلفات الأديب اليونانى
Parthenius فيما بعد، وقد ظهرت اللمسات
الروائية فى شرح التفاصيل والإثارة فى العرض.

ومن هنا
فهوسفر إلى جانب انه مسيانى، فهويثقف ومسّلى ومهذّب، ويرى بعض الشرَّاح أن هناك
أوجه كثيرة للشبه بينه وبين أعمال الرسل، كما يتفوق على طوبيا فى أسلوبه المفعم
بالحيوية.

ويصف
العالم
Charles، كاتب السفر بأنه له موهبة فى التعليم،
ويتَّسم أسلوبه فى الكتابة بالواقعية وعدم التضخيم وأنه على دراية واسعة بآداب
شعبه وعاداتهم، وكذلك فهومطّلع على أسفار العهد القديم حتى دانيال وأستير، كما أنه
متأثر بقصة إبراهيم كما وردت فى المدراش، راجع (يهو5: 6 – 9).

ومرة أخرى
نقول أن هناك شخصاً أعد السفر للنشر، من خلال صورته الأولى التى يحتمل جداً أن
تكون قد تمت على يد يهوديت نفسها.

 

تاريخ
كتابة السفر

حدد
العلماء الفترة التى لابد وأن السفر كتب خلالها، وهى الفترة من القرن السابع قبل
الميلاد، ولهم فى كل قرن من تلك القرون الستة دلائل يستندون عليها
1.

ويرجع
العالم
R. H
Charles
زمن
ما بعد السبى مباشرة كوقت كتابة السفر حيث لا يوجد ملك للبلاد، وحيث يعمل الشيوخ
مع السنهدريم
gerusia (جيروسيا)،
وهو كذلك يقول أن القصة دارت أحداثها فى وقت غير الوقت الذى نشرت فيه.

ولكى
نستطيع أن نحدد تاريخ كتابة السفر حتى فى صورته الأولى، لابد لنا أن نحدد الوقت
الذى عاشت فيه يهوديت وجرت أحداث السفر فيه، وهناك ثلاث نظريات فى هذا الصدد.

فالنظرية
الأولى
تقترح الفترة التى كان فيها منسّى الملك مأسوراً فى بلاد مابين
النهرين، حيث لا يوجد ملك فى البلاد، فى ذلك الحين يقوم ملك الشمال بحملة
2 نحو الجنوب ماراً باليهودية، ووقتها جرت أحداث
بيت فلوى (وهذا هوالأرجح فى نظرنا).

والنظرية
الثانية
تقترح فترة ملك سنحاريب الأشورى حيث قام بحملة تأديب بعد هزيمته
الشهيرة فى فجر القرن السابع قبل الميلاد، منتقماً أولاً من أرفكشاد صديق اليهود
ثم متجهاً نحو اليهودية جنوباً.

وأما
النظرية الثالثة
فتقترح القرن الرابع قبل الميلاد، فى عصر
أرتحتشتا الثالث وحملته الجنوبية والتى توقفت فى اليهودية عند بيت فلوى.

أما السبب
فى ترجيح القرن السابع زمناً لكتابة السفر، فهوأن أرفكشاد المذكور هنا كملك
لميديا، بنى مدينة أحمتا، ومعروف أن هذه المدينة بنيت فى سنة 700 ق. م، مما يعنى
أنه عاش فى القرن السابع وأن أحداث تاسفر بالتالى قد وقعت فى ذلك الوقت، وعليه فمن
غير المنطقى أن يكتب السفر بهذه التفاصيل الدقيقة بعد مرور ثلاثة قرون على
أحداثه!!

كما أن
السفر لا يذكر سبى بابل وهو حدث كبير لا يمكن لكاتب أى سفر إهماله، كما أن الأسفار
التى جاءت بعد السبى ذكرت مثل المكابيين، مما يعنى أن السفر كتب فى نفس القرن الذى
وقعت فيه الأحداث.

 

النسخ
الأصلية للسفر ولغته

يجمع كل
العلماء حالياً على أن النسخة الأصلية للسفر وجدت فى لغة سامية والأرجح أنها عبرية
وليست أرامية كما ظن البعض، حيث يشير القديس جيروم إلى نسخة سامية مفقودة
[1]
حيث تعتبر النسخة السريانية للسفر، أكثر تمثيلاً للأصل السامى
2 فقد وجدت النسخة اليونانية التى عثر
عليها للسفر، غير متطابقة مع لغة كتابة العهد الجديد كما وردت فى المخطوطات
اليونانية، وحتى إذا كانت خالية من المصطلحات السامية، فإنها حرفية جداً، حتى أنه
يمكن ردها بسهولة إلى أصلها العبرى، كذلك فإن إستخدام الكاتب للتعبيرات العبرية
كثيراً جداً، وبطريقة غير مألوفة فى اليونانية
3


وعلى سبيل المثال فإن الإسم أحيور وفى العبرية ومعناها (أخى النور)
قد كتبت فى بعض المخطوطات اليونانية أخيود وذلك بسبب التشابه الكبير بين حرفى
الدال فى العبرى والراء فى أخيود فإنها تغير المعنى يصبح رمزاً لا إسماً لشخص، إذا
أن أخيود تعنى (أخى اليهود أوصديق اليهود) ويصبح حل هذه المشكلة فى الرجوع إلى
الأصل العبرى، ويرد فى الموسوعة اليهودية أن السفر كتب أولاً بالعبرية وأن الترجمة
اليونانية تحمل علامات لا تخطىء، بأنها ترجمت عن العبرية، كما أن اللهجة فى السفر
هى لهجة نابعة عن اليهودية الكلاسيكية وأنها لهجة حية. وقد أيد هذا الرأى كثير من
العلماء، أمثال (
Fabricius
& John & Eichhorn
) كذلك فإن الإقتباسات هى من النسخة اليونانية من
العهد القديم، وقد جاءت متفقة مع الترجمة السبعينية للعهد القديم، كما أن الكثير
من الغموض فى النسخة اليونانية لا يمكن كشفه إلا بالرجوع إلى الأصل العبرى.
4 كما أشرنا.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد إنجيل يوحنا خادم الرب 03

ويردد فى
مقدمة السفر باللغة العبرية والتى نشرها العالم أفراهام كاهانا أم السفر
ترجم عن أصل عبرى، بل إنه ترجم كلمة بكلمة تقريباً، فإذا ما نجحنا فى ترجمة النسخة
اليونانية كلمة كلمة إلى العبرية سنحصل على الأصل العبرى (أنظر النص العبرى فى
نهاية الكتاب).

أما أول
إشارة إلى النسخة اليونانية الأولى للسفر، جاءت عن طريق القديس إكليمندس الرومانى
وذلك فى سنة 90 م، حيث يلمّح إليها بإعتبارها معروفة لدى اليهود اليونانيين (يهود
الشتات) مثلما يتحدث عن سفر إستر كسفر معروف لدى قرائه
5 وحيث الأصل العبرانى للسفر مفقود، فإن أقدم صورة
وصلت إلينا فيها هى ترجمته اليونانية وهذه وصلت إلينا فى ثلاثة أشكال:

الشكل
المعتاد وهو الأكثر أصالة تمثله المخطوطات (النسخة السينائية).

الشكل
الموجود فى المخطوطتين رقم (19 و108).

الشكل
الموجود فى المخطوط رقم (58) وهو متفق مع النسختين اللاتينية والسريانية بصورة
ملحوظة.

ومع ذلك
فإن هذه الأشكال الثلاثة تمثل نفس النسخة، وترجع إلى نفس الأصل وهى متفقة فيما
بينها، عدا خلافات طفيفة ترجع إلى فوارق شخصية بين المترجمين أنفسهم
6.

هذا وتعتبر
النسخ اليونانية المختلفة لسفر يهوديت أكثر تطابقاً فيما بينها، بالنسبة لنسخ سفر
طوبيا.

وقد قام
القديس جيروم بعمل ترجمته للسفر ضمن ترجمته المعروفة بإسم الفولجاتا أى الشعبية فى
سنة 398 م عن نص كلدانى وجده، ولم يبذل مجهوداً كبيراً فيها، إذ قام بترجمة السفر
كله فى ليلة واحدة، وقد قال جيروم فى المقدمة: (أنه غير راضى تماماً عن عمله هذا).

وبقدر ما
هى عبارة غامضة إلاّ أنه يود ولويعثر على النسخة العبرية ليترجم منها
7، كذلك فإنه إستعان بنسخة مدراش أرامية تعرض
القصة بتصرف
8 (أنظر النص العبرى فى نهاية الكتاب).

 

نسخ أخرى
للسفر
*

إن اليهود
ولوأنهم لا يعترفون بقانونية سفر يهوديت، إلاّ أن القصة معروفة لديهم ويذكر فى
ليتورجية عيد الحانوكا، وهو عيد تجديد الهيكل بواسطة يهوذا المكابى فى 25 كسلو
(ديسمبر) وتظهر القصة عندهم فى أشكال متعددة فى نصوص مدراشيم صغيرة بالعبرية وقد
تم طبع بعضها.

وهناك
ثلاثة أشكال أخرى للسفر بالعبرية موجودة فى مكتبة البودليان بإكسفورد، كذلك يوجد
نص آخر مترجم إلى العبرية عن الفولجاتا (اللاتينية) يتفق مع النصوص السابق ذكرها،
حيث نشر فى فينسيا تحت عنوان (معشاه يهوديت)، ولكن يبدوأن تلك النسخ عبارة عن
صياغة حرة للسفر وليست ترجمة عن اليونانية ومن ثم فهى نسخ لا يعتمد عليها.

ولكن بعض
الترجمات عن اليونانية نشرت تحت عنوان
Hanukka (حانوكا) وهو كما ذكرنا الإسم العبرى لعيد
التجديد لدى اليهود، وقد نشؤت بمعرفة (مايير بن أشير) وذلك فى برلين سنة 1766 م
Benseb فى سنة 1819 م، وكذلك ضمن بقية كتب الأبوكريفا
بمعرفة فرانك فى ليبزج وذلك سنة 1830 م، كذلك فقد ظهرت فى فرانكفورت ترجمة يهودية
ألمانية للسفر بواسطة
S. Landau وذلك فى سنة 1715، ثم ظهرت نسخة فارسية منقولة عن الفولجاتا، كتبت سنة
1600 وبدون توقيع.

أما النسخة
السريانية فقد طبعت فى
Walton’s Plygot وذلك عن مخطوطتين حديثتين للسفر موجودتان الآن
فى مكتبة بودليان، ترجع إحداهما إلى سنة 1614 م والثانية إلى سنة 1627 م، حيث قامت
عليهما دراسة مقارنة مع نسخة موجودة فى كامبردج كما وجدت مخطوطة للسفر بالمتحف
البريطانى، ترجع إلى القرن العاشر، ويملك نفس المتحف مخطوطتين أخريتين ترجع إلى
القرن الثانى عشر، بينما ترجع الأخرى إلى القرن السابع عشر.

أما النصوص
العبرية فقد قام العالم (دوبارل) بعمل ثلاث ترجمات بلغات مختلفة فى القرن السادس
عشر، أما دار النشر المعروفة (
S.B) فى
لندن، فقد قامت بنشر السفر ضمن الأسفار القانونية الثانية فى طبعتها للعهد القديم،
وذلك باللغتين اليونانية والإنجليزية وقد صدرت آخر طبعة منها فى 1986 م.

وأخيراً
ومع إزدياد الإهتمام بالسفر مضطرداً فى الأونة الأخيرة ليحتل مكانة بين بقية
الأسفار، قامت دار الكتاب المقدس بعمل طبعة جديدة للكتاب المقدس تتضمن هذه الأسفار
(راجع مقدمة سفر طوبيا).

 

قانونية
السفر

على الرغم
من خلوقائمة الكتب المقدسة العبرية من السفر، إلا أنه كان مستخدماً فى العبادة
اليهودية الجماعية، مثلما كان يحدث فى إحتفال الحانوكا
Hanukka وهو عيد التجديد المذكور فى (يو10) أى أنه كان
معروفاً فى الأوساطا الشعبية، حيث يظهر كذلك فى المدراش اليهودى، ويشير القديس
كليمندس الرومانى إلى السفر فى رسالته إلى أهل كورنثوس بإعتباره معروفاً.

ويحتج
اليهود على السفر، بسبب أنه لم يكن موجوداً فى عصر عزرا الكاتب، وكذلك لأن يوسيفوس
المؤرخ اليهودى لم يورده فى قائمة الأسفار التى ذكرها، ولكن يجب الإنتباه هنا إلى
أن بعض الأسفار القديمة لم يعثر عليها عزرا عندما جمع الأسفار المقدسة، ربما بسبب
الشتات، كما أن البعض الأخر لم يكن قد كتب بعد مثل سفر يشوع بن سيراخ وسفرى
المكابيين، وأما يوسيفوس فقد أشار إلى أن هذه الأسفار (مثل يهوديت) كان موقراً عند
اليهود وإن كانت ليست بمرتبة الأسفار الأخرى، مع ملاحظة أن من بين الأسباب التى
جعلت اليهود ينظرون إلى الأسفار التى ظهرت بعد عزرا: نظرة شك، هوعدم ثقتهم فى
الكتبة فى تلك الحقبة (ك 1 ضد إييون رأس 8)
1.

وأما عن
سبب قبول اليهود لسفر أستير دون يهوديت، أن قصة يهوديت حدثت فى مكان ضيق، فى حين
جرت أحداث سفر أستير فى وسط العالم المعروف عندئذ (البلاط الملكى) كما أن سفر
أستير مصحوب بعيد سنوى فى التقويم العبرى.

وهكذا أيضاً
كان معروفاً لدى الكتاب المسيحيين الأوائل بما فيهم أولئك الذين كانوا يعارضون
قانونيته معارضه نظرية فقط
2، هذا وقد
وجد السفر مكاناً له فى الترجمة السبعينية التى أصبحت تمثل العهد القديم بالنسبة
للمسيحيين، وزاد مع تأثيره فى وجدان الشعب حتى شاعت صور بطلته مع أحداث السفر فى
الفن الدينى
3. ويرد فى الموسوعة اليهودية أن وجد إهتماماً فى
العالم اليهودى المسيحى.

 

هذا وقد
إعتاد اليهود قراءة بعض الأسفار فى أعيادهم، مثل:

عيد الفصح:
سفر نشيد الأناشيد.

عيد الحصاد
أوالأسابيع: سفر راعوث.

عيد
المظال: سفر الجامعة.

عيد
الفوريم: سفر أستير.

ذكرى خراب
الهيكل (9 أغسطس): مراثى أرميا.

عيد
الحانوكا (التجديد): سفر يهوديت.

وعلى الرغم
من إستشهار قصوأستير اكثر من يهوديت، فإن السفرين متساويان فى القيمة والمضمون،
ولكن أحداث سفر أستير وقعت فى البلاط الإمبراطورى بينما وقعت آحداث يهوديت فى
مدينة صغيرة غير مشهورة.

وقد ظل
السفر مستخدماً فى العبادة المسيحية وبين يهود الشتات، حتى جاء عصر الإصلاح فرفضه
مارتن لوثر ضمن أسفار أخرى لم ترق له، وعموماً فقد إستند أعداء قانونية السفر على
أمرين، أولهما الأخطاء التاريخية فى السفر والثانى مسلك يهوديت بما فيه من خداع
وكذب وقتل، ولكن ما يبدوأنها أخطاء تاريخية، لا يعيب السفر كان سفر دانيال مشكوكاً
فى تاريخيته حتى وقت قريب حيث أثبتت بعض الحفريات الحديثة سلامته وصحته، ومع ذلك
فقد ظلّ معتبراً سفراً قانونياً موحى به، وذلك من جميع الكنائس، وأما بخصوص
الإعتراض الثانى فإن اليهود كانوا فى حالة حرب حيث يسمح بإستخدام كل الطرق، ومع
ذلك فقد حفظت يهوديت نفسها من الدنس، ولها فى تصرفها هذا، إسوة ب (ياعيل) وأستير،
وسوف نعود إلى دفع مثل ذلك الإعتراضات فى حينه.

وقد إعترض
البعض على السفر بقولهم أن مليتون أسقف سرديس من الجيل الثانى، عندما إستلم من
يهود فلسطين قائمة الأسفار القانونية لم يكن السفر من بينها، ولكن يجب ألا يؤخذ
برأى واحد فقط، لا سيما إذا كان أولئك الذين سلموه القائمة لم يكونوا أمناءا موثوق
بهم، كما أن سفر يهوديت انتشر بين يهود الشتات أكثر من يهود أورشليم الذين خلت
مجلداتهم منها بعض الوقت، كما أن اليهود أنفسهم قد رفضوا بعض الأسفار من تلك التى
يقرونها حالياً – لبعض الوقت قبل أن درجونها ثانية ضمن كتبهم المقدسة.

كما قال
البعض أن ايرونيموس فى تعليقه على أسفار سليمان قال: كما تتلوالكنيسة أسفار يهوديت
وطوبيا والمكابين، دون أن تنظمها ضمن الأسفار القانونية، وللرد على ذلك نقول أن
إيرونيموس كان يعبر عن رأى بعض المسيحيين فى عصره وليس جميعهم.

وعلى الرغم
من موقف البروتستانت المعادى للسفر، فإنهم قد أقروا بصلاحيته للتعليم
3، بل أن الناقد البروتستانتى O. Walff قد دافع عن السفر وتاريخه 4 كذلك فقد دافع عنه العالم G.L. Bauer، وكذلك بعض علماء اليهود، ويزداد تأييداً بين البروتستانت مع
الوقت
5.

ولكن الذى
يجب الإشارة إليه هنا، هوأن كنيسة الإسكندرية كانت على مر التاريخ بعيدة عن الصراع
حول قانونية السفر، حيث قبلته منذ البداية مستندة فى ذلك على قوانين الآباء الرسل
وتعاليمهم
6 وكذلك على المجامع المقدسة وقديسيها الأوائل.

وفيما يلى
قائمة بالمجامع التى أقرت قانونية السفر:

مجمع نيقية
سنة 325 م

مجمع
هيبوسنة 393 م

مجمع
قرطاجنة الأول سنة 397 م

مجمع
قرطاجنة الثانى سنة 419 م
7

ومن مجامع
الكنيسة الكاثوليكية:

مجمع
فلورنسا سنة 1124 م

مجمع ترنت
سنة 1546 م (واعتبر الفولجاتا هى الترجمة المعتمدة لدى الروم والكاثوليك)

مجمع
القسطنطينية سنة 1642 م (مجمع الروم)

مجمع
الفاتيكان الأول سنة 1870 م

 

وورد السفر
كذلك فى قوانين الآباء الرسل (هيبوليتس). كما ضمن لائحة الكتب القانونية التى
وضعها البابا (إينوشنسيوس) بابا روما فى سنة 405 م.

أما
القديسين والعلماء الذين أقروا قانونية السفر وإقتبسوا منه فى تعاليمهم وكتاباتهم،
فإليك قائمة بأسماء بعضهم:

 

القديس
كليمندس الرومانى تنيح سنة 90 / 100 م فى رسالته إلى أهل كورنثوس (فصل 55 / عدد 4،
5)

القديس
كليمندس السكندرى تنيح سنة 155 – 220 م فى كتاب المربى (2: 7، 4: 9)

العلامة
ترتليانوس

العلامة
أوريجانوس تنيح سنة 254 م تفسير انجيل يوحنا وكتاب الصلاة (فضل 13، 29)

القديس
أثناسيوس الرسولى 296 – 373 م فى خطبته الثانية لأريوس (2: 35)

القديس
أمبروسيوس 319 – 397 م

القديس
جيروم (إيرونيموس) 354 – 419 م فى أغلب رسائله (وقام أيضاً بعمل ترجمة للسفر نفسه)

القديس
أغسطينوس فى كتابه مدينة الله

القديس
باسيليوس الكبير 329 – 379 م فى تعليمه عن الروح

البابا
غريغوريوس الكبير 329 – 389 م

القديس
يوحنا ذهبى الفم 347 – 407 م

كما وردت
هذه الأسفار ومن بينها سفر يهوديت فى قوانين الشيخ الصفى بن العسال فى مصر وقوانين
العلامة شمس الرياسة المعروف بإبن كبر.

أما بخصوص
بقية الكنائس، فقد عقدت الكنيسة اليونانية مجمعاً فى أورشليم سنة 1672 م برئاسة
البطريرك دوسيناوس، حيث أيد قرارات المجامع السابقة عليه فى الإعتراف بالسفر، أما
الكنيسة الهندية والحبشية والأنجليكانية فى إنجلترا فهى تقرها بطبيعة الحال.

 

القيمة
اللاهوتية للسفر

يصور السفر
الجهاد المستمر للنفس فى العالم، وتربص الشيطان المخيف المرعب لها، هووجنوده
الكثير، إنه رابض أمامها فى إنتظار اللحظة المناسبة للإنقضاض عليها وسحقها (أر 5:
6) ولكن النفس المجاهدة، تتسلح بالصلاة وتلجأ إلى كل الوسائل المتاحة، والنتيجة أن
يهلك الشيطان بشره فى حين تنجو النفس، وبعد أن انتظر الشيطان طويلاً فاغراً فاه
لإبتلاعها، فإذا به هويصبح فريسة وتنزعج قواته ويفروا مهزومين (سحق أعداءنا فى هذه
الليلة يهو13: 15) ومن ثم يعظم الرب وحده وله يقدم كل التسبيح، كما يظهر السفر عمل
الله العجيب مع شعبه، والخلاص الذى أتمه.

 

صفات الله
المذكورة فى السفر:

على العكس
من سفر إستير، فإن سفر يهوديت مغموس فى اسم الله، ومرادفات ذلك الأسم المبارك وصفاته،
حيث يظهر الله فى السفر على النحو التالى:

الرب هو
اسمك (9: 8).

سرمدى (أنت
صنعت أحداث الماضى والحاضر والمستقبل 9: 5)

السيد
المطلق (ما قدرته كان وما أردته كان فقال هأنذا 9: 5، 6، 16: 14)

نصير
الضعفاء والمظلومين (إله الرضعاء ومغيث الصغار، نصير الضعفاء، حامى المُهملين،
مخلص اليائسين 9: 11)

الخالق (رب
السموات والأرض وخالق المياه ولك خليقتك كلها 9: 12) (خلق السموات والأرض 16: 2)

قوى (إله
كل قدرة وكل قوة 9: 14)، (إله كل قوة 13: 4) (عظيم أنت وممجد عجيب فى القوة 16:
13)، (لا يقوى عليك أحد 16: 12)، ليس من يقاوم صوتك 16: 14) راجع أيضاً (16: 15)

يدافع عن
شعبه (الرب الإله يمحق الحروب 16: 2)، (المحطم الحروب 9: 7) (حامى اسرائيل ليس
لنسل اسرائيل حام سواك 9: 14)

ديان
(ينتقم… فى يوم الدينونة (…) يجعل النار والدود فى لحومهم فيبكون ألماً للأبد
16: 17) معبود (إياك تعبد الخليقة بأسرها 16: 14)

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ المسيح ح


قيم إيمانية أخرى:

فى السفر
تعليم عن الحياة الأبدية، مثله فى ذلك مثل سفر طزبيا، ويظهر هذا التأثير الاسخاطولوجى
فى (16: 17) حيث يشير السفر إلى المصير الأبدى الذى ينتظر الأشرار، وهو نفس المصير
الذى أشار إليه السيد المسيح فى العهد الجديد، ومن حيث النار التى لا تطفأ والدود
الذى لا يموت، والخلود فى العذاب (راجع أيضاً أش 66: 24).

وعلى الرغم
من أن السفر يخلومن المعجزات فى صورتها التقليدية، وإنما يركز على التعليم بأن
الحكمة والخير ينتج عنها الخلاص والبر، بينما تتسبب الخطية فى الشر والهلاك.

وتبرز فى
السفر أيضاً قيمة الشفاعة، حين يطلب الشعب من الله أن ينقذهم ناظراً إلى وجوه
قديسيه (أنظر فى هذا اليوم إلى وجه المقدسين لك 6: 19) وكذلك حين يطلب الشعب من
يهوديت الصلاة لأجلهم بمن فيهم شيوخ الشعب قائلين لها (والآن فصلى لأجلنا فإنك
إمرأة تقية 9: 31) كما أن يهوديت وبصفة عامة قد عملت كشفيعة عن الشعب عموماً لدى
الله.

وأخيراً
فهوسفر مسيانى السمة، يركز بصورة خفية غير واضحة على تفوق إله إسرائيل على آلهة
الأمم الأخرى وعمله الخلاصى مع شعبه على مر التاريخ (راجع خطاب أحيور العمونى ص 5)
وإحتجاج نبوخذ نصر على اعتبار إله إسرائيل إلهاً قوياً… (ص 6).

 

القيمة
الليتورجية للسفر

تظهر
يهوديت فى السفر كمثال للورع اليهودى، كما تمثل الولاء والطاعة للناموس، فهى تستمد
قوتها وشجاعتها – فى مواجهة العدو– من أمانتها فى العلاقة بالله، ولذلك فهى تستعد
للمعركة بالإختلاء مصلية وهى صائمة.

يهوديت
كذلك تعطى مثالاً حياًلما يجب أن يكون عليه الخادم، فهى مثال للتكريس، فالعفة فى
ترملها تعتبر علامة مميزة لها، فقد نحت جمالها وغناها وشبابها جانباً، وإنقطعت
للعبادة فى علية بيتها، فيما يشبه القلاية، غير أنها تركت وحدتها عندما دعتها
الضرورة إلى ذلك، حيث تعرض شعبها للخطر، وهى بذلك تعطى تأكيداً على أن الراهب
والمتوحد، هوشخص عضوفى جسد المسيح الذى هوالكنيسة، مثلما ترك الأنبا أنطونيوس
مغارته، ليشترك مع الكنيسة فى محاربة الأريوسية.

وقد حافظت
يهوديت على وصايا الناموس من حيث مراعاتها للسبوت والأعياد، متحفظة تجاه ما يتعلق
بالطعام الطاهر غير النجس، متشددة فى ذلك حتى فى الوقت الذى يمكن فيه تجاوز
القانون (وجودها فى معسكر الأعداء) كذلك محافظتها على الصلاة فى مواعيدها
والأغتسال للصلاة كما يقضى التقليد.

وقد سجل
التلمود اليهودى عن القديسين أمثال يهوديت، قائلاً: " النسل المثقف بالتوراة،
الواحد القدوس، سر أن يأخذهم تحت أجنحة الشاكيناه "
1 ويرد فى صلاة يهوديت إلى الله (إنك إله الوضعاء ومغيث
الصغار ونصير الضعفاء وحامى المهملين ومخلص البائسين 9: 11) والحقيقة أن هذه الآية
هى نفس مضمون أوشية المرضى، ونصلى نحن بذات الشعور ولنا نفس الرجاء فى الله الذى
ينظر إلى ضعفنا ويعين مسكنتنا ويهوديت تعبر عن فرحتها بالرب ونصرتها فيه، عن طريق
التسبيح والإنشاد حيث تنسب النصرة لله، لقد إنتصر الرب لها.. ووضع النصرة فى
رصيدها، شأنها فى ذلك شأن جميع رجال الله فى تعبيرهم عن النصرة.

كما يظهر
السفر، اليهود وقد إتسع أفقهم اللاهوتى وخرجوا قليلاً عن (الجيتو)
2 فعلى الرغم من أن السفر مصطيغ بصفة وطنية، حيث
يظهر فيه الله كإله وطنى، بينما تظهر فيه الوثنية كخطية قومية، إلا أن الباب قد
فتح أمام الأمم، متمثلاً فى قبول أحيور الدخيل العمونى إلى اليهودية (تهوّده) فى
جومن الترحاب والبهجة، وعلى الرغم من أن ذلك كان أيضاً بطريقة إستثنائية بسبب
إيمانه الشديد بيهوه، كما هوالحال بالنسبة لراعوث، وكان القانون اليهودى يمنع دخول
الدخلاء إلى جماعة الرب إلا فى الجيل العاشر خوفاً من التأثير الوثنى لهم على
اليهود.

ويركز
السفر على العبادة الجماعية، فالخطيئة هنا هى خطيئة قومية، فيها هلاك للكل، ومن
هنا فإن توبتهم وبرهم سيكون سبباً فى خلاصهم راجع (يهو5: 20، 21) ويظهر الشعب من
ثم فى ثوب رائع من الورع متمثلا ُ فى الصلوات الكثيرة المقرونة بالصوم والمسوح
والدموع، لإستدرار مراحم الله:

(وغَطَّوا
مَذبَحَ الرَّبِّ بِمِسْح وصَرَخوا صُراخاً حارّاً إِلى إِلهِ إِسْرائيلَ بِصوتٍ
واحِد، أَلاَّ يُسلِمَ أَطْفالَهم إِلى النَّهْبِ ونِساءَهم إِلى السَّبْيِ
ومُدُنَ ميراثِهم إِلى الدَّمار والمكانَ المُقَدَّسَ إِلى التَّدْنيس وإِلى
شَماتِ الأمَمِ المُهين. 13 فسَمِعَ الرَّبُّ أَصْواتَهم ونَظَرَ إِلى شِدَّتِهِم)

يهوديت 4: 12 – 13

وهكذا تظهر
بوضوح المساحة الكبيرة فى السفر للنسك، حيث يرد كثيراً، دموعهم وإنطراحهم على
الأرض وتغطية المذبح بالمسوح، وتطلب يهوديت من الشعب أن يلتمس الغفران من الله
بدموع، ويستدر مراحم الله.

 

الصلاة:

ويركز
السفر على الصلاة كسبيل، ووسيلة للتخلص من ضيقاتنا.. وطرح متاعبنا عند قدمى الله،
بينما نسكب ذواتنا أمامه.

وصرخ جميع
رجال إسرائيل إلى الرب صراخاً حاراً جداً… بكل قوتهم (4: 9، 15)

فإرتمى
الشعب وسجد لله وصرخ قائلاً… إرحم تذلل نسلنا… (6: 18، 19)

وخارت
عزيمة بنى إسرائيل فصرخوا إلى الرب إلههم

وإرتفع فى
وسط الجماعة كلها نحيب شديد كنحيب رجل واحد وصرخوا إلى الرب الإله بصوت عظيم (7:
29)

وسقطت
يهوديت على وجهها… وصرخت صراخاً عظيماً إلى الرب (9: 1)

… وبعد صعودها كانت تتضرع إلى الرب إله إسرائيل.. (12: 8)

وخرجتا
كلتاهما على عادتهما للصلاة… والأية السابقة تشير إلى عادة خروجهما للصلاة فى
الأيام السابقة (13: 10)

 

التسبيح:

التسبيح فى
السفر هوالتعبير الروحى والترجمة اللائقة فى السفر، للفرح بالرب، والإحتفال
بالنصر، إن الأحتفالات هنا هى روحية أيضاً… الأغانى روحية.. والتحدث هوبأعمال
الله فيهم.. هذا ويحتل التسبيح مساحة كبيرة من النص فى السفر على هذا النحو:

يهوديت
تدعوالشعب للتسبيح 8: 25 – 27

يهوديت
تسبح الله فى صلاتها 9: 1 – إلخ

عزيا يبارك
يهوديت 13: 18 – 20

الشعب يقدم
الشكر لله ويباركون يهوديت 15: 9، 10

نشيد
الخلاص 16: 1 – 17

هذا ويعد
التسبيح أرقى أشكال الصلاة، إذ يصلى الإنسان بما لله، فينسب إليه كل مجد وكل بركة
وكل خير ويمتدح كل صفة من صفاته.


العفّة:

إمتدح
السفر كثيراً عفة يهوديت، وأقام وزناً كبيراً لحياة الطهارة، فقد أشاد شيوخ اليهود
بطهارة يهوديت، ويرد فى السفر أنه رغم شهرتها قبل الخلاص من جيش الأشوريين وهى
تزال فى عليتها، وبعد النصر تزايدت شهرتها وكرامتها، ورغب كثيرين فى التزوج منها
ولكنها آثرت حياة العفة منذ وفاة زوجها منسىّ (راجع 16: 21، 22)


الصوم:

ورد فى
السفر أن يهوديت كانت تصوم جميع أيام ترمّلها ما خلا أيام السبوت والأعياد
والإحتفالات (يهو8: 6) شأنها فى ذلك شأن الكثير من النساك الذين عرفناهم فى تراث
الآباء بالبرية، على الرغم من أن الناموس يحدد أوقاتاً معينة للصوم فى السنة.

كما أن
الصوم هنا لم يكن إنقطاع عن الطعام فقط ولكنه شمل أيضاً الإمتناع عن بعض الأطعمة
(10: 5)، (12: 1 – 2، 19) كما صام الشعب نفسه ليستدروا مراحم الله (4: 13) بل أن الصوم
– وكما هوالحال فى نينوى قد شمل النساء والأولاد والعبيد والإماء والبهائم والطيور
(4: 9).

 

إقتباسات
العهد الجديد من السفر

وكانت
يهوديت مترملة فى بيتها منذ " ويوحنا هذا كان لباسه من وبر ثلاث سنوات وأربعة
أشهر وكانت الإبل وعلى حقويه منطقة من جلد وقد هيلأت لنفسها عليه على سطح بيتها
كان طعامه جراداً وعسلاً برياً"

 وكانت تضع
مسحاً على وسطها و(متى 3: 4)

ترتدى ثياب
ترملها وكانت تصوم جميع وكانت بنية حننه بنت فنوئيل…

أيام
ترملها عاشت مع زوج سبع سنين بعد

(يهو8: 5)
(16: 21، 22) بكوريتها وهى أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابد
بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً (لو2: 36، 37)

 

لأنكم لن
تكتشفوا أعماق قلب الإنسان و" ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه لن تدركوا أفكار
ذهنه فكيف تهتدون إلى عن الإستقصاء لأنه من عرف فكر الله الذى صنع كل ذلك وتفهمون
فكره الرب أومن صار له مشيراً"

وتدركون
تدبيره

 يهو8: 14
(رو11: 33، 34)

 "
لأن من من الناس يعرف أمور

 الإنسان
إلا روح الإنسان الذى فيه

 هكذا أيضاً
أمور الله لا يعرفها أحد

 إلا روح
الله " (1 كو2: 11)

فلنشكر
الرب إلهنا الذى يمتحننا كما " احسبوه كل فرح يا إخوتى حينما امتحن آباءنا
اذكروا كل ما صنعه إله تقعون فى تجارب متنوعة عالمين إبراهيم وكم امتحن اسحق وكل
ما أن امتحان إيمانكم ينشىء صبراً وجرى ليعقوب… فكما أنه امتحنهم أما الصبر
فليكن له عمل تام لكى ليسير (يفحص) قلوبهم كذلك لن ينتقم تكونوا تامين وكاملين غير
ناقصين منا بل الرب يؤدب الذين يقتربون منه فى شىء. إنذاراً لهم (يع 1: 2 – 4)

(8: 25 –
27)

 

باركك يا
بنية الإله العلى فوق جميع مباركة أنت فى النساء… (لو1: 28، 42 النساء اللواتى
على الأرض وتبارك) فقالت مريم… فهوذا الرب الإله الذى خلق السموات والأرض منذ
الآن جميع الأجيال تطوبنى لأن والذى هداك لضرب رأس قائد أعدائنا القدير صنع به
عظائم وإسمه فإن رجاءك لن يفارق قلوب الناس الذين قدوس يذكرون قوة الله للأبد عسى
الله أن يرفع (لو1: 46 – 49) شأنك للأبد وأن تفتقدى بإحساناته 13: 18 – 20

 

أوجه
الإعتراض على السفر ومناقشتها

وفيما يلى
عرض لبعض التساؤلات التى تدور حول السفر:

يقول البعض
أن اسم السفر والمستمد من الشخصية الرئيسية فيه وهى " يهوديت " إنما
هوإسم رمزى (معناه يهوديت: مؤنث يهودى) وبالتالى فالقصة رمزية تمثل الشعب اليهودى
كله
؟

ج – عنوان
السفر فى اللغة اليونانية هويهوديت أما فى العبرية فقد جاء (يهوديت) مسبوقاً بكلمة
تعنى " سفر " أو" عمل " ومن المعانى المحتملة أيضاً فلإسم
يهوديت هويهودية
Jewess (وبالتالى فإن العالم
جروتيوس
Grotius وآخرون، يشرحون القصة بطريقة
رمزية فيجعلها تمثل الشعب اليهودى بأسره، ولكن هذا الأسلوب، فضلاً عن أنه مفتعل وغير
مقنع، فلا حاجة بنا أن نفترض أن الاسم يوحى بهذا المعنى لأن اللفظة قد وردت فى
الكتاب المقدس كإسم لزوجة عيسو، وهى من أصل حثى (تك 26: 34) والأسم فى هذه الحالة
لا يمكن أن يعنى يهودية
Jewess.

 

يقولون أن
هناك مشاكل تاريخية وجغرافية فى السفر
.

ج –
الإلتباس الشكلى الوارد فى السفر فيما يختص ببعض الأسماء التاريخية والجغرافية،
يعود إلى الترجمات المختلفة وإستخدام بعض ألفاظ لاتينية ويونانية دون غيرها على حد
تعبير القديس أغسطينوس
1 تاريخية السفر: المعروف أن
نبوخذ نصر لم يكن ملكاً أشورياً بل ملكاً بابلياً، وأنه لم يملك على نينوى، بل ملك
سنة 605 ق.م. أى بعد هراب نينوى الذى تم فى سنة 612 ق.م.، وأن ميديا لم تكن ذات
قوة حربية يُخشى منها، وفى وقت العودة من السبى سنة 536 ق.م.، كانت بابل قد ضمت
إلى فارس.

 

وهناك ثلاث
نظريات تفسيرية لحل مشكلة التاريخ فى السفر:

 أ-
النظرية الأولى:
تقول هذه النظرية، أن زمن حدوث وقائع السفر،
سابق على زمن نبوخذ نصر الملك البابلى المعروف (605 – 562 ق.م.) حيث أن المقصود
بنبوخذ نصر فى السفر هوأسرحدون إبن سنحاريب الملك الأشورى، فلما هُزم سنحاريب فى
حملته المشهورة على اليهودية، فقد انتقم ابنه من جميع الأمم المذكورة فى السفر،
لاسيما من أرفكشاد ملك ميديا، الذى عرف عنه محبته لليهود وتعاطفه معهم، ثم اتجه
جنوباً نحو اليهودية، حيث توقف عند بيت فلوى، مسرح أحداث السفر.
1 كما أن وجود نبوخذ نصر كإسم لملك بابل لا يلغى إستخدام الإسم بين
شعوب أخرى أوفترات زمنية مختلفة. ويرد فى (1: 1) أن أرفكشاد الذى حارب نبوخذ نصر
بنى مدينة أحمتا والمعروف أنها بنيت سنة 700 ق.م. مما يعنى أنه كان يحيا فى القرن
السابع الميلادى وبالتالى فقد حدثت القصة فى ذلك الوقت كما أن السفر لم يشر إلى
السبى البابلى وانما السبى الذى كان قد وقع قبل زمن السفر.

ويرد فى
الآثار الآشورية ما يؤكد أن أحداث السفر قد وقعت فى عهد آشور بانيبال، والسبب أن
إسمه فى السفر نبوخذ نصر يحتمل أن يكون قد غير إسمه بعد إستيلائه على بابل، فإن
آثار بانيبال (هانيبال) المسمارية قد دلتنا على الكثير مما ورد فى السفر، حيث يرد
أنه أخضع مصر وصور، وأدى له الجزية 22 ملكاً فى سوريا وقبرص وأن أخاه (سما
سوموقين) ملك بابل قد عصاه وأثار عليه القبائل الخاضعة له فقهرهم بنفسه وقواد
جيشه، وهو ما ينطبق على السفر من عظمته، ومن رد رسله خائبين فينيقية ودمشق ولبنان
وفلسطين، حيث ساعدوا أخوه الذى كان مشغولاً بمحاربة الماديين، حيث ذكر هذا فى
إسطوانته الأولى عامود 3، 4 حيث يقول أنه قام بحملته الرابعة على ملك الحيثين
(أحسارى) من العيلاميين كثيرة، وهو يطابق ما ورد فى السفر عن ظفره ب أرفكشاد فى
أرض عيلام
2.

 

ب –
النظرية الثانية:
رأى الكثير من العلماء والناقدين أن
أحداث السفر قد وقعت فى القرن الرابع قبل الميلاد، حيث أن أرتحتشتا أوكوس الثالث
(358 – 338 ق.م.) قد شن حملة على الساحل الفينيقى سنة 353 ق.م.، حيث كان هولوفرانس
(أليفانا) أحد قواد جيشه، والذى هوشقيق أرياراطيس ملك كبادوكية الذى تولى الإغارة
على مصر، فى حين كان بوغا، أحد جنرالات الجيش، فلما استسلم الساحل الفينيقى، اتجهت
الحملة جنوباً مروراً بمنطقة بزرعيل، حيث توجد بيت فلوى، مسرح أحداث السفر، ويبرر
عدم وجود هذه الحادثة فى سجلات الأشوريين، كونها مجلية للخزى، بما لا يتفق مع عظمة
الأشوريين
1.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عيد القرعة ة

ج –
النظرية الثالثة:
تفترض النظرية الثالثة، أن تكون
أحداث السفر قد دارت بعد القرن الثانى قبل الميلاد، حيث يرى العالم بول
Ball، أن نبوخذ نصر هوأنطيوخس أبيفانيوس الرابع الملك السلوقى، أشهر
مضطهدى اليهود، لاسيما وأنه قد أعتبر أنه المقصود ب (نبوخذ نصر) وذلك فى سفر
دانيال النبى (12: 6، 7) وأن الأشوريين المعنيين هم السوريين، وأن نينوى هى
أنطاكية، وأما أرفكشاد هوأرساكيس الفارس ملك ميديا، والذى قام أنطيوخس بحملة ضده
1

 

المسألة
الجغرافية فى السفر:

تتمثل
المشكلة الجغرافية للسفر، فى أن الكثير من المدن المذكورة، أسماءها ليست مألوفة لدى
قارىء العهد القديم، كذلك تحرك الجيش الجرار للأعداء، بسرعة كبيرة فوق المألوف.

ولكن وإن
لم تكن جميع البلاد والحصون المذكورة فى السفر معروفة ومحددة على خريطة العهد
القديم، فإن أغلبها يمكن التعرف عليه، وإن إحتاج الأمر إلى مجهود قليل، لاسيما
بالنسبة إلى بلاد غرب آسيا، وسوف نتعرض لكل من تلك البلاد بالشرح والتحقيق فى حينه
(أنظر التفسير).

أما فيما
يختص بمعدل تحرك الحملة العسكرية، فيجب الإنتباه إلى أن الجيوش الجرارة، تسير
مسافة طولية كبيرة جداً، حيث يمكن أن تكون بداية الحملة فى مدينة بينما مازالت
مؤخرتها فى مدينة أخرى بعيدة، والدليل على ذلك أن نبوخذ نصر أوأليفانا رئيس جيوشه،
إحتاج إلى شهر كامل مكثه فى منطقة جبع ليجمع أطراف الجيش ويعيد تنظيمه (3: 10).

ويعترض
البعض قائلين، كيف تكون " بيت فلوى " فوق قمة جبل وهى محاطة بالجبال
؟،ولكن المعروف أن تلك المنطقة عبارة عن مجموعة من المرتفعات وفوق أحدها تقع بيت
فلوى.

 

بقية
الإعتراضات:

كيف يتحدث
الكاتب عن الرجوع من السبى، إذا كان لم يحدث بعد ؟.

ج –
المقصود هنا السبى الذى حدث فى عهد الملك منسى الملك (2 أخ 33: 13) وذلك فى منتصف
القرن السابع قبل الميلاد، أثناء حملة أشور بانيبال ملك أشور، والذى ساعد اليهود
على الرجوع هو (فرارتس) الذى لقب بلقب (الملك الحليم) لهذا السبب، مما جلب عليه
نقمة أسرحدون المدعوفى السفر نبوكد نصر.

 

كيف يكون
رئيس الكهنة هوالمتولى أمور البلاد، حيث لا ذكر لملك هناك ؟

كما أن الياقيم المذكور هنا لا وجود له فى سلسلة رؤساء الكهنة التى سجلها
يوسيفوس ؟

ج – فى
فترات كثيرة سمح الملوك الشماليون لليهود، بإدارة شئونهم، عن طريق وجهاء اليهود،
فإن النظام القبلى كان ما يزال موجوداً، مع وجود رؤساء الأسباط والعشائر، ذلك فى
وجود الملوك أيضاً أما أن يوسيفوس لم يذكره فى سجلات رؤساء الكهنة، فإن ذلك لا
يعتد به كثيراً، بل بالكتاب المقدس الذى ورد فيه أن ذلك الكاهن كان فى عهد سنحاريب
ملك أشور وحزقيا ملك يهوذا (2 مل 18: 18) وكان ذا منزلة رفيعة وقد تنبأ النبى
ببلوغه إلى مرتبة سامية بقوله (ويكون فى ذلك اليوم أنى أدعوعبدى ألياقيم بن ملقيا….
فيكون أباً لساكن أورشليم ولبيت يهوذا (إش 22: 20) وربما لقب بإسم أبيه (2 مل 4)
1

 

يقولون أنه
لا ذكر فى التاريخ، لأرفكشاد ولا لحملته، وأن الذى بنى أحمتا هوديوجس ؟

ج – الذى
بنى (أحمتا) أكبتانا وحصنها هوبالفعل، ديوجس الملك فى القرن السابع ق.م ولكن أرفكشاد
وهو إبنه، قد أكمل بناءها وقام بتوسيعها، ومعروف فى التاريخ أن بناء مدينة واحدة،
قد ينسب إلى شخصيتين أوأكثر. أما عن عدم ورود هذه الحملة فى التاريخ، فقد أهمل
التاريخ ذكر أحداث ووقائع كثيرة، وردت وتأكدت فيما بعد من خلال الحفائر التى قام –
ومازال يقوم – بها العلماء، إضافة إلى أنه من البديهى أن يهمل الملوك تسجيل أخبار
هزائمهم. أما أرفكشاد نفسه، فهوالذى يسميه بعض المؤرخين (فرا) كما يسميه هيرودتس
المؤرخ (فرارتس) ومعناها الملك العظيم حيث أن فرا إسم علم للملك وأرتس لفظة فارسية
معناها العظيم وكتب كثيراً (أرفا). وأضيفت مع الوقت إلى الإسم كلمة (كشاد) ومعناها
الحليم، وهكذا فقد صار معنى الإسم الملك الحليم العظيم، وقد عرف عنه محبته لليهود
والإحسان إليهم، حينما كانوا أسرى فى مملكته
1

 

يعترضون
على مدح يهودست لشمعون، مع أن شمعون قد سلك مع بنى عمون بالغدر وكدّر نفس يعقوب أبيه،
وعليه فإن عمل يهوديت غير مقبول، لأنها سلكت بالغش والخداع والقتل ؟!

ج – يهوديت
والتى تنتمى إلى سبط شمعون، إمتدحت فيه غيرته على شعبه وعلى عفة أخته وشرفها (تك
34) كذلك فإن بيت فلوى (مسرح الأحداث الحالية) هى نفسها شكيم، أوبالقرب منها، كما
يظن بعض الشراح، وهى كانت مسرح أحداث قصة شمعون قديماً.

 

كيف يكون
سفراً موحى به من الله، ذاك الذى تستخدم فيه بطلته طبيعتها كإمرأة، فى الإغراء
والخداع والكذب والشهوة والقتل ؟

 ج – اليهود كانوا فى حالة حرب، حيث يُسمح بإستخدام كافة السبل
المتاحة، كذلك فإن يهوديت لم تغوشخصاً قديساً ليسقط فى الدنس، وعلى الرغم من أن
اليهود كانوا فى حالة دفاع عن النفس، فإن يهوديت لم تفرط فى أى شىء، بداية من
عفتها وطهارتها حتى طعامها اليهودى وصلواتها، كما أن سفر أستير، والذى يقره اليهود
قبل المسيحيين، قد جاء الخلاص فيه على يدى إمرأة إستخدمت تأثيرها مثل يهوديت.

الضمير
المسيحى لا يوافق على أن الغاية تبرر الوسيلة، بل يجب أن تكون الغاية شريفة
والوسيلة كذلك، فكيف يبرر السفر وسيلة كهذه للتخلص من الهزيمة ؟

ج – أبطال
القصة يهود، محدودوا الأفق اللاهوتى، ولم يكونوا قد نعموا بعد، بالعمق الروحى فى
المسيحية فى ظل بركات تجسد إبن الله، ولقد رأينا كيف أن المكابيين اضطروا إلى
التعامل مع السبت بمرونة، بعد أن تعرضوا لخطر الأبادة، فى حرب شنها العدوعليهم فى
يوم السبت، ولكن ذلك كان فى منتصف القرن الثانى قبل الميلاد، أى فى الوقت الذى
كانوا فيه قد إرتقوا فكرياً وروحياً من ناحية ومن ناحية أخرى فقد أقدموا على تلك
التضحية فى الوقت الذى كان الأمر فيه يتعلق بحياتهم، وحقيقى أن (القتل السياسى
ممنوع) ولكن الدفاع عن النفس مشروع ومسموح به فى مثل هذه الحالات حيث لا توجد
بدائل أخرى له، ونذكر هنا تجسس أرض كنعان، وحيلة يعقوب لأخذ البكورية والبركة…
إلخ

 

قال البعض
أن السفر هومؤلف إغريقى، يمكن أن يحتل مكاناً بين مجموعة مؤلفات الكاتب الإغريقى
بارثينوس
Parthinius لأنها تحمل نفس سمات الأسلوب
الإغريقى ؟
ج – لا أساس لهذا الكلام من الصحة،
والمعترض لم يرى فى السفر سوى قصة إغراء فقط، ولكن سمات القصة الإغريقية مغايرة
تماماً لأسلوب السفر، من حيث ظهور الله كبطل للقصة، ثم التركيز على بر الناموس،
والحديث عن الفضيلة، مما يخلومنه النمط الأدبى اليونانى، ويقول بعض العلماء أن هذا
اإتهام غير صحيح، وأن أحداث السفر حقيقية ظلت محفوظة بالتقليد الشفاهى إلى أن سجلت
كتابة فى زمن متأخر عن وقت حدوثها.
1

 

يدعّى
البعض أن نشيد يهوديت، فى الإصحاح الأخير من السفر، هونشيد قديم، يشبه نشيد دبورة
وأن السفر قد بنى أساساً على النشيد !؟

ج – صاحب
هذا الرأى هوالعالم
Reuss، وقد أثبتت الدراسات التى قامت على السفر، أن
كاتب السفر هوشخص واحد، ولا مانع من وجود تشابع بين نشيد يهوديت ونشيد دبورة
النبية، تماماً مثل التشابه الموجود بين نشيد مريم أخت موسى بعد عبور البحر الأحمر
ونشيد دبورة نفسها، فإن موضوع النشيد فى الحالات الثلاث، هوالخلاص الآتى من الرب
بالنصرة على العدو، وقد اعترض نفس الإعتراض – العالم
Ander فى كتابه Apocryphes، لأن المزمور لا يذكر أن المديانيين أعداء نبوخذ نصر، بينما
يذكرها السفر، ولكن المزمور نشيد خلاص، وليس ملخصاً للسفر !.

 

يقول البعض
أن القديس جيروم والذى قام بترجمة السفر ضمن بقية الأسفار المعروفة بالفولجاتا،
اعترف بأنه لم يبذل فيه مجهوداً كبيراً، مثل بقية الأسفار ؟

ج – عندما
قام جيروم بترجمة السفر إلى اللاتينية سنة 398 م، لم يستطيع العثور على الأصل
العبرى، بل أن النسخة الكلدانية التى قام بترجمتها (مستعيناً بالترجمة القديمة)
كانت قديمة مستهلكة ولم تكن عباراتها واضحة، فلم يحاول ترجمتها بدقة، وإنما أن
ينقل معانيها فقط، وقد كتب فى مقدمة السفر: (أنه ترجمة فى ليلة واحدة) ولكن يجب
ألا نفهم من هذه العبارة، أن السفر فى نظره أقل من باقى الأسفار، وإنما يعبر عن
رغبته فى العثور على النسخة العبرية
1، كذلك فقد
قال القديس جيروم أنه تشكك قليلاً فى السفر ولكنه قبله لأن مجمع نيقية فى سنة 325
م قد أقر قانونيته، كما يشير هوذاته فى موضع آخر إلى أن السفر كان متداولاً بين
أفراد الشعب ويهود الشتات اليونانيين، مستخدماً فى العبادة الجماعية، مثلما كان
يحدث فى عيد الحانوكا أى التجديد، حين يدخل السفر ضمن الإحتفالات فى ذلك اليوم.

 

يعترض
البعض بأن السفر كتب من قبل الحسيديين
Hasideans (كلمة عبرية معناها التقاة)، فى القرن الثانى
قبل الميلاد لإثارة حمية اليهود ضد السلوقيين الذين إضطهدوهم ليتركوا عنهم التمسك
بالشريعة ؟

ج –
الحسيديون يرفضون أن يكون للمرأة دور بارز كهذا، الذى ليهوديت، كما أنهم قوم
يؤثرون الحياة فى الجبال، ويرفضون حمل السلاح، بخلاف التعليم الذى يقدمه سفر
يهوديت. كما أن التركيز على الإهتمام بالأعياد والطقوس سمة يهودية عامة وليست
فريسية (لأن الفريسيين هم خلفاء الحسيديين).



1 تاريخ سورية – ج 1 / فصل
2 / عدد 333 , 334.

2 Apocrypha & Psued , by R. H Charles P. 245

3 يرد فى الموسوعة
اليهودية أن كاتب يهوديت عاش وكتب السفر فى فلسطين وأنه كان يهودياً وليس سامراً ,
وأنه سكن بالقرب من شكيم , وذلك من طريقة وصفه لسهل دوثان (4: 6 , 7: 3
(- Judith
– Encylopedia )
)

 

4 تاريخ سورية / ج1 /
عدد 333 , 334.

5 المرجع السابق.

1 H. M. Richardson – P.
535

2 أنظر مناقشة
الأعتراضات على السفر / ص: 26

[1] H.
N. Richardson – p. 536

2 P. Giffin – new Catholic
Com. P. 403

3 R. H. charles p. 244

4 Richardson – Interpreter One volume Com. p. 535

5 الرسالة الأولى إلى
كورنثوس (55: 524 ) القديس كليمنضس الرومانى
R. H. Charles , p. 246

6 الرسالة الأولى
كورنثوس (55: 4 , 5 ) القديس كليمنضس الرومانى
R. H. charles , p. 243

7 R. H. Charles , p. 24

8 R. H. Charles , p 243

* R.
H Charles , 244 – 245

1 مشكاه الطلاب فى
حل مشكلات الكتاب ص / 204 – 208.

2 مقدمة سفر يهوديت
للآباء اليسوعيين.

3 H. N Richardson. Interpreter’s one volume Com.

3 R. H charles , p. 246

4 (تاريخ السفر ) History of New Testament

5 (تاريخ السفر ) History of New Testament

6 (القانون
55 / المجموعة الثانية )
Ante Nicene Fathers , v – 7

7 ضُمت قوانين المجمعين
فى كتاب واحد يحوى 136 قانوناً , حيث جاء الإعتراف بهذه الأسفار فى القانون رقم 27
, حيث عقب المجتمعون على ذلك بقولهم (وهذا الأمر فليعرفه أخونا ومساهمنا فى الخدمة
بونيفانيوس البابا وأساقفة تلك النواحى الأخر كتأكيد القانون الموضوع حالاً من حيث
أننا قد تسلمنا من الآباء فيما أمروا به , بأن هذه هى الكتب التى يجب قراءتها فى
الكنيسة )

1 (الشاكيناه = مسكن
الله )
Interpreter’s Dic. Of the
Bible – Judith

2 تعبير أطلق على تقوقع
اليهود وإنعزالهم.

1 يشير القديس أغسطينوس
فى كتابه مدينة الله إلى إستخدام ألفاظاً يونانية ولاتينية دون
أخرى NPNF , V.2 , book 10
, P. 181
.

1 مشكاة الطلاب فى حل
مشاكل الكتاب /249

2 تاريخ سورية / ج1 –
فصل 2 / عدد 333 , 334.

1 R.H. Charles , p. 245.

1 R.H. Charles , p. 245.

1 مشكاة الطلاب فى حل
مشاكل الكتاب / ص 251

1 مشكاة الطلاب فى حل
مشاكل الكتاب / ص 824.

1 راجع تعليق G. Piffier على السفر

1 يقول كاتب كتاب History of New Tes. أن القديس جيروم
قام بعمل ترجمة عن نص كلدانى
chaldea.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي