الإصحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

 

يهوديت تقتل أليفانا بنفس سيفه هزيمة
الشيطان فى عقر داره

 

ولَمَّا
كانَ المَساء،
أَسرَعَ
ضُبَّاطُه في الاِنصِراف. وأَغلَقَ بوغا الخَيمَةَ مِنَ
الخارِج،
وصَرَفَ الحاضِرينَ مِن وَجهِ سَيِّدِه فذَهَبوا إِلى
مضاجِعِهم،
لِأَنَّهم كانوا جَميعاً مُثقَلينَ مِنَ الإِفراطِ في
الشُّرْب.2 وتُرِكَت يَهوديتُ وَحدَها في الخَيمة، وكانَ أَليفانا
مُستَلْقِياً على سَريرِه لِأَنَّه كانَ
سابِحاً
في الخَمْر
.3 فكانت
يَهوديتُ قد
أَمَرَت
وصيفَتَها أَن تَقِفَ خارِجَ المُخدَع وتُراقِبَ خُروجَها، كما
تَفعَلُ كُلَّ يَوم، قائلةً إِنَّها
ستَخرُجُ لِلصَّلاة، وكانَت قد
قالَت
لِبوغا أَيضاً هذا الكلام
.

 

إستمرت تلك
المأدبة التى أقامها أليفانا لكبار ضباطه حتى ساعة متأخرة من الليل، تقترب من موعد
الخروج اليومى ليهوديت مع جاريتها للصلاة عند عيون الماء أسفل بيت فلوى، وأما
أليفانا الذى إرتمى فى سريره مثل القتيل بسبب إفراطه فى شرب الخمر، فقد تهالك هناك
وكإنه يستعد للموت !.

 

لقد هيأ
الله ليهوديت كل الظروف حتى تنتقم لشعبها من ذلك الجبار، وقد إهتمت يهوديت بأن تسد
كل ثغرة وتحتاط لكل طارىء وتقضى على أى إحتمال لإكتشاف أمرها فتفشل خطتها، وها هى
تضع اللمسات الأخيرة للخطة فتؤكد على بوغا بأنها ستخرج للصلاة كعادتها فى الأيام
الثلاثة الماضية.

 

4 إِنصَرَفوا جَميعاً مِن وَجهِه، ولم يُترَكْ
أَحَدٌ في المُخدَعِ مِن صَغيرِهم
إِلى
كَبيرِهم. فوَقَفَت يَهوديت عِندَ سَريرِه وقالَت في نَفسِها
: ((يا رَب، يا إِلهَ كُلَ قُوَّة اُنظُرْ في هذِه السَّاعةِ الى
أَعْمالِ
يَدَيَّ
لِرَفَعِ شأنَ أُورَشليم
5 فقَد
حانَت
ساعةُ
العِنايَةِ بِميراثِكَ وتَحقيقِ ماعَزَمتُ علَيه لِسَحقِ
الأَعداءَ
الَّذينَ قاموا علَينا.

 

لاشك فى أن
تلك اللحظات، كانت الأشد حرجاً بالنسبة ليهوديت، فى سياق الخطة جميعها، إنها ذات
اللحظات التى إختبرها إهود عندما أقدم على قتل عجلون ملك موآب (قض 3: 20 – 22) ومن
بعده ياعيل إمرأة جابر القينى عندما أقدمت على قتل سيسرا (قض 4: 17 – 22) غير أن
الأمر يختلف عند يهوديت بالنسبة لإهود، بسبب أن الأخير كان رجلاً بل ورجل حرب، وهو
أشد بأساً وشجاعة من المرأة، وهى تختلف كذلك فى ظروفها هذه عن (باعيل) فإن باعيل
اقدمت على قتل شخص هارب موجود بمفرده فى خيمتها، فى حين أن يهوديت موجودة هنا فى
معسكر الأعداء يحيط بها الخطر من كل جهة. وبالتالى فهى تحتاج إلى معونة خاصة.

 

اُنظُرْ في
هذِه السَّاعةِ الى أَعْمالِ
يَدَيَّ:
أو (ثبت عمل يدى) وهى عبارة
عبرية، يراد بها طلب المعونة والحصول على تأييد الرب للعمل من أجل البركة ونجاح
العمل (ولتكن نعمة الرب إلهنا علينا ثبت علينا وعمل أيدينا ثبته مز 90: 17) وهكذا
تصلى يهوديت إلى الله مصدر كل قوة وملهم كل شجاعة لكى يؤيدها، فهذه هى اللحظة
الحاسمة، وكما شدد الله يد داود النبى وثبتها فوق أعدائه هوقادر أيضاً أن يثبت يد
هذه الأرملة التى بادرت بتقديم نفسها عن الرجال والنساء معاً (الذى تثبت يدى معه،
أيضاً ذراعى تشدده مز 89: 21).

 

إرفع شأن
أورشليم: هذا هوالشعار أوالطلبة التى جعلها ملوك وأنبياء إسرائيل، شعاراً وهدفاً
لهم فى حروبهم، إذ إعتبروها حروباً مقدسة ليست من أجل الأطماع الشخصية وإنما من
أجل الذود عن النساء والأطفال والأرض والممتلكات.. إرفع شأن شعبك.. ارفع إسم
يعقوب.. بارك ميراثك..

(بإسم الرب
إلهنا نرفع رايتنا مز 20: 5).

 

6 فدَنَت مِن عارِضَةِ السَّريرِ الَّتي
عِندَ رَأسِ أَليفانا ونَزَعَت مِنها
خَنجَرَه،7 وآقتَرَبَت مِنَ السرير وأَخَذَت بِشَعرِ رأسِه وقالَت: ((قَوِّني،
يا رَبّ، يا إِلهَ إِسْرائيلَ، في
هذا
اليَوم)
).8 ثُمَّ
ضَرَبَت مَرَّتينِ
عُنقَه
بِكُلِّ قُوَّتِها فقَطَعَت رأسَه
9 ودَحرَجَت
جُثَّتَه عنِ السَّرير ونَزَعَتِ النَاموسِيَّةَ عنِ
الأَعمِدة.
وخَرَجَت بَعدَ هُنَيهةٍ وناوَلَت وصيفَتَها رأسَ أَليفانا،
10 فوَضَعَته في جُعبَتِها. وخَرَجَتا كِلْتاهما على عادَتِهما لِلصَّلاة،
وآجتازَتا المُعَسكَر ودارَتا في
الوَهدَة
وصَعِدَتا جَبَلَ بَبتَ فَلْوى ووَصَلَتا الى أَبْوابِها
.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ح حورام 1

 

هنا يصل
المشهد إلى الذروة..

 

كانت عادة
الملوك والقواد أن يحتفظوا بسلاح شخصى، يعلق فى أحد أعمدة السرير، ربما كنوع من
الزينة

(الديكور)
وربما تحسباً لأى طارىء قد يهدد حياته، لاسيما من قبل رجال البلاط، كما كان كل
منهم يحمل سلاحه أثناء الطريق، وقد إعتاد أكثرهم على تعيين شخص لحمل السلاح وهو
المسمى إصطلاحاً (حامل سلاحه) راجع (1 صم 31: 4 – 6). ومن النص نفهم أن سلاح
أليفانا لم يكن مجرد خنجر ولكنه أشبه ما يكون بسيف صغير.

 

عندما وصلت
يهوديت إلى اللحظة التاريخية، إستمدت قوتها من الله، لتجتازها، وقد أخذت الرأس فى
ناموسية السرير، حتى تؤكد أنه قتل فى عقر داره وأما أخذ الرأس نفسها فهى لإثبات
مقتل صاحبها راجع (1 صم 17: 51) فى مقتل جليات بيد داود.

 

ويجدر بنا
القول هنا، أن هناك نوعان من القتل، أشير إليهما فى الكتاب المقدس، أولهما
MURDER وهو جريمة لأنه يتم على خلفية جنائية، أما الثانى فهوKILLING وهو القتل المشروع فى الحروب أوالدفاع عن النفس عموماً مع مراعاة
بعض التحفظات لعدم الخلط بين النوعين من القتل، فيهوديت عندما قتلت أليفانا لم
تقتل شخصاً بذاته وإنما رمز للعدوالذى يهددها ويهدد شعبها، تقتل وتهزم شيطاناً
يتربص بالأبرياء، وبالتالى فالخلفية الحربية هامة فى حالات القتل هذه، ومن هنا فإن
القتل الذى يقوم به الجنود على الجبهة لا يحسب خطية ماداموا فى حالة حرب، يستثنى
من ذلك من يطلب الإستسلام ومن يقع أسيراً.

 

يقول
القديس كليمندس السكندرى:

(يهوديت
المطوبة لما حوصرت مدينتها إلتمست المواعيد القديمة (وعود الله بحمايتهم، لتذهب
إلى معسكر الأعداء معرضة نفسها للخطر، ذهبت من أجل الحب الذى تحمله لبلدها وشعبها
المحاصر فوضع الله أليفانا فى يد إمرأة)
1.

 

وكتب القديس
أمبروسيوس يمتدح عمل يهوديت البطولى قائلاً:

(عندما
تحملت يهوديت الكثير من المخاطر فى سبيل عفتها وطهارتها ربحت فوائد عظيمة وكثيرة،
لقد أظهرت أنها تستحق التقدير والإعجاب، تقربت من أليفانا الذى كان مخوفاً من
الناس وكان يحيط به جماعة من الجنود الأقوياء من الأشوريين، فى البداية أثرت عليه
بحسن شكلها وجمال وجهها وبعد ذلك أسرته بكلامها المعسول، وكان أول إنتصار لها أنها
رجعت من خيمة الأعداء دون تلوث نقاوتها، وكان الإنتصار الثانى على رجل، وحررت
شعبها عن طريق خطة رسمتها، كان (الأشوريون) مرهوبين من قوتها وجسارتها ولذلك وكما
أعجبنا ب (بيت أجوريان
BYTH
AGOREAN
) 2 يجب أن نعجب بيهوديت، فهى لم تخف حتى من خطر
الموت حيث أنها كانت دائماً متضعة وهنا شىء عظيم يجب أن تنتبه إليه السيدات
الصالحات وكانت لا تخاف إعتداء أى وغد ولا حتى أسلحة الجيش بأكمله، وهى إمرأة وقفت
بين خطوط المقاتلين وكانت يداً منتصره
RIGHT AMIDST ولم تبالى بالموت، عندما ينظر إليها أحد وهى تسحق وتقهر الخطر،
يظن أنها خرجت لتموت، وعندما ينظر أحد إلى إيمانها سيقول أنها خرجت لتحارب.

 

ثم يردف
القديس أمبروسيوس ليواصل مديحه ليهوديت:

تبعت
يهوديت نداء الطهارة والعفة وعندما تبعت ذلك النداء، ربحت فوائد عظيمة فكان هذا
فعالاً ليمنع شعب الله من أن يسلموا أنفسهم لعبادة الأوثان وليمنعهم من خيانة
شريعتهم وفقد بتولية العذارى، ووقار الأرامل وأن تمنع العقلية من أن تتحول إلى
عقلية بربرية أومن إنهاء الحصار بالتسليم وكانت ترحب بمواجهة الخطر بالنيابة عن
الجميع لكى تخلص الجميع من الخطر….

 

كم كانت
عظيمة هى قوة الطهارة والعفة حتى أنها وهى إمرأة يجب أن تطلب إعطاء الدور القيادى
لقادة الشعب (خوفاً على نفسها) ولكن ما أعظم قوة الطهارة التى تجعلها تتكل على
الله لكى يساعدها، فما أعظم فضيلتها عندما تطلب معونة الله)
1.

 

بعد ذلك
وضعت رأس أليفانا فى مذود الطعام، لتصير بعد قليل طعاماً للدود، وإذ كان ذلك الوقت
يوافق الموعد الذى إعتادت يهوديت فيه الخروج للصلاة برفقة جاريتها، فإن الجنود
الأشوريين لم يعيروا خروجهما إهتماماً، ولم يعلموا أن فى تلك الحقيبة يذخر لهم
الهلاك، وإمتدت رحلة الفتاتين قليلاً لتصل فى هذه المرة إلى باب المدينة.

هل تبحث عن  م التاريخ كنيسة الأقباط الأرثوذكس مذكرات في تاريخ الكنيسة 46

 

نصرة
اليهود وإكرام يهوديت

من ص 13:
11 إلى ص 16: 25

 

11 فنادَت
يَهوديتُ عن بُعدٍ
حُرَّاسَ
الأَبْواب: ((اِفَتحوا آفتَحوا الباب، فإِنَّ اللهَ إِلهَنا
مَعنا ليُعْمِلَ قُوَّتَه في
إِسْرائيلَ وقُدرَتَه على الأعْداءَ، كما
فَعَلَ
اليَوم)
). 12 فكانَ،
لَمَّا سَمِعَ
رِجالُ
المَدينةِ صَوتَها، أَنَّهم أسرَعوا في النُّزولِ إِلى أَبوابِ
مَدينَتِهم ودعَوا شُيوخَ المَدينة. 13 وبادَروا جَميعاً من صَغيرِهم إِلى
كَبيرِهِم، لأَنَّ مَجيئَها كانَ
يَبْدولَهم
امراً غَيرَ مُتَوقَّع. وفَتَحوا الأَبْوابَ وآستَقبَلوهما
وأَضرَموا ناراً لِلإِضاءَة
وآجتَمَعوا حَولَهـما
.

 

لا يقدر
القلم هنا على التعبير عن فرحة يهوديت بهذا الخلاص العجيب، فقد خلصت بطهارتها،
وخلصت شعبها وها هوذا عربون النصر فى جعبتها (رأس أليفانا) فنادت على الحراس وفى
صوتها رنين النصرة وفرحة المنتصر.

 

ولا شك أن
سكان بيت فلوى فى تلك المدة قد اذعنوا لقادتهم بوجوب الصبر والإحتمال لاسيما وأن
الأيام الخمسة مازال متبقياً منهم يوم واحد متبقياً منها يوم واحد، غير أنهم لم
يكونوا ليتوقعوا عودة يهوديت بهذه النتيجة المذهلة، وفى أفضل الأحوال توقعوا أن
تعود بلا جديد إذ ظنوا أنها قد حاولت التفاوض مع الأعداء، بل إعتبروها قد غامرت
بنفسها فى خطة غير محسوبة وغير مضمونة العواقب، لم ترد أن تطلعهم عليها، وربما
ظنوا أن مكروهاً ما قد أصابها.

 

وها قد
جاءت بشرى يهوديت لهم، عشية اليوم المحدد لإستسلامهم للأشوريين، ويتزامن ذلك أيضاً
مع الحالة المزرية التى وصلوا إليها من العطش واليأس من جراء عدم ظهور أية دلالة
على قرب خلاصهم من تلك الورطة !.

 

ولذلك فقد
سرى نبأ عودتها ببشرى الخلاص، سرى النار فى الهشيم، وذلك بين أفراد الشعب الساهرين
اليائسين، بسبب العطش والخوف فأقبلوا جميعهم بما فيهم الأطفال والشيوخ حاملين
مصابيحهم ومشاعلهم متلهفين إلى معرفة حقيقة ما جرى.

 

14 فقالَت
لَهم بِأَعلى صَوتها: ((سَبِّحوا اللهَ
سَبِّحوه،
سَبِّحوا اللهَ فإِنَّه لم يُحوِّلْ رَحمَتَه عن بَيتِ
إِسرْائيل،
بل سَحَقَ أَعداءَنا بِيَدي في هذه اللَّيلَة)
). 15 ثُمَّ
أَخرَجَتِ الرأسَ مِنَ الجعْبَة وأَرَتْهم
إِيَّاه
وقالَت لَهم: ((هذا هورأسُ أَليفانا رئيسُ قُوَّادِ جَيشِ
أَشُّور، وهذه هي النَّاموسِيَّةُ
الَّتي كانَ مُضطَجِعاً تَحتَها في
سُكرِه.
ضَرَبَه الرَّبُّ بِيَدِ آمرَأَة
. 16 وحَيٌّ
الربُّ الَّذي حَفِظَني في الطَّريقِ الَّذي سلَكتُه، لِأَنَّ
وَجْهي قد أَغْوى ذلك الرَّجُلَ
لِهَلاكِه، ولم يَرتَكِبْ خَطيئةً معي
لِنَجاسَتي
وعاري
)). 17 فآستَولى
على الشَّعبِ
كُلِّه
دَهَشٌ شَديد وجَثَوا فسَجَدوا ِللهِ وقالوا بِصَوتٍ واحِد
: ((مُبارَكٌ أَنتَ، يا إِلهَنا، فإِنَّكَ أَفنَيتَ في هذا اليَومِ أَعْداءَ شَعبِكَ.

 

لقد كان
منظراً مخوفاً رهيباً، أن يروا الرأس الذى أمر بإذلالهم بالحصار والعطش وهدد
سلامهم وأقلق هدوءهم، يرونه مضرجاً فى دمائه بخيمة سريره، وقد سُفك دمه عوضاً عن
دمائهم.

 

ضربة الرب
بيد إمرأة:
هذا يجعل من عمل يهوديت نصراً أسطورياً، فالمرأة
اليهودية والتى كان دورها محدوداً وهامشياً، لم يكن من المألوف أن تظهر فى
المجتمعات وكانت تتحرك بحذر وتحفظ، ولكن ذلك لم يعن أنها سلبية، ففى وقت الشدة
أظهرت شجاعة قد يفتقر إليها العديد من جنود الرجال.

 

وكان من
العار على المرأة أن تقتل رجلاً، لاسيما إذا كان قائداً عسكرياً، فإن المفارقة هنا
كبيرة، فهنا قائد عسكرى محنك بشهادة إنتصاراته، وقدرته على قيادة ما يزيد عن
المائة والخمسين ألفاً من الجنود والفرسان، وهنا فى المقابل إمرأة لا حول لها ولا
قوة، وهو فى معسكره وبين حراسه، بينما هى غريبة ووحيدة فى وسطهم، كل ذلك يدل على
أن نصرها لم يكن سوى هبة من الله الذى سحق الأعداء (عدد 14) والله يغلب بالكثير
وبالقليل، وهكذا فقد ضرب الله أليفانا بيد إمرأة !!.

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد جديد إنجيل مرقس جلوس المسيح عن يمين الله أ أ

 

وقد طمأنت
يهوديت الشعب، بأن هذا النصر لم يكلفها أى تنازلات بداية بطهارتها وإنتهاءاً
بالخبزات التى تناولتها، فلم يمسها أليفانا بسوء، كما لم تتناول من طعام الوثنيين،
ويرد فى الترجمة اللاتينية (حى هوالرب الذى حفظنى ملاكه فى مسيرى وإقامتى وإيابى
13: 20).

 

ويرى بعض
القديسين أن قوة يهوديت كانت فى عفتها، وأن عفتها هى سلاحها، مثل القديس جيروم عن
خدام الله الأرضيين
1، وفى موضع
آخر يقول:

 

إننا نقرأ
عن إمرأة أصيبت بالهزال من جراء الصوم ولبس ملابس الحداد الكئيبة التى كان مظهرها
الخارجى السىء، لا يشير كثيراً إلى اللوعة التى أحستها لوفاة زوجها، لأن المزاح
الذى كانت عليه كما لوكانت تتطلع إلى مجىء العريس، أنا أرى يديها قابضة على السيف
وملطخة بالدم وقد تعرفت على رأس أليفانا التى كانت تحملها بعيداً عن معسكر
الأعداء، هنا إمرأة تقهر الرجال، والعفة تقطع رأس الشهوة)
2

 

وقد هتف
الشعب هتاف النصر، فقد أيقنوا أن قطع رأس القائد لهومقدمة لنصرهم على جيوش
الأعداء، فسبحوا الله.

 

18 وقالَ
لَها عُزَيَّا
: ((باركَكِ، يا بُنَيَّة، الإِلهُ العَلِيّ فَوقَ جَميع النِّساءِ اللَّواتي على الأَرض. وتَبارَكَ
الرَّبُّ الإِلهُ الَّذي خَلَقَ
السَّمَواتِ
والأَرض والَّذي هَداكِ لِضَربِ رأسِ قائِدِ أَعْدائِنا
. 19 فإِنَّ
رَجاءَكِ لن يُفارِقَ قُلوبَ
النَّاسِ
الَّذينَ يَذكُرونَ قوَّةَ اللهِ لِلأَبَد
20 عسى
اللهُ أَن يُرفَعَ شأنُكِ لِلأَبَد. وأَن
تُفتَقَدي
بِإِحساناتِه لِأَنَّكِ لم تُشفِقي على نَفسِكِ مِن أَجلِ
مَذَلَّةِ نَسلِنا بل تَداركتِ
هَلاكَنا بِسَيرِكِ المُستَقيمِ أمامَ
إِلهِنا)).
فأَجابَ الشَّعبُ كُلُّه: ((آمين. آمين
((.

 

فى هذه
الفقرة من النص، ينظر إلى يهوديت كنموذج للكنيسة التى تقطع رأس الشيطان، وذلك بحسب
القديس جيروم
1، وكما بارك الملاك السيدة العذراء عند البشارة،
بارك عزيا يهوديت بنفس البركة، وكما وعد الملاك السيدة العذراء بأن كل الأجيال سوف
تطوبها، طلب عزيا ليهوديت ألا يبرح مدحها أفواه الناس، إنها البركة التى نالتها
ياعيل إمرأة جابر القينى بعدما قتلت سيسرا (تبارك على الناس لى النساء ياعيل امراة
جابر القينى،
على النساء في الخيام تبارك (قض 5: 24) ولأجيال كثيرة يذكر بنى
إسرائيل: يا عيل ويهوديت وإستير، حيث كان لكل منهن دوراً بارزاً فى خلاص بنى
إسرائيل من هلاك يسعى إليهم.

 

لقد كانت
فرحة الشعب لا تقدر، بالخلاص الثمين الذى حققه الله لهم بيد إمرأة !،
سجدوا
لله
سجدوا الفرح الممزوج بالشكر (حسب الترجمة اللاتينية) فها قد نظر
الله إلى مذلتهم وإفتقدهم برحمته (فامن الشعب ولما سمعوا ان الرب افتقد بني
اسرائيل وانه نظر مذلتهم خروا وسجدوا خر 4: 31).

 

وقد ظن
البعض أن الآية (
لِضَربِ رأسِ قائِدِ أَعْدائِنا)
صحتها (ضرب قائد أعدائنا) بإعتبار كلمة رأس وقائد فى العبرية واحد، ولكن كلمة قائد
فى العبرية هى() بينما كلمة رأس هى ()، وتأتى فى اليونانية:
CUTTING OFF THE HEAD OF THE CHIEF OF
ENEMIES

 

يقول
القديس جيروم فى حديثه لأحد الأرامل:

(أنت لديك
أرامل مثلك جديرة بأن تكون نماذج لك، فيهوديت المشهورة فى قصة العبرانيين، وحنة
بنت فنوئيل المشهورة فى الإنجيل، كلتاهما عاشتا ليلاً ونهاراً فى المعبد وحفظتا
كنز طهارتهما بالصلاة والصون واحدة كانت نموذج للكنيسة التى تقطع رأس الشيطان
والأخرى إستقبلت على رأس ذراعيها مخلص العالم وأفضى إليها بالسر المقدس الذى جاء)
2.



1 A.N.F, Vol. 10 , P. 245

فى
رسالته الأولى لأهل كورنثوس

2 يبدوأنه إسم أحد
الأبطال المشهورين فى ذلك الزمان.

1 N.P.N.F , Vol. 10 , CH.8

1 N & P.N.F,VOL. 6, P.30. LETTER 22 فى حديثه عن الخدام بإعتبارهم ملائكة أرضيين

 

2 N & P.N.F, VOL.6, P.108 , LETTER. 54

1 N. & P.N.F, V. 6 , P. 103 , LETTER 30

2 N. & P.N.F, V. 6 , P. 108, LETTER 54

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي