الإصحَاحُ
السَّابعُ

 

1 «أَلَيْسَتْ
حَيَاةُ الْإِنْسَانِ جِهَاداً عَلَى الْأَرْضِ، وَكَأَيَّامِ الْأَجِيرِ
أَيَّامُهُ؟ 2 كَمَا يَتَشَوَّقُ الْعَبْدُ إِلَى الظِّلِّ، وَكَمَا يَتَرَجَّى
الْأَجِيرُ أُجْرَتَهُ، 3 هكَذَا تَعَيَّنَ لِي أَشْهُرُ سُوءٍ، وَلَيَالِي شَقَاءٍ
قُسِمَتْ لِي. 4 إِذَا اضْطَجَعْتُ أَقُولُ مَتَى أَقُومُ. اللَّيْلُ يَطُولُ
وَأَشْبَعُ قَلَقاً حَتَّى الصُّبْحِ. 5 لَبِسَ لَحْمِيَ الدُّودُ مَعَ الطِّينِ.
جِلْدِي تَشَقَّقَ وَتَقَيَّحَ. 6 أَيَّامِي أَسْرَعُ مِنَ الْمَكُّوكِ،
وَتَنْتَهِي بِغَيْرِ رَجَاءٍ. 7 «اُذْكُرْ أَنَّ حَيَاتِي إِنَّمَا هِيَ رِيحٌ
وَعَيْنِي لَا تَعُودُ تَرَى خَيْراً. 8 لَا تَرَانِي عَيْنُ نَاظِرِي. عَيْنَاكَ
عَلَيَّ وَلَسْتُ أَنَا! 9 السَّحَابُ يَضْمَحِلُّ وَيَزُولُ. هكَذَا الَّذِي
يَنْزِلُ إِلَى الْهَاوِيَةِ لَا يَصْعَدُ. 10 لَا يَرْجِعُ بَعْدُ إِلَى بَيْتِهِ
وَلَا يَعْرِفُهُ مَكَانُهُ بَعْدُ.

 

في
هذا القسم من خطابه، ينظر أيوب ويوسع مجال النظر. ويرى أن آخرين أيضاً متألمون،
وأن الإنسان ضعيف عن احتمال أتعاب الحياة. ينظر بفراسة جديدة إلى ميدان الحياة
البشرية الواسع، ويعرف مبلغ شقائها وبؤسها بما أصابه منها. إنَّه يستمر في جوابه
لأليفاز. مجددا صراخ اليأس، ومشيراً إلى شدة ضعف الحياة البشرية. وفي تشبيهات
مؤثرة، يذكر مشقات الناس. ويصور الحياة كأنها جهاد شاق مستمر.

 

وبالإجمال
شبّه الإنسان بالأجير. الذي يعمل تحت حكم مطلق، وخدمته إجبارية. وهذا الأجير،
يتشوق إلى الظل الذي يعقب غروب الشمس، حيث تنتهي أتعاب النهار ويتسلم الأجير أجرته
اليومية. وخلاصة قوله إنَّ حياة الإنسان، كحياة الأجير، إذ ليس فيها كبير فرح أو
راحة. ولا يستطيع أيوب أن يفتكر في راحة أحلى، أو أجرة أثمن من أن تمضي الأيام
سريعاً، فيستريح في القبر. وهل هذا غريب، حين لا تحوي الحياة سوى أيام تعب ومرض
وليالي أرق؟ ويجب أن لا نندهش أن يفكر أيوب هكذا، لأنه وُجد قبل أن أنار يسوع
الحياة والخلود، وقبل أن يرسل الروح القدس، مقوياً ومعزياً ومرشداً إلى جميع الحق.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب بوماياتون ن

 

ثم
يمضي أيوب في رثاء نفسه، فيقول: هكذا تعين لي أشهر سوء، وليالي شقاء قسمت لي.
بمعنى أنَّ حياته لم تكن كما اشتهى، فهي أشهر قاسية ليلها أشد ألماً من نهارها.
وشر ما في مرضه أنه كان يرى دوداً صغيراً ينخر في لحمه فيسبب له آلاماً لا تطاق.

 

7: 11
أَنَا أَيْضاً لَا أَمْنَعُ فَمِي. أَتَكَلَّمُ بِضِيقِ رُوحِي. أَشْكُو
بِمَرَارَةِ نَفْسِي. 12 أَبَحْرٌ أَنَا أَمْ تِنِّينٌ حَتَّى جَعَلْتَ عَلَيَّ
حَارِساً؟ 13 إِنْ قُلْتُ: فِرَاشِي يُعَزِّينِي، مَضْجَعِي يَنْزِعُ كُرْبَتِي 14
تُرِيعُنِي بِالْأَحْلَامِ وَتُرْهِبُنِي بِرُؤًى، 15 فَاخْتَارَتْ نَفْسِي
الْخَنْقَ وَالْمَوْتَ عَلَى عِظَامِي هذِهِ. 16 قَدْ ذُبْتُ. لَا إِلَى الْأَبَدِ
أَحْيَا. كُفَّ عَنِّي لِأَنَّ أَيَّامِي نَفْخَةٌ! 17 مَا هُوَ الْإِنْسَانُ
حَتَّى تَعْتَبِرَهُ وَحَتَّى تَضَعَ عَلَيْهِ قَلْبَكَ، 18 وَتَتَعَهَّدَهُ كُلَّ
صَبَاحٍ، وَكُلَّ لَحْظَةٍ تَمْتَحِنُهُ! 19 حَتَّى مَتَى لَا تَلْتَفِتُ عَنِّي
وَلَا تُرْخِينِي رَيْثَمَا أَبْلَعُ رِيقِي؟ 20 أَأَخْطَأْتُ؟ مَاذَا أَفْعَلُ
لَكَ يَا رَقِيبَ النَّاسِ! لِمَاذَا جَعَلْتَنِي هَدَفاً لَكَ حَتَّى أَكُونَ
عَلَى نَفْسِي حِمْلاً! 21 وَلِمَاذَا لَا تَغْفِرُ ذَنْبِي وَلَا تُزِيلُ إِثْمِي
لِأَنِّي الْآنَ أَضْطَجِعُ فِي التُّرَابِ؟ تَطْلُبُنِي فَلَا أَكُونُ!»

 

يتابع
أيوب مرثاته بتفجع، وإذ يستفزه ثقل الأوجاع راح يشكو بمرارة من المعاملة الإلهية،
التي حسب ظنه حمّلته أكثر مما يستطيع. ويبدو أن ضيقاته وتعاسته، التي لا رجاء
فيها، ضغطت عقله فلم يستطع أن يضبط نفسه ففرط بلسانه.

 

في
الحق أنّه ليس حسناً للإنسان أن يبالغ في الشكوى من مصائبه، أو يتحدث عنها بلا
انقطاع. لأنها بهذا تشتد وطأتها على النفس، فتفقد صبرها. فأيوب بكلامه المستمر عن
بلاياه، وبتظلمه الدائم من أوجاعه، هيج نفسه حتى تجاسر وتكلم عن الله بقلة احترام.
قال في العددين 17 و 18 ما معناه أنَّه لا يليق بالله العظيم الجليل، أن يتنازل
حتى يراقب الإنسان التافه ويخطط له. ألم يكن أولى به، أن يتركه وشأنه؟ وكأنه يقول:
ماذا يمكن أن تعني خطية صغيرة يرتكبها إنسان ضعيف بالنسبة للرب الإله المتعالي؟
لماذا لا يغفرها له حالاً. قبل أن يطويه الردى؟

هل تبحث عن  هوت عقيدى قانون الإيمان قانون الإيمان قبل مجمع نيقية 00

 

إنَّ
حكمة أيوب هذه يتردد صداها في عصرنا، حيث يكثر الطامعون في رحمة الله، والقائلون:
حاشا لله أن يعذب إنساناً! صحيح أنَّ الله رحوم، ورحمته تتمهل على الإنسان لكي تقتاده
إلى التوبة. ولكن قساوة القلب، كثيراً ما تحول دون الإنسان والتوبة. وبذلك يثير
غضب الله ويوقع نفسه تحت الدينونة.

 

يعلمنا
الإنجيل أنَّ الله محب، بصورة فائقة كجلاله الأقدس. وقد عبر عن محبته بالفداء،
بموت يسوع المسيح على الصليب. «لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة
الأبدية». بمعنى أنه يكفي الخاطئ الأثيم أن يقبل يسوع مخلّصاً، ويترك الخطية، لكي
يحصل على فوائد الفداء، كغفران الخطايا والتبرير، وأخيراً الحياة الأبدية السعيدة.

 

الصلاة:
نشكرك يا إلهنا الصالح، لأنك أحببت الإنسان منذ البدء ولأنك تترأف ولا تشاء أن
يهلك أحد، بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. ونشكرك لأنك تقبل توبتنا، وتغفر خطايانا.
زد إيماننا بالفداء، وانعم بمراحمك على الجميع. آمين.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي