الْمَزْمُورُ
السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ

 

اَلْمَزْمُورُ
ٱلسَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ – الله نور

1اَلرَّبُّ
نُورِي وَخَلاصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ ٱلرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمَّنْ
أَرْتَعِبُ؟ 2عِنْدَ مَا ٱقْتَرَبَ إِلَيَّ ٱلأَشْرَارُ لِيَأْكُلُوا
لَحْمِي، مُضَايِقِيَّ وَأَعْدَائِي عَثَرُوا وَسَقَطُوا. 3إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ
جَيْشٌ لا يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذٰلِكَ أَنَا
مُطْمَئِنٌّ. 4وَاحِدَةً سَأَلْتُ مِنَ ٱلرَّبِّ وَإِيَّاهَا أَلْتَمِسُ:
أَنْ أَسْكُنَ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، لِكَيْ
أَنْظُرَ إِلَى جَمَالِ ٱلرَّبِّ، وَأَتَفَرَّسَ فِي هَيْكَلِهِ. 5لأَنَّهُ
يُخَبِّئُنِي فِي مَظَلَّتِهِ فِي يَوْمِ ٱلشَّرِّ. يَسْتُرُنِي بِسِتْرِ
خَيْمَتِهِ. عَلَى صَخْرَةٍ يَرْفَعُنِي. 6وَٱلآنَ يَرْتَفِعُ رَأْسِي عَلَى
أَعْدَائِي حَوْلِي، فَأَذْبَحُ فِي خَيْمَتِهِ ذَبَائِحَ ٱلْهُتَافِ.
أُغَنِّي وَأُرَنِّمُ لِلرَّبِّ.

قال
أحد الأتقياء «ما قرأت المزمور 27 مرة، إلا وامتلأت نفسي بالاطمئنان، واطمئناني
هذا، هو حاصل ثقتي الكاملة في الله، الذي هو نور وخلاص لكل الذين يدعونه الذين
يدعونه بالحق». فطوبى للرجل، الذي له هذه الثقة في الله. إنه لا يخزى ولا يخجل
لأنه مستنير بالرب، مخلص بنعمته.

(1)
حين قال يسوع: «أنا هو نور العالم»، امتلأ خاطر يوحنا الإنجيلي بهذا الإعلان
العظيم. وألهمه الروح القدس أن يكتب شهادته لأجل إنارتنا فقال: «وَهٰذَا
هُوَ ٱلْخَبَرُ ٱلَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ:
إِنَّ ٱللّٰهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ ٱلْبَتَّةَ. إِنْ
قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي ٱلظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ
وَلَسْنَا نَعْمَلُ ٱلْحَقَّ. وَلٰكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي
ٱلنُّورِ كَمَا هُوَ فِي ٱلنُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ
بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ
خَطِيَّةٍ» (رسالة يوحنا الأولى 1: 5-7).

اسلك
في النور، هذه دعوة الله لك في المسيح نور العالم، لكي يستنير قلبك، وتعرف يسوع
مخلصك ومنير سبيلك. وعندئذ تتلاشى قوة الخطية في جسدك، وتتحقق لك مغفرة الخطايا.

وحين
قال يسوع: «أَنَا هُوَ ٱلْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ
وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى» (الإنجيل بحسب يوحنا 10: 9) عرف سامعوه
لأول مرة معنى النشيد، الذي تفوه به إشعياء النبي: «هُوَذَا ٱللّٰهُ
خَلاصِي فَأَطْمَئِنُّ وَلا أَرْتَعِبُ، لأَنَّ يَاهَ يَهْوَهَ قُّوَتِي
وَتَرْنِيمَتِي وَقَدْ صَارَ لِي خَلاصاً» (إشعياء 12: 2).

قد
تقول مع كثيرين، إن الرب مخلص فعلاً. ولكن أية فائدة لك من هذا، إن لم تقبله
بالإيمان، وتتخذه مخلصاً شخصياً؟ إنه الباب المؤدي إلى الخلاص، فكن حكيماً وادخل
به فتخلص. الباب مفتوح والحمد لله. والوقت مناسب، لأن الله يقول: «هُوَذَا
ٱلآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا ٱلآنَ يَوْمُ خَلاصٍ» (كورنثوس
الثانية 6: 2).

لا
تخشَ شراً، لأن الرب الذي قبلت خلاصه هو حصن مكين، يركض إليه الصديق، فيجد فيه
الهدوء والسلام، بحيث لا يقدر أحد أن يخيفه أو يثير الاضطراب في نفسه.

رسم
فنان لوحة، عنوانها «هدوء في وسط العاصفة» فصوَّر بحيرة متلاطمة بالأمواج، وفي
وسطها صخرة كبيرة عالية. وفي تجويف بأعلى الصخرة عش، فيه عصفور جاثم ومستغرق في
نوم هادئ. فزئير العاصفة حوله وهدير الأمواج، لم يستطع منعه من التمتع بإغفاءة
ناعمة! فكان اطمئنانه مرتكزاً على وجود عشه في رأس تلك الصخرة، التي لا تستطيع
أعتى العواصف أن تزعزعها. هكذا من كان حصن حياته صخرة الدهور، ربنا ومخلصنا يسوع
المسيح. فإن اضطرابات العالم، لا تقدر أن تزعزع سلامه.

(2
و3) كان أعداء داود يطلبون نفسه. وقد شبههم بالوحوش الجائعة، التي تمزق جسد
الفريسة وتلتهم لحمها. ولكن هؤلاء الأعداء فشلت محاولاتهم. لأن الله، كان متولياً
حماية صفيه، وبقوته الإلهية التي لا تغلب، أسقط مؤامرة أعدائه.

لقد
تعلم النبي الكريم من انتصاره على جليات الجبار، أن الرب آخذ بيده. لذلك إن هجم
عليه جيش شاول، ليدمره مع جماعته الصغيرة، فهو لن يفقد اطمئنانه. لأن الله سيخزي
أعداءه. ويخرجه من وسط الحرب ظافراً ومنتصراً.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر المزامير 22

(4)
شيء واحد، كان يشتهيه هذا المؤمن المتكل على إله خلاصه. وهو أن يكون الرب معه، ليس
في وقت اشتداد الضيق وحسب بل أيضاً في كل أدوار حياته. فهو يحب التأمل في جمالات
الله، التي تتراءى له في أمانته مع خائفيه.

هذا
حنين عميق جداً، حري بكل إنسان أن يمتلئ به. فيكون قلبه في جوار الله، ليتعبد له
في خشوع المحبة. فليتك يا أخي تتمثل بهذا الرجل الكبير، الذي سلم قلبه كلياً لله
وجعله متكله في كل حين.

(5)
كان يوم الشر حينئذ بالنسبة لداود، موجوداً فعلاً. لأن أعداءه، كانوا يترصدونه
نهاراً وليلاً للقضاء عليه. ولكن ثقته في الله، كانت أقوى من يوم الشر. كان موقناً
بأن الرب، سيخبئه في مظلة حمايته في يوم الشر.

نحن
نعيش في زمن، مفعم بالخوف من أخطار الحروب ولهذا تنشأ في كل مدينة ملاجئ، وتوضع
تحت تصرف الدفاع المدني لوقاية السكان، أثناء الغارات الجوية، ولكن هذه الملاجئ
مهما بلغت متانتها، ليست ضمانة أكيدة ماية في الماية. فقد تصاب الأبنية، التي شيدت
الملاجئ تحتها بالقنابل الشديدة الانفجار مباشرة، فتدمر كلياً، ويهلك جميع من
فيها. وقد لا يصل الجميع إلى الملاجئ في يوم الشر، فيبقى الخطر ماثلاً. أما الملجأ
الحصين، الرب يسوع المسيح فهو ضمان أكيد.

قد
يستطيع العالم الشرير، أن يبتلينا بالضيقات، وأن يعاملنا بنوه بقسوة. ولكن لا توجد
قوة ولا خليقة أخرى، قادرة أن تسلبنا امتيازنا في المسيح. ولا أن تزيل عنا رحمة
الله المحيطة بنا. هذا الامتياز تمتع به بولس، فكتب لنا عنه بمداد الاختبار هذه
العبارات الرائعة: «مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِ؟
أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ ٱضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ
أَمْ سَيْفٌ… فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لا مَوْتَ وَلا حَيَاةَ، وَلا
مَلائِكَةَ وَلا رُؤَسَاءَ، وَلا قُّوَاتِ، وَلا أُمُورَ حَاضِرَةً وَلا
مُسْتَقْبَلَةً وَلا عُلْوَ وَلا عُمْقَ، وَلا خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ
تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ ٱللّٰهِ ٱلَّتِي فِي
ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا» (رسالة رومية 8: 35-38).

(6)
عاش داود أياماً عصيبة، فقد ضايقه أعداؤه. وكادوا يفتكون به. ولكن الله وضع عليه
حمايته ثم نصره، فامتلأ قلبه بالفرح. لأن أعداءه أصبحوا في أسفل، بعد الهزيمة التي
منوا بها. لذلك فهو فخور، ليس بنفسه بل بالله، الذي لم يمنع رحمته عنه. وبديهي أن
يمتلئ قلبه بعواطف الشكر، وأن يرتفع صوته بأطيب الأغاني الروحية.

قال
يسوع لخاصته: «فِي ٱلْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلٰكِنْ
ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ ٱلْعَالَمَ» (الإنجيل بحسب يوحنا 16: 33) ونحن
الذين آلت إلينا كلمة المسيح، يجب أن نثق في عناية الرب، الذي غلب العالم وأعطانا
الغلبة. لنا إيمان وإيماننا سيغلب، ينتصر ويتزكى بقوة الرب الفادي المنتصر. ولنا
رجاء ينتظر وسينال ما يرجوه. لأن الله حسب رحمته الكثيرة، ولدنا ثانية لرجاء حي
بقيامة يسوع من الأموات، لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظ في السموات
(رسالة بطرس الأولى 1: 3) ولنا محبة تطرد الخوف إلى خارج، لأنها تحتمل كل شيء
وتصدق كل شيء وترجو كل شيء.

 

7اِسْتَمِعْ
يَا رَبُّ. بِصَوْتِي أَدْعُو فَٱرْحَمْنِي وَٱسْتَجِبْ لِي. 8لَكَ
قَالَ قَلْبِي: «قُلْتَ ٱطْلُبُوا وَجْهِي. وَجْهَكَ يَا رَبُّ أَطْلُبُ».
9لا تَحْجُبْ وَجْهَكَ عَنِّي. لا تُخَيِّبْ بِسَخَطٍ عَبْدَكَ. قَدْ كُنْتَ
عَوْنِي، فَلا تَرْفُضْنِي وَلا تَتْرُكْنِي يَا إِلٰهَ خَلاصِي. 10إِنَّ
أَبِي وَأُمِّي قَدْ تَرَكَانِي وَٱلرَّبُّ يَضُمُّنِي. 11عَلِّمْنِي يَا
رَبُّ طَرِيقَكَ، وَٱهْدِنِي فِي سَبِيلٍ مُسْتَقِيمٍ بِسَبَبِ أَعْدَائِي.
12لا تُسَلِّمْنِي إِلَى مَرَامِ مُضَايِقِيَّ، لأَنَّهُ قَدْ قَامَ عَلَيَّ
شُهُودُ زُورٍ وَنَافِثُ ظُلْمٍ. 13لَوْلا أَنَّنِي آمَنْتُ بِأَنْ أَرَى جُودَ
ٱلرَّبِّ فِي أَرْضِ ٱلأَحْيَاءِ 14ٱنْتَظِرِ ٱلرَّبَّ.
لِيَتَشَدَّدْ وَلْيَتَشَجَّعْ قَلْبُكَ وَٱنْتَظِرِ ٱلرَّبَّ.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس و وقد موقدة وقائد د

(7)
يصلي أيضاً النبي، طالباً الرحمة بتضرّعٍ ملحٍ. ليس لأن الله لم يسمع له وينقذه من
الضيق، بل لأنه شعر بحاجة إلى الاقتراب إلى الله أكثر. وهذا لا يأتي، إلا بانكسار
القلب امام الله. ولعله بالغ في فرحه بالانتصار على أعدائه، حتى صار عنده شيء من
الزهو المتعالي، الذي هو مكرهة في عيني الرب. ولكن الله الذي تعهده بالعناية، لم
يتركه يذهب بعيداً في زهوه. فسرعان ما أوجد فيه الشعور بالمذنوبية، فتكدرت بهجة
خلاصه، وتضايقت روحه في داخله. فأنّ وتذلل بانكسار قلب، واسترحم بلجاجة من يشعر
ببعد الاستجابة لسؤله.

شيء
من هذا حدث لسمعان بطرس، رسول المسيح. فيما كان مع التلاميذ الآخرين وسط اللجة،
معذبين من الامواج، وكان الوقت ليلاً، جاء يسوع ماشياً على صفحة الماء، فخافوا إذ
ظنوه شبحاً. ولما أعلن لهم ذاته قائلاً: أنا هو لا تخافوا، سأله بطرس: إن كنت هو
فمرني أن آتي إليك على الماء. فاستجاب لرغبته، وأعطاه القدرة على المشي على الماء.
ولكنه إذ كان قصده أن يظهر عظمة إيمانه، تملكه الزهو وراح ينظر إلى نفسه. حينئذ
هاجمه الخوف، وابتدأ يغرق. وفي غمرة خوفه صرخ: يا رب نجني! ففي الحال مد يسوع يده،
وأمسك به (الإنجيل بحسب متى 14: 27-31).

كان
بطرس يحسن السباحة، ولكنه يئس من النجاة، فطلب مساعدة الرب يسوع. وكانت صلاته من
كلمتين: «يا رب نجني». ولكن صلاته الموجزة اقتدرت في فعلها، لأنه وجهها إلى من يجب
أن توجه إليه. نعم إن بطرس أخذ بالزهو، حتى تحول نظره عن المسيح إلى نفسه. ولكنه
استدرك قبل فوات الوقت وصرخ إلى يسوع فنجا. هذه الحادثة تعلمنا أن لا نعرض أنفسنا
للخطر، لكي ينقذنا الله منه.

إن كلمة
المسيح «لا تخافوا» قد كتبت في الإنجيل بإلهام الروح القدس من أجلنا. حتى حين
نتلوها، نتذكر أن السيد الرب، الذي انتهر العاصفة وأسكتها. وأتاح لسمعان بطرس أن
يمشي على صفحة الماء، ما زال هو هو، يستطيع أن ينتهر مخاوفنا ويسير بنا فوق أمواج
مضايقات هذا الدهر. وحين تعج الأمواج، غمراً ينادي غمراً محاولة أن تبتلعنا، يمد
يده المقتدرة ويمسك بنا.

كان
داود النبي والمرنم والملك مطيعاً، إذ صدع بأمر الرب. وطلب وجهه، والتمس رضاه،
تاركاً لنا مثالاً في طرق باب النعمة لنيل المزيد من البركات. هذا متاح لنا وعلى
نطاق أوسع، لأن النعمة صارت لنا في يسوع المسيح فادينا وشفيعنا. ولنا منه الوعد
بأن الباب لا يوصد في وجوهنا، بدليل قوله: «اقرعوا يُفتح لكم».

قال
إشعياء النبي: «اُطْلُبُوا ٱلرَّبَّ مَا دَامَ يُوجَدُ. ٱدْعُوهُ
وَهُوَ قَرِيبٌ» (إشعياء 55: 6) هذا القول الإلهي المشجع يتضمن دعوة صريحة لكل
مؤمن أن يسرع بطلب وجه الله سريعاً، قبل فوات الأوان. صحيح أن الله يتأنى علينا،
ولا يشأ أن يهلك أناس. ولكن المسيح حذر من التلكؤ في طلب وجه الله. إذ قال:
«ٱلنُّورُ مَعَكُمْ زَمَاناً قَلِيلاً بَعْدُ، فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ
ٱلنُّورُ لِئَلاّ يُدْرِكَكُمُ ٱلظَّلامُ. وَٱلَّذِي يَسِيرُ
فِي ٱلظَّلامِ لا يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ. مَا دَامَ لَكُمُ
ٱلنُّورُ آمِنُوا بِٱلنُّورِ لِتَصِيرُوا أَبْنَاءَ ٱلنُّورِ»
(يوحنا 12: 35 و36) ونفهم من هذه الآيات أن قصد الله من حلمه، هو قيادة الناس إلى
التوبة لئلا يهلكوا. هكذا نقرأ في كتابه العزيز: «حَيٌّ أَنَا يَقُولُ
ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ، إِنِّي لا أُسَرُّ بِمَوْتِ ٱلشِّرِّيرِ،
بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ ٱلشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا» (حزقيال 33:
11).

هل تبحث عن  ئلة مسيحية المسيح جاء للخلاص وما زال الناس يخطئون ن

(9)
يتابع النبي المصلي في توسلاته، فيسأل ربه أن لا يحجب وجهه عنه، وأن لا يسخطه
بغضبه، لئلا يخيب. وفي توسله يتجاسر على أن يذكر الله بالأيام السالفة، التي كان
فيها عوناً مستديماً له. كأنه يقول له: إن خيبتي غير لائقة بلطفك، الذي عهدته
واختبرت غناه بالمراحم الكثيرة. هذه هي صلاة الجهاد، التي أشار إليها الرب يسوع في
مثل قاضي الظلم، عن تلك المرأة التي تجاسرت على القاضي بلجاجة شديدة، حتى اضطرته
لأن ينصفها. ومثل جهاد يعقوب مع ملاك الرب والتشبث به، قائلاً: لا أطلقك إن لم
تباركني.

(10)
ويبلغ داود الذروة، في الاستعطاف واستدرار رأفة الله. ويبدي في كلماته أروع مظاهر
الإيمان الحي الواثق في الله، الراجي رحمته. وذلك في قوله: «إن أبي وأمي قد تركاني
والرب يضمني» هذه العبارات تذكرنا بما فعله يسوع للشاب، الذي وُلد أعمى. فهذا
المسكين، حين طرده رجال الدين من المجمع، وتنكر له والداه، وجده يسوع وضمه إلى
خاصته المفديين. ويسوع الذي جسد محبة الله، ما زال يجد ويقبل جميع الذين ينبذهم
العالم من أجل اسمه.

(11-13)
في القديم قال الله للشعب بواسطة النبي «قِفُوا عَلَى ٱلطُّرُقِ
وَٱنْظُرُوا، وَٱسْأَلُوا عَنِ ٱلسُّبُلِ ٱلْقَدِيمَةِ:
أَيْنَ هُوَ ٱلطَّرِيقُ ٱلصَّالِحُ» (إرميا 6: 16) وداود سأل الرب، أن
يعلمه طريقه. أما نحن فقد خصنا الله بنعمة فائقة، إذ لم يأمرنا بالبحث عن الطريق
الصالح. ولم ينتظر أن نسأله، لكي يعلمنا طريقه. بل جاء هو نفسه في المسيح وقال
«أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ… تَعَالَوْا
إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ،
وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (الإنجيل بحسب يوحنا 14: 6 ، الإنجيل بحسب متى 11: 28).

ولم
ينتظر أن نسأله الحماية من أعدائنا ومن ظلمهم وافتراءات ألسنتهم، بل هو نفسه وقف
في المحاكمة، وتعرض لألسنة شهود الزور، وظلم قيافا، وزبانية الأشرار. واحتمل
الإهانات والآلام حتى موت الصليب، لكي يوقفنا في يوم الابتهاج، أمام أبيه قديسين
وبلا لوم في المحبة.

(14)
في ختام هذا المزمور المجيد، يشعرنا داود، بأنه تلقى جواب الرب على صلاته. كأنه
يقول له: ليكن لك إيمان منتظر وتشدد. لأن الإيمان الذي لا ينتظر الرب، هو إيمان
ضعيف. كلنا نحتاج إلى الإيمان المنتظر الرب، لئلا نكل ونعثر ونسقط. قال أحد
الأتقياء: نحن ننتظر الرب، أولاً لأجل الخلاص. وبعد ذلك نتعلم أن الخلاص، إنما
يأتي بنا إلى الله. ويعلمنا أن ننتظره.

ليتك
تتعلم هذا الدرس، أنك لست في سبيل انتظار نفسك، حتى ترى ما هو شعورك، وماذا يحدث
داخلك. وإنما تنتظر الرب، الذي يريد أن يعمل فيك أكثر مما تفتكر. ليتك تثق فيه
وتنتظره، ليتقوى ويتشجع قلبك. لا تدع شيئاً في السماء أو الأرض، يحرمك من انتظار
الرب. انتظره واثقاً من أن هذا الانتظار، لا يمكن أن يكون باطلاً. انتظر الرب في
روح الرجاء الكلي، عالماً أن الذي تنتظره هو الله، الذي يسر قلبه أن يشجع قلبك
ويباركك بكل بركة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي