الْمَزْمُورُ
السَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ

 

اَلْمَزْمُورُ
ٱلسَّابِعُ وَٱلأَرْبَعُونَ – الصعود الإلهي

1يَا
جَمِيعَ ٱلأُمَمِ صَفِّقُوا بِٱلأَيَادِي. ٱهْتِفُوا
لِلّٰهِ بِصَوْتِ ٱلِٱبْتِهَاجِ. 2لأَنَّ ٱلرَّبَّ
عَلِيٌّ مَخُوفٌ، مَلِكٌ كَبِيرٌ عَلَى كُلِّ ٱلأَرْضِ. 3يُخْضِعُ
ٱلشُّعُوبَ تَحْتَنَا وَٱلأُمَمَ تَحْتَ أَقْدَامِنَا. 4يَخْتَارُ
لَنَا نَصِيبَنَا، فَخْرَ يَعْقُوبَ ٱلَّذِي أَحَبَّهُ. سِلاهْ.

5صَعِدَ
ٱللّٰهُ بِهُتَافٍ، ٱلرَّبُّ بِصَوْتِ ٱلصُّورِ.
6رَنِّمُوا لِلّٰهِ رَنِّمُوا. رَنِّمُوا لِمَلِكِنَا رَنِّمُوا. 7لأَنَّ
ٱللّٰهَ مَلِكُ ٱلأَرْضِ كُلِّهَا رَنِّمُوا قَصِيدَةً. 8مَلَكَ
ٱللّٰهُ عَلَى ٱلأُمَمِ. ٱللّٰهُ جَلَسَ عَلَى
كُرْسِيِّ قُدْسِهِ.

كان
هذا المزمور أغنية رأس السنة قديماً، ولكن الكنيسة المسيحية تستخدمه لعيد الصعود.
والمزمور في مجمله يعلن انتصار الرب يسوع، ويدعو جميع الأمم لكي تهتف له هتافات
الفرح، بمناسبة صعوده إلى مجده وجلوسه إلى يمين أبيه في مكان العظمة والسلطان حيث
يرعى أتقياءه. ويحافظ عليهم، لأنه الضابط الكل.

(1)
احتقر اليهود يسوع وتآمروا عليه، ثم صرخوا إلى بيلاطس، اصلبه، اصلبه! وكان هدفهم
ليس القضاء على حياة القدوس الحق وحسب، بل ايضاً ملاشاة تعاليمه. ولكن القبر الذي
أنزلوه إليه وختموه بخاتم الوالي وحرسوه بثلة من الجند، لم يستطع احتجازه. فسرعان
ما قام، فقام الحق وانتشر الإنجيل بين شعوب الارض. فتجاوبت مع الدعوة القائلة: يا
جميع الأمم صفقوا بالأيادي، وهللوا بصوت الابتهاج. أيها الأمم صفقوا بأيديكم، التي
تطهرت من رجاسات الأوثان، فصارت قادرة على تقديم ذبائح الشكر والحمد المرضية للرب،
الذي افتداها بموته وقام. اعملوا بأيديكم الصالحات، التي يسر بها الله. اصنعوا
ثماراً تليق بالتوبة، وتعبر عن تمتعكم بخلاص الرب.

ويا
له من عمل عجيب ومجيد! أن أفواه الأمم المجدفة، قد تعلمت التسبيح للرب بصوت
الابتهاج، الصاعد من أعماق القلب. أليس معنى هذا ان الله تمم الوعد لإبراهيم، حين
قال «تَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ ٱلأَرْضِ؟» (تكوين 12: 2).

(2
و3) من المعلوم أن الله ساكن في الأعالي، في نور لا يُدنى منه. وهو الملك العظيم،
فوق كل شعوب الأرض. كل ملوك الأرض، تستمد قوتها من الله. أما الله فهو القادر على
كل شيء، وقوته من ذاته. ولكن هذا الإله العالي المرهوب، عبر لنا عن ذاته في المسيح
يسوع، الذي أعلن لنا أن الله محبة. وأنه في محبته، يتنازل ليمكث في قلب عبده
المؤمن. إنه يحل بالمسيح في قلوبنا، ليؤسسها ويؤصلها في المحبة. فتحب الله، وتعبده
بالحق. وتحب القريب، فتعامله بالحق. وتحب العدو، فتقتل فيه العداوة، وتزرع فيه
بذور المودة الأخوية.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ج جُمْهُور جُوج ج

فكم
من نفس أخضعتها المحبة لنير المسيح! فاحتملت من أجله الاضطهاد والطرد وحكم الموت.
خذ المثال من شاول الطرسوسي، الذي كان من أكثر أعداء المسيحية شراسة. إلا أنه حين
استنار بمحبة المسيح تغير وصار بولس رسول المسيح. ومن أجل المسيح تقبل مراراً
كثيرة أربعين جلدة إلا جلدة واحدة. ومن أجل حب المسيح قيد بالسلاسل سنين عديدة،
إلى أن استشهد لأجل إخلاصه للمسيح. وقد تقبل كل شيء بسرور، قائلاً «ولكن في هذه
جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا» (رومية 8: 37).

(3
و4) هنا اختبار عظيم للمفديين بدم المسيح، إنهم انتصروا على خطية الأمم. ونبتت
بذور الشهداء كنيسة مجيدة، لا عيب فيها ولا غضن. يخبرنا الكتاب المقدس أن يعقوب،
بعد جهاده مع الرب حصل على بركة خاصة. وصار رمزاً لكل مؤمن غلب أهواءه، وانتصر
بالمسيح على العالم والشيطان.

لما
تنازع يعقوب وعيسو في البطن، قال الرب لأمهما رفقة: في بطنك أمتان، ومن أحشائك
يفترق شعبان. شعب يقوى على شعب، وكبير يُستعبد لصغير. ونحن نشكر الرب، الذي قال عن
المؤمنين لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت (الإنجيل
بحسب لوقا 12: 32). فنحن قطيع صغير متواضع، ولكن لسعادتنا أننا موضوع اختيار الله
وحائزون على ميراثه.

اشتهى
عيسو أكلة عدس، فباع بكوريته ليعقوب بطبق من هذه الأكلة. وبكلمة أخرى أن عيسو
اشتهى الأرضيات، واشتهى يعقوب الروحيات. ولقد أحب الله جمال يعقوب، وكان جماله
شوقه إلى الروحيات. أما عيسو فقد حسب مستبيحاً، لأنه باع بكوربته التي هي بركته.
ولما أراد أن يرث البركة، رُفض إذ لم يجد مكاناً للتوبة مع أنه طلبها بدموع
(عبرانيين 12: 16).

(5)
حينما نقول صعد الله، فمعنى ذلك أنه نزل. نزل في المسيح لإتمام المشورات الإلهية
بالفداء. وقد أشار الرسول بولس إلى هذه الحقيقة، حين قال «وَأَمَّا أَنَّهُ
صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلَّا إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضاً أَّوَلاً إِلَى أَقْسَامِ
ٱلأَرْضِ ٱلسُّفْلَى» (أفسس 4: 9) فكما أن يسوع قد ارتقى إلى أعلى
عليين، فهو أيضاً في اتضاعه قد نزل إلى حضيض الأرض. فهو إذن باسط نفوذه على كل
العالمين، فلا يخلو مكان من حضوره، مهما تكن درجة علوه. ولا يبرح نفوذه مكانا،
مهما يكن درك تنازله.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر المزامير 80

هذا
هو المسيح الملك العظيم، الذي تنازل في اتضاعه، حتى بلغ أقسام الأرض السفلى.
وارتقى في ارتفاعه إلى ما فوق جميع السموات. فالأرض وما دونها، والسموات وما
فوقها، وكل ما هو كائن بين السموات والأرض، داخل ضمن دائرة سلطان هذا الملك الإلهي.

الواقع
أن كلمة الله، تخبرنا أن يسوع ربنا، بعد أن قهر الموت وكسر شوكة الخطية وهزم
الشيطان، صعد إلى السموات. فهتفت الملائكة بفرح وصوت التهليل. وقد نزل أحد هذه
الملائكة ووقف أمام التلاميذ، فيما المسيح صاعداً عنهم، فقال لهم «أَيُّهَا
ٱلرِّجَالُ ٱلْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ
إِلَى ٱلسَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هٰذَا ٱلَّذِي ٱرْتَفَعَ
عَنْكُمْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ سَيَأْتِي هٰكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ
مُنْطَلِقاً إِلَى ٱلسَّمَاءِ» (أعمال 1: 11) وكأن الملاك يقول لهم، إن
السيد ارتفع عنكم. ولكن انتظروه، الرب قريب. لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة
والدعاء والشكر، لتعلم طلباتكم لدى الله (فيلبي 4: 5 و6) ويخبرنا الرسول أن ربنا
يسوع، سيحضر ثانية بهتاف بصوت ملائكة وبوق الله (تسالونيكي الأول 4: 16).

(6)
رنموا ترنيمة جديدة، قولوا: مستحق أنت – يا حمل الله – أن تأخذ السفر وتفك ختومه،
لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة، وجعلتنا لإلهنا ملوكاً
وكهنة (رؤيا 5: 10) هذه هي الترنيمة الجديدة، وهي تهدي الشكر لله على رحمة جديدة
أظهرها. وقد صارت في فم داود بن يسى، حين أخرجه الله من جب الهلاك من طين الحمأة
(مزمور 40: 1-3) رنموا ترنيمة الفداء للمسيح قائلين مع الملائكة بصوت عظيم
«مُسْتَحِقٌّ هُوَ ٱلْحَمَلُ ٱلْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ
ٱلْقُدْرَةَ وَٱلْغِنَى وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلْقُّوَةَ
وَٱلْكَرَامَةَ وَٱلْمَجْدَ وَٱلْبَرَكَةَ…
وَٱلسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ» (رؤيا 5: 12 و13).

رنم
يا أخي فالكون كله، يشدو بتسبيح الحمل. إن ترنيمة الخليقة تظهر مجد المسيح واحداً
مع الآب. الملائكة في السماء والكواكب اللامعة والبشر على الأرض، وأرض الأموات من
تحت تمجد المسيح، كما هو مكتوب «طُوبَى لِلأَمْوَاتِ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ
فِي ٱلرَّبِّ مُنْذُ ٱلآنَ – نَعَمْ يَقُولُ ٱلرُّوحُ، لِكَيْ
يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ» (رؤيا 14: 13).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر إرميا 26

(7
و8) سبح الرب، اعبده بفرح ادخل إلى حضرته بترنم. لأن الله ملك الأرض. قبل المسيح.
كان الله معروفاً على رقعة ضيقة من الأرض. وكان عابدوه أقلية من البشر. ولكن حين
تجسد في المسيح، عُرف الرب في كل الأرض وتعبد له البشر من كل الأمم والشعوب، وملك
على القلوب، وصار اسمه قصيدة على الألسنة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي