الْمَزْمُورُ
الْخَمْسُونَ

 

اَلْمَزْمُورُ
ٱلْخَمْسُونَ – ذبائح الحمد

14اِذْبَحْ
لِلّٰهِ حَمْداً، وَأَوْفِ ٱلْعَلِيَّ نُذُورَكَ، 15وَٱدْعُنِي
فِي يَوْمِ ٱلضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي.

هذا
احد المزامير التي تحمل اسم أساف. ويقول المفسرون إن أساف علاوة على كونه أحد أئمة
المرنمين، كان شاعراً روحياً ممتازاً. وفي سفر المزامير اثنا عشر مزموراً، كلها
تحمل اسمه. ولقد تميزت هذه المزامير بصفة خاصة، إنها تصور الله يتكلم قاضياً
للشعب.

(14)
من البديهي أن الله لا يأكل لحم الثيران، ولا يشرب دم التيوس. وإنما الذبائح المطلوب
إلى المؤمن أن يقدمها، هي ذبائح شكر لله، لأجل إحساناته الكثيرة. وأولى هذه
الذبائح هي جسد المؤمن وفقاً للوصية الرسولية القائلة «فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ
أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ ٱللّٰهِ أَنْ تُقَدِّمُوا
أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ
ٱللّٰهِ، عِبَادَتَكُمُ ٱلْعَقْلِيَّةَ. وَلا تُشَاكِلُوا
هٰذَا ٱلدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ
أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ ٱللّٰهِ
ٱلصَّالِحَةُ ٱلْمَرْضِيَّةُ ٱلْكَامِلَةُ» )رومية 12: 1 و2).

جرت العادة
في أيام الشريعة الموسوية أن يقدموا لله البهائم الطاهرة ذبائح في الهيكل. فسأل
بولس المسيحيين، أن يقدموا لله الذبائح كأهل العهد القديم، لكنه أعلن أن ذبائح
القدماء كانت مادية، أما ذبائح المسيحيين فروحية. تقدمة القدماء كانت من البهائم.
وتقدمة المسيحيين هي أجسادهم، وهي ذبائح اختيارية سارة مفرحة لقلب الله.

ومعنى
الجسد هنا الإنسان كله وإلا فالتقدمة لا تشمل العقل. ومثل هذا قوله للكورنثيين
«لأَنَّكُمْ قَدِ ٱشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا ٱللّٰهَ
فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ ٱلَّتِي هِيَ لِلّٰهِ» (كورنثوس
الأولى 6: 20). ولعل الرسول ذكر الجسد، لأنه الآلة التي يُظهر بها المؤمن وَقْفه
نفسه لخدمة المسيح، ولا يستطيع أن يظهر إلا بها. وقد اشترط الرسول أن تكون
الذبيحة:

1.       حية
– تمييز لها عن التقدمات التي كان يجب على القدماء أن يقدموها، فهذه كان يجب أن
تقتل. وقد أُلغيت هذه، لأن موت المسيح كحمل الله على مذبح الصليب أزال إلى الأبد
تقديم الذبائح الحيوانية كفارة للخطية. فلا يُطلب في العهد الجديد، إلا ذبائح
الشكر والحمد (الرسالة إلى العبرانيين 13: 15 و16).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس س سفر إسدراس الخامس والسادس س

2.       مقدسة
– شرط في ناموس موسى، أن تكون البهائم التي تُقدم في الهيكل طاهرة بلا عيب. كذلك
شرط على المسيحي أن تكون تقدمته مقدسة، بدليل قول الرسول «وَلا تُقَدِّمُوا
أَعْضَاءَكُمْ آلاتِ إِثْمٍ لِلْخَطِيَّةِ، بَلْ قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ
لِلّٰهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ وَأَعْضَاءَكُمْ آلاتِ بِرٍّ
لِلّٰهِ» (رومية 6: 13).

3.       مرضية
عند الله – لأن تلك التقدمة روحية، فهي مما يسر الله بدليل قوله: «اَللّٰهُ
رُوحٌ. وَٱلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَٱلْحَقِّ يَنْبَغِي
أَنْ يَسْجُدُوا» (الإنجيل بحسب يوحنا 4: 23) ومما يجعلها مرضية، أن المؤمنين
يقدمونها باسم يسوع المسيح. ومن مواضيع الفرح أن يكون للإنسان شيء يقدر ان يقدمه
لله ويرضيه.

وهناك
ذبيحة الشكر العملي، الذي يتميز بما يرافقه من ذبائح فعل الخير والتوزيع التي يسر بها
قلب الله (الرسالة إلى العبرانيين 13: 16) ونقرأ في أمثال 19: 17 «مَنْ يَرْحَمُ
ٱلْفَقِيرَ يُقْرِضُ ٱلرَّبَّ وَعَنْ مَعْرُوفِهِ يُجَازِيهِ» وأنه
لجميل حقاً أن يعلن الله نفسه نصيراً للفقير. وقد سمح بوجود الفقراء ليمتحن بها
قلوب الأثرياء. وهو يتقبل ما يفعلونه لإغاثة الملهوف، وكأنهم يفعلونه به، بدليل
قول المسيح «بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم».

بالحق،
أن المحبة التي تعبر عن ذاتها بالعطاء، لمحبة نامية. ولا بد أن عطاءها يثمر بركات
روحية، هكذا نقرأ في الكلمة الرسولية «مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ
ٱلْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَاداً، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ
ٱلرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. فَلا نَفْشَلْ فِي عَمَلِ
ٱلْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لا نَكِلُّ»
(غلاطية 6: 8-9).

(15)
الحياة مملوءة بالضيقات. وهذه الضيقات، لا يعفى أحد منها. ولكن الوعد بأن المسيح
لا يهملنا ولا يمنع معونته عنا، ولا يدعنا نجرب فوق ما نستطيع، بل سيجعل مع
التجربة أيضاً المنفذ (كورنثوس الأولى 10: 13) ولنذكر أن هذه الضيقات مع الإيمان
المحتمل تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد.

هل تبحث عن  م التاريخ كنيسة الأقباط الأرثوذكس مذكرات في تاريخ الكنيسة 33

إن
يوم الضيق، هو يوم شر. وقد وقع فيه يوسف الصديق، فدعا الرب فأنقذه. ووقع فيه داود،
وإذ لم يدع الرب سقط فيه وذاق المرارة. ووقع فيه بطرس، وكاد يهلك لولا أن يسوع صلى
من أجله، فلم يفن إيمانه. إن يسوع هو رسالتنا. وصليبه قوة خلاصنا في يوم الضيق.

ادع
يسوع يا أخي، ولا تخف من الضيقات، فبالمسيح ينشئ لك الضيق صبراً والصبر تزكية،
والتزكية رجاء والرجاء لا يخزي. لأن المسيح يسكب محبة الله في قلبك بالروح القدس
الذي خُتمت به ليوم الفداء.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي