الْمَزْمُورُ
السَّادِسُ وَالتِّسْعُونَ
اَلْمَزْمُورُ
ٱلسَّادِسُ وَٱلتِّسْعُونَ – الله قاضي كل الأرض
1رَنِّمُوا
لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً. رَنِّمِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ ٱلأَرْضِ.
2رَنِّمُوا لِلرَّبِّ، بَارِكُوا ٱسْمَهُ، بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ
بِخَلاصِهِ. 3حَدِّثُوا بَيْنَ ٱلأُمَمِ بِمَجْدِهِ، بَيْنَ جَمِيعِ
ٱلشُّعُوبِ بِعَجَائِبِهِ. 4لأَنَّ ٱلرَّبَّ عَظِيمٌ وَحَمِيدٌ
جِدّاً، مَهُوبٌ هُوَ عَلَى كُلِّ ٱلآلِهَةِ. 5لأَنَّ كُلَّ آلِهَةِ
ٱلشُّعُوبِ أَصْنَامٌ، أَمَّا ٱلرَّبُّ فَقَدْ صَنَعَ ٱلسَّمَاوَاتِ.
6مَجْدٌ وَجَلالٌ قُدَّامَهُ. ٱلْعِزُّ وَٱلْجَمَالُ فِي مَقْدِسِهِ.
7قَدِّمُوا
لِلرَّبِّ يَا قَبَائِلَ ٱلشُّعُوبِ، قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْداً
وَقُوَّةً. 8قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدَ ٱسْمِهِ. هَاتُوا تَقْدِمَةً
وَٱدْخُلُوا دِيَارَهُ. 9ٱسْجُدُوا لِلرَّبِّ فِي زِينَةٍ
مُقَدَّسَةٍ. ٱرْتَعِدِي قُدَّامَهُ يَا كُلَّ ٱلأَرْضِ. 10قُولُوا
بَيْنَ ٱلأُمَمِ: «ٱلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. أَيْضاً تَثَبَّتَتِ
ٱلْمَسْكُونَةُ فَلا تَتَزَعْزَعُ. يَدِينُ ٱلشُّعُوبَ
بِٱلٱسْتِقَامَةِ». 11لِتَفْرَحِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَلْتَبْتَهِجِ ٱلأَرْضُ،
لِيَعِجَّ ٱلْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ. 12لِيَجْذَلِ ٱلْحَقْلُ وَكُلُّ مَا
فِيهِ. لِتَتَرَنَّمْ حِينَئِذٍ كُلُّ أَشْجَارِ ٱلْوَعْرِ 13أَمَامَ
ٱلرَّبِّ لأَنَّهُ جَاءَ. جَاءَ لِيَدِينَ ٱلأَرْضَ. يَدِينُ
ٱلْمَسْكُونَةَ بِٱلْعَدْلِ وَٱلشُّعُوبَ بِأَمَانَتِهِ.
هذا
المزمور هو الحلقة الأولى من سلسلة مزامير 96-99 وتُدعى نشائد التتويج. ويقول
المفسرون إن الغرض من استعمالها الديني استحياء أمل اليهود بالمسيح المنتظر وتمهيد
السبيل لظهور الله فيه. صحيح أنها لا تنبئ بالتجسد ولكنها تُعِد أفكار الناس
لتدخُّل الله مباشرة، الذي كان على وشك أن يتحقق بالتجسد. وقال أحدهم إن في هذا
المزمور تحية لملكوت الله الجديد.
والحق
أن من يتأمل هذا المزمور بعمق، يرى أنه يتضمن الترنيم للرب صاحب السلطان المطلق
والسيادة التامة على الأمم والخليقة كلها. وهو جزء من النشيد الجامع الذي جاء ذكره
في أخبار الأيام الأولى 16: 8-32 وكان يُنشد أمام تابوت عهد الله، بعد الرجوع من
السبي. وهو كما يرى مناسب جداً للتعبير عن أفراح الشعب العائد من الأسر.
(1-3)
يبدأ كاتب المزمور بدعوة المؤمنين لإنشاد ما سماه ترنيمة جديدة، ولكنه لا يلبث أن
يوجه الدعوة لشعوب الأرض كلها ليشتركوا في الترنيمة الجديدة، لكأن في هذه الدعوة
صدى للوعد الإلهي القائل بهوشع «وَأَرْحَمُ لُورُحَامَةَ، وَأَقُولُ لِلُوعَمِّي:
أَنْتَ شَعْبِي وَهُوَ يَقُولُ: أَنْتَ إِلَهِي» (هوشع 2: 23).
ثم
يدعو المرنم الجميع معاً لكي يباركوا اسم الرب ويبشروا بخلاصه، ويعتبر المزمور
بشارة. وفيه دلالة واضحة على اتساع المجال أمام المؤمنين لكي يذيعوا بشارة الخلاص.
وفيه ترحيب سار بمظهر اجتماع الشعوب الأخرى. فهو والحالة هذه نشيد جديد لأنه يعبر
عن آراء لم تكن مقبولة عند شعب العهد القديم، من جهة قبول الأمم في ملكوت الله.
وفي يقيني أن في هذا المزمور نفحات من روح العهد الجديد، الذي يتلألأ بنور المسيح،
الذي تغنى به سمعان الشيخ لما اكتحلت عيناه بنور محيا الفادي، مسبحاً وقائلاً
«ٱلآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلامٍ، لأَنَّ
عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاصَكَ، ٱلَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ
جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ» (الإنجيل بحسب لوقا 2: 29-31).
وفي
المزمور المجيد اعتراف جديد بمراحم الله العظيمة في الإنقاذ من أسر الخطية، بقوله
«بشروا من يوم إلى يوم بخلاصه». هذه المراحم الخلاصية تجسدت في المسيح يسوع، الذي
صير كل من قَبِله إنساناً جديداً صانعاً سلاماً. هذه العجيبة يجب أن نحدث بها بين
الأمم، طاعةً لأمر المسيح «وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي
كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى
ٱلأَرْضِ» (أعمال 1: 8).
(4-9)
هذا الإله العظيم الغني بالرحمة، والذي لا حد لقدرته حميد جداً، أي يستحق الإكرام
والتمجيد لأنه فاق آلهة الأمم التي لا قيمة لها، لأنها «عَمَلُ أَيْدِي
ٱلنَّاسِ. لَهَا أَفْوَاهٌ وَلا تَتَكَلَّمُ. لَهَا أَعْيُنٌ وَلا تُبْصِرُ.
لَهَا آذَانٌ وَلا تَسْمَعُ. لَهَا مَنَاخِرُ وَلا تَشُمُّ. لَهَا أَيْدٍ وَلا
تَلْمِسُ. لَهَا أَرْجُلٌ وَلا تَمْشِي، وَلا تَنْطِقُ بِحَنَاجِرِهَا. مِثْلَهَا
يَكُونُ صَانِعُوهَا، بَلْ كُلُّ مَنْ يَتَّكِلُ عَلَيْهَا» (مزمور 115: 4-8).
أما
إلهنا فمجد وجلال قدامه، العز والجمال في مقدسه ففي جمال القداسة تجتمع قبائل
الأرض ليسجدوا للرب ويأتوا بتقدماتهم إلى الرب في زينة مقدسة. حتى الخلائق الصامتة
مدعوة للإبتهاج بفداء الرب وتثبيت سلطته العادلة البارة على الأرض.
ويختم
المرنم الحلو هذا المزمور بدعوة السماء لكي تبتهج بالمفديين، وبتعزيتهم. صحيح أن
الله يدين الشعوب بالعدل والاستقامة. ولكن الحمد لله، «إِذاً لا شَيْءَ مِنَ
ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلآنَ عَلَى ٱلَّذِينَ هُمْ فِي
ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٱلسَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ
بَلْ حَسَبَ ٱلرُّوحِ» (رومية 8: 1).
ولا
ينسى الحقل وأشجار الوعر من الدعوة إلى الابتهاج، إذ يستعير لها الجذل، لكأنها في
جمالها البديع نشيد ابتهاج. لأن الرب الإله يملأ كل شيء بمجده.