الْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ

 

اَلْمَزْمُورُ
ٱلْمِئَةُ – حمد الشعوب

1اِهْتِفِي
لِلرَّبِّ يَا كُلَّ ٱلأَرْضِ. 2ٱعْبُدُوا ٱلرَّبَّ بِفَرَحٍ.
ٱدْخُلُوا إِلَى حَضْرَتِهِ بِتَرَنُّمٍ. 3ٱعْلَمُوا أَنَّ
ٱلرَّبَّ هُوَ ٱللّٰهُ. هُوَ صَنَعَنَا، وَلَهُ نَحْنُ شَعْبُهُ
وَغَنَمُ مَرْعَاهُ. 4ٱدْخُلُوا أَبْوَابَهُ بِحَمْدٍ، دِيَارَهُ
بِٱلتَّسْبِيحِ. ٱحْمَدُوهُ بَارِكُوا ٱسْمَهُ، 5لأَنَّ
ٱلرَّبَّ صَالِحٌ. إِلَى ٱلأَبَدِ رَحْمَتُهُ، وَإِلَى دَوْرٍ
فَدَوْرٍ أَمَانَتُهُ.

دعيت
المزامير السبعة السابقة نشائد ملكية، لأنها تصف بأبلغ عبارة كيف يتسلط الله
اللابس الجلال على قوة الطبيعة ويدير شؤونها. وكيف يهتم بأتقيائه، ويذود عنهم
هجمات الأشرار، لانه حصنهم وصخرة ملجأهم. أما هذا المزمور فيأتي كحمد أو تسبيحة
شكر للمنعم الجواد. ويرجح أنه كان يستعمل في الهيكل. وأنشدته الكنيسة الغربية، منذ
وقت طويل في صلاة الصباح. وهو يصلح على الخصوص للعبادة الجمهورية، لأنه يصف
العلاقة بين الله الخالق المعتني وبين الإنسان الذي يجب عليه أن يعبد إلهه. بناء
على هذه العلاقة المتبادلة التي كانت بين الله وأتقيائه القدماء. والتي تعلموها
وعرفوها هي في الوقت الحاضر قائمة بين إلهنا وبيننا، ولأجلها نقدم له نشائد الحمد
والتسبيح. ويقيناً أنه ما من نشيد أجمل ولا أروع من هذه الدعوة الموجهة إلى كل
الارض للإتحاد في عبادة الله برابطة البنوة!

(1-3)
ليس في هذه الآيات إشارة إلى أعمال الله الفدائية التي ذكرت في المزامير السابقة،
ولا إلى أعمال سلطته المنظورة، التي تكرر ذكرها مرة بعد مرة «الرب قد ملك». بل
فيها دعوة صريحة للذين يعرفون أن الرب هو الله، لكي يعبدوه بفرح. هذه هي العبادة
الحقة، حينما يدخل العابدون إلى حضرة الله مترنمين ومهللين ومبتهجين.

وهناك
حقيقة جديرة بالملاحظة، وهي أن هذه الدعوة تتخطى تخوم اليهودية، إذ تدعو الأرض
كلها لتقترب من الإله الحي بفرح وتهتف بتسابيح خالق الكون ورب العالم. وانطلاقاً
من هذه الحقيقة دعي هذا المزمور لدى الكنائس الشرقية «مزمور هداية الأمم». وهكذا
نشره المسيحيون الأوائل.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس و وحيد د

ودعوة
الأرض كلها لعبادة الله، ترن بما لا يزيد عليه من الوضوح. فالجميع مدعوون للمثول
والسجود له بالروح والحق. وهذه دعوة من وحي العهد الجديد، حيث لم يبق السجود
الحقيقي محصوراً في مكان معين. هذا ما أعلنه المسيح، جواباً على سؤال المرأة
السامرية، إذ قال لها «يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في
أورشليم تسجدون للآب… ولكن تأتي ساعة وهي الآن، حين الساجدون الحقيقيون يسجدون
للآب بالروح والحق». وبتعبير آخر أنه بمجيء المسيح، أصبحت العبادة أوسع من أن
يحصرها مكان. وليس هذا فقط بل أيضاً في عهد النعمة تحررت العبادة من الرموز
والذبائح. لأن هذه كانت ترمز إلى المسيح. فلما جاء المرموز إليه بطل الرمز.

في
زمن السامرية كان شعبها يعتقدون أن جبل جرزيم مكان مقدس في ذاته دون سواه. وكان
اليهود يعتقدون أن المكان المقدس الحقيقي هو أورشليم. فأنبأها المسيح بوقت يعتبر
فيه كل مكان يحل الله فيه مقدساً. وعندئذ يعلم الجميع أن المكان لا يقدس العبادة،
وإنما العبادة الحقيقية تقدس المكان.

(4-5)
هنا يرى المرنم بعين الإيمان جماهير المؤمنين من كل شعب ولسان وأمة يدخلون أبواب
بيت الله المفتوحة للجميع بتسابيح الحمد والشكر. والسبب في جمع الكل بعبادة الله
الواحد، هو أن الرب صالح كما ظهر من أعمال رحمته لأتقيائه في الماضي، وما أعلنه من
جهة محبته الأبدية لمختاريه التي من أجلها يديم الرحمة.

وكما
أن رحمة الله تنتقل من دور إلى دور، هكذا أمانته تتناول الأبناء، كما تناولت
الآباء. كل الذين تعاملوا مع الله يشهدون بأنه أمين ينجز الوعد، ويصنع الخير لكل
من يتكل عليه.

لقد
اختبر الرسول بطرس أمانة الله وأهاب بالمتألمين أن يستودعوا أنفسهم لهذا الخالق
الأمين في عمل الخير (بطرس الأولى 4: 19) فلكونه خالق النفس يهتم ويعتني بها. ويؤيد
ذلك قول المسيح «شَعْرَةً مِنْ رُؤُوسِكُمْ لا تَهْلِكُ» (الإنجيل بحسب لوقا 21:
18).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس إسكندر جديد 01

هل
اختبرت أمانة الله؟ اتكل عليه واصبر له يُدِم لك الرحمة، حتى لو ضعفت أمانتك. هكذا
قال بولس «إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِيناً، لَنْ يَقْدِرَ
أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ» (تيموثاوس الثانية 2: 13) فهو يعطي الفرصة ويتأنى ولا
يشاء أن يهلك أحد بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. ولك الامتياز أن الله في حال
التوبة يقبلك متغاضياً عن أزمنة الجهل. فاطلب وجهه ولا تتلكأ لأنه ينتظرك بكل حنان
لكي تقبل إليه. «هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: فِي وَقْتِ ٱلْقُبُولِ
ٱسْتَجَبْتُكَ، وَفِي يَوْمِ ٱلْخَلاصِ أَعَنْتُكَ. فَأَحْفَظُكَ
وَأَجْعَلُكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ، لإِقَامَةِ ٱلأَرْضِ» (إشعياء 49: 8).

نرى
مزامير كثيرة تتخللها نغمات حزن ناشئة عن مكاره خارجية أو عن ضعف داخلي. أما هذا
المزمور، فنغماته كلها نغمات سرور وحبور. ولهذه النغمات، يجب أن نفسح المجال في
الحياة الروحية لتكون عبادتنا سامية وسجودنا لله بالروح والحق. وإذ نتحقق بأننا
لله، لنعتمد عليه بملء الثقة، وعندئذ يطيب لنا أن نعبده بفرح وأن ندخل إلى حضرته
بترنم، ونهتف لصخرة خلاصنا.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي