الْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ وَالتَّاسِعَ عَشَرَ

 

اَلْمَزْمُورُ
ٱلْمِئَةُ وَٱلتَّاسِعُ عَشَرَ – الإشادة بالشريعة

1طُوبَى
لِلْكَامِلِينَ طَرِيقاً، ٱلسَّالِكِينَ فِي شَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ.
2طُوبَى لِحَافِظِي شَهَادَاتِهِ. مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ يَطْلُبُونَهُ. 3أَيْضاً
لا يَرْتَكِبُونَ إِثْماً. فِي طُرُقِهِ يَسْلُكُونَ. 4أَنْتَ أَوْصَيْتَ
بِوَصَايَاكَ أَنْ تُحْفَظَ تَمَاماً. 5لَيْتَ طُرُقِي تُثَبَّتُ فِي حِفْظِ
فَرَائِضِكَ. 6حِينَئِذٍ لا أَخْزَى إِذَا نَظَرْتُ إِلَى كُلِّ وَصَايَاكَ.
7أَحْمَدُكَ بِٱسْتِقَامَةِ قَلْبٍ عِنْدَ تَعَلُّمِي أَحْكَامَ عَدْلِكَ.
8وَصَايَاكَ أَحْفَظُ. لا تَتْرُكْنِي إِلَى ٱلْغَايَةِ.

هذا
المزمور الطويل كله صلاة، موضوعها أن يمنح الله نعمة الثبات في وسط جيل معوج. وقد
رتبه رجل الله الكاتب بحسب أحرف الهجاء، ابتداء بحرف الألف، وهذه صناعة لفظية، تدل
على تضلع الكاتب في اللغة، كما ان محتويات المزمور، تدل على سعة المعرفة في أمور
الدين. ويرجح بعض المفسرين أن المزمور كتب في العهد المكابي، حين جرى الاضطهاد على
أهل التوراة المتمسكين بالشريعة الإلهية.

(1-3)
يبدأ الكاتب بتطويب الكاملين. ولعل هذه الكلمة كاملين تثير كثيراً من التساؤل. لأن
الشائع على ألسنة الناس هو أنه لا يستطيع أحد أن يكون كاملاً. ومع ذلك فقد قال
المسيح لسامعي عظته على الجبل «فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ
أَبَاكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ» (الإنجيل بحسب متى
5: 48). فهل نفهم من هذا أن المسيح يطلب من الإنسان ما ليس في استطاعته؟ لا لأن
الكلمة هنا لا تعني أن الإنسان يستطيع من ذاته أن يبلغ الكمال، بل عليه أن يسعى
ليدرك الرب ويتكمل فيه. كان بولس عرضة للإفتخار بفرط الإعلان، فأعطاه الله شوكة في
الجسد. ولما سأل أن ترفع عنه، قال له الرب «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُّوَتِي
فِي ٱلضُّعْفِ تُكْمَلُ» (كورنثوس الثانية 12: 7-9) ومن هنا كان قوله
«لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلاً، وَلٰكِنِّي أَسْعَى
لَعَلِّي أُدْرِكُ ٱلَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي أَيْضاً ٱلْمَسِيحُ»
(فيلبي 3: 12) بمعنى أن على المؤمن أن يجتهد كل يوم لكي يتقدم في الإيمان والمحبة،
وأن ينمو في الحياة المقدسة، متخذاً وسائل النعمة التي أعدها الله، إلى أن يصل
رويداً رويداً إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح (أفسس 4: 13). وقد شرح
الرسول الكريم الطريقة التي يسعى فيها نحو الكمال، فقال بكل تواضع «أنا لست أحسب
نفسي أني قد أدركت. ولكني أفعل شيئاً واحداً، إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما
هو قدام. وأسعى نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع».

هل
أنت مستعد أن تتبع مثال الرسول، فتترك أشياء العالم الفانية وتسعى وراء جعالة دعوة
الله العليا، دون التفات إلى الوراء؟ امرأة لوط نظرت إلى الوراء فهلكت (تكوين 19:
26). فصار هلاكها الفاجع محفزاً لكل إنسان أن يهرب من الفساد الذي في العالم
بالشهوة. قال المسيح «لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى ٱلْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ
إِلَى ٱلْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ» (الإنجيل بحسب
لوقا 9: 62).

يقيناً
أن الذين يبدأون حياة الله، يجب أن يعزموا على الاستمرار فيها، وإلا فإنهم لن
يستفيدوا منها. لأن الالتفات إلى الوراء يؤدي في الغالب إلى الانسحاب، والانسحاب
يؤدي حتماً إلى الهلاك. وأن الذين لا يثبتون وجوههم نحو السماء. ولكن يلتفتون
بوجوههم هنا وهنالك فإنهم لا يصلحون للسماء. أما من يصبر إلى المنتهى فهو يخلص.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر يهوديت Judith 07

(4-8)
في هذا القسم من المزمور، يخبرنا رجل الله، لماذا يجدر بالمؤمن الساعي نحو الكمال
أن يستمسك بالرب، مبتعداً عن الإثم، فيقول: إن الرب أوصى بأن تحفظ شريعته، وأن
تحترم وصاياه إلى التمام. قال الرسول يعقوب: «مَنْ حَفِظَ كُلَّ
ٱلنَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي
ٱلْكُلِّ» (يعقوب 2: 10). فالرسول العظيم يعتبر شريعة الله كسلسلة متعددة
الحلقات، تربط نفس الإنسان بعرش الله بالبر والأمانة فإذا خالف الإنسان وصية من
وصايا الله فكأنه كسر حلقة من السلسلة، وتبعاً لذلك تقطع الصلة بين الله والنفس.

لهذا
توسل رجل الله أن تثبت طرقه في حفظ شريعة الرب، لكي لا يخزى. وأنها لطلبة حكيمة
حقاً، يليق بكل طالب الله أن يرفعها إلى إلهه. وصاحبها لن يخزى لأنها دليل على حبه
لله. والذي يحب الله لا يمكن أن يخزى. لأن الله يكرمه بدليل قول المسيح «إِنْ
أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلامِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي،
وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً» (الإنجيل بحسب يوحنا 14: 23).

ويختم
المرنم هذه الفقرة بقوله «لا تتركني إلى الغاية» ومن أجدر من المرنم بأن يختم بهذه
الطلبة، واثقاً بالرب؟ فهو الذي اختبر أمانة الرب وكتب لنا شهادته بأحرف بارزة
«أَيْضاً كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ وَلَمْ أَرَ صِدِّيقاً تُخُلِّيَ عَنْهُ»
(مزمور 37: 25).

ومما
يزيدنا يقيناً بأن الله لن يترك مؤمناً به قول المسيح «خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي،
وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً،
وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ، وَلا يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي»
(الإنجيل بحسب يوحنا 10: 27 و28).

هذا
الوعد من الأدلة على ثبوت المؤمنين في النعمة. وهو أن كل من آمن الإيمان الحق، لا
يمكن أن يسقط من النعمة ويهلك (رومية 8: 38 و39) وهو ليس بوعد لكل المعترفين
بالمسيح، ولا لكل المعمدين بل هو للذين يسمعون صوت المسيح: ويتبعونه قلباً وسيرة.
وأسباب صيانة المؤمنين بالحق أربعة!

1.       كون
الله أعطاهم المسيح.

2.       كون
المسيح حصل لهم الحياة الأبدية وأعطاهم إياها.

3.       تعهد
الآب والابن معاً بحفظهم من الهلاك.

4.       عدم
وجود قوة في العالم تستطيع أن تقاوم قوة المسيح ومقاصده الخيرة من أجلهم.

 

49اُذْكُرْ
لِعَبْدِكَ ٱلْقَوْلَ ٱلَّذِي جَعَلْتَنِي أَنْتَظِرُهُ.
50هٰذِهِ هِيَ تَعْزِيَتِي فِي مَذَلَّتِي، لأَنَّ قَوْلَكَ أَحْيَانِي.
51ٱلْمُتَكَبِّرُونَ ٱسْتَهْزَأُوا بِي إِلَى ٱلْغَايَةِ. عَنْ
شَرِيعَتِكَ لَمْ أَمِلْ. 52تَذَكَّرْتُ أَحْكَامَكَ مُنْذُ ٱلدَّهْرِ يَا
رَبُّ فَتَعَزَّيْتُ. 53ٱلْحَمِيَّةُ أَخَذَتْنِي بِسَبَبِ
ٱلأَشْرَارِ تَارِكِي شَرِيعَتِكَ. 54تَرْنِيمَاتٍ صَارَتْ لِي فَرَائِضُكَ
فِي بَيْتِ غُرْبَتِي. 55ذَكَرْتُ فِي ٱللَّيْلِ ٱسْمَكَ يَا رَبُّ
وَحَفِظْتُ شَرِيعَتَكَ. 56هٰذَا صَارَ لِي لأَنِّي حَفِظْتُ وَصَايَاكَ.

(49)
في هذه الآية، يذكر المرنم أن كلمة الله، هي رجاؤه. وهنا يجب أن نذكر أن الرجاء في
الكتاب المقدس، لا علاقة له بالتفاؤل، أو رغبة القلب في أن يرى كل شيء في صورة
جميلة، لأن القلب البشري كثيراً ما يخطئ.

مع أن
الرجاء يكون في البداية صغيراً، إلا أنه لا يخزي. لأنه بذرة سماوية، ألقيت في قلب
الإنسان، ولا يمكن أن تموت. لأنها موضوع لاهتمام الزارع الإلهي، الذي يتعهدها
بالعناية التامة، في كل مراحل نموها.

يقال
عن البذور أن رطوبة التربة، تعمل لإنباتها. ولكنها تحتاج إلى الحرارة لأجل نمو
النبتة، وإلى الريح العاصفة، وإلى عتمة الليل لكي تتأصل في عمق التربة. هكذا
الرجاء، يحتاج إلى الصبر المرطب بالحلم لكي ينبت. وإلى دفء الإيمان لكي ينمو.
ويحتاج إلى عواصف التجارب لكي يتأصل في المحبة، التي ترجو كل شيء.

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد جديد إنجيل متى إذهب عنى يا شيطان ن

والرجاء
يولد في الإنسان، لكي يغلب. ولكن قبل أن يكلل، يجب أن يكمل نموه في تربة الضيقات
وفي مجابهة رياح المقاومات الأشد قساوة. لأن التعرض للكرب والصعوبات تفرض عليه أن
تتقوى أصوله. والمعروف بالخبرة أن وقوف الرجاء في الظلمة الأكثر حلكة يجعله يلمع
بالنقاوة، أكثر فأكثر إلى النهار الكامل.

الرجاء
ينتصر في الأيام العصيبة، التي كل شيء فيها يدعو لليأس. من أجل هذا في البدء خلقه
الله كما خلق النور، حين قال في البدء «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ
ٱلسَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ ٱلنَّهَارِ وَٱللَّيْلِ» (تكوين
1: 14).

إن
كان الرجاء، يولد ويكبر في إنسان عرف المسيح وقبله مخلصاً. وتعلم أن يطيعه ويتبعه
ويخدمه، فإن هذا الإنسان سيصل حتماً إلى مجد السماء، ليتمتع بميراث القديسين في
النور.

لقد
عرف بالاختبار أن التفاؤل يتلاشى في أثناء الضيق ويحل محله التشاؤم فالفشل. ولكن
الرجاء يلمع في الضيقات، وفقاً للقول الرسولي «وَلَيْسَ ذٰلِكَ فَقَطْ، بَلْ
نَفْتَخِرُ أَيْضاً فِي ٱلضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ ٱلضِّيقَ
يُنْشِئُ صَبْراً، وَٱلصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَٱلتَّزْكِيَةُ رَجَاءً،
وَٱلرَّجَاءُ لا يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ ٱللّٰهِ قَدِ
ٱنْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ
ٱلْمُعْطَى لَنَا» (رومية 5: 3-5).

شكراً
لله لأجل الرجاء الذي يتعاون مع الصبر، فينتجان معاً طول الأناة. هذه الفضائل تصير
المسيحي منتصراً ومثمراً لمجد الله. أرجو أن لا تكون هذه الحقيقة بالنسبة لك مجرد
نظرية. وإن كان الأمر كذلك فإني أسال الله أن يقود قلبك إلى مقدس الرجاء، لتختبر
قوته وتعيشها مع الله.

(50-52)
هنا يحدثنا رجل الله كيف صارت كلمة الله ليس رجاؤه فحسب بل أيضاً تعزيته في وسط
متاعبه وآلامه الكثيرة. لأن الذين دعاهم بالمتكبرين لم يتركوه وشأنه، بل حاولوا
إلحاق الأذى به. ولكنه تحمل المضاضة والمقاومات إكراماً للرب الذي عزاه بكلمته.

(53-56)
إلا أن رجل الله أخذته الحمية والغضب، بسبب ترك أولئك الأشرار شريعة الله. من
المسلم به أن الغضب انفعال طبيعي وليس هو بالخير وقد قال الرسول يعقوب إن الغضب لا
يصنع بر الله (يعقوب 1: 19) وينبغي أن تعترف بأن الغضب الطبيعي من شر العادات، وهو
يدل على وجود الأنانية. إلا أن هناك غضب ينشأ عن الانفعال انتصاراً للحق. ففي مثل
هذه الأحوال لا يكون الغضب شراً. فغضب المرنم، كان من هذا النوع، ناشئ عن غيرته
على شريعة الرب، بحيث لم يكن في وسعه أن يبقى حيادياً.

 

105سِرَاجٌ
لِرِجْلِي كَلامُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي. 106حَلَفْتُ فَأَبِرُّهُ أَنْ أَحْفَظَ
أَحْكَامَ بِرِّكَ. 107تَذَلَّلْتُ إِلَى ٱلْغَايَةِ. يَا رَبُّ أَحْيِنِي
حَسَبَ كَلامِكَ. 108ٱرْتَضِ بِمَنْدُوبَاتِ فَمِي يَا رَبُّ، وَأَحْكَامَكَ
عَلِّمْنِي. 109نَفْسِي دَائِماً فِي كَفِّي، أَمَّا شَرِيعَتُكَ فَلَمْ
أَنْسَهَا. 110ٱلأَشْرَارُ وَضَعُوا لِي فَخّاً، أَمَّا وَصَايَاكَ فَلَمْ
أَضِلَّ عَنْهَا. 111وَرَثْتُ شَهَادَاتِكَ إِلَى ٱلدَّهْرِ لأَنَّهَا هِيَ
بَهْجَةُ قَلْبِي. 112عَطَفْتُ قَلْبِي لأَصْنَعَ فَرَائِضَكَ إِلَى
ٱلدَّهْرِ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ.

(105)
ما أثمن هذا التأكيد، الذي جاء على لسان المرنم! أنه يكشف شيئين جديرين بالملاحظة:
الظلمة التي تسود العالم، والصعوبات التي تعترض سبيل المؤمنين بسبب موقف العالم
البغيض منهم. الأمر الذي أشار المسيح إليه حين قال لتلاميذه «لَوْ كُنْتُمْ مِنَ
ٱلْعَالَمِ لَكَانَ ٱلْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلٰكِنْ
لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ ٱلْعَالَمِ، بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُمْ مِنَ
ٱلْعَالَمِ، لِذٰلِكَ يُبْغِضُكُمُ ٱلْعَالَمُ» (الإنجيل بحسب
يوحنا 15: 19).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى تيطس زكريا إستاورو و

إننا
نعيش في زمن يجب فيه على المؤمن أن، يلاحظ سيره بدقة، بل يحسن به أن يتأكد من
سلامة المكان الذي يضع فيه رجله. هناك خطر من التعثر بسبب الظلام، وهنا خطر من
الوقوف، بسبب الضيقات الكثيرة التي تعترض خط السير. خطوة خاطئة واحدة، ويعقبها
السقوط فتدمير الحياة الروحية. ووقوف واحد، يكفي لإفشال الدعوة. ولهذا أوصى الرسول
بولس تيموثاوس قائلاً: «لاحِظْ نَفْسَكَ وَٱلتَّعْلِيمَ وَدَاوِمْ عَلَى
ذٰلِكَ، لأَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ هٰذَا تُخَلِّصُ نَفْسَكَ
وَٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضاً» (تيموثاوس الأولى 4: 16).

في
الحق أن ملاحظة المؤمن سيرته وتعليمه ضرورة لحفظ نفسه ونجاحه في شهادته. فلا بد من
سقوطه إن لم تكن سيرته على وفق تعليم كلمة الله. إن أمانة المؤمن لربه والسير وفق
شريعته في البر والقداسة هي البرهان على أنه قد نال الخلاص.

نحن
لا نستطيع أن نفي فضل الله حقه من الشكر لأنه أعطانا كلمته سراجاً لأرجلنا. ولأنه
قادنا إلى الآن خطوة بعد خطوة، حتى صرنا نعرف أين نحن تماماً. هذه الكلمة المنيرة،
تتيح لنا الشركة مع إلهنا في كل وقت. إنها لنا بمثابة عمود السحاب نهاراً وعمود
النار ليلاً، الذي يقود خطواتنا ويحفظنا في اجتيازنا برية هذا العالم. لنذكر أن
كلمته لنا هي كسراج يضيء في الليل فيبدد حلكة الظلام من حولنا، بحيث لا تستطيع
أعمال الظلمة أن تفاجئنا، أو تتسلل إلى داخلنا.

إنها
أيضاً نور لسبيلنا، خلال تجوالنا كل يوم. فهي ترسل نورها أمامنا. متيحة لنا التقدم
والسير قدماً في خدمة إلهنا. إنها تضيء سبيلنا في أبان الظروف المتقلبة والأحوال
الجديدة الصعبة. والكلمة الإلهية تحيطنا علماً بالمخاطر الكامنة في الطريق، وتبيح
لنا سر الانتصار على كل ضيقة. إنها المرشد الأمين الذي لا يخطئ أبداً، لأنها من
وحي الروح القدس الذي يرشدنا إلى جميع الحق. فكلامه بالأنبياء يلقي أشعته على
المستقبل، حتى لا يؤخذ المؤمنون على غرة. بل يصيرهم القول النبوي عارفين كيف
يفتدون الوقت. ولهم الامتياز أن الانذارات التي تحملها كلمة الحق، لا شيء من
المبالغة فيها، وأن وعوده الأمينة تتحقق دائماً.

هل
تستطيع أنت، أن تركز حياتك على وعود الله وإرشادته، قائلاً مع المرنم: «ثَبِّتْ
خَطَواتِي فِي كَلِمَتِكَ وَلا يَتَسَلَّطْ عَلَيَّ إِثْمٌ» (مزمور 119: 133).

لقد
عرف المرنم أن سبيل الوصايا الإلهية هو وحده الذي يؤدي به إلى الخير ويبعده عن
الشر لهذا عاهد نفسه بقسم أن يحفظ أحكام بر الله. سائلاً الرب الإله أن يحييه حسب
كلامه الإلهي.

لقد
كانت له اختبارات مرة مع الأشرار، الذين تآمروا عليه ليسقطوه. ولعله تعثر في طرقه
أحياناً، بيد أنه لم يتنكر مطلقاً لوصايا الرب. بل بالحري كان قلبه دائماً يتحرك
لصنع مشيئة الله وحفظ وصاياه. وقد عبر عن هذا القول بأنه يحفظ شهادات الرب، لأنها
بهجة قلبه.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي