الْمَزْمُورُ
السَّادِسُ وَالأَرْبَعُونَ

 

رب القوات معنا

يعتبر
البعض أن هذا المزمور هو أول مزامير صهيون أو الكنيسة، وهو قريب فى روحه من
المزمورين 48، 76. ويرتبط هذا المزمور مع المزمورين التاليين (47، 48) ليكونا
ثالوث تسبيح.

 

رب
القوات واهب القوة

" الله لنا ملجأ وقوة

ومعين فى الأحزان التى اصابتنا جدا " [1]

حينما
تشتد الأحزان سواء بسبب الأعداء الظاهرين كما حدث عندما حاصر جند سنحاريب ملك أشور
أورشليم فى أيام حزقيال، أو بسبب الأعداء الخفيين مثل الخطايا، فإننا نجد فى الله
ملجأ لنا وقوة ومعينا إن كنا مقدسين له، ننعم بالشركة معه.

هذه هى تسبحة الكنيسة المتحدة بالمسيح رأسها، فيه تختفى وبه تقاوم
الشر !

يقول القديس باسيليوس الكبير إن كثيرين ينطقون بهذا الكلام بأفواههم
لا بقلوبهم، والدليل على ذلك أنهم إذ يسقطون فى ضيقة يسرعون إلى وساطات بشرية لا
إلى الله.

الكنيسة تجد فى ملكها المحارب :

الملجأ… القوة…. معينا.

 

" من أجل ذلك لا يخشى إذا تزعزعت الأرض،

وانتقلت الجبال إلى قلب البحار.

عجت مياهها واضطربت،

تتزعزع الجبال بعزته " [2، 3].

يتطلع
الإنسان إلى الأرض بكونها الحاملة له، إن تزعزعت يفقد حياته وكيانه، كما يتطلع إلى
الجبال بكونها راسخة من يقدر أن يحركها ؟!

إن اشتدت
الضيقة جدا حتى شعر المؤمن كأن الأرض تتزلزل تحت قدميه وما كان يظنه راسخا قد
انهار كالجبال الساقطة فى المحيطات، لا يخف لأن إلهه هو خالق الطبيعة كلها !

إن
كانت الأرض تشير إلى الجسد، والجبال إلى الشخصية القوية والمواهب العظيمة، فإن
انهار جسدك وظننت أنك قد خسرت الكثير من مواهبك حتى شخصيتك، لا تخف فإن الله مخلصك
يقدر أن يقدس جسدك ونفسك وقدراتك ويرد لك كمال شخصيتك بعزته !

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر يشوع 22

 

رب القوات واهب البهجة

" مجارى الأنهار تفرح مدينة الله " [4].

إن
كانت كلمة الكرازة تزعزع الأرض وتنقل الجبال وتهيج البحار، إنما لتحطم الشر وتقيم
أرضا مقدسة، جبالا ثابتة تحمل " الجبل "
(السيد المسيح) على قممها، وتحول مياة البحار المالحة والمضطربة إلى أنهار عذبة
تفرح مدينة الله. تقيم كنيسة المسيح : الأرض الجديدة
التى يسكنها الله، والجبال المقدسة، ومياة الروح التى تفيض لتروى !

يقول
الإنجيلى : " وقف يسوع ونادى قائلا إن عطش أحد
فليقبل إلى ويشرب، من آمن بى كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حى، قال هذا
عن الروح الذى كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه، لأن الروح القدس لم يكن قد أعطى
بعد "
يو 7 : 37 – 39.

تحدث
يوئيل النبى عن هذا النبع العذب، قائلا : "
ويكون فى ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيرا، والتلال تفيض لبنا، وجميع ينابيع يهوذا
تفيض ماء، ومن بيت الرب يخرج ينبوع ويسقى وادى السنط "
يوئيل 3 :
18.

مجارى المياة أيضا هى المعمودية (وسر المسحة) التى خلالها ننعم
بالبنوة لله ونتمتع بسكنى الروح القدس الذى يقدسنا كأعضاء جسد المسيح، لذا قيل :

" لقد قدس العلى مسكنه،

والله فى وسطها لا يزول.

يعين الله وجهها " [4، 5].

 

ماذا
يقدم الروح القدس للمؤمن خلال كنيسة المسيح ؟

1 – التقديس
: إذ يجعله مسكن العلى المقدس.

+
الروح القدس المنبثق من الله (الآب) هو مصدر القداسة…

2 – سكنى
الله فى الإنسان أبديا

+
ينال (المعتمد) الروح القدس فيه ويحمل فعلا لقب هيكل الله.

3 – يرد
للإنسان كرامته ودالته لدى الله :

" يعين الله وجهها " [5].

هذا هو سر بهجة المؤمن وفرحه كمدينة الله التى ترتوى بمجارى الأنهار،
فتنعم بالحياة المقدسة فى الرب، وسكنى الروح فيها، والتمتع بدالة البنوة أمام
الله. هذا من الجانب الإيجابى، أما من الجانب السلبى فينزع الله عنا الشر، ويحطم
أعمال الإنسان العتيق فينا، لذا قيل :

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر الأمثال 07

" اضطربت الأمم، وماجت الممالك.

أعطى صوته فتزلزلت الأرض " [6].

 

رب القوات واهب النصرة

" هلم فانظروا أعمال الرب،

التى جعلها آيات على الأرض.

الذى يرفع الحروب من أقاصى الأرض " [8، 9].

يهب الرب كنيسته نصرة، إذ أقامها فى كل المسكونة، واهبا البشرية
سلاما داخليا عوض الأضطراب والغم. لقد ملك الرب على الأمم، وأقام مملكة سلامه
الروحى فى قلوب الكثيرين !

يرى
البعض أن كلمة " أنظروا " هنا
جاءت لتعنى التطلع الداخلى.. حيث يرى القلب الملكوت الداخلى….

ربما
يعنى بأقاصى الأرض جسد الإنسان ككل، فإنه إذ يملك الرب على القلب يقدس الجسد بكل
أعضائه وأحاسيسه ومشاعره، فلا يعود يخاف عدو الخير ولا يرهب أدواته التى يحطمها
الرب بصليبه :

" يسحق قسيهم،

ويرض سلاحهم

وأتراسهم يحرق بالنار " [9].

ربما
هنا إشارة إلى عادة قديمة كانت تتبع بعد نوال نصرة ساحقة وأكيدة، ربنا يسوع المسيح
هو ملك السلام الذى يلقى بمشعل روحه القدوس فى داخل القلب فيحرق الأشواك الخانقة
للنفس، ويحطم كل أسلحة إبليس، واهبا إيانا سلامه الفائق.

 

" ثابروا، واعلموا إنى أنا هو الله.

أرتفع فى الأمم.

وأتعالى على الأرض " [10].

 كأنه
يقول : أتريدون أن تختبروا سلامى ؟ أتريدون أن تحترق كل أدوات الحرب المهلكة ؟
كفوا عن الأتكال على الأذرع البشرية ! ارتبطوا بى فأرفعكم فوق الأمم (طلبات الجسد)
وأتعالى بكم على الأرض، حيث أحملكم كما بجناحى حمامة إلى سمواتى ؟

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي