الْمَزْمُورُ
الْحَادِي وَالسِّتُّونَ

 

مضمون المزمور : الغربة

+
يقول القديس أثناسيوس الرسولى إن هذا المزمور يحوى شكرا لله لإعادته المسبيين.
والشعب الذى خلص بالإيمان.

+ ومن
الناحية الحرفية : هذا المزمور كتبه داود فى وقت هروبه من أبشالوم إبنه فيطلب من
الله أن يسمع صراخه وبروح النبوة يرى نصرته الآتية من الرب الذى سيسكنه فى مسكنه
إلى الدهر.

1، 2 " اسمع يا الله صراخى واصغ إلى صلاتى.

من أقصى الأرض أدعوك إذا غشى على قلبى. إلى صخرة أرفع منى تهدينى
".

+ فما
معنى أنه يصلى من أقاصى الأرض ؟! ما هى أقاصى الأرض ؟! فمراده ليس الأعماق السفلية
ولا أساسات الأرض إنما هو ارتفاع شأن عظمة الله فوق جميع الطبائع المحسوسة
والمعقولة. ويعد النبى – فى هروبه فى أماكن غريبة – عن أورشليم لأن أى مكان يبعد
عن بيت الله وعن موضع راحته يصبح أقصى الأرض !!

+
وكلمة (غشى) العبرانية تفيد معنى التلوى من الألم فقد كان المرنم فى ضيق عظيم ولا
شىء حوله حقيقى ثابت بل كل شىء متزعزع ومتغير، فالنبى يطلب صخرة أرفع منه يتسلق
إليها وينجو بنفسه فيكون على أرض تستطيع حمله ولا تهتز تحته قط.

أما الصخرة
فهو ربنا يسوع المسيح الذى هو صخر الدهور. فالذى يحصل على هذه الصخرة فإنه يرتفع
بالعقل إلى السماويات ويرتقى إلى الله.

 

3 – " لأنك كنت ملجأ لى. برج قوة من وجه العدو "

+
أعنى بهدايتك وتقدمك أمامى أعدتنى إلى وطنى كما رجوتك وصرت لى مثل برج حصين تمنع
عنى وثبات عدوى.

+ فالمسيح ليس هو صخرة فقط لكنيسته بل وبرجا منيعا وحافظا لها من
أولئك الذين قال عنهم ربنا يسوع المسيح
(لا
تخافوا من الذين يقتلون جسدكم وليس لهم سلطان أن يفعلوا أكثر)
(لو 12 :
4). فإذا من وجه أولئك يكون لهم ملجأ ويحفظهم داخل حصنه المنيع من الأعداء
الراصدين أنفسهم. فجيدا لم يخص أنفس القديسين فى البرج المقول عنه فى الناموس لكنه
يحفظهم فى برج أقنومه الغير مقهور.

هل تبحث عن  م المسيح المسيح حياتة الموعظة على الجبل ل

 

4 – " لأسكنن فى مسكنك إلى الدهور. احتمى بستر جناحيك. سلاه
"

+
يطلب النبى أن يسكن مطمئنا قرب الله. والأصل العبرانى يدل على طلب الجوار أى
الأحتماء بالبيت. بل نجد التعبير يدل على أكثر من ذلك فهو يطلب الحماية بستر جناحى
الله. إذ يشعر كما يشعر الفرخ أن لا حماية له ولا دفء إلا بعد أن تحتضنه الأم
وتحميه وتقيه من السقوط.

+
مسكن الله هى مدينة أورشليم بكون ظهوره وهيكله فيها. وأيضا مسكن الله هو أورشليم
السمائية حيث يسكن الذين أرضوه.

+
وأما جناح الله فهو عنايته وحراسته.

 

5 – " لأنك أنت يا الله استمعت نذورى. أعطيت ميراث خائفى اسمك
".

+
لماذا قال النبى أنك استمعت نذورى ؟؟ فالنذور تقبل قبولا. لا سمعا تسمع. إن النذور
تنقسم إلى قسمين : فيوجد من ينذر أن يقدم لله مما يقتنيه وهذه هى جسدانية، وتوجد
نذور أخرى مثل إذا نذر أحد أن يقيم نفسه أمام الله إلى وقت معين فى الصلاة، فهذه
كانت نذور داود، أن تكون صلاته مسموعة عن الميراث الموهوب لخائفى أسمك.

+ إن
الميراث الذى أعطى لبنى إسرائيل هى أرض الميعاد التى تفيض لبنا وعسلا هى أرض
فلسطين التى فقدوها. ودعيت ميراثا لأنها عطية لآبائهم من الله بالموعد. وأما
الميراث الحقيقى الثابت امتلاكه الذى سيعطيه الله للمؤمنين هو ملكوته السماوى
الموعود لهم به. كما يقول ربنا له المجد (رثوا
الملك المعد لكم)
(مت 25 : 34). رثوا الحياة الأبدية (فى هذا الدهر يأخذ مئة ضعف مع ضيقات وفى الدهر الآتى الحياة
الأبدية)
. (مت 19 : 29، مر 10 : 30).

 

6 – " إلى أيام الملك تضيف أياما. سنينه كدور فدور ".

+ إن
النبى يقول (ملكا) عن ذاته فيطلب امتداد لأيامه. ولكن ليس عن أيام هذا العمر
الفانى. لأن هذا أمر محال. ولكن عن أيام السلام والفرح فى العالم الجديد حيث ميراث
القديسين الذى سيعطيه لهم الله بعد خروجهم من الجسد.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر نحميا 05

 

7 – " يجلس قدام الله إلى الدهر. اجعل رحمة وحقا يحفظانه
".

+
(يجلس قدام الله إلى الدهر) أى أنه يظل مدى الحياة مع الله إذ يجعل الله رحمته
وحقه يحفظانه من كل ما يبعده عنه.

 

8 – " هكذا أرنم لأسمك إلى الأبد لوفاء نذورى يوما فيوما
".

+ إنه
كما قال يعقوب أب الأباء " إن أعطانى الله
خبزا لآكل وثيابا لألبس ورجعت بسلام إلى بيت أبى يكون الرب لى إلها وهذا الحجر
الذى أقمته عمودا يكون بيت الله وكل ما تعطينى فإنى أعشره لك "

(تك 28 : 20 – 22). كذلك أنا أيضا إن أعطانى الله ما قد ذكرت فأوفى له نذورى أى
أنى أرتل لأسمه شاكرا مادمت موجودا فى هذه الحياة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي