الْمَزْمُورُ
الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ

 

الرب
يتكلم بالسلام

موضوع هذا المزمور : الرجوع من
السبى.

فرجوع
شعب اسرائيل إلى أرضه
بعد منفى طويل في بابل كان مزيجًا
من الحماس وخيبة الآمال. صوّر القسم الثاني من
سفر أشعيا هذا الرجوع بشكل تطواف حماسي عبر
الصحراء؛ يسير الرب في مقدمته، أو بشكل
ليتورجية مهيبة ومجيدة تحتفل برجوع اسرائيل وتدشّن
نهاية الازمنة وارتداد الشعوب
إلى الإله الواحد. ولكن الواقع لم
يكن كذلك. فالرجوع لم يتمّ دفعة واحدة، بل على
دفعات. وفوق ذلك بقي في بابل عدد كبير من بني
اسرائيل رفضوا الرجوع، أقلّه في الوقت
الحاضر، فنظموا حياتهم هناك وجمعوا المال واقتنوا
البيوت والضيع.

 

1 – "
رضيت يارب على أرضك. أرجعت سبى يعقوب "

فى
(هوشع 4 : 1 – 3) وردت نبوة عن أسباب السبى، ولكن لما رجعوا سبايا بابل سبحوا الله
بقولهم : " " رضيت يارب على أرضك. أرجعت سبى يعقوب ".

 

2 – " غفرت إثم
شعبك. سترت كل خطيتهم. سلاه ".

من هم الذين غفرت خطيتهم وعن أى زمان يتكلم ؟

إنه زمان ظهور المسيا. لقد رد الله لا سبى يعقوب فقط بل ولآدم المسبى
من الشيطان. لقد خرج الرب المخفى إلى الظهور بالجسد ورد سبى العالم من يد القاسى.

 

3 – " حجزت كل رجزك. رجعت عن حمو غضبك "

لقد غفر الله الخطايا الفظيعة التي قادت شعبه إلى الكارثة، فتمّ ما قاله سفر
أشعيا (54: 8): "في سورة غضب حجبت

وجهي عنك (يا صهيون) لحظة،
وبرحمة أبدية أرحمك".

لقد
انتهى زمن العقاب الذي أقرّه
الله في شعبه، وعلى هذا يقول أشعيا
(40: 1):

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب برديات رايلندس س

 "عزّوا عزّوا شعبي، خاطبوا قلب أورشليم
ونادوها بأن قد تمّ وقت
تسخيرها، وأخذت عقابها ضعفين من يد الرب عن جميع خطاياها".

 

4 – " إرجعنا يا إله خلاصنا وانف غضبك عنا "

5 – " هل إلى الدهر تسخط علينا. هل تطيل غضبك إلى دور فدور
"

6 – " ألا تعود أنت فتحيينا فيفرح بك شعبك "

7 – " أرنا يارب رحمتك وأعطنا خلاصك "

+ قال القديس أثناسيوس : إن النبى نظر بعين النبوة ما كان مزمعا
وقوعه – من الأسرائيلين – أعنى به من العصيان والتهجم على المسيح. فقدم بهذا القول
ابتهالا إلى الله طالبا لهم أن يردهم من ضلالتهم ولا يديم غضبه عليهم، فيقول :
أيها الإله الذى خلصتنا مرارا كثيرة من أنواع الرزايا. وحضورك إلى العالم هو من
أجل خلاصنا. فإذن اصرف غضبك المقسط عنا، لأنه ليس من عادتك أن تمد إلى الأبد سخطك
يا رحوم. فإن قبلت توبتنا تحيينا نحن الذين متنا لأبتعادنا عنك، ونكون شعبا لك.

هوشع (6: 2): "يحيينا بعد يومين وفي اليوم الثالث
يقيمنا".

وأرنا الأشياء التى بها نعود برحمتك وخلاصك وهى أولا التجسد الإلهى
وثانيا الأسرار الكنسية.

إن
الجماعة التي تصلي المزمور 85 تجعلنا
ندخل في تاريخ الخلاص، لأنها
تسير بين خلاص أول تمّ في الماضي،
وخلاص نهائي تنتظره في نهاية الازمنة. هكذا كانت
جماعة العهد القديم. وهكذا تبدو جماعة العهد
الجديد التي تعيش وتسير بين مجيء يسوع
في الاتضاع ورجوعه في المجد. يقول القديس
بولس في الرسالة إلى أهل رومة (8: 23):

 "نحن الذين لنا باكورة الروح نئنّ في أعماق نفوسنا منتظرين من الله
التبنّي وافتداء
نفوسنا" الفداء جاءنا بالمسيح

هل تبحث عن  م الأباء أثناسيوس الرسولى ضد الآريوسيين 05

ويقول
في
الثانية إلى أهل كورنتوس (5: 6): "ما دمنا مقيمين في هذا الجسد، فنحن متغرّبون عن
الرب ".

وهكذا
نستطيع أن نصلّي المزمور كأنه كُتب لنا. في القسم الأول نتذكّر النعم
التي جاءتنا من الرب المسيح. في القسم الثاني
نتذكّر آلام الكنائس المسيحية
المضطهدة 1 كو
12: 26: " إن كان عضوواحد يتألم فجميع الأعضاء
تتألم معه "

 "رضيت يا ربّ عن أرضك".
الكلمة
الأولى في هذا المزمور
هي فعل شكر. فعبر الاختبارات
السعيدة والتعيسة التي عرفها المرتّل، فهو متأكّد كل
التأكيد أن الله ما زال يحبّ أرضه حتى في أحلك
الساعات. هذه الأرض هي أرض الرب. هو
الذي اختارها. هو خلقها وهي تخصّه.
هي أرض أعطاها بسخاء لآبائنا. وهي أرضك يا ربّ
بعد أن خطبتها كما العريس يخطب عروسه. وهي
أرضك المحبوبة، لأنها ستصير بالتجسّد أرض
ابنك :

 "الذى هو صورة
الله غير المنظور، بكر كل خليقة… "
(كولوسى 1 : 15).

8 – " إنى أسمع ما يتكلم به الله الرب. لأنه يتكلم بالسلام
لشعبه ولأتقيائه فلا يرجعن إلى الحماقة ".

+ هذا
لكى تتم النبوة قال للتلاميذ فى العلية بعد قيامته من الأموات : " السلام لكم
" (لو 24 : 36، يو 20 : 19) وأيضا قبل آلامه قال : " سلامى أترك لكم
سلامى أنا أعطيكم " (يو 14 : 27) فهذا السلام كان محفوظا للتلاميذ بعد
القيامة لكى يثبتوا فى الإيمان ولا يرجعوا عن طريق البشارة.

9 – " لأن خلاصه قريب من خائفيه ليسكن المجد فى أرضنا "

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 03

10 – الرحمة والحق التقيا. البر والسلام تلاثما ".

11 – " الحق من الأرض ينبت والبر من السماء يطلع "

+
فالرحمة صادفت العالم بموهبة الحياة حقا فى زمان الرسل. لأن الناموس إنما كان يحيى
بالعدل أما الرحمة والنعمة فبررت الناس ووهبت لهم مغفرة الخطايا بواسطة سيدنا.

+ أما
قوله (البر والسلام تلاثما) فالبر والسلام هو ربنا وإليه كان يقبل الخطاة مثل مريم
الخاطئة التى قبلت رجلى الرب.

+ إن
الرحمة والحق، والبر والسلام – هذان الزوجان – كانا متباعدين عن بعضهما فى الأرض
منذ زمان بعيد. لأن الرب قد قال فى نبوة هوشع (ليس على الأرض حق ولا رحمة ولا
معرفة الله) بل كان فائض عليها لعنة وكذبا وقتلا وفسقا لأجل ذلك صار داود يتضرع
قائلا : أرسل رحمتك وحقك ليعضدانى فى كل حين. لأنه من غير رحمة الله لا يقدر
الإنسان أن يعرف حقيقة الأمور. وأما السلامة فلا تكون بلا عدل (بر) لأنها تولد
منه. فإذا اتخذنا العدل بالحق فحينئذ تمنح لنا الرحمة من قبل الله وتحصل السلامة
والهدوء فى انفعالاتها المتقدمة. فإذن بظهور ربنا يسوع المسيح فى العالم متجسدا،
هذان الزوجان المذكوران قد تلاقيا وتقابلا. لأن ربنا هو الحق والعدل والقداسة
والقدوة، وقد أهلنا لنفوز بهذه المنحة التى كانت موجودة فى السماء وغائبة فى الأرض
وهى الرحمة والحق والعدل والسلامة.

– الحق من الأرض ينبت.. أعنى الناسوت لأنه حق.. لأن
كل ناسوت آخر من زرع بشر فهو كاذب ولأن الناموس بموسى أعطى أما النعمة والحق
فبيسوع المسيح صارا (يو 1 : 17).

– والبر من السماء يطلع.. أى من قبل الإله الآب
السماوى اطلع ونزل لاهوته وهو العدل الذى طأطأ السموات ونزل

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي