الْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ وَالثَّانِي

 

صلوة لمسكين

+
دراسة للأب متى المسكين :

صاحب
المزمور يتوسل من أجل أن تسمع صلاته سريعا (1، 2) لأن قوته قد انحلت حتى أنه قد
صار إلى حافة القبر. فهو نواح وحيد منفرد معرض إلى تهكم الأعداء، وآلامه هى من
ضربات الله كعقوبة (3 – 11) ومن العدد (13) يبدأ يظهر سبب حزنه وضربته : فشعبه فى
السبى وصهيون مهجورة، ولكن فى مقابل حاله البائس يسمو فكره ليهيم فى أبدية الله
وهذه الأبدية هى فى نظره ضمان لعودة صهيون. وهذه العودة ستكون إعلان مجد يهوه،
الأمر الذى يجذب كل الأمم لخدمته ويستحسنون كل أنواع التسابيح للأجيال الآتية
حينما تصبح أورشليم مركز العالم للعبادة (12 – 22). ولو أنه لا ينسى آلامه ويصلى
حتى لا يؤخذ فى منتصف عمره، وهو يجد راحة فى التفكر بالأبدية وعدم التغيير ليهوه
لأنه لن يتخلى عن شعبه المؤمن (23 – 28)

+ إن
الإنسان ولو كان غنيا وملكا لكنه يدعى مسكينا لأفتقاره لله ولا يوجد له شىء إلا
ويكون ممنوحا من قبل الله له.

+ يرى
البعض أن ترتيل هذا المزمور هو ذكر خطاياه المرتكبة ضد بيت أوريا الحثى.

أنه
لما خرج من أورشليم مضطهدا وهاربا قدام إبنه أبشالوم فترك الملك وصعد فى ظل جبل
الزيتون باكيا مغطى رأسه وكل من معه مغطين رؤوسهم صاعدين معه باكين. والفتنة ضده
كانت شديدة لأجل ذلك فالبكاء أيضا كان شديدا ومملوء مرارة. إلى هذا الحد أشتد حزن
داود وكثرت حسرات قلبه بالبكاء حتى لصق لحمه بعظامه. وكان يتأسف دائما ولم يمل من
أن يصلى ويطلب الخلاص من الله.

لم ينسى
ضربات قضيب العدالة بل كان يقدم الصلوات بأنسحاق وبدموع غزيرة ترضى الله مرتلا
وقائلا : يارب استمع صلاتى.

 

1 ‎‎
يا رب استمع صلاتي‎
‎‎وليدخل اليك صراخي‎.

+ ولو
أنه يستعير آياته من مزامير أخرى إلا أنه قد نجح فى التعبير عن صدق مشاعره. فمثلا
استمع صلاتى يارب هى فى (مز 39 : 12) :

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر أخبار الأيام الثانى 28

" استمع صلاتى يارب واصغ إلى صراخى. لا تسكت عن دموعى، لأنى
أنا غريب عندك. نزيل مثل جميع آبائى ".

+ إن
الرب يسمع صلاة الذى يسأله ما يليق وأما الصراخ هنا فليس هو اعلان للصوت بل يدل
على الحرص والنشاط وكثرة اشتداد العزم ورفع القلب أمام الله.

 

2 ‎‎لا تحجب وجهك عني في يوم
ضيقي.امل اليّ اذنك في يوم ادعوك.استجب‎
‎‎لي سريعا‎.

+ أما
داود وإن كان قد قام عليه أهل بيته الخائنين مثل أبشالوم لكنه لم يمتنع من أن
يلتجىء إلى الله ويقول : أمل أذنك إلى. والتفت نحوى بلطفك عاملنى. لا مثل ما تستحق
خطيتى التى لأجلها أنا معير ومعذب فى أنين من وجع الضربات. لا تغلق باب سمعك عن
الإجابة على صراخى. ها هوذا كل ضربك الشديد إياى محسوب عندى كلا شىء. أصوات تضرعى
تبلغ إلى مسامعك يارب. فإنى أجد راحة عظيمة فى كل شدائدى إذا شاءت ربوبيتك أن تكون
عالمة بتنهدى لذلك أنا واثق أنك تستجيب لى عاجلا.

+
وقوله (أمل إلى أذنك) تقديره : أنى من حزنى قد صار صوتى منخفضا وأما أنت يارب علوك
مرتفع جدا فتنازل برحمتك إلى وانظر لتضرعاتى. وقوله [سريعا] معناه قبل أن يدركنى
الموت.

 

3 ‎‎لان ايامي قد فنيت في دخان
وعظامي مثل وقيد قد يبست‎.

+ قال
القديس أثناسيوس أن هذا القول هو نبوة عن إضاعة المفاخر التى كانت للعبرانيين
ليقيموا بها عبادة الشريعة العتيقة وهى كهنوتهم وهيكلهم وذبائحهم واستيلائهم على
ذاتهم.

فهذه
وما شاكلها قد فقدت منهم وفنيت كالدخان. وكانت تشددهم وتقويهم كما أن العظام تشدد
الجسد ولكنها احترقت.

 

4 ‎‎ملفوح كالعشب ويابس قلبي
حتى سهوت عن اكل خبزي‎.

+
القلب وهو محسوب أنه مركز الحيوية والقوة ذبل كالحشيش عندما تضربه الشمس فيذبل،
حيث كلمة " ملفوح " هى نفسها تترجم " مضروب " فى مزامير أخرى
مثل :

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد جديد رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 03

+ (مز
121 : 6) : " لا تضربك الشمس فى النهار ولا القمر فى الليل ".

وأيضا
انظر (هو 9 : 16)، (1 صم 1 : 7، 8)، (أى 33 : 20، 21).

 

5 ‎‎من صوت تنهدي لصق عظمي
بلحمي‎.

+ هذه
ترجمة دقيقة عن العبرية أن " عظمى لصق بلحمى
"
مما يعنى أن اطرافه صارت متورمة ومؤلمة. وتكون مأخوذه من (أى 19
: 20) : " عظمى قد لصق بجلدى ولحمى ونجوت بجلد
أسنانى ".

 

6 ‎‎اشبهت قوق البرية.صرت مثل
بومة الخرب‎.

+
البوم نذير الشؤم عند العرب لأنه لا يسكن إلا الخراب. وصاحب المزمور يشبه نفسه
بالبوم بصوته وصراخه المؤلم الحزين. وأما عن القوق فانظر : (إش 34 : 11)، (صف 2 :
14).

والبومة
يسميها العرب : " أم الخراب " وتوجد فى القبور والأماكن الخربة.

 

7 ‎‎سهدت وصرت كعصفور منفرد على
السطح‎.

8 ‎‎اليوم كله عيّرني
اعدائي.الحنقون عليّ حلفوا عليّ‎.

9 ‎‎اني قد اكلت الرماد مثل
الخبز ومزجت شرابي بدموع‎

+
البكاء والنوح صارا عوض الأكل والشرب :

(مز
42 : 3) : " صارت لى دموعى خبزا نهارا وليلا إذ قيل لى كل يوم أين إلهك ؟
"

وأيضا
أنظر : (مز 80 : 5)، (أى 2 : 8)، (مرا 3 : 16)، (حز 27 : 30).

 

10 ‎‎بسبب غضبك وسخطك لانك
حملتني وطرحتني‎.

11 ‎‎ايامي كظل مائل وانا مثل
العشب يبست‎

+
الظل دائما ليس له مقر يسكن فيه بل هو متغير باتجاه الشمس هكذا كانت الأيام تتغير
باتجاه الشمس. فكما أن التغير فى هذه الحالات سريع هكذا عمر الإنسان لأن مجموع
أيام زائلة تزرع عشبا ضعيفا ييبس بمجرد ظهور الشمس.

 

12 ‎‎اما انت يا رب فالى الدهر
جالس وذكرك الى دور فدور‎.

13 ‎‎انت تقوم وترحم صهيون لانه
وقت الرأفة لانه جاء الميعاد
‎.

+ إن
هذا القول يتضمن نبوة عن ربنا يسوع المسيح وقيامته من الأموات لأنه لما قام صنع
الرأفة على صهيون التى هى جماعة المؤمنين لأن ظهوره وقيامته كان فى الوقت السابق
تحديده بتدبير الله الذى قبل الدهور وهو الرأى اللائق.

هل تبحث عن  م المسيح المسيح هل قال لفظيا إنه الله ه

 

14 ‎‎لان عبيدك قد سرّوا
بحجارتها وحنّوا الى ترابها‎.

+ إن
صهيون هى كنيسة المسيح أى جماعة المؤمنين وأما حجارتها هم الرسل الأطهار والمعلمون
الذين رفعوا بنيانها بنظامهم وانضمامهم.

 

15 ‎‎فتخشى الامم اسم الرب وكل
ملوك الارض مجدك‎.

16 ‎‎اذا بنى الرب صهيون يرى
بمجده‎.

17 ‎‎التفت الى صلاة المضطر ولم
يرذل دعاءهم‎.

18 ‎‎يكتب هذا للدور الآخر وشعب
سوف يخلق يسبح الرب‎.

19 ‎‎لانه اشرف من علو قدسه الرب
من السماء الى الارض نظر‎

20 ‎‎ليسمع انين الاسير ليطلق
بني الموت‎

21 ‎‎لكي يحدث في صهيون باسم
الرب وبتسبيحه في اورشليم‎

22 ‎‎عند اجتماع الشعوب معا
والممالك لعبادة الرب‎

23 ‎‎ضعف في الطريق قوتي قصر
ايامي‎.

24 ‎‎اقول يا الهي لا تقبضني في
نصف ايامي.الى دهر الدهور سنوك‎.

25 ‎‎من قدم اسست الارض والسموات
هي عمل يديك‎.

26 ‎‎هي تبيد وانت تبقى وكلها
كثوب تبلى كرداء تغيّرهنّ فتتغيّر‎.

+ إن
كان شىء يدوم على الأرض فلا يقاس بأبدية الله، وكلها متحولة وهو الذى أمر فوجدت
وهو سيبقى ويدوم وهى كلها تتغير وتبلى، ويخلق أيضا أخرى، جاء فى (إش 65 : 17) :

"
لأنه هأنذا خالق سموات جديدة وأرضا جديدة فلا تذكر الأولى ولا تخطر على بال
".

 

27 ‎‎وانت هو وسنوك لن تنتهي‎.

28 ‎‎ابناء عبيدك يسكنون وذريتهم
تثبت امامك‎

+
عبيد الله هم الرسل وأما أبناءهم فهم معلموا الكنيسة وذريتهم المسيحيون الذين
يضارعونهم بالأيمان والأعمال كما قال بولس الرسول فى الإصحاح الثالث إلى أهل
غلاطية : " إن ابراهيم آمن فحسب له برا " (غل 3 : 6).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي