الْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ وَالسَّادِسَ عَشَرَ

 

الرب المخلص

مضمون هذا المزمور :

+ لقد قسمت الترجمة السبعينية هذا المزمور إلى قسمين متمايزين هما :

+ المزمور الأول من (1 – 9) والمزمور الثانى من (10 – الآخر) وجعلت
منهم مزمورين للتسبيح. وهذا المزمور المئة والسادس عشر. من المزامير المختصة
باللتورجية. وفى هذا المزمور يتحدث مرنمه عن مرض شديد ألم به فى وقت ما، وضيقة
قامت ضده حينما هرب إلى مغارة عدلام وذهب شاول ورائه يطلب نفسه وقد أنقذه الرب
فرتل هذا المزمور.

+ ويدل هذا المزمور عن الضيقات التى أحتملها داود من شاول وفيه أن
الله لا يترك الذين يتكلون عليه. إنه بالصبر واحتمال القديسين الشدائد الصائرة
عليهم من الأعداء يظفرون بأكاليل المجد والشرف والغلبة. كما قد صار حسد شاول شرفا
ومجدا لداود بسبب صبره واحتماله الأضطهاد.

 

1 ‎‎احببت لان الرب يسمع صوتي
تضرعاتي‏‎.

2 ‎‎لانه امال اذنه اليّ.فادعوه
مدة حياتي‎.

3 ‎‎اكتنفتني حبال الموت
اصابتني شدائد الهاوية.كابدت ضيقا وحزنا‎.

4 ‎‎وباسم الرب دعوت آه يا رب
نج نفسي‎.

لمزومور

 [1
– 4] يبدأ المرنم هذا المزمور بالكلمة العذبة «أحببت» ويبدو أنه أراد التعبير

عن
سعادته بحب الرب المنعم الكريم، الذي سمع صوت تضرعاته، ومال إليه، وخلصه من ضيق

شديد
وخطر مميت، بدليل قوله: اكتنفتي حبال الموت. وهذا الخلاص كان له تأثير عظيم

على
حياته. لانه أتاح له أن يختبر حنو الرب العجيب عليه. لم يفعل شيئاً يستحق هذا

العطف
العجيب، ولكنه إذ كابد الضيق الشديد، رفع قلبه نحو الله واستصرخ اسمه المبارك

لكي
ينجيه من شدائد الهاوية التي كانت تجذبه إلى أسفل وتجعل حياته مريرة، مليئة

بالآلام
والأحزان.

 

 5
‎‎الرب حنّان وصديق والهنا رحيم‎.

+ في هذه الآية يتكلم عن حنان الله كمختبر هذا الحنان. وهو بذلك يضع
أمام
أعيننا صورة من العهد الجديد يظهر فيها يسوع المسيح. إذ نقرأ في
الإنجيل بحسب متى 9 : 36
" وَلَمَّا رَأَى
اٰلْجُمُوعَ تَحَنَّنَ
عَلَيْهِمْ، إِذْ
كَانُوا مُنْزَعِجِينَ
وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لا رَاعِيَ لَهَا "
وكلمة تحنن هنا تصف أقوى
عواطف
الشفقة وأعمقها. وبتعبير آخر أن يسوع لما رأى الرجال والنساء متضايقين هكذا،

فاضت
أحشاؤه بالحنان. وقد ظهر حنانه الإلهي في عدة مناسبات أثناء حياته على الأرض.

 

6 ‎‎الرب حافظ البسطاء.تذللت
فخلصني‎.

+ " الرب حافظ البسطاء " هذه العبارة تحسب مفتاحاً أو
تفسيراً لكثير من انقاذات
الله. فالرب يترأف بالبسطاء،
وداود كان أحدهم. فمع أنه كان يستطيع بعد انتصاراته أن
يعلن نفسه رجلاً
عظيماً شجاعاً. استحق أن يُولىّ الملك. ولكنه لم يفعل لأنه كان

صغيراً
في عيني نفسه. وسلك صغيراً أمام إلهه. وفي اتضاعه كان يذكر دائماً، أنه صار

إلى
ما هو عليه من مجد بالنعمة، وليس بالاستحقاق.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ش شُوحَام م

ما هو هذا الضعف الذي أشار إليه النبى؟ إنه لم يكن نوعاً من السلبية
ولا يمت
بصلة إلى الشكليات. ولا هو من النوع الذي ينجم عنه خطية، كما أنه ليس
ثمرة عدم
الطاعة لله. وإنما هذا الضعف هو اليقين الجازم، بأن كل موهبة هي من
النعمة الإلهية.
وهذا يعني أن كل الكفاءات
البشرية بدون قوة وضبط الروح القدس، تشكل حواجز أمام عمل
الله.

التصاغر معناه الاعتراف بحقوق الله على كل كياننا وكل حياتنا. ومن
تفاضل النعمة
علينا، أن الله عندما يرتب
علينا واجبات، يعطينا القدرة لإتمامها وبكلمة واحدة،
أقول إن التصاغر
هو الصليب الذي أمرنا المسيح أن نحمله. ففي المسيح مصلوباً فينا،

تبدأ
الحياة التي يستطيع الله أن يستخدمها لمجد اسمه، سواء في الصبر على الضيقات أم

في
بركات الخدمة.

هذا السلوك المتواضع مع الله يحفظك من الفشل من جهة، ومن كل تخمين
متكبر من جهة
أخرى. وتأكد أنه مهما كان
نوع العمل أو الخدمة أو الشهادة المطلوبة، فالنعمة بالروح
القدس تعمل وحيث
تعمل النعمة بالروح القدس. يكون الفرح. ويليه الاعتراف بفضل الله

وحمده،
لأن الرب حافظ البسطاء.

 

7 ‎‎ارجعي يا نفسي الى راحتك
لان الرب قد احسن اليك‎.

8 ‎‎لانك انقذت نفسي منالموت
وعيني من الدمعة ورجلي من الزلق‎.

9 ‎‎اسلك قدام الرب في ارض
الاحياء‎

+ يختم رجل الله هذا القسم من المزمور، بدعوة نفسه إلى الراحة بعد أن
تكررت
عليه الآلام والضيقات، غمراً ينادي غمراً. يدعوها لتستريح في ظل
إحسانات الرب، الذي
أنقذه من موت محتوم، ومسح كل
دمعة من عينه. وأعطاه النعمة لكي يسلك قدام الرب في
استقامة حياة.

 

+ + يا رب ملجأ كنت لنا في دور فدور. أنت المحب
المترأف وأنت الراحم. الشكر
لك لأنك سمعت صوتي، واستجبت
لتضرعاتي، ورحمتني وأنقذتني من الهلاك. أنت حنان وصديق
ورحيم. أنت تحفظ
الودعاء البسطاء وتخلصهم من شدائدهم. يا إلهي انظر بعين عطفك إلى

بني
أوطاننا وبارك جموعهم ببركة الخلاص. قف إلى جانب المستضعفين وأعنهم، وزر المرضى

زيارة
الشفاء، واسعف اليتيم والأرملة، باسم يسوع نسألك أن تستجيب. آمين.

 

10 ‎‎آمنت لذلك تكلمت.انا تذللت
جدا‎.

11 ‎‎انا قلت في حيرتي كل انسان
كاذب‎.

 +
تذلل داود جداً واكتنفته حبال الموت، وأصابته شدائد الهاوية، وقاسى الضيق

والحزن،
ودعا الرب فاستجابه وخلصه من ضيقاته وأنقذ نفسه من الموت، وعينه من الدمع،

ورجليه
من الزلق. فآمن مع اكتئابه وصرح بثقته بالله.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ف فليغون ن

وقد جاز بولس رسول يسوع المسيح نفس الاختبار. فمع كل شدائده، لم يفتأ
يتكل على
الله وعلى مواعيده. لأنه كان يتمتع بمحبة شديدة لله، حتى أنه قال:

" مَنْ سَيَفْصِلُنَا
عَنْ
مَحَبَّةِ
اٰلْمَسِيحِ؟
أَشِدَّةٌ
أَمْ
ضَِيْقٌ
أَمِ
اٰضْطِهَادٌ
أَمْ
جُوعٌ
أَمْ
عُرْيٌ
أَمْ
خَطَرٌ
أَمْ
سَيْفٌ؟
كَمَا
هُوَ
مَكْتُوبٌ
إِنَّنَا
مِنْ
أَجْلِكَ
نُمَاتُ
كُلَّ
اٰلنَّهَارِ.
قَدْ
حُسِبْنَا
مِثْلَ
غَنَمٍ
لِلذَّبْحِ.
وَلٰكِنَّنَا
فِي
هٰذِهِ
جَمِيعِهَا
يَعْظُمُ
اٰنْتِصَارُنَا
بِاٰلَّذِي
أَحَبَّنَا.
فَإِنِّي
مُتَيَقِّنٌ
أَنَّهُ
لا
مَوْتَ
وَلا
حَيَاةَ، وَلا مَلائِكَةَ وَلا رُؤَسَاءَ، وَلا قُّوَاتِ، وَلا أُمُورَ

حَاضِرَةً
وَلا مُسْتَقْبَلَةً، وَلا عُلْوَ وَلا عُمْقَ، وَلا خَلِيقَةَ

أُخْرَى،
تَقْدِرُ
أَنْ
تَفْصِلَنَا
عَنْ
مَحَبَّةِ
اٰللّٰهِ
اٰلَّتِي
فِي
اٰلْمَسِيحِ
يَسُوعَ
رَبِّنَا
" (رومية
8:
3539).

 

وبقوله المقتبس من المزمور 44: 22 من أجلك نمات كل النهار، قد حسبنا
مثل غنم
للذبح أراد الرسول بولس القول أن ما صدق على الأتقياء في زمن داود،
صدق على
المؤمنين في أيام الرسل. أي أن أعداء المؤمنين قتلوهم بلا شفقة،
وحسبوا حياتهم بلا
قيمة، كأنهم خلقوا للذبح.

ونحن أيضاً يجب أن لا نستغرب البلوى المحرقة التي قد تحدث. فقد كان
هذا هو نصيب
القديسين الذين سبقونا، وقد
قال المسيح، " طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ
وَطَرَدُوكُمْ
وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي،

كَاذِبِينَ.
اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي
اٰلسَّمَاوَاتِ،
فَإِنَّهُمْ
هٰكَذَا
طَرَدُوا
اٰلأَنْبِيَاءَ
اٰلَّذِينَ
قَبْلَكُمْ
" (متى 5: 11 و12).

ويختم المرنم هذا المقطع من مزموره بإبداء تألمه وامتعاضه من تصرفات
الإنسان،
فقد كان فريسة للكذب والاحتيال ولكن الله مد يمينه القوية وأنقذه.

 

12 ‎‎ماذا ارد للرب من اجل كل
حسناته لي‎.

13 ‎‎كاس الخلاص اتناول وباسم
الرب ادعو‎.

14 ‎‎اوفي نذوري للرب مقابل كل
شعبه‎

+ كيف يستطيع أن يقوم بالشكر لله لأجل كل إحساناته التي أغدقها الله
عليه.
ومثله فعل رجل
الله
ميخا
حين
قال
" بِمَ
أَتَقَدَّمُ
إِلَى
اٰلرَّبِّ
وَأَنْحَنِي
لِلإِلَهِ
اٰلْعَلِيِّ
" (ميخا
6:
6) وهذا دليل
على
إخلاص
كل
من
النبيين
ومحاولاتهما
أن
يعرفا الوسيلة لإرضاء الرب. ولكن الرب الذي يكافئ الإخلاص لم يتركهما في الحيرة.

فقد
ألهم كلا منهما الجواب. فميخا أجاب نفسه " قد أخبرك أيها الإنسان ما هو صالح

وماذا
يطلبه منك الرب إلا أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعاً مع إلهك ".

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد إنجيل متى يوحنا ذهبى الفم 12

وداود أجاب نفسه " كأس الخلاص
أتناول وباسم الرب أدعو ".

فشكراً لله على كأس الخلاص الذي منحه المسيح لكل من يؤمن به، ويعمل
مرضاته خلال
أيام غربته.

 

++ نشكرك أيها الرب يسوع لأجل جسدك المكسور على
الصليب إكمالاً للفداء
العظيم. ونعظم اسمك الكريم،
لأجل دمك المسفوك الذي به طهرتنا من خطايانا، وأعطيتنا
هذا العهد الجديد
بالدم الكريم. كأس الخلاص نتناول وباسمك ندعو. أعطنا القوة لكي

نثبت
معك في العهد، ولا نستحي بإذاعة إنجيل موتك الفدائي على الصليب. آمين.

 

15 ‎‎عزيز في عيني الرب موت
اتقيائه‎.

+ هذه
الآية لها معنيين. قال البعض أنه من أجل أنهم لم يخطئوا وعوملوا كالمذنبين فهم
مكرمون وقال آخرون أن موت الأبرار كريم لديه لأنه يخلصهم من المشقات والأتعاب فإنه
يفرح بموتهم. إذ ينظر سفينتهم قد أدركت ميناء الخلاص حيث كل فرد منهم عند وصوله
إليه يصرخ مع النبى ويقول يارب أنا عبدك.

 

16 ‎‎آه يا رب.لاني عبدك.انا
عبدك ابن امتك.حللت قيودي‎.

17 ‎‎فلك اذبح ذبيحة حمد وباسم
الرب ادعو‎.

18 ‎‎اوفي نذوري للرب مقابل
شعبه‎

19 ‎‎في ديار بيت الرب في وسطك
يا اورشليم.هللويا‎

+
فالآن نحن عبيدك ولك نذبح. لا ذبائح بهيمية بل ذبيحة التسبيح وندعو بإسمك كما
أمرتنا قائلا " الحق الحق أقول لكم أن كل شىء تسألون الآب بإسمى يعطيه لكم
" (يو 16 : 23) ونوفى نذورنا أما شعبك المسيحى فى ديار بيتك. أعنى فى هياكلك –
ومسكنك فى وسط أورشليم – أى فى بيعتك المقدسة.

+
الأعداد من (15 – 19) كان المسيحيون يرنمون أقساما من هذا المزمور فى زمان
أضطهادات الأباطرة فيمتلئون بالرجاء المطلوب أن الرب يهب الحياة ولا يريد الموت
لأحد. لذلك فهو عزيز عليه أن يموت أحد الأتقياء.

+ هذه
هى أصوات الأبرار متى ما يصرخون بإسم الرب عندما يفتح باب الملكوت فيدخلون إلى
الديارات العالية فى ذلك البيت الذى فوق السماء الغير مصنوع بالأيادى وليس من هذه
المخلوقات. نعم هناك يقف الأبرار فى وسط أورشليم السمائية مدينة الأبرار ومأوى
القديسين ويشكرون الآب والإبن والروح القدس إلى أبد الأبدين آمين.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي