الإصحَاحُ
الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ

 

«6 لا
تَتَفَاخَرْ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ، وَلا تَقِفْ فِي مَكَانِ
ٱلْعُظَمَاءِ، 7 لأنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يُقَالَ لَكَ ٱرْتَفِعْ إِلَى
هُنَا مِنْ أَنْ تُحَطَّ فِي حَضْرَةِ ٱلرَّئِيسِ ٱلَّذِي رَأَتْهُ
عَيْنَاكَ».

من
يعرف الله ويخف منه، يعلم أن الناس صغار أمامه، فلا ننتفخ، ولا نتفاخر أمام
رؤسائنا، ولا نتراكض إلى حفلات الكبار، بل نبقى متواضعين بسطاء، ماكثين في المحل
الذي وضعنا الله فيه. إن الاستكرام في دم الإنسان. ولكن التواضع من ثمر الروح
القدس. ويسوع ذكر بوضوح لأتقياء زمنه، معنى هذه الآية، ألا يتقدموا أثناء الوليمة
إلى جانب الرئيس، بل يكتفوا بالجلوس عند الأطراف، لكيلا يخجلوا إن أتى ضيف مهم
وكان عليهم التنازل له عن أمكنة الصدارة فالإنسان مسكين، الذي يظن: الآن يراني
الآخرون، ويتكلمون معي، ويهتمون بي. فهذا المعقد لم يلاحظ بعد أنه لا شيء إلا خاطئ
ضال. ولكن رغم ذنبه، اختار الله، أن يكون في قربه وتبناه. وهكذا يدعوك الرب إلى
البنوة. فأنت العبد الباطل قد أصبحت مكرماً عند الله، ومقبولاً في قربه. فإيمانك
بالمسيح خلصك. ولهذا لسبب لا تحتاج إلى إكرام من البشر فيما بعد لأن اسمك مكتوب في
السماء. إن الله هو الذي يعرفك، ويحبك ولا ينساك.

الصلاة:
أيها الله العظيم القدوس، نسجد لك، لأنك نتهم بنا، ونحن صغار نجسون. أنت تعرف
الملوك والأرباب ولا تهملني، أنا عبدك الفقير، ولا تحتقرني لأجل آثامي. أشكرك
لمحبتك. حررني من الاستكبار وشبه الاستكبار. لأرفض نوايا العالم وأفضل البساطة في
روحك القدوس. وأشكرك لأنك سجلت اسمي في السماء بدم المسيح المسفوك لأجلنا.

 

«21
إِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ خُبْزاً، وَإِنْ عَطِشَ فَٱسْقِهِ مَاءً،
22 فَإِنَّكَ تَجْمَعُ جَمْراً عَلَى رَأْسِهِ، وَٱلرَّبُّ يُجَازِيكَ».

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ الَّامالك ك

فلندرك
نحن مؤمنو العهد الجديد، أن عهدنا يستند على العهد القديم. لأن يسوع ورسله درسوا
أسفاره بدقة. وشعورهم الباطني كان ممتلئاً بالآيات والأبيات التي تضمنتها. وخاصة
الاقتراحات العملية في الأمثال تأثر الرسل بها كثيراً. واقتبسوا منها حرفياً أو
معنوياً. برهاناً أنهم حفظوا هذه الأبيات في صغرهم غيباً. لأن والديهم ومعلميهم
دربوهم على هذه المبادئ.

فلا
نجد في العهد القديم فقط الآية: عين بعين وسن بسن، بل نجد أيضاً الوصية لمحبة
العدو، التي كتبها بولس بتغيير تطوري أكثر في رسالته إلى أهل رومية 12: 20 و21
«فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَٱسْقِهِ. لأنَّكَ
إِنْ فَعَلْتَ هٰذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ. لا
يَغْلِبَنَّكَ ٱلشَّرُّ بَلِ ٱغْلِبِ ٱلشَّرَّ
بِٱلْخَيْرِ». فقارن هذه الأبيات مع النص الذي في الأمثال، فتعرف، الفرق بين
العهد القديم والعهد الجديد.

فكلاهما
يشتركان في اقتراح المساعدة العملية للعدو، لكيلا يجوع فيما بعد، بل يشبع. عندئذ
يترك المقاتلة والعدوان. وإن أشرف على الموت بسبب عطشه، وهو ضائع في الصحراء ففتش
عنه. ولا تستتهزئ به ولا تقتله. ولا تتكلم كثيراً، بل أشركه ببقية الماء الذي في
حوزتك لبقائه حياً. ساعده سريعاً عملياً بود، وتماماً وبكل قلب. فأحب أعداءك ولا
تبغضهم. فتغلب أكبر أعدائك ألا وهي نفسك الشريرة.

وأما
بولس فلم يحصر عون العدو بالخبز والماء. بل شمل في مساعدته كل نوع من جوع وعطش.
وهذا يتضمن الجوع إلى البر والمعرفة. ولم يقصد الرسول أن يخجل العدو المتضايق،
إنما أراد أن يريه المحبة، ليخجل من شره، فيتوب ويرجع من صميم قلبه. وهكذا يعاملنا
الله، الذي يرينا قداسة محبته. لندرك أنانيتنا ونجاستنا بعظمته ونشتاق إلى البلوغ
في رحمة الله.

وقد
ترك بولس من قاعدة محبة العدو في العهد القديم جملة قاطعة. وأضاف جملة مهمة (رومية
12: 20-21). والجملة التي تركها هي، والرب يجازيك. لأن العهد الجديد قد غلب فكر
الأجرة والمجازاة. فالله لا يحبنا ويبررنا، لأننا نحب العدو ونعمل أعمالاً خيرية
بل هو يحبنا، ونحن أعداؤه، بمحبته العظمى. وبررنا وكل الناس، مجاناً قبل إيماننا.
فيسر من كل أعمال محبتنا، المسببة من محبته. ولكن الأجرة لا ننالها لأجل الأعمال
الخيرية، بل قد حصلنا على المكافأة سابقاً، إذ أن الله قد وهب لنا مسيحه المتضمن
كل البركات في السماويات. ففيه أعطانا الكل والملء. فنستطيع أن نعطي بغزارة من
ملئه، بدون أن نفقر.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد جديد رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 01

والجملة
التي أضافها بولس، هي نداء نصرته وشعار إنجيله: «لا يَغْلِبَنَّكَ ٱلشَّرُّ
بَلِ ٱغْلِبِ ٱلشَّرَّ بِٱلْخَيْرِ» (رومية 12: 21). وهذه
العبارة ليست خلاصة فلسفية من قاعدة المحبة العملية. لكنها لب وجوهر العهد الجديد.
فالمسيح غلب الشر على الصليب، ولم يقع في التجربة، لأنه أحب أعداءه مصلياً الصلاة
الشفاعية: «يَا أَبَتَاهُ، ٱغْفِرْ لَهُمْ، لأنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ مَاذَا
يَفْعَلُونَ» (لوقا 23: 34). إن محبة الله تفوق كل الشر. والإنجيل يمنحك قوة عظيمة
للغلبة. المحبة تفوز على الأشرار رغم ضعفنا.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي