تَفْسِير سِفْرُ
اَلْجَامِعَةِ

 

من
الواضح الجلي أن هناك فرقًا كبيرًا بين هذا السفر وسفر الأمثال، ففي سفر الجامعة
يُذكر كثيرًا اسم الله (الوهيم) فقط، ولم يُذكر فيه – ولا مرة – اسم الرب (يهوه).
وهذا يبين أن موضوعه ليس شعب الرب في علاقتهم الخاصة بيهوه، بل الإنسان بصفة عامة
في علاقته مع الله كالخالق، وأنه باطلاً يسعى الإنسان وراء السعادة في وسط الخليقة
التي أتلفتها الخطية، وذلك خلافًا لسفر الأمثال الذي يذكر فيه اسم الرب (يهوه)
كثيرًا، حتى لقد ظن البعض خطأ بسبب هذا الفرق الكبير بأنه إذا كان سليمان هو كاتب
سفر الأمثال فلا يمكن أن يكون هة كاتب سفر الجامعة، ولكن ما أبعد هذا الظن عن
الحقيقة، إذ واضح من العبارة التي يفتتح بها كلا السفرين أن كاتبهما هو "ابن
داود"، ويظن البعض أن سليمان كتبه في أواخر حياته بعد ما أضلته نساؤه
الوثنيات، ولذا يعتبرون هذا السفر دليلاً على توبته وندامته الصادقة ورجوعه إلى
الله رجوعًا صحيحًا.

والأعداد
الأولى تبين موضوع هذا الكتاب «باطل الأباطيل قال الجامعة (أو المبشر) باطل
الأباطيل الكل باطل. ما الفائدة للإنسان من كل تعبه الذي يتعبه تحت الشمس؟»،
وعبارة "تحت الشمس" ترد نحو28 مرة في الاثنى عشرا إصحاحًا وتبين بوضوح
خاصية هذا السفر والغرض منه، فهو يصف الحياة "في آدم"، ويبحث عن الجواب
الصحيح للسؤال: «ما هو الأفضل للإنسان؟ وكيف يستطيع أن يقضي حياته بفرح وابتهاج
على الأرض؟»، وكاتب هذا السفر يتكلم كفيلسوف بشري في تجواله ومباحثه كما وفي
تيهانه وضلاله أيضًا، فأحيانًا نراه قريبًا من الحق وأحيانًا نراه تائهًا بعيدًا
عنه، لذا نرى في بعض الآيات استنتاجات العقل البشري الضال. قارن مثلاً(إصحاح18:
3-22؛16: 7و17؛15: 8). أما التعليم الإلهي الجلي فنجده في الأعداد الختامية لهذا
السفر، والعددان الأخيران منه يجيبان على معضلات وأسئلة الإصحاح(13: 1؛3: 2).

وسليمان
كاتب هذا السفر يدخل في أعماق اختباره للحكمة والغنى والتعب، وفي كل ما اشتهاه
قلبه كإنسان (ومن ذا الذي يستطيع أن يعمل أكثر مما عمله الملك؟) وأخيرًا يدون
اختباراته هذه بوحي إلهي حتى يبين أن الكل باطل وقبض الريح1، فلا يكون هذا مجرد
قول إنسان فاشل بل هو اقتناع قلبي مدون بوحي إلهي، وجميع الأعمال موصوفة ومنبر
عنها بأنها عملت "تحت الشمس" وبدون أدنى فكر بأنها عملت من أجل الله.

هل تبحث عن  هوت مقارن تبسيط الإيمان 26

إصحاح1و2
«العين لا تشبع من النظر والأذن لا تمتلئ من السمع»ولذا فحص سليمان قلبه (إصحاح13:
1و16؛1: 2و3)، وامتحنه بالضحك والفرح والخمر والحكمة والجهالة والأعمال العظيمة
فأمتلأ قلبه يأسًا وقنوطًا وأخيرًا وصل على هذه النتيجة وهي أنه ليس للإنسان خير
من أن يرى نفسه خيرًا في تعبه وأن يتمتع بكل عطايا الله.

إصحاح3
يُرى الإنسان أن لكل شيء وقتًا "تحت السماوات"، ولكنه مجرد
"وقت"، وأن الله صنع كل شيء حسنًا في وقته، «أيضًا جعل الأبدية1 في
قلبهم التي بلاها لا يدرك الإنسان العمل الذي يعمله الله من البداية إلى النهاية».
الله يدين الصديق والشرير، ولكن أقصى ما يستطيع بصر الإنسان أن يمتد إليه هو أنه
يموت كما تموت البهيمة، هذا هو استنتاج الإنسان بالنظر إلى ما يراه حادثًا تحت
الشمس.

إصحاح4
يصف الحزن والآلام الناشئة عن المظالم التي تجري في عالم شرير حيث لا تعزية ولا
علاج لهذه الأمور، والفقير والغني والكسلان يوصفون في هذا الفصل، كما نرى فيه
النتائج الرديئة للجهالة في أمور الحياة الخاصة (عدد7-11) وفي أمور الحياة
السياسية أيضًا (عدد13-16).

إصحاح5
موضوعه التقوى والتصرف بوقار في بيت الله، والتحذير من التسرع في النذر وعدم
الوفاء، والحث على مخافة الله، لأنه الأعلى فوق كل المظالم التي علي الأرض، وهو
يعلم بها جميعًا. وفي عدد9-17 نجد مباينة الحياة الزراعية للحياة التجارية وما
فيهما من قلق ومتاعب وحظوظ مختلفة، وأخيرًا يستخلص الكاتب هذه النتيجة بأنهحسن
للإنسان أن يأكل ويشرب ويتمتع بالخير الذي أعطاه له الله.

إصحاح6
يوجد شر وبُطل بالنسبة لمن عنده غنى وليس له استطاعة أن يتمتع به، أما عن كثرة البنين
أو العمر الطويل أو إشباع شهوة الإنسان لأن "النفس لا تمتلئ" فالواقع أن
الحياة هي "كالظل".

إصحاح7
يتضمن مقارنات بين أشياء متنوعة، والأفضل فبها هو الصيت الحسن والحزن وتوبيخ
الحكيم، ونهايه أمر، والحكمة. والمشهد الغريب في عدد15 يجعل الكاتب يقف في منتصف
الطريق بيت البر والشر، إلا أنه يرجع بعد ذلك إلى التمسك بتقوى الله (عدد18). أما
في وقوفه في منتصف الطريق فقد كان مخطئًا لأن الحكمة كانت بعيدة عنه (عدد23). لا
شك أن الحكمة لها مشكلاتها وصعوباتها التي لا يستطيع الإنسان أن يحلها، وقد تعلم
أنه «لا إنسان صديق في الأرض يعمل صلاحًا ولا يخطئ»، وأن «الله صنع الإنسان
مستقيمًا أما هم فطلبوا لأنفسهم اختراعات كثيرة».

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد قديم سفر العدد خدام الرب الإله ه

إصحاح8
يجب احترام الملوك لأنهم خدام الله لردع الشر، ثم يرى الفرق بين الشرير والصديق
وأنه يكون خير للمتقين الله (عدد12و13). أما أعمال الله وسياسته فهي لغز أو سر لا
يمكن حله.

إصحاح9
أشياء متشابهة تحدث للصديق كما للشرير، وأن كليهما يموت، من ثم يتصور الباحث خطأ
كأنه لا ضرر من عيشة التنعم، لأنه يرى كأن الله غير مبال بكل ما يحدث لأجل مسكين
حكيم خلص مدينة بحكمته، ولكنه كان مجهولاً منسيًا (عدد15)، وقد فاته بأنه لم يكن
مجهولاً ولا منسيًا أمام الله.

إصحاح10
يتضمن ملاحظات عن الحكمة والجهالة، وأن الحكمة لها فوائدها في هذه الحياة للإنسان
الحكيم نفسه وللآخرين أيضًا. وأنه لا فائدة لمملكة يكون ملكها ولدًا ورؤساؤها
(أمراؤها) غير أكفاء.

إصحاح11
نصائح بأن "ارم خبزك" و"أزرع زرعك" في كل الظروف وفي جميع
الأماكن لأنه لا يمكن أن يضيع الكل، وأن أعمال الله لا يمكن أن تُعرف معرفة تامة،
وكلما ازدادت المعرفة كلما تبين أن هناك أشياء أكثر لم تعرف، وأحكم الناس كأنه يصل
إلى حائط لا يستطيع أن يعرف شيئًا مما وراءها، وأخيرًا ينصح الشاب بأن يمتع نفسه
في أيام حياته ولكن ليعلم أنه سيأتي به الله إلى الدينونة.

إصحاح12
يجب أن يذكر الخالق في أيام الشباب، ثم يوصف الشيخوخة والموت والإنسان يؤخذ بالموت
قبل أن يجد الحكمة الصحيحة. وفي عدد8 نرى كأن كل مباحث وتصورات الفيلسوف تحت الشمس
قد وصلت إلى نهايتها فيرجع إلى نفس النقطة التي ابتدأ منها «باطل الأباطيل قال
الجامعة (المبشر) الكل باطل».

ويختم
السفر بأقوال هامة وممتازة، فالإنسان الخاطئ لا يجب أن ينتظر السعادة إلا في الله
«لأن هذا هو الإنسان كله (وليس واجبه بل الشيء الوحيد للإنسان أو بالحري هذه هي
حياته) أن يتقي الله ويحفظ وصاياه» لأن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة.

هذه
هي خلاصة وجيزة لمحتويات هذا السفر، ولا دخل له بموضوع النعمة أو الفداء، يل هو
اختبار إنسان، وهو كملك مزود بالحكمة والثروة حاول أن يحل المعضلات البشرية
الموجودة في العالم في دائرة "تحت الشمس" فلم يفلح، لأن هذه جميعها يمكن
أن تحل أو تترك – في طمأنينة كاملة – بدون حل بواسطة الحكمة النازلة من فوق، وفي
العهد الجديد فقط نستطيع الحصول على "الخليقة الجديدة"، التي تسمو فوق
مشاكل ومعضلات البشرية الساقطة، وفيه (أي العهد الجديد) الإعلان الكامل عن
"الحياة الأبدية" التي في ابن الله المبارك.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ب بعل صفون 1

ولقد
كان سفر الجامعة مشكلة أمام كثيرين من المتعلمين لأنهم لا يفهمون كيف أن ملكًا مثل
سليمان كان له مثل هذا الاختبار، او كتب مثل هذا الكتاب، ويظن البعض أن هذا السفر
كتب بعد سليمان بأجيال أي عندما كان اليهود تحت سلطة ملوك فارس، وأن الكاتب صور
نفسه بسليمان، هذا يبين جهلهم لموضوع السفر من أوله إلى آخره، ولا يرون المفتاح
لفهمه، أي أنه يبين وجهه نظر الإنسان بالنسبة لمل هو "تحت الشمس"، أما
سليمان فأنه عندما يسمو فوق هذه الدائرة كما في سفر الأمثال فما أسمى اختباره هناك
حيث تتجلى الحكمة الإلهية، فهناك يتكلم كثيرًا عن الرب (يهوه) الاسم الدال على
وجود رابطة وعلاقة، والذي لم يرد ذكره مطلقًا في هذا السفر كما سلفت الإشارة.

 بعض
الشواهد من سفر الجامعة في العهد الجديد

1.«باطل
الأباطيل الكل باطل» 1.«إذ أخضعت الخليقة للبطل»

 (إصحاح2:
1) (رومية20: 8)

2.«الله
يدين الصديق والشرير» 2.«لأنه لابد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح لينال

 (إصحاح17:
3) كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرًا كان

 أم
شرًا» (كورونثوس الثانية10: 5)

3.«مدة
أيام حياة (الإنسان) باطلة التي يقضيها 3.«ما هي حياتكم. أنها بخار يظهر قليلاً ثم
يضمحل»

 كالظل»
(إصحاح12: 6) (يعقوب14: 4)

4.«لأنه
لا إنسان صديق في الأرض يعمل 4.«إن قلنا أننا لم نخطئ نجعله كاذبًا»

 صلاحًا
ولا يخطئ» (يوحنا الأولى10: 1)

 (إصحاح20:
7)

5.«وأعلم
أنه على هذه الأمور كلها يأتي بك الله 5.«الذي سيجازي كل واحد حسب عمله»

 إلى
الدينونة» (إصحاح9: 11) (رومية6: 2)

6.«لأن
الله يحضر كل عمل إلى الدينونة على كل 6.«نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل
واحد…بحسب

 خفي
إن كان خيرًا أو شرًا» ما صنع خيرًا كان أم شرًا»

 (إصحاح14:
12) (كورونثوس الثانية1)

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي