الإصحَاحُ
الرَّابعُ

 

4: 1
تكلمنا عنه في الجزء السابق الخاص بالعدل
والحق.

4:
2
6 2.فغبطت أنا الأموات الذين قد ماتوا منذ زمان أكثر من الأحياء
الذين هم عائشون بعد.

3.و
خير من كليهما الذي لم يولد بعد الذي لم ير العمل الرديء الذي عمل تحت الشمس.

4. ورأيت كل التعب وكل فلاح عمل أنه حسد الإنسان
من قريبه.

و
هذا
أيضا باطل

و
قبض
الريح.

5.
الكسلان يأكل لحمه

و
هو طاوي
اليدين.

6.
حفنة راحة خير من حفنتي تعب
وقبض
الريح.

في آخر ص3 يقارن
الإنسان بالبهيمة وهنا يقارن الأحياء بالأموات، ويغبط الذين لم يولدوا بعد لأنهم
لم يتعبوا تعب رديء بسبب حسد أي إنسان. ويتكلم في هذه الأعداد عن التعب وعن الكسل
وعن الراحة، ونود هنا توضيح بعض المفاهيم : من البدء أعطى الله لآدم أن يعمل في
جنة عدن وبارك الله العمل خاصة أنه هو نفسه عمل في خلق الكون وقد استراح الله في
اليوم السابع وقدس الراحة أيضا، فالعمل والراحة قدسهما الله منذ آدم وإلي الآن
وسيكون هذا إلي الأبد، والله نفسه يعمل كما قال السيد المسيح " أبي يعمل حتى
الآن وأنا أعمل" فالعمل شيء هام، والعمل بهمة ونشاط وعدم تراخي شيء هام أيضا،
وكان آدم قبل الخطية يعمل في الأرض، وكانت الأرض تعطيه بالبركة، ولكن بعد الخطية
صار آدم يتعب جدا في عمله وصارت الأرض ملعونة بسبب خطية آدم، أصبح آدم بالتعب وعرق
جبينه يأكل منها ويأكل عشب الأرض وأصبحت الأرض تنبت شوكا وحسكا. كان آدم وهو بار
يعمل قليلا فيحصد كثيرا وصار بعد الخطية يعمل كثيرا ويحصد قليلا، وكان وهو بار
يأكل من ثمار الأرض وبعد الخطية صار يأكل عشب الحقل "تك 2،3" وهكذا أيضا
كل إنسان بار يتعب قليلا فيحصد كثيرا ويكون له كل عمل صالح ولا يؤثر فيه حسد
الآخرين لأنه دائما يتضع إلي الله قائلا (أبعد عنا كل حسد وكل تجربة..). أما
الخطاة يزرعون ولا يحصدون، والشرير له كل عمل رديء وإن كان له القليل يحسده قريبه
فيضره بالأكثر فيتعب أكثر، البار له راحة وفرح مع الله بتعبه في الخير أما الشرير
يتكاسل ويأكل لحم نفسه وهو طاو اليدين غير قادر علي العمل بسبب شره. وعن الراحة،
البار له راحة وقد يرتاح كثيرا لكن وقت الضرورة يقوم للعمل بهمة وبمعونة الله
فيأتي بثمار كثيرة وجيدة، أما الشرير فيتكاسل حتى في ما هو ضروري. وقد قيل عن الله
"أنه يعطي أحبائه نوما" ولكن حب النوم شر، فالنوم من أجل الراحة خير
ويعطيه الله لأحبائه، أما النوم حبا في النوم والكسل فهو شر وفي هذا يقول سليمان
الحكيم في سفر الأمثال "إلي متى تنام أيها الكسلان فيأتيك فقرك أم 6: 9-11
و20: 13"، ويقول أباء البرية (أن عقل الكسلان معمل للشيطان) أما للبار الحكيم
يقول سليمان الحكيم أيضا "إذا اضطجعت فلا تخاف بل تضطجع ويلذ نومك أم 3:
24". ويوجد أيضا ما قد يسمى النوم في الشر، ومثل هذا الإنسان النائم في الشر
أو الميت وهو حي، يقول له الكتاب المقدس "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات
فيضيء لك المسيح أف5: 14".

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد قديم سفر المزامير 27

و هنا في4: 2 نلاحظ أنه
يغبط الأموات، ولكن لنحذر لأن اشتهاء الموت عن يأس والسعي إليه يعتبر خطية أما
اشتهاء الموت حبا في المسيح كما قال بولس الرسول لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع
المسيح" أو كما قيل في "رؤ14: 13 طوبي للأموات الذين يموتون في
الرب" فهذا أمر آخر. وفي 4: 3 هو ما زال يتكلم تحت الشمس، ولكن بالطبع
الأحياء الأبرار الذين انتقلوا أفضل كثيرا من الذين لم يولدوا لأن لهم مجد أبدي.

و قد يحسد الشرير البار
فيسبب له تعب أيضا ولكن كما تقول الآية " كل الأشياء تعمل معا للخير للذين
يحبون الله" فهذا ما حدث مع هابيل الصديق ومع يوسف الصديق ومع السيد المسيح
نفسه، لقد تعب كل هؤلاء بسبب الحسد لكن الله دائما يحول كل شيء للخير. وبالطبع
معروف لنا جميعا أن الحسد ضد المحبة كما نجد في "1كو13 المحبة لا تحسد".

4: 7 12 7. ثم عدت ورأيت باطلا تحت الشمس.

8. يوجد واحد ولا ثاني
له وليس له ابن ولا أخ ولا نهاية لكل تعبه ولا تشبع عينه من الغنى. فلمن أتعب أنا
وأحرم نفسي الخير. هذا أيضا باطل وأمر رديء هو.

9. اثنان خير من واحد
لأن لهما أجرة لتعبهما صالحة.

10. لأنه إن وقع أحدهما
يقيمه رفيقه.و ويل لمن هو وحده إن وقع إذ ليس ثان يقيمه.

11. أيضا إن إضطجع
اثنان يكون لهما دفء. أما الواحد فكيف يدفأ.

12. وإن غلب أحد علي
الواحد يقف مقابله الاثنان والخيط المثلوث لا ينقطع سريعا.

يدور الكلام هنا عن
واحد لوحده، وعن اثنين معا، وعن ثلاثة.

عن الواحد، أذكر قصة
آدم، وكيف أن الله نفسه بعد ما خلقه قال " ليس جيد أن يكون آدم وحده"
وجبل له الرب الإله حواء، وهكذا يكون أيضا لكل رجل، يتعاون هو وزوجته معا في كل
صلاح، وبالطبع هذا لا ينطبق علي الراهب المتوحد مثل الأنبا بولا ومثل إيليا النبي،
فهؤلاء تعمقوا جدا في محبتهم وعلاقتهم بالله فلا يشعرون بالوحدة، ويكونون محاطين
أيضا بملائكة الله فيبعدوا عنهم كل شر، أما قول الحكيم " ويل لمن هو وحده إن
وقع إذ ليس ثان ليقيمه" فهو يوضح هنا عمن يتكلم، فهو يتكلم عن الذي لا تشبع
عينه من الغنى مع أن ليس له ابن أو أخ، ولا نهاية لتعبه، فهو يتعب من أجل الغنى،
وبالتالي لابد سيقع في يوم ما، ووقتها لن يجد من يقيمه، وعن هذا يقول الكتاب
المقدس "المعتزل بشهوته يبيد". وهذا كله يذكرنا بقصة الغني الغبي الذي
بعد ما أعد ثروته الكبيرة سمع القول " يا غبي، اليوم تطلب نفسك منك، هذه التي
أعددتها لمن تكون".

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ص صـَّوان ن

أما الاثنان الذي يتكلم
عنهما فهما اللذان يسيران في الصلاح، لأنه يقول أن لهما أجرة صالحة، هذان إن وقع
أحدهما، ولابد لأي إنسان أن يقع في وقت ما، فسيقيمه رفيقه. وأفضل أمثلة في هذا،
صداقة داود النبي ويوناثان ابن شاول الذي قيل عنه أنه أحب داود كنفسه، وأيضا صداقة
القديس باسيليوس الكبير والقديس إغريغوريوس النازينزي، وبالتأكيد كان هذا هو الحال
مع التلاميذ والرسل حينما أرسلهم الرب اثنين اثنين، وأيضا كل زوج وزوجته إذا كانا
صالحين وبينهما محبة.

و أما عن الثلاثة،
فيمكن أن نتأمل ونقول أن كل أسرة هي خيط مثلوث من الأب والأم والأولاد، باتحادهم
معا يصيروا خيط مثلوث قوي لا ينقطع أمام حيل إبليس ومحارباته الرديئة ضدهم. وبما
أننا نتكلم في أفضل أسفار الحكمة فممكن أن نقول أن الخيط المثلوث من الحكمة
والمعرفة والفهم لا ينقطع سريعا.

4: 13-16 13.ولد فقير
وحكيم خير من ملك شيخ جاهل الذي لا

يعرف أن يحذر بعد.

14. لأنه من السجن خرج
إلي الملك والمولود ملكا قد يفتقر.

15. رأيت كل
الأحياء السائرين تحت الشمس
مع الولد الثاني الذي يقوم عوضا عنه.

16. لانهاية لكل الشعب
لكل الذين كان أمامهم. أيضا المتأخرون لا يفرحون به. فهذا أيضا باطل وقبض الريح.

تذكرنا
هذه الفقرة بقصة يوسف الصديق الذي كان ولد فقير وبيع كعبد
ولكنه كان ابن أصول وكانت له حكمة من الله وموهبة تفسير الأحلام بالإضافة إلي طهارته وفضائله، وبكل هذا خرج من السجن إلي الملك وصار سيدا علي كل أرض مصر. إذا قلنا هذا
الجزء بالمؤنث نقول
(بنت حكيمة سواء
غنية أو فقيرة
خير من ملكة أو زوجة ملك جاهلة) وذلك لأن الجاهلة بجهلها قد تسبب الهلاك
لزوجها
ولنفسها، مثل إيزابيل زوجة
أخاب الذي تسبب جهلها في هلاكهما. أما الحكيمة فبحكمتها الصالحة ممكن أن تصير زوجة
ملك
وذلك مثل أبيجايل التي بحكمتها واتضاعها صارت زوجة لأعظم ملوك التاريخ، وهو داود الملك والنبي.جميلة قصة أبيجايل التي اشتهرت
بحكمتها حتى أنه يضرب المثل بحكمتها بين النساء
ويقال (حكمة أبيجايل)، نقرأ قصتها في 1صم 25 وفيها نجد أنها كانت مخلصة ووفية لزوجها رغم أخطاءه الكثيرة، وكانت تحب الله وقديسيه، وكانت امرأة جيدة الفهم وجميلة الصورة، وكان زوجها واسمه نابال رجلا قاسيا، رديء الأعمال،
وكان غنيا، وكان داود قد أكرم غلمان نابال هذا
وحافظ عليهم من أي أذية في فترة سابقة، وجاء وقت احتاج فيه داود لمساعدة من نابال
فأرسل له عبيدا ليطلبوا معونة، فكان رد نابال علي عبيد داود بالشر
وبالإساءة إلي داود، فأخذ داود جيشه نحو
أربع مائة رجل
وذهبوا لتدمير نابال وكل ما له، فأسرع أحد غلمان نابال وأخبر أبيجايل، فأسرعت هي وأخذت كميات كبيرة من الخبز والفريك والزبيب والتين لإعطائهم هدية لداود وجيشه، ولاقتهم في الطريق قبل وصولهم لنابال،
ولما قابلت داود أسرعت

و
نزلت من علي
الحمار
وسقطت أمام داود علي وجهها وسجدت إلي الأرض وقدمت له الهدية وتكلمت بمنتهى الحكمة والإتضاع فقال لها داود "مبارك الرب
اله إسرائيل الذي أرسلك اليوم لاستقبالي
ومبارك
عقلك
ومباركة أنت لأنك منعتني من
إتيان الدماء
وانتقام يدي لنفسي"، ثم
أخذ منها الهدية،

و
بعد عشرة أيام
ضرب الرب نابال فمات، فأرسل داود

و
تكلم مع
أبيجايل ليتخذها له امرأة. قصة جميلة لامرأة جميلة لها حكمة عظيمة مع فضائل عظيمة،
غنى مع اتضاع
وإخلاص لزوجها مع محبة طاهرة
لأحباء الله.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس قاموس الكنيسة خماسين مقدسة ة

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي