تَفْسِير سِفْرُ نَشِيدُ
الأَنْشَادِ

تأملات في سفر
نشيد الأناشيد

الأنبا يوأنس أسقف
الغربية المتنيح

 

سفر
النشيد هو سيمفونية حب تطرب بها النفس العابدة، التي انطلقت متحررة من قيود
العالم، بعد أن تحررت من سلطان فرعون الروحى أى ابليس، لتتمتع بحرية مجد اولاد
الله. لهذا لا يتحدث هذا السفر عن وصايا وتعاليم، بل عن سرّ الحب الأبدى، والحياة
مع العريس السماوى..

هكذا
كتب المتنيح الأنبا يوأنس أسقف الغربية في مقدمته للتأمل في هذا السفر الرائع،
الذي يفهمه غير الروحيون بصورة خاطئة.. لذا رأينا أن نوجِّه مقالاً خاصاً للأخوة
المسلمون للحديث عن لغة سفر النشيد، وطريقة تعبيراته، وأمثلة حول نفس الأسلوب من
كتاب القرآن الكريم، وبعض أسفار الكتاب المقدس الأخرى..

 

عنوان السفر وكاتبه

سُمىّ
نشيد الأناشيد لوجود أناشيد كثيرة في أسفار العهد القديم، لكن من جهة الفضلية هو
أفضلها وأسماها وأهمها.. على نحو ما نقول "ملك الملوك، ورب الأرباب، وقدس
الأقداس، وسبت السبوت، وسماء السموات، وباطل الأباطيل، وعبد العبيد.. إلخ".
أما عن كاتبه فهو سليمان بن داود.

سليمان
هو كاتب سفرى النشيد والجامعة.. في سفر الجامعة يظهر حقيقة العالم والحياة الأرضية
وبطلانها "باطل الأباطيل الكل باطل" (جا 1: 2).. لكنه في سفر النشيد
يتحدث عن الحياة السماوية.. في سفر الجامعة يعلن أنه لا شبع للنفس من خلال كثرة
المعرفة "فى كثرة الحكمة كثرة الغمّ. والذى يزيد علماً يزيد حزن" (جا 1:
18). أما في سفر النشيد فيعلن أن النفس راحتها الحقيقية في محبة الله.

وسفر
النشيد سفر رمزى هكذا فهمه اليهود، وهكذا فهمه آباء ومعلمو المسيحية الأوائل.. إنه
يمثل العلاقة القائمة بين الله كالعريس وبين الكنيسة كعضو في الكنيسة كالعروس.
والحديث الذي يدور بين العروس والعريس والعكس فهو يرمز إما إلى الكنيسة في علاقتها
بالله، والنفس البشرية في اتحادها بالله، كما يقول العلامة أوريجينوس وهو صاحب
المدرسة الرمزية في الكنيسة المسيحية.

 

العلامة أوريجينوس وهذا السفر

يرى
أوريجينوس أن النفس البشرية المؤمنة التي تسير من قوة إلى قوة في طريقها إلى
أورشليم السمائية، تُسَبّح سبعة أناشيد:

(أ‌)
النشيد الأول تُنْشده النفس وهى خارجة من جُرن المعمودية على مثال ما فعله بنو
إسرائيل بعد عبورهم البحر الأحمر.. تقول "أرنم للرب لأنه قد تعظم. الفرس
وراكبه طرحهما في البحر. الرب قوّتى ونشيدى وقد صار لى خلاص" (خر 15: 1)..
ولذلك جعلت الكنيسة هذا النشيد جزءً من التسبحة اليومية (الهوس الأول).. إنها بذلك
تريد أن يتذكر أولادها كل يوم عبورهم من عبودية الخطية وتمتعهم بنعمة التبنى من
خلال المعمودية، وتتأكد غلبتهم على قوات الظلمة..

(ب‌)
والنشيد الثانى في الرحلة الروحية تترنم به النفس عندما تأتى إلى البئر التي حفرها
الرؤساء في البرية "حيث قال الرب لموسى اجمع الشعب فأعطيهم ماء.. حينئذ ترنم
إسرائيل بهذا النشيد. اصعدى أيتها البئر أجيبوا لها. بئر حفرها رؤساء حفرها رؤساء
حفرها شرفاء الشعب بصولجان بعصيهم" (عدد 21: 16 18).. إنها تمثل أنشودة النفس
التي تتقبل من الله نفسه خلال الكنيسة التي يمثلها الرؤساء ينابيع الماء الحية.

(ج)
والنشيد الثالث حين نقف مع موسى على ضفاف الأردن، ونسمعه يترنم في مسامع الشعب
قبيل رحيله (تث 32).. وهى تمثل أنشودة النفس التي تدرك رعاية الله وسط برية العالم
يرافقها كما يرافق الأب ابنه مسيرة الطريق كله.

(د)
اما النشيد الرابع يمثل جهاد النفس على نحو ما حاربوا تحت قيادة يشوع لكى تمتلك
الأرض المقدسة "انا أنا للرب أرنك. أزمّر للرب.. تزلزلت الجبال من وجه
الرب" (قض 5).

(ه)
أما النشيد الخامس فهو الذي ترنم به داود حين هرب من أيدى أعدائه إذ قال
"الرب سند لى، قوتى وملجأى ومخلصى". هكذا تملك النفس مع داود حين تتحطم
قوى الشيطان عدوها بالله سندها وقوتها وملجأها. وكما ورث داود شاول، نرث نحن أيضاً
مركز ابليس قبل سقوطه.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر عاموس 09

(و)
وإذ تكتشف النفس أسرار الملكوت، تنشد مع الأنبياء النشيد السادس قائلة
"لأنشدنّ عن حبيبى نشيد محّبى لكرمه.." (إش 5: 1).

(ز)
والنشيد السابع تنطق به النفس وهو سفر نشيد الأناشيد ترنم به إلى الأبد حين تدخل
إلى حضرة عريسها، وتبقى معه في حجاله السماوى.

 

ملخص لسفر نشيد الأناشيد

النفس
ترنم النشيد الأول وهى خارجة من المعمودية بعد أن نالت التبنى والثانى وهى تشرب من
ينابيع الحياه التي تفيض في الكنيسة والثالث وهى تتلمس رعاية الله المستمرة في
برية العالم والرابع تسبحة جهادها والخامس تترنم به كلما حظيت بالنصرة فتملك مع
الرب والسادس تُنشده مع الأنبياء حين تتحسس أسرار الأبدية والأمور السماوية
والسابع في حضرة العريس..

 

ملاحظات:

+ كان
سفر نشيد الأناشيد يُقرأ في اليوم الثامن من الاحتفال بعيد الفصح بكونه نشيد الحب
الأبدى المقدم لله، والذى يربط الله بأولاده المؤمنين الذين ينعمون بخلاصه..
فاليوم الثامن يشير إلى ما بعد ايام الأسبوع (7 أيام) أى يشير إلى الحياة الجديدة،
والحياة الأخرى التي ننعم بها خلال المسيح فصحنا الحقيقى.. وكأنه النشيد يحمل نبوة
عن الفصح الحقيقى، الذي ينقذنا من الموت، ويدخل بنا إلى حجا له "سماء
السموات"، عروساً عفيفة متحدة به اتحاداً أبدياً.

+ سفر
النشيد هو سيمفونية حب تطرب بها النفس العابدة، التي انطلقت متحررة من قيود
العالم، بعد أن تحررت من سلطان فرعون الروحى أى ابليس، لتتمتع بحرية مجد اولاد
الله. لهذا لا يتحدث هذا السفر عن وصايا وتعاليم، بل عن سرّ الحب الأبدى، والحياة
مع العريس السماوى.

يقول
القديس غريغوريوس أسقف نيصص:

"يأمرنا
الكلمة فى سفر النشيد ألا نفكر فيما هو للجسد حتى ونحن بعد في الجسد. بل نرتفع إلى
الروح، فنحول كل تعبيرات الحب التي نجدها هنا كتقدمات طاهرة غير مدركة، نقدمها
للرب الصالح الذي يفوق كل فهم، والذى فيه وحده نجد كل عذوبة وحب ومُشتهى".

+ إن
هذا السفر الذى يتغنى بالحب يسميه العلامة أوريجينوس "سفر البالغين"..
"أما الطعام القوى فللبالغين.. الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس
مدرّبة.. وأما الأطفال في الإيمان فلهم في كلام الله غذاء يجدونه في الأسفار
الأخرى".

+
ويقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص عن هذا السفر "إننى أتحدث عن سفر نشيد
الأناشيد معكم أنتم جميعاً يا من تحولتم إلى ما هو إلهى.. تعالوا أدخلوا إلى حجرته
الزيجيية غير الفاسدة، يا من لبستم ثوب أفكار النقاوة والطهارة الأبيض. فإِن البعض
لا يرتدى ثوب الضمير النقى اللائق بعروس إلهية، ومن ثم يرتبكون بأفكارهم الذاتية،
وينحدرون بكلمات العريس النقية إلى مستوى الذات البهيمية. وهكذا يبتلعون في خيلات
مشينة".

+ أما
الناسك المصرى الأب بفنوتيوس، فيرى في كتب سليمان الحكيم درجات النسك الثلاثة التي
ترتفع بالإنسان إلى حياة الحب والاتحاد بالله في سفر النشيد.. يقول "سفر
الأمثال يقابل النوع الأول من النسك. فيه نقمع شهوات الجسد والخطايا الأرضية.
والنوع الثانى يمثله سفر الجامعة حيث يعلن أن كل ما يحدث تحت الشمس هو باطل. وأما
النوع الثالث فيطابقة سفر نشيد الأناشيد، وفيه تسمو النفس فوق كل المنظورات،
مرتبطة بكلمة الله بالتأمل في الأمور السماوية".

+ وقد
فهم أنبياء العهد القديم أن العهد الذي كان بين الله وشعبه هو بمثابة عهد زواج.
يقول إشعياء "لأن الرب يُسرّ بكِ.. كفرح العريس بالعروس يفرح بكِ إلهك"
(إش 62: 4، 5).. ويقول هوشع "ويكون في ذلك اليوم يقول الرب إنك تدعينى رجلى..
وأخطبك لنفسى إلى الأبد. وأخطبك لنفسى بالعدل والحق والإحسان والمراحم. أخطبك
لنفسى بالأمانة فتعرفين الرب" (هو 2: 14 20) [أنظر خروج 45 ؛ أرميا 2: 2 ؛ حزقيال
16: 7 14].

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد إنجيل متى يوحنا ذهبى الفم 09

+ إن
سفر النشيد هو سفر العرس السماوى، فيه تتحقق إرادة الله الأزلية من نحو الإنسان..
هو نبوة لسرّ الزفاف الاسخاتولوجى حيث تزف الكنيسة الواحدة الممتدة من آدم إلى آخر
الدهور عروساً مقدسة.. هذا العرس رآه يوحنا المعمدان بالروح فقال "من له
العروس فهو العريس" (يو 3: 19).. هو غاية كرازة الرسل فيعلن بولس ذلك بقوله
"فإنى أغار عليكم غيرة الله، لأنى خطبتكم لرجل واحد، لأقدم عذراء عفيفة
للمسيح" (2 كو 11: 2). وفى سفر الرؤيا يقول يوحنا "وأنا يوحنا رأيت
المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مُهيأة كعروس مزينة
لرجله" (رؤ 21: 2).. "قد ملك الرب الإله.. لأن عرس الخروف قد جاء.
وامرأته هيأت نفسها، وأعطيت أن تلبس بزا نقيا بهي" (رؤ19: 6 8)

+
ولما كان هذا السفر هو الزيجة الروحية التي تربط المسيح البتول بكنيسته البتول،
لهذا رأى بعض آباء الكنيسة في هذا السفر أنه "سفر سرّ البتولية"، حيث
تشبع النفس البتول بعريسها البتول، فلا يعوزها شئ، حتى ولا إلى الزيجة الجسدية..
ومن هؤلاء القديس جيروم.. لقد ربط بين الانجيل والبتولية، كما ربط بين الناموس
الموسوى وعفة الزواج.. وهو يرى أن هذا السفر يعلن أن وقت الشتاء قد مضى، أى كمل
زمان الناموس الذى يحث على العفة من خلال الزواج المقدس، وجاء وقت الربيع حيث تظهر
زهور البتولية ويمدحها.

أما
فيما يختص باستخدام يعض أعضاء الجسد في هذا السفر للتعبير عن دلالات روحية، فيقول
العلامة أوريجينوس في تعليقه على سفر النشيد:

"فى
مستهل كلمات موسى النبى حيث يصف خلق العالم نجد إشارة إلى خلقة رجلين: الأول خلق
على صورة الله وشبهه (تك 1: 26)، والثانى خلق من تراب الأرض (تك 2: 7).. لقد عرف
بولس الرسول هذا حق المعرفة، وكان يملك فهماً واضحاً لكل هذه الأمور. كتب في
رسائله بصراحة ووضوح أن كل إنسان هو إنسانان مختلفان.. "أن كان إنساننا
الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوماً فيوم" (2 كو 4: 16).. وآيضاً "فإِنى
أُسرُّ يناموس الله بحسب الإنسان الباطن" (رو 7: 22).. كما كتب فقرات كثيرة
جداً مثل هذه.. وعلى هذا الأساس لا أظن أن أحداً الآن يخالجه شك في أن موسى في مستهل
التكوين كتب عن خلق وتشكيل إنسانين مختلفين.. وهو يذكر أن أحدهما ألا وهو الإنسان
الباطن يتجدد يوماً فيوماً. ولكنه يؤكد أن الآخر الإنسان الخارج في القديسين يفنى
ويضمحل".

ويمضى
أوريجانوس ويقول "و ما نريد أن نبيّنه على هذا الأساس هو أنه في الأسفار
المقدسة بالدلالات المماثلة وأحياناً بالكلمات نفسها نرى اعضاء الإنسان الخارج
وأجزاء الإنسان الباطن يقارن أحدهما بالآخر، ليس فقط من جهة الدلالات، بل أيضاً من
ناحية الواقع ذاته. وعلى سبيل المثال يمكن أن يكون بعض الناس حسب السنّ ولداً من
جهة الإنسان الباطن، وفى مقدوره أن ينمو حتى يبلغ سن الشباب. وهكذا ينمو بإِطراد
حتى يصل إلى إنسان كامل (أف 4: 13). وما يلبث أن يصير أباً..!! نرى يوحنا الرسول
يكتب قائلاً "أكتب إليكم أيها الأولاد لأنكم قد عرفتم الآب. أكتب إليكم أيها
الآباء لأنكم قد عرفتم الذي من البدء. كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة
الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير" (1يو 2: 13، 14).. إنى لا أظن أن أحداً
يخالجه شك في أن يوحنا يستعمل هذه المصطلحات: أولاد، أحداث وشبان، وآباء بحسب سن
النفس وليس الجسد..".

 

"يقول
بولس في أحد المواضع "لم أستطيع أن أكلمكم كروحيين بل كجسديين، كأطفال في
المسيح، سقيتكم لبناً لا طعام" (1 كو 3: 1،2). إنه يستخدم مصطلح "طفل في
المسيح" ليوضح عمر النفس وليس عمر الجسد. ويقول في موضع آخر "لما كنت
طفلاً كطفل كنت أتكلم وكطفل كنت أفطن وكطفل كنت أفتكر. ولكن لما صرت رجلاً ابطلت
ما للطفل" (1كو 13: 11). وفى موضع آخر يقول "إلى أن ننتهى.. إلى إنسان
كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح" (أف 4: 13). لأنه يعلم أن كل من يؤمن سينتهي
إلى إنسان كامل إلى قياس قامة ملء المسيح"..

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر نشيد الأنشاد متى بهنام 03

 

"وكما
أن أسماء الأعمار التي تكلمنا عنها تنطبق بنفس الدلالات على كل من الإنسان الباطن
والخارج، كذلك أسماء أعضاء الجسد، فإنها تطلق على أعضاء النفس، وبالأحرى تطلق على
قوة النفس ورغبتها. وهذا ما يعبر عنه في سفر الجامعة "الحكيم عيناه في
رأسه" (جا 2:14). وفى الانجيل "من له أذنان للسمع فليسمع" (مر
4:9). وأيضا في الأنبياء "الكلمة التي تكلم بها الرب على يد أرميا النبى وأى
نبى آخر" (أر 50: 1 ؛ إش 20: 2).. ومثل ذلك قول الحكيم "احفظ الرأى
والتدبير فيكونا حياة لنفسك ونعمة لعنقك. حينئذ تسلك في طريقك آمناً ولا تعثر
رجلُك" (أم 3: 21 23). وأيضاً "أما أنا فكادت تزل قدماى" (مز 73:
2). وقول إشعياء "حبلنا، تلوينا كأننا ولدنا ريح" (إش 26: 18). وواضح أن
النبى يعنى رحم النفس. وكيف يستطيع أى إنسان أن يشك في هذا الأمر حين يقول الكتاب
"حلقهم قبر مفتوح" (مز 5: 9). وأيضاً "أهلِك يارب، فرّق
ألسنتهم" (مز 55:9). وأيضاً قوله "هشّمت أسنان الأشرار" (مز 3: 7).
وأيضاً "احطم ذراع الفاجر والشرير" (مز 10: 15").

 

"وعلى
أساس الأدلة التي سقناها يتبين بوضوح أن هذه الأسماء للأعضاء لا يمكن بأى حال أن
تنطبق على الجسم المنظور، بل تشير إلى أجزاء النفس غير المنظورة وقواها. والسبب أن
كليهما يحمل دلالات مماثلة. ولكن الأمثلة المعطاة تُعَبّر بوضوح ودون إبهام قط عن
معان لا تنطبق على الإنسان الخارج، بل على الأنسان الباطن.. إن هذا الإنسان المادى
الذي يدعى الإنسان الخارج له طعام وشراب يناسبان طبيعته الخاصة الجسدية والأرضية.
وشبيهه بهذا الإنسان الروحى المدعو الإنسان الباطن وله أيضاً طعمه الخاص ذلك الخبز
الحىّ الذي نزل من السماء (يو 6: 33، 41) ؛ وشرابه من ذلك الماء الذي وعد به يسوع
حسن قال "من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد" (يو 4:
14). وهكذا يطبق تشابه في الدلالات على كل شئ بحسب كل من الإنسانين.. بهذا المعنى
نفهم قول الكتاب "العاقر ولدت سبعة وكثيرة البنين ذبلت" (1 صم 2: 5).
وكما قيل في بركة الرب لشعبه قديماً "لا تكون مُسْقِطة وعاقر في أرضك"
(مز 23: 26").

 

أما
فيما يختص بالحب الجسدانى والمحبة الروحية فيقول أوريجينوس:

"إن
قيل إن هناك حب جسدى الذي يطلق عليُه الشعراء أيضاً "حب" فتبعاً لذلك
فلإنسان الذي يحب هذا الحب يزرع للجسد. كذلك هناك حب روحى، وطبقاً له فالإنسان
الباطن إذا أحب يزرع للروح (غل 6: 8). وبوضح أكثر نقول إذا كان هناك إنسان ما لا
يزال يلبس صورة الترابى طبقاً للإنسان الخارج، فإنه ينقاد بشهوة أرضية وحب جسدى.
ولكن الإنسان الذي يلبس صورة السماوى طبقاً للإنسان الباطن، فإنه ينقاد برعبة
سماوية وحب (1 كو 15: 49). إن النفس تُهوى بحب سماوى ورغبة حينما تدرك جمال كلمة
الله وعظمته. إنها تقع في حب جلاله. وبهذا تحصل منه على بعض سهام الحب وجراحه، لأن
الكلمة (اللوغوس) هو صورة الله غير المنظور وبهاؤه، بكر كل خليقة. الذي فيه خُلق
الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى (كولوسى 1: 15 ؛ عب 1:
3").

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي