الرد على الإعتراض الأول

(مجنون واحد أم مجنونان؟)

 

الاعتراض الأول هنا يتكلم عن عدد المجانين الذين شفاهم الرب يسوع المسيح في هذه المعجزة, هل هم اثنين كما ذكر القديس متى أم واحد كما ذكر القديسين مرقس ولوقا؟!

 

ونقول ونؤكد للزميل هنا أن ذكر القديسين مرقس ولوقا لمجنون واحد, لا يعني مطلقاً انه لم يكن هناك سوى مجنون واحد, فحينما يتكلم القديسين مرقس ولوقا عن شخص واحد فهذا لا ينفي أنه كان هناك آخر يتبعه ويُرافقه!!! فهما لم يقولا أنه كان هناك مجنون واحد فقط بل يقول النص في الإنجيل للقديس مرقس يقول: ” وجاءوا إلى عبر البحر إلى كورة الجدريين. ولما خرج من السفينة للوقت استقبله من القبور إنسان به روح نجس كان مسكنه في القبور ولم يقدر احد أن يربطه ولا بسلاسل. لأنه قد ربط كثيرا بقيود وسلاسل فقطع السلاسل وكسر القيود. فلم يقدر احد أن يذلله. وكان دائما ليلا ونهارا في الجبال وفي القبور يصيح ويجرح نفسه بالحجارة. فلما رأى يسوع من بعيد ركض وسجد له وصرخ بصوت عظيم وقال ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي. استحلفك بالله أن لا تعذبني. لأنه قال له اخرج من الإنسان يا أيها الروح النجس. وسأله ما اسمك.

 

فأجاب قائلا اسمي لجئون لأننا كثيرون. وطلب إليه كثيرا أن لا يرسلهم إلى خارج الكورة. وكان هناك عند الجبال قطيع كبير من الخنازير يرعى. فطلب إليه كل الشياطين قائلين أرسلنا إلى الخنازير لندخل فيها. فأذن لهم يسوع للوقت. فخرجت الأرواح النجسة ودخلت في الخنازير. فاندفع القطيع من على الجرف إلى البحر. وكان نحو ألفين. فاختنق في البحر ” (مر5: 1-13).

 

” وساروا إلى كورة الجدريين التي هي مقابل الجليل. ولما خرج إلى الأرض استقبله رجل من المدينة كان فيه شياطين منذ زمان طويل وكان لا يلبس ثوبا ولا يقيم في بيت بل في القبور. فلما رأى يسوع صرخ وخرّ له وقال بصوت عظيم ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي. اطلب منك أن لا تعذبني. لأنه أمر الروح النجس أن يخرج من الإنسان. لأنه منذ زمان كثير كان يخطفه. وقد ربط بسلاسل وقيود محروسا. وكان يقطع الربط ويساق من الشيطان إلى البراري. فسأله يسوع قائلا ما اسمك. فقال لجئون. لأن شياطين كثيرة دخلت فيه. وطلب إليه أن لا يأمرهم بالذهاب إلى الهاوية. وكان هناك قطيع خنازير كثيرة ترعى في الجبل.فطلبوا إليه أن يأذن لهم بالدخول فيها. فأذن لهم. فخرجت الشياطين من الإنسان ودخلت في الخنازير.فاندفع القطيع من على الجرف إلى البحيرة واختنق ” (لو8: 26-39).

 

ولم يُحدد أي منهما انه كان إنسان واحد بل تكلما فقط عن شخص خرج من القبور لمقابلة الرب يسوع المسيح، ولم ينفيا وجود الآخر الذي ذكره القديس متى!!! حيث يقول القديس متى: ” ولما جاء إلى العبر إلى كورة الجرجسيين استقبله مجنونان خارجان من القبور هائجان جدا حتى لم يكن احد يقدر أن يجتاز من تلك الطريق. وإذا هما قد صرخا قائلين ما لنا ولك يا يسوع ابن الله. أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا. وكان بعيدا منهم قطيع خنازير كثيرة ترعى. فالشياطين طلبوا إليه قائلين أن كنت تخرجنا فأذن لنا أن نذهب إلى قطيع الخنازير. فقال لهم امضوا. فخرجوا ومضوا إلى قطيع الخنازير. وإذا قطيع الخنازير كله قد اندفع من على الجرف إلى البحر ومات في المياه ” (مت8: 28-32). ولم يذكر هنا اسم الشياطين ولا عددهم!! لأنه تحدث عن المعجزة ككل وكحدث طبيعي متوقع من المسيح المنتظر، ابن الله الذي له السلطان على كل شيء، من وجهة نظر القديس متى وقارئيه من اليهود ومن المسيحيين الذي كانوا من أصل يهودي.

 

ومن ثم نلاحظ أن القديسين مرقس ولوقا ركزا على الأكثر خطورة والذي يسكنه عدد كبير من الشياطين الذين وصفوا أنفسهم بلجئون: ” فسأله يسوع قائلا ما اسمك. فقال لجئون. لأن شياطين كثيرة دخلت فيه “؛ ” لجئون –
Legion – λεγων
“، أي كتيبة!! دلالة على أن الأكثر وأشد خطورة والذي كان به ” لجئون –
Legion – λεγων
“، كما أن القديس متى لم يذكر اسم الشياطين لأنه ركز فقط على الحدث ككل وعلى المجنونين دون الدخول في تفصيل الحادث.

 

+ يقول القس منيس عبد النور في توضيح هدف كل من الإنجيليين




[1]



: ” اقتصر القديسين مرقس ولوقا على ذكر المجنون الذي كان أشد هياجاً وعربدة، والذي كان من الأمم، لأن غايتهما كانت إفادة الأمم، فذكرا لهم الشخص الذي كانوا يعرفونه، وصرفا النظر عن اليهودي. ولنفرض أن شخصين توجها إلى مستشفي الأمراض العقلية، وبعد خروجهما شرحا ما شاهداه (وعلى منوال متى ولوقا) اقتصر أحدهما على ذكر مجنون واحد وصرف النظر عن الآخر، بينما ذكر الراوي الثاني الاثنين. فهل يجوز أن نقول إن كلامهما متناقض؟ كلا! لكن لو قال أحدهما إنه لم يكن هناك غير مجنون واحد لكان تناقضاً “.

 

+ وبالمثل القس منسى يوحنا




[2]



: ” بين مت 8: 28 وبين مر 5: 2 ولو 8: 27 ففي الأول أن المسيح لما جاء إلى العبر إلى كوره الجرجسيين استقبله مجنونان خارجان من القبور فشفاهما وفي الثاني والثالث انه مجنون واحد. فنجيب: أن القديسين مرقس ولوقا لم يذكرا غير المجنون الذي كان اشد هياجا والذي تجلت قدره المسيح في شفائه إياه كما يظهر من عبارتيهما حيث يذكران هياجه بالتفصيل ليشهرا عظمه الأعجوبة التي صنعها سيدهما بشفائه، أما المجنون الثاني فلم يكن مهما وشفائه لم يكن مدهشا كذلك فأهملا ذكره “.

 

+ ويتفق معهم في هذا نورمان جيسلر قائلا




[3]



: ” لو كان القديسين مرقس ولوقا قالا انه كان واحد فقط لكان هناك تناقضاً, ولكن ” فقط ” ليست موجودة في النص”.






[1]




شبهات وهمية، ص 279 – 280





[2]




حل مشاكل الكتاب المقدس، ص 114




[3]


When Critics Ask
،P. 287

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي