عمر تارح

فى قصة خروج ابونا ابراهيم من حاران، هناك تعارض بين تكوين 11 و12 واعمال 7 خطبة استفانوس الذى يقول ان ابونا ابراهيم خرج من حاران بعدما مات ابوه تارح. اما فى تكوين 11 و12 نجد مايلى ابونا تارح ولد ابراهيم وقت ان كان عمره 70 سنه وعاش 205 سنه اى انه مات وقت ان كان ابونا ابراهيم عمره 135 سنه. وخروج ابونا ابراهيم من حاران حدث وقت ان كان عمره 75 سنه، اى قبل وفاة ابيه بحوالى 60 سنه فكيف يقول استفانوس فى اعمال 7 ان ابونا ابراهيم ترك حاران بعد وفاة ابيه!

 

الردة:

دعنا نبدأ بعرض كل الآيات، وتقسيم الموضوع بحيث يسهل شرحه..

أولاً: الآيات التي لها علاقة بالسؤال:

1) “وَعَاشَ تَارَحُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ.” (تكوين 11: 26).

2) “وَكَانَتْ أَيَّامُ تَارَحَ مِئَتَيْنِ وَخَمْسَ سِنِينَ. وَمَاتَ تَارَحُ فِي حَارَانَ” (تكوين 11: 32).

3) “فَذَهَبَ أَبْرَامُ كَمَا قَالَ لَهُ الرَّبُّ وَذَهَبَ مَعَهُ لُوطٌ. وَكَانَ أَبْرَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَارَانَ” (تكوين 12: 4).

4) “فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ. وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ، بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ..” (أعمال 7: 4).

 

ثانياً: عرض الشاكِلة:

* تارح ولد ابراهيم وعمره 70 سنة

* مات تارح وعمره 205 سنة

 

** خرج ابراهيم
Abraham
من حاران وعمره 75 سنة (أي خرج وقت أن كان أبيه عمره 145 سنة: 70+75).

* ولكن ابراهيم خرج بعد موت أبيه كما يقول استفانوس في سفر أعمال الرسل..! وليس وعمر أبيه 145 سنة كالمعادلة السابقة!

 

** معادلة أخرى: بوضع معلومات تكوين 11، وأعمال 7 معاً، نستنتج أن عمر ابراهيم وقت خروجه كان على الأقل 135 سنة (205-70)، وهذا يتعارض مع تكوين 12، الذي يقول أن عمره كان 75 سنة وقت خروجه!

 

ثالثاً: محاولات التوفيق (مرفوضة):

أ/ قال البعض أن التكوين والأعمال كلاهما صحيح، ولكن الخطأ جاء من استفانوس.. أي أنه أخطأ عندما قال أن ابراهيم خرج بعد موت أبيه.

 

ب/ قال البعض الآخر أن استفانوس قال ذلك بمعنى روحي، أي موت أبيه الروحي بسبب رفض الله له.. وليس موتاً فعلياً.

 

ج/ قيل أن الترتيب المذكور في التكوين ليس ترتيباً تاريخياً، بل هو مجرد وضع للأحداث، وأن موت والد ابرام تم بعد سفره إلى حاران
Haran
.

 

فبالنسبة للنقطة الأولى، حاشا أن يخطئ القديس استفانوس أول الشمامسة وأول الشهداء، الذي كان مملوءاً من الحكمة، ومشهوداً له بالتقوى، ومملوء من الروح القدس (أعمال الرسل 6). ورداً على النقطة الثانية، فليس لها أي سند تاريخي في الكتاب المقدس كله.. والنقطة الأخيرة تنتفي صحتها من كلام سفر الأعمال.

 

رابعاً: التفسير:

1) دعنا نضع بعض الأحداث الأخرى التي لها علاقة بعمر إبراهيم حتى نرى هل كان عمره 75 أم 135 سنة وقت خروجه. فيقول تكوين 16: 16 أن عمر ابراهيم كان 86 وقت أن ولدت هاجر
Hagar
ابنها إسماعيل
Ishmael
. وفي الآية التالية (تكوين 17: 1)، ظهر له الرب عندما كان عمره 99 ليقيم العهد معه. وأخيراً كان عمره 100 سنة عند ميلاد اسحق
Isaac
(تكوين 21: 5). وبالتالي نرى أن التاريخ الصحيح لخروجه من حاران هو 75 وليس 135 سنة.

 

2) يقول (تكوين 11: 26): “عَاشَ تَارَحُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ”. ولكنه لم يعطي أي ترتيب للإنجاب هؤلاء الثلاثة.. وإلا كانوا ثلاثة توائم
triplets
! ولكن افتراض أن إبراهيم هو الأول، بسبب ذكره أولاً، لا يقوم على أساس تاريخي، بل على أنه هو الشخصية المحورية في هذا السفر، بل وفي الكتاب المقدس كله.. فهو أبو الآباء..

 

أي أن تلك الآية تعني أن تارح بدأ في إنجاب الأولاد بعد عمر 70 سنة. فواحد أنجبه وعمره 70، وآخر بعد 10 أو 20 سنة.. وثالث بعد سنوات أخرى (من بعد سن السبعين).. وهكذا.. ولا يوجد أي ذِكر في الكتاب المقدس مَنْ منهم كان البِكر، وبما أن إبراهيم ترك حاران في عمر 75 سنة، فربما يكون هو الابن الأوسط أو أصغر الثلاثة. فهاران أو ناحور وُلِدَ أحدهم عندما كان تارح في السبعون من العمر، والابن الثاني والثالث في أوقات لاحقة.

 

لذا فالمعادلة الأخيرة توضح، إن كان أبراهيم لم يخرج من حاران إلا بعد موت أبيه، وكان عمره حينئذٍ 75 سنة، أي (205-75 = 130 سنة). فبهذا يتضح أن إبراهيم قد وُلِدَ لتارح عندما كان عمر تارح 130 سنة (على الأقل). فذِكر إبراهيم أولاً لأن سلسلة أنسابه هي المُهَيمنة على باقي أخوته، وهي محور سفر التكوين.

 

وهناك نقطة أخرى قد تساعد في توضيح الاختلافات في الأعمار، فناحور قد تزوج ابنة هاران (تكوين 11: 29)، كذلك فإن هاران هو أول مَنْ مات (تكوين 11: 28). فربما نرى من هاتين النقطتين أن هاران قد يكون هو الابن الأكبر.

 

وكما قلنا فإن إبراهيم هو الشخصية المحورية في كتاب التكوين، وفي الكتاب المقدس كله، ونجد ذِكر قليل لناحور في الإصحاحات القليلة التالية، وقليل جداً عن هاران (لأنه مات قبل موت أبيه). فهذا يوضح أن الترتيب في الآية جاء على أساس الأهمية، وليس على أساس السن.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي